تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات - ج ٣

السيّد علي الحسيني الميلاني

تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات - ج ٣

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الحقائق الإسلاميّة
المطبعة: وفا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-2501-06-6
الصفحات: ٤٤٠

آيه والذي جاء بالصدق

قوله تعالی : (وَالذي جٰاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولٰئِك هُمُ الْمُتَّقُونَ) (١)

قال السيّد :

«وقد صدّقوا بالصّدق ، فشهد لهم الحقّ تبارك اسمه فقال : (وَالذي جٰاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولٰئِك هُمُ الْمُتَّقُونَ)».

فقال في الهامش :

«الذي جاء بالصّدق رسول اللّٰه ، والذي صدّق به أمير المؤمنين ، بنصّ الباقر والصادق والكاظم والرضا وابن عبّاس وابن الحنفيه وعبد اللّٰه بن الحسن والشهيد زيد بن عليّ بن الحسين وعليّ بن جعفر الصادق ، وكان أمير المؤمنين يحتجّ بها لنفسه.

وأخرج ابن المغازلی في مناقبه ، عن مجاهد ، قال : الذي جاء بالصّدق محمّد ، والذي صدّق به عليّ. وأخرجه الحافظان ابن مردويه وأبو نعيم ، وغيرهما» (٢).

__________________

(١) سوره الزمر ٣٩ : ٣٣.

(٢) المراجعات : ٣٦.

٢١

فقيل :

«من طريق أبي نعيم ، عن مجاهد ، (وَصَدَّقَ بِهِ) قال : عليّ.

وقول مجاهد وحده ـ لو ثبت عنه ـ ليس بحجّه ، كيف؟! والثابت عنه خلاف هذا ، وهو أنّ الصدق القرآن ، والذي صدّق به هو من عمل به.

وما ذكر معارض بما هو أشهر عند المفسّرين وهو : أنّ الذي صدّق به أبو بكر الصدّيق. ذكره ابن جرير وغيره.

وقد سئل أبو جعفر الفقيه ـ غلام الخلّال ـ عن هذه الآيه فقال : نزلت في أبي بكر. فقال السائل : بل في عليّ. فقال أبو جعفر الفقيه : إقرأ ما بعدها فقرأ إلی قوله (الزمر : ٣٥) : (لِيُكفِّرَ اللّٰهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الذي عَمِلُوا) فقال : عليّ عندك معصوم لا سيّئه له ، فما الذي يُكفَّر عنه؟! فبهت السائل!

ولفظ الآيه عامّ مطلق ، دخل في حكمها أبو بكر وعليّ وخلق.

قال ابن جرير : «والصواب من القول في ذلك أن يقال : إنّ اللّٰه تعالی ذكره عني بقوله : (وَالذي جٰاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) كلّ من دعا إلی توحيد اللّٰه وتصديق رسوله والعمل بما ابتعث به رسوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم من بين رسول اللّٰه وأتباعه والمؤمنين به ، وأنْ يقال : الصدق هو القرآن وشهاده أن لا إله إلا اللّٰه ، والمصدّق به : المؤمنون بالقرآن من جميع خلق اللّٰه ، كائناً من كان من نبيّ اللّٰه وأتباعه.

واعلم أنّ (الذي) في الآيه بمعني «الّذين» بدليل قوله بعده : (أُولٰئِك هُمُ الْمُتَّقُونَ) و «الذي» تأتی بمعني «الّذين» في القرآن وفي كلام العرب ...».

٢٢

أقول :

أوّلاً : لم يكن مجاهد وحده في القول المذكور ، فقد ذكر السيّد جماعهً من القائلين به من أئمّة أهل البيت عليهم السلام ومن غيرهم ولم يذكر البعض الآخر ، فقد رواه السيوطي عن ابن مردويه عن أبي هريره (١).

وقال أبو حيان : «وقال أبو الأسود ومجاهد وجماعه : الذي صدّق به هو عليّ بن أبي طالب» (٢).

وبذلك يكون هذا القول هو المشهور المتّفق عليه.

وثانياً : إنّه لا تعارض بين قولي مجاهد ، إلّا أنّه قد عيّن في الرواية الأولي عنه مصداق «من عمل به» ، لكنّ القول الثاني غير ثابت عنه ، فلم يذكره القرطبی وغيره (٣).

وثالثاً : كيف يُدّعی التعارض بين التفسير المذكور وتفسير الآيه بأبي بكر ، والحال أنّ الأوّل متّفق عليه بين المسلمين دون الثاني؟!

ورابعاً : إنّ تفسيرها بأبي بكر خلاف الصواب عند ابن جرير ، وقد وصف هذا المفتری محمّد بن جرير الطبري ب «شيخ المفسّرين»!

وخامساً : إنّ ما صوَّبه الطبري في تفسير الآيه وشيّده هذا المفتری هو الأخذ بالعموم ، ومن المعلوم أن لا تنافي بين العامّ والخاصّ ، فقد ذكر أئمّة أهل البيت وغيرهم المصداق التامّ لهذا العامّ.

هذا ، ولا يخفي أنّ كلّ ما ذكره هذا المتقوّل فهو من ابن تيميّة ، وحتّی

__________________

(١) الدرّ المنثور ٧ : ٢٢٨.

(٢) البحر المحیط ٩ : ٢٠٣.

(٣) الجامع لأحكام القرآن ١٥ : ٢٥٦.

٢٣

الحكآيه التی أوردها ، قال ابن تيميّة : «وفي هذا حكآيه ذكرها بعضهم عن أبي بكر عبد العزيز بن جعفر غلام أبي بكر الخلّال : إنّ سائلاً سأله عن هذه الآيه فقال له ـ هو أو بعض الحاضرین ـ : نزلت في أبي بكر ؛ فقال السائل : بل في عليّ! فقال أبو بكر بن جعفر : إقرأ ما بعدها (أُولٰئِك هُمُ الْمُتَّقُونَ) ـ إلی قوله : ـ (لِيُكفِّرَ اللّٰهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الذي عَمِلُوا) فبهت السائل» (١).

وانظر كم هو الفرق بين اللفظین ، بغضّ النظر عن الخطأ في الاسم؟!!

والذي يظهر من الحكآيه أنّ السائل من أهل السُنّة القائلين بنزول الآيه في عليّ عليه السلام ، فأراد المجيب أن يصرفه عن هذا الرأي ، من جهه أنّ عليّاً عليه السلام لم يصدر منه ما يصدق معه قوله تعالی في ذيل الآيه : (لِيُكفِّرَ اللّٰهُ عَنْهُمْ ...) ....

فنقول : نعم ، لم يصدر منه شيء من ذلك ، كما لم يصدر من النبيّ صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ، ومع ذلك جاء في الخطاب له : (لِيَغْفِرَ لَك اللّٰهُ مٰا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِك وَمٰا تَأَخَّرَ) (٢) والجواب هو الجواب ، وملخّصه : أنّه ليس المراد من «الذنب» هنا ، و «أسوأ الذي عملوا» هناك ، هو المحرّمات ، بل المراد هو «الذنب» و «الأسوأ» عند القوم!

وعلی الجملة ، فإن المقصود هو الإستدلال بالقول المتّفق عليه بين الطرفين ؛ لأنّ الإحتجاج به أقوی ، والإلزام به أتمّ ، وقد عرفت أنّ القائل به منهم جماعه من الصحابه وكبار المفسّرين ، والقول بأنّ المراد أبو بكر لا قائل به من الأكابر المعتمدين ، ولذا اضطرّوا إلی نسبته إلی عليٍّ أمير المؤمنين!!

__________________

(١) منهاج السُنّة ٧ : ١٨٩.

(٢) سوره الفتح ٤٨ : ٢.

٢٤

آيه إنذار العشيره

قوله تعالی : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَك الْأَقْرَبِينَ) (١)

قال السيّد :

«فهم رهط رسول اللّٰه المخلصون وعشیرته الأقربون ، الّذين اختصّهم اللّٰه بجميل رعایته وجليل عنايته فقال : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَك الْأَقْرَبِينَ)».

أقول :

لا هامش للسيّد هنا.

كما لا تعليق للمفتری.

وسوف ياتی الكلام بالتفصيل علی الآيه وحديث الإنذار في المراجعه رقم ٢٠ ، فانتظر.

* * *

__________________

(١) سوره الشعراء ٢٦ : ٢١٤.

٢٥

آيه أُولوا الأرحام

قوله تعالی : (وَأُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوليٰ بِبَعْضٍ في كتٰابِ اللّٰهِ) (١)

قال السيّد :

«هم أُولوا الأرحام (وَأُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوليٰ بِبَعْضٍ في كتٰابِ اللّٰهِ)».

أقول :

لا هامش للسيّد هنا.

كما لا تعليق للمفتری.

وهل من شك في أنّهم عليهم السلام «أُولوا الأرحام»؟! وهل من شك في أنّه (وَأُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوليٰ بِبَعْضٍ!

وقد ذكر المفسّرون بذيل الآيه المباركه أنّ النبيّ صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم آخی بين أصحابه ، فكانوا يتوارثون لذلك ، حتّی نزلت هذه الآيه وكان التوارث بين الأرحام فقط.

وقد اجتمع في أمير المؤمنين عليه السلام بالنسبه إلی النبيّ ما لم يجتمع في غيره ، وذلك أنّه كان «رحماً» له كما هو معلوم ، و «أخاً» كما في حديث المؤاخاه

__________________

(١) سوره الأنفال ٨ : ٧٥.

٢٦

المتواتر بين المسلمين.

وبذلك يكون أفضل ممّن فقد الوصفین! أو فقد أحدهما!

والأفضلُ هو الإمامُ مِن بعده صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم بلا فصل.

بل إنّ تمام الآيه هو : (مِنَ المؤمنين وَالْمُهٰاجِرِينَ) فكان عليّ عليه السلام هو الجامع للصفات الثلاثه : الإيمان ، والهجره ، والرحم ، وهذه لم تجتمع في غيره من الأصحاب والأرحام أصلاً ، فيكون هو الأفضل.

والأفضل هو الإمام.

وقد استدلّ بهذه الآيه : محمّد بن عبد اللَّه بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب ، في كتاب له إلی المنصور الدوانيقی ، علی أولويّه العلويّين بالأمر من العبّاسيّين ، وقد أورد الرازي الكتاب وجواب المنصور ، وجعل يؤيّد قول العبّاسيّين علی العلويّين!! مع علمه بأنّ العبّاس غير جامع للصفات المذكوره لأنّه ليس من المهاجرين ، لكنّ هذا غير مستبعدٍ من «البكريّين»!.

* * *

٢٧

آيه إلحاق الذريّه

قوله تعالی : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِیمٰانٍ ...) (١)

قال السيّد :

«وهم المرتقون يوم القيامه إلی درجته ، الملحَقون به في دار جنّات النعيم ، بدليل قوله تعالی : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمٰانٍ أَلْحَقْنٰا بِهِمْ ذُرِّيَتَهُمْ وَمٰا أَلَتْنٰاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَیْءٍ)».

قال في الهامش :

«أخرج الحاكم في تفسير سوره الطور ، ص ٤٦٨ من الجزء الثاني ، من صحيحه المستدرك ، عن ابن عبّاس ، في قوله عزّ وجلّ : (أَلْحَقْنٰا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمٰا أَلَتْنٰاهُمْ) قال : إنّ اللّٰه يرفع ذرّيّه المؤمن معه في درجته في الجنّه وإنْ كانوا دونه في العمل ؛ ثمّ قرأ : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمٰانٍ أَلْحَقْنٰا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمٰا أَلَتْنٰاهُمْ) يقول : وما نقصناهم» (٢).

__________________

(١) سوره الطور : ٥٢ : ٢١.

(٢) المراجعات : ٣٦.

٢٨

أقول :

وأخرج الحاكم عن أبي سعيد الخدري : «إنّ النبي صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم دخل علی فاطمة رضي اللّٰه عنها فقال : إني وإياك وهذا النائم ـ يعني عليا ـ وهما ـ يعني الحسن والحسين ـ لفي مكانٍ واحدٍ يوم القيامه» (١).

وأخرج عن عليّ ، قال : «أخبرني رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : إنّ أوّل من يدخل الجنّه أنا وفاطمة والحسن والحسين. قلت : يا رسول اللّٰه! فمحبّونا؟ قال : من ورائكم» (٢).

صحّحه الحاكم ، لكنّ الذهبي قال في تلخيصه : «الحديث منكر من القول ، يشهد القلب بوضعه».

قلت : لو كان في قلب الذهبي حبٌّ للنبيّ وآله لَما شهد بوضعه ، وكلّ قلبٍ لا يحبّ النبيّ وآله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم فذاك قلبٌ طبع اللّٰه عليه!!

هذا ، ولم يتكلّم المفتری علی هذه الآيه بشيء!!

* * *

__________________

(١) المستدرك علی الصحيحين ٣ : ١٣٧ ووافقه الذهبي.

(٢) المستدرك علی الصحيحين ٣ : ١٥١.

٢٩

آيه حق القربی

قوله تعالی : (وَآتِ ذَا الْقُرْبیٰ حَقَّهُ) (١)

قال السيّد :

«وهم ذوو الحقّ الذي صدع القرآن بإيتائه : (وَآتِ ذَا الْقُرْبیٰ حَقَّهُ)».

أقول :

وهنا أيضاً لم يتكلّم بشيء!

وذكر الطبري في المعنيّين بذي القربی أنّ جماعه قالوا : عني به قرابه رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ، فأخرج بإسناده كلام الإمام السجّاد عليه السلام مع أهل الشام واستشهاده بالآيه المباركه (٢).

وقال السيوطي : «أخرج البزّار وأبو يعلی وابن أبي حاتم وابن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري رضي اللّٰه عنه ، قال : لمّا نزلت هذه الآيه (وَآتِ ذَا الْقُرْبیٰ حَقَّهُ) دعا رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم فاطمة فأعطاها فدكاً.

__________________

(١) سوره الإسراء ١٧ : ٢٦.

(٢) جامع البيان ١٥ : ٥٣.

٣٠

وأخرج ابن مردويه عن ابن عبّاس رضي اللّٰه عنهما ، قال : لمّا نزلت (وَآتِ ذَا الْقُرْبیٰ حَقَّهُ) أقطع رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم فاطمة فدكاً» (١).

* * *

__________________

(١) الدرّ المنثور ٥ : ٢٧٣ ـ ٢٧٤.

٣١

آيه الخمس

قوله تعالی : (وَاعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شيء فَأَنَّ ...) (١)

قال السيّد :

«وذوو الخمس الذي لا تبرأ الذمّه إلّا بأدائه ، (وَاعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شيء فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِی الْقُرْبیٰ)».

أقول :

وهذه الآيه أيضاً ممّا استشهد به الإمام السجّاد عليه السلام علی أهل الشام ، في ما رواه القوم بأسانيدهم ، فقيل له : «فإنّكم لأنتم هم؟! قال : نعم» (٢).

وفي أنّهم المعنيّون بالآيه دون غيرهم روايات كثيره.

ولا مجال لأحدٍ أن يتكلّم في ذلك بشيء ، فلا نطيل!!

* * *

__________________

(١) سوره الأنفال ٨ : ٤١.

(٢) جامع البيان ١٠ : ٥.

٣٢

آيه الفئ

قوله تعالی : (مٰا أَفٰاءَ اللّٰهُ عَلیٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُریٰ ...) (١)

قال السيّد :

«وأُولوا الفیء ... (مٰا أَفٰاءَ اللّٰهُ عَلیٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُریٰ فَلِلّٰهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبیٰ)» (٢).

أقول :

نعم ، هم أُولوا الفیء ، وهم المعنيّون ب «ذي القربی» في الآيه الكريمه ، كالآيتين قبلها ، فلا حاجه إلی التطويل.

* * *

__________________

(١) سوره الحشر ٥٩ : ٧.

(٢) المراجعات : ٣٦.

٣٣

آيه التطهير

قوله تعالی : (إِنَّمٰا يُرِيدُ اللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكمُ الرِّجْسَ ...) (١)

قال السيّد :

«وهم أهل البيت المخاطبون بقوله تعالی : (إِنَّمٰا يُرِيدُ اللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البيت وَيُطَهِّرَكمْ تَطْهِيراً)».

أقول :

تقدّم البحث عن آيه التطهير بالتفصيل (٢) ، والحمد للّٰه علی التوفيق.

* * *

__________________

(١) سوره الأحزاب ٣٣ : ٣٣.

(٢) في الجزء الأوّل من كتابنا هذا ، وانظر الجزء العشرون من كتابنا الكبير : نفحات الأزهار في خلاصه عبقات الأنوار في إمامه الأئمه الأطهار.

٣٤

آيه إل ياسين

قوله تعالی : (سَلاٰمٌ عَلیٰ إِلْ يٰاسِينَ) (١)

قال السيّد :

«وآل ياسين الّذين حياهم اللّٰه في الذِكر الحكيم فقال : (سَلاٰمٌ عَلیٰ إِلْ يٰاسِينَ)».

قال في الهامش :

«هذه هی الآيه الثالثه من الآيات التی أوردها ابن حجر في الباب ١١ من صواعقه ، ونقل أنّ جماعهً من المفسّرين نقلوا عن ابن عبّاس القول بأنّ المراد بها السلام علی آل محمّد. قال ابن حجر : وكذا قال الكلبي ـ إلی أن قال : ـ وذكر الفخر الرازي : أنّ أهل بيته يساوونه في خمسه أشياء : في السلام فقال : السلام عليك آيها النبيّ ...وقال : (سَلاٰمٌ عَلیٰ إِلْ يٰاسِينَ) ، وفي الصلاه عليه وعليهم في التشهّد ، وفي الطهاره وقال اللّٰه تعالی : (طه) أي يا طاهر ...وقال : (وَيُطَهِّرَكمْ تَطْهِيراً) ، وفي تحريم الصدقه ، وفي المحبّه قال تعالی : (فَاتَّبِعُوني يُحْبِبْكمُ اللّٰهُ) وقال : (قُلْ لاٰ أَسْئَلُكمْ عليه أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّهَ في الْقُرْبیٰ)» (٢).

__________________

(١) سوره الصافّات ٣٧ : ١٣٠.

(٢) المراجعات : ٣٧.

٣٥

فقيل :

«نعم ، بعض المفسّرين رأي هذا الرأي ، وهو رأي ضعيف ، وسياق الآيه ياباه ، وعلی هذا يدلّ كلام شيخ المفسّرين الطبري ، فقد قال : والصواب من القراءه في ذلك عندنا : قراءه من قرأ : سلام علی إلياسین ، بكسر ألفها ...».

أقول :

أوّلاً : قول ذلك البعض هو القول المتّفق عليه.

وثانياً : إذا كان الطبري «شيخ المفسّرين» فِلمَ لا ياخذون بقوله حینما يوافق الحقّ وأهله؟!

وثالثاً : القول بذلك مرویّ عن ابن عبّاس أيضاً ، ومن رواته ابن أبي حاتم (١) ، الذي ذكرنا مراراً ثناء ابن تيميّة علی تفسيره وتصریحه بأنّه خالٍ من الموضوعات.

* * *

__________________

(١) الدرّ المنثور ٧ : ١٢٠ ، فتح القدير ٤ : ٤١٢.

٣٦

آيه الصلاه علی النبی

قوله تعالی : (إِنَّ اللّٰهَ وَمَلاٰئِكتَهُ يصَلُّونَ ...) (١)

قال السيّد :

«وآل محمّد الّذين فرض اللّٰه علی عباده الصلاه والسلام عليهم فقال : (إِنَّ اللّٰهَ وَمَلاٰئِكتَهُ يُصَلُّونَ عَلَی النبيّ يٰا آيها الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عليه وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً).

فقالوا : يا رسول اللّٰه! أمّا السلام عليك فقد عرفناه ، فكيف الصلاه عليك؟ قال : قولوا اللّٰهمّ صلّ علی محمّد وعلی آل محمّد ...الحديث.

فعُلم بذلك أنّ الصلاه عليهم جزء من الصلاه المأمور بها في هذه الآيه ، ولذا عدّها العلماء من الآيات النازله فيهم ، حتّی عدّها ابن حجر في الباب ١١ من صواعقه في آياتهم عليهم السلام».

وقال في الهامش :

«كما أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن ، من الجزء الثالث من صحيحه ، في باب إنّ اللّٰه وملائكته يصلّون علی النبيّ من تفسير سوره الأحزاب ....

__________________

(١) سوره الأحزاب ٣٣ : ٥٦.

٣٧

وأخرجه مسلم في باب الصلاه علی النبيّ من كتاب الصلاه في الجزء الأوّل من صحيحه ....

وأخرجه سائر المحدّثين عن كعب بن عجره» (١).

أقول :

فالحديث في الكتابين المعروفين بالصحيحين ، للبخاری ومسلم ، وقد اشتهر بينهم أنّ كلّ ما هو مخرّج فيهما فهو صحيح ، وهذه الشهره وإنْ كانت بلا أصلٍ إلّا أنّهم ملزَمون بذلك.

ولا حاجه بعدئذٍ لِذكر المصادر الأُخری المخرّجه له علی كثرتها.

* * *

__________________

(١) المراجعات : ٣٧.

٣٨

آيه الطوبی

قوله تعالی : (طُوبیٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) (١)

قال السيّد :

«فـ (طُوبیٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) (جَنّٰاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَهً لَهُمُ الْأَبْوٰابُ)» (٢).

قال في الهامش :

«أخرج الثعلبي في معناها من تفسيره الكبير ، بسندٍ يرفعه إلی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه [وآله] وسلّم ، قال : طوبی شجره أصلها في داری وفرعها علی أهل الجنّه ؛ فقال بعضهم : يا رسول اللّٰه! سألناك عنها فقلت : أصلها في دار علی وفرعها علی أهل الجنّه؟! فقال : أليس داری ودار علی واحده؟!».

فقيل :

«ما نقله عن الثعلبي في معني هذه الآيه من الكذب المحض البارد الذي لا يخفي علی من عنده طرف من العلم ، وواضعه من أشدّ الناس وقاحهً وجرأه

__________________

(١) سوره الرعد ١٣ : ٢٩.

(٢) سوره ص ٣٨ : ٥٠.

٣٩

علی النبيّ صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم.

ومن أساليب الشيعه المعتاده في الوضع والكذب أنّهم يعمدون إلی شيء قد اشتهر فیحرّفونه بالحذف أو الزياده ، وقد روی أبو سعيد الخدري ، عن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه [وآله] أنّ رجلاً قال : يا رسول اللّٰه! ما طوبی؟ قال : شجره في الجنّه مسيره مائه سنه ، ثياب أهل الجنّه تخرج من أكمامها.

الطبري ١٣ : ١٤٩.

وروی الإمام أحمد في المسند ، وابن حبّان ، من حديث دراج ، عن أبي الهيثم عن أبي سعيد ، وخرّجه السيوطي في الدرّ ٤ : ٥٩ وزاد نسبته لأبي يعلی وابن أبي حاتم وابن مردويه والخطيب في تاريخه.

زاد المسير ٤ : ٣٢٧.

والحديث ضعيف ؛ لأنّه من روآيه دراج بن سمعان أبو السمح القرشی السهمی مولاهم المصری القاصّ :

قال عنه النسائي : ليس بالقوي ، وقال في موضع آخر : منكر الحديث وقال أبو حاتم : في حديثه ضعف. وقال الدارقطني : ضعيف. وقال في موضع آخر : متروك. وقال فضلك الرازي لمّا ذُكر له أنّ ابن معين قال : دراج ثقه ، فقال : ليس بثقه ولا كرامه. وقال ابن عديّ : عامّه الأحاديث التی أمليتها عن دراج ممّا لا يتابع عليه. وحكی ابن عديّ عن أحمد بن حنبل : أحاديث دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد فيها ضعف».

أقول :

أوّلاً : أي تعارض بين حديث الطبري ، وبين حديث الثعلبي وغيره؟!

٤٠