جواهر قرآنية

المؤلف:

قاسم عاشور


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧١

وقوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً) [فاطر : ١١]

وقوله تعالى : (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى) [النجم : ٤٥ ، ٤٦]

* * *

١٦١
١٦٢

الباب الخامس

قبسات من الإعجاز البياني للقرآن

١٦٣
١٦٤

(قبسات من الإعجاز البياني للقرآن)

(الرسالة في ثلاث كلمات)

س ٣٥٤ : آية كريمة من آيات الكتاب العزيز مكونة من ثلاث كلمات ، اشتملت على جميع ما في الرسالة ، فما هي؟

ج ٣٥٤ : قوله تعالى : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) [الحجر : ٩٤]

(الحرث)

س ٣٥٥ : قال تعالى : (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) [البقرة : ٢٢٣]

لما ذا قال (حَرْثَكُمْ) ، هذه اللفظة الدقيقة المعبرة عن الجماع؟

ج ٣٥٥ : لأنه لما كان يحتمل معنى (كيف) و (أين) احترس سبحانه بقوله : (حَرْثَكُمْ) ؛ لأنّ الحرث لا يكون إلا حيث تنبت البذور ، وينبت الزرع ، وهو المحل المخصوص. [البرهان للزركشي ١ / ٦٧]

(تقديم ذكر العذاب)

س ٣٥٦ : قال تعالى : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [المائدة : ٤٠]

لم قدم العذاب عن المغفرة في هذه الآية؟

ج ٣٥٦ : اقتضت الحكمة تقديم ذكر العذاب ترهيبا وزجرا ، لأنّ الآية

١٦٥

وردت في ذكر قطاع الطريق والمحاربين والسّرّاق ، فكان المناسب تقديم ذكر العذاب. وهو ما ورد في الآية (٣٣) قبلها : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ) والآية (٣٨) : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).

(تكرار [إذا])

س ٣٥٧ : في سورة كريمة من سور القرآن الكريم ، تكرر اسم الشرط (إذا) اثنتا عشرة مرة في السورة ولم تكن غرابة ولا تنافر ولا تكرار للمعاني ، وهذا من إعجاز القرآن البياني ، فما هي هذه السورة الكريمة؟

ج ٣٥٧ : سورة التكوير.

(أحد عشر قسما متواليا في سورة)

س ٣٥٨ : أقسم الله تعالى في إحدى سور القرآن الكريم أحد عشر قسما متواليا ، ولا يوجد في القرآن بأكمله أقسام متوالية على هذا النسق البديع ، فما الآيات؟ وما السورة؟

ج ٣٥٨ : قوله تعالى : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها* وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها* وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها* وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها* وَالسَّماءِ وَما بَناها* وَالْأَرْضِ وَما طَحاها* وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها) [الشمس : ١ ـ ٧]

١٦٦

(جعلناه ... لجعلناه)

س ٣٥٩ : قال تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ* أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ* لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً ...) [الواقعة : ٦٨ ـ ٧٠]

وقال سبحانه : (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ* أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ* لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً) [الواقعة : ٦٣ ـ ٦٥]

لما ذا قال في الأولى (جَعَلْناهُ) وفي الثانية : (لَجَعَلْناهُ)؟

ج ٣٥٩ : في الأولى جعلناه أجاجا مالحا بدون لام التوكيد لأن أحدا لن يستطيع الادعاء بإمكانيته إنزال المطر المالح الأجاج من السحب فلا حاجة للتوكيد ، بينما في الثانية كان التوكيد لضرورة ، فهناك من قد يدعي أنه يستطيع إتلاف الزرع.[وجوه من الإعجاز القرآني / ٣٥]

(والذي هو يطعمني)

س ٣٦٠ : قال تعالى : (وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ) [الشعراء : ٨١]

وقال سبحانه : (وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ) [الشعراء : ٧٩]

لما ذا جاء بكلمة (هُوَ) في الثانية ولم يأت به في الأولى؟

ج ٣٦٠ : جاء بكلمة (هُوَ) ليؤكد الفعل الإلهي وصرف دعوة المدّعين أنهم سبب الإطعام ، بينما في الأولى لن يدعي أحد خلق الإنسان وإماتته وإحيائه فلم تكن ضرورة للتوكيد. [وجوه من الإعجاز القرآني / ٣٥]

١٦٧

(السمع والبصر)

س ٣٦١ : قال تعالى : (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) [النحل : ٧٨]

وقال سبحانه : (وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً) [الأحقاف : ٢٦]

لما ذا يقدم دائما السمع على البصر؟

ج ٣٦١ : الحقيقة العلمية أن السمع أكثر كمالا وإرهافا ، كما يصاحب السمع الإنسان حتى في نومه فينام بصره ولا ينام سمعه.

وتشريحيا جهاز السمع أعظم دقة من العين. والطفل لا يرى ولكنه يسمع من لحظة الميلاد. وإشارة إلى أنّ السمع لا يتعطل في النوم أو غيره كانت الآية : (فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) [الكهف : ١١]

دلالة على تعطيل كافة الحواس. فتأمل هنا كذلك الإعجاز العلمي إلى جانب الإعجاز البلاغي. [وجوه من الإعجاز القرآني / ٣٣]

(اختلاف الفاصلتين)

س ٣٦٢ : قال تعالى : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) [الجاثية : ١٥]

وقال سبحانه : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [فصلت : ٤٦]

ما سر اختلاف الفاصلتين في الآيتين؟ (أي اختلاف الخاتمتين) ج ٣٦٢ : نكتة ذلك أنّ قبل الآية الأولى : (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ

١٦٨

لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) فناسب الختام بفاصلة البعث ، لأن قبله وصفهم بإنكاره ، وأما الآية الثانية فالختام بما فيها مناسب أنه لا يضيع عملا صالحا ولا يزيد على من عمل سيئا. [الإتقان للسيوطي ٢ / ١٣١]

(اختلاف الفاصلتين)

س ٣٦٣ : قال تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً) [النساء : ٤٨]

وقال سبحانه : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) [النساء : ١١٦]

ما سبب اختلاف الفاصلتين في الآيتين؟

ج ٣٦٣ : نكتة ذلك أن الأولى نزلت في اليهود وهم الذين افتروا على الله ما ليس في كتابه ، والثانية نزلت في المشركين ولا كتاب لهم وضلالهم أشد. [الإتقان للسيوطي ٢ / ١٣١]

(تقديم المنّ على الفداء)

س ٣٦٤ : قال تعالى : (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً) [محمد : ٤]

لما ذا قدّم (المن) على (الفداء)؟

ج ٣٦٤ : في الآية الكريمة إشارة إلى ترجيح حرمة النفس على طلب المال ، فالمجاهد في سبيل الله يقاتل لإعلاء كلمة الله ، لا للمغنم المادي والكسب الدنيوي. [آيات الأحكام للصابوني ٢ / ٤٤٩]

١٦٩

(وتدلوا)

س ٣٦٥ : قال تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة : ١٨٨]

ما الحكمة في التعبير بكلمة (وَتُدْلُوا)؟

ج ٣٦٥ : كلمة (تدلوا) تبين أن اليد التي تأخذ الرشوة هي اليد السفلى ، مع كون الحكام الذين تلقى إليهم الأموال في الأعلى لا في الأسفل ، فجاءت لتعبّر عن دناءة المرتشي وسفله ولو كان في الذروة من حيث المنصب وموقع المسئولية.[وجوه من الإعجاز القرآني / ٣٢]

(فاجلدوا)

س ٣٦٦ : قال تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) [النور : ٢]

لم عبّر بقوله (فَاجْلِدُوا) ولم يقل (فاضربوا)؟

ج ٣٦٦ : للإشارة إلى أن الغرض من الحد الإيلام بحيث يصل ألمه إلى الجلد ، لعظم الجرم ردعا له وزجرا. [آيات الأحكام للصابوني ٢ / ١٥]

(غض البصر)

س ٣٦٧ : قال تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) [النور : ٣٠]

ما السر في تقديم غض البصر على حفظ الفروج؟

١٧٠

ج ٣٦٧ : لأن النظر بريد الزنى ورائد الفجور وهو مقدمة للوقوع في المخاطر ، ولأن البلوى فيه أشد وأكثر ، ولا يكاد يقدر على الاحتراس منه ، وهو الباب الأكبر الذي يوصل إلى القلب.[آيات الأحكام للصابوني ٢ / ١٤٨]

(أغطش)

س ٣٦٨ : قال تعالى : (وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها) [النازعات : ٢٩]

لم قال (أغطش) ولم يقل (أظلم)؟

ج ٣٦٨ : (أغطش) مساوية من حيث الدلالة اللغوية لأظلم ولكن أغطش تمتاز بدلالة أخرى من وراء حدود اللغة ، فالكلمة تعبر عن ظلام انتشر فيه الصمت وعمّ الركود وبدت في أنحائه مظاهر الوحشة ، ولا يفيد هذا المعنى (أظلم) إذ هي تعبر عن السواد الحالك ليس غير. [مباحث في إعجاز القرآن / ١٤٧]

(اثاقلتم)

س ٣٦٩ : قال تعالى : (ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ) [التوبة : ٣٨]

ما الحكمة في التعبير بكلمة (اثَّاقَلْتُمْ)؟

ج ٣٦٩ : كلمة (اثَّاقَلْتُمْ) غير تثاقلتم ، ففي حروف الأولى اندماج وتلاصق لتعبر أعظم تعبير عن جبن الجبناء الذين يلتصقون بالأرض خوفا إذا ما دعوا إلى القتال. [وجوه من الإعجاز القرآني / ٣٢]

١٧١

(الزانية والزاني)

س ٣٧٠ : قال تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) [النور : ٢]

لما ذا قدم الزانية على الزاني بينما في السرقة قدم السارق على السارقة؟

ج ٣٧٠ : لما للمرأة من دور إيجابي يفوق دور الرجل ، كما أنّ آثار الزنى ستظهر على المرأة لا الرجل. [وجوه من الإعجاز القرآني / ٣٣]

(من إملاق ، خشية إملاق)

س ٣٧١ : قال تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) [الأنعام : ١٥١]

وقال سبحانه : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ) [الإسراء : ٣١]

لما ذا قال في الأولى (مِنْ إِمْلاقٍ) وفي الثانية (خَشْيَةَ إِمْلاقٍ)؟

ج ٣٧١ : لأن الأولى خطاب للفقراء المقلين : أي لا تقتلوهم من فقر بكم فحسن : (نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ) ـ ما يزول به إملاقكم. ثم قال (وَإِيَّاهُمْ) أي نرزقكم جميعا.

والثانية خطاب للأغنياء : أي خشية فقر يحصل لكم بسببهم ، ولذا حسن : (نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ). [الإتقان للسيوطي ٢ / ١٤٨]

(وجنة عرضها السماوات والأرض)

س ٣٧٢ : قال تعالى : (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) [آل عمران : ١٣٣]

١٧٢

لما ذا قال الحق سبحانه وتعالى : (عَرْضُهَا) ولم يقل (طولها)؟

ج ٣٧٢ : لأن العرض أخص ، إذ كل ما له عرض فله طول ولا ينعكس. [الإتقان للسيوطي ٢ / ١٠١]

(بعض آية ومعان جمّة)

س ٣٧٣ : قال السيوطي في (إتقانه) عن بعض آية : جمعت الخير والطلب والاثبات والنفي والتأكيد والحذف والبشارة والنذارة والوعد والوعيد ، فما هي الآية؟

ج ٣٧٣ : قوله تعالى : (قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) [البقرة : ١٢٤]

(الحياة الآمنة)

س ٣٧٤ : قالوا في الآية : المعنى كثير واللفظ قليل. وقد فضلت هذه الآية على أوجز ما كان عند العرب في هذا المعنى وهو قولهم : (القتل أنفى للقتل) بعشرين وجها أو أكثر. فما هي هذه الآية البالغة الذروة في الإيجاز والفصاحة؟

ج ٣٧٤ : قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) [البقرة : ١٧٩]

(من مال وبنين)

س ٣٧٥ : قال تعالى : (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ) [الشعراء : ٨٨]

وقال سبحانه : (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً) [آل عمران : ١١٦]

١٧٣

لما ذا قدم الله تعالى المال على البنين؟

ج ٣٧٥ : أثبتت الدراسات الاجتماعية والواقع المجرب أنّ المال عند أكثر الناس أعز من الولد ، كما يفقد المرء أولاده ، ولكنه يحرص على ماله الذي يصحبه حتى الممات. وفوق هذا وذاك ، يستغني الإنسان عن ولده في أمور معيشته ولكنه لا يستطيع أن يستغني عن المال فبدونه لا تتحقق له معيشة وحياة. [وجوه من الإعجاز القرآني / ٣٤]

(لمن عزم الأمور)

س ٣٧٦ : قال تعالى : (وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [لقمان : ١٧]

وقوله تعالى : (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [الشورى : ٤٣]

لم الصبر في الأولى (مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) وفي الثانية (لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)؟

ج ٣٧٦ : سر التوكيد باللام في الثانية أنه صبر مضاعف ، لأنه صبر على عدوان بشري له فيه غريم وهو مطالب فيه بالصبر والمغفرة معا ، وهو أمرّ على النفس من الصبر على القضاء الإلهي الذي لا حيلة فيه. [وجوه من الإعجاز القرآني / ٣٥]

(العدة حق للمطلق)

س ٣٧٧ : قال تعالى : (فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها) [الأحزاب : ٤٩]

١٧٤

لما ذا أسند العدة للرجال في قوله تعالى (لَكُمْ)؟

ج ٣٧٧ : إشارة إلى أنها حق للمطلق ، فوجوب العدة على المرأة من أجل الحفاظ على نسب الإنسان ، فإنّ الرجل يغار على ولده ، ويهمه ألّا يسقى زرعه بماء غيره ، ولكنها على المشهور ليست حقا خالصا للعبد ، بل تعلّق بها حق الشارع أيضا ، فإنّ منع الفساد باختلاط الأنساب من حق الشارع. [آيات الأحكام للصابوني ٢ / ٢٨٨]

(ثنى ثم جمع ثم أفرد)

س ٣٧٨ : قال تعالى : (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) [يونس : ٨٧]

لما ذا ثنى في الخطاب ثم جمع ثم أفرد؟

ج ٣٧٨ : ثنى في الأول (تَبَوَّءا) لأنه خوطب أولا موسى وهارون لأنهما المتبوعان ، ثم سيق الخطاب عاما (وَاجْعَلُوا) و (وَأَقِيمُوا) لهما ولقومهما باتخاذ المساجد والصلاة فيها ؛ لأنه واجب عليهم ، ثم خصّ موسى بالبشارة (وَبَشِّرِ) تعظيما له. [البرهان للزركشي ٢ / ٢٤٢]

(من فوقهم)

س ٣٧٩ : قال تعالى : (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) [النحل : ٢٦]

لما ذا قال (مِنْ فَوْقِهِمْ) والسقف لا يكون إلا من فوق؟

١٧٥

ج ٣٧٩ : لأنه سبحانه رفع الاحتمال الذي يتوهم من أنّ السقف قد يكون من تحت بالنسبة ، فإنّ كثيرا من السقف يكون أرضا لقوم وسقفا لآخرين ، فرفع تعالى هذا الاحتمال بشيئين وهما قوله (عَلَيْهِمُ) ، ولفظة (خرّ) لأنها لا تستعمل إلا فيما هبط أو سقط من العلو إلى أسفل وهذا من بلاغة القرآن ودقته. [البرهان للزركشي ٣ / ٦٧]

(تواب حكيم)

س ٣٨٠ : قال تعالى : (وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ* وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ) [النور : ٩ ، ١٠]

لما كانت الفاصلة في الآية (حَكِيمٌ)؟

ج ٣٨٠ : إنّ الذي يظهر في أول النظر أنّ الفاصلة (تواب رحيم) ، لأنّ الرحمة مناسبة للتوبة ، وخصوصا من هذا الذنب العظيم ، ولكن هاهنا معنى دقيق من أجله قال (حَكِيمٌ) ، وهو أن ينبّه على فائدة مشروعية اللّعان ، وهي الستر عن هذه الفاحشة ، وذلك من عظيم الحكم ، فلهذا كان (حَكِيمٌ) بليغا في هذا المقام دون (رحيم). [البرهان للزركشي ١ / ٩١]

(عشرون ضربا من البديع في آية)

س ٣٨١ : قال ابن أبي الأصبع : ولم أر في الكلام مثل قوله تعالى (...) وذكر الآية ، فإن فيها عشرين ضربا من البديع ، وهي سبع عشرة لفظة ، كل لفظة سهلة مخارج الحروف عليها رونق

١٧٦

الفصاحة مع الخلو من البشاعة وعقادة التركيب. فما هي هذه الآية الغنية بضروب البديع؟

ج ٣٨١ : قوله تعالى : (وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [هود : ٤٤]

(آية تكررت ثماني مرات في سورة)

س ٣٨٢ : التكرار من محاسن الفصاحة في القرآن الكريم ، وفي إحدى سور القرآن الكريم تكررت هذه الآية ثماني مرات : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ* وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) ، كل مرة عقب كل صورة. فما هي هذه السورة؟

ج ٣٨٢ : سورة الشعراء.

(أذلة على المؤمنين أعزّة على الكافرين)

س ٣٨٣ : قال تعالى : (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) [المائدة : ٥٤]

لما ذا قال (أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) عقب (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)؟

ج ٣٨٣ : فإنه لو اقتصر على (أَذِلَّةٍ) لتوهم أنه لضعفهم فدفع هذا الوهم بقوله (أَعِزَّةٍ). وسبحان من هذا كلامه. [الإتقان للسيوطي ٢ / ٩٦]

(أشداء على الكفار رحماء بينهم)

س ٣٨٤ : قال تعالى في وصف أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ

١٧٧

رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) [الفتح : ٢٩]

لما ذا قال (رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) عقب (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ)؟

ج ٣٨٤ : إذ لو اقتصر على (أَشِدَّاءُ) لتوهم أنه لغلظهم ، فدفع هذا الوهم بقوله (رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) [الإتقان للسيوطي ٢ / ٩٦]

(ذلكم قولكم بأفواهكم)

س ٣٨٥ : قال تعالى : (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) [الأحزاب : ٤]

قال الزمخشري : من المعلوم أن القول لا يكون إلا بالفم ، فلما ذا ذكر قوله : (بِأَفْواهِكُمْ)؟

ج ٣٨٥ : الجواب : أنّ فيه إشارة إلى أنّ هذا القول ليس له من الحقيقة والواقع نصيب ، إنما هو مجرد ادعاء باللسان ، وقول مزعوم باطل نطقت به شفاههم دون أن يكون له نصيب من الصحة والله أعلم. [آيات الأحكام للصابوني ٢ / ٢٦٠]

(ثم طلقتموهن)

س ٣٨٦ : قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَ) [الأحزاب : ٤٩]

لما ذا كان التعبير ب (ثُمَ) دون الفاء أو الواو؟

ج ٣٨٦ : لأن (ثُمَ) تفيد الترتيب مع التراخي ، للإشارة إلى أنّ الطلاق

١٧٨

ينبغي أن يكون بعد تريث وتفكير طويل ، ولضرورة ملحة لأن الطلاق من الأمور التي يبغضها الله حيث فيه هدم وتحطيم للحياة الزوجية ولهذا قال بعض الفقهاء : إنّ الآية ترشد إلى أنّ الأصل في الطلاق الحظر ، وأنه لا يباح إلا إذا فسدت الحياة الزوجية ، ولم تفلح وسائل الاصلاح بين الزوجين. [آيات الأحكام للصابوني ٢ / ٢٨٨]

(فلا يقربوا)

س ٣٨٧ : قال تعالى : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) ، لما ذا كان النهي عن قربان المسجد الحرام مع أن المراد نهيهم عن دخول المسجد الحرام؟

ج ٣٨٧ : النهي عن قربان المسجد الحرام جاء بطريق المبالغة لأن الغرض نهيهم عن دخول المسجد الحرام ، فإذا نهوا عن قربانه كان النهي عن دخوله من باب أولى ، كما في قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ) وقوله (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى) فيكون النهي عن أكل مال اليتيم ، وارتكاب الزنى محرما من باب أولى. [آيات الأحكام للصابوني ١ / ٥٧٩]

(تكرار [أم])

س ٣٨٨ : (أم) حرف عطف تكرر في سورة كريمة من سور القرآن الكريم ستّ عشرة مرة بين آيات السورة ، ولم تكن غرابة ولا تنافر

١٧٩

ولا تكرار للمعاني ، وهذا من إعجاز القرآن البياني ، فما هي هذه السورة الكريمة؟

ج ٣٨٨ : سورة الطور.

(ويل يومئذ للمكذبين)

س ٣٨٩ : في إحدى سور القرآن الكريم تكررت الآية : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) ولم تكن غرابة ولا تنافر ولا تكرار للمعاني ، وهذا من إعجاز القرآن البياني ، فما هي السورة ، وكم مرة تكررت الآية.

ج ٣٨٩ : سورة المرسلات ، تكررت الآية عشر مرات في السورة.

(والسارق والسارقة)

س ٣٩٠ : قال تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) [المائدة : ٣٨]

لما ذا قدّم السارق على السارقة؟

ج ٣٩٠ : لأنّ السرقة في الذكور أكثر ، والغالب وقوعها من الرجل لأنّه أجرأ عليها وأجلد وأخطر ، فقدم عليها لذلك. [آيات الأحكام للصابوني ٢ / ١٤]

(جباههم وجنوبهم وظهورهم)

س ٣٩١ : قال تعالى : (يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ) [التوبة : ٣٥]

١٨٠