مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام - ج ٢

جواد الكاظمي

مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام - ج ٢

المؤلف:

جواد الكاظمي


المحقق: محمّد الباقر البهبودي
الموضوع : الفقه
الناشر: المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٣

لأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ركب ، ونحوها. ولا يبعد الجمع بينها بالقول بأفضليّة المشي إذا وقع مقصودا به الطاعة لا حفظ المال ، وأفضليّة الركوب إذا انعكس الأمر وكان المشي مضعّفا عن العبادة ، فإنّ الركوب حينئذ أفضل ، وفي الأخبار دلالة على هذا الجمع أيضا فقد سأل (١) سيف التمّار أبا عبد الله عليه‌السلام أيّ شيء أحبّ إليك؟ نمشي أو نركب قال : تركبون أحبّ إليّ فانّ ذلك أقوى على الدعاء والعبادة.

(لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) دينيّة هي الأجر والثواب ودنيويّة هي التجارة [وقيل منافع لهم في الدنيا والآخرة ورواه الشيخ في التهذيب عن ربيع بن خثيم (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام] وتنكير المنافع لأنّ المراد بها نوع من المنافع ، مخصوص بهذه العبادة

__________________

(١) رواه في التهذيب ج ٥ ص ١٢ بالرقم ٣٢ وص ٤٧٨ بالرقم ١٦٩٠ والاستبصار ج ٢ ص ١٤٢ بالرقم ٤٦٤ والكافي ج ١ ص ٢٩١ باب الحج ماشيا الحديث ٢ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٣٣.

ورواه في المنتقى ج ٢ ص ٣١٧ عن موضعين من التهذيب والكافي وبين اختلاف الاسناد والألفاظ واستحسن لفظ الكافي ولفظ الحديث بالرقم ١٦٩٠ من التهذيب والحديث في الوافي الجزء الثامن ص ٦٨ والوسائل الباب ٣٤ من أبواب وجوب الحج ج ٢ ص ١٤٥ ط الأميري.

(٢) انظر التهذيب ج ٥ ص ١٢٢ الرقم ٣٩٨ مسائل الطواف ورواه أيضا في الكافي ج ١ ص ٢٨١ باب طواف المريض الحديث ١ ونقله عن الكافي في نور الثقلين ج ٣ ص ٤٨٨ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٢٤ وفيه انه مجهول وان الربيع بن خثيم بتقديم المثلثة كزبير وهو غير المدفون بطوس الذي هو احد الزهاد الثمانية فإنه نقل أنه مات قبل السبعين واحتمال كون أبى عبد الله الحسين عليه‌السلام بإرسال ابن الفضيل الرواية بعيدة غاية البعد انتهى.

وجعل الأردبيلي أيضا في جامع الرواة ج ١ ص ٣١٦ غير الربيع بن خثيم احد الزهاد الثمانية وكذا في منهج المقال ص ١٣٩ وإتقان المقال ص ٦١. والحديث في الوافي الجزء الثامن ص ١٣٩ والوسائل الباب ٤٧ من أبواب الطواف الحديث ٨ ج ٢ ص ٣١٩ ط الأميري.

١٢١

وقيل منافع الآخرة وهي العفو والمغفرة ، وهو المرويّ عن أبي جعفر عليه‌السلام (١).

(وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) قيل أراد بها عشر ذي الحجّة ، وبالأيّام المعدودات أيّام التّشريق وبذلك ورد صحيحا عن عليّ عليه‌السلام رواه حمّاد بن عيسى في الصحيح (٢) قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول قال أبي قال عليّ عليه‌السلام (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي

__________________

(١) انظر المجمع ج ٤ ص ٨١ ونقله عنه في المرات ج ٣ ص ٣٢٤ مع شرح لطيف فراجع.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ٤٤٧ الرقم ١٥٥٨ ونقله في المنتقى ج ٢ ص ٦٢٨ وفي التهذيب حديث آخر أيضا بسند آخر عن حماد بن عيسى عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال سمعته يقول قال على عليه‌السلام في قول الله «واذكروا الله في أيام معلومات» قال أيام العشر وقوله «واذكروا الله في أيام معدودات» قال أيام التشريق.

ورواهما في نور الثقلين ج ٣ ص ٤٩٠ الرقم ٨٦ و ٨٧ والوافي الجزء الثامن ص ١٨٦ والوسائل الباب ٨ من أبواب العود إلى منى ص ٣٧٢ ج ٢ ط الأميري.

وأظن ان في الحديث سهوا من الناسخين أو منقول بالمعنى إذ ليس في القرآن لفظ اذكروا الله في أيام معلومات. وانما اللفظ في الآية ٢٨ من سورة الحج (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) فالأصح لفظ الصدوق في معاني الأخبار ص ٢٩٦ بإسناده عن حماد بن عيسى عن أبى عبد الله قال سمعته يقول قال على في قول الله عزوجل (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) قال أيام العشر (وحكاه في الوسائل أيام التشريق كما في تذييل النسخة المطبوعة عن بعض النسخ).

وفيه عن أبى الصباح الكناني عن أبى عبد الله في قول الله عزوجل (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) قال هي أيام التشريق وعن زيد الشحام عن أبى عبد الله في قوله (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) قال المعلومات والمعدودات واحدة وهي أيام التشريق ومثله في العياشي ج ١ ص ٩٩ بالرقم ٢٧٧.

قال صاحب الوسائل ولعل وجه الجمع ان الأيام المعلومات شاملة لأيام العشر وأيام التشريق أو أحدهما تفسير ظاهرها والأخر تفسير باطنها. ـ

١٢٢

أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) قال عشر ذي الحجّة ، وأيام معدودات قال أيّام التشريق وعكس الشيخ في النهاية.

[والأوّل أظهر ، نظرا إلى الرواية الصحيحة ، وإلى أنّ الظاهر من المعدودات القليلة ، فناسب كونها أيّام التشريق ، على أنّ الشيخ قد رجع عن قوله في النهاية إلى الأوّل قال في الخلاف (١) : الأيّام المعدودات أيّام التشريق بلا خلاف وفي المنتهى (٢) الأيّام المعدودات أيّام التشريق إجماعا ، والأيّام المعلومات عشرة أيّام من ذي الحجّة آخرها غروب الشمس من يوم النّحر ذهب إليه علماؤنا أجمع ، والظاهر أنّ يوم النحر ليس من أيّام التشريق على المشهور ، وربّما توهّم بعضهم نظرا إلى أنّ ابتداء الذكر بعد صلاة الظهر منه ، وفيه أنّه ليس هذا القول مبنيّا على كون الذكر التكبير على هذا الوجه فتأمّل] (٣).

والذكر إمّا بمعنى الذكر المطلق أو الذكر حال الذّبح ، أو النحر أو التكبير الواقع بمنى عقيب خمس عشرة صلاة كما وردت به الرواية.

(عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ) أصل البهيمة من الإبهام فإنّها لا تفصح كما يفصح الحيوان الناطق.

__________________

ـ وفي العياشي بالرقم ٢٧٦ عن رفاعة عن أبى عبد الله قال سألته عن الأيام المعدودات قال هي أيام التشريق وبالرقم ٢٧٨ عن حماد بن عيسى قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول قال على عليه‌السلام في قول الله واذكروا الله في أيام معدودات قال أيام التشريق.

ومثله في قرب الاسناد ص ١٤ عن حماد عن ابى عبد الله عليه‌السلام وفي تفسير الطبري ج ٢ ص ٣٠٢ الى ص ٣٠٥ وج ١٧ ص ١٤٨ أخبار كثيرة موقوفة على الصحابة في تفسير الأيام المعدودات بأيام التشريق.

(١) الخلاف ج ١ ص ٤٤٧ المسئلة ٣٣٢ من كتاب الحج وقال في كتاب صلاة العيدين أيضا ص ٣٤٤ المسئلة ٢٠ وهي (أي الأيام المعدودات) عندنا أيام التشريق.

(٢) المنتهى ج ٢ ص ٧٥٦.

(٣) ما بين العلامتين لا يوجد في چا ولا في قض إلا في الهامش.

١٢٣

[ولمّا كانت مبهمة في كلّ ذات أربع بيّنت بالأنعام : وهي الإبل والبقر والغنم].

وفي الكشّاف (١) كنّى عن الذبح والنحر بذكر اسم الله ، لأنّ أهل الإسلام لا ينفكّون عن ذكر اسمه إذا نحروا أو ذبحوا ، وفيه تنبيه على أنّ الغرض الأصليّ فيما يتقرّب إلى الله أن يذكر اسمه ، وقد حسّن الكلام تحسينا بيّنا أن جمع بين قوله (يَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ) وقوله (عَلى ما رَزَقَهُمْ) ولو قيل لينحروا في أيّام معلومات بهيمة الأنعام ، لم ير من ذلك الحسن والبروعة.

(فَكُلُوا مِنْها) من لحومها (وَأَطْعِمُوا) أي أعطوا شيئا منها والظاهر أنّ المراد إعطاء ما بقي من الأكل ويندرج فيه الاهداء والتصدّق.

(الْبائِسَ) الّذي أصابه بؤس أي شدّة (الْفَقِيرَ) المحتاج الّذي أضعفه الإعسار وعدم المؤنة كأنّه انكسر فقر ظهره ، وظاهر الآية وجوب الذبح أو النحر على الحاج مطلقا لكنّه خصّ بالمتمتّع والقارن ، وقد انعقد عليه إجماعنا وسيجيء بيانه إنشاء الله تعالى.

وهل يجب الأكل والإطعام؟ ظاهر الآية نعم [لمكان الأمر به ، ويؤيّده ما قبله وما بعده خصوصا قوله (وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ) إذ الظاهر الإشارة إلى جميع ما تقدمه] وبه قال بعض أصحابنا وظاهر الشيخ في التبيان بل في أكثر كتبه أنّه مندوب إليه وهو قول أكثر الأصحاب.

وصاحب الكشّاف (٢) حكم أوّلا بأنّ الأمر بالأكل للإباحة لأنّ الجاهليّة كانوا لا يأكلون من نسائكهم وجوّز ثانيا كونه للندب لما فيه من مواساة الفقير ومساواتهم قال : ومن ثمّ استحبّ الفقهاء أن يأكل الموسع من أضحيّته مقدار الثلث ، وقريب منه كلام الطبرسيّ في مجمع البيان (٣).

__________________

(١) الكشاف ج ٣ ص ١٥٣ ط دار الكتاب العربي.

(٢) الكشاف ج ٣ ص ١٥٣ ط دار الكتاب العربي.

(٣) المجمع ج ٤ ص ٨١.

١٢٤

وفيه نظر لظهور كون الأمر للوجوب ، ولا مقتضى للعدول عنه ، ولأنّ ما قبل ذلك وما بعده واجب فيكون هو كذلك ، ويؤيّده ما رواه معاوية بن عمار (١) في الصحيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا ذبحت أو نحرت فكل وأطعم كما قال الله تعالى (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) الحديث وقد صحّ (٢) عن الباقر والصادق عليهما‌السلام أنّهما قالا : إنّ رسول الله أمر أن يؤخذ من كلّ بدنة بضعة فأمر بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فطبخت فأكل هو وعلىّ وحسوا المرق.

وبالجملة العدول عن ظاهر الأمر يحتاج إلى دليل واضح وهو غير معلوم ، نعم وجوب القسمة أثلاثا كما ذهب إليه بعضهم غير ظاهر من الآية فإنّها دلّت على الأكل منها وإطعام البائس الفقير وفي موضع آخر دلّت على الأكل وإطعام القانع والمعترّ ، لقوله تعالى (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) ولكنّ المشهور بين الأصحاب الاستدلال بهذه الآية على القسمة أثلاثا أعني الأكل والاهداء والصدقة ، وأنّ محلّ الصدقة هو القانع والفقير ومحلّ الهدية هو المعترّ كما صرّح به العلّامة في المنتهى واحتجّ عليه

__________________

(١) انظر التهذيب ج ٥ ص ٢٢٣ الرقم ٧٥١ وروى ذيل الحديث في الكافي ج ١ ص ٣٠٢ باب الأكل من الأضحية الحديث ٦ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٤٣ وروى شطرا من الحديث في الفقيه ج ٢ ص ٢٩٤ الرقم ١٤٥٦ وتتمة الحديث في التهذيب : فقال القانع الذي يقنع بما أعطيته ، والمعتر الذي يعتريك ، والسائل الذي يسألك في يديك والبائس الفقير.

وروى حديث الكافي في المنتقى ج ٢ ص ٥٧٢ وترى الحديث في الوافي الجزء الثامن وفي الوسائل الباب ٤٠ من أبواب الذبح فحديث التهذيب الحديث ١ ص ٣٥٨ وحديث الكافي الحديث ١٢ ص ٣٥٩ ج ٢ ط الأميري.

(٢) انظر التهذيب ج ٥ ص ٢٢٣ الرقم ٧٥٢ عن الإمامين الهمامين وقريب منه ما في حديث معاوية بن عمار عن ابى عبد الله في حج النبي (ص) الذي مر الإشارة إليه في ص ١١٩ وهو في التهذيب بالرقم ١٥٨٨ وفي الكافي ج ١ ص ٥٤٩ ومثله في حديث حج النبي (ص) عن جعفر بن محمد المروي في صحيح مسلم من ص ١٧٠ الى ١٩٤ ج ٨ بشرح النووي.

١٢٥

بقوله (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) قال : والقانع السّائل والمعترّ الّذي لا يسأل.

ونقل عن الشافعيّ أكل النّصف والتصدّق بالنصف مستدلّا بقوله تعالى (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ) وأجاب بأنّه لا ينافي الاهداء الثابت بالآية الأخرى ، ومقتضاه أنّ البائس الفقير في هذه الآية هو القانع ، وهو محلّ الصدقة ، فيبقى الاهداء إلى المعترّ ثابتا بالآية الأخرى ، فينقسم أثلاثا.

[إذ ليس في شيء من الآيتين الحصر فيما ذكر فيها ، فجاز الترك اعتمادا على ما في الأخرى ، فيكون قد أوجب في الهدي ثلاث حصص ، والأصل عدم التفاوت فيها مع عدم القائل به ، فيكون كلّ حصّة ثلثا وقد يقال : الظاهر أنّ كلّا من الآيتين عامّ في إفادة ما هو الواجب المذكور فيها ، مع أنّ في حمل البائس على ما ذكر نظرا فتأمّل].

ويمكن أن يقال بالتخيير بين الدفع إليهما أو إلى الفقير ، أو يقال بوجوب إطعام القبيلين معا بأن يكون البائس الفقير غير القانع والمعترّ فينقسم أثلاثا وفي صحيحة صفوان عن معاوية بن عمّار (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله عزوجل (فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) قال : القانع الّذي يقنع بما أعطيته ، والمعترّ الّذي يعتريك ، والسائل الّذي يسألك والبائس هو الفقير. إشعار بذلك.

ويؤيّده ما رواه الشيخ في الصحيح (٢) عن سيف التمّار قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام إنّ سعد بن عبد الملك قدم حاجا فلقي أبي فقال إنّي سقت هديا فكيف أصنع به؟ فقال له أبي أطعم أهلك ثلثا وأطعم القانع والمعترّ ثلثا ، وأطعم المساكين ثلثا. قلت المساكين هم السؤّال؟ قال نعم ، وقال : القانع الّذي يقنع بما أرسلت إليه من البضعة فما فوقها ، والمعترّ ينبغي له أكثر من ذلك ، وهو أغنى من القانع ، ولا يسألك.

__________________

(١) هذا ذيل الحديث المذكور آنفا رواه في التهذيب بالرقم ٧٥١ وذيله الكافي والفقيه.

(٢) انظر التهذيب ج ٥ ص ٢٢٣ الرقم ٧٥٣ وهو في الوافي الجزء الثامن ص ١٧٣ والوسائل ج ٢ ص ٣٥٨ ط الأميري.

١٢٦

ولعلّ التعبير بالأهل كناية عن أهله لكون الغالب في حال الإنسان أن يأكل مع أهله وقد أطلق أكثر الموجبين الأكل ولو قليلا ، والتصدّق على القانع والمعترّ ولو قليلا ، ويمكن المصير إلى قولهم ، إلّا أنّ الاحتياط فيما قلناه.

(ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) كلمة ثمّ يفيد التراخي والترتيب ، أي بعد ما تقدّم من الذبح والأكل والإطعام ، ليزيلوا قشف الإحرام من تقليم ظفر وأخذ شارب وإزالة وسخ ونتف إبط ونحو ذلك وهو التحلّل الأوّل عندنا.

ويؤيّده ما رواه ربعيّ في الصحيح (١) عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) قال قصّ الشارب والأظفار ، ونحوها صحيحة البزنطي (٢) عن الرضا عليه‌السلام قال التّفث تقليم الأظفار وطرح الوسخ وطرح الإحرام وصحيحة عبد الله بن سنان (٣) قال أتيت أبا عبد الله عليه‌السلام فقلت : جعلت فداك ما معنى

__________________

(١) الفقيه ج ٢ ص ٢٩٠ الرقم ١٤٣٣ وهو في الوافي ص ١٧٩ في الجزء الثامن وفي الوسائل الباب ١ من أبواب الحلق والتقصير الحديث ٣ ص ٣٦٥ ج ٢ ط الأميري.

(٢) الفقيه ج ٢ ص ٢٩٠ وانظر أيضا الكافي ج ١ ص ٣٠٣ باب الحلق والتقصير الحديث ١٢ مع صدر لم يذكره المصنف هنا الا الصدوق في الفقيه وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٤٤ وحكى حديث الصدوق في المنتقى ج ٢ ص ٦٢٨ وهو في الوافي الجزء الثامن ص ١٧٩ وفي الوسائل ص ٣٦٥ ج ٢ ط الأميري.

(٣) الفقيه ج ٢ ص ٢٩٠ الرقم ١٤٣٧ والكافي ج ١ ص ٣١٥ باب اتباع الحج بالزيارة الحديث ٤ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٥٥ وفي المنتقى ج ٢ ص ٦٢٨ وقد حكم المصنف هنا بصحة الحديث وكذلك في المنتقى صحح طريق الفقيه.

وأما طريق الكليني فقال المجلسي قدس‌سره ضعيف على المشهور وذلك لكون سهل في طريقه وقد بينا ص ٣٥٢ من المجلد الأول أن الحديث من طريق سهل معتمد عليه وان لم نسمه في الاصطلاح بالصحيح.

وعلى أى فحيث ان في ذيل الحديث ما يدل على جلالة مقام ذريح المحاربي ننقل ـ

١٢٧

قول الله عزوجل (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) قال أخذ الشارب وقصّ الأظفار ، وما أشبه ذلك ، ونحوها من الأخبار.

وفي قول الزجّاج إنّ قضاء التفث كناية عن الخروج من الإحرام إلى الإحلال والشيخ في التبيان فسّر التفث بمناسك الحجّ من الوقوف والطواف والسعي ورمي الجمار والحلق بعد الإحرام من الميقات. وهو قول ابن عبّاس وابن عمر. والأوّل أوفق بظاهر الآية ، وقد يستنبط منه وجوب الترتيب بين الذبح والحلق ، ويلزم منه الترتيب بين المناسك الثلاثة بمنى إذ لا قائل بالفصل إلّا أنّ الاستدلال عليه بالآية بعيد لعدم الظهور ومن ثمّ استحبّ الشيخ في التبيان الحلق أو التقصير.

(وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) أي ما نذروه في حجّهم من أنواع البرّ أو ما نذروا من نحر الإبل أو مواجب الحجّ [أي ما بقي عن مناسك منى ، فإنّه ألزم به نفسه بالإحرام نوع إلزام] وقرئ بتشديد الفاء لقصد التكثير ، ولا يبعد أن يكون أمر الإيفاء متعلّقا بما نذر على العموم ، وإن لم يكن في الحجّ ، وإن كان النذر مطلقا. والوجه في ذلك خصوصيّة الزمان والمكان لكونهما شريفين فيتضاعف فيه الأعمال الحسنة.

(وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) سمّي عتيقا لأنّه عتق من أن يملكه الجبابرة ، أو

__________________

ـ الذيل أيضا هنا وهو بعد قوله وما أشبه ذلك :

قلت جعلت فداك فان ذريحا المحاربي حدث عنك أنك قلت (لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) لقاء الامام (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) تلك المناسك؟ قال صدق ذريح وصدقت ، ان للقرآن ظاهرا وباطنا ومن يحتمل ما يحتمل ذريح انتهى الحديث.

وفيه مدح عظيم لذريح يعنى ليس كل أحد مثل ذريح حتى تلقى وتبين له بواطن القرآن وإسراره فان ذريحا يحتمل من الاسرار والغوامض الإلهية ما لا يحتمل غيره ونحن نتكلم عن قريب في شأن ذريح إنشاء الله فاحفظ ما تلوناك هنا ينفعك فيما نتلوه هناك.

ثم انك ترى الحديث في الوافي الجزء الثامن ص ١٩٤ والوسائل الباب ١ من أبواب المزار ج ٢ ص ٣٧٧ ط الأميري ونور الثقلين ج ٣ ص ٤٩٢ بالرقم ٦٩٧ والبرهان ج ٣ ص ٨٨ بالرقم ١٣.

١٢٨

لأنّه أوّل بيت بني على ما تقدّم ، أو لأنّه أعتق من الغرق في أيّام الطوفان فإنّ الأرض كلّها غرقت إلّا موضع البيت.

والطواف المأمور به هنا ، قيل : المراد به طواف الإفاضة بعد التعريف إما يوم النحر ، أو بعده ، وهو طواف الزيارة وهو ركن بلا خلاف ، والّذي رواه أصحابنا أنّ المراد به طواف النساء الّذي يحصل به إباحة وطي النساء.

روى الشيخ عن أحمد بن محمّد (١) قال قال أبو الحسن عليه‌السلام في قول الله عزوجل (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) قال : هو طواف النساء ونحوها من الأخبار ، وبهذا الطواف يتحلّل عن موجبات الإحرام رأسا ، وهو التحلّل الثالث غير أنّ بعضهم يذهب إلى أنّ التحلّل من الصيد يحصل بانقضاء أيّام منى ، والأكثر على خلافه ، وأنّ التحلّل منه يحصل بطواف النساء أيضا ، وادّعى الفاضل عليه الإجماع وقد رجّحنا في كتبنا القول

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٢٥٢ الرقم ٨٥٤ وص ٢٨٥ الرقم ٩٧١ ورواه في الكافي ج ١ ص ٣٠٥ باب طواف النساء الحديث ١ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٤٦ وقال في الفقيه ج ٢ ص ٢٩١ : واما قوله عزوجل (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) روى أنه طواف النساء ولفظ الحديث في التهذيب والكافي : قال أبو الحسن في قول الله عزوجل (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) قال : طواف الفريضة طواف النساء.

قال في المرآة قوله «طواف الفريضة» لعل المعنى انه أيضا داخل في الآية ولعل في صيغة المبالغة إشعارا بذلك والظاهر أنه أطلق هنا طواف الفريضة على طواف النساء لإشعار تلك الآية بتعدد الطواف وقيل المراد بطواف الفريضة هنا طواف الزيارة وحذف العاطف بينه وبين طواف النساء ولا يخلو عن بعد انتهى.

وروى الحديث في قلائد الدرر ج ٢ ص ٢٥ ثم قال والظاهر أن أحمد هذا هو البزنطي وأبو الحسن هو الرضا وقريب منه حديث حماد بن عثمان الحديث الثاني في الكافي في الباب والحديث في الوافي الجزء الثامن ص ١٨٢ والوسائل الباب ٢ من أبواب الطواف ج ٢ ص ٣٠٧ ط الأميري.

١٢٩

الأوّل لروايات صحيحة دلّت عليه ، وإليه ذهب بعض الأصحاب.

[(ذلِكَ) (١) خبر مبتدإ محذوف. أي الأمر أو الشأن ذلك ، وهو وأمثاله يذكر في الكلام ، للفصل بين الكلامين (وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ) جمع حرمة ، وهي ما لا يحلّ هتكه من جميع التكاليف حجّا وغيره ، ويحتمل اختصاصه بما يتعلّق بالحجّ.

وعن زيد بن أسلم (٢) الحرمات خمس البيت : الحرام ، والمسجد الحرام ، والبلد الحرام ، والشهر الحرام ، والحرم. وفي الكشّاف معنى التعظيم العلم بأنّها واجب المراعاة والحفظ والقيام لمراعاتها ، وظاهره اختصاصه بالواجب ، ولا يبعد التعميم بحيث يشمل المستحبّات أيضا إن لم يختصّ بها كما هو ظاهر.

قوله (فَهُوَ) أي التعظيم (خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) ثوابا (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) تحريمه ، وما مصدريّة والمراد به ما حرم لعارض كالميتة وما أهلّ به لغير الله ، وذلك قوله تعالى في سورة المائدة (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) الآية وعلى هذا فيختصّ المستثنى بما تضمّنه الآية ، ويحتمل الأعمّ منها أي إلّا ما بيّن لكم حرمته وإن كان بالسنّة ، فحافظوا على حدوده ، وإيّاكم أن تحرّموا ممّا أحلّ شيئا كتحريم عبدة الأوثان البحيرة والسائبة وغير ذلك وأن تحلّوا ممّا حرّم كاحلالهم أكل الموقوذة والميتة وغير ذلك.

(فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) كما يجتنب الأنجاس لأنّ في عبادة الأوثان ولواحقها هتكا لجميع ما تقدّم من الحرمات حتّى بناء البيت المقرون بالنهي عن الشرك والأمر بطهارته ، فناسب تفريع الأمر باجتناب الأوثان عموما ، وعلى وجه أبلغ.

__________________

(١) شرع في تفسير الآية ٣٢ و ٣٣ من سورة الحج ، ومن هنا الى تمام البحث مما يوجد في بعض النسخ على نحو ما مر الإشارة إليه مرارا.

(٢) الكشاف عند تفسير الآية ج ٣ ص ١٥٤ ط دار الكتاب العربي وتفسير الإمام الرازي ج ٢٣ ص ٣١ ولفظ الكشاف : والمحرم حتى يحل مكان الحرم ولفظ الرازي والمشعر الحرام.

١٣٠

(وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) يعنى الكذب وقيل هي تلبية المشركين «لبّيك لا شريك لك إلّا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك» وروى أصحابنا (١) أنّه يدخل فيه الغنا وجميع الأقوال الملهية وروى أيمن بن خريم (٢) أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قام خطيبا فقال أيها الناس عدلت شهادة الزور الشرك بالله وتلا الآية فعلى هذا قول الزور هو شهادة الزور ، وقيل قولهم هذا حلال وهذا حرام ، وما أشبه ذلك من الافتراء على الله.

__________________

(١) انظر البرهان ج ٣ ص ٩٠ وص ٩١.

(٢) رواه في المجمع ج ٤ ص ٨٢ وأخرجه في الدر المنثور عن احمد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن أيمن بن خريم وأخرجه عنه أيضا في أسد الغابة ج ١ ص ١٦٠ عند ترجمة هذا ولكن لم يثبت كون هذا الرجل صحابيا انظر الإصابة ج ١ ص ١٠٣ الرقم ٣٩٣ والاستيعاب ذيل الإصابة ج ١ ص ٦٧ وتقريب التهذيب ط دار الكتاب العربي ج ١ ص ٨٨ الرقم ٦٧٩ وفيه قال العجلي تابعي ثقة.

وسرده الشيخ قدس‌سره في أصحاب رسول الله انظر الرجال ص ٦ الرقم ٥٢ وكذا الشيخ الحر العاملي في رسالته في الصحابة ص ٢١ الرقم ٧٣ وفي الكامل للمبرد ص ٧٣٨ أن له صحبة ، وكذا في الإكمال لابن مأكولا ج ١ ص ٣٨.

وترجمة البخاري في القسم الثاني من الجزء الأول ص ٢٦ بالرقم ١٥٧٢ وفي الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الأول ص ٣١٨ بالرقم ١٢٠٦.

وله ترجمة أيضا في الشعر والشعراء ص ٢١٤ والاعلام للزركلى ج ١ ص ٣٧٨ وفي التنبيه للبكرى ص ٣٨ وكذا سمط اللآلي للبكرى ص ٢٦٢ وفيهما هو ممن اعتزل الجمل وصفين وما بعدهما من الأحداث كان يتشيع وكان به وضح وسرده في المخبر ص ٣٠٢ من البرص الاشراف وفي المعارف لابن قتيبة ص ١٤٨ أيضا كونه أبرص وفيه إباؤه عن أخذ المال عن عبد الملك بن مروان ومقاتلة ابن الزبير.

والذي يحدثنا التاريخ في شأن الرجل انه اعتزل أمير المؤمنين ومعاوية ، ولكن كان هواه أن يكون الأمر لأهل العراق انظر ص ١٣ و ٤٣١ و ٥٠٢ و ٥٠٣ و ٥٥٥ وقعة صفين لنصر بن مزاحم ط القاهرة ١٣٨٢ ، وفي ص ٥٠٣ منه أنه قد كان معاوية جعل له فلسطين ـ

١٣١

وفي الكشّاف : لمّا حثّ الله على تعظيم حرماته وحمد من تعظّمها أتبعه الأمر باجتناب الأوثان وقول الزور ، لأنّ توحيد الله ونفي الشركاء عنه وصدق القول أعظم الحرمات.

وجمع الشرك وقول الزور في قران واحد لأنّ الشرك من باب الزور لأنّ المشرك زاعم أنّ الوثن تحقّ له العبادة ، فكأنّه قال : فاجتنبوا عبادة الأوثان الّتي هي رأس الزور كلّه ، لا تقربوا شيئا منه لتماديه في القبح والسماجة.

(حُنَفاءَ لِلَّهِ) مستقيمين مخلصين له (غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) وهما حالان والثاني كالبيان والتأكيد للأوّل (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ) لأنّه سقط من أوج الإيمان

__________________

ـ على أن يتابعه ويشايعه على قتال على عليه‌السلام فبعث إليه أيمن :

ولست مقاتلا رجلا يصلى

على سلطان آخر من قريش

له سلطانه وعلى اثمى

معاذ الله من سفه وطيش

أأقتل مسلما من غير جرم

فليس بنافعى ما عشت عيشي

ثم أيمن بفتح الهمزة وسكون الياء آخره نون ضموا ميمه فرقا بين اسم الرجل وبين اسم الموضع قال في القاموس أيمن كاذرع اسم وكأحمد موضع ، وفي رسالة توضيح الاشتباه للساروى ص ٧١ الرقم ٢٦٥ ضبط أيمن بضم الميم وفي تهذيب الأسماء واللغات للنووي ج ٢ ص ٣٥٧ عند ترجمة أم أيمن ضبط أيمن بفتح الهمزة والميم.

ثم انه أخرج الحديث أيضا في الدر المنثور عن أحمد وعبد بن حميد وأبى داود وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن ابى حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن خريم بن فاتك وهو أبو أيمن هذا شهد الحديبية ولم يصح أنه شهد بدرا.

ترى ترجمته في الإصابة ج ١ ص ٤٢٣ الرقم ٢٢٤٦ والاستيعاب ذيل الإصابة ج ١ ص ٤٢٦ وأسد الغابة ج ٢ ص ١١٢ والتاريخ الكبير للبخاري القسم الأول من الجزء الأول ص ٢٠٥ الرقم ٧٥٧ والجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الأول ص ٤٠٠ بالرقم ١٨٣٧ والتقريب ط دار الكتاب العربي ج ١ ص ٢٢٣ الرقم ١١٦ والطبقات لابن سعد ج ٦ ص ٣٨ ط بيروت والإكمال لابن مأكولا ج ٣ ص ١٣٢. ـ

١٣٢

إلى حضيض الكفر (فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ) جمع طائر وقد يقع على الواحد ، والخطف الأخذ بسرعة (أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ) بعيد مفرط في البعد ، فإنّ الشيطان قد طرح به في الضلالة و «أو» للتخيير كما في قوله (أَوْ كَصَيِّبٍ) ويجوز أن يكون من التشبيه المركّب فكأنّه قال : من أشرك بالله فقد أهلك نفسه إهلاكا شبيها بأحد الإهلاكين.

(ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ) معالم دينه والأعلام الّتي نصبها لطاعته جمع شعيرة بمعنى العلامة فقيل المراد بها كلمة الله وتعظيمها التزامها ، وقيل : هي مناسك الحجّ كلّها ، وقيل : هي الهدايا والبدن فإنّها من معالم الحجّ ، وهو أوفق بما بعده ، وتعظيمها أن يختار سمانا حسانا غالية الأثمان.

وعن الباقر عليه‌السلام : لا تماكس في أربعة أشياء في الأضحيّة وفي ثمن النّسمة وفي الكفن وفي الكرا إلى مكّة (١).

(فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) فانّ تعظيمها من أفعال ذوي تقوى القلوب ، حذفت هذه المضافات إذ لا يستقيم المعنى بدونها (لَكُمْ فِيها مَنافِعُ) من ركوبها وحملها وشرب ألبانها من غير إضرار بها أو بولدها (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) أن تنحر أو تذبح ، وقيل المنافع درّها وظهورها ونسلها وصوفها إلى أن يسمّى هديا ، وإليه مآل أصحاب الرأي ولهذا لم يجوّزوا بعد تسميتها هديا ركوبها ونحوه ، والأوّل مذهبنا ومذهب الشافعيّ ومالك وأحمد وهو الأصحّ ، لأنّها قبل أن يسمّى هديا لا يسمّى شعائر.

__________________

ـ ثم خريم بالمعجمة ثم الراء مصغرا فما في نقد الرجال ص ٥١ وجامع الرواة ج ١ ص ١١١ ومنهج المقال ص ٦٤ من ضبطه بالزاي عند ترجمة أيمن لعله من سهو النساخ أو المؤلف ثم ان خريم ليس ابن فاتك وانما هو ابن الاخرم بن شداد بن عمرو بن فاتك نسب لجد جده ثم فاتك هو ابن القليب بضم القاف وآخره باء موحدة ابن عمرو بن اسد بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر كذا في الإكمال ج ١ ص ٣٨ وجمهرة أنساب العرب لابن حزم ص ١٩٠.

(١) راجع الوسائل أبواب آداب التجارة الباب ٤٦ تحت الرقم ٢ و ٣.

١٣٣

(ثُمَّ مَحِلُّها) حيث يحلّ نحرها (إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) أي عندها فإلى بمعنى عند ، أو التقدير حيث تنتهي إلى البيت أو نحوه ، و «ثمّ» للإشارة إلى الفرق بين المنافع الدنيويّة الموجودة إلى أجل مسمّى وما يترتّب عليها بنحرها عند البيت من المنافع الدينيّة الجليلة الأخرويّة فهو من عطف الجملة على الجملة ، ويحتمل من عطف المفرد على المفرد ، أي لكم فيها منافع دنيويّة ثمّ أعظم منها محلّها منتهية إلى البيت].

(الثاني)

(في أنواع الحج وأفعاله وشيء من احكامه)

وفيه آيات :

الاولى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (١).

(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) ائتوا بهما تامّين بمناسكهما وحدودهما مستجمعي

__________________

(١) البقرة : ١٩٦.

١٣٤

الشرائط لوجه الله ، وبهذا التفسير وردت الرّوايات عن أئمّة الهدى صلوات الله عليهم : روى عمر بن أذينة (١) في الحسن قال كتبت إلى أبى عبد الله عليه‌السلام بمسائل منها أن سألت عن قول الله عزوجل (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) قال يعنى بتمامهما أداءهما واتّقاء ما يتّقى المحرم فيهما الحديث وروى زرارة (٢) في الصّحيح عن الباقر عليه‌السلام قال العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحجّ لأنّ الله تعالى يقول (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) الحديث ونحوهما من الأخبار الكثيرة (٣).

__________________

(١) انظر الكافي ج ١ ص ٢٣٩ باب فرض الحج والعمرة الحديث ١ وهو في المرآة ج ٣ ص ٢٧١ وهو في المنتقى ج ٢ ص ٢٩٦ وهو في الوافي الجزء الثامن ص ٤٧ والوسائل الباب ١ من أبواب وجوب الحج الحديث ١ ج ٢ ص ١٢٦ ط الأميري.

(٢) انظر التهذيب ج ٥ ص ٤٣٣ الرقم ١٥٠٢ وهو في المنتقى ج ٢ ص ٢٨٩ وص ٣٤٠ وما نقله المصنف هنا شطر الحديث له صدر وذيل وأصل الحديث في التهذيب هكذا : موسى ابن القاسم عن حماد بن عيسى عن عمر بن أذينة عن زرارة بن أعين قال قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : الذي يلي الحج في الفضل قال العمرة المفردة ثم يذهب حيث شاء وقال العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحج لان الله تعالى يقول (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) وانما نزلت العمرة بالمدينة فأفضل العمرة عمرة رجب ، وقال المفرد للعمرة إن اعتمر في رجب ثم أقام إلى الحج بمكة كانت عمرته تامة وحجته ناقصة.

وقريب من الحديث في بعض المضمون والتصريح بوجوب العمرة مستدلا بالاية ما رواه معاوية بن عمار عن أبى عبد الله رواه في الكافي باب فرض الحج والعمرة الحديث ٤ وكذا أحاديث تفسير العياشي ج ١ ص ٨٧ و ٨٨ وترى حديث زرارة في الوافي الجزء الثامن ص ٧٤ والوسائل ج ٢ ص ٣٧٥ ط الأميري أبواب العمرة.

(٣) انظر نور الثقلين ج ١ ص ١٥١ وص ١٥٢ والبرهان ج ١ من ص ١٩٣ الى ص ١٩٥ والوسائل الباب ١ من كتاب الحج ص ١٣٦ والباب ١ من أبواب العمرة ص ٣٧٤ ج ٢ ط الأميري ومستدرك الوسائل ج ٢ ص ٢ وص ٣ والباب ١ من أبواب العمرة ص ١٨٨ والعياشي ج ١ ص ٨٧ وص ٨٨ والوافي الجزء الثامن ص ٤٧ وترى في الأبواب المتفرقة من سائر أبواب الحج في الجوامع الحديثية ما يدلك على وجوبهما معا.

١٣٥

ويؤيّد ذلك قراءة (١) «وأقيموا الحجّ والعمرة لله» ومقتضى ذلك وجوبهما على المكلّف المستطيع ابتداء بحسب أصل الشّرع ، وعلى هذا علماؤنا أجمع وفي أخبارهم (٢) دلالة على ذلك أيضا ووافقهم على ذلك الشّافعيّ في الجديد (٣).

وقال الحنفيّة إنّ العمرة مسنونة غير واجبة وحاول صاحب الكشّاف (٤) نصرة قولهم بأنّ الأمر وإن كان للوجوب في أصله إلّا أنه مع دلالة الدّليل على خلافه يعدل عنه كما في قوله (فَاصْطادُوا) ـ (فَانْتَشِرُوا) ونحو ذلك ، والدّليل على نفي وجوب العمرة حاصل هنا وهو ما روي أنّه قيل : يا رسول الله العمرة واجبة مثل الحجّ؟ فقال لا ولكن أنّ تعتمر خير لك (٥) وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الحجّ جهاد

__________________

(١) روى القراءة في الدر المنثور ج ١ ص ٢٠٨ عن ابى عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن ابى حاتم وابن الأنباري عن علقمة وإبراهيم قالا في قراءة ابن مسعود : وأقيموا الحج والعمرة الى البيت. لا يجاوز بالعمرة البيت ، الحج المناسك ، والعمرة البيت والصفا والمروة. وعن عبد بن حميد وابن جرير عن على عليه‌السلام انه قرء وأقيموا الحج والعمرة للبيت ثم قال هي واجبة مثل الحج.

قلت وترى نقل الطبري قراءة «وأقيموا» عن على عليه‌السلام وابن مسعود في ج ٢ ص ٢٠٦ و ٢٠٩ من تفسيره.

(٢) انظر الدر المنثور ج ١ من ص ٢٠٨ الى ٢١٢ والطبري ج ٢ من ص ٢٠٦ الى ٢١٢ وسنن البيهقي ج ٤ من ص ٣٤٩ الى ص ٣٥٢ وغيرها من كتبهم.

(٣) بل أخرج في الأم ج ٢ ص ١٣٣ أن في كتاب النبي لعمرو بن حزم ان العمرة هي الحج الأصغر ، قلت وتجده في كتابه بالرقم ٣٣ من مكاتيب الرسول وقد أشرنا الى هذا المكتوب ومصادره في ص ٨٤ من الجزء الأول من هذا الكتاب وأخبارهم بأن العمرة هي الحج الأكبر كثيرة.

(٤) انظر الكشاف تفسير الآية ج ١ ص ٢٣٨ ط دار الكتاب العربي.

(٥) أخرجه الترمذي والطبراني وضعفه الدارقطنى على ما في الشاف الكاف المطبوع ذيل الكشاف.

١٣٦

والعمرة تطوّع (١).

ثمّ اعترض بأنّه معارض بما روي عن عمر أنّ رجلا قال له إنّي وجدت الحجّ والعمرة مكتوبين علىّ أهللت بهما جميعا فقال هديت لسنّة نبيّك (٢) وأجاب بأنّ الرّجل فسّر كونهما مكتوبين عليه بقوله أهللت بهما وإذا أهلّ بالعمرة وجبت عليه كما إذا كبّر بالتطوّع من الصّلوة وحاصله أنّ الشروع في الندب يوجب إتمامه ثمّ قال : والدّليل الّذي ذكرنا أخرج العمرة من صفة الوجوب فيبقى الحجّ وحده فهما بمنزلة قولك : صم شهر رمضان وستّة من شوّال فإنّك تأمر بفرض وتطوّع وحاصله أنّ مقتضى الأمر الوجوب خرج عنه العمرة لدليل اقتضاه فيبقى الوجوب في الحجّ وليس في كلامه دلالة على أنّ الأمر أريد به الوجوب والندب معا فإنّه يعتقد أن مثل ذلك إلغاز وتعميه ، كما صرّح به في آية الوضوء ، نعم في التّمثيل إشعار بذلك وهو غير مراد.

ويجاب عن الدّليل الّذي زعم أنّه ينفى الوجوب ، بما ذكره القاضي (٣) : أمّا الحديث الأوّل فمعارض بحديث عمر ، كما اعترف به ، وأمّا الجواب عن حديث عمر بأنّه فسّر وجدانهما مكتوبين بقوله أهللت بهما جميعا ، فجاز أن يكون الوجوب بسبب إهلاله بهما فمردود ، بأنّه رتّب الإهلال على الوجدان ، وذلك يدلّ على أنّ الوجدان سبب الإهلال لا العكس ، وهو جيّد على أصولهم ، فإنّهم يعملون بأخبار الصّحابىّ. ولنا أن نجيب عن الحديث بأنّه غير حجّة عندنا والأخبار الصّحيحة قد دلّت على الوجوب على ما عرفت.

__________________

(١) أخرجه ابن ماجة والطبراني وغيرهما على ما في الشاف الكاف وفيه توضيح ضعف الحديث فراجع.

(٢) أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان على ما في الشاف الكاف وفيه أيضا إخراج حديث ابن عباس أنه قال ان العمرة لقرينة الحج عن البخاري والشافعي.

(٣) انظر ص ٤١ من تفسيره ط المطبعة العثمانية ١٣٠٥.

١٣٧

ويحتمل (١) أن يراد باتمامهما الإتيان بما بقي منهما بعد الشروع فيهما ، ولا خلاف في ذلك بين أصحابنا ، فإنّهم يوجبون إتمام كلّ من الحجّ والعمرة بعد الدخول فيهما وإن كانا قبل الشروع مستحبّين غير واجبين وهو قول العامّة إلّا نادرا منهم (٢) ، ويدلّ عليه ظاهر الآية ، فإنّ الإتمام كما يتناول الصحيح يتناول الفاسد أيضا لصدق الاسم على كلّ منهما وفي الأخبار دلالة عليه أيضا.

(فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ) منعتم ، والإحصار المنع يقال للرّجل الّذي منعه المرض من التصرّف قد أحصر فهو محصر ، وللرّجل الّذي حبسه العدوّ عن المضيّ أو سجن قد حصر فهو محصور ، فالإحصار للمرض والحصر للعدوّ ويقال للحبس الحصر ، هذا هو الأكثر في الاستعمال ، وعن الفرّاء يجوز أن يقام كلّ منهما مقام الآخر ، وأنكره جماعة من

__________________

(١) وفي نسخة سن فقط بدل هذه القطعة من الكلام هكذا : ويؤيد الوجه الأول أن الإتمام كثيرا ما يراد به فعل الشيء تاما قال تعالى (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ) والمراد ففعلهن على التمام وإذا كان كذلك وجب ان يكون هو المراد لان الحمل على المعنى الثاني يستدعي الإضمار في الآية ويكون التقدير : أتموا الحج والعمرة ان شرعتم فيهما والأصل عدم التقدير اما وجوب الإتيان بما بقي منهما بعد الشروع فيهما فلا خلاف فيه بين أكثر أهل العلم فإنهم يوجبون إتمام كل من الحج والعمرة بعد الدخول بهما وان كانا قبل الشروع مستحبين غير واجبين بل لو كانا فاسدين كما لو أفسدهما بعد ان يكون شرع فيهما صحيحا فإنه يجب عليه إتمامهما عندنا وهو قول العامة إلا نادرا منهم وفي الاخبار دلالة عليه أيضا.

(٢) قال في الخلاف ج ١ ص ٤١٩ المسئلة ٢٠٢ من مسائل الحج : من أفسد حجه وجب المضي فيه واستيفاء أفعاله وبه قال جميع الفقهاء الا داود فإنه قال يخرج بالفساد منه.

دليلنا إجماع الفرقة بل إجماع الأمة وداود قد سبقه الإجماع وطريقة الاحتياط تقتضي ذلك وأيضا قوله تعالى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) يتناول هذا الموضع لانه لم يفرق بين حجة أفسدها وبين من لم يفسدها وما قلناه مروي عن على عليه الصلاة والسّلام وابن عباس وعمر وأبى هريرة ولا مخالف لهم في الصحابة انتهى.

١٣٨

اللغويّين قال المبرّد نظيره حبسه جعله في الحبس وأحبسه عرضه للحبس ، فيكونان متغايرين.

واختلف في المراد به هنا فعند الشّافعيّ المراد به حصر العدوّ بقرينة قوله (فَإِذا أَمِنْتُمْ) ويؤيّده نزول الآية عام الحديبية حيث صدّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيها ، وقول ابن عبّاس لا حصر إلّا حصر العدوّ ، وإليه يذهب مالك ، وقضيّة هذا القول عدم ثبوت حكم الإحصار مع المرض ، بل يصبر حتّى يبرأ إلّا أن يشترط على ربّه أن يحلّه حيث حبسه وقال أبو حنيفة : المراد به كلّ منع من عدوّ أو مرض أو غيرهما ، لما روي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كسر أو عرج فقد حلّ وعليه الحجّ من قابل (١).

والظاهر من أصحابنا أنّهم حملوه على الإحصار بالمرض ، وهو الظاهر من الإحصار عند أهل اللّغة كما عرفت ، وأوجبوا فيه البعث وتأخير الإحلال إلى بلوغ الهدي محلّه وجعلوا المنع بالعدوّ مخصوصا باسم الصدّ ، وحكموا بذبح الهدي في مكانه ، والإحلال من إحرامه من غير تأخير كما نقل عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عام الحديبية لمّا صدّه المشركون حيث نحر في مكانه وأحلّ.

ويرد على الشافعيّ : أنّا لا نسلّم أنّ سبب النزول ذلك وقوله (فَإِذا أَمِنْتُمْ) لا يختصّ بالعدوّ بل يشمله ويشمل المرض أيضا [فإنّ مدار الحكم فيه على الأمن سواء كان من خوف العدوّ أو من ضرر المرض] (٢) وإن لم يكن المذكور سابقا حكم

__________________

(١) الكشاف ج ١ ص ٢٤٠ ط دار الكتاب العربي قال ابن حجر في تخريجه أخرجه أصحاب السنن وأحمد وإسحاق وابن أبي شيبة والطبراني من حديث عكرمة عن ابن عمرو بن غزية الأنصاري.

قلت وأخرجه الحاكم أيضا في المستدرك ج ١ ص ٤٧٠ وقال هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه وأخرجه أيضا في ص ٤٨٣ وفيه حديث آخر أيضا بلفظ «وعليه حجة أخرى».

(٢) ما بين العلامتين في هامش قض ومتن عش وسن مع اختلاف.

١٣٩

العدوّ بخصوصه (١) ، وفي الأخبار دلالة على ذلك.

روى معاوية بن عمّار (٢) في الصحيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سمعته يقول المحصور غير المصدود ، والمحصور المريض والمصدود الّذي يصدّه المشركون كما صدّوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه : ليس من مرض. ونحوها.

والمعنى فان منعتم بالمرض من إتمام أفعال الحجّ والعمرة ، بعد أن أحرمتم

__________________

(١) لا يذهب عليك أنه مع التزام أن سبب النزول حصر العدو ، لا يتم ما ذكرناه من حملها على المرض لأن إخراج السبب غير جائز ، نعم المشهور أنه لا يختص به ، منه عفى عنه كذا في هامش قض.

(٢) رواه في التهذيب ج ٥ ص ٤٢٣ بالرقم ١٤٦٧ وص ٤٦٤ بالرقم ١٦٢٢ والفقيه ج ٢ ص ٣٠٤ بالرقم ١٥١٢ وآخر الحديث في الكتابين : والمصدود تحل له النساء والمحصور لا تحل له النساء وهو في المنتقى ج ٢ ص ٦٠٢.

وروى الحديث في الكافي بإسناد آخر مع ذيل ج ١ ص ٢٦٦ باب الصد والحصر الحديث ٣ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٠٩ وهو في المنتقى ج ٢ ص ٦٠٨ وروى ذيل الحديث في التهذيب مستقلا بسند غير الكافي ج ٥ ص ٤٢١ بالرقم ١٤٦٥ نقله في المنتقى ج ٢ ص ٦٠٤ وقال بعده في نسخ التهذيب عدة مواضع واضحة الغلط وهي صحيحة في الكافي.

ولأجل ذلك نحن ننقل حديث الكافي من أوله الى آخره ونشير إلى الزيادة في التهذيب ومحل تلك الزيادة في الحديث بنقل التهذيب ففي الكافي باب المحصور والمصدود وما عليهما من الكفارة الحديث ٣ : على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن ابن أبى عمير وصفوان عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله (ع) قال سمعته يقول : المحصور غير المصدود ، والمحصور المريض ، والمصدود الذي يصده المشركون كما ردوا رسول الله (ص) وأصحابه ليس من مرض ، والمصدود تحل له النساء والمحصور لا تحل له النساء.

قال وسألته عن رجل أحصر فبعث بالهدي قال يواعد أصحابه ميعادا ان كان في الحج ـ

١٤٠