مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام - ج ١

جواد الكاظمي

مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام - ج ١

المؤلف:

جواد الكاظمي


المحقق: محمّد الباقر البهبودي
الموضوع : الفقه
الناشر: المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٦٦

عدم جواز الصلاة في شيء منها لتظافر الأخبار به وخالف العامّة فجوّزوا (١) الصلاة في جلدها مطلقا عند جماعة ومع الدبغ عند آخرين لإزالة الزهومة الّتي في الجلد ظنّا منهم أنّها تصير نجسة بالموت فيؤمر بالدبغ لإزالتها كما يدلّ عليه قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أيما إهاب دبغ فقد طهر (٢) بعد السؤال عن جلد الميتة ، وهو ضعيف ، وتمام ما يتعلّق بذلك يعلم من محلّه ، وكذا ما يتعلّق بأحكام الدم أمّا إطلاق الدم هنا وتقييده بالمسفوح في آية أخرى فسيجيء الكلام فيه. فتأمّل.

الرابعة : (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ). (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) (٣).

(وَالْأَنْعامَ) جمع نعم ، وهي الإبل والبقر والغنم سمّيت بذلك لنعم وطؤها ولا يقال : لذوات الحافر الأنعام لصلب مشيها ، وانتصابها بفعل مقدّر يفسّره :

(خَلَقَها لَكُمْ) ويحتمل انتصابه بالعطف على الإنسان في الآية السابقة ويكون خلقها لكم بيان ما خلق لأجله ، وما ذكره بعده تفصيل له وتعداد لبيان وجوه الانتفاع.

(فِيها دِفْءٌ) وهو ما يدفأ به من الأكسية والملابس المتّخذة من أوبارها وأصوافها وإشعارها.

__________________

(١) انظر الأقوال مفصلا في تعاليقنا على كنز العرفان من ص ٩٧ إلى ١٠١ ج ١.

(٢) انظر المنتقى بشرح نيل الأوطار ج ١ ص ٧٥ أخرجه عن أحمد ومسلم وابن ماجة والترمذي ، وانظر أيضا سنن البيهقي ج ١ ص ١٦.

(٣) النحل ٥ و ٨٠ و ٨١.

١٨١

(وَمَنافِعُ) جمع منفعة وهي ما يحصل من ألبانها وركوب ظهورها والحرث عليها وغيرها من الانتفاعات المذكورة في هذه الآية ، وفيها دلالة على إباحة أخذ اللباس من صوفها وشعرها ووبرها ، وجواز الصلاة فيه بل جميع أنواع الانتفاعات لأنّ الكلام وقع في معرض الامتنان فاقتضى ذلك عموم الانتفاع إلّا ما أخرجه الدليل من عدم جواز السجود عليها ، ولا خلاف في ذلك بين علمائنا ، والأخبار متظافرة به ثمّ عدّ في موضع آخر من هذه السورة نعما. أخر فقال :

(وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ) أى لانتفاعكم (مِنْ بُيُوتِكُمْ) المأخوذة من الحجر والمدر وغيرهما.

(سَكَناً) أي موضعا تسكنون فيه حال اقامتكم أو تسكن فيه نفوسكم وتطمئنّ إليه.

(وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً) هي القباب المتّخذة من الأدم قال البيضاوي ويجوز أن يتناول المتّخذ من الوبر والصوف والشعر فإنّها من حيث أنّها ثابتة على جلودها يصدق عليها أنّها مأخوذة من جلودها.

(تَسْتَخِفُّونَها) تتّخذونها خفيفة عليكم حملها ونقلها في أسفاركم.

(يَوْمَ ظَعْنِكُمْ) وقت ارتحالكم من مكان إلى آخر ، والظعن بفتح العين وسكونها سير أهل البادية لنجعة ثمّ استعمل في كلّ شخوص لسفر.

(وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ) أي الوقت الّذي تنزلون موضعا تقيمون فيه فلا يثقل عليكم في الحالين.

(وَمِنْ أَصْوافِها) وهي الضأن.

(وَأَشْعارِها) وهي المعز.

(وَأَوْبارِها) وهي الإبل ، والإضافة إلى الأنعام لأنّها من جملتها.

(أَثاثاً) ما يلبس ويفرش من متاع البيت من قولهم : شعر أثيث : أى كثير ، وأثّ البيت يأثّ أثاثا إذا كثر والتفّ ، ولا واحد له كالمتاع.

(مَتاعاً) أي سلعة ينتفعون بها في التجارة.

١٨٢

(إِلى حِينٍ) أي مدّة من الزمان فإنّها لصلابتها تبقى مدّة مديدة أو إلى أن تقضوا أوطاركم منها أو إلى وقت الموت وفي الكشّاف إلى يوم القيامة ، والآية وإن كانت مطلقة في اتّخاذ الجلود سواء كانت مذكاة أم لا إلّا أنّها مقيّدة بالمذكاة عندنا لإجماعنا على تحريم استعمال جلد الميتة نعم الأصواف والأشعار والأوبار باقية على إطلاقها لعدم تنجّسها بالموت فإنّها ممّا لا تحلّه الحياة ، وهذه الآية كسابقتها في الدلالة على إباحة أخذ اللباس من أشعار الأنعام وأصوافها وأوبارها ، وجواز الصلاة فيه على ما تقدّم. ثمّ إنّه تعالى عدّ نعما أخر. فقال :

(وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ) من الأشجار والأبنية وغيرها.

(ظِلالاً) أشياء تستظلّون بها في حالتي الحرّ والبرد.

(وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً) جمع كنّ وهو الموضع الّذي يسكن فيه كالبيوت المنحوتة والكهوف والغيران.

(وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ) ثيابا من الصوف والكتّان والقطن وغيرها جمع سربال.

(تَقِيكُمُ الْحَرَّ) أي تمنع من وصول أذى الحرّ إليكم ، وخصّه بالذكر مع أنّ وقايتها البرد أكثر اكتفاء بأحد الضدّين فإنّ ما يقيه يقيه واختاره على البرد لأنّ المخاطبين أهل البلاد الحارّة فحاجتهم إلى ما يقي الحرّ أشدّ أو لأنّ الحرّ يقتل دون البرد على ما قيل أو لأنّ البرد يمكن دفعه بحرّ النار والدخول في البيوت ولا كذا الحرّ. وفيه تأمّل قال الزجاج : كلّما لبسته فهو سربال فعلى هذا يشتمل الرقيق والكثيف والساذج والمحشو من الثياب.

(وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ) أي حروبكم وشدّة الطعن والضرب الحاصلين بها وهي الدروع والجواشن ، وفي الآية دلالة على إباحة هذه الأمور ، وجواز الصلاة فيها على الوجه المتقدّم.

(كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ) أى كما أنعم عليكم بهذه النعم ينعم عليكم بجميع ما تحتاجون إليه ، وهو المراد بإتمام نعمته في الدنيا.

١٨٣

(لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) أى لكي تنظروا في نعمته فتنقادون إلى حكمه وأمره ، وقرء بفتح التاء من السلامة : أي تشكرون فتسلمون من العذاب أو تنظرون فيها فتسلمون من الشرك ، وقيل : تسلمون من الجراح بلبس الدروع.

الخامسة : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ) (١).

(وَمَنْ أَظْلَمُ) موضع من الرفع على الابتداء وأظلم خبره ، والاستفهام انكاريّ أي لا أحد أشدّ وأعظم ظلما.

(مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ) وهو أحد مفعولي منع ، وقوله :

(أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) مفعوله الثاني ، ويحتمل أن يكون هذا بدل اشتمال من مساجد الله : أي منع أن يذكر في مساجد الله اسمه ، وأن يكون مفعولا له : أي كراهة أن يذكر فيها اسمه أو يكون على حذف من : أى من أن يذكر وأوصل بالفعل ، وهذا كلام واضح لا غبار عليه ذكره في الكشّاف وفي التبيان فلا يلتفت إلى قول بعضهم : إنّ منع يتوقّف تعقله على متعلّقين ، ولا يمكن أن يقدّر غير الذكر فيها لأنّه هو الممنوع على أنّ الممنوع هم الناس أو المتردّدون.

فإن قيل : على كونه مفعولا له يرد أنّه حينئذ يفيد تحريم المنع المقيّد لا المطلق فيفهم جواز غير ذلك ولو في الجملة.

قلنا : إنّما يفيد أنّه لا أشدّ منه في الظلم ولو مبالغة في الإفراط. فغاية ما يفهم منه أنّ المنع لا كذلك ليس بالغا هذا الحدّ أمّا الجواز فلا ، والآية على ما ترى عامّة في تحريم المنع من ذكر الله في المساجد أىّ مسجد كان ، وبأيّ ذكر كان على العموم ، وإن كان سبب النزول خاصّا فإنّه إمّا الروم لمّا خربوا بيت المقدس وطرحوا الأذى فيه ومنعوا من دخوله حتّى كان أيّام عمر فأظهر الله المسلمين عليهم وصاروا لا يدخلونه إلّا خائفين أو المشركون حيث منعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يدخل المسجد

__________________

(١) البقرة ١١٤.

١٨٤

الحرام عام الحديبيّة. فإنّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما تقول لمن أذى صالحا واحدا : من أظلم ممّن أذى الصالحين ، ومثله (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) (١) والمنزول فيه الأخنس بن شريق وهو في القرآن كثير ، ولو قلنا : إنّ المراد جميع المساجد نظرا إلى عموم اللفظ أيضا فلا إشكال في العموم.

وكذا لو قيل : إنّ المراد بها جميع الأرض لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا. وقد اعترف البيضاوي والكشّاف بعموم التحريم.

(وَسَعى فِي خَرابِها) إمّا بالهدم أو بتعطيل الذكر ويمكن حمله على ماله دخل في خرابها ويرجع فيه إلى العرف. فكلّ ما يعدّ تخريبا فهو حرام كهدم جدرانها وأخذ فرشها واشغالها بما ينافي العبادة وغير ذلك. فيكون فيها دلالة على تحريم جميع ذلك كما قاله الفقهاء.

ويحتمل أن يكون إيرادا لما تقدّم بعنوان آخر موضحا لقبحه وبيانا لشدّته ومبالغة في التفضيح والتشنيع فيفيد أنّ المنع من الذكر سعى في خرابها ، وقد يشعر بأنّ في الذكر تعميرا ، وفي المنع تخريبا بل لأنّ المنع تخريب والذكر تعمير.

قيل : إنّ قوله (وَمَنْ أَظْلَمُ) الّذي هو في قوّة ليس أحد أظلم ليس على عمومه لأنّ الشرك أعظم من هذا لقوله (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (٢) وكذا الزنا وقتل النفس.

وأجيب بأنّ الظلم وضع الشيء في غير موضعه ، وإذا كان المسجد موضوعا لذكر الله فيه فالمانع من ذلك وضع الشيء في غير موضعه فيكون ظالما ، وأمّا أنّه لا أظلم منه فلأنّه إن كان مشركا فقد جمع مع الشرك هذه الخصلة الشنعاء فهو أظلم من الشرك وحدة ، وإن كان يدّعي الإسلام ففعله مناقض لدعواه لأنّ من اعتقد أنّ له معبودا

__________________

(١) الهمزة ١.

(٢) لقمان ١٣.

١٨٥

عرف وجوب عبادته له شرعا أو عقلا ، والعبادة تستدعي مكانا لها لا محالة فتخريب المعبد ينبئ من إنكار العبادة ، وإنكارها يستلزم إنكار المعبود فهذا الشخص لا يكون مسلما ، وإنّما هو منخرط في سلك أهل النفاق ، والمنافق أسوء حالا من الكافر الأصليّ بالاتّفاق فظهر من ذلك أنّه لا أحد أظلم من المانع.

(أُولئِكَ) أي المانعون.

(ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ) أي ما كان ينبغي لهم أن يدخلوها إلّا بخشية وخشوع فضلا عن يجترؤوا على تخريبها أو ما كان لهم أن يدخلوها إلّا خائفين من المؤمنين أن يبطشوا بهم فضلا عن أن يمنعوهم عنها ، وما كان لهم في علم الله وقضائه أن يدخلوها إلّا خائفين فيكون وعدا للمؤمنين بالنصرة عليهم واستخلاص المساجد منهم وقد أنجز ما وعده.

وقيل : إنّ المراد أنّه ليس لهؤلاء المشركين دخول المسجد الحرام ولا دخول غيره من المساجد.

فإن دخل منهم داخل إلى بعض المساجد كان على المسلمين إخراجه منه إلّا أن يدخل إلى بعض الحكّام بخصومة بينه وبين غيره فيكون في دخوله خائفا من الإخراج على وجه الطرد بعد انفصال خصومته ولا يقعد فيه مطمئنّا كما يقعد المسلم.

قال الشيخ في التبيان : وهذا يليق بمذهبنا. ثمّ قال : ويمكن الاستدلال به على أنّ الكفّار لا يجوز أن يمكّنوا من دخول المساجد على كلّ حال فأمّا المسجد الحرام خاصّة فإنّ المشركين يمنعون من دخوله ولا يتركون ليدخلوه لخصومة ولا لغيرها لأنّ الله تعالى قد أمر بمنعهم من دخوله. انتهى كلامه.

وحاصله أنّ الفرق بين المسجد الحرام وبين غيره في الدخول لضرورة حيث يجوز معها في غيره دونه للتنصيص على المنع من دخوله على الإطلاق في قوله (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) الآية ، وإلى هذا يذهب مالك من العامّة ، وخصّ الشافعي المنع بالمسجد الحرام دون غيره من المساجد لجلالة قدره ومزيد شرفه وللتصريح بذلك في قوله (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) وجوّز أبو حنيفة دخول المساجد

١٨٦

مطلقا لما روي أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله قدم عليه وفد من ثقيفة فأنزلهم المسجد ، وردّ بأنّه في أوّل الإسلام. ثمّ نسخ بالآية.

(لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) قيل : المراد به إعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون ، وقيل : القتل وسبى الذراريّ والنساء إن كانوا حربا وإعطاء الجزية إن كانوا ذمّة ، وقيل : طردهم.

(وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) بسبب كفرهم وظلمهم ، وقد ذكر بعض أصحابنا في الآية أحكاما : مثل وجوب اتّخاذ المساجد كفاية ، ووجوب عمارة ما استهدم منها ، ووجوب شغلها بالذكر ، واستحباب كلّ واجب كفاية على الأعيان ، ولم يعرف شيء من هذه الأحكام في الآية فضلا عن دلالة الآية عليها ، وهو أعلم بما قال.

السادسة : (ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (١).

(ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ) ما كانوا أهل ذلك ولا جاز لهم أو ما صحّ ولا استقام لهم ، والمراد أن ليس لهم عمارة شيء من مساجد الله مطلقا فضلا عن المسجد الحرام الّذي هو صدرها ومقدّمها ، وقيل : هو المراد بخصوصه لقراءة ابن كثير وأبي عمرو ويعقوب مسجد الله (٢) ، ولعلّه أجمع لكونه قبلة المساجد أو لأنّ كلّ بقعة منه مسجد.

__________________

(١) التوبة ١٧ و ١٨.

(٢) وإليه يشير الشاطبي في منظومته المعروفة الموسومة بحرز الأماني في سورة التوبة.

ويكسر لا ايمان عند ابن عامر

ووحد (حق) مسجد الله الأولا

وحق رمز الشاطبي لابن كثير وأبى عمرو انظر سراج القاري لابن القاصح ص ٢٢٤ ـ

١٨٧

(شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ) بإظهار كفرهم فإنّه نصبوا أصنامهم حول البيت وطافوا حوله عراة وسجدوا لها كلّما طافوا شوطا ، وعن الحسن لم يقولوا نحن كفّار ولكن كلامهم بالكفر شاهدين عليهم ، وقيل : هي اعترافهم على ملل الكفّار كنصرانى بأنّه نصراني روي أنّه لمّا أسر العبّاس يوم بدر ويوبخه عليّ عليه‌السلام (١) بقتال رسول الله وقطيعة الرحم. فقال : تذكرون مساوينا وتكتمون محاسننا فقال : أولكم محاسن؟ قالوا نعم : إنّا نعمر المسجد الحرام ونحجب الكعبة ونسقي الحجيج فنزلت :

(أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) أي وقعت باطلة كما هو ظاهر البيضاوي ، وفيها دلالة على بطلان أعمال الكفّار وعدم صحّة شيء منها ومنعهم العمارة لو أرادوها. فتأمّل.

(إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ) نفي تعالى بالآية السابقة صلاحيّة المشركين لعمارة المساجد فإن في ذلك جمعا بين أمرين متنافيين وحصر في هذه الآية عمارة المساجد فيمن اجتمعت فيهم الأوصاف المذكورة كما دلّ عليه قوله :

(مَنْ آمَنَ بِاللهِ) أى بوحدانيّته.

__________________

ـ ويعقوب ليس من السبعة ، وقد قرء من غير السبعة بالافراد على ما حكاه المفسرون ابن عباس وسعيد بن جبير وعطا بن أبى رياح ومجاهد وابن محيصن وسهل ، وقرء الباقون بالجمع ، واختاره أبو عبيدة قال النحاس : لأنه أعم ، والخاص يدخل تحت العام ، وقد يحتمل أن يراد بالجمع المسجد الحرام خاصة. وهذا جائز فيما كان من أسماء الأجناس كما يقال : فلان يركب الخيل وإن لم يركب إلا فرسا قال : وقد أجمعوا على الجمع في قوله إنما يعمر مساجد الله.

قلت : قد حكى الزمخشري قراءة التوحيد فيه أيضا انظر الكشاف ج ٢ ص ٣١ وأما رسم الكلمة فقال محمد غوت النائطى الاركاتى في كتابه نثر المرجان ج ٢ ص ٥٣٦ ورسم بدون الالف بعد السين بالاتفاق كما نص عليه الداني مرتين : مرة في رواية قالون عن نافع في هذه السورة ، ومرة فيما أجمعوا على حذف ألفه عموما لانه على وزن مفاعل ووافقه على الشاطبي وغيره : انتهى ، ونقل في مساجد الثانية أيضا الاتفاق على حذف الالف بعد السين في الرسم عن الداني لانه منتهى الجموع على زنة مفاعل.

(١) انظر المجمع ج ٣ ص ١٥ نقله عن تفسير أبي حمزة.

١٨٨

(وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) يعنى يوم القيمة لأنّ الإنسان ما لم يعرف المبدء والمعاد لا يصحّ منه التوجّه إليه وإنّما طوى في ذكر الرسول تنبيها على أنّه واسطة والتوجّه الحقيقيّ من الله وإلى الله وقيل : دلّ عليه بقوله :

(وَأَقامَ الصَّلاةَ) بحدودها الواجبة.

(وَآتَى الزَّكاةَ) الواجبة : أي أعطاها مستحقّها إن وجبت عليه لأنّهما إنّما علما من أفعاله وأقواله. ثمّ إنّ إقامة الصلاة لا ريب في أنّها عمارة المسجد والحضور فيه ، وأمّا إيتاء الزكاة فإنّما كان سببا للعمارة لأنّه يحضر المسجد طوائف الفقراء والمساكين لأخذ الزكاة ولأنّ إيتاء الزكاة واجب وبناء المسجد وإصلاحه نفل والإنسان ما لم يتفرّغ عن الواجب لم يشتغل بالنافلة فلو لم يكن مؤدّيا للزكاة فالظاهر أنّه لم يشتغل بعمارة المساجد.

(وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ) أي في أبواب الدين لا مطلقا. إذ الخشية من المحاذير جبلة لا يكاد الرجل يتمالك عنها واعتبر ذلك ليعلم أنّه لو أتى المسجد أو بناه رياء وسمعة لم يكن عامرا له ، ولا يخفى أنّ هذه الأوصاف جامعة للكمالات العلميّة والعمليّة وذكر الصلاة والزكاة دون غيرهما بعد ذكر الإيمان بالله دلالة ظاهرة على أنّ الإيمان لا يتناول أفعال الجوارح. إذ لو تناولها لما جاز عطف ما دخل فيه عليه ، ومن قال : إنّ المراد التفصيل وزيادة البيان فقد ترك الظاهر.

(فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) أي إذا فعلوا ذلك هم من المهتدين إلى الجنّة ونيل ثوابها لأنّ عسى من الله واجبة ليست على طريق الشكّ وهو قول ابن عبّاس والحسن.

وقيل : إنّما قال عسى ليكونوا على حذر ممّا يحبط أعمالهم ولا يغترّوا بها : أي يستمرّون على أفعالهم الصالحة ويحذرون من المعاصي.

وقيل : هذا الكلام حسم لاطماع الكفّار في الانتفاع بأعمالهم فإنّ الموصوفين بالصفات المذكورة إذا كان اهتداءهم المتعقّب لصلاح حالهم في الدارين دائر بين عسى ولعلّ فما ظنّك باهتداء المشركين ، وفي الآية حثّ عظيم وترغيب وافر علي تعمير

١٨٩

المساجد ، وأنّ من يعمرها له شأن كبير عند الله ، وفي تصدير الكلام بإنّما تنبيه على أنّ من لم يكن موصوفا بالصفات المذكورة لم يكن من أهل عمارة المسجد.

وقد اختلف في المراد بعمارتها. فقيل : إنّما المراد بها ترميمها بإصلاح ما استهدم منها وكنسها وفرشها والإسراج فيها ونحو ذلك من الأمور المطلوبة في ذلك ، ويؤيّد ذلك ما روي عنهم عليهم‌السلام من كنس مسجدا يوم الخميس وليلة الجمعة فأخرج منه من التراب مقدار ما يذرّ في العين غفر الله له (١).

وما روي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله من أسرج في مسجد من مساجد الله سراجا لم تزل الملائكة وحملة العرش يستغفرون له ما دام في المسجد ضوء من ذلك السراج (٢) ، ونحوهما من الأخبار.

وقيل : إنّ المراد بها شغلها بالعبادة والذكر وتلاوة القرآن ودرس العلم وصيانتها عمّا لم يبن له كأعمال أهل الدنيا واللعب وعمل الصنائع بل الحديث مطلقا غير ذكر الله ونحوه. فقد قيل : إنّ الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب (٣).

وعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : يأتي في آخر الزمان ناس من أمّتي يأتون المساجد فيقعدون فيها حلقا ذكرهم الدنيا وحبّ الدنيا فلا تجالسوهم فليس لله فيهم حاجة (٤) ، وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال الله تعالى : إنّ بيوتي في أرضى المساجد وإنّ زوّاري فيها عمارها فطوبى

__________________

(١) انظر الوسائل الباب ٣٢ من أبواب أحكام المساجد ص ٣٠٨ ج ١ ط أمير بهادر

(٢) انظر الوسائل الباب ٣٤ من أبواب أحكام المساجد ص ٣٠٩ ط أمير بهادر والمقنع ط الإسلامية ص ٢٧.

(٣) وروى في المستدرك ج ١ ص ٢٢٨ عن جامع الاخبار لحديث البغي في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش.

(٤) انظر الوسائل الباب ١٤ من أحكام المساجد الحديث ٤ ص ٣٠٥ ط أمير بهادر رواه عن ورام بن أبي فراس ، ورواه في المستدرك ج ١ ص ٢٢٨ عن جامع الاخبار.

١٩٠

لعبد تطهر في بيته ثمّ زارني في بيتي فحقّ على المزور أن يكرم زائره (١) ، ويمكن أن يراد بالعمارة كلا المعنيين لصلاحيّة اللفظ له وعدم المانع.

السابعة : (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) (٢).

(قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ) بالعدل وهو الوسط من كلّ أمر المتجافي عن طرفي الإفراط والتفريط وبما ظهر في العقول كونه حسنا.

وقد يستدلّ به على أنّ الله تعالى لا يأمر بالقبح ولا بالمكروه وخلاف الأولى وأنّ الفعل في نفسه قبيح من غير أمر الشارع ونحوه قوله تعالى (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) الآية فقول الأشاعرة : إنّ الحسن مجرّد قول الشارع : افعل ، والقبح مجرد قوله : لا تفعل واضح البطلان ، وعن ابن عبّاس هو قول : لا إله إلّا الله ، ويندرج فيه معرفة الله تعالى بذاته وأفعاله وأحكامه.

(وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ) ليس من عطف الطلب على الخبر ، وإنّما التقدير : قل وأقيموا وجوهكم عند كلّ مسجد : أي توجّهوا إلى عبادة الله مستقيمين غير عادلين إلى غيرها أو أقيموا وجوهكم نحو القبلة الّتي أمر الله بالتوجّه إليها.

(عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) أي في كلّ وقت سجود أو مكانه تعبيرا عن اسم الشيء باسم مكانه أو زمانه ، ويمكن أن يراد به المسجد حقيقة ، والمراد إذا أدركتم الصلاة في مسجد فصلّوا ولا يقول أحدكم : إنّي لا أصلّي إلّا في مسجد قومي ، ويمكن أن يكون المراد اقصدوا المسجد في وقت كلّ صلاة أمر بالجماعة على الندب عند الأكثر وعلى الحتم عند الأقلّ أو المراد اخلصوا وجوهكم لله تعالى في الطاعة ، ولا تشركوا به وتناول غيره ، و

__________________

(١) انظر الوسائل الباب ٣ من أبواب أحكام المساجد الحديث ٥ والمقنع ص ٢٧ ط الإسلامية ، وفي لفظهما اختلاف يسير مع ما حكاه المصنف.

(٢) الأعراف ٢٩.

١٩١

مع هذه الاحتمالات فالاستدلال بها على استحباب صلاة التحية بعيد.

(وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) أى اعبدوه على وجه الإخلاص في الطاعة ، والمراد الأمر بالدعاء والتضرّع إليه سبحانه على وجه الإخلاص : أي ارغبوا إليه في الدعاء بقدر إخلاصكم له الدين : أي الطاعة.

الثامنة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) (١).

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) أي لا توالوا أعداء الله فإنّ الإيمان يقتضي معاداتهم والحذر من موالاتهم ، وفي ترتّب الحكم على الوصف إيماء إلى أنّ من هذا شأنه بعيد عن الموالاة جدير بالمعاداة.

وقيل : فيه اشعار بعدم جواز موالاة الفسّاق ومعاشرتهم على وجه يشعر بالصداقة فتأمّل.

(وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) عطف على ما تقدّمه : أي لا تتّخذوا الّذين إذا ناديتم إلى الصلاة.

(اتَّخَذُوها) أي الصلاة أو مناداتها.

(هُزُواً وَلَعِباً) الظاهر من المفسّرين أنّ المراد من النداء هنا هو الأذان في الصلاة ، وقد اختلف في سببه فعند العامّة (٢) أنّ أبا محذورة رأى في المنام أنّ شخصا

__________________

(١) المائدة ٥٧ و ٥٨.

(٢) هكذا نقله في كنز العرفان ج ١ ص ١١٢ وقد نبهنا في تعاليقنا عليه أن الذي ينسبون إليه الرؤيا هو عبد الله بن زيد فراجع.

١٩٢

على حائط المسجد يورد هذه الألفاظ المشهورة فانتبه فقصّ الرؤيا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : إنّه وحي أنده على بلال فإنّه أندى منك صوتا ، وعند أصحابنا أنّه وحي من الله على لسان جبرئيل عليه‌السلام (١) روى منصور بن حازم عن الصادق عليه‌السلام قال : لمّا هبط جبرئيل عليه‌السلام بالأذان على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كان رأسه في حجر عليّ عليه‌السلام فأذّن جبرئيل وأقام فلمّا انتبه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال يا عليّ هل سمعت؟ قال : نعم قال : حفظت؟ قال : نعم قال : ادع بلالا فعلّمه فدعا عليّ بلالا فعلّمه (٢) ، وفي رواية أخرى عن الفضيل بن يسار عن الباقر عليه‌السلام. قال : لمّا اسرى برسول الله فبلغ البيت المعمور وحضرت الصلاة فأذّن جبرئيل وأقام فتقدّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وصفّ الملائكة والنبيّون خلف رسول الله ثمّ ذكر الأذان المشهور (٣) فيكون الأذان صادرا من جبرئيل مرّتين. واستدلّ به

__________________

(١) في الذكرى : قال ابن عقيل ، أجمعت الشيعة عن الصادق أنه لعن قوما زعموا أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أخذ الأذان من عبد الله بن زيد فقال : ينزل الوحي على نبيكم فتزعمون أنه أخذ الأذان من عبد الله بن زيد. وفي دعائم الإسلام ص ١٤٢ ط القاهرة دار المعارف : أنه سئل الحسين عليه‌السلام عن قول الناس في الأذان إن السبب كان فيه رؤيا عبد الله بن زيد فأخبر بها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأمر بالأذان فقال الحسين (ع) : الوحي ينزل على نبيكم وتزعمون أنه أخذ الأذان عن عبد الله بن زيد والأذان وجه دينكم وغضب ثم قال : بل سمعت أبى على بن أبى طالب ـ رضوان الله عليه وصلواته ـ يقول : أهبط الله ـ عزوجل ـ ملكا حتى عرج برسول الله (ص) وذكر حديث الاسراء بطوله اختصرناه نحن هيهنا قال فيه ، وبعث الله ملكا لم ير في السماء قبل ذلك الوقت ولا بعده فاذن مثنى وأقام مثنى وذكر كيفية الأذان ، وقال جبرئيل للنبي (ص) يا محمد هكذا أذن للصلاة ، ورواه في جامع أحاديث الشيعة ج ٢ ص ٢٠٤ بالرقم ١٩١٤ وفي المستدرك ج ١ ص ٢٤٨.

(٢) رواه في الكافي باب بدء الأذان الحديث ٢ وفي التهذيب ج ٢ ص ٢٧٧ الرقم ١٠٩٩ والفقيه ج ١ ص ١٨٣ الرقم ٢٠٣ وهو في الجامع ص ٢٠٢ ج ٢ بالرقم ١٩١١ وفي المرآة ج ٣ ص ١٢٠ ووصفه المجلسي ـ قدس‌سره ـ بالحسن ، ولعله لكون إبراهيم بن هاشم في طريقه وقد عرفت صحة أحاديثه عند شرح حديث حماد ص ١٢٨.

(٣) رواه في التهذيب ج ٢ ص ٦٠ الرقم ٢١٠ والاستبصار ج ١ ص ٣٠٥ بالرقم ١١٣٤ وروى شطرا منه في الكافي باب بدء الأذان الحديث ١ وهو في الجامع ص ٢١٩ الرقم ٢٠٦٣ ـ

١٩٣

البيضاوي على أنّ الأذان مشروع للصلاة ، وفي كلامه إجمال فإنّه إن أراد مشروعيّته في الصلاة بهذه الآية فغير ظاهر. إذ هي دالّة على أنّه كان في الشرع كيف والأذان ثبت مشروعيّته أوّل ما قدّموا المدينة ، والمائدة آخر القرآن نزولا وإن أراد أنّها تدلّ على ثبوته في الشرع قبلها فحقّ لأنّها دلّت على أنّ اتّخاذ المناداة هزء من منكرات الشرع ، وهي تقتضي أن المناداة الّتي كانوا عليها من معروفاته ، والحقوق الثابتة فيه ، ويؤيّده ما قيل في سبب نزولها (١) : إنّ رجلا من النصارى بالمدينة كان إذا سمع أشهد أنّ محمّدا رسول الله في الأذان قال : حرق الكاذب فدخلت خادمته ذات ليلة بنار وهو نائم مع أهله فتطايرت منها شرارة في البيت فاحترق البيت واحترق هو وأهله وقد صحّ دعاؤه فيه نفسه. ولكن لا يخفى أنّ هذا لا حاجة في الدلالة عليه ، ويمكن أن يقال : مراد البيضاوي أنّ في الآية دلالة على ثبوت الأذان بنصّ الكتاب أيضا لا بالمنام وحدة كما يزعمه أكثر العامّة أو أنّ نصّ الكتاب مقرّر بحكم المنام الّذي ثبت به الأذان عندهم. فتأمّل.

(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) لمكان استهزائهم ولعبهم. إذ السفه يؤدّى إلى الجهل بالحقّ والهزء به فكأنّهم لا عقل لهم أو لا يعقلون ما يحصل في إجابتهم لو أجابوا إليها من الثواب وما عليهم في استهزائهم بها من العقاب.

__________________

ـ وفي الوسائل الباب ١٩ من أبواب الأذان والإقامة الحديث ٨ ص ٣٣٢ ج ١ ط أمير بهادر. ثم في نسخ المصادر عن زرارة أو الفضيل بن يسار ، وفي بعض النسخ عن زرارة والفضل بن يسار.

قال العلامة المجلسي في المرآة : إن الحديث يدل على ما أجمع عليه أصحابنا من أن الأذان والإقامة بالوحي لا بالنوم كما ذهب إليه العامة ، وعلى ثبوت المعراج وهو معلوم بالتواتر وعلى كون أرواح الأنبياء في السماء في أجسادهم الأصلية أو المثالية. ثم قال ويدل على جواز كون المؤذن والمقيم غير الامام وعلى جواز اتحادهما وقال ـ قدس‌سره ـ في شرح حديث منصور بن حازم المتقدم ، ولا ينافي ما سبق إذ مجيء جبرئيل بعد النزول إلى الأرض لشرعيتهما وبيان كيفيتهما لا ينافي وقوعهما فعله في السماء.

(١) حكاه في الكشاف تفسير الآية ج ١ ص ٤٦٩ ثم قال : وقيل : فيه دليل على ثبوت الأذان بنص الكتاب لا بالمنام وحده وحكى القصة في البحار أيضا ج ١٨ ص ١٦٠ عن السدى.

١٩٤

(النوع الخامس)

(في مقارنات الصلاة)

وفيه آيات :

الاولى : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) (١).

استدلّ به على وجوب القيام في الصلاة على الوجه المشهور بأن يقال شيء ما من القيام واجب بمقتضى الأمر ، ولا شيء من القيام في غير الصلاة بواجب ، وفيه نظر يعلم ممّا سبق في تفسيرها.

الثانية : (وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) (٢).

استدلّ به على وجوب التكبير في الصلاة على الوجه السابق ، وفيه نظر لعدم تبادر ذلك منها بل عدم إرادة التكبير بمعناه ، والّذي قاله الشيخ في التبيان وجماعة : إنّه أمر بأن يعظّمه تعظيما لا يساويه تعظيم ولا يقاربه لعلوّ منزلته ونحوها قوله : وربّك فكبّر في عدم إفادة وجوب التكبير على ما قيل. إذ الظاهر أنّ المراد خصّص ربّك بالتكبير أي صفة بالكبرياء والعظمة.

الثالثة : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) (٣).

أى فصلّوا ما تيسّر عليكم من صلاة الليل عبّر عن الصلاة بالقراءة لأنّها جزؤها كما عبّر منها بالركوع والسجود قال في التبيان : وهذا قول أكثر المفسّرين قيل : كان التهجّد واجبا على التخيير المذكور في أوّل السورة فعسر عليهم القيام به فنسخ بهذا.

__________________

(١) البقرة ٢٣٨.

(٢) أسرى ١١١.

(٣) المزمل ٢٠.

١٩٥

ثمّ نسخ هذا بالصلوات الخمس ، ويحتمل أن يكون المراد فاقرؤا القرآن بعينه كيف ما ما تيسّر عليكم قال في التبيان : والظاهر أنّ معنى ما تيسّر مقدار ما أردتم وأحببتم وهو ظاهر لقرينة إرادة التخفيف ، ولأنّه المتبادر من هذه العبارة ، ولهذا لو قيل : أعط السائل ما تيسّر ونحوه لا يفهم المخاطب منه إلّا ذلك ، ومن هنا يظهر أنّ ما استدلّ به بعضهم من وجوب قراءة السورة في الصلاة بأنّ الأمر للوجوب وما للعموم إلّا ما أخرجه الدليل وهو ما زاد على السورة وغير الصلاة ظاهر الدفع بما ذكرناه على أنّا لا نسلّم عدم الوجوب في غير الصلاة بل نقول : بوجوب القراءة لحفظ المعجز ونحوه ، وبالجملة ليس في شيء من الآيات المذكورة دلالة على ما ذكر من الأفعال وإنّما الدلالة عليها بالأخبار والإجماع إن كان كما يعلم من محلّه (١).

الرابعة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٢).

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) في صلاتكم : أي يجب عليكم الإتيان بهما فيها قيل : إنّهم ما كانوا يفعلونهما في الصلاة في أوّل الإسلام بل كانوا يسجدون بلا ركوع ويركعون بلا سجود فأمروا بأن تكون صلوتهم مشتملة على الركوع والسجود ويؤيّده ما رواه الشيخ في الموثّق عن سماعة قال : سألته عن الركوع والسجود هل نزل في القرآن؟ فقال : نعم قول الله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) (٣) الحديث وهو صريح في ركوع الصلاة وسجودها.

أو المراد صلّوا عبّر عن الصلاة بهما لكونهما أعظم أركانها ، وعلى الأوّل فيها

__________________

(١) انظر تعاليقنا على كنز العرفان ج ١ ص ١٢٣.

(٢) الحج ٧٧.

(٣) رواه الشيخ ـ قدس‌سره ـ في التهذيب ج ٢ ص ٧٧ الرقم ٢٨٧ والاستبصار ج ١ ص ٣٢٤ الرقم ١٢١١ وهو في جامع أحاديث الشيعة ج ٢ ص ٣١١ الرقم ٢٨٩٥ وفي الوسائل الباب ٥ من أبواب الركوع الحديث ٣ ص ٣٨٥ ج ١ ط أمير بهادر.

١٩٦

دلالة على وجوبهما في الصلاة.

وقيل : المراد اخضعوا لله وخرّوا له سجّدا ففيها دلالة على الأمر بالسجدة عند تلاوتها وقد استحبّها الشافعي هنا ، ويؤيّده ما رواه عقبة بن عامر (١) قال قلت : يا رسول الله في سورة الحجّ سجدة [سجدتان خ ل] قال : نعم من لم يسجدها فلا يقرأها [لم يسجدهما فلا يقرأهما خ ل] وفي استفادة ذلك من الآية بعد ، والخبر غير واضح الصحّة ، ومن ثمّ ذهب أبو حنيفة إلى عدم كون المراد بها سجدة التلاوة بل المراد سجدة الصلاة لأنّه قرنها بالركوع وهو يقتضي كونها سجدة صلاة لا سجدة تلاوة ، ولكن المشهور بين أصحابنا استحباب سجدة التلاوة عندها ، وفي أخبارهم دلالة عليه ، وسيجيء إن شاء الله تعالى.

(وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ) بسائر ما تعبّدكم به من العبادة ومقتضاه وجوبها إلّا ما أخرجه الدليل.

(وَافْعَلُوا الْخَيْرَ) وتحرّوا ما هو خير وأصلح ممّا تأتون وتذرون كنوافل العبادات

__________________

(١) الحديث أخرجه أبو داود ج ٢ ص ٧٩ ط مطبعة السعادة ١٣٦٩ بالرقم ١٤٠٢ والترمذي ج ٢ ص ٣٧٠ والحاكم ج ١ ص ٢٢١ و ٢ ص ٣٩٠ من المستدرك وحكاه في نيل الأوطار ج ٣ ص ١٠٣ عن أحمد والدارقطنى أيضا ، وحكى الحديث في كنز العرفان ج ١ ص ١٢٦ وزبدة البيان ص ٨١ والمعتبر ط ١٣١٨ ص ٢٠٠ ، ولفظ أبى داود قلت : يا رسول الله أفي سورة الحج سجدتان. قال : نعم ومن لم يسجدهما فلا يقرءهما ، وكذا في البيهقي ، وفي بعض المصادر قلت : يا رسول الله أفضلت سورة الحج بسجدتين. إلخ.

وتكلم كثير من الحفاظ في الحديث لأن في سنده ابن لهيعة ومشرح بن هاعان وإلخ الحاكم في ج ٢ ص ٣٩٠ من المستدرك على تصحيحه.

ثم مشرح على وزن منبر بالحاء المهملة ، والصحيح في ضبط هاعان كما عليه المحققون تقديم الهاء على العين وضبطه كذلك في ميزان الاعتدال ج ٤ ص ١١٧ الرقم ٨٥٤٩ والقاموس لغة (ش ر ح) وحققه أحمد محمد شاكر في تعليقه على الترمذي والعجب من محمد محي الدين عبد الحميد مع تضلعه في الفن لم يتفطن غلط ضبط نسخة أبى داود ولعله غره ما في ضبط اللسان لغة (ش ر ح) بتقديم العين على الهاء وكذا في المغني لمحمد طاهر بهامش التقريب ص ٣٧٢ والصحيح هو الأول.

١٩٧

أو صلة الأرحام ، ومكارم الأخلاق ، ونحوها من الخصال الحسنة. فيكون في الآية حثّ على فعل الطاعة.

(لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أي افعلوا هذه الأفعال لكي تفوزوا بثواب الجنّة وتتخلّصوا من عذاب النار.

وقيل : معناه فافعلوا على رجاء الفلاح منكم بالدوام على أفعال الخير واجتناب المعاصي والفوز بالثواب.

الخامسة : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) (١).

(وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) أي مختصّة به ، والمراد به المساجد المعروفة.

(فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) فلا تعبدوا فيها غيره ، وقيل : المراد بها الأعضاء السبعة الّتي يسجد عليها ، وقد روي ذلك عن أبى جعفر عليه‌السلام حين سأله المعتصم عنها فقال : هي الأعضاء السبعة ، ويؤيّده ما روي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أمرت أن أسجد على سبعة أراب (٢) : أي أعضاء ، والمعنى أنّها خلقت لأنّ يقصد الله بها وحدة حال السجود فلا تشركوا في حال سجودكم عليها غيره.

وقيل : إنّ المراد بها الأرض كلّها لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله جعلت لي الأرض مسجدا وهو مناسب لمدح النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في هذا المقام : أي كما أنّه تفضّل على الأنبياء لبعثه إلى الثقلين فكذا خصّ بهذا الوصف الآخر.

وقيل : المسجد الحرام والتعبير عنه بالجمع لأنّه قبلة المساجد.

وقيل : المراد بها السجدات جمع مسجد بفتح الميم مصدرا ميميّا وعلى كلّ حال فترتّب النهي عن عبادة غيره تعالى على هذه التقادير واضح أيضا.

__________________

(١) الجن ١٨.

(٢) انظر سنن أبى داود ج ١ ص ٣٢٥ الرقم ٨٩٠ وقال محمد محي الدين عبد الحميد في تذييله : أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة ، ورواه في مستدرك الوسائل ج ١ ص ٣٢٧ عن عوالي اللآلي.

١٩٨

السادسة : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) (١).

أي فأحدث التسبيح بذكر اسمه أو أحدثه بذكر ربّك فإنّ إطلاق اسم الشيء ذكره ، والعظيم إمّا صفة للاسم أو الربّ ، والمراد نزّهه عمّا يقول الجاحدون بوحدانيّته الكافرون بنعمته ، ونحوها قوله تعالى (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) (٢) واستدلّ بهما على وجوب ذكرهما في الركوع والسجود نظرا إلى ما رواه العامّة عن عقبة بن عامر قال : لمّا نزلت الاولى قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : اجعلوها في ركوعكم ، ولمّا نزلت الثانية قال : اجعلوها في سجودكم (٣) وروي أصحابنا عن الصادق عليه‌السلام أنّه يقول في الركوع : سبحان ربّي العظيم ، وفي السجود سبحان ربّي الأعلى الفريضة واحدة والسنة ثلاث (٤) ومقتضى الروايتين (٥) وجوب هذا الذكر بخصوصه من دون لفظة وبحمده لكن في

__________________

(١) الواقعة ٧٤.

(٢) الأعلى ١.

(٣) انظر المنتقى بشرح نيل الأوطار ج ٢ ص ٢٥٤ وفيه رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة ، وفي نيل الأوطار أخرجه أيضا الحاكم في مستدركة وابن حبان في صحيحه قلت : ومن طريق الخاصة رواه الشيخ عن عقبة بن عامر في التهذيب ج ٢ ص ٣١٣ الرقم ١٢٧٣ والصدوق في العلل ج ٢ ص ٢٣ ط قم الباب ٣٠ الحديث ٦ وهو في جامع أحاديث الشيعة ج ٢ ص ٣٠٩ الرقم ٢٨٧٦ ورواه عن عقبة بن عامر أيضا في قلائد الدرر ج ١ ص ١٦٣ عن العياشي ، وقريب من حديث عقبة ما في الهداية عن الصادق عليه‌السلام ص ٣٢ ط الإسلامية وما في المستدرك ج ١ ص ٣٢٤ عن القطب الراوندي. وما في البرهان ج ٤ ص ٤٥٠ عن ابن شهرآشوب عن تفسير القطان.

(٤) انظر جامع أحاديث الشيعة ص ٣١٠ ج ٢ الرقم ٢٨٨٥ عن التهذيب والاستبصار والوسائل الباب ٤ من أبواب الركوع الحديث ١ ص ٣٨٤ ج ١ ط أمير بهادر ، والحديث عن هشام بن سالم عن أبى عبد الله ، وفي آخر الحديث : والفضل في سبع.

(٥) مقصود المصنف رواية هشام ورواية عقبة فان فيهما إيماء إلى ما استفاده ، وكذا بصحيحة الحلبي المروية في جامع أحاديث الشيعة عن الكافي والتهذيب بالرقم ٢٨٩٠ في بيان ذكر السجود.

١٩٩

روايات أخر ما يدلّ على اعتبارها (١) والزيادة في مثلها مقبولة كما ثبت في محلّه. ثمّ الظاهر أنّ وجوب ذلك على التخيير لما في الأخبار الصحيحة من الدلالة على إجزاء مطلق الذكر وهو غير بعيد ، والاحتياط في الاقتصار عليه مع زيادة لفظة وبحمده ، وتكريره ثلاثا ليكون جامعا بين الأدلّة.

__________________

(١) وفي مفتاح الكرامة ج ٢ ص ٤١٩ بيان يناسب نقله هنا. قال ـ قدس‌سره ـ وفي الذكرى وجامع المقاصد والروض والمدارك والبحار إنه ليس في كثير من الاخبار ذكر وبحمده وهذا عجيب من صاحب البحار ، وقد وجدت الأستاذ ـ أدام الله تعالى حراسته ـ في حاشية المدارك قد ذكر تسعة أخبار قد ذكر فيها وبحمده ، وهي صحيحة زرارة ، وصحيحة حماد المشهورتين ، وصحيحة عمر بن أذينة المروية في الكافي في علل الأذان ، وهي طويلة والصدوق رواها في العلل بطرق متعددة ، ورواية إسحاق بن عمار المروية في العلل عن الكاظم (ع) في باب علة كون الصلاة ركعتين ، ورواية هشام بن الحكم عن الصادق (ع) في ذلك الباب ، ورواية هشام عن الكاظم (ع) في باب علة كون التكبيرات الافتتاحية سبعا ، ورواية أبي بكر الحضرمي المروية في التهذيب وغيره ، وصحيحة زرارة أو حسنته عن الباقر (ع) رواها في التهذيب والصدوق بتفاوت في الذكر قبل التسبيح ، ورواية حمزة بن حمران والحسن بن زياد قالا : دخلنا على الصادق (ع) انتهى ما ذكره الأستاد ـ أيده الله تعالى ـ قلت : ورواية إبراهيم بن محمد الثقفي في كتاب الغارات التي حكى فيها أمير المؤمنين عليه‌السلام صلاة الرسول (ص) ، ورواية كتاب العلل لمحمد بن على بن إبراهيم بن هاشم قال سئل أمير المؤمنين عن معنى قوله : سبحان ربي العظيم وبحمده ، وما ذكر في الفقه المنسوب إلى الرضا (ع) أنه حجة عند صاحب البحار فعلى هذا تكون الأخبار اثني عشر خبرا انتهى ما أردنا نقله عن مفتاح الكرامة.

وقال آية الله السيد محسن ـ مد ظله ـ في المستمسك ج ٦ ص ٢٦٥ : فإذا أضيف إليها ما في دعائم الإسلام والمرسل المحكي عن هداية الصدوق يكون المجموع أربع عشر رواية ، والجمع العرفي بينها وبين ما ترك فيها ذكره كرواية هشام بن سالم ومصححة الحلبي الواردة في دعاء السجود ، ويومي إليه خبر عقبة بن عامر الجهني هو حمل ما ترك فيه على إرادة الاكتفاء في بيان الكل ببيان البعض فإنه أقرب عرفا من الحمل على الاستحباب انتهى ما أفاده في المستمسك ـ مد ظله ـ

٢٠٠