أنوار الولاء

السيّد هاشم الهاشمي

أنوار الولاء

المؤلف:

السيّد هاشم الهاشمي


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: نور الولاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-97647-4-7
الصفحات: ٢٠٠
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

في مولد الإمام الحسين عليه‌السلام

حلم الوجد والكدح

ولدتَ .. فوعدُ الحقّ بالخلد يحلمُ

وكلّ ترابٍ بالبشائر مفعمٌ

ولدتَ .. فدبّتْ في العصور خواطرٌ

سيعصف جرحٌ بالطواغيت ملهم

وعيدٌ إذا استشرى الضلالُ ، وسيطرتْ

عروشٌ على تيجانها الظلم يحكم

أتصدحُ بالوحل البغيِّ منابرٌ

وأصواتُ فرسان الهداة تُكمّم

على كلّ شبرٍ ألفُ جرحٍ مضمّخٍ

وفي كُلِّ خطوٍ وثبةٌ تتقدّم

خيول الهدى لن يُمسكَ الأمسُ زحفها

ولم يُثنها ليلٌ هناك مخيّم

وتُشهر في وجه الضياع ثباتها

فكلّ أعاصيرٍ المقابر تهزم

أتُبحر في حُمّى الغياب ، ولن تری

سوی لعنةٍ ، في غابها البؤس يضرم

متى تنتهي غيبوبة الخطو ، فالمدى

جنونٌ ، وفي أوجاعها القفرُ يحلم

وتركلُها القضبانُ من كلّ جانبٍ

وحتى متى تهوى السياط وتلثم

لقد خرجتْ لن يُمسك الأمس زحفها

وكلّ تراثٍ في المدى يتحطّم

أيمكرُ فيها الوحش ، يدفن في الهوى

رؤاها ، فهل في سكرة القبر تنعم

٦١
 &

وهل غدُها عبر المزابلِ لاهثٌ

وهل جُرحُها للأمس والوحش سُلّم

أتصدأ كلّ الذكريات ، فلا الدما

عطاءٌ ، ولا سوحُ الشهادةِ أنجمُ

وتاريخُ خطوٍ ، لن تصدّ ثباته

وحولٌ ، سيمضي واثباً ليس يسأم

ولمّا ذوی جمر الجنون ، تساقطتْ

قلاعٌ ، بها سيف الهوی يتحكّم

أيُمسك حُلمَ الوجد والكدح عائرٌ

ويعصفُ في وعد الرسالات مُجرم

ستخسأ أصوات الدمار .. فهاهنا

صراخٌ ، إذا ما أطبق الصمت يرزم

سيخسأ وحش الغدر فالسيف رابضٌ

رهيبٌ لأظفار الطغاة يُقلّم

تحدّى اندفاق البغي عرقٌ مزمجرٌ

خبيرٌ .. بأنَّ ، البغي يوقفه الدم

فكانت حكايا الطفِّ ، في كلّ خاطرٍ

نداءٌ .. على عصف الضلال يدمدم

نذيرٌ لتيجان العروش .. فإن علتْ

فكلُّ أنينٍ بالصواعق ملغم

* شعبان ١٤١٠

٦٢
 &

مولد الإمام الحسين عليه‌السلام

قد أطلّت بشائر المجد والنور

بميلاد سيّد الشهداء

ورسول السماء بشّر أهل الأرض

أنّ الحسين رمز العلاء

« فحسين مني » وإنّي من السبط

سيُبْقي في الدهر شرع السماء

بدماء الأحرار أحيا بأرض الطف

نهج الشريعة السمحاء

بُدأ الدين بالرسول ولكن

بدماء الحسين رمز البقاء

حيث أبقى الإسلام بالدم في الطف

وذكر الشعائر الغرّاء

قد تحدّى بالتضحيات قوى التحريف

والزيف والهوى والعداء

مذ سعى المجرمون أن يُطفأوا الدين

فخاب الطغاة في كربلاء

إنّ دين الرسول لم يستقم إلا

ببذل الحسين أزكى الدماء

خلّد الدين في العصور إلى الحشر

أصيلاً بزحفه المعطاء

بعث الوعي والفداء بجيل

سحقته مكائد الأعداء

علّم الدهر والشعوب طريق المجد

رغم الطغاة والأدعياء

إنّ درب الأحرار وعرٌ ولن تبلغ

دنيا العلى بغير الفداء

ولد المجد والهداية والوعي

بميلاد سيد الشهداء

* شعبان ١٤٢٩

٦٣
 &

في مولد ابي الفضل العباس عليه‌السلام

يا أبا الفضل قد أتيت إلى بابك

فامنن من فضلك المعطاء

أنت ساقي الظماء في الطف يا مولاي

فاعطف برشفة للظماء

يوم ميلادك المبارك قد رفّ

على الكون زاخراً بالعطاء

أنت وعد الفداء في الطف قد أصبحت

عبر العصور رمز الفداء

يا مثال الوفاء للأخ ضَحّى

بدماه فأنت رمز الوفاء

وحملت الولاء للسبط إذ كان

إماماً فأنت رمز الولاء

وأبيت الوعود فالدين أسمى

من وعودٍ فأنت رمز الإباء

قد جمعت الفضائل الغرّ إذ أصبحت

رمز الأبطال في كربلاء

إيه يا كافل الضعينة ترعاها

حناناً بصبيةٍ ونساء

وبذلت الكفين والنفس كي تحمل

ماء الفرات نحو الظماء

فتصدّت لزحفه زمرُ البغي

خصومُ الشريعة الغرّاء

قد تحدّت ركبَ الحسين حشودُ البغي

جيش الأطماع والبغضاء

والرسول العظيم حطّم بالإسلام

دنيا الطغاة والجهلاء

٦٤
 &

بعث النور والهدى في شعوبٍ

قد تهاوت في ظلمةٍ عمياء

فتصدّى جيشُ الظلام لدين الله

كي يوقفوا مسير الضياء

وثب الدينُ كي يصدّ قوى البغي

فكان الحسين في كربلاء

حيث أبقى الإسلام بالنهضة الكبرى

وأحيی الهدى بأزكى الدماء

بأبي الفضل بالعقيلة بالأكبر

بالتضحيات والشهداء

حُفظ الدين في العصور لكي

يبقى أصيلاً بسيّد الشهداء

* شعبان ١٤٢٩

٦٥
 &

ذكريات الطفوف

كيف يسمو إلى علاكَ بياني

فلقد حطَّم الذهولُ لساني

أنت في القمّة البعيدة مهوى

لقلوب تمرّغت بالأماني

عبثاً يبحر النُهى ألف سرٍّ

مغلَقٍ غاب خلفه الشاطئان

أنا في السفح فاسقني بعض إيما

نك كي يلهب الخطا إيماني

رحلتي في مداك وثبة قلبٍ

وحكايا دمعٍ وحيرة وانِ

* * *

ذكريات الطفوف تنساب في قلبي

فتجري في خطوها أشجاني

أيها اللائم المسائل عن دمعي

وعن لوعة الأسى في جناني

قف معي هاهنا على شرفة الطف

أتبقى محجَّر الأجفان

إنّ هذي الدموع عهدٌ مع السبط

ورفضٌ لكل طاغٍ وجان

كيف هبَّ السبعون رغم حشود الـ

كفر تمحو خرافة التيجان

إنّها ثورة العقيدة لو شبّت

تهاوت مشارف الطغيان

ليس نصراً أن يصرع العرش رأساً

قد تحدّى عواصف الأدران

٦٦
 &

ربّما يُقتل النبيل لكي يزرع

في خاطر الشعوب أماني

ثورة السبط رغم عرش يزيدٍ

أيقظت في الدُنا لظى بُركان

* محرم ١٣٩٠

٦٧
 &

في رثاء الإمام الحسين عليه‌السلام صوت الشهيد

إنْ تمادى الهوي دعتكَ العصورُ

قصر القبر قد حوتكَ الصدورُ

إنَّ روح الشهيد لا تعرف الموت

سيبقى وإن طوته القبور

إنّ صوت الشهيد إن كشّر البغيُ

على خاطر الطغاة نذير

إنّ صوت الشهيد مهما مضى الدهر

فتيٌّ به الدماء تفور

* * *

قد أطلّ الأصحاب في ظلمة العصر

نجوماً يلوى بها الديجور

وثبوا للطفوف في حين لم يُصغ

لصوت الهدى الكثير الكثير

مزّقوا من عيونهم حجب الليل

فماج السنا وطاب المسير

إنّها النفس قد تجُرّ إلى الهوّة

نجماً ، فتستطاب الفجور

تتراءی بألف زيٍّ ، لكي يسقط

أعمى في وحلها وبصير

جاهَدوا النفس ، كي يقرَّ ثباتٌ

وهدىً صامدٌ ، ووعيٌ طهور

وتراموا في كربلاء أسوداً

لم يلِن عزمة الهداة المصير

وهنيئاً لمن يموت لتبقی

قيمٌ واجهت خطاها الشرور

* * *

٦٨
 &

سيّدي قد كتبتَ بالدم نهجاً

أبداً خلفه الاُباة تسير

ينذر الجائرين في كل عصرٍ

تحت صمت الرماد جمرٌ خطير

لم تثر للضلال والطيش والعرش

كما يفعل الغرير الصغير

إنّما ثرتَ كالنبوّات لله

ودينٍ يلوكه التدمير

هزَّ بالسبي والضحايا قلوباً

ماج في وعيها سباتٌ قرير

ألف طيفٍ للطفِّ يخطر في قلبي

فيحيا على خطاه السعير

ويهزّ الشعور في موجة الذكرى

إباءٌ ودمعةٌ وزفير

إنّ هذي الدموع عهدٌ مع السبط

بأنّي على خطاه أسير

* * *

يا حسين الفداء يا صرخةٌ للحقّ

دوّت فردّدتْها العصور

أنتَ علّمتنا إذا جنّ هول البغي

أن لا ينام وعيٌ غيور

ليس يسمو للخلد ذابل عزمٍ

فطريق العُلى كفاحٌ مرير

وإذا حطَّم الضلالُ لسانَ الفكر

فابرز وسيفك المشهور

لو تحدّى إمّا رَديً مؤمن الروح

وإمّا عيش كفور نضير

فانتهِل لذّة الشهادة تستيقظ

شعوبٌ فيها الشرور تمور

* محرّم ١٣٩٣

٦٩
 &

يوم عاشوراء

مولاي جئتُ وفي جفوني دمعة

حرّى تسيل على أنين رثائي

والكون طبّقه المصاب فلا يُرى

إلا الشجون تضجّ في الأرجاء

فالأرض تبكي والسماء كئيبةٌ

تُجري بلوعتها دموعَ الرائي

والخلق قد ذُهلوا فبعضٌ واجمٌ

ألماً ، وبعضٌ غارق ببكاء

فسألتُ ماذا في الوجود وما جرى

فأجاب هذا يوم عاشوراء

* محرم ١٣٩١

٧٠
 &

في الإمام الحسين عليه‌السلام

إنسانُ عين الدهر أطفأها الردى

والنبلُ هدبٌ والدماءُ جفون

لو رام إفناء العدى لأبادهم

فله من الجبّار كُنْ فيكون

لكنّ نصر السبط في دمه الذي

تجري له عبر الزمان عيونُ

أتدوسُ خيلُ البغي صدراً طاهراً

سرُّ الإله بقلبه مكنون

طوراً على صدر الرسول وتارةً

تحت السنابكِ والزمانُ خؤون

رأسٌ تقلّب في حجورِ أطايب

يعلو به فوق السنان لعين

وعلى فمٍ لثم النبيُّ شفاهَه

حبّاً أيجسرُ بالسياط مَهين

ونساءُ بيت الوحي ملؤ حياتها

سترٌ بها طُهرُ العفاف مصون

أتساقُ بين الشامتين حواسراً

وكفيلُها فوقَ الصعيدِ طعين

فإذا شكتْ فالسوط يُسكت صوتها

ولِوَقعه تسودّ منه متون

ظنّوا بأنْ قتلوا الحسين وإنّهم

طرحوه لا دفنٌ ولا تكفين

٧١
 &

لكن تقمّص بالخلود وإنّه

في قلب كلّ موحّدٍ مدفون

إنّ الدموع على الشهيد تعاهدٌ

ليسير في درب الشهيد حزين

وبكاءُ مظلوم شعارٌ رافضٌ

أبداً يُخيفُ الظالمين أنين

كم ثورةٍ شمّاء فجّرها البكا

والدمعُ يخلد من دماها الدين

ثارتْ من الطفِّ الشجيّ عواصفٌ

دُكّت بها للظالمين حصون

وغدا يزيدُ ونهجه رمز الخنا

والبغي فهو على المدى ملعون

* * *

إنّ الحسين السبطَ مصباحُ الهدى

عبر العصور وللنجاة سفين

ودماؤه أحيت شريعةَ جدّه

وظماه للظامي الأبيّ مَعين

وصحابُه الأبرارُ صرعى حوله

نهجُ الفداء بزحفها مسنون

وهوتْ رؤوسُ المجرمين مذ ارتقى

رأسُ الحسين يشعُّ منه جبين

واستمسكت دنيا الهدى مذ قُطّعت

أوصاله واحتزَّ منه وتين

وضريحُه مهوى القلوب تؤمّه

كلُّ الصعاب على هواه تهون

كم مُحزن مذ لاذ فيه راجياً

زالتْ عن الراجی الحزين شجون

٧٢
 &

في ظلّ قبّته يُجابُ بها الدعا

وبسرِّ تربته الشفا مخزون

وله كراماتٌ فحائِرُ قبره

حصنٌ لركبِ الحائرين حصين

قد جدّدته يدُ الولاء لأنّه

بقلوبِ أبناء الولاء دفين

يبقى الحسينُ مخلّداً بضريحه

وبذكره مهما تمرُّ قرون

* محرم ١٤١٣

٧٣
 &

زياراتنا

إنّني قد أتيتُ يا كربلاءَ

وفؤادي يموج فيه الدعاءَ

فزياراتنا ولادة قلبٍ

أغرقته الشرور والأهواء

حين نأتي للطف ، ينبض بالذكـرى

ترابُ ما فيه إلا العطاء

هاهنا هاهنا منابع فجر

أطلقته إلى العصور الدماء

هاهنا هاهنا منارة دربٍ

لمعت في ظلالها العلياء

* صفر ١٣٩١

٧٤
 &

في ميلاد علي الأكبر عليه‌السلام

يا شبيه النبي خلقاً وأخلاقاً

ونطقاً ... رمز الهدى والفداء

يا شباباً كالورد خاض بعزم الدين

سوح المنون في كربلاء

ولأجل الإسلام قاتل في الطف

حشودَ الجناة والأجراء

قد تحدّى الأعداء .. واستقبل الموت

بشوق .. ممزّق الأعضاء

لم ترَعْه سبعون ألفاً فقد مثّل

عزم الكرّار في الهيجاء

حيث ضحّى بروحه وصباه

وهوى السبط والأماني الوضاء

فحياة الإسلام أفضل من عمر

وإن كان زاخراً بالعطاء

قدّم السبط نجله الطهر كي يبدأ

فوج الأبطال والشهداء

إنّ خير الرجال في الأرض ضحّوا

بدماهم لحفظ شرع السماء

خلّدوا الدين والولاء مدى الدهر

أصيل الهدى بأزكى الدماء

ومضى للجهاد شبلُ حسين

رغم حشد العدى وجمر الظماء

خاض سوح الوغى وليس يبالي

بحراب الأطماع والبغضاء

مزّقته السيوفُ لكنه يصمد

حفظاً للشرعة الغرّاء

ومضى للردى .. ليكسب مجدا

في الدنا ، والفلاحَ يوم الجزاء

* ١٠ شعبان ١٤٢٩

٧٥
 &

الشعائر الحسينية

هلّ المحرّم فهو شهر حداد

لبس الجميع به ثياب سواد

فأحيوا المواكب والشعائر إنّها

للمجد والإسلام خير عماد

فدم الحسين وذكره أبقى الهدى

حيّاً مدى الأجيال والآباد

« أنا من حسين » فالهدى عبر المدى

بالسبط يكبر بالسنا الوقّاد

وشعائر السبط الشهيد منائر

تهدي الجميع لقمّة الأمجاد

فليخسأ الأعداء لا لن يطفأوا

نورَ الطفوف فصوتهم في واد

قل للمغفّل حين يطعن جاهلاً

بشعائر في حبّ آل الهادي

هي للهداية والولاء مدارسٌ

تدعو الخير فتوّة وجهاد

ويعيش فيها المرء خير مشاعر

روحيّة غيبيّة الأمداد

تهدي إلى خطّ الولا وتثير في

وعي القلوب خواطر الإرشاد

كم طائش قد عاد عبر ظلالها

للهدي بعد تشرّد وبعاد

ودعا « الأئمّة » في مصائبه إلى

الجزع الشجيِّ وصرخة الإنشاد

لولا مواكبها المثيرة لاحتوت

زمرَ الشباب محافلُ الإفساد

كم شارك العلماء في أجوائها

متوسّلين بها لكلّ مراد

٧٦
 &

يخشى الطغاة ضجيجَها إذ أنّها

كم خرّجت في الدهر جيلاً فاد

يمشي على درب الحسين مقاوماً

دنيا يزيد وغيّه المتمادي

تدعو إلى حبّ الحسين ونهجه

أبداً ، ورفض البغي والأوغاد

تبقى مدى الأجيال نبع هدايةٍ

وبصيرة وفتوةٍ وسداد

ويظلّ صوت الناقمين وفكرهم

بتخلّف وغباوة وعناد

فالرقص في الغرب الكفور وعريهم

في رأيهم متطوّر الأبعاد

وشعائر السبط الشهيد تخلّفٌ

والحج والإحرام إرثُ بَوادي

وتغيّرُ الأحكام فكرٌ ناهض

وثباتها رجعيّة الأجداد

ووراء هذه التُرّهات مقاصدٌ

نبعت من الأطماع والأحقاد

لولا عطاءات الشعائر ما أنبرت

لعدائها في طارف وتلاد

* * *

بهدى الخطابة والمواكب نهتدي

لتعمّ ذكرى الطفّ كلّ بلاد

والنفس تظمأ للعواطف والنُهى

فكلاهما يروي غليل الصادي

إنّ المبادىء بالعواطف والنُهى

تُغري الشعوب تشدّ كل فؤاد

ويخاطب الإسلام إحساس الورى

والعقل يدفعهم لكلّ رشاد

فلو انفردنا بالخطاب بواحدٍ

منها فلن نحظى بأي مراد

* محرم ١٤٢٩

٧٧
 &

في أيّام عاشوراء

وتذكّرت كيف مرّت بأهل البيت

أقسى الخطوب والأرزاء

كيف مرّت بأهل بيت رسول الله

خير الرجال أزكی النساء

كيف مرّت مصائب وجراح

ومآس تضرّجت بالدماء

كيف رضّت صدرَ الحسين خيولُ الغدر

والمجرمين في كربلاء

قد بكته من قبل واقعة الطفّ

عيونُ الأملاك والأنبياء

لن ترى في محرّم غير دمع

لستَ تصغي لغير صوت الرثاء

والأحاديث والمجالس تروي

قصّة الدمع والأسى والفداء

وارتدى الكون والورى مِن أساهم

بثياب شجيّة سوداء

لن ترى في السماء والأرض والخلقِ

سوى لوعة الأسى والبكاء

لن ترى في الأنام غير عويل

صارخ أو كآبة خرساء

* أول محرم ١٤٢٩

٧٨
 &

في أبي الفضل العباس عليه‌السلام

« والله إن قطعتم يميني

إنّي اُحامي أبداً عن ديني »

كرّ على الأعداء لا يهابُ

لم تثنه السيوف والحراب

تطايرت من سيفه الرقاب

وانهزمت جحافل اللعين

* * *

قد ضجّت الأطفال والنساءُ

أثّر فيها الحرُّ والظماء

تصرخ بالعباس أين الماء

ولم تجد سواه من معين

* * *

أسرع نحو النهر كالأسودِ

مجندلاً كتائب الحشود

مدافعاً عن شرعة المعبود

وعن إمامٍ صادق اليقين

٧٩
 &

قد ملأ القربة وهو ظامي

لم يذق الماء وكان طامي

وكرّ راجعاً إلى الخيام

هذي خصال الكافل الأمين

* * *

فقطّعوا من جسمه اليدين

ومزّقوا القربة والعينين

لمّا هوى نادى علی الحسين

فهل وفيتُ للأخ الحزين

* * *

* محرم ١٤٢٨

٨٠