أنوار الولاء

السيّد هاشم الهاشمي

أنوار الولاء

المؤلف:

السيّد هاشم الهاشمي


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: نور الولاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-97647-4-7
الصفحات: ٢٠٠
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

آخر أبيات نظمتها لأجل التوسّل بأبي الفضل العبّاس عليه‌السلام للمرض الّذي أنهکني

التوسّل بالعباس عليه‌السلام

تَوسّلتُ بالعباس مستشفعاً عسی

يَمُنّ علی العبدِ الضعيف بنظرةِ

تَفشّتْ بِيَ الأمراض يا سيدي فهل

تُشافي فينا جسمي وآلام علّتي

وقد عَجَزتْ عنّي قویَ الأرض کلّها

فوجّهت وجهي للسّماء بصرخة

فيا أيها السّاقي العطاشی بکربلا

تفضّل علی همّي ودائي بجرعة

٨١
 &

أيها الحالمون

هكذا يستفيق في الروح حبُّ

هكذا يلمح الحقيقة قلبُ

هكذ أنت لم تزل في ضمير الدهر

بركان ثورة ليس يخبو

أفزع الحالمين أنّك تمضي

في طريق الكفاح ، فالحلم جدب

أيُّ دنيا أعادها الحلم والصمت

إذا جفَّ في السواعد ضربُ

أيها الحالمون بالغد ينساب

فتوناً ، ويفرش القفر خِصبُ

قد غرقتم بغفوةٍ تخنق العزم

ويذوي بها شعورٌ ولُبُّ

* محرم ١٣٩٢

٨٢
 &

في رثاء السيدة زينب عليه‌السلام عقيلة بني هاشم

يا لسان الطفوف زينب لولاكِ

لَظلّت أحداثها في الخفاء

لأصابت أصالة النهضة الكبري

أيادي التشويه والإخفاء

واصلت زينب مسيرة ركب السبط

هزّت مشاعر الأبناء

حاول البغي أن يصدّ مسير السبط

يمحو آثار تلك الدماء

رام تزييفها ليسكت صوتاً

رافضاً للمجازر السوداء

ساخطاً ثائراً على الزيف والبغي

وحكم الطغاة والأدعياء

إنّ ديناً عانى الرسول لتشييد

بناه وسيّد الأوصياء

بُذلت في سبيله الأنفس الطهر

وخاضوا سوح الوغى والعناء

لهداه عانوا جهاداً مريراً

زاخراً بالعواصف الهوجاء

و « عليٌّ » كم قاتل الشرك والزيف

ليبقى دين الهدى بنقاء

أيريد العدى مصادرة الأتعاب

أو حرفهم لدين السماء

فتصدّى لمكرهم وقواهم

في ثرى الطفّ سيّد الشهداء

فجّرت تضحياته الوعيَ والصحوة

ماذا يروم جيش العداء

فسعى المجرمون أن يوقفوا الوعي

بتشويه نهضةٍ عصماء

٨٣
 &

فتصدّى صوت العقيلة للزيف

لبغي الطغاة والاُجَراء

رغم بطش الجناة تحمل للأجيال

صوت الأبطال في كربلاء

لم يرعها عرش الطغاة ولم تخشَ

حشود الأطماع والبغضاء

وسياط الجناة تجلد في الأسر

عداءاً لصبيّةٍ ونساء

حملت للعصور ملحمة الطف

وأهداف ثورة شمّاء

ورسالاتها وزيف الطواغيت

وجور الجناة والاُجراء

وبطولات فتيةٍ بالدماء الطهر

خطّوا نهج الهدى والفداء

تحمل الثورة العظيمة للدهر

وترعى مسيرة الاُسراء

وخصوم الإسلام في نشوة النصر

تهادوا بالفرحة الجوفاء

نطقت بنت حيدرٍ ورثت منه

خصال الشجاعة الغرّاء

نطقت في مجالس العرش والجور

وحشد الجناة والأعداء

نطقت فيهم بأنّ وسام النصر

يعلوا في جبهة الشهداء

والطواغيت سوف تفنى ولن يبقى

سوى الحق والهدى والإباء

صدقت إذ غدا كيان يزيد

لعنة الدهر وانطوى للفناء

وضحايا الطفوف خلّدها التاريخ

تبقى نبع الهدى والمضاء

إنّ ذكر الحسين يحفظ في الأجيال

ذكر الشريعة الغرّاء

* رجب ١٤٢٩

٨٤
 &

في عقيلة بني هاشم زينب الكبرى عليها‌السلام في يوم ولادتها

أطلّ باُفق الهدى كوكبٌ

توهّج مذ ولدت زينبُ

عقيلة آل بني هاشم

لهم كل مكرمة تنسب

لقد نشأت في ظلال الوصي

ببيت بنور الهدى مخصب

لترضعها الاُم طهر النقاء

ويرفدها بالمعالي أب

لقد فقدت اُمها في الطفولة

أودى بها الغاصب المغضب

لتبقى لإخوتها والوصي

على همّ أوجاعهم تحدب

وفي الطفّ كانت لسان الدماء

وحتى بوجه العدى تخطب

فتروي رسالتها للورى

لتبقى مدى الدهر لا تُحجب

وتنشر آلامها في المدى

تظلّ الطروس بها تكتب

تخيف حكايتها الجائرين

قلوب الاُباة بها تلهب

وللسبي رغم خطوب الطريق

ملاذٌ به يلتجي الموكب

وماتت بهمّ جراح السنين

وراح عليها الهدى يندب

بها فخرت سوريا والكنانة

حبّ القلوب لها يجذب

٨٥
 &

أتيتك سيّدتي إنّني

معنّى بتيه الأسى مكرب

فجودي على بائس يائس

برفد به ينجلي الغيهب

فقد ضاق عمري بليل الكروب

وعطفكِ في ظلمتي كوكب

* ٥ جمادي الأولى ١٤٢٨ هجري

٨٦
 &

في زينب عليه‌السلام

أنت صوت الحسين في كربلاء

أنت عبر العصور صوت الدماء

كلّ شيء بعد الطفوف ظلام

وسكوت وأنت صوت الضياء

٨٧
 &

السيّدة رقيّة بنت الحسين عليه‌السلام

جئنا نزوركِ والحاجات تزدحمُ

وفي القلوبِ لهيب الشوق يضطرمُ

آل الهدى ملجأ ٌدنياً وآخرةً

فإنّ شيمتهم للسائل الكرمُ

أنتِ الملاذ إذا ما نابنا شجنٌ

أنتِ الشفيعةُ إن زلّت بنا قدم

مرّت عليكِ خطوبُ الطفِّ داميةً

في كلّ شبرٍ لآل البيت سال دم

صبّت عليك سياط السبي حاقدةً

كأنّها من رسول الله تنتقم

في الشام حيث عيون الشامتين وفي

خرابةٍ ونساءَ الوحي تهتضم

في الحُلم تلقى أباها وهي شاكيةٌ

يضمّها بحنانٍ شابَهُ ألم

فاستيقظت من كراها وهي صارخةٌ

بأن تراه ودمع العين ينسجم

جاءوا بطستٍ به رأس الحسين فمذ

رأته والقلبُ دامٍ ملؤه ضَرم

شكتْ وأنّتْ وماتت حسرةً وأسى

أما الخصوم فما لانوا وما رحموا

زال العدى واختفت آثارهم وغدا

ثرى رقيّة تسعى نحوه الاُممُ

* جمادى الثانية ١٤٢٨ هـ

٨٨
 &

اُم البنين عليه‌السلام

أتيتُ والدمع وصوت الأنين

أحمل حاجاتي لاُمّ البنين

كانت مثالاً للتقى والوفا

تُواجِه الجُلّى بصبرٍ مكينْ

وللوصيّ زوجةٌ بِرّة

همومه في ظلّها تستكينْ

قد حملتْ للسبط في كربلاء

اُسدُ وَغىً وقدوةَ الصامدينْ

وعلّمتهم أنّ بذل الدما

للسبط في الطفِّ وفاءٌ وديْنْ

فبذلوا الأرواحَ في كربلا

ولم تخفهم كثرةُ المجرمينْ

وقدّم العبّاسُ رمزُ الإبا

لدينه يسارَه واليمينْ

فصار بابَ السبط من بذله

يقضي به حوائج السائلينْ

لمّا أتى الناعيَ لاُمّ البنين

والهجر قد روّعها والحنينْ

لم تسألِ الناعي عن وُلْدِها

بل همُّها السبطْ إمامُ اليقين

لما نعى السبطَ وأولادَها

فانفجرتْ بدمعها والأنينْ

( لا تدعوّني ويك أم البنين

تُذكّروني بليوث العرينْ )

* جمادى الثانية ١٤٢٣ هـ

٨٩
 &

أربعين الطف

أربعين الطف بالأحزان عاد

يالخطبِ زلزل السبع الشداد

* * *

شعلة الثورة فينا أجّجتها كربلاء

علّمتنا أنّ درب المجد شوكٌ ودماء

في سبيل الله آلام صغار ونساء

أسروها ومدى الأسر سياطٌ وبذاء

والضحايا دون أيدٍ ورؤوسٍ في العراء

فجّر الأجيال بالثورة فوجُ الشهداء

بعثوا بالدم في التاريخ صحواً ومضاء

يتحدّى أبداً كل عروش الأدعياء

رسموا للمؤمنين

منهجَ النصر المبين

أيقظوا الحُرَّ ، لكي يصلح بالعدل البلاد

* * *

عاد ركب الأسر للطفِّ بيوم الأربعين

رغم حزن الطف عاشوا رحلة الأسر الحزين

ذكرياتٌ مرّةٌ تبقى على مرّ السنين

تبعث الأشجان والحسرة فينا والأنين

فقيود أوجعت آل الهداة الطاهرين

وسياط وجراح وعيون الشامتين

وعلى الهزل في البيد بأيدي الحاقدين

حملوا رغم الخطوب السود صوت الثائرين

رغم عرش المجرمين

كشفوا الحق المبين

مذ رأوا في الثورة الشمّاء فرضاً واعتقاد

* * *

٩٠
 &

وأتى جابر يطوي البيد شوقاً للّقاء

أخبروه أنّ هذي الأرض تُدعى كربلاء

هاهنا خير رجال الدهر صرعى في العراء

هاهنا قتل وتشريد وكرب وبلاء

هاهنا نهبٌ وسلبٌ ودموعٌ ودماء

هاهنا قد أرهق الأطفال ذعرٌ وظماء

هاهنا لم يرفق الأوغاد حتى بالنساء

سلبوها وسبوها أحرقوا منها الخباء

بطش الوحش اللعين

بتــــراث الطاهرين

حاربوا آل رسول الله ظلماً وعناد

* * *

هاهنا هبّت إلى الثأر دعاة الجاهليّة

حاولوا إطفاء نور الله في تلك الرزيّه

طاردوا شيعة آل المرتضى خير البريّه

تتبع الاُمّة في الظلم الدعيَّ ابن الدعيّه

كيف يرضى الدين أن تحكم هندٌ وسميّة

أعمت الأحقاد والأهواء أوغادَ اُميّة

ماتت الرحمة في تلك القلوب الهمجيّة

حاربوا الأخلاق والدين بأرض الغاضريّه

فتكوا بالمؤمنين

فـأسـيرٌ وطعـين

هكذا قد أسلم العصرُ إلى الطاغي القياد

* * *

هاهنا في الطف يا جابر كانت نائبات

هاهنا العبّاس مطروحٌ على شاطي الفرات

وهنا الأكبر قد قطّعه طعن الجناة

ورضيعٌ ظاميءٌ روّته بالنبل رماة

٩١
 &

وصحابٌ بذلوا في نصرة السبط الحياة

والحسين السبط رضّت صدره خيلُ الطغاة

كيف لا نبكي على تلك الرزايا المؤلمات

قد بكته قبل خلق الأرض كلُّ الكائنات

يا له جـــرح دفين

في قلوب المؤمنين

سوف يبقى حزننا فيه إلى يوم المعاد

* * *

وبكى جابر مذ أصغى إلى الرزء المهول

كم رأى رأس حسين السبط في حجر الرسول

يلثم النحر ويرنو الصدر والدمع هطول

فإذا صدر حسين فوقه تجري الخيول

وإذا الرأس على الرمح مع الأسر يجول

وإذا زينب بعد العزّ والخدر ثكول

تنظر الأعين والأيدي على الركب تطول

وسياط البغي تنهال على آل البتول

صرختْ يا مسلمين

ليس لي فيكم معين

بعدما قد فقدت في كربلا كلّ عماد

* صفر ١٤١٢

٩٢
 &

الإمام زين العابدين عليه‌السلام

اسمه « علي » ، ومن أشهر ألقابه « زين العابدين السجاد » ، ولد لخمس أو سبع خلون من شعبان سنة « ٣٨ » أبوه الإمام الحسين عليه‌السلام واُمه « شهر بانو » ، مدة إمامته : ٣٥ عاماً من سنة « ٦١ » إلى « ٩٥ » هجرية.

واستشهد بأمر من الوليد بن عبد الملك على يد هشام بن عبد الملك ، في يوم ٢٥ من محرّم الحرام ، سنة « ٩٥ » وعمره ٥٦ عاماً ، ومرقده الشريف في مقبرة البقيع في المدينة المنوّرة.

تقسّم حياته لمرحلتين : ١ ـ ٢٢ عاماً ملازماً لأبيه ٢ ـ ٣٥ عاماً مرحلة إمامته ، حيث عاش فيها أصعب مراحل الحكم الاُموي ، ومارس دور إمامته في أشقّ الظروف.

ومن خصاله الأخلاقية : الإطعام بالسر ، وكظم الغيظ ، والحلم ، والتهجّد.

من قضاياه :

خُطَبه بعد واقعة كربلاء في الكوفة والشام ، نشر فيها مبادئ هذه الواقعة وحوادثها وأيقظ المسلمين ، لذلك أثّرت فيهم ، ومن أسباب مرضه في يوم عاشوراء ، الإبقاء على حياته حتى لا تخلو الأرض من حجة ، وحتى ينشر مبادئ الثورة ، ويحميها من التحريف والتشويه ، لذلك لم يستمرّ مرضه إلا في تلك الأيام القليلة.

ومنها : أنّ هشام بن عبد الملك حجّ فلم يتمكن من استلام الحجر لكثرة الزحام ، وحينما أقبل الإمام فانشق الناس عنه احتراماً له ، وحاول هشام تجاهله ، فاندفع الفرزدق

٩٣
 &

وأنشد قصيدته الخالدة في مدحه التي مطلعها :

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

والبيت يعرفه والحلّ والحرم

وبعد واقعة كربلاء ، عاد إلى المدينة ، ومارس تربية مجموعة من المؤمنين وتعليمهم العلوم والمعارف الإسلامية ، ذكر الشيخ الطوسي مائة وسبعين من تلامذته والرواة عنه نذكر ثلاثة منهم : سعيد بن المسيّب ، وأبو حمزة الثمالي ، وسعيد بن جبير.

ومن آثاره :

الصحيفة السجّادية : الدعاء دافع فطري وخاصة في حالات ضغط المشاكل وانقطاع سبل العلاج وهو من أسباب تهدئة القلق والاضطراب ، وكثيراً ما يستجيب تعالى للدعاء ، والإمام في هذه الصحيفة علم المسلمين الدعاء المناسب ، بالإضافة ـ وهذا هو المهم ـ أنّه بيّن عليه‌السلام من خلال هذه الأدعية أسمى المعارف والفضائل الأخلاقية ، والسياسية والاجتماعية ، لذلك يمكن أن يقال : إنّه كافح انحرافات عصره من خلالها ، فقد ذكر فيها الكثير من مسائل التوحيد والنبوة والإمامة ونظام الدولة والإدارة والأخلاق والحقوق المدنية والأحكام والآداب والتقدم الروحي والاجتماعي للمسلمين.

رسالة الحقوق : ومن الآثار القيّمة للإمام السجاد عليه‌السلام رسالة الحقوق ، ذكرت بنصّها الكامل في الكثير من المصادر الشيعية القديمة أمثال تحف العقول ومن لا يحضره الفقيه والخصال والأمالي ، تعرّض فيها الإمام عليه‌السلام إلى مختلف الحقوق ، حقوق الله والناس حيث بيّن فيها فلسفة الكثير من الأحكام والتعاليم الإسلامية.

٩٤
 &

ومن بليغ حكمه قوله عليه‌السلام :

« إيّاك والابتهاج بالذنب ، فإنّ الابتهاج به أعظم من ركوبه » (١).

وقال عليه‌السلام : « من قنع بما قسّم الله له فهو من أغنى الناس » (٢).

وقال عليه‌السلام : « طلب الحوائج إلى الناس مذلّة للحياة ومذهبة للحياء ، وهو الفقر الحاضر ، وقلة طلب الحوائج إلى الناس هو الغنى الحاضر ، إنّ أحبّكم إلى الله أحسنكم عملاً ، وإنّ أنجاكم من عذاب الله أشدّكم خشية لله » (٣).

__________________

(١) بحار الأنوار ٧٥ : ١٣٦.

(٢) بحار الأنوار ٧٥ : ١٣٥.

(٣) بحار الأنوار ٧٥ : ١٣٦.

٩٥
 &

في مولد الإمام زين العابدين عليه‌السلام

إيه زين العباد يا قدوة الأبرار

مهوى العبّاد والأولياء

أنت أيقظت بالدعاء قلوباً

لوّثتها مكائد الأعداء

وتحدّيت بالدعاء عروشاً

قد تحدّت بالبغي شرع السماء

وستبقى مدى العصور طريق الوعي

عبر الصحيفة الغرّاء

يا مثال الصمود والصبر قد عشت

حياةً مليئةً بالعناء

حكمَتْ عهدك المعنّى عروشٌ

زخرتْ بالطغاة والأدعياء

طاردت بالسجون والرعب والإعدام

صوتَ الهدى ونهجَ الولاء

حيث مرّت بك الخطوبُ شَجونُ السبي

والنائباتُ في كربلاء

حاول الجائرون أن يطفؤا الطف

وصوت الأبطال والشهداء

فتصدّيت للطغاة بوعيٍ

وصمودٍ وخطبة عصماء

فكشفتَ القناع عن زمرة البغي

ليبقى في الدهر صوتُ الدماء

ومضى الجائرون كي يُخمدوا الحق

بأشراكهم بكلّ عداء

فتصدّيت بالدعاء لكيد البغي

تروي به قلوب الظماء

٩٦
 &

يبعث الصحو في النفوس ويهديها

بوعيٍ لنهجه الوضّاء

لم تزل منهل الهداية والتقوى

ورمز الأبرار والصلحاء

* شعبان ١٤٢٩

٩٧
 &

في الإمام السجاد عليه‌السلام

إنّي حملتُ إلى نَداك مرادي

أنت الملاذ لمبدأي ومعادي

زين العباد تظلُّ رمزاً للتقى

والصبر يلهج فيه كلّ مداد

هذي حياتك وهي حشد متاعب

وعبادةٍ ومواعظٍ وجهاد

من كربلاء بدأتَ درباً ملؤه

شوكٌ لتسلكه بكلّ سداد

ورأيتَ آلام الطفوف ورحلة

السبي المريع ومحنة الأصفاد

ورايتَ أبطالاً تصدّوا للعِدى

خاضوا المنون بعزمةٍ وجِلاد

حكمٌ اُقيم على الضلالة والخنا

والزيف والإرهاب والأحقاد

حكّامهم وغدٌ ووحش كاسرٌ

ومكابرٌ في غيّه متمادِ

آباؤهم شنأوا الرسول وإنّهم

نقلوا العداء لعصبة الأولاد

ورثوا العداء من الجدود فهندهم

مضغت بحقدٍ أطهر الأكباد

فيزيد ملؤ حياته وحل الخنا

والخمر مثّل خُلقه ابن زياد

فالدين هدّد بغيهم ومجونهم

لما تحدى سطوة الأوغاد

فسعوا لتحريف الشريعة بعد أن

أرسى أصالتها دم الأجداد

٩٨
 &

وضعوا أحاديث الضلال وطاردوا

نور الوصيّ وآله الأمجاد

ملأوا السجون وحاربوا صوت الهدی

ليهدَّ للإيمان كلّ عماد

وتقنّعوا بالدين لكن عمرهم

عفِن الفِعال مدنّس الأبعاد

حلموا بِعوْد الجاهلية بعدما

هُدّت دعائمُها بجيل فادِ

جهدت على هدم الشريعة زمرةٌ

خبرت دروب الهدم والإفساد

من أجل دنياها الوضيعة خطّطت

بدهائها الجاني لكلّ فساد

بدأت مسيرتهم لتهديم الهدی

منذ السقيفة أصل كلّ عناد

عزلوا الوصيّ ليحرموا دنيا الهدی

والدهر من حكم النبيّ الهادي

حرموا العصور من السعادة والهدى

والطهر والإيمان والإرشاد

علت الطغاة علی الشعوب وطاردوا

جيل الهداة بكلّ حكم عادي

لن يطفأ الأعداء نور محمّدٍ

وكتابِه والعترةِ الأوتاد

فالله يبطل مكرهم مهما عتوا

لن توقف الزحف العظيم أعادي

ولأجل حفظ سنا الهداية واجهت

خطط الطغاة إمامة السجّاد

متحدّياً إشراكها وعداءها

ببصيرةٍ غيبيّة الأمداد

وسعی لنشر الوعي عبر وسائلٍ

حفلت بكلّ هدايةٍ ورشاد

بالسبي بالخِطَب المثيرة بالدعا

بصحيفةٍ للوعي والعبّاد

٩٩
 &

ويدقُّ أبواب الجياع ويطعم الفقراء

في سرٍّ بلا ميعاد

وله كرامات تَردّد ذكرُها

شدّت إليها كلّ قلب صادِ

ورأی طغاة العرش زحف ولائه

ونفوذه الهادي بكلّ بلاد

تهفو القلوب لنهجه لا تنثني

بالقمع والإغراء والإيعاد

حتى إذا عجز العدی لما رأوا

حبّ الإمام يضمّ كلّ فؤاد

دسّ الوليد إليه سمّاً غادراً

خابوا فإنّ الله بالمرصاد

ظنّوا بأن قتلوه لكن نهجه

باقٍ مدی الأجيال والآباد

* ربيع الثاني ١٤٢٨

١٠٠