مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام - ج ١

جواد الكاظمي

مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام - ج ١

المؤلف:

جواد الكاظمي


المحقق: محمّد الباقر البهبودي
الموضوع : الفقه
الناشر: المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٦٦

أبلغ من الخيانة كالاكتساب أبلغ من الكسب ، ولهذا قالوا في قوله تعالى (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) (١) دلالة على مزيد عناية الله تعالى بالعباد حيث أثبت لهم الأجر بمجرّد الاكتساب ، ولم يثبت العقاب إلّا بالاكتساب الّذي هو أبلغ منه ، ويمكن أن يكون الوجه في ذلك أنّ النفس إنّما تعمل المعاصي بالميل والشهوة والسعي فهي أعمل وأجدّ في المعصية بخلاف الطاعة.

(فَتابَ عَلَيْكُمْ) قبل توبتكم عمّا صدر منكم إن تبتم عمّا فعلتم ، (وَعَفا عَنْكُمْ) ومحي عنكم ذنوب ما فعلتم من المحرّم ، وفيه دلالة على قبول التوبة سمعا لأنّه تعالى أخبر بذلك.

(فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ) يعنى لمّا جوّزنا لكم ذلك ورفضنا عنكم التحريم فافعلوا ما نهيناكم عنه من المباشرة وهي كناية عن الجماع ، وأصلها إلزاق البشرة بالبشرة ، وفيه دلالة على جواز نسخ السنّة بالقرآن كما هو قول أكثر الأصوليين ، ومنع البعض ضعيف لا وجه له ، والأمر فيه للإباحة وإن كان مقتضى الأمر الوجوب وإن كان بعد الحظر على ما أشرنا إليه سابقا.

(وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) واطلبوا ما قسّمه الله لكم وأثبته في اللوح المحفوظ من الولد بتلك المباشرة : أي لا تباشروا لقضاء الشهوة وحدها وإعطاء النفس حقّها فإنّ ذلك أمر يشارككم فيه غيركم من الحيوانات العجم بل ينبغي أن يكون غرضكم بذلك ابتغاء ما وضع الله له النكاح ، وهو التناسل وحصول ولد يعبد الله ويسبّحه فإنّ ذلك هو الغرض الأصليّ من خلق الشهوة ، وشرع النكاح.

ويحتمل أن يكون المراد واطلبوا في جميع أموركم من أرزاقكم وأزواجكم وأولادكم ما كتب الله لكم : أي اقصدوا الّذي قدّره ورضيه لكم لا غيره فإنّكم تتعبون في تحصيله وقد لا يحصل ، وقيل : المراد النهي عن العزل في الحرائر ، وربّما

__________________

ـ فكأنه قد خانها نفى المنافع عنها وجر المضار إليها ، وأصل الخيانة في كلامهم النقص فعلى هذا الوجه تحمل خيانة النفس انتهى كلامه ـ قدس‌سره.

(١) البقرة ٢٨٦.

٣٤١

قيل وجوه أخر بعيدة.

(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) شبّه أوّل ما يبدو من الفجر المعترض في الأفق وما يمتدّ معه من غبش الليل بخيطين أبيض وأسود ، واكتفى ببيان الخيط الأبيض بقوله : من الفجر عن بيان الخيط الأسود لدلالته على كونه من الليل ، وبذلك خرجا عن الاستعارة إلى التمثيل ، ويجوز أن يكون من للتبعيض فإنّما يبدو بعض الفجر وأوّله ، وما روي أنّها نزلت ولم ينزل من الفجر فعمد له رجال إلى خيطين أبيض وأسود يأكلون ويشربون حتّى يتبيّنا لهم فنزلت غير ثابت عندنا وإن صحّ كان قبل دخول الشهر : إذ تأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع قطعا أو اكتفى باشتهاره في ذلك فإنّ من مستعملات العرب إطلاق الخيط الأبيض على أوّل ما يبدو من الفجر المعترض في الأفق قال الشاعر :

فلمّا أضاءت لنا سدفة

ولاح من الصبح خيط أنارا (١)

__________________

(١) البيت لأبي دواد بضم الدال المهملة بعدها الواو الأيادي جارية ويصحف جارية بحارثة وقيل جويرية ابن الحجاج بن بحر بن عصام بن منبه بن حذاقة بن زهير بن أياد بن سعد بن عدنان وعن أبى الهيذام اسمه جويرية بن برد بن دعمي بن أياد بن نزار ، وقال الأصمعي حنظلة بن الشرقي من قدماء شعراء الجاهلية أحد نعات الخيل المجيدين وهم ثلاثة ، أبو دواد في الجاهلية وطفيل ، والجعدي ، وترى بعض أبياته في أنساب الخيل لابن الكلبي ص ١١٣ قيل للحطيئة :

من أشعر الناس قال الذي يقول ،

لا أعد الإقتار عدما ولكن

فقد من قد رزئته الاعدام

وعن ابن الأعرابي لم يصف أحد الخيل إلا احتاج إلى أبى دواد ، وكان ابنه دواد وابنته دوادة شاعرين وكانت أياد تفخر به ، وتقول : منا أجود الناس وأشعرهم كعب بن مامة ، وأبو دواد ، وقد ضربت العرب المثل بجار أبى دواد انظر مجمع الأمثال ج ١ ص ١٦٣ الرقم ٨٤٨ قال قيس بن زهير :

أطوف ما أطوف ثم آوى

إلى جار كجار أبى دواد

وقال طرفة بن العبد :

أني كفاني من أمر هممت به

جار كجار الحذاقى الذي اتصفا

٣٤٢

فاقتصر على الاستعارة أوّلا ثمّ صرّح بالبيان لما التبس على بعضهم.

وقد استدلّ بظاهر الآية من جوّز الإصباح جنبا للصائم. ثمّ قالوا : الدلالة فيها على ذلك من وجهين :

أحدهما : إطلاق إحلال الرفث ليلة الصيام المقتضى لجواز المباشرة في جميع أجزاء الليل.

الثاني : قوله : حتّى يتبيّن لظهور أنّ تجويز المباشرة إلى الفجر يقتضي جواز الغسل بعده.

ويؤيّده من الأخبار ما رواه الشيخ في الصحيح عن حبيب الخثعمي (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يصلّى صلاة الليل في شهر رمضان. ثمّ يجنب

__________________

ـ الحذاقى هو أبو دواد ، واتصف معناه صار وصفا في الجود يعنى كعبا انظر ترجمته في الشعر والشعراء ص ٦٨ والمؤتلف والمختلف ص ١٦٦ وسمط اللآلي ص ٨٧٩ والاعلام ج ٢ ص ٩٤ وبلوغ الارب ج ٣ ص ١١٤ والخزانة ج ٤ ص ١٩٠ والفرائد الغوالي ج ٢ من ص ١٠ إلى ١٦ وجمهرة أنساب العرب ص ٣٢٨ وسبائك الذهب ص ٢٠ والاشتقاق لابن دريد ص ١٦٨ ، والبيت أنشده في المجمع ج ١ ص ٢٧٩ وشرحه القزويني ج ٢ ص ١٥٥ بالرقم ٤١٩ وأنشده أبو الفتوح في روح الجنان ج ٢ ص ٨٠ والكشاف ج ١ ص ٢٥٨ والطبري ج ٢ ص ١٧٦ والصحاح واللسان (خيط).

ويروى غدوة مكان سدفة ، والسدفة : ظلمة آخر الليل. وقيل : اختلاط الضوء والظلمة جميعا وقال عمارة : السدفة : ظلمة فيها ضوء من أول الليل وآخره ما بين الظلمة إلى الشفق ، وما بين الفجر إلى الصلاة قال الأزهري : (والصحيح ما قال عمارة) ويروى البيت خبر مكان خيط.

(١) انظر التهذيب ج ٤ ص ٢١٣ الرقم ٦٢٠ والاستبصار ج ٢ ص ٨٨ الرقم ٢٧٦ و ٢٧٧ قال الشيخ : يجوز بعد تسليمة أن يكون تأخير الغسل لعذر من برد أو لعوز الماء وانتظاره وغير ذلك ، وذلك سائغ عند الاضطرار ، وأضاف في الوسائل الباب ١٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث ٥ احتمال كونه من خصائص النبي (ص) أو كونه منسوخا.

٣٤٣

ثمّ يؤخّر الغسل متعمّدا حتّى يطلع الفجر ، وما رواه في الصحيح عن عيص بن القاسم (١) قال : سألت أبا عبد الله عن رجل أجنب في شهر رمضان من أوّل الليل فأخّر الغسل حتّى يطلع الفجر قال : يتمّ صومه ولا قضاء عليه ، ونحوهما من الأخبار ، وإلى هذا القول يذهب ابن بابويه من أصحابنا وجمهور العامّة بل لا يعلم منهم مخالف فيه.

والجواب عن الأوّل أنّ إطلاق الآية مقيّدا بما قبل الفجر قدّر الاغتسال بحيث يدخل الفجر وهو متطهّر لورود الأخبار المعتبرة الاسناد بقضاء مثل ذلك اليوم الّذي أصبح فيه جنبا كصحيحة ابن أبى يعفور عن الصادق عليه‌السلام (٢) قال : قلت : الرجل يجنب في شهر رمضان قال : يتمّ صومه : ويقضى يوم آخر فإن لم يستيقظ حتّى يصبح أتمّ يومه وجاز له ، وحسنة الحلبي عن الصادق عليه‌السلام في رجل احتلم أوّل الليل وأصاب من أهله ثمّ نام متعمّدا في شهر رمضان حتّى أصبح قال : يتمّ يومه ذلك ثمّ يقضيه إذا أفطر شهر رمضان ويستغفر ربّه (٣) ونحوهما من الأخبار الدالّة على ذلك ، ولا ينافيه ورود أخبار أخر دلّت على جواز التأخير بعد الفجر كما عرفت لأنّها محمولة على التقيّة لكون ذلك مذهب العامّة ، والعمل بما بعد من مذهبهم أولى مع تعارض الأخبار ، ولا

__________________

(١) التهذيب ج ٤ ص ٢١٠ الرقم ٦٠٨ والاستبصار ج ٢ ص ٨٥ الرقم ٢٦٤ وأورده في المنتقى ج ٢ ص ١٩٠ وحمله على من استمر به النوم إلى طلوع الفجر ولم يستيقظ قبله.

(٢) انظر التهذيب ج ٤ ص ٢١١ الرقم ٦١٢ والاستبصار ج ٢ ص ٨٦ الرقم ٢٦٩ والفقيه ج ٢ ص ٧٥ الرقم ٣٢٣ وأورده في المنتقى ج ٢ ص ١٨١ وصحح طريق الشيخ وقال : اسناد الصدوق أيضا مشهور الصحة.

(٣) انظر الكافي ج ١ ص ١٩٢ الباب ٢٤ من كتاب الصيام الحديث ١ وهو في المرآة ج ٣ ص ٢٢٤ وحكم المجلسي بصحة الحديث.

وفيه عند شرح قوله متعمدا : حمل على ما إذا نام بنية الغسل وكان من عادته الانتباه قبل الفجر لكن الاستغفار يومي إلى أن المراد بالتعمد عدم نية الغسل ، ويمكن أن يقال : ليس الاستغفار لهذا الذنب بل لتدارك ما فات منه من الفضل ثم إنه يدل على أن النوم الأول للمحتلم هو النوم بعد الانتباه عن احتلامه. انتهى ما في المرآة ، وأورد الحديث في المنتقى ج ٢ ص ١٨٣.

٣٤٤

يرد أنّ النقل ورد في العمل بالحديث الموافق لظاهر القرآن دون ما خالفه لأنّ ذلك مع تساوى الطرفين لا مع ترجّح أحدهما ، والمرجّح هنا حاصل من وجوه كثيرة : الأخبار الصحيحة به ، وذهاب الأكثر إليه حتّى ادّعى جماعة من علمائنا عليه إجماع الفرقة المحقّة ، وكلام ابن بابويه غير صريح في تجويز ذلك ، وإنّما نقله في المقنع رواية (١) على أنّا لا نسلّم أنّ تقييد الإطلاق ونحوه بالأخبار ممّا يخالف ظاهر القرآن فإنّ التقييد والتخصيص شائع ذائع في كلّ مطلق وعامّ ، ويحتمل أن يكون الأخبار الواردة بالإصباح محمولة على الضرورة والعذر كخوف البرد أو عوز الماء أو انتظاره حتّى يسخن أو غير ذلك من الوجوه المسوّغة للتأخير ، وبمثل ذلك نجيب عن الدليل الثاني ، ونزيد عليه أنّ الظاهر من القيد رجوعه إلى الأخيرة كما هو المذهب المنصور في تعقيب الجمل بالقيد فيتعلّق بالشرب ، ولا ينافيه ثبوت الحكم في الأكل أيضا لأنّ ذلك لدليل خارجي وأنّهما شيء واحد تعلّق بهما القيد.

ويؤيّد ذلك هنا انفصال حكم الجملة الاولى من الأخيرة بطلب الابتغاء [الاستيفاء خ ل] على بعض الوجوه. فتأمّل.

(ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) بيان آخر وقته ، واستدلّ به على جواز نيّة الصوم بالنهار نظرا إلى أنّ ثمّ للتراخي والإتمام المأمور به على التراخي إمّا بالنيّة أو بترك المفطر إذ لا ثالث لهما لكن ترك المفطر يجب من الفجر على الفور بالإجماع فيتعيّن النيّة ، وفيه نظر لظهور أنّ المراد بإتمام الصوم الاستمرار عليه وهو إنّما يكون بعد فعله فهو متراخ عنه فسقطت الدلالة ، وقد يحتجّ على ذلك بظاهر الغاية لاقتضائها أنّ ابتداء الصوم من الفجر ، وظاهر أنّ الصوم ليس هو الإمساك فقط بل هو مع النيّة فيكون الأمر بإيقاع النيّة ثابتا بعد الفجر ، وفيه نظر فإنّ مقتضى وجوب الصوم من

__________________

(١) انظر ص ٦٠ من المقنع ط قم ١٣٧٧ والحديث هكذا ، وسأل حماد بن عثمان أبا عبد الله عن رجل أجنب في شهر رمضان من أول الليل وأخر الغسل إلى أن طلع الفجر فقال : كان رسول الله يجامع نسائه من أول الليل ثم يؤخر الغسل حتى يطلع الفجر ولا أقول كما يقول هؤلاء الأقشاب يقضي يوما مكانه ، ونقله في الوسائل أيضا عن المقنع الباب ١٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث ٣ ص ٧٤ ج ٢ ط أمير بهادر.

٣٤٥

الفجر كون أوّل زمانه الواجب الفجر ، وظاهر أنّ ذلك إنّما يتحقّق بإمساك جزء من الليل وآخره من باب المقدّمة ، والنيّة إنّما تكون معتبرة لو وقعت قبل الفعل لا بعده ولا في أثنائه لعدم الاعتداد بالجزء منه الخالي عن النيّة وهو يستلزم بطلان المجموع لأنّ الصوم عبادة واحدة.

وقد يقال ذلك في الفعل الغير المستغرق للزمان أمّا فيه فيجوز أن يكون النيّة بعد التحقّق لا قبله لتعذّره ، وممّن صرّح بذلك الشهيد في الدروس في بيان أعمال الحجّ كالوقوف بعرفة فإنّه جعلها مقارنة لما بعد الزوال فتكون هنا كذلك نعم إيقاعها في الليل أحوط للاتّفاق على إجزائه.

وقال السيّد المرتضى : إنّ وقت النيّة من طلوع الفجر إلى قبل الزوال وظاهره جواز تأخيرها عن الفجر اختيارا للذاكر العامد ، واحتجّ له العلّامة في المختلف بما رواه عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا الحسن موسى عليه‌السلام (١) عن الرجل يصبح ولم يطعم ولم يشرب ولم ينو صوما وكان عليه يوم من شهر رمضان إله أن يصوم ذلك اليوم وقد ذهب عامة النهار؟ فقال : نعم له أن يصوم ويعتدّ به في شهر رمضان ، ونحوها صحيحة هشام (٢) ولا دلالة فيه لظهور سياقها في القضاء ونحن نجوّز تجديد النيّة فيه إلى الزوال اختيارا بخلاف الأداء ، ولا يرد أنّ دليلكم يقتضي عدم جواز التجديد للناسي في أثناء النهار ، وهو قول مرغوب عنه لأنّ عندنا ما يدلّ على الإجزاء على ذلك التقدير ، وهو ما اشتهر عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله وذاع وملأ الإقطاع أنّ ليلة الشكّ أصبح الناس وجاء جماعة إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فشهدوا برؤية الهلال فأمر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مناديا ينادى من لم يأكل فليصم ومن أكل فليمسك ، ونحو هذا من أخبارنا كثير ، وإذا جاز الصوم مع الجهل بالهلال جاز مع النسيان لاشتراكهما في المعذوريّة.

وظاهر كون الصوم إلى الليل يقتضي تحريم الوصال : أي إدخال جزء من الليل

__________________

(١) التهذيب ج ٤ ص ١٨٧ وص ١٨٨ الرقم ٥٢٦ و ٥٣٠.

(٢) التهذيب ج ٤ ص ١٨٨ الرقم ٥٢٨ وأورده في المنتقى ج ٢ ص ٢٣٢.

٣٤٦

في الصوم وهو كذلك ، وعليه انعقد الإجماع ، وقد يفسّر الوصال بوجه آخر ، ويتفرّع على الوجوب الاستمرار إلى الليل أنّه لو نوى المفطر في جزء من النهار بطل صوم ذلك اليوم ، وإنّما عاد في ثاني الحال إلى النيّة لخلوّ بعض النهار عن الاستمرار على الصوم إذ الصوم هو الإمساك مع النيّة وهو يوجب بطلان الجميع فإنّ الصوم لا يتبعّض في الصحّة والفساد ويظهر من الشيخ الصحّة مع نيّة المنافي وهو أحد قولي السيّد واختاره العلّامة في المنتهى.

واستدلّ عليه بأنّه صام لشرطه وهو النيّة فانعقد صحيحا ومع انعقاده صحيحا لا وجه للبطلان بنيّة المنافي فإنّا لا نسلّم أنّ دوام النيّة شرط في الصحّة ، ولأنّ نواقض الصوم محصورة وليست هذه النيّة منها ولأنّه بمثابة الصلاة ، وهي إنّما تبطل بفعل ما ينافيها.

وفيه نظر والتحقيق أنّ نيّة المفطر منها ما لا يكون منافيا للنيّة السابقة الواقعة قبل الفعل ، وذلك كنيّة الأكل والشرب والجماع فإنّ قصدها ليس بمثابة فعلها في تحقّق الإفطار والمنافي لنيّة الصوم إنّما هو فعلها لا قصدها فإنّ الصوم قد سبق انعقاده صحيحا فلا يفسده إلّا ما يقتضي الإفطار شرعا ، وليس هو إلّا فعل المفطر لا قصده ، ومنها ما يكون منافيا لها بنفسها كنيّة الرياء فإنّ قصده في بعض النهار يوجب انتفاء قصد القربة فيلزم البطلان وهو يستلزم بطلان المجموع لأنّ الصوم لا يتبعّض.

والفرق بين الأمرين أنّ القربة تتحقّق بمجرد قصدها ولذا اعتبرت في النيّة فلو قصد ضدّها لزم تحقّقه أيضا وبالجملة لا يحتاج في تحقّق مثله إلى زيادة على القصد وكما أنّ اشتمال النيّة عليه في الابتداء مبطل كذلك حصوله في الأثناء لعدم الفرق أمّا ما يكون تحقّقه زائدا على قصده كالمفطر فإنّ له تحقّقا في الخارج غير محض القصد فبمجرّد قصده لا يلزم تحقّقه بل لا بدّ في تحقّقه من الإيجاد خارجا فلا يكون قصده فقط مضرّا فنيّة المفطر على هذا لا تنافي استمرار الصوم بعد انعقاده صحيحا كما عرفت أمّا النيّة على الوجه السابق فمنافاتها للاستمرار ظاهرة ، ولعلّ كلام من حكم بعدم الإفطار منزل على قصده الأكل ونحوه. إذ هو الظاهر من نيّة المفطر

٣٤٧

لا قصد الرياء كما أشرنا إليه.

والمراد بالليل أوّل دخوله المتحقّق بغروب الشمس ، وقد اختلفت الأخبار فيما يحصل به ذلك (١).

__________________

(١) وتنقيح البحث أنه اتفق كلمات علمائنا ومعاقد إجماعاتهم على أن وقت المغرب الذي يجوز عنده الإفطار وصلاة المغرب وانقضاء وقت الظهرين أنما هو الغروب ، واختلفوا فيما يتحقق به الغروب. فالمحكي عن الصدوق في العلل بل الفقيه أيضا والشيخ في المبسوط وسلار والسيد المرتضى في الميافارقيات ، والقاضي في المهذب ، وصاحب المعالم في المنتقى ، وفي رسالته ، والسبزواري ، والنراقي في المستند ، وصاحب المدارك ، وسيد علمائنا بحر العلوم على ما استظهر في مفتاح الكرامة من حاشيته ، والمحدث الكاشاني في المفاتيح ، والوافي والمجلسي في البحار أنه سقوط القرص ، والمشهور بين المتأخرين كالعلامة والمحقق والشهيد وابن إدريس أنه إنما يتحقق بذهاب الحمرة المشرقية.

وقد ورد أخبار كثيرة تكاد تبلغ حد التواتر بل نقل في الرياض عن بعض تواترها بحصوله باستتار القرص ، والاخبار التي بين وقت صلاة المغرب ، وجواز الإفطار وانقضاء وقت الظهرين بالغروب متواترة قطعا انظر جامع أحاديث الشيعة من ص ٥٩ الى ص ٦٤ ح ٢ والوسائل أبواب المواقيت من كتاب الصلاة وأبواب ما يمسك عنه الصائم ، ووقت الإمساك من كتاب الصوم ، وأبواب الوقوف بعرفات والمشعر من كتاب الحج ، وبعض أبواب الحيض من كتاب الطهارة والبحار ج ١٨ (الصلاة) من ص ٣٢ إلى ٦٣ وغيرها من الجوامع الحديثية ، وكتب الفقه المبسوطة ، وهي مورد عمل الأصحاب واعتمادهم وتمسكهم واستنادهم في كثير من المسائل المرتبطة بالأوقات كاشتراك الوقت ، وغيره لا مجال لأحد توهم كونها أو بعضها معرضا عنها.

وبإزاء هذه الروايات روايات تدل على أنه يحصل بذهاب الحمرة المشرقية أكثرها إن لم نقل كلها إما غير نقية السند ، وإما قاصرة الدلالة ، ومع ذلك قابلة للحمل جمعا يظهر لك ذلك بعد مراجعة المنتقى ج ١ من ص ٣١٩ إلى ص ٣٢٧ وج ٢ ص ١٩٨ والمستند للنراقى من ص ٢٣٦ إلى ص ٢٣٨ ج ١ ط إيران ١٣٢٥ والذخيرة للسبزوارى ، والمدارك ص ١١٨ و ١١٩ ومستمسك عروة الوثقى لاية الله الحكيم ـ مد ظله ـ ج ٥ من ص ٥٤ إلى ٦٢ والوافي الجزء الخامس من ص ٤٦ إلى ٤٩ وغيرها من كتب الفقه.

فحمل بعضهم الطائفة الأولى على صدورها تقية وهو حمل بعيد ، وقد عمل بمضمونها الأصحاب في مقام إثبات أمر آخر وهو اشتراك الوقت واختصاصه بل في المقام أيضا غاية الأمر ـ

٣٤٨

فقيل : إنّه يحصل باستتار القرص عن الأفق وعليه أخبار معتبرة الإسناد وعمل عليها بعض الأصحاب.

وقيل : إنّما يحصل بذهاب الحمرة المشرقيّة ، وعليه أخبار لا تخلو من ضعف إلّا أنّ الأكثر من الأصحاب عليها فلعلّ ذلك جائز لضعفها مع أنّها كالمقيّدة لإطلاق الأخبار الأوّلة والاحتياط فيها.

(وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ) معتكفون فيها ، والاعتكاف في الشريعة هو اللبث في المسجد على وجه خاصّ بقصد القربة ، ومقتضى النهي تحريم المباشرة حال الاعتكاف ليلا ونهارا إذ الليل داخل فيه على ما علم بيانه من الأخبار ، وأمّا أنّ المباشرة مفسدة له كما حكم به البيضاوي وصاحب الكشّاف فغير ظاهر من النهي فإنّه إنّما يوجب الفساد في العبادة لو تعلّق بها نفسها أو جزئها أو شرطها الشرعيّ المأمور به وهو

__________________

ـ أنهم جعلوا ذهاب الحمرة علامة المغرب وبعضها أبيه عن هذا الحمل ، وكيف يحكم بصلاة الامام الصادق (ع) منفردا عن الناس المروية في حديث أبان بن تغلب والربيع بن سليمان وأبان بن أرقم على التقية ، وحمل بعضهم أخبار الحمرة على كونها بيانا لموضوع الحكم في الطائفة الاولى وشارحة لها ، ولا يخفى عليك أن غروب الشمس ليس أمرا مجملا يحتاج إلى الشرح ، والغروب وسقوط الشمس من المفاهيم الواضحة عند العرف التي لا يرتاب فيها أحد ، وما الموجب لذكر لفظ الغروب وإرادة معنى آخر بعنوان الشرح والحكومة ، ولا يمكن ذلك بالنسبة إلى كثير منها المصرحة بغياب القرص أو غياب كرسي الشمس ثم تفسير الكرسي بالقرص مع أن لسان أكثر الطائفة الثانية يأبى عن أن يكون لسان الشرح والحكومة كما لا يخفى على من تدبر.

والذي يلوح لي أن الذي هو موضوع الحكم هو الغروب المتحقق باستتار القرص المتبين معناه عند كل أحد وهو الذي نزل به جبرئيل على محمد (ص) على ما نطق به حديث أبي أسامة الشحام المروي في التهذيب ج ٢ ص ٢٨ الرقم ٨٠ والاستبصار ج ١ ص ٢٦٢ الرقم ٩٤٣ إلا أن إحراز الموضوع لازم على المكلفين ولا يجوز ترتيب أثر الغروب قبل اليقين بحصوله ، وقبل زوال احتمال كون الشمس محجوبة بحائل من جبل ونحوه ، وأخبار التأخير إنما وردت إرشادا إلى لزوم حصول اليقين ، ولذلك تراها مختلفة في بعضها ذكر ذهاب الحمرة وفي بعضها تجاوزها عن قمة الرأس وفي بعضها تغير الحمرة وفي بعضها إقبال الحمة من المشرق يعنى السواد ، وفي بعضها بدو نجم وفي بعضها بدو أنجم ثلاثة ، وفي بعضها التسمية بالمغرب قليلا من دون ذكر ـ

٣٤٩

غير معلوم هنا. إذ هو إنّما تعلّق بالمباشرة وهو خارج عنها اللهمّ إلّا أن يقال : لمّا كان جميع الزمان وقتا للاعتكاف المحرّم فيه المباشرة فإيقاعها في جزئه يوجب تعلّق النهي بالنسبة إليه فيفسد وهو يستلزم فساد الجميع.

وقد دلّت الأخبار الواردة عن الأئمّة الأطهار عليهم‌السلام على البطلان بالمباشرة ، وانعقد عليه إجماع الفرقة المحقّة أيضا. ثمّ إنّ إطلاق المباشرة ينصرف إلى الجماع لأنّه هو المتبادر منه فيكون هو المراد منها هنا ، وعلى هذا جماعة من أصحابنا وأخذ بعضهم بظاهرها فحكم بتحريم الملامسة والتقبيل بشهوة والنظر بشهوة ونحوها بل حكم بعضهم بفساد الاعتكاف معها مستدلّا بظاهر الآية ، وفي استفادة ذلك من الآية بعد ، والأظهر قصر الحكم على الجماع مطلقا أنزل أو لم ينزل جامع في القبل أو الدبر نعم لو أنزل بأحد الأمور المذكورة فسد اعتكافه لتعمّده إفساد الصوم المقتضى فساده.

واستدلّ البيضاوي وصاحب الكشّاف بها على أنّ الاعتكاف لا يكون إلّا في المسجد (١) وفي دلالة الآية على ذلك نظر فإنّ مضمونها تحريم المباشرة حال الاعتكاف في المساجد ولا دلالة لذلك على الشرطيّة ظاهرا إلّا بنوع من التكلّف بعيد فإذن هي كالمجملة في ذلك وبيانها يعلم من الأخبار الواردة عن الأئمّة الأطهار عليهم‌السلام الدالّة على الشرطيّة ، والظاهر أنّ العلماء متّفقون على الاشتراط في حقّ الرجل أمّا المرأة فأكثرهم على اشتراطه في اعتكافها أيضا ، وخالف فيه بعض العامّة فجوّز لها الاعتكاف في مسجد بيتها ، وهو الموضع الّذي جعلته لصلاتها من بيتها ، وهو ضعيف لا اعتبار به.

__________________

ـ حد. كل ذلك ينبئ عن أن صدور هذه الاخبار لم يكن لبيان حد للمغرب الحاصل بالغروب المتبين معناه عند العرف ، وانما صدرت لبيان أمارة حصول الغروب التي يصح معها للمكلّف ترتيب أثر حصول الغروب والإفطار وفعل صلاة المغرب والإفاضة من عرفات وغيرها من أحكام الغروب يرشدك إلى ذلك أيضا التعليلات الواردة في الاخبار كل ذلك لحصول العلم وزوال الشك في حصول الغروب المتحقق باستتار القرص ، ومع ذلك فالاحتياط بتأخير صلاة المغرب والإفطار إلى ذهاب الحمرة وعدم تأخير الظهرين عن استتار القرص لا ينبغي أن يترك ، والله العالم بحقائق الأمور.

(١) انظر الكشاف ج ١ ص ٢٥٨ والبيضاوي ص ٤٠ وفي الكشاف وقرء مجاهد في المسجد.

٣٥٠

وعلى الشرطيّة فمقتضى الآية جواز الاعتكاف في كلّ المسجد كما يقتضيه عموم المساجد ، وأنّه لا يختصّ به مسجد دون مسجد ، وبه أخذ جماعة من أصحابنا ، وجماعة من العامّة أيضا ، واعتبر آخرون زيادة على كونه مسجدا أن يكون مسجدا جامعا ويراد به المسجد الأعظم حتّى لو كان في البلد مسجدان كذلك جاز الاعتكاف فيهما ، وإليه ذهب جماعة من أصحابنا ، وجماعة من العامّة أيضا ، واعتبر آخرون كونه في مسجد جمع فيه نبيّ أو وصيّ نبيّ فقصّروا الجواز على أحد المساجد الخمسة : المسجد الحرام ومسجد الرسول ، ومسجد الكوفة ، ومسجد المداين ، ومسجد البصرة ، وعلى هذا جماعة من أصحابنا ، واقتصر آخرون على مسجد المداين مع الثلاثة الاولى ، وآخرون على المسجد البصرة دونه ، واستند كلّ طائفة فيما ذهبت إليه من التخصيص إلى دليل أوجبه.

والّذي يظهر من الأخبار أنّ القول بجوازه في المسجد الجامع لا يخلوا من قوّة.

ويدلّ عليه ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن البزنطي (١) عن داود بن سرحان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا أرى الاعتكاف إلّا في المسجد الحرام ، ومسجد الرسول أو في مسجد جامع ، ومثله في الكافي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (٢) ورواه الحلبي في الحسن عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٣) قال : لا يصلح الاعتكاف إلّا في مسجد الحرام ، أو مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله أو مسجد الكوفة أو في مسجد جماعة ، وتصوم ما دمت معتكفا ، ونحوها من الأخبار.

واستند القاصرون للحكم على المساجد الأربعة إلى صحيحة عمر بن يزيد (٤)

__________________

(١) الفقيه ج ٢ ص ١٢٠ الرقم ٥٢١ وهو في المنتقى ج ٢ ص ٢٥٠.

(٢) الكافي ج ١ ص ٢١٢ وهو في المرآة ج ٣ ص ٢٤٧ والتهذيب ج ٤ ص ٢٩٠ الرقم ٨٨٤ والاستبصار ج ٢ ص ١٢٦ الرقم ٤١١ وفي طريقه سهل بن زياد.

(٣) الكافي ج ١ ص ٢١٢ وهو في المرآة ج ٣ ص ٢٤٧ وأورده في المنتقى ج ٢ ص ٢٥٢.

(٤) التهذيب ج ٤ ص ٢٩٠ الرقم ٨٨٢ والاستبصار ج ٢ ص ١٢٦ الرقم ٤٠٩ والفقيه ج ٢ ص ١٢٠ الرقم ٥١٩ والكافي ج ١ ص ٢١٢ وهو في المرآة ج ٣ ص ٢٤٦ والمنتقى ج ٢ ص ٢٤٨ وفي ـ

٣٥١

قال : قلت : لأبي عبد الله عليه‌السلام ما تقول في الاعتكاف ببغداد في بعض مساجدها؟ فقال : لا يعتكف إلّا في مسجد جماعة صلّى فيه إمام عدل صلاة جماعة ، ولا بأس بأن يعتكف في مسجد الكوفة والبصرة ومسجد المدينة ومسجد مكّة ، ونحوها من الأخبار.

قالوا : ولا ينافي هذا إطلاق الأخبار الأوّلة بالجواز في المسجد الجامع لما عرف أنّ المطلق يحمل على المقيّد. إذا وردا.

__________________

ـ طريق الحديث عند الكليني سهل بن زياد ، وقد أوضح البحث في حقه العلامة الشفتي في رسالته الرجالية في ٧ صحيفة كبيرة ، والعلامة البهبهاني في حاشيته الرجالية على منهج المقال ص ١٧٦ ونحن نكتفي بنقل ما افاده سيد علمائنا الأعلام بحر العلوم ـ طاب ثراه ـ في ص ٢١ ج ٣ من فوائد الرجالية ـ قال قدس‌سره : سهل بن زياد قد ضعفه الشيخ وابن الغضائري واستثناه ابن الوليد من كتاب نوادر الحكمة ، وتبعه الصدوق في ذلك ، وصوبهما الشيخ الثقة أبو العباس بن نوح ، وقال النجاشي ، إنه كان ضعيفا في الحديث غير معتمد فيه ، دكان احمد بن محمد بن عيسى يشهد عليه بالغلو والكذب وأخرجه من قم إلى الري ، وكان يسكنها ، والأصح توثيقه وفاقا لجماعة من المحققين لنص الشيخ على ذلك في كتاب الرجال ، ولاعتماد أجلاء أصحاب الحديث كالصدوقين والكليني وغيرهم عليه ، وإكثارهم الرواية عنه مضافا إلى كثرة رواياته في الأصول والفروع وسلامتها من وجوه الطعن والضعف خصوصا عما غمز به من الارتفاع والتخليط فإنها خالية عنهما ، وهي أعدل شاهد على برائته عما قيل فيه ، ثم قال ـ قدس‌سره ـ بعد بيان عدم الاعتماد بتضعيف القميين ورميهم إياه بالغلو ، ثم اعلم أن الرواية من جهته صحيحة وإن قلنا بأنه ليس بثقة لكونه من مشايخ الإجازة لوقوعه في طبقتهم فلا يقدح في صحة السند كغيره من المشايخ الذين لم يوثقوا في كتب الرجال وأخبارهم مع ذلك صحيحة مثل محمد بن إسماعيل البندقي إلى آخر ما سرده ـ قدس‌سره ـ ثم أقول : إكثار ابن الغضائري من الطعن في الغاية ربما يوجب الطعن في طعنه ، أما ابن نوح فقد ذكر الشيخ في الفهرست ص ٦١ الرقم ١١٧ أن له مذاهب فاسدة في الأصول مثل القول بالرؤية وغيرها وحكيناه عنه في ص ٣٤ من هذا لجزء وعليه فلعل طعنه في سهل لمخالفته له في بعضها ، ثم إن من الغريب ما وقع في الروضة في مسئلة وقوع الأربعة في الزبية ونكت المحقق والمدارك كتاب الحج من رميهم بكونه عاميا ، وعلى أى فالحق ما اختاره المحققون وأيده المصنف ـ قدس‌سره ـ من كون رواياته صحيحة من جهته ، ويظهر من المصنف أيضا تأييده وإن كان طريق الفقيه صحيحا كما أوضحه صاحب المعالم في المنتقى ج ٢ ص ٢٤٨.

٣٥٢

وفيه نظر فإنّ ما ذكروه غير دالّ على الحصر في الأربعة المذكورة حتّى يحتاج إلى أن تحمل الأخبار المطلقة عليه. إذ الإمام العدل فيها غير معلوم كون المراد به الإمام المعصوم بل الظاهر منه ما كان يصلح لإمامة الصلاة.

ولو قيل : إنّ العدالة المطلقة عصمة.

لقلنا : لا نسلّم ذلك لإطلاق العدل على إمام الجماعة ، وكون النقل خلاف الأصل ويؤيّد ما قلناه قلّة التخصيص في الآية فإنّه مطلوب لكونه خلاف الأصل فالتقليل فيه أولى وجريان الأخبار على وتيرة واحدة من غير تناف مع أنّا لو سلّمنا كون المراد بالإمام المعصوم لأمكن حمل ذلك على الأفضليّة ، وبه يحصل الجمع بين الأخبار أيضا فتأمّل.

واعلم أنّ أصحابنا أجمع على اشتراط الاعتكاف بالصوم وعدم صحّته بدونه ، وقد تظافرت به أخبارنا عن الأئمّة عليهم‌السلام ووافقنا على ذلك أبو حنيفة وجماعة من العامّة ، وجوّز الشافعي أن يعتكف بغير صوم محتجّا عليه بما رواه ابن عمر عن عمر أنّه قال : يا رسول الله إنّي نذرت في الجاهلية (١) أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام. فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : أوف بنذرك ، ولو كان الصوم شرطا لم يصحّ اعتكاف الليل ، ولأنّه عبادة يصحّ في الليل فلم يشترط له الصوم كالصلاة ، وفيه نظر فإنّ الليلة قد تطلق مع إرادة النهار معها كما يقال : أقمنا في موضع كذا ليلتين أو ثلاثا ، والمراد الليل والنهار فلم لا يجوز أن يكون

__________________

(١) رواه البخاري في كتاب الصوم ج ٥ ص ١٧٩ فتح الباري وفي كتاب النذير ج ١٤ ص ٣٩٣ والمغازي غزوة حنين ج ٩ ص ٩٦ بل أشار إليه أيضا في الخمس ج ٧ ص ٦١ ورواه مسلم ج ١١ ص ١٢٥ بشرح النووي ، وأبو داود ج ٢ ص ٤٤٨ الرقم ٢٤٧٤ وفيه اعتكف وصم والنسائي ج ٧ ص ٢١ وفي رواية يوما بدل ليلة فجمع ابن حبان وغيره بين الروايتين بأنه نذر اعتكاف يوم وليلة فمن أطلق ليلة أراد بيومها ، ومن أطلق يوما أراد بليلته ، وقد ورد الأمر بالصوم في رواية أبي داود كما قد عرفت إلا أنهم قالوا في طريقه عبد الله بن بديل ، وهو ضيف وقال باشتراط الصوم ابن عمر وابن عباس وعائشة ، ومالك والأوزاعي والحنفية ، واختلف عن أحمد وإسحاق.

٣٥٣

ذلك مرادا هنا ، ومع هذا الاحتمال لا تتمّ المعارضة به ، وعن الثاني بالفرق بينه وبين الصلاة فإنّها بمجرّدها عبادة بخلاف الاعتكاف فإنّه بمجرده لا يكون عبادة فاشترط فيه الصوم ، ولعلّ ظاهر الآية يشعر بالاشتراط. إذ المخاطب بالنهي عن المباشرة حال الاعتكاف هم الصائمون فاستفيد منها جوازه للصائم وكان مشروعيّته لغيره متوقّفة على الدليل إذ هي عبادة يتوقّف التعبّد بها على الورود من الشارع وهل يتقدّر الاعتكاف بزمان أم لا؟.

فقالت الشافعيّة : لا يتقدّر بزمان أصلا حتّى لو نذر اعتكاف ساعة صحّ ولو نذر اعتكافا مطلقا خرج عن النذر باعتكافه ساعة كما لو نذر أن يتصدّق مطلقا فإنّه يخرج عن النذر بالتصدّق بما شاء ، وقال أبو حنيفة ومالك : لا يجوز اعتكاف أقلّ من يوم بشرط أن يدخل قبل طلوع الفجر ، ويخرج قبل غروب الشمس والّذي ذهب إليه أصحابنا أنّ الاعتكاف لا يكون في أقلّ من ثلاثة أيّام ، وقد انعقد إجماعهم عليه ، وتظافرت به الأخبار الواردة عن الأئمّة الأطهار عليهم‌السلام ، وتمام الكلام يعلم من محلّه.

(تِلْكَ حُدُودُ اللهِ) أي الأحكام الّتي ذكرت صريحا أو ضمنا على ما عرفت.

(فَلا تَقْرَبُوها) نهي أن يقرب الحدّ الحاجز بين الحقّ والباطل لئلّا يداني الباطل فضلا عن أن يتخطى عنه ، وفيه مبالغة ليست في قوله : فلا تعتدوها ، وفي الحديث عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ألا وإنّ لكلّ ملك حمى وإنّ حمى الله محارمه (١) ومن رتع حول

__________________

(١) الحديث هكذا ، عن النعمان بن بشير يقول : سمعت رسول الله (ص) يقول :

الحلال بين والحرام بين وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات كراعى يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله في أرضه محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب.

والحديث أخرجه البخاري في كتاب الايمان ج ١ ص ١٣٥ فتح الباري وفي كتاب البيوع ج ٥ ص ١٩٤ ومسلم في المساقاة والمزارعة ج ١١ ص ٢٦ شرح النووي ، وأبو داود في البيوع ج ٣ ص ٣٣١ الرقم ٣٣٢٩ و ٣٣٣٠ والنسائي اليوع ج ٧ ص ٢٤١ والأشربة ج ٨ ص ٣٢٧ ـ

٣٥٤

الحمي أو شك أن يقع فيه. فالرتع حول الحمى ، وقربان حدّه واحد ، ويجوز أن يراد بحدود الله محارمه ومناهيه على الخصوص كقوله «(وَلا تُبَاشِرُوهُنَ) ، وهي حدود الله

__________________

ـ والترمذي البيوع ج ٣ ص ٥١١ الرقم ١٢٠٥ في الطبعة الأخيرة وابن ماجة في الفتن ص ١٣١٨ الرقم ٣٩٨٤ والدارمي البيوع ج ٢ ص ٢٤٥ ورواه في كتب الشيعة ابن الشيخ في الأمالي ص ٢٤٢ الجزء الثالث عشر وهو في جامع أحاديث الشيعة ص ٩١ من المقدمات الرقم ٦٤١ ورواه في مستدرك الوسائل ج ٣ ص ١٩٠ عن غوالي اللآلي ، وعن الشيخ ورام ورواه مرسلا في الكشاف وكنز العرفان ، والمجازات النبوية وغيرها ، وفي ألفاظ الحديث في المصادر التي سردناها يسير اختلاف يعرف بعد المراجعة ولم يقع الزيادة التي في أولها ألا وإن في الجسد مضغة في كثير من الروايات وتفرد بها في الصحيحين من طريق زكريا وادعى باض أن التمثيل بالحمى مدرج في الحديث ، وليس من كلام النبي (ص) حكاه أبو عمرو الداني وأيد في الفتح عدم الإدراج بثبوت المثل مرفوعا في رواية ابن عباس وعمار بن ياسر ثم المشبهات بوزن مفعلات بتشديد العين المفتوحة كما بعض الروايات.

بمعنى أنها شبهت بغيرها مما لم يتبين حكمها على التعيين ، والمشتبهات كما في بعض الروايات بوزن مفتعلات بتاء مفتوحة وعين خفيفة مكسورة بمعنى أنها موحدة اكتسب الشبهة من وجهين متعارضين ليست بواضحة الحل والحرمة ، والشبهات جمع شبهة ، واستبرأ لدينه وعرضه أى حصل له البراءة لدينه من الذم الشرعي وصان عرضه عن كلام الناس فيه.

ثم إن للسيد الأجل الشريف ـ قدس‌سره ـ بيان في شرح الحديث في كتاب المجازات النبوية ص ٨٠ يعجبنا نقله قال ـ قدس‌سره ـ : ومن ذلك قوله عليه‌السلام في كلام طويل : «وليس من ملك إلا وله حمى ألا وإن حمى الله محارمه فمن ارتع حول الحمى كان قمنا أن يرتع فيه» وهذا الكلام مجاز لانه عليه‌السلام شبه ما حظره الله سبحانه من محارمه بالحمى الذي يحميه ذو السلطان والملكة من مواقع السحاب ومنابت الأعشاب فلا ترعى فيه إلا إبله وينزل به الأحبة ، وما كان يفعل ذلك من العرب إلا الأعز فالاعز والابر فالابر حتى ضربت العرب المثل بحمى كليب ابن ربيعة وهو كليب وائل في أنه رجل حرام وممنوع لا يرام فقالوا : أعز من حمى كليب فجعل عليه‌السلام ما حظر الله سبحانه على العباد من المحارم كالحمى الذي يجب عليهم الا يطوروا به ولا يمروا بجوانبه ، ومن خالف الله منهم أرصد له العقاب وانتظر له النكال فما حرم سبحانه من الأشياء ـ

٣٥٥

ولا تقرب ، وعلى هذا فالنهي على الحقيقة لا المبالغة.

(كَذلِكَ) مثل ذلك التبيين.

__________________

ـ حمى لا ترعى ، وما أحل منها مرعى لا تحمى ، وقوله عليه‌السلام : فمن ارتع حول الحمى كان قمنا أن يرتع فيه يريد التحذير من الإلمام بشيء من صغائر الذنوب لئلا يكون ذلك مجريا على الوقوع في كبائرها والنهول في معاظمها وهذه من أحسن العبارات عن هذا المعنى ، وهذا الغرض نحاه عمر بن عبد العزيز بقوله : دع بينك وبين الحرام جزء من الحلال فإنك إن استوفيت الحلال كله تاقت نفسك إلى الحرام وانتهى كلامه رفع مقامه.

ثم إن الراوي في جميع المصادر التي سردناها سوى ما روى فيه مرسلا هو النعمان بن بشير. وادعى أبو عمرو الداني أنه لم يروه غيره قال في الفتح : إن أراد من وجه صحيح فمسلم والا فقد رويناه من حديث ابن عمر وعمار في الأوسط للطبراني ، ومن حديث ابن عباس في الكبير له ، ومن حديث واثلة في الترغيب للاصبهانى وفي أسانيدها مقال.

ثم النعمان بن بشير هو الصحابي ابن الصحابي والصحابيه أبو عبد الله النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة ابن جلاس بضم الجيم وتخفيف اللام وقال ابن مأكولا في ص ١٧٠ ج ٣ من الإكمال خلاس بفتح الخاء وتشديد اللام ابن زيد بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج ولد على رأس أربعة عشر شهرا من الهجرة على الأصح وهو أول مولود من الأنصار بعد الهجرة في قول روى له عن رسول الله (ص) مائة وأربعة عشر حديثا اتفق البخاري ومسلم منها بخمسة وانفرد البخاري بحديث ومسلم بأربعة.

واستعمل النعمان معاوية على حمص ثم على الكوفة واستعمله عليهما بعده يزيد بن معاوية قتل بالشام بقرية من قرى حمص في ذي الحجة سنة أربع وستين انظر تهذيب الأسماء واللغات للنووي ج ٢ ص ١٢٩ الرقم ١٩٤ والإصابة ج ٣ ص ٥٢٩ الرقم ٨٧٠ والاستيعاب بذيل الإصابة ج ٣ ص ٥٢٢ واسد الغابة ج ٥ ص ٢٢ وفيه أيضا نقل الحديث عنه ورسالة الحر العاملي في تحقيق الصحابة ص ١١٣ الرقم ٤١٧ وكتاب الجمع بين رجال الصحيحين ج ٢ ص ٥٣١ الرقم ٢٠٦٩ واستدلوا بالحديث على صحة تحمل الصبي المميز للحديث فان النعمان كما قد عرفت كان عند وفاة النبي (ص) ابن ثمان سنين ، ونقل عن الواقدي أن النعمان لا يصح سماعه عن النبي. (ص) انظر بحث صحة تحمل الصبي للحديث في شرح بداية الدراية للشهيد الثاني ـ قدس‌سره ـ ط إيران ١٣٠٩ ص ١٠٣ ومقباس الهداية للمامقانى ص ١٦٠ وتوضيح الأفكار بتعليقات محمد محي الدين عبد الحميد ج ٢ من ص ٢٨٦ إلى ٢٩٤ وحاشية لقسط الدرر يشرح متن نخبة ـ

٣٥٦

(يُبَيِّنُ اللهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) مخالفة الأوامر والنواهي قال في مجمع البيان (١) : وفي هذا دلالة على أنّ الله سبحانه وتعالى أراد التقوى من جميع الناس وهو جيّد.

إلى هنا تمّ الجزء الأوّل من مسالك الأفهام حسب تجزئتنا ، ويتلوه الجزء الثاني إن شاء الله تعالى ، وأوّله كتاب الزكاة ، ونسأل الله أن يوفّقنا لإتمامه.

__________________

ـ الفكر للعدوى الشاذلى من ص ١٧٣ إلى ١٧٥ ونزهة النظر لابن حجر ص ١٢٦ والكفاية للخطيب البغدادي ص ٥٤ والباعث الحثيث لابن كثير ص ٥٦ وعلوم الحديث للدكتور صبحي الصالح ص ١٢٧ وتدريب الراوي للسيوطي من ص ٢٣٦ إلى ٢٣٩ ثم انهم انشدوا في شأن هذا الحديث وعدوها رابع أربعة :

عمدة الدين عندنا كلمات

مسندات من قول خير البرية

اترك المشبهات وازهد ودع ما

ليس يعنيك واعملن بنية

(١) انظر المجمع ج ١ ص ٢٨١.

٣٥٧

فهرس ما في هذا الجزء من المطالب

الصفحة

العنوان

الصفحة

العنوان

مراجع الكتاب

٥٧

معنى الكعبين

ترجمة المؤلّف

٦١

غسل الجنابة وبيان أسبابه

كلمة المحشى

٦٣

التيمّم وذكر الأعذار المجوّزة له

١

مقدّمة المؤلّف

٦٦

ما يتمّم عليه

٥

عدم جواز تفسير القرآن إلاّ بالأثر الصحيح

٦٧

كيفيّة التيمّم

٦

المنع عن التفسير بالرأي

٧٥

أحكام الجنب

١٢

أقسام معاني القرآن

٧٧

ما يحرم على الجنب

١٤

من حمدت طريقته في التفسير

٨١

وجوب النيّة في كلّ عبادة

٢٢

من ذمّت مذهبه من المفسّرين

٨٣

عدم جواز مسّ القرآن للمحدث

٢٨

أقسام علم التفسير

٨٧

أحكام المياه

٣٥

كتاب الطهارة

٩١

أحكام الحيض

٣٦

وجوب الوضوء على كل قائم إلى الصلاة

٩٣

حرمة وطىء الحائض

٣٨

أفعال الوضوء بيان حدّ الوجه

١٠٠

نجاسة المشرك

٤٠

مقدار ما وجب غسله من الوجه

١٠٤

نجاسة كلّ مسكر

٤٢

غسل الأيدي وكيفيّة الغسل

١٠٨

كيفيّة إزالة النجاسات

٤٣

معنى المسح وكيفيّة مسح الرأس

١١٥

معنى السنن الحنيفية

٤٥

وجوب كون المسح ببقيّة البلل

١١٧

ما يشترط في الإمام، ومنه العصمة

٤٨

مسح الرجلين

١١٨

اشتراط العدالة في القاضي والشاهد وإمام الجماعة

٣٥٨

١٢٠

كتاب الصلوة

٢٢١

الترتيل في القرائة

١٢١

أعداد الصلوة

٢٢٥

استحباب إكثار قرائة القرآن فی اللیل

١٢٣

الأقوال في صلوة الوسطى

٢٢٧

حکم السلام على المصلّى وكيفيّة جوابه

١٣٣

اشتراط الخضوع والخشوع في الصلوة

٢٣٥

اشتراط الخلوص في النيّة

١٤١

دلائل الصلوات الخمس وأوقاتها

٢٣٩

تحقيقات رائقة في حول آیة «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ» والاشارة إلى معنى الوليّ. الاستفادة منها أنّ فعل القليل لا يضرّ بالصلاة

١٥٨

في القبلة وأحكامها

٢٤٦

حكم صلاة الفائتة والإشارة إلى وقتها

١٦٢

معنى الجهة

٢٤٧

ترتّب الفائتة على الحاضرة

١٧٢

في الستر والساتر

٢٤٩

جواز قضاء فائتة الليل بالنهار وبالعكس

١٧٩

ما يشترط في لباس المصلّي

٢٥١

 حكم تارك الصلاة

١٨٩

مكان المصلّي أحكام المساجد

٢٥٣

ما يتوقّف عليه صحّة العبادة : منها معرفةى الصانع والاقرار به

١٩٥

مقارنات الصلوة : القيام والتكبير والقرائة

٢٥٩

صلاة الجمعة وأحكامها وشرائطها

١٩٦

أحكام الركوع والسجود

٢٤٩

صلاة الميّت وبيان كيفيّتها والإشارة إلى اختلاف العامّة

٢٠١

الجهر والإخفات وتحديدهما ، وبيان مواردهما

٢٧٢

صلاة المسافر

٢٠٣

كيفيّة الصلوة على النبيّ، وبيان أحكامها في الصلاة

٢٧٥

المسافة الّتي توجب القصر

٢١١

مندوبات الصلاة : منها رفع اليدين في التكبير

٢١٤

الاستعانة، وكيفيّتها وأحكامها

٢١٨

صلاة الليل، وبيان وجوبها على النبيّ

٣٥٩

٢٧٧

صلوة الخوف وكيفيّتها

في شهر رمضان

٢٨٣

حكم المضطرّ عن القيام أو القعود

٣٣٥

كراهة السفر في شهر الرمضان

٢٨٧

التعقيب وكيفيّته

٣٣٧

الدعاء وكيفيّة اجابته

٢٨٩

صلاة الجماعة

٣٤١

حلّية الجماع في الليل في الرمضان

٢٩٩

أحكام الجماعة

٣٤٤

وقت الإمساك والإفطار

٣٠٣

سجدة التلاوة، وبيان سور العزائم

٣٤٧

حكم صوم الوصال

٣٠٧

كيفيّة سجدة التلاوة

٣٤٨

التحقيق فيما يتحقّق به الغروب

٣٠٩

كتاب الصوم

٣٤٩

الاعتكاف وما يشترط فيه وأحكامه

٣١٣

حكم المريض والمسافر

٣٥٨

فهرس المطالب

٣٢١

حكم الشيخ وذى العطاش

٣٦١

المستدركات

٣٣١

كيفيّة نزول القرآن وسائر الكتب

٣٦٧

جدول الخطاء والصواب

٣٦٠