تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات - ج ٣

السيّد علي الحسيني الميلاني

تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات - ج ٣

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الحقائق الإسلاميّة
المطبعة: وفا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-2501-06-6
الصفحات: ٤٤٠

٣٥ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : يا عليّ! إنّ فيك من عيسی مثلاً ، أبغضته إليهود حتّی بهتوا أُمّه ، وأحبّه النصاری حتّی أنزلوه بالمنزله التی ليس بها .. الحديث (١).

٣٦ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : السبّق ثلاثه : السابق إلی موسی يوشع ابن نون ، والسابق إلی عيسی صاحب ياسین ، والسابق إلی محمّد عليّ بن أبي طالب (٢).

٣٧ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : الصدّيقون ثلاثه : حبيب النجّار ، مؤمن آل ياسین ؛ قال : (يٰا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) (٣) ، وحزقيل ، مؤمن آل فرعون ؛ قال : (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يقول رَبِّیَ اللّٰهُ) (٤) ، وعليّ بن أبي طالب ، وهو أفضلهم (٥).

٣٨ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم لعليّ : إنّ الأُمّه ستغدر بك بعدي ، وأنت تعیش علی ملّتی ، وتقتل علی سُنّتی ، مَن أحبّك أحبّني ، ومَن أبغضك أبغضني ، وإنّ

__________________

المغربی ، نزيل القاهره ؛ فراجع.

وممّن اعترف بأنّ عليّاً هو الجامع لأسرار الأنبياء أجمعين شيخ العرفاء محی الدين بن العربی ، في ما نقله عنه العارف الشعراني في المبحث ٣٢ من كتابه اليواقيت والجواهر ص ٣٣٩.

(١) أخرجه الحاكم في ص ١٢٣ من الجزء ٣ من المستدرك.

(٢) أخرجه الطبراني وابن مردويه ، عن ابن عبّاس. وأخرجه الديلمي عن عائشه ، وهو في السُنن المستفیضه.

(٣) سوره يس ٣٦ : ٢٠.

(٤) سوره غافر ٤٠ : ٢٨.

(٥) أخرجه أبو نعيم وابن عساكر عن أبي ليلی مرفوعاً ، وأخرجه ابن النجّار عن ابن عبّاس مرفوعاً ؛ فراجع الحديث ٣٠ والحديث ٣١ من الأربعين حديثاً التی أوردها ابن حجر في الفصل الثاني من الباب ٩ من صواعقه ، آخر ص ١٩٢ والتی بعدها.

٢٨١

هذه ستخضب من هذا. يعني لحیته من رأسه (١) ..

وعن عليّ إنّه قال : إنّ ممّا عهد إلیّ النبيّ أنّ الأُمّه ستغدر بی بعده (٢).

وعن ابن عبّاس قال : قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم لعليّ : أما إنّك ستلقی بعدي جهداً. قال : في سلامه من ديني؟ قال : في سلامه من دينك.

٣٩ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : إنّ منكم من يقاتل علی تأویل القرآن كما قاتلت علی تنزيله. فاستشرف لها القوم وفيهم أبو بكر وعمر ، قال أبو بكر : أنا هو؟ قال : لا. قال عمر : أنا هو؟ قال : لا ، ولكن خاصف النعل. يعني عليا .. قال أبو سعيد الخدري : فأتيناه فبشّرناه ، فلم يرفع به رأسه كأنّه قد كان سمعه من رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم (٣) ..

ونحوه حديث أبي أيّوب الأنصاري في خلافه عمر ؛ إذ قال (٤) : أمر رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم عليّ بن أبي طالب بقتال الناكثين

__________________

(١) أخرجه الحاكم ص ١٤٢ من الجزء ٣ من المستدرك وصحّحه ، وأورده الذهبي في تلخيصه معترفاً بصحّته.

(٢) هذا الحديث والذي بعده ، أعني حديث ابن عبّاس ، أخرجهما الحاكم في ص ١٤٠ من الجزء ٣ من المستدرك ، وأوردهما الذهبي في التلخيص ، وصرّح كلاهما بصحّتهما علی شرط الشيخين.

(٣) أخرجه الحاكم في آخر ص ١٢٢ من الجزء ٣ من المستدرك ، وقال : هذا حديث صحيح علی شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، واعترف الذهبي بصحّته علی شرط الشيخين ، وذلك حيث أورده في التلخيص ..

وأخرجه الإمام أحمد من حديث أبي سعيد في ص ٤٢٠ وفي ص ٥٠١ من الجزء ٣ من مسنده ، وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان ، وسعيد بن منصور في سُننه ، وأبو نعيم في حليته ، وأبو يعلی في السُنن ، وهو الحديث ٣٢٩٦٧ في ص ٦١٣ من الجزء ١١ من الكنز.

(٤) في ما أخرج عنه الحاكم من طريقين ، في ص ١٣٩ والتی بعدها من ج ٣ من المستدرك.

٢٨٢

والقاسطين والمارقين ..

وحديث عمّار بن ياسر ؛ إذ قال (١) : قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : يا علی! ستقاتلك الفئه الباغيه ، وأنت علی الحقّ ، فمن لم ينصرك يومئذ فليس مني ..

وحديث أبي ذرّ ؛ إذ قال (٢) : قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : والذي نفسی بيده ، إنّ فيكم لرجلاً يقاتل الناس من بعدي علی تأويل القرآن ، كما قاتلت المشركين علی تنزيله ..

وحديث محمّد بن عبيد اللّٰه بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن جدّه أبي رافع ، قال : قال رسول اللّٰه : يا أبا رافع! سيكون بعدي قوم يقاتلون عليا ، حقّ علی اللّٰه جهادهم ، فمَن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه ، فمَن لم يستطع بلسانه فبقلبه .. الحديث (٣) ..

وحديث الأخضر الأنصاري (٤) ، قال : قال رسول اللّٰه : أنا أُقاتل علی تنزيل القرآن ، وعليّ يقاتل علی تأويله (٥).

__________________

(١) في ما أخرجه ابن عساكر ، وهو الحديث ٣٢٩٧٠ في ص ٦١٣ ج ١١ من الكنز.

(٢) في ما أخرجه الديلمي ، كما في ص ٦١٣ ج ١١ من الكنز.

(٣) أخرجه الطبراني في الكبير ، كما في ص ٦١٣ ج ١١ من الكنز.

(٤) هو ابن أبي الأخضر ، ذكره ابن السكن ، وروی عنه هذا الحديث من طريق الحارث بن حصيره ، عن جابر الجعفي ، عن الإمام الباقر ، عن أبيه الإمام زین العابدين ، عن الأخضر ، عن النبيّ. وقال ابن السكن : هو غير مشهور في الصحابه ، وفي إسناد حديثه نظر ؛ نقل ذلك كلّه العسقلاني في ترجمة الأخضر من الإصابه ..

وأخرج الدارقطني هذا الحديث في الأفراد ، وقال : تفرّد به جابر الجعفي ، وهو رافضی.

(٥) كنز العمّال ١١ : ٣٢٩٦٨/٦١٣.

٢٨٣

٤٠ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : يا علی! أخصمك بالنبوّه فلا نبوّه بعدي ، وتخصم الناس بسبع : أنت أوّلهم إیماناً باللّٰه ، وأوفاهم بعهد اللّٰه ، وأقومهم بأمر اللّٰه ، وأقسمهم بالسویه ، وأعدلهم في الرعیه ، وأبصرهم بالقضية ، وأعظمهم عند اللّٰه مزیه (١) ..

وعن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : يا عليّ! لك سبع خصال لا يحاجّك فيها أحد : أنت أوّل المؤمنين باللّٰه ، وأوفاهم بعهد اللّٰه ، وأقومهم بأمر اللّٰه ، وأقسمهم بالسویه ، وأعدلهم في الرعية ، وأبصرهم بالقضية ، وأعظمهم عند اللّٰه مزیه ..

وعن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : يا عليّ! لك سبع خصالٍ لا يحاجّك فيهنّ أحد يوم القيامه : أنت أوّل المؤمنين باللّٰه ، وأوفاهم بعهد اللّٰه ، وأقومهم بأمر اللّٰه ، وأرأفهم بالرعیه ، وأقسمهم بالسویه ، وأعلمهم بالقضية ، وأعظمهم مزية ..

إلی ما لا يسع المقام استقصاؤه من أمثال هذه السُنن المتضافره المتناصره باجتماعها كلّها علی الدلاله علی معني واحد هو : إنّ عليّاً ثاني رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم في هذه الأُمّه ، وإنّ له عليها من الزعامه بعد النبيّ ما كان له صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ، فهي من ناحية السُنن المتواتره في معناها وإنْ لم يتواتر لفظها ، وناهيك بهذا حجهً بالغه. والسلام.

__________________

(١) أخرجه أبو نعيم من حديث معاذ ، وأخرج الحديث الذي بعده ، أعني حديث أبي سعيد ، في حلية الأولياء ، وهما موجودان في ص ٦١٧ ج ١١ من الكنز.

٢٨٤

أقول :

قبل الورود في البحث عن الأحاديث المذكوره وما قيل فيها :

أوّلاً : هذه الأحاديث مرویّه في كتبنا وبطرق أصحابنا عن أهل البيت عليهم الصلاه والسلام ، وإذا كانت مخرّجه في كتب المخالفين لهم ، فهي ممّا اتّفق عليه الفریقان وأطبق عليه الطرفان ، ولا ريب أنّ الوثوق بصدور المتّفق عليه أقوی ، والاعتماد عليه أكثر.

وثانياً : إنّ عدّه من هذه الأحاديث صحيح علی أُصول القوم ، بالإضافه إلی تصريح علمائهم بذلك ، فلا مناصّ لهم من القبول.

وثالثاً : إنّ السيّد رحمه اللّٰه إنّما ذكر هذه الأحاديث تأییداً للنصوص ، ولا شك في أنّها صالحه لذلك حتّی لو كان كلّها ضعيفاً.

وبعدُ ، فهذا موجز الكلام علی أسانيد جمله من هذه الأحاديث :

الحديث «١» :

صحّحه الحاكم ، وقد وصفه الذهبي ب : «الإمام الحافظ الناقد العلّامه شيخ المحدّثين ... صنّف وخرّج وجرح وعدّل وصحّح وعلّل ، وكان من بحور العلم ، علی تشيّع قليل فيه ... أُنبئت عن أبي سعد الصفّار ، عن عبد الغافر بن إسماعيل ، قال : الحاكم أبو عبد اللَّه هو إمام أهل الحديث في عصره ، العارف به حقّ معرفته» (١).

إذاً ، يجوز لنا التمسّك بروايته والاحتجاج بتصحيحه وإلزام الخصوم المعاندين بذلك.

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٧ : ١٦٢ ـ ١٧٧.

٢٨٥

الحديث «٢» :

صحّحه الحاكم كذلك .. وأخرجه جماعه من الأئمّة الحفّاظ ، كأبي يعلی ، والطبراني ، وأبي نعيم وابن منده وأبي موسی ، وابن عبد البرّ ، وابن عساكر ، وابن الأثير ، وغيرهم .... (١).

قيل :

«٢ ، ٣ ، ٤ ـ حديث : أُوحی إلیَّ في علی ثلاث ... الحديث ، قال الذهبي : أحسبه موضوع ، وفي سنده : عمرو بن الحصين وشيخه متروكان».

أقول :

أوّلاً : إنّ هذا الكلام إنّما قاله الذهبي بعد الحديث : «أُوحی إلیَّ ...» وهو الحديث رقم (٢) فقط ، فإضافه (٣) و (٤) تدليس ..

وممّا يؤكد ذلك أنّ المتّقی الهندی ذكر الحديث المرقّم (٢) تحت الرقم (٣٣٠١٠) وأورد كلام الذهبي وغيره من أجل الرجلين.

ثمّ ذكر الحديث المرقَّم (٣) تحت الرقم (٣٣٠١١) عن ابن النجّار ، عن عبد اللَّه بن أسعد ... ولم يتكلّم علی سنده أصلاً.

وثانياً : مجرّد «أحسبه موضوع» دعویً بلا دليل.

وثالثاً : إنّ «عمرو بن الحصين» من رجال سُنن ابن ماجه ، وشيخه «يحيی بن العلاء» من رجال سُنن أبي داود وسُنن ابن ماجه. وهذان الكتابان من الصحاح الستّه عند القوم ، فالقول بأنّهما : «متروكان» باطل.

__________________

(١) تاريخ مدينه دمشق ٤٢ : ٣٠٢ ، المعجم الصغير ٢ : ٨٨ ، أُسد الغابه ٣ : ٧٠ ، رقم ٢٨١١.

٢٨٦

ورابعاً : إنّه قد روی ابن عساكر هذا الحديث بأسانيد ، أحدها : من طريق الحافظ ابن منده .. والثاني : من طريق الحافظ أبي يعلی ، عن عبد اللَّه بن أسعد بن زراره ، وليس فيهما الرجلان المذكوران أصلاً .. والثالث : من طريق أبي يعلی ، وفيه الرجلان ..

والطعن في حديث من أصله ، لأجل وجود المناقشه في بعض أسانيده ، تعصّبٌ قبیح.

الحديث «٣» :

أخرجه ابن النجّار ، وعنه المتّقی الهندی (١).

وبصدد تصحيح هذا الحديث نقول :

أوّلاً : ليس الرجلان المذكوران في سنده ، كما سيأتي.

وثانياً : قد جعل الحافظ محبّ الدين الطبري مفاد هذا الحديث من خصائص الإمام عليه السلام ؛ إذ قال : «ذكر اختصاصه بسياده المسلمين وولاه المتّقين» ، فقال : «عن عبد اللَّه بن أسعد بن زراره قال : قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : ليله أُسری بی انتهيت إلی ربّی عزّ وجلّ ، فأوحی إلیّ ـ أو : أمرني. شك الراوي في آيهما ـ في عليّ ثلاثاً : أنّه سيّد المسلمين وولي المتّقين وقائد الغرّ المحجّلين. أخرجه المحاملی ، وأخرجه الإمام عليّ بن موسی الرضا من حديث عليّ ، وزاد : ويعسوب الدين» (٢).

فقد ظهر أنّ الحديث من روايات الإمام الرضا عليه السلام ، ومن روايات

__________________

(١) كنز العمّال ١١ : ٦٢٠.

(٢) ذخائر العقبی في مناقب ذوی القربی : ١٣٠.

٢٨٧

المحاملی ، وابن النجّار ، والمحبّ الطبري ، كما أنّه من روايات ابن عساكر ، كما ستعلم.

وثالثاً : إنّ إسناد المحاملی صحيح قطعاً ؛ فإنّه أخرجه عن : «علی بن أبي حرب ، عن يحيی بن أبي بكير ، عن جعفر بن زياد الأحمر ، عن هلال الصيرفي ، عن أبي كثير الأنصاري ، عن عبد اللَّه بن أسعد بن زراره ، عن رسول اللّٰه ...» (١).

* فأمّا «المحاملی» ، وهو أبو عبد اللَّه الحسين بن إسماعيل ، المتوفي سنه ٣٣٠ ؛ فقد قال الخطيب : «كان فاضلاً ديناً» (٢) ، ووثّقه الذهبي وغيره (٣).

* وأمّا «عيسی بن أبي حرب» فهو : «عيسی بن موسی أبي حرب» أبو يحيی الصفّار البصری ، المتوفي سنه ٢٦٧ قال الخطيب : «قدم بغداد ، وحدّث بها عن يحيی بن أبي بكیر الكرماني ... روی عنه : ... والقاضي المحاملی ... وكان ثقهٌ ...» (٤).

* وأمّا «يحيی بن أبي بكير» الكرماني ، المتوفي سنه ٢٠٩ ؛ فمن رجال الصحاح الستّه (٥).

* وأمّا «جعفر بن زياد» الأحمر ، المتوفي سنه ١٦٧ ؛ فمن رجال أبي داود ، والترمذي ، والنسائي ، وقال ابن حجر : «صدوق ، يتشيّع» (٦).

* وأمّا «هلال الصيرفي» ؛ فمن رجال البخاري ، ومسلم ، وأبي داود

__________________

(١) تاريخ مدينه دمشق ٤٢ : ٣٠٢.

(٢) تاريخ بغداد ٨ : ١٩ ـ ٢٣.

(٣) سير أعلام النبلاء ١٥ : ٢٥٨.

(٤) تاريخ بغداد ١١ : ١٦٥.

(٥) تقريب التهذيب ٢ : ٣٤٤.

(٦) تقريب التهذيب ١ : ١٣٠.

٢٨٨

والترمذي ، والنسائي وقال ابن حجر : «ثقه» (١).

* وأمّا «أبو كثير الأنصاري» التابعی ؛ فقد ترجم له الخطيب وأخرج عنه حديثاً من طريق أحمد بن حنبل (٢).

الحديث «٤» :

ليس فيه الرجلان المذكوران ، وإنّما رواه الحافظ أبو نعيم قائلاً : «أنبأنا عمر ابن أحمد القصباني ، أنبأنا علی بن العبّاس البجلی ، أنبأنا أحمد بن يحيی ، أنبأنا الحسن بن الحسين ، أنبأنا إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق ، عن أبيه ، عن الشعبی ، قال : قال عليّ : قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : ...» (٣).

وأخرجه ابن عساكر عن طريق أبي نعيم ، قال : «أنبأنا أبو علی الحدّاد ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ...» (٤).

الحديث «٥» :

رواه الحافظ أبو نعيم ، قال : «حدّثنا محمّد بن أحمد بن علی ، ثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبه ، ثنا إبراهيم بن محمّد بن ميمون ، ثنا علی بن عياش ، عن الحارث بن حصيره ، عن القاسم بن جندب ، عن أنس ، قال : قال رسول صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : يا أنس! اسكب لي وضوءاً. ثمّ قال : فصلّی ركعتین ، ثمّ قال : يا أنس! أوّل من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين ، وسيّد المسلمين ، وقائد

__________________

(١) تقريب التهذيب ٢ : ٣٢٣.

(٢) تاريخ بغداد ١٤ : ٣٦٢.

(٣) حلية الأولياء ١ : ٦٦.

(٤) كنز العمال ١١ : ٦١٩ برقم ٣٣٠٠٩.

٢٨٩

الغرّ المحجّلين ، وخاتم الوصيين.

قال أنس : قلت : اللّٰهمّ اجعله رجلاً من الأنصار. وكتمته.

إذ جاء علی فقال : من هذا يا أنس؟ فقلت : عليّ.

فقام مستبشراً فاعتنقه ، ثمّ جعل يمسح عرق وجهه بوجهه ويمسح عرق عليّ بوجهه. قال علی : يا رسول اللّٰه! لقد رأيتك صنعت شيئاً ما صنعت بی من قبل.

قال : وما يمنعني وأنت تؤدّی عني ، وتسمعهم صوتی ، وتبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي.

رواه جابر الجعفي ، عن أبي الطفيل ، عن أنس نحوه» (١).

فقيل :

«٥ ، ٦ ـ أوّل من يدخل في هذا الباب إمام المتّقین ... رواه أبو نعيم في الحلية. وقال في الميزان : هذا الحديث موضوع. وقد روی هذا الحديث جابر الجعفي ، عن أبي الطفيل ، عن أنس. قال زائده : كان جابراً (٢) كذّاباً. وقال أبو حنيفه : ما لقيت أكذب منه. وفي صحيح مسلم : إنّ جابر الجعفي كان يؤمن بالرجعه. وقال ابن حبّان : إنّ جابر الجعفي كان سبئيا من أصحاب عبد اللَّه بن سبأ ، كان يقول : إنّ عليّاً يرجع إلی الدنيا. (رياض الجنّه : ١٥٨ ، ١٥٩)».

أقول :

قد روی الحديث عن أبي نعيم كذلك جماعه ، منهم : الحافظ ابن عساكر ؛ إذ

__________________

(١) حلية الأولياء ١ : ٦٣.

(٢) كذا.

٢٩٠

أخرجه قائلاً : «أخبرنا أبو علی المقری ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ...» (١).

وأخرجه ابن عساكر بطريق آخر ؛ إذ قال : «أخبرنا أبو الحسن الفرضي ، أنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، أنا أبو بكر محمّد بن عمر بن سليمان بن المعدل العریني النصیبی ـ بها ـ وأبو بكر الحسين بن الحسن بن محمّد ، قالا : أنا أبو بكر أحمد بن يوسف بن خلاد ، نا أبو جعفر محمّد بن عثمان بن أبي شيبه ، نا إبراهيم بن محمّد ، نا علی بن عائش ، عن الحارث بن حصيره ، عن القاسم بن جندب ، عن أنس بن مالك ...» (٢).

فأوّلاً : لفظ الحديث فيه : «أمير المؤمنين» ، إلّا أنّ السيّد نقله بواسطه ابن أبي الحدید لا عن الحلية رأساً ، ولفظه في شرح النهج : «إمام المتّقین» (٣).

وثانياً : في لفظ الحديث عن أنس : «قلت : اللّٰهم اجعله رجلاً من الأنصار. وكتمته» ، وقد حرّفت كلمه : «وكتمته» في شرح النهج إلی : «وكتبت دعوتی» (٤).

والسبب في هذا التحريف ـ إذ أُبدلت : «كتمت» إلی : «كتبت» ، وأُضیفت كلمه : «دعوتی» ـ هو «التكتّم» علی واقع حال أنس بن مالك وأمثاله من الصحابه ، من الحسد والبغض لأمير المؤمنين عليه السلام ..

لكنّ اللّٰه سبحانه شاء أن يفتضح أنس ويكشف حاله في قضیه الطائر المشوی ؛ إذ أنّه بعد ما دعا النبيّ صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم قال أنس : «اللّٰهمّ اجعله رجلاً من الأنصار» ، وحاول أن يكتم دعاء النبيّ ، وحال دون دخول الإمام عليه ،

__________________

(١) تاريخ مدينه دمشق ٤٢ : ٣٨٦.

(٢) تاريخ مدينه دمشق ٤٢ : ٣٠٣.

(٣) شرح نهج البلاغه ٩ : ١٦٩.

(٤) شرح نهج البلاغه ٩ : ١٦٩.

٢٩١

إلّا أنّ اللّٰه استجاب دعاء رسوله في عليّ ، ودخل عليه الدار وأكل معه من الطير ، ولو اتّسع المجال لفصّلت الكلام ، وأشرت إلی صحّه الحديث وإن حاول القوم «التكتّم» عليه ، فراجع المجلّد المختصّ به من كتابنا الكبير (١).

وأيضاً : فقد فضح اللّٰه حال أنس لمّا «كتم» الشهاده بحديث الغدير ، ودعا عليه الإمام عليه السلام وابتلی بالبرص ، والقضية مشهوره.

وعلی كلٍّ ، فإنّ هذا الحديث الذي أورده السيّد رحمه اللّٰه يعدّ من أسمی مناقب سیّدنا أمير المؤمنين وفضائله الدالّه علی إمامته بعد رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ، وهو من أثبت الأحاديث في الباب ، وقد رویت مقاطع منه أيضاً بأسانيد مستقلّه بعضها معتبر.

ومن هنا ، فقد بذل المتعصّبون جهودهم في الطعن في الحديث المذكور ، واضطربت كلماتهم في الردّ عليه ، وإليك بعض الكلام في ذلك :

لقد روی الحافظ أبو نعيم هذا الحديث بطریقین ، أحدهما : عن القاسم بن جندب ، عن أنس ، والآخر : عن جابر الجعفي ، عن أبي الطفيل ، عن أنس ..

فقال ابن الجوزي ـ بعد أن رواه بالطريق الأوّل ـ : «هذا حديث لا يصحّ. قال يحيی بن معين : علی بن عابس ليس بشيء. وقد روی هذا الحديث جابر الجعفي ، عن أبي الطفيل ، عن أنس. قال زائده : كان جابر كذّاباً ، وقال أبو حنيفه : ما لقیت أكذب منه» (٢).

فأمّا الطريق الأوّل ، فقد طعن فيه من أجل : «علی بن عابس» ، ولم يقل إلّا : قال يحيی بن معين : «ليس بشيء» ؛ ممّا يدلّ علی أنْ لا إشكال في هذا الطريق إلّا

__________________

(١) انظر : نفحات الأزهار في إمامه الأئمّة الأطهار ج ١٣ ـ ١٤.

(٢) الموضوعات ١ : ٣٧٧.

٢٩٢

من ناحية «علی بن عابس» ، وأمّا الطريق الثاني ، فالكلام في : «جابر الجعفي».

أمّا الذهبي ، فلم يذكر الحديث بترجمة «جابر» أصلاً .. وإنّما ذكره بالطريق الأوّل ، لكن لا بترجمة : «علی بن عابس» ، بل بترجمة : «إبراهيم» ، ثمّ اضطرب الأمر عليه ؛ فعنون تاره : «إبراهيم بن محمّد بن ميمون» ، وأُخری : «إبراهيم بن محمود بن ميمون» ، فقال في الأوّل : «إبراهيم بن محمّد بن ميمون : من أجلاد الشيعه. روی عن علی بن عابس خبراً عجیباً. روی عنه أبو شيبه بن أبي بكر وغيره» (١) ..

ثمّ قال في الصفحه اللاحقه : «إبراهيم بن محمود بن ميمون : لا أعرفه. روی حديثاً موضوعاً فاسمعه : فروی محمّد بن عثمان بن أبي شيبه ، عن علی بن عابس ، عن الحارث بن حصيره ، عن القاسم بن جندب ، عن أنس : إنّ النبيّ صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم قال لي : أوّل من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين ، وسيّد المسلمين ، وقائد الغرّ المحجّلین ، وخاتم الوصيین .. الحديث بطوله».

فهل هو : «إبراهيم بن محمّد بن ميمون» ، أو : «إبراهيم بن محمود بن ميمون»؟!

الأوّل : «من أجلاد الشيعه» ، الثاني : «لا أعرفه»!!

وهل الحديث : «عجيب» أو : «موضوع»؟!

وعند ما نرجع إلی لسان الميزان نجد أنّ ابن حجر يقول : «إبراهيم بن محمّد بن ميمون : من أجلاد الشيعه. روی عن عليّ بن عابس خبراً عجیباً. روی عنه أبو شيبه بن أبي بكر وغيره. انتهی.

والحديث : قال هذا الرجل : حدّثنا علی بن عابس ، عن الحارث بن حصيره ،

__________________

(١) ميزان الاعتدال ١ : ٦٣.

٢٩٣

عن القاسم بن جندب ، عن أنس رضي اللّٰه عنه : إنّ النبيّ صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم قال لي : ...الحديث بطوله. رواه عنه أيضاً : محمّد بن عثمان بن أبي شيبه. وذكره الأزدي في الضعفاء ، وقال : إنّه منكر الحديث. وذكره ابن حبّان في الثقات ، وقال إنّه : كندی.

وأعاده المؤلّف في ترجمة إبراهيم بن محمود ، وهو هو ، فقال : لا أعرفه. روی حديثاً موضوعاً ، فذكر الحديث المذكور. ونقلتُ من خطّ شيخنا أبي الفضل الحافظ : إنّ هذا الرجل ليس بثقه. وقال إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبه : سمعت عمّی عثمان بن أبي شيبه يقول : لو لا رجلان من الشيعه ما صحّ لكم حديث. فقلت : من هما يا عمّ؟ قال : إبراهيم بن محمّد بن ميمون ، وعبّاد بن يعقوب. وذكره أبو جعفر الطوسي في رجال الشيعه» (١).

ووقع اختلاف واضطراب في اسم الراوي : هل هو «علی بن عابس» ، كما ذكروا ، أو : إنّه «علی بن عياش» ، كما في حلية الأولياء ، وقال مصحّحه : «الصحيح ما أثبتناه» ، أو : «علی بن عبّاس» ، أو : «علی بن عائش» ، كما في روايتي ابن عساكر؟!!

أقول :

إني أظنّ أنّ هذا التصحيف مقصود وليس بصدفه :

فإن كان : «ابن عياش» ، فهو من رجال البخاري والسنن الأربعه (٢) ..

وإن كان : «ابن عابس» ، فهو من رجال الترمذي ، وقد اختلفت كلماتهم فيه ..

__________________

(١) لسان الميزان ١ : ١٠٧.

(٢) تقريب التهذيب ٢ : ٤٢.

٢٩٤

فعن جماعه ، كالجوزجاني والأزدي : ضعيف. وعن يحيی بن معين في روآيه : كأنّه ضعيف ، وفي أُخری : ليس بشيء. وعن ابن حبّان : فحش خطأُه فاستحقّ الترك. وعن الدارقطني : يعتبر به. وعن أبي زرعة والساجی : عنده مناكیر.

وعن ابن عدی : لعلی بن عابس أحاديث حِسان ، ويروی عن أبان بن تغلب وعن غيره أحاديث غرائب ، وهو مع ضعفه يكتب حديثه (١).

وقد أورد ابن عدی روايته الحديث عن عطیه ، عن أبي سعيد ، قال : لمّا نزلت : (وَآتِ ذَا الْقُرْبیٰ حَقَّهُ) (٢) دعا رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم فاطمة فأعطاها فدكاً (٣).

فمن يروی مثل حديثنا ـ وهذا الحديث في فدك ـ فلا بُدّ وأن يترك عند الجوزجاني وأمثاله من النواصب!!

هذا تمام الكلام علی الطريق الأوّل.

وقد عرفت أنّ «إبراهيم بن محمّد بن ميمون» من الثقات عند ابن حبّان وغيره ، ولم ينقل ابن حجر تضعيفاً له إلّا عن الأزدي ، وهذا من عجائب ابن حجر ؛ لأنّه تعقّب تضعیفات الأزدي غير مرّه قائلاً : «لیت الأزدي عرف ضعف نفسه» و «لا يعتبر تجریحه لضعفه هو» (٤) ..

ولم يتكلّم فيه الذهبي إلّا بقوله : «من أجلاد الشيعه» ، وهذا ليس بطعنٍ ؛ فقد قدّمنا غير مرّه عن الذهبي نفسه وعن ابن حجر أنّ التشيّع غير مضرّ بالوثاقه.

__________________

(١) الكامل ـ لابن عدی ـ ٦ : ٣٢٢ ، تهذيب الكمال ٢٠ : ٥٠٢ ، تهذيب التهذيب ٧ : ٣٠١.

(٢) سوره الإسراء ١٧ : ٢٦.

(٣) الكامل ٦ : ٣٢٤.

(٤) مقدمه فتح الباری : ٤٣٠.

٢٩٥

وأمّا الطريق الثاني ، فقد تكلّموا فيه ل «جابر بن يزيد الجعفي» ، ويكفي أن نورد نصّ كلام الذهبي فيه في ميزان الإعتدال ؛ إذ قال :

«جابر بن يزيد [د ، ت ، ق] بن الحارث الجعفي الكوفي ، أحد علماء الشيعه ، له عن أبي الطفيل ، والشعبی ، وخلق. وعنه : شعبه ، وأبو عوانه ، وعدّه.

قال ابن مهدی ، عن سفيان : كان جابر الجعفي ورعاً في الحديث ، ما رأيت أورع منه في الحديث.

وقال شعبه : صدوق ؛ وقال يحيی بن أبي بكیر ، عن شعبه : كان جابر إذا قال أخبرنا وحدّثنا وسمعت ، فهو من أوثق الناس.

وقال وكيع : ما شككتم في شيء فلا تشكوا أنّ جابراً الجعفي ثقه.

وقال ابن عبد الحكم : سمعت الشافعي يقول : قال سفيان الثوری لشعبه : إنّ تكلّمت في جابر الجعفي لأتكلّمنّ فيك ...» (١).

فإذا كان جابر من رجال ثلاثه من الصحاح ، ثمّ من مشايخ أئمّة ، كالثوری وشعبه وأبي عوانه ، وأنّهم قالوا هذه الكلمات في توثیقه ...فإنّه يكفینا للاحتجاج قطعاً ؛ إذْ ليس عندهم من المحدّثين من أجمعوا علی وثاقته إلّا الشاذ النادر ، فهم لم يجمعوا علی وثاقه مثل البخاري صاحب الصحيح.

علی أنّ ما ذكروه جرحاً فيه فليس من أسباب الجرح والقدح ؛ لأنّ كلمات الجارحين تتلخّص في أنّه : «كان من علماء الشيعه» ، وأنّه كان : «يحدّث بأخبار لا يصبر عنها» في فضل أهل البيت ، وأنّه : «كان يؤمن بالرجعه» ...ولا شيء من هذه الأُمور بقادح ، لا سيّما بالنظر إلی ما تقدّم عن أئمّة القوم من التأكيد علی ورعه في الحديث ، والنهی عن التشكيك في أنّه ثقه ، حتّی أنّ مثل سفيان يقول لمثل شعبه :

__________________

(١) ميزان الاعتدال ١ : ٣٧٩ ـ ٣٨٤.

٢٩٦

«إن تكلّمت في جابر الجعفي لأتكلّمن فيك»!

وبما ذكرناه كفآيه ، لمن طلب الرشاد والهدآيه.

وبه تتبين مواضع الزور والدجل والتدليس في كلام المفتری.

الحديث «٦» :

قال أبو نعيم : «حدّثنا محمّد بن حميد ، ثنا علی بن سراج المصری ، ثنا محمّد ابن فیروز ، ثنا أبو عمرو لاهز بن عبد اللَّه ، ثنا معتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن هشام ابن عروه ، عن أبيه ، قال : ثنا أنس بن مالك ، قال : بعثني النبيّ صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم إلی أبي برزه الأسلمی ، فقال له وأنا اسمع : يا أبا برزه! إنّ ربّ العالمین عهد إلیّ عهداً في عليّ بن أبي طالب فقال : إنّه رآيه الهدی ، ومنار الإيمان ، وإمام أوليائی ، ونور جميع من أطاعني .. يا أبا برزه! عليّ بن أبي طالب أميني غداً في القيامه ، وصاحب رأيتی في القيامه علی مفاتیح خزائن رحمة ربّی.

حدّثنا أبو بكر الطلحی ، ثنا محمّد بن علی بن بن دحیم ، ثنا عباد بن سعيد بن عباد الجعفي ، ثنا محمّد بن عثمان بن أبي البهلول ، حدّثني صالح بن أبي الأسود ، عن أبي المطهّر الرازي ، عن الأعشی الثقفي ، عن سلام الجعفي ، عن أبي برزه ، قال : قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : إنّ اللّٰه تعالی عهد إلیّ عهداً في عليّ ، فقلت : يا ربّ بيّنه لی؟ فقال : اسمع : فقلت : سمعت ، فقال إنّ عليّاً رآيه الهدی ، وإمام أوليائی ، ونور من أطاعني ، وهو الكلمه التی ألزمتها المتّقين ، من أحبّه أحبّني ومن أبغضه أبغضني ، فبشّره بذلك. فجاء عليّ فبشّرته ...» (١).

__________________

(١) حلية الأولياء ١ : ٦٦ ـ ٦٧.

٢٩٧

وأخرجه ابن عساكر عن أبي علی الحداد ، عن أبي نعيم الحافظ (١) ..

وأخرجه بإسناد له غيره فقال : «أخبرنا أبو البركات عمر بن إبراهيم بن محمّد الزیدی ، أنا أبو الفرج الشاهد ، أنا أبو الحسن محمّد بن جعفر النجّار النحوی ، أنا أبو عبد اللَّه محمّد بن القاسم المحاربی ، نا عبّاد بن يعقوب ، أنا علی بن هاشم ، عن محمّد بن عبيد اللّٰه بن أبي رافع ، عن عون بن عبيد اللّٰه ، عن أبي جعفر وعن عمر بن علی ، قالا : قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : ....

(قال ابن عساكر :) هذا مرسل» (٢).

ولم يتكلّم ابن عساكر علی الإسناد السابق.

وأمّا قوله في الإسناد الأخير : «مرسل» فيردّه أنّ الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام لا يروی إلّا عن آبائه ، عن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم.

وعمر بن علی إنّما رواه عن عليّ أمير المؤمنين عليه السلام ..

ولو كان في الحديث مطعن لذكره ابن عساكر ، لكنّه حديث معتبر بلا ريب ؛ لأنّ رجاله ثقات بلا كلام ..

و «عباد بن يعقوب» الرواجني من رجال البخاري ، والترمذي ، وابن ماجه ؛ قال ابن حجر : «صدوق رافضی ، حديثه في البخاري مقرون ، بالغ ابن حبّان فقال : يستحقّ الترك» (٣) ..

و «علی بن هاشم» بن البريد من رجال البخاري في المتابعات ، ومسلم ، والأربعه ؛ وقال ابن حجر : «صدوق يتشيّع» (٤).

__________________

(١) تاريخ مدينه دمشق ٤٢ : ٢٩٠.

(٢) تاريخ مدينه دمشق ٤٢ : ٢٧٠.

(٣) تقريب التهذيب ١ : ٣٩٤.

(٤) تقريب التهذيب ٢ : ٤٥.

٢٩٨

فالحقّ مع السيّد في قوله :

«وأنت تری هذه الأحاديث الستّه نصوصاً صریحه في إمامته ولزوم طاعته عليه السلام».

الحديث «٧» :

أخرجه طب عن سلمان وأبي ذرّ معاً. هق ، عد عن حذيفه. كذا قال المتّقی (١).

وسند الحديث عند الطبراني هكذا : «حدّثنا علی بن إسحاق الوزير الأصبهاني ، حدّثنا إسماعيل بن موسی السدّی ، ثنا عمر بن سعيد ، عن فضيل بن مرزوق ، عن أبي سخيلة ، عن أبي ذرّ وعن سلمان ، قالا : أخذ رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم بيد عليّ رضي اللّٰه عنه فقال : إنّ هذا ...» (٢).

وعند ابن عساكر بإسناده ...أنا عمرو بن سعيد البصری ، عن فضيل بن مرزوق ، عن أبي سخيلة ، عن سلمان وأبي ذرّ ... (٣).

وقال الهيثمي بعد أن رواه عن سلمان وأبي ذرّ : «رواه الطبراني ، والبزّار عن أبي ذرّ وحده ...وفيه : عمرو بن سعيد المصری ، وهو ضعيف» (٤).

وفي تهذيب الكمال في مَن روی عن فضيل بن مرزوق : عمر بن سعد البصری (٥).

__________________

(١) كنز العمال ١١ : ٦١٦ برقم ٣٢٩٩٠.

(٢) المعجم الكبير ٦ : ٢٩٦ برقم ٦١٨٤.

(٣) تاريخ مدينه دمشق ٤٢ : ٤١.

(٤) مجمع الزوائد ٩ : ١٠٢.

(٥) تهذيب الكمال ٢٣ : ٣٠٦.

٢٩٩

أقول :

فقد وقع التحريف والخلط في اسم الرجل واسم أبيه ولقبه ، فهل هو : «عمر» أو «عمرو»؟! وأبوه : «سعد» أو «سعيد»؟! وهو : «البصری» أو «المصری»؟!

وقد روی الحديث عن ابن عبّاس أيضاً ، وأخرجه ابن عساكر بإسناد فيه عبد اللَّه بن داهر ، قال : «ستكون فتنه ، فمن أدركها منكم فعليه بخصلتین : كتاب اللّٰه وعليّ بن أبي طالب ، فإني سمعت رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم يقول وهو آخذ بيد عليّ : هذا أوّل من آمن بی ...».

ثمّ قال ابن عساكر : «قال ابن عدی : عامّه ما يرویه ابن داهر في فضائل عليّ هو فيه متّهم» (١).

فلم يتّهم الرجل بكذبٍ أو غيره من أسباب الضعف ، وإنّما «عامّه ما يرویه في فضائل عليّ» ، فهذا ذنبه؟!

فانظر كيف يحاولون الطعن في الأحاديث النبوية الوارده في المناقب العلویه؟!!

الحديث «٨» :

هذا الحديث أخرجه الطبراني في الكبير ، وأبو نعيم في الحلية ، كما قال المتّقی (٢).

ورواه الهيثمي فقال : «رواه الطبراني ، وفيه : إسحاق بن إبراهيم الضبیّ ، وهو متروك» (٣).

__________________

(١) تاريخ مدينه دمشق ٤٢ : ٤٢.

(٢) كنز العمال ١١ : ٦١٩ برقم ٣٣٠٠٧ ، ١٣ : ١٤٣ برقم ٣٦٤٤٨.

(٣) مجمع الزوائد ٩ : ١٣٢.

٣٠٠