تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات - ج ٣

السيّد علي الحسيني الميلاني

تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات - ج ٣

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الحقائق الإسلاميّة
المطبعة: وفا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-2501-06-6
الصفحات: ٤٤٠

و : «حدّثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا الفضل بن دكين أبو نعيم الأحول ، ثنا موسی ابن قيس الحضرمي ، عن سلمه بن كهيل».

فإنّ رجال كلا الإسنادين ثقات ومن رجال الصحاح الستّه.

وروآيه ابن جرير الطبري في تفسيره.

وروآيه الحاكم النيسابوري في المستدرك.

وروآيه ابن عساكر : عن الحدّاد ، عن أبي نعيم الأصفهاني ، عن الطبراني ، عن عبد الرحمن بن سلّم الرازي ، عن محمّد بن يحيی بن الضریس ، عن عيسی بن عبد اللَّه ..

فإنّ هؤلاء كلّهم ثقات بلا كلام.

وابن كثير أورد عدّه روايات ، وتكلّم في بعضها ، وسكت عن آخر ، وقال بعد واحد منها : «هذا إسناد لا يقدح به» (١) ..

بل إنّ نزول الآيه المباركه في أمير المؤمنين عليه السلام ممّا أجمع عليه المفسّرون ، كما اعترف بذلك أئمّة علم الكلام في كتبهم ، كالقاضي العضد في مواقفه ، والشريف الجرجاني في شرحه (٢) ، والتفتازاني في شرح المقاصد (٣) ، والقوشجی في حاشيه التجريد (٤).

وعليه أغلب المحدّثين ، كما قال الآلوسي (٥).

__________________

(١) تفسير القرآن العظيم ٢ : ٦٤. طبع دار القلم ـ بیروت.

(٢) شرح المواقف في علم الكلام ٨ : ٣٦٠.

(٣) شرح المقاصد في علم الكلام ٥ : ٢٧٠.

(٤) الحاشيه علی التجرید : ٣٦٨.

(٥) روح المعاني ٦ : ١٦٧.

٢٦١

الحكم علی ابن تيمية!!

إذاً ، فقد ثبت نزول الآيه في أمير المؤمنين عليه السلام ، ولا يناقش أحد في هذه الجهه إلّا إذا كان جاهلاً أو كان مغرضاً عنیداً.

فما رأيك ـ حينئذ ـ بابن تيمية القائل : «وقد وضع بعض الكذّابين حديثاً مفتری : إنّ هذه الآيه نزلت في عليّ لمّا تصدّق بخاتمه في الصلاه. وهذا كذب بإجماع أهل العلم بالنقل» (١) ..

و : «أجمع أهل العلم بالنقل علی أنّها لم تنزل في عليّ بخصوصه ، وإنّ عليّاً لم يتصدّق بخاتمه في الصلاه ، وأجمع أهل العلم بالحديث علی أنّ القصّه المرویه في ذلك من الكذب الموضوع» (٢) ..

و : «جمهور الأُمّه لم تسمع هذا الخبر» (٣).

فالحكم عليه بما يقتضيه الدين والعلم والعدل!!

وأمّا أتباع ابن تيمية فلا يسوون عندنا فلساً ، لكونهم جهّالاً لا يملكون إلّا التقليد الأعمی له والتعصّب للهوی ؛ وإن كنت في ريب فانظر إلی كلامهم هنا :

قيل :

«إنّا نجزم أنّ هذه الأحاديث لا يصحّ منها شيء ولم يثبت منها حديث تقوم به الحجّه .. أمّا مجرّد عزوها إلی تفسير الثعلبي أو أسباب النزول للواحدی فليس ذلك بحجّه باتّفاق أهل العلم ، لأنّ أهل السُنّة لا يثبتون بهذه المراجع شيئاً يریدون

__________________

(١) منهاج السُنّة ٢ : ٣٠.

(٢) منهاج السُنّة ٧ : ١١.

(٣) منهاج السُنّة ٧ : ١٧.

٢٦٢

إثباته مهما كان هذا الشيء ؛ لأنّها جمعت بين الصحيح والضعيف والموضوع ، وإنّ المفسّرين لم يتفقّوا علی أنّ الآيه نزلت في عليّ بن أبي طالب ، بل اختلفوا».

أقول :

قد عرفت أنّ غير واحدٍ من أسانيد الحديث صحيح ، وأنّ الإحاله لم تكن إلی مجرّد تفسير الثعلبي وأسباب النزول للواحدی وكنز العمّال ..

ونحن أيضاً نری أنّ هذه الكتب تجمع بين الصحيح والضعيف والموضوع ، وكذلك الكتب الأُخری ، وحتّی الموسومه بالصحاح ، لكنّ الاستدلال في هذا المقام إنّما هو بما صحَّ ، سواء كان في الكتب المذكوره أو غيرها.

علی أنّه قد تقدّم عن الآلوسي : إنّ عليه أغلب المحدّثين ، وما كان عليه أغلب محدّثی السُنّة ، وكافّه الإماميه أيضاً فلا شك في صدقه وثبوته.

وأمّا اجماع المفسّرين ، فقد عرفت أنّه اعتراف جملهٍ من أكابر القوم ، فإن كانوا كاذبين عليهم فما ذنبنا؟!

وعلی الجملة ، فقد تبين أنْ ليس عند أتباع ابن تيمية إلّا التقليد ، ولم نرَ منهم إلّا تكرار أباطیله من غير تحقيق أو تدبّر.

ونكتفي بهذا في بيان نزول الآيه في أمير المؤمنين علی ضوء روايات القوم وكلمات علمائهم ، وهذا هو المهمُّ في الاستدلال ؛ لأنّ دلاله الآيه علی مطلوب أهل الحقّ واضحه تماماً.

دلاله الآيه علی إمامه عليّ عليه السلام :

وما ذكره السيّد رحمه اللّٰه في وجه الاستدلال كافٍ ...وقد سبقه إلی ذلك

٢٦٣

سائر علماء الطائفه (١).

وما ذكره القوم ـ كالرازي والإیجی والتفتازاني ـ في الاعتراض عليه فالأصل فيه هو : عبد الجبّار المعتزلی في كتابه المغني ، فهم عيال علی المعتزله ، وقد أجاب عنه السيّد المرتضی في كتابه الشافي.

فإنّ الآيه المباركه أثبتت لعليّ عليه السلام ما ثبت للّٰه ولرسوله من الولايه العامّه ؛ إذْ نزلت في قضيه تصدّقه في حال الركوع ، كما أثبت النبيّ صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم له عليه السلام يوم غدير خمّ ما ثبت له صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم بقوله تعالی : (النبيّ أَوليٰ بِالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ ...) (٢).

وعلی الجملة ، فلا وجه للإشكال في دلاله الآيه علی «الأوْلوية» ولا في دلالتها علی «عموم الولاية» ...كما لم يكن وجه لإنكار نزولها في تلك القضية ؛ لثبوته بالأخبار الصحيحه عند الفريقين ، حتّی أنّ بعض فقهاء السُنّة كالجصّاص وغيره استنبط منها حكماً شرعيا (٣) ، وحتّی أنّ حسّان بن ثابت الأنصاري قال فيها شعراً (٤).

ويبقی الإشكال من بعض الجهات الأُخری :

__________________

(١) انظر : الذخيره في علم الكلام : ٤٣٨ ، تلخيص الشافي ٢ : ١٠ ، كشف المراد في شرح تجرید الاعتقاد : ٣٩٤ ، نهج الحقّ وكشف الصدق : ١٧٢.

(٢) سوره الأحزاب ٣٣ : ٦.

(٣) أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ٤ : ١٠٢ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٢٢١ ، تفسير أبي السعود٣ : ٥٢ ، وغيرها.

(٤) شواهد التنزيل لقواعد التفضيل ١ : ١٨٢.

٢٦٤

١ ـ لفظ : (الَّذِينَ آمَنُوا) للجمع ، فكيف أُطلق علی المفرد؟

وهو إشكال ذكره القاضي عبد الجبّار وتبعه الرازي وغيره.

والجواب : إنّه بعد ثبوت نزول الآيه في أمير المؤمنين عليه السلام ، كما سبق ، فلا بُدّ وأنْ يكون لإطلاق لفظ الجمع فيها عليه بمفرده نكته ..

فذكر السيّد رحمه اللّٰه وجوهاً ، وكلّ واحدٍ منها محتمل ، ولا مانع من أنْ يكون كلّها مراداً ، وقد لا يكون شيء منها هو الوجه .. لكنّ المهمّ أنّ الآيه نازله في الإمام عليه السلام ولا يضرّ بالاستدلال جهلنا بالنكته الحقيقیه لإطلاق لفظ الجمع عليه بوحده .. كما لا يخفي.

فقيل :

«سبحان اللّٰه! وهل كان عليّ بن أبي طالب أعلی منزله عند اللّٰه من رسوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم حتّی يخاطبه بصیغه الجمع (الَّذِينَ آمَنُوا) ويخاطب نبیّه بصیغه الإفراد (وَرَسُولُهُ)»؟! بل إنّ اللّٰه جلّ جلاله أفرد نفسه في هذه الآيه ...

ويلزم من هذا أنّ عليّاً رضي اللّٰه عنه أفضل عند اللّٰه من النبيّ صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ، ولا يخفي فساد هذا القول ومجانبته للإیمان ، لكنّ مثل هذا القول غير بعيد عن معتقد الرافضه ، فإنّهم يعتقدون أنّ لأئمّتهم منزله لا يبلغها نبيّ مرسل ولا ملك مقرَّب.

أمّا النكته التی نقلها عن الزمخشری في كشّافه ، فهي مبنیّه علی القول بصحّه الرواية القائله بأنّ الآيه نزلت في عليّ رضي اللّٰه عنه ، وقد أثبتنا من قبل كذب هذه الرواية عند أهل العلم بالحديث ، وبثبوت ذلك يثبت بطلان هذه النكته لبطلان الأساس الذي قامت عليه.

٢٦٥

وقد أبعد هذا الرافضي النجعه إذ قال : إنّما أتی بعباره الجمع دون عباره المفرد بقيا منه تعالی علی كثير من الناس ...قلت : هل اطّلع هذا الرافضي الغیب فعرف أنّ هذا هو مراد اللّٰه ...أم جاء ذلك بآيه من كتاب اللّٰه ، أو خبر صحيح علی لسان رسول اللّٰه؟ وبدون ذلك يكون الكلام رجماً بالغیب وتقوّل علی اللّٰه ورسوله بلا علم ، أعاذنا اللّٰه والمسلمين من ذلك.

أمّا استشهاده علی مدّعاه بقوله تعالی في سوره آل عمران : (الَّذِينَ قٰالَ لَهُمُ النّٰاسُ ...) وقوله : إنّما كان القائل نعيم بن مسعود ...هو استشهاد باطل وقول مردود ...».

أقول :

بعض هذا الكلام تهريج ناشئ من سوء الفهم ؛ لأنّ الآيه الكريمه موضوعها «الولي» وهی بصدد الإخبار عنه ..

فالآيه تقول : إنّ «الولي» ليس إلّا «اللّٰه» و «الرسول» و «عليّ» ، فكيف كان يمكن الإتيان بصيغه الجمع بالنسبه إلی «اللّٰه ورسوله»؟!

أمّا في الموارد التی تكلّم اللّٰه سبحانه عن نفسه ، فقد صحّ الإتيان بصيغه الجمع بأن يقول : «إنّا» و : «نحن» ؛ وهو أيضاً لنكتهٍ توجب ذلك.

وبعضه بهتان وافتراء ؛ فإنّ الإماميه لا يفضّلون عليّاً علی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ، وإنْ كانوا يفضّلونه علی سائر الأنبياء ، كما تحقّق في مبحث آيه المباهله.

وبعضه دفاع عن النواصب ؛ إذ يقول السيّد : «فإنّ شانئی عليّ وأعداء بني هاشم ...» وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها ، ولا يحاول ذلك إلّا من كان

٢٦٦

علی طريقتهم.

وبعضه دعویً كاذبه ؛ فإنّه قال عمّا ذكره صاحب الكشّاف : «وقد أثبتنا ...» ، والحال أنّ أحداً لا يمكنه إثبات كذب الرواية في نزول الآيه في عليّ عليه السلام ، فكيف بمثل هؤلاء المقلِّده؟!!

وعلی كلّ حالٍ ...فإنّ الرواية ثابته قطعاً ؛ ولأجلها قالوا بأنّه : لا بُدّ من نكتهٍ.

وأمّا نظائرها في القرآن الكريم فكثيره ، حسب ما جاء في تفاسير القوم ..

فالآيه التی ذكر السيّد أنّ المراد فيها هو : «نعيم بن مسعود الأشجعی» تجد القول بذلك في تفاسير : الزمخشری ، وابن الجوزي ، والرازي ، والقرطبی ، وابن كثير ، والخازن وغيرهم.

وكقوله تعالی : (لاٰ ينْهٰاكمُ اللّٰهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يقٰاتِلُوكمْ في الدين وَلَمْ يخْرِجُوكمْ مِنْ دِيٰارِكمْ) (١) ..

فقد رووا في كتب الحديث والتفسير أنّها : نزلت في أسماء بنت أبي بكر ؛ وذلك أنّ أُمّها قدمت عليها بهدايا وكانت مشركهً فأبت أسماء أنْ تقبلها حتّی تستأذن النبيّ ، فسألته ، فأنزل اللّٰه الآيه ، فأمرها رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم أنْ تدخلها منزلها وأنْ تقبل هديّتها وتحسن إليها ..

والخبر في الصحيحين ، ومسند أحمد ، وتفسير الطبري ، وابن أبي حاتم ، وعنها في تفسير القرطبی ، وتفسير ابن كثير ، وتفسير الخازن ...وغيرها.

ولو أردنا التفصيل لطال بنا المقام ..

فهذه كتبهم .. وهذه رواياتهم .. وعلی ضوئها تكلّم السيّد.

__________________

(١) سوره الممتحنه ٦٠ : ٨.

٢٦٧

٢ ـ السياق دالّ علی إراده المحبّ أو نحوه؟

فقد زعم القاضي المعتزلی ـ وتبعه الأشاعره كالرازي وابن روزبهان وغيرهما ـ : إنّ الآيه وارده في سياق النهی عن اتّخاذ الكفّار أولياء ، ولا علاقه لها بالموضوع.

وهذا غفله عمّا جاء في كتب أصحابنا في وجه الاستدلال بها ..

* أمّا أوّلاً : فإنّه قد وقع الفصل بين الآيه وآيه النهی عن ولآيه الكفّار ، فلا سياق أصلاً.

* وأمّا ثانياً : فإنّ السياق إنّما يكون قرینهً حيث لا دليل علی خلافه ، وهذا ممّا اتّفق عليه سائر العلماء المحقّقين في مختلف البحوث.

* وأمّا ثالثاً : فإنّ «الولايه» في هذه الآيه لا تكون لأحدٍ إلّا للّٰه ، وإلّا لمن أثبتها اللّٰه نفسه له ، وهو ـ بمقتضی الآيه المباركه ـ رسول اللّٰه وعليّ عليهما وآلهما الصلاه والسلام .. وهذا المعني لا تقاومه الأدلّه فضلاً عن السياقات .. علی فرض الثبوت ..

٣ ـ الولايه بمعني الأولوية غير مراده في زمن الخطاب.

قال القاضي المعتزلی ـ وتبعه الرازي والتفتازاني والدهلوی والآلوسي ـ : إنّ الولايه بمعني الأولويه بالتصرّف غير مراده من الآيه في زمان الخطاب ، فليكن المراد بعد عثمان ، ولا نزاع.

والجواب : إنّه ليس المراد من «الولايه» في الآيه ونحوها خصوص «الحكومه» ، بل المراد فرض الطاعه والاستحقاق للتصرّف المطلق في جميع الأحوال وفي جميع الشؤون ، ومنها الحكومه ، وهذا يثبت لأمير المؤمنين عليه

٢٦٨

السلام في حال حياه النبيّ صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ، إلّا أنّه تابع له ومطیع لأوامره ونواهيه ، فلا منافاه ..

ولو سلّمنا ؛ فإنّه يخرج حال حياه النبيّ ، ويبقی غيره.

علی أن حمل «الأولویه بالتصرّف» علی زمان «بعد عثمان» موقوف علی صحّه تصدّی القوم قبله ، وهذا أوّل الكلام ..

٤ ـ التصدّق أثناء الصلاه ينافي الصلاه؟

ذكره القاضي وتبعه القوم.

وهو واضح السقوط ، حتّی عند علماء القوم أيضاً (١).

أقول :

هذه عمده الإشكالات علی الاستدلال بالآيه .. والغرض منها جميعاً هو الدفاع عمّن تقدَّم علی الإمام عليّ عليه السلام وتقمّص الولايه والحكومه بلا نصٍّ ولا دليل ، وعلی خلاف مقتضی الآيه المباركه وغيرها من أدلَّه الكتاب والسُنّة.

هذا ، ولنا رساله مستقلّه في الآيه المباركه ودلالتها علی الإمامه الحقّه وردّ الشبهات عنها ، ومن أراد التفصيل فليرجع إليها (٢).

__________________

(١) انظر : روح المعاني ـ للآلوسی ـ ٦ : ١٦٩.

(٢) نفحات الأزهار في خلاصه عبقات الأنوار ، الجزء (٢٠).

٢٦٩

المراجعه (٤٨)

أربعون حديثاً من السُنن المؤیّده للنصوص

قال السيّد رحمه اللّٰه :

حسبك من السُنن المؤيّده للنصوص أربعون حديثاً :

١ ـ قول رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ـ وهو آخذ بضبع عليّ : هذا إمام البرره ، قاتل الفجره ، منصور من نصره ، مخذول من خذله. ثمّ مدَّ بها صوته.

أخرجه الحاكم من حديث جابر في ص ١٢٩ من الجزء الثالث من صحيحه المستدرك ، ثمّ قال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه.

٢ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : أوحی إلیّ في عليّ ثلاث ، أنّه : سيّد المسلمين ، وإمام المتّقين ، وقائد الغرّ المحجّلين. أخرجه الحاكم في أوّل صفحه ١٣٨ من الجزء ٣ من المستدرك (١) ، ثمّ قال : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه.

٣ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : أوحی إلیّ في عليّ أنّه : سيّد المسلمين ، وولي المتّقين ، وقائد الغرّ المحجّلين. أخرجه ابن النجّار (٢) ، وغيره من أصحاب السُنن.

__________________

(١) وأخرجه الباوردی ، وابن قانع ، وأبو نعيم ، والبزّار ، وهو الحديث ٣٣٠١٠ من أحاديث الكنزص ٦١٩ من جزئه الحادی عشر.

(٢) وهو الحديث ٣٣٠١١ ص ٦٢٠ من الجزء ١١ من الكنز.

٢٧٠

٤ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم لعليّ : مرحباً بسيّد المسلمين ، وإمام المتّقين. أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (١).

٥ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : أوّل من يدخل هذا الباب إمام المتّقین ، وسيّد المسلمين ، ويعسوب الدين ، وخاتم الوصيین ، وقائد الغرّ المحجّلین. فدخل عليّ ، فقام إليه مستبشراً ، فاعتنقه وجعل يمسح عرق جبينه وهو يقول له : أنت تؤدّی عني ، وتسمعهم صوتی ، وتبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي (٢).

٦ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : إنّ اللّٰه عهد إلیَّ في عليّ أنّه : رآيه الهدی ، وإمام أوليائی ، ونور من أطاعني ، وهو الكلمه التی ألزمتها المتّقين .. الحديث (٣).

وأنت تری هذه الأحاديث الستّه نصوصاً صریحه في إمامته ، ولزوم طاعته عليه السلام.

٧ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ، وقد أشار بيدة إلی عليّ : إنّ هذا أوّل من آمن بی ، وأوّل من يصافحني يوم القيامه ، وهذا الصدّيق الأكبر ، وهذا فاروق هذه الأمّه ، يفرق بين الحقّ والباطل ، وهذا يعسوب المؤمنين .. الحديث (٤).

__________________

(١) وهو الخبر ١١ من الأخبار التی أوردها ابن أبي الحدید في الصفحه ١٧٠ من المجلّد التاسع من شرح النهج ، والحديث ٣٣٠٠٩ من أحاديث الكنز ص ٦١٩ من جزئه ١١.

(٢) أخرجه أبو نعيم في حليته عن أنس ، ونقله ابن أبي الحديد مفصّلاً في ص ١٦٩ من المجلّد التاسع من شرح النهج ، فراجع الخبر ٩ من تلك الصفحه.

(٣) أخرجه أبو نعيم في حليته من حديث أبي برزه الأسلمی وأنس بن مالك ، ونقله علّامه المعتزله في ص ١٦٧ من المجلّد التاسع من شرح النهج ، فراجع الخبر الثالث من تلك الصفحه.

(٤) أخرجه الطبراني في الكبير ٦ : ٦١٨٤/٢٦٩ من حديث سلمان وأبي ذرّ ، وأخرجه

٢٧١

٨ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : يا معشر الأنصار! ألا أدلّكم علی ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا أبداً ، هذا عليّ فأحبّوه بحبّی ، وأكرموه بكرامتی ، فإنّ جبرائیل أمرني بالذي قلت لكم عن اللّٰه عزّ وجلّ (١).

٩ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : أنا مدينه العلم ، وعليّ بابها ، فمن أراد العلم فليات الباب (٢).

__________________

البيهقي في سُننه ، وابن عدی في الكامل من حديث حذيفه ، وهو الحديث ٣٢٩٩٠ من أحاديث الكنز ص ٦١٦ من جزئه الحادی عشر.

(١) أخرجه الطبراني في الكبير ٣ : ٢٧٤٩/٩٠ ، وهو الحديث ٣٣٠٠٧ من الكنز ص ٦١٩ من جزئه الحادی عشر ، وهو الخبر العاشر في ص ١٧٠ من المجلّد التاسع من شرح نهج البلاغه لابن أبي الحدید. فانظر كيف جعل عدم ضلالهم مشروطاً بالتمسّك بعلیّ؟! فدلّ المفهوم علی ضلال من لم يستمسك به ، وانظر أمره إياهم أن يحبّوه بنفس المحبّه التی يحبّون النبيّ بها ، ويكرموه بعین الكرامه التی يكرمون النبيّ بها ، وهذا ليس إلّا لكونه ولي عهده وصاحب الأمر بعده ، وإذا تدبّرت قوله : «فإنّ جبرائیل أمرني بالذي قلت لكم عن اللّٰه» تجلّت لك الحقيقة.

(٢) أخرجه الطبراني في الكبير ١١ : ١١٠٦١/٦٥ عن ابن عبّاس ، كما في ص ٤١٥ من الجامع الصغير للسيوطی ، وأخرجه الحاكم في مناقب عليّ ص ١٢٦ من الجزء الثالث من صحيحه المستدرك بسندين صحيحين : أحدهما عن ابن عبّاس من طریقین صحيحين ، والآخر عن جابر بن عبد اللَّه الأنصاري ، وقد أقام علی صحّه طرقه أدلّه قاطعه.

وأفرد الإمام أحمد بن محمّد بن الصدّيق المغربی ، نزیل القاهره ، لتصحيح هذا الحديث كتاباً حافلاً ، سمّاه : فتح الملك العليّ بصحّه حديث باب مدينه العلم عليّ ـ وقد طبع سنه ١٣٥٤ ، بالمطبعه الإسلامية بمصر ـ فحقيق بالباحثين أن يقفوا عليه ؛ فإنّ فيه علماً جمّاً ..

ولا وزن للنواصب وجرأتهم علی هذا الحديث الدائر ـ كالمثل السائر ـ علی ألسنه الخاصّه والعامّه من أهل الأمصار والبوادی ، وقد نظرنا في طعنهم ، فوجدناه تحكماً محضاً لم يدلوا فيه بحجّه ما ، غير الوقاحه في التعصّب ، كما صرّح به الحافظ صلاح الدين العلائی ، حيث نقل

٢٧٢

١٠ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : أنا دار الحكمه ، وعليّ بابها (١).

١١ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : عليّ باب علمی ، ومبين من بعدي لأُمّتی ما أُرسلت به ، حُبّه إیمان ، وبُغضه نفاق .. الحديث (٢).

١٢ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : أنت تبين لأُمّتی ما اختلفوا فيه من بعدي. أخرجه الحاكم في ص ١٢٢ من الجزء الثالث من المستدرك (٣) من حديث أنس ثمّ قال : هذا حديث صحيح علی شرط الشيخين ، ولم يخرجاه. انتهی.

قلت : إنّ من تدبّر هذا الحديث وأمثاله علم أنّ عليّاً من رسول اللّٰه بمنزله الرسول من اللّٰه تعالی ، فإنّ اللّٰه سبحانه يقول لنبيّه : (وَمٰا أَنْزَلْنٰا عليك الْكتٰابَ إِلاّٰ لِتُبين لَهُمُ الذي اخْتَلَفُوا فيه وَهُدیً وَرَحْمَهً لِقَوْمٍ يؤْمِنُونَ) (٤) ورسول اللّٰه يقول لعلی : أنت تبين لأُمتی ما اختلفوا فيه من بعدي.

١٣ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ـ في ما أخرجه ابن السماك عن أبي بكر مرفوعاً ـ : عليّ مني كمنزلتی من ربّی (٥).

__________________

القول ببطلانه عن الذهبي وغيره ، فقال : ولم ياتوا في ذلك بعلّه قادحه ، سوی دعوی الوضع دفعاً بالصدر.

(١) أخرجه الترمذي في صحيحه ، وابن جرير ، ونقله عنهما غير واحد من الأعلام ، كالمتّقی الهندی في ص ١٤٧ من الجزء الثالث عشر من كنزه ، وقال : قال ابن جرير : هذا خبر عندنا صحيح سنده ...إلی آخره. ونقله عن الترمذي جلال الدين السيوطي في حرف الهمزه من جامع الجوامع ومن الجامع الصغير ، فراجع من الجامع الصغير ج ١ ص ٤١٥.

(٢) أخرجه الديلمي من حديث أبي ذرّ ، كما في ص ٦١٤ ج ١١ من كنز العمّال.

(٣) وأخرجه الديلمي عن أنس أيضاً ، كما في ص ٦١٥ ج ١١ من كنز العمّال.

(٤) سوره النحل ١٦ : ٦٤.

(٥) نقله ابن حجر في المقصد الخامس من مقاصد الآيه ١٤ من الآيات التی أوردها في الباب ١١ من صواعقه ، فراجع منها ص ٢٧٠.

٢٧٣

١٤ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ـ في ما أخرجه الدارقطني في الأفراد عن ابن عبّاس مرفوعاً ـ : عليّ بن أبي طالب باب حطّه ، من دخل منه كان مؤمناً ، ومن خرج منه كان كافراً (١).

١٥ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ، يوم عرفات في حجّه الوداع : عليّ مني وأنا من عليّ ، ولا يؤدّی عني إلّا أنا أو عليّ (٢).

__________________

(١) وهذا هو الحديث ٣٢٩١٠ من أحاديث الكنز في ص ٦٠٣ من جزئه الحادی عشر.

(٢) أخرجه ابن ماجه في باب فضائل الصحابه ص ٨٩ من الجزء الأوّل من سُننه ، والترمذي والنسائي في صحيحهما ، وهو الحديث ٣٢٩١٣ في ص ٦٠٣ من الجزء الحادی عشر من الكنز.

وقد أخرجه الإمام أحمد في ص ١٧١ من الجزء الخامس من مسنده من حديث حبشی بن جناده بطرق متعدّده كلّها صحيحه ، وحسبك أنّه رواه عن يحيی بن آدم ، عن إسرائيل بن يونس ، عن جدّه أبي إسحاق السبیعی ، عن حبشی ، وكلّ هؤلاء حجج عند الشيخين ، وقد احتجّا بهم في الصحيحين ..

ومَن راجع هذا الحديث في مسند أحمد علم أنّ صدوره إنّما كان في حجّه الوداع التی لم يلبث النبيّ صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم بعدها في هذه الدار الفانیه إلّا قليلاً ، وكان صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم قبل ذلك أرسل أبا بكر في عشره آيات من سوره براءه ، لیقرأها علی أهل مكه ، ثمّ دعا عليا ـ في ما أخرجه الإمام أحمد في ص ٢٤٣ من الجزء الأوّل من مسنده ـ فقال له : أدرك أبا بكر ، فحیثما لقیته فخذ الكتاب منه ، فاذهب أنت به إلی أهل مكه فاقرأه عليهم. فلحقه بالجحفه فأخذ الكتاب منه ... (قال :) ورجع أبو بكر إلی النبيّ صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ، فقال : يا رسول اللّٰه! نزل في شيء؟ قال : لا ، ولكن جبرائیل جاءني فقال : لن يؤدّی عنك إلّا أنت أو رجل منك. انتهی.

وفي حديث آخر ـ أخرجه أحمد في ص ٢٤٢ من الجزء الأوّل من المسند عن عليّ ـ إنّ النبيّ حين بعثه ببراءه قال له : لا بُدّ أن أذهب بها أنا أو تذهب بها أنت. قال عليّ : فإن كان ولا بُدّ فسأذهب أنا. قال صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : فانطلق فإنّ اللّٰه يثبّت لسانك ويهدی قلبك .. الحديث.

٢٧٤

(إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كرِيمٍ* ذِی قُوَّهٍ عِنْدَ ذِی الْعَرْشِ مَكينٍ* مُطٰاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ* وَمٰا صٰاحِبُكمْ بِمَجْنُونٍ) (١) ، (وَمٰا ينْطِقُ عَنِ الْهَویٰ* إِنْ هُوَ إِلاّٰ وَحْیٌ يوحیٰ) (٢) .. فأين تذهبون؟! وما ذا تقولون في هذه السُنن الصحيحه؟! والنصوص الصريحه؟!

وأنت إذا تأمّلت في هذا العهد مليا ، وأمعنت النظر في حكمه الأذان به في الحجّ الأكبر علی رؤوس الأشهاد ؛ ظهرت لك الحقيقة بأجلی صوره ، وإذا نظرت إلی لفظه ما أقلّه ، وإلی معناه ما أجلّه وما أدلّه ؛ أكبرته غآيه الإكبار ، فإنّه جمع فأوعی ، وعمّ ـ علی اختصاره ـ فاستقصی ، لم يبقَ لغير عليّ أهلية الأداء لأي شيء من الأشياء ..

ولا غرو ؛ فإنّه لا يؤدّی عن النبيّ إلّا وصيه ، ولا يقوم مقامه إلّا خليفته ووليّه ، و (الْحَمْدُ لِلّٰهِ الذي هَدٰانٰا لِهٰذٰا وَمٰا كنّٰا لِنَهْتَدِیَ لَوْ لاٰ أَنْ هَدٰانَا اللّٰهُ) (٣).

١٦ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : مَن أطاعني فقد أطاع اللّٰه ، ومَن عصاني فقد عصی اللّٰه ، ومَن أطاع عليّاً فقد أطاعني ، ومَن عصی عليّاً فقد عصاني.

أخرجه الحاكم في ص ١٢١ من الجزء الثالث من المستدرك ، والذهبي في تلك الصفحه من تلخيصه ، وصرّح كل منهما بصحّته علی شرط الشيخين.

١٧ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : يا عليّ! من فارقني فقد فارق اللّٰه ، ومن فارقك فقد فارقني. أخرجه الحاكم في ص ١٢٤ من الجزء الثالث من صحيحه ، فقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه.

١٨ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ، في حديث أُمّ سلمه : من سبّ عليّاً فقد

__________________

(١) سوره التكویر ٨١ : ١٩ ـ ٢٢.

(٢) سوره النجم ٥٣ : ٣ و ٤.

(٣) سوره الأعراف ٧ : ٤٣.

٢٧٥

سبّني. أخرجه الحاكم في أوّل ص ١٢١ من الجزء الثالث من المستدرك ، وصحّحه علی شرط الشيخين ، وأورده الذهبي في تلخيصه مصرّحاً بصحّته ، ورواه أحمد من حديث أُمّ سلمه في ص ٤٥٦ من الجزء السابع من مسنده ، والنسائي في ص ١٤٥ من الخصائص العلويه ، وغير واحد من حفظه الآثار ..

ومثله قول رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ، في حديث عمرو بن شاس (١) : من آذی عليّاً فقد آذاني.

١٩ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : من أحبّ عليّاً فقد أحبّني ، ومن أبغض عليّاً فقد أبغضني. أخرجه الحاكم وصحّحه علی شرط الشيخين في ص ١٣٠ من الجزء الثالث من المستدرك ، وأورده الذهبي في التلخيص معترفاً بصحّته علی هذا الشرط ..

ومثله قول عليّ (٢) : والذي فلق الحبّه ، وبرأ النسمه ، إنّه لعهد النبيّ الأُمّی صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ، لا يحبّني إلّا مؤمن ، ولا يبغضني إلّا منافق.

٢٠ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : يا عليّ! أنت سيّد في الدنيا ، وسيّد في الآخره ، حبيبك حبيبي ، وحبیبی حبيب اللّٰه ، وعدوّك عدوّی ، وعدوّی عدوّ اللّٰه ، والويل لمن أبغضك من بعدي. أخرجه الحاكم في أوّل ص ١٢٨ من الجزء الثالث

__________________

(١) مرّ عليك حديث عمرو بن شاس في ما علّقناه علی المراجعه ٣٦.

(٢) في ما أخرجه مسلم في كتاب الإيمان ص ١٠١ من الجزء الأوّل من صحيحه ، وروی ابن عبد البرّ مضمونه في ترجمة عليّ من الاستيعاب عن طائفه من الصحابه. ومرّ عليك في المراجعه ٣٦ حديث بريدة ؛ فراجعه.

وقد تواتر قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : اللّٰهمّ وال من والاه وعادِ من عاداه ، كما اعترف بذلك صاحب الفتاوی الحامديه في رسالته الموسومه ب : الصلاه الفاخره في الأحاديث المتواتره.

٢٧٦

من المستدرك ، وصحّحه علی شرط الشيخين (١).

٢١ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : يا عليّ! طوبی لمن أحبّك وصدّق

__________________

(١) رواه من طريق أبي الأزهر ، عن عبد الرزّاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيد اللّٰه بن عبد اللَّه ، عن ابن عبّاس ، وكلّ هؤلاء حجج ؛ ولذا قال الحاكم بعد إيراده : صحيح علی شرط الشيخين ..

قال : وأبو الأزهر بإجماعهم ثقه ، وإذا تفرد الثقه بحديث فهو علی أصلهم صحيح.

ثمّ قال : سمعت أبا عبد اللَّه القرشی يقول : سمعت أحمد بن يحيی الحلواني يقول : لمّا ورد أبو الأزهر من صنعاء ، وذاكر أهل بغداد بهذا الحديث ، أنكره يحيی بن معين ، فلمّا كان يوم مجلسه ، قال في آخر المجلس : أین هذا الكذّاب النيسابوري الذي يذكر عن عبد الرزّاق هذا الحديث؟

فقا أبو الأزهر ، فقال : هو ذا أنا.

فضحك يحيی بن معين من قوله وقيامه في المجلس ، فقرّبه وأدناه ، ثمّ قال له : كيف حدّثك عبد الرزّاق بهذا ولم يحدّث به غيرك؟

فقال : اعلم يا أبا زكريا! أني قدمت صنعاء وعبد الرزّاق غائب في قریه له بعیده ، فخرجت إليه وأنا عليل ، فلمّا وصلت إليه سألني عن أمر خراسان ، فحدّثته بها ، وكتبت عنه وانصرفت معه إلی صنعاء ، فلمّا ودّعته ، قال : وجب عليّ حقّك ، فأنا أحدّثك بحديث لم يسمعه مني غيرك ، فحدّثني والله بهذا الحديث لفظاً ، فصدّقه يحيی بن معين واعتذر إليه. انتهی.

أمّا الذهبي في التلخيص ، فقد اعترف بوثاقه الرواه لهذا الحديث عامّه ، ونصّ علی وثاقه أبي الأزهر بالخصوص ، وشكك مع ذلك في صحّه الحديث إلّا أنّه لم يات بشيء قادح سوی التحكم الفاضح.

أمّا تكتّم عبد الرزّاق فإنّما هو للخوف من سلطه الظالمین ، كما خاف سعيد بن جبیر حين سأله مالك بن دينار ، فقال له : مَن كان حامل رآيه رسول اللّٰه؟ قال : فنظر إلی ، وقال : كأنّك رخی البال.

قال مالك : فغضبت وشكوته إلی إخوانه من القرّاء ، فاعتذروا بأنّه يخاف من الحَجّاج أن يقول : كان حاملها عليّ بن أبي طالب. أخرج ذلك الحاكم في ص ١٣٧ من الجزء الثالث من المستدرك ، ثمّ قال : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه.

٢٧٧

فيك ، وویل لمن أبغضك وكذّب فيك. أخرجه الحاكم في ص ١٣٥ من الجزء الثالث من المستدرك ، ثمّ قال : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه.

٢٢ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : من أراد أن يحيا حياتی ، ويموت ميتتی ، ويسكن جنّه الخلد التی وعدني ربّي ، فليتولّ عليّ بن أبي طالب ، فإنّه لن يخرجكم من هدیً ، ولن يدخلكم في ضلاله (١).

٢٣ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : أُوصي من آمن بی وصدّقني بولآيه عليّ بن أبي طالب ، فمن تولّاه فقد تولّاني ، ومن تولّاني فقد تولي اللّٰه ، ومن أحبّه فقد أحبّني ، ومن أحبّني فقد أحبّ اللّٰه ، ومن أبغضه فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض اللّٰه عزّ وجلّ (٢).

٢٤ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : من سرّه أن يحيا حياتی ، ويموت مماتی ، ويسكن جنّه عدن غرسها ربّی ، فلیتولّ عليّاً من بعدي ، ولیوال وليه ، ولیقتدِ بأهل بيتی من بعدي ، فإنّهم عترتی ، خلقوا من طینتی ورُزقوا فهمی وعلمی ، فویل للمكذّبين بفضلهم من أُمّتی ، القاطعین فيهم صلتی ، لا أنالهم اللّٰه شفاعتی.

٢٥ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : من أحبّ أن يحيا حياتی ، ويموت ميتتی ، ويدخل الجنّه التی وعدني ربّی ، وهی جنّه الخلد ، فليتولّ عليّاً وذرّيّته من بعده ، فإنّهم لن يخرجوكم من باب هدیً ، ولم يدخلوكم باب ضلاله (٣).

٢٦ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : يا عمّار! إذ رأيت عليّاً قد سلك واديا

__________________

(١) أوردنا هذا الحديث في المراجعه العاشره.

(٢) أوردنا هذا الحديث في المراجعه العاشره أيضاً ، فراجع ما علّقناه ثمّه عليه وعلی الذي قبله.

(٣) راجع ما علّقناه علی هذا الحديث وعلی الذي قبله ، إذ أوردناهما في المراجعه العاشره.

٢٧٨

وسلك الناس واديا غيره فاسلك مع عليّ ، ودع الناس ، فإنّه لن يدلّك علی ردیً ، ولن يخرجك من هدیً (١).

٢٧ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ، في حديث أبي بكر : كفي وكفّ عليّ في العدل سواء (٢).

٢٨ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : يا فاطمة! أما ترضين أنّ اللّٰه عزّ وجلّ اطّلع إلی أهل الأرض فاختار رجلين : أحدهما أبوك ، والآخر بعلك (٣).

٢٩ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : أنا المنذر ، وعليّ الهاد ، وبك يا علی يهتدی المهتدون من بعدي (٤).

٣٠ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : يا علی! لا يحلّ لأحد أن يجنب في المسجد غيری وغيرك (٥) ..

ومثله حديث الطبراني عن أُمّ سلمه والبزّار ، عن سعد ، عن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : لا يحلّ لأحد أن يجنب في هذا المسجد إلّا أنا وعليّ (٦).

٣١ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : أنا وهذا ـ يعني عليا ـ حجّه علی أُمّتی

__________________

(١) أخرجه الديلمي عن عمّار وأبي أيّوب ، كما في ص ٦١٣ ج ١١ من الكنز.

(٢) هذا هو الحديث ٣٢٩٢١ في ص ٦٠٤ من الجزء ١١ من الكنز.

(٣) أخرجه الحاكم في ص ١٢٩ من الجزء ٣ من صحيحه المستدرك ، ورواه كثير من أصحاب السُنن وصحّحوه.

(٤) أخرجه الديلمي من حديث ابن عبّاس ، وهو الحديث ٣٣٠١٢ في ص ٦٢٠ من الجزء ١١ من الكنز.

(٥) راجع ما علّقناه علی هذا الحديث ، إذ أوردناه في المراجعه ٣٤ ، وأمعن النظر في كلّ ما أوردناه ثمّه من السُنن.

(٦) أورده ابن حجر في صواعقه ، فراجع الحديث ١٣ من الأربعين التی أوردها في الباب ٩.

٢٧٩

يوم القيامه. أخرجه الخطيب من حديث أنس (١).

وبما ذا يكون أبو الحسن حجّه كالنبيّ لو لا أنّه ولي عهده ، وصاحب الأمر من بعده؟!

٣٢ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : مكتوب علی باب الجنّه : لا إله إلّا اللّٰه ، محمّد رسول اللّٰه ، عليّ أخو رسول اللّٰه (٢).

٣٣ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : مكتوب علی ساق العرش : لا إله إلّا اللّٰه ، محمّد رسول اللّٰه ، أیّدته بعليّ ، ونصرته بعليّ (٣).

٣٤ ـ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : من أراد أن ينظر إلی نوح في عزمه ، وإلی آدم في علمه ، وإلی إبراهيم في حلمه ، وإلی موسی في فطنته ، وإلی عيسی في زهده ، فلينظر إلی عليّ بن أبي طالب. أخرجه البيهقي في صحيحه ، والإمام أحمد بن حنبل في مسنده (٤).

__________________

(١) وهو الحديث ٣٣٠١٣ في ص ٦٢٠ من الجزء ١١ من الكنز.

(٢) أخرجه الطبراني في الأوسط ٥ : ٥٤٩٨/٥٠٤ ، والخطيب في المتّفق والمفترق ، كما في ص ٦٢٤ ج ١١ من كنز العمّال. وقد أوردناه في المراجعه ٣٤ وعلّقنا عليه ما يفید الباحث المتتبّع.

(٣) أخرجه الطبراني في الكبير ٢٢ : ٥٢٦/٢٠٠ ، وابن عساكر عن أبي الحمراء مرفوعاً ، كما في ص ٦٢٤ من الجزء ١١ من الكنز.

(٤) وقد نقله عنهما ابن أبي الحدید في الخبر الرابع من الأخبار التی أوردها في ص ١٦٨ ج ٩ من شرح النهج ، وأورده الإمام الرازي في معني آيه المباهله من تفسيره الكبير ص ٨٦ ج ٨ ، وقد أرسل إرسال المسلّمات كون هذا الحديث موافقاً عند الموافق والمخالف.

وأخرج هذا الحديث ابن بطّه من حديث ابن عبّاس ، كما في ص ٤١ من كتاب فتح الملك العليّ بصحّه حديث باب مدينه العلم عليّ للإمام أحمد بن محمّد بن الصدّيق الحسني

٢٨٠