قصص الأنبياء عليهم السلام - ج ٢

قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي [ قطب الدين الراوندي ]

قصص الأنبياء عليهم السلام - ج ٢

المؤلف:

قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي [ قطب الدين الراوندي ]


المحقق: عبدالحليم عوض الحلّي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة العلامة المجلسي رحمه الله
المطبعة: عمران
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-91180-3-8
الصفحات: ٤٣٢

بالموصل فأته فإنّك ستجده على مثل حالي ، فلمّا مات وغيّب لحقت بالموصل ، فأتيته فوجدته على مثل حاله من الاجتهاد والزهادة ، فقلت له : إنّ فلانا أوصى بي إليك ، فقال : يا بنيّ ، كن معي.

فأقمت عنده حتّى حضرته الوفاة ، قلت : إلى من توصي بي؟ قال : الآن يا بنيّ لا أعلم إلّا رجلا بنصيبين (١) فالحق به ، فلمّا دفنّاه لحقت به ، فقلت له : إنّ فلانا أوصى بي إليك ، فقال : يا بنيّ ، أقم معي ، فأقمت عنده فوجدته على مثل حالهم حتّى حضرته الوفاة ، فقلت : إلى من توصي بي؟ قال : ما أعلم إلّا رجلا بعموريّة (٢) من أرض الروم ، فأته فإنّك ستجده على مثل ما كنّا عليه ، فلمّا واريته خرجت إلى العموريّة (٣) ، فأقمت عنده فوجدته على مثل حالهم ، واكتسبت غنيمة وبقرات إلى أن حضرته الوفاة ، فقلت : إلى من توصي بي؟

قال : لا أعلم أحدا على مثل ما كنّا عليه ، ولكن قد أظلّك زمان نبيّ يبعث من الحرم ، مهاجره بين حرّتين إلى أرض ذات سبخة ذات نخل ، وأنّ فيه علامات لا تخفى ؛ بين كتفيه خاتم النبوّة ، يأكل الهديّة ولا يأكل الصدقة ، فإن استطعت أن تمضي إلى تلك البلاد فافعل.

قال : فلمّا واريناه أقمت حتّى مرّ رجال من تجّار العرب من كلب ، فقلت لهم : تحملوني معكم حتّى تقدموني أرض العرب وأعطيكم غنيمتي هذه وبقراتي؟ قالوا : نعم ، فأعطيتهم إيّاها وحملوني حتّى إذا جاؤوا بي وادي القرى ظلموني ،

__________________

(١) نصيبين : مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادة القوافل من الموصل إلى الشام (معجم البلدان ٥ : ٢٨٨).

(٢) في «ر» «س» : (بمعموريّة) ، وعموريّة : بفتح أوّله وتشديد ثانيه بلد في بلاد الروم غزاه المعتصم العبّاسي (معجم البلدان ٤ : ١٥٨).

(٣) في «ر» «س» : (المعموريّة).

٢٠١

فباعوني عبدا من رجل يهودي ، فو الله لقد رأيت النخل وطمعت أن يكون البلد الذي نعت لي فيه صاحبي حتّى قدم رجل من بني قريظة من يهود وادي القرى ، فابتاعني من صاحبي الذي كنت عنده ، فخرج حتّى قدم بي المدينة.

فو الله ما هو إلّا أن رأيتها وعرفت نعتها ، فأقمت مع صاحبي ، وبعث الله رسوله بمكّة لا يذكر لي شيء من أمره مع ما أنا فيه من الرقّ حتّى قدم (١) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قبا وأنا اعمل لصاحبي في نخل له ، فو الله إنّي لكذلك إذ (٢) قد جاء ابن عمّ له فقال : قاتل الله بني قيلة ، والله إنّهم لفي قبا يجتمعون على رجل جاء من مكّة يزعمون أنّه نبيّ ، فو الله ما هو إلّا قد سمعتها ، فأخذتني الرعدة حتّى ظننت لأسقطنّ على صاحبي ، ونزلت أقول : ما هذا الخبر؟ ما هو؟ فرفع مولاي يده فلكمني (٣).

فقال : مالك ولهذا؟ أقبل على عملك.

فلمّا أمسيت وكان عندي شيء من طعام فحملته وذهبت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقبا ، فقلت : بلغني أنّك رجل صالح وأنّ معك أصحابا ، وكان عندي شيء من الصدقة فها هو ذا فكل منه ، فأمسك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال لأصحابه : كلوا ولم يأكل.

فقلت في نفسي : هذه خصلة ممّا وصف لي صاحبي ، ثمّ رجعت وتحوّل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة ، فجمعت شيئا كان عندي ثمّ جئته به فقلت : إنّي قد رأيتك لا تأكل الصدقة ، وهذه هديّة وكرامة ليست بالصدقة ، فأكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأكل أصحابه.

فقلت : هاتان خلّتان.

ثمّ جئت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يتبع جنازة وعليه شملتان وهو في أصحابه ،

__________________

(١) في «م» : (أتى).

(٢) قوله : (لكذلك إذ) سقط من النسخ وأثبتناه من البحار.

(٣) اللكم : الضرب بتمام الكفّ.

٢٠٢

فاستدبرته (١) لأنظر إلى الخاتم في ظهره (٢) ، فلمّا رآني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله استدبرته عرف أنّي أستثبت شيئا فقد وصف لي ، فرفع لي رداءه عن ظهره ، فنظرت إلى الخاتم بين كتفيه كما وصف لي صاحبي ، فأكببت عليه أقبّله وأبكي ، فقال : تحوّل يا سلمان هنا ، فتحوّلت وجلست بين يديه وأحبّ أن يسمع أصحابه حديثي عنه ، فحدّثته يابن عبّاس ، كما حدّثتك.

فلمّا فرغت قال رسول الله : كاتب يا سلمان ، فكاتبت صاحبي على ثلاثمائة نخلة أحييها له واربعين أوقيّة ، فأعانني أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالنخل (٣) ثلاثين وديّة (٤) وعشرين وديّة ، كلّ رجل على قدر ما عنده.

فقال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا أضعها بيدي ، فحفرت لها حيث توضع ، ثمّ جئت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت : قد فرغت منها ، فخرج معي حتّى جاءها ، فكنّا نحمل إليه الوديّ ، فيضعه بيده فيسوّي عليها ، فو الذي بعثه بالحقّ نبيّا ما مات منها وديّة واحدة وبقيت عليّ الدراهم ، فأتاه رجل من بعض المعادن بمثل البيضة من الذهب ، فقال رسول الله : أين الفارسيّ المكاتب المسلم؟ فدعيت له ، فقال : خذ هذه يا سلمان ، فأدّها عمّا (٥) عليك.

فقلت : يا رسول الله ، أين تقع هذه ممّا عليّ؟

فقال : إنّ الله عزوجل سيوفي بها عنك ، فو الذي نفس سلمان بيده لوزنت لهم منها أربعين أوقيّة فأدّيتها إليهم وعتق سلمان قال : وكان الرقّ قد حبسني

__________________

(١) في «س» «ص» والبحار : (فاستدرت به).

(٢) في «ر» : (بين كتفيه) بدلا من : (في ظهره).

(٣) في «ر» «س» «ص» : (بالنخلة).

(٤) الوديّة والودي : النخل الصغير.

(٥) في «ر» «س» «ص» والبحار : (ممّا).

٢٠٣

حتّى فاتني مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بدر وأحد ثمّ عتقت ، فشهدت الخندق ولم يفتني معه مشهد (١).

[٤٣٩ / ٢٩] ـ وفي رواية عن سلمان رضى الله عنه أنّ صاحب عموريّة لمّا حضرته الوفاة قال : ائت غيضتين (٢) من أرض الشام ، فإنّ رجلا يخرج من إحداهما إلى الأخرى في كلّ سنة ليلة يعترضه ذووا الأسقام ، فلا يدعو لأحد مرض إلّا شفي ، فاسأله عن هذا الدين الذي تسألني عنه ؛ عن الحنيفيّة (٣) دين إبراهيم عليه‌السلام ، فخرجت حتّى أقمت بها سنة حتّى خرج تلك الليلة من إحدى الغيضتين إلى الأخرى ، وكان فيها حتّى ما بقي إلّا منكبيه فأخذت به ، فقلت : رحمك الله الحنيفيّة دين إبراهيم؟

فقال : إنّك تسأل (٤) عن شيء ما سأل عنه الناس اليوم ، قد أظلّك نبيّ يخرج عند هذا البيت بهذا الحرم يبعث بذلك الدين ، فقال الراوي : يا سلمان ، لئن كان كذلك لقد رأيت عيسى بن مريم صلوات الله عليه (٥).

[٤٤٠ / ٣٠] ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن أحمد ابن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن عليّ بن مهزيار ، عن أبيه ، عمّن ذكره ، عن

__________________

(١) عنه في بحار الأنوار ٢٢ : ٣٦٢ / صدر الحديث ٥.

وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٤ : ٧٥ وفي ج ٧ : ٣١٨ باختصار ، وابن حبّان في طبقات المحدّثين بإصبهان ١ : ٢٠٩ ، وابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق ٢١ : ٣٨٥ ، وابن الأثير في أسد الغابة ٢ : ٣٢٨.

(٢) الغيضتان : تثنية الغيضة وهي الأجمة أي : مغيض الماء ومجمعه ينبت فيه النبات والشجر والقصب.

(٣) في «ر» : (الحنيفة) ، وفي «س» : (الحنفيّة) وكذا الموضع التالي بعد سطرين.

(٤) في «س» : (تسألني) ، وفي «ر» : (سألتني).

(٥) عنه في بحار الأنوار ٢٢ : ٣٦٥ / ذيل الحديث ٥.

وورد مثله في الطبقات الكبرى ٤ : ٨٠ ، تاريخ مدينة دمشق ٢١ : ٣٩٠ ، سير أعلام النبلاء للذهبي ١ : ٥١٢ ، البداية والنهاية ٢ : ٣٨٤ ، سيرة النبيّ لابن هشام الحميريّ ١ : ١٤٥ ، عيون الأثر لابن سيد الناس ١ : ٩٢ ، السيرة النبويّة لابن كثير ١ : ٣٠٣.

٢٠٤

موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّ سلمان قال : كنت رجلا من (١) أهل شيراز ، فبينا أنا سائر مع أبي في عيد لهم إذا برجل من صومعة ينادي : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ عيسى روح الله ، وأنّ محمّدا حبيب الله ، فوقع ذكر محمّد (٢) في لحمي ودمي ، فلم يهنّئني طعام ولا شراب ، فلمّا انصرفت إلى منزلي فإذا أنا بكتاب من السقف معلّق ، فقلت لأمّي : ما هذا الكتاب؟ فقالت : يا روزبه ، إنّ هذا الكتاب لمّا رجعنا من عيدنا رأيناه معلّقا ، فلا تقربه يقتلك أبوك.

قال : فجاهدتها حتّى جنّ الليل ونام أبي وأمّي ، فقمت فأخذت الكتاب وإذا فيه : «بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا عهد من الله إلى آدم إنّي خالق من صلبه نبيّا يقال له : محمّد ، يأمر بمكارم الأخلاق ، وينهى عن عبادة الأوثان ، يا روزبه ، ائت وصيّ وصيّ عيسى وآمن (٣) واترك المجوسيّة.

قال : فصعقت صعقة ، فعلمت أمّي وأبي بذلك ، فجعلوني في بئر عميقة ، فقالوا : إن رجعت وإلّا قتلناك ، قال : ما كنت أعرف العربيّة قبل قراءتي (٤) الكتاب ، ولقد فهّمني الله تعالى العربيّة من ذلك اليوم ، قال : فبقيت في البئر ينزلون إليّ قرصا ، فلمّا طال أمري رفعت يديّ إلى السماء ، فقلت : يا ربّ ، إنّك حبّبت محمّدا إليّ فبحقّ وسيلته عجّل فرجي.

فأتاني آت عليه ثياب بيض ، فقال : يا روزبه ، قم ، وأخذ بيدي وأتى بي الصومعة ، فأشرف عليّ (٥) الديرانيّ ، فقال : أنت روزبه؟ فقلت : نعم (٦) فأصعدني

__________________

(١) في «ر» «س» : (في).

(٢) في «ر» «س» : (فلمّا سمعت ذكر محمّد وقع) بدلا من : (فوقع ذكر محمّد).

(٣) في البحار : (أنت وصيّ عيسى فآمن).

(٤) في «ر» «س» : (ذلك).

(٥) قوله : (عليّ) لم يرد في «ر» «س» «ص».

(٦) قوله : (فقلت : نعم) لم يرد في «ر» «س» «ص».

٢٠٥

وخدمته حولين ، فقال لمّا حضرته الوفاة : إنّي ميّت ولا أعرف أحدا يقول بمقالتي إلّا راهبا بأنطاكية ، فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام وادفع إليه هذا اللوح وناولني لوحا ، فلمّا مات غسّلته وكفّنته ودفنته وأخذت اللوح ، وأتيت الصومعة ، وأنشأت أقول : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّ عيسى روح الله ، وأنّ محمّدا حبيب الله.

فأشرف عليّ الديرانيّ فقال : أنت روزبه؟ قلت : نعم ، فصعدت إليه ، فخدمته حولين ، فلمّا حضرته الوفاة قال : لا أعرف أحدا يقول بمثل مقالتي في الدنيا ، وأنّ محمّدا بن عبد الله حانت ولادته ، فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام ، وادفع إليه هذا اللوح ، فلمّا دفنته صحبت قوما ، فقلت لهم : يا قوم ، أكفيكم الخدمة في الطريق وخرجت معهم فنزلوا.

فلمّا أرادوا أن يأكلوا شدّوا على شاة فقتلوها بالضرب ، وشووها ، فقالوا : كل فامتنعت ، فضربوني ، فأتوا بالخمر فشربوه ، فقالوا : اشرب ، فقلت : إنّي غلام ديرانيّ لا أشرب الخمر ، فأرادوا قتلي.

فقلت : لا تقتلوني أقرّ لكم بالعبوديّة ، فأخرجني واحد وباعني بثلاثمائة درهم من يهوديّ.

قال : فسألني عن قصّتي ، فأخبرته وقلت : ليس لي ذنب إلّا أنّني (١) أحببت محمّدا ، فقال اليهوديّ : وإنّي لأبغضك وأبغض محمّدا ، وكان على بابه رمل كثير ، فقال : يا روزبه ، لئن أصبحت ولم تنقل هذه الرمل من هذا الموضع إلى هذا الموضع لأقتلنّك. قال : فجعلت أحمل طول ليلتي ، فلمّا أجهدني التعب رفعت يدي إلى السماء وقلت : يا ربّ ، حببت إليّ محمّدا ، فبحقّ وسيلته عجّل فرجي.

قال : فبعث الله تعالى ريحا فقلعت ذلك الرمل من مكانه إلى المكان الذي قال

__________________

(١) في «ر» : (أنّي).

٢٠٦

اليهوديّ ، فلمّا أصبح قال : يا روزبه ، أنت ساحر فلأخرجنّك من هذه القرية ، فأخرجني وباعني (١) امرأة سلميّة ، فأحبّتني حبّا شديدا ، وكان لها حائط ، فقالت : هذا الحائط كل ما شئت وهب وتصدّق.

فبقيت في ذلك ما شاء الله ، فإذا أنا ذات يوم في ذلك البستان إذا أنا بسبعة رهط قد أقبلوا تظلّهم غمامة ، فقلت في نفسي : ما هؤلاء كلّهم أنبياء ، فإنّ فيهم نبيّا ، فدخلوا الحائط والغمامة تسير معهم ، وفيهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّ وأبو ذرّ وعمّار والمقداد وعقيل وحمزة وزيد بن حارثة ، وجعلوا يتناولون من حشف النخل ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لهم : كلوا الحشف ولا تفسدوا على القوم شيئا.

فدخلت إلى (٢) مولاتي ، فقلت : هبي (٣) لي طبقا فوهبته فأخذته (٤) فوضعته بين يديه ، فقلت : هذه صدقة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كلوا ، وأمسك رسول الله وأمير المؤمنين وحمزة وعقيل ، وقال لزيد بن حارثة : مدّ يدك وكل ، فأكلوا ، فقلت في نفسي : هذه علامة ، فحملت طبقا آخر وقلت : هذه هديّة ، فمدّ يده وقال : بسم الله كلوا ، فقلت في نفسي : هذه علامة أيضا.

فبينا (٥) أدور خلفه ، فقال : يا روزبه ، ادخل إلى هذه المرأة وقل لها : يقول لك محمّد بن عبد الله : تبيعيننا (٦) هذا الغلام ، فدخلت وقلت لها ما قال ، فقالت : لا أبيعكه (٧) إلّا بأربعمائة نخلة ؛ مائتي نخلة منها صفراء ، ومائتي نخلة منها حمراء ،

__________________

(١) في «م» زيادة : (من).

(٢) في «ر» «س» : (علىّ).

(٣) في «ص» : (هب).

(٤) قوله : (فوهبته فأخذته) لم يرد في «ر» «س» «ص».

(٥) في البحار زيادة : (أنا).

(٦) في «ر» «س» «ص» والبحار : (تبيعينا).

(٧) في «ر» «س» : (لا أبيعه).

٢٠٧

فأخبرت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : ما أهون ما سألت.

ثمّ قال : قم يا عليّ فاجمع هذا (١) النوى فجمعه وأخذه وغرسه ، ثمّ قال : اسقه ، فسقاه أمير المؤمنين وما بلغ آخره حتّى خرج النخل ولحق بعضه بعضا ، فخرجت ونظرت إلى النخل ، فقالت : لا أبيعكه إلّا بأربعمائة نخلة كلّها صفراء ، فمسح جبرئيل جناحه على النخل فصار كلّه أصفر (٢) ، فدفعتني إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأعتقني (٣).

فصل

[في إسلام أبي ذرّ رضى الله عنه]

[٤٤١ / ٣١] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور ، حدّثنا الحسين ابن محمّد بن عامر ، عن عمّه عبد الله ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن مرازم ، عن أبي بصير ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام لرجل : ألا أخبرك كيف كان سبب إسلام سلمان وأبي ذر؟ فقال الرجل : وأحظأ (٤) أمّا إسلام سلمان فقد علمت فأخبرني بالآخر ، فقال : إنّ أبا ذرّ كان ببطن مرّ (٥) يرعى غنما له إذ جاء ذئب عن يمين غنمه فطرده ،

__________________

(١) في «ر» «س» «ص» : (هذه).

(٢) في «ر» «س» «ص» : (صفراء).

(٣) رواه الصدوق في كمال الدين : ١٦١ / ٢١ باختلاف في المتن ، وفي آخره زيادة : (وسمّاني سلمانا) : عن أبيه ، عن محمّد بن يحيى العطّار وأحمد بن إدريس جميعا ، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى .. والباقي كما في المتن وعنه في بحار الأنوار ٢٢ : ٣٥٥ / ٢ وفي مستدرك الوسائل ١٢ : ٣٠٥ / ١ وج ١٣ : ٢٠٧ / ١٧ وص ٣٧٠ / ٢ مقطّعا ، ومثله في روضة الواعظين : ٢٧٥.

وورد مضمونه في الكافي ٨ : ٢٩٧ / ٤٥٧ ، والأمالي للصدوق : ٥٦٧ / ١.

(٤) في «م» والبحار : (وأخطأ).

(٥) مرّ وزان فلس : موضع بقرب مكّة من جهة الشام نحو مرحلة ، وهو منصرف لأنّه اسم واد ، ويقال له : بطن مرّ ، ومرّ الظهران أيضا (المصباح المنير : ٥٦٨).

٢٠٨

فجاء عن يسار غنمه (١) فصرفه ثمّ قال : ما رأيت ذئبا أخبث منك ، فقال الذئب : شرّ منّي أهل مكّة ، بعث الله إليهم (٢) نبيّا فكذّبوه.

فوقع كلام الذئب في أذن أبي ذرّ ، فقال لأخته : هلمّي (٣) مزودي (٤) وأدواتي ثمّ خرج يركض حتّى دخل مكّة ، فإذا هو بحلقة مجتمعين وإذاهم يشتمون (٥) النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كما قال الذئب ، إذ أقبل أبو طالب ، فقال بعضهم : كفّوا فقد جاء عمّه ، فلمّا دنا منهم عظّموه ثمّ خرج فتبعته ، فقال : ما حاجتك؟ فقلت : هذا النبيّ المبعوث فيكم؟ قال : وما حاجتك إليه؟

قلت : أؤمن به وأصدّقه ، فرفعني إلى بيت فيه : جعفر بن أبي طالب ، فلمّا دخلت سلّمت ، فردّ عليّ السلام وقال : ما حاجتك؟

قلت : هذا النبيّ المبعوث أؤمن به وأصدّقه ، فرفعني إلى بيت فيه حمزة ، فرفعني إلى بيت فيه عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، فرفعني إلى بيت فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فدخلت إليه ، فإذا هو نور في نور ، قال : أنا رسول الله يا أبا ذرّ انطلق إلى بلادك ، فإنّك تجد ابن عمّ لك قد مات ، فخذ ماله وكن بها حتّى يظهر أمري ، فانصرفت واحتويت على ماله وبقيت حتّى ظهر أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأتيته.

فلمّا انصرفت إلى قومي أخبرتهم بذلك ، فأسلم بعضهم ، وقال بعضهم : إذا دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أسلمنا ، فلمّا قدم أسلم بقيّتهم ، وجاءت أسلم (٦) فقالوا :

__________________

(١) في «ر» «س» : (يساره) بدلا من : (يسار غنمه).

(٢) في «ر» «س» : (فيهم).

(٣) في «ر» «س» «ص» : (هلمّ).

(٤) قال في المصباح المنير : ٢٦٠ : المزود بكسر الميم وعاء التمر يعمل من أدم وجمعه مزاود.

(٥) في «س» «ر» يمكن أن تقرأ : (يسبّون).

(٦) في جميع النسخ : (أسماء) ، والمثبت هو الصحيح ، فإنّ أسلم قبيلة معروفة والمنسوب إليها أسلميّ. ـ

٢٠٩

نسلم على الذي أسلم له إخواننا. فقال رسول الله : غفارا غفر الله لها ، وأسلم سلّمها الله (١).

[أبو ذرّ رضى الله عنه وعثمان]

[٤٤٢ / ٣٢] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ ، حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن أبان بن تغلب (٢) ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس في قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ)(٣) : دخل أبو ذرّ عليلا متوكّئا على عصاه على عثمان ، وعنده مائة ألف درهم حملت إليه من بعض النواحي ،

__________________

ـ يوافقنا على ذلك ما في مسند أحمد ٥ : ١٧٥ ، صحيح مسلم ٧ : ١٥٥ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٨ : ٤٥١ (إسلام أبي ذرّ) ، صحيح ابن حبّان ١٦ : ٨٢ باب مناقب أبي ذرّ ، الطبقات الكبرى ٤ : ٢٢١.

(١) رواه الصدوق في الأمالي : ٥٦٧ / ١ : عن أبيه ، ومحمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد وجعفر ابن محمّد بن مسرور جميعا قالوا : حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر ، عن عمّه عبد الله بن عامر ، عن محمّد بن أبي عمير .. والباقي مثله ، والكلينيّ في الكافي ٨ : ٢٩٧ / ٤٥٧ : عن أبي عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن عبد الله بن محمّد ، عن سلمة اللؤلؤيّ ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنهما في بحار الأنوار ٢٢ : ٤٢١ / ٣٢ ، وفيها اختلاف في بعض ألفاظه مع وحدة المضمون.

وورد قريب منه في مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ١ : ٨٦ عن الخدريّ.

(٢) رواية ابن أبي عمير المتوفّى سنة ٢١٧ ه‍ عن أبان بن تغلب المتوفّى سنة ١٤٠ أو ١٤١ ه‍ مرسلة ، ولعلّ الساقط هو : (عن أبان بن عثمان) ، يظهر ذلك من ملاحظة سائر الأسانيد. (من إفادات السيّد الشبيري الزنجاني).

وقد توسّط في الطرق والأسانيد بين ابن أبي عمير وأبان بن تغلب جماعة مثل : أبان بن عثمان [كمال الدين ٦٧١ / ١٨] ، وجميل بن درّاج [الكافي ٤ : ٤١٣ / ١ ، و ٥٤٠ / ٢ وتهذيب الأحكام ٥ : ١١٩] ، وإبراهيم بن عيسى أبو أيّوب الكوفي [بصائر الدرجات ٤٢١ / ١٥].

(٣) البقرة : ٨٤.

٢١٠

فقال : إنّي أريد أن أضمّ إليها مثلها ، ثمّ أرى فيها رأيي.

فقال أبو ذرّ : أتذكر إذ رأينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حزينا عشاء؟ فقال : بقي عندي من فيء المسلمين أربعة دراهم لم أكن قسّمتها ثمّ قسّمها ، فقال : الآن استرحت.

فقال عثمان لكعب الأحبار : ما تقول في رجل أدّى زكاة ماله هل يجب عليه بعد ذلك شيء؟ قال : لا ، لو اتّخذ لبنة من ذهب ولبنة من فضّة ، فقال أبو ذر رضى الله عنه : يابن اليهوديّة ، ما أنت والنظر في أحكام المسلمين؟! فقال عثمان : لو لا صحبتك لقتلتك ، ثمّ سيّره إلى الربذة (١).

[٤٤٣ / ٣٣] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو الحسن محمّد بن القاسم المفسّر ، حدّثنا يوسف بن محمّد بن زياد ، عن أبيه ، عن الحسن العسكريّ ، عن آبائه صلوات الله عليهم أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لأبي ذرّ : ما فعلت غنيماتك؟ قال : إنّ لها قصّة عجيبة ، قال : بينا أنا في صلاتي إذ عدا الذئب على غنمي ، فقلت : لا أقطع الصلاة ، فأخذ حملا وذهب به وأنا أحسّ به ، إذ أقبل على الذئب أسد فاستنقذ الحمل وردّه في القطيع ، ثمّ ناداني : يا أبا ذرّ ، أقبل على صلاتك ، فإنّ الله قد وكلني بغنمك ، فلمّا فرغت قال لي الأسد : امض إلى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبره أنّ الله أكرم صاحبك الحافظ لشريعتك ووكّل أسدا بغنمه ، فعجب من كان حول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢).

__________________

(١) عنه في بحار الأنوار ٢٢ : ٤٣٢ / ٤٢ وفي مستدرك الوسائل ٧ : ٣٧ / ٦ باختصار ، إلى قوله : (لو لا صحبتك لقتلتك).

ورواه القمّيّ في تفسيره ١ : ٥١ باختلاف مع تفصيل أكثر وعنه في بحار الأنوار ٢٢ : ٤٢٦ / ٣٦ ومستدرك الوسائل ١١ : ٩٤ / ١٢ وتفسير نور الثقلين ١ : ٩٥ / ٢٧١ والدرجات الرفيعة : ٢٤٦.

(٢) ورد الخبر في تفسير الإمام العسكريّ عليه‌السلام : ٧٣ بتفصيل أكثر : عن أبيه ، عن جدّه عليهم‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار ٢٢ : ٣٩٣ / ١ وج ٨١ : ٢٣١ / ٥ ومستدرك الوسائل ٣ : ٨٤ / ١٢ ومدينة المعاجز ١ : ٤٠٩ / ٢٧٢ والدرجات الرفيعة : ٢٣١.

٢١١

فصل

[نزول آية العدل والإحسان]

[٤٤٤ / ٣٤] ـ وعن (*) ابن عبّاس رضى الله عنه بينما (١) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بفناء بيته بمكّة جالس ، إذ مرّ به (٢) عثمان بن مظعون ، فجلس ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحدّثه ، إذ شخص بصره صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) إلى السماء ، فنظر ساعة ثمّ انحرف ، فقال عثمان : تركتني وأخذت تنفض رأسك كأنّك تشفّه (٤) شيئا.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أو فطنت إلى ذلك؟ قال : نعم ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أتاني جبرئيل عليه‌السلام ، فقال عثمان : فما قال؟ قال : قال : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ)(٥) قال عثمان : فأحببت محمّدا واستقرّ الإيمان في قلبي (٦).

[٤٤٥ / ٣٥] ـ وعنه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، حدّثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقيّ ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أتي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بأسارى ، فأمر بقتلهم ما خلا رجلا واحدا من بينهم ، فقال الرجل : كيف أطلقت عنّي من بينهم؟

فقال : أخبرني جبرئيل عليه‌السلام عن الله تعالى جلّ ذكره أنّ فيك خمس خصال

__________________

(*) تقدّم الإسناد برقم : (٤٢٨).

(١) في «س» : (بينا).

(٢) في «ص» «م» : (قرّبه).

(٣) شخص بصره : فتح عينيه فلم يطرف.

(٤) شفّ أي : بصر ورأى ما وراءه (المصباح المنير : ٣١٧).

(٥) النحل : ٩٠.

(٦) عنه في بحار الأنوار ٢٢ : ١١٢ / ٧٨.

٢١٢

يحبّها (١) الله ورسوله : الغيرة الشديدة على حرمك ، والسخاء ، وحسن الخلق ، وصدق اللسان ، والشجاعة ، فأسلم الرجل وحسن إسلامه (٢).

[في مقتل عمّار رحمه‌الله]

[٤٤٦ / ٣٦] ـ وعنه ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن أحمد بن هارون الشحّام ، حدّثنا أبو محمّد عبد الرحمن بن أبي حاتم ، حدّثنا عمر الأوديّ ، حدّثنا وكيع (٣) عن سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي البختريّ قال : قال عمّار رضى الله عنه يوم صفّين : ائتوني بشربة لبن فأتي فشرب ، ثمّ قال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إنّ آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن ، ثمّ تقدّم فقتل ، فلمّا قتل أخذ خزيمة بن ثابت بسيفه ، فقاتل وقال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : تقتل عمّارا الفئة الباغية وقاتله في النار ، فقال معاوية : ما نحن قتلناه إنّما قتله من جاء به (٤).

ويلزم معاوية على هذا أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله هو قاتل حمزة رضى الله عنه (٥).

فصل

[في علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالغيب]

[٤٤٧ / ٣٧] ـ وبإسناده عن سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه

__________________

(١) في «ر» «س» «ص» : (يحبّه).

(٢) الخصال : ٢٨٢ / ٢٨.

(٣) في النسخ : (ورفع) والمثبت موافق للمصنّف لابن أبي شيبة الكوفي ٨ : ٧٢٨ والطبقات الكبرى ٣ : ٢٥٧ وتاريخ مدينة دمشق ٤٣ : ٤٦٦.

(٤) عنه في بحار الأنوار ٣٣ : ١٠ / ٣٦٨ ، وانظر : المستدرك للحاكم ٣ : ٣٨٥ ، البداية والنهاية ٧ : ٢٦٨ ، شرح نهج البلاغة ٢ : ٨١٠ ، الاستيعاب لابن عبد البرّ ٣ : ١١٣٩ ، وورد مضمونه في أسد الغابة ٤ : ١٣٤.

(٥) الظاهر أنّ قوله : (ويلزم) إلى آخره من كلام القطب الراونديّ ، ولذا لم يذكره العلّامة المجلسيّ.

٢١٣

عليّ ، عن الحسن بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن موسى بن بكر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ضلّت ناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في غزوة تبوك ، فقال المنافقون : يحدّثنا عن الغيب ولا يعلم مكان ناقته ، فأتاه جبرئيل عليه‌السلام فأخبره بما قالوا وقال : إنّ ناقتك في شعب كذا متعلّق زمامها بشجرة بحر (١) ، فنادى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الصلاة جامعة ، قال : فاجتمع الناس (٢) ، فقال : أيّها الناس ، إنّ ناقتي بشعب (٣) كذا ، فبادروا إليها حتّى أتوها (٤).

[٤٤٨ / ٣٨] ـ وبهذا الإسناد قال بعض أصحابنا لأبي عبد الله عليه‌السلام : علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أسماء المنافقين؟ فقال : لا ، ولكن رسول الله لمّا كان في غزوة (٥) تبوك كان يسير على ناقته والناس أمامه ، فلمّا انتهى إلى العقبة (٦) وقد جلس عليها أربعة عشر رجلا : ستّة من قريش ، وثمانية من أفناء (٧) الناس ، أو على عكس هذا ، فأتاه جبرئيل عليه‌السلام فقال : إنّ فلانا وفلانا وفلانا قد قعدوا لك على العقبة لينفّروا ناقتك ، فناداهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فلان ويا فلان ويا فلان أنتم القعود لتنفّروا ناقتي ، وكان حذيفة خلفه فلحق بهم ، فقال : يا حذيفة ، سمعت؟ قال : نعم ، قال : اكتم (٨).

__________________

(١) في «ر» «س» : (بشجرة بحتر) ، وفي البحار : (بشجرة كذا).

(٢) في «ر» زيادة : (حوله).

(٣) في «ر» «س» : (في شعب).

(٤) عنه في بحار الأنوار ١٨ : ١٠٩ / ٩ ، وانظر : دلائل النبوّة للإصبهاني ٤ : ١٢٣٩.

(٥) في «ر» «س» : (بغزوة).

(٦) العقبة : منزل في طريق مكّة بعد واقصة ، وقبل القاع لمن يريد مكّة ، وهو ماء لبني عكرمة بن بكر ابن وائل (مراصد الاطّلاع ٢ : ٩٤٨).

(٧) قال في الصحاح ٦ : ٢٤٥٧ : يقال : هو من أفناء الناس ، إذا لم يعلم ممّن هو ، ومثله في النهاية ٣ : ٤٧٦ ، وفي لسان العرب ١٥ : ١٦٥ : يراد بذلك قوم من هنا وهناك لا يعرفون ، الواحد : فنو.

(٨) عنه في بحار الأنوار ٢١ : ٢٣٣ / ١٠ ، الخرائج والجرائح ٢ : ٥٠٤.

٢١٤

[٤٤٩ / ٣٩] ـ وعنه حدّثنا محمّد بن أحمد الشيبانيّ (١) ، حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفيّ ، حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكيّ ، حدّثنا جعفر بن سليمان ، عن عبد الله بن يحيى المدائنيّ ، حدّثنا الأعمش ، عن عبادة (٢) ، عن ابن عبّاس قال : دخلت فاطمة عليها‌السلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الذي توفّي فيه ، فقال : نعيت إليّ نفسي ، فبكت فاطمة عليها‌السلام ، فقال لها : لا تبكين فإنّك لا تمكثين من (٣) بعدي إلّا اثنين وسبعين يوما (٤) ونصف يوم حتّى تلحقي بي ، ولا تلحقي بي حتّى تتحفي بثمار الجنّة ، فضحكت فاطمة عليها‌السلام (٥).

[٤٥٠ / ٤٠] ـ وعن ابن عبّاس قال : جاء أعرابيّ من بني سليم ومعه ضبّ (٦) اصطاده في البرية في كمّه (٧) ، فقال : لا أؤمن بك يا محمّد (٨) ، حتّى ينطق هذا الضبّ.

فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا ضبّ ، من أنا؟ فقال : أنت محمّد بن عبد الله ، اصطفاك الله حبيبا ، فأسلم السلميّ (٩).

__________________

(١) الظاهر هذا تصحيف من : «السنانيّ» المكتّب الذي هو من مشايخ الصدوق.

(٢) في البحار : (عباية).

(٣) قوله : (من) لم يرد في «م».

(٤) قوله : (يوما) لم يرد في «م».

(٥) عنه بحار الأنوار ٤٣ : ١٥٦ / ٣.

(٦) قال في الإفصاح في فقه اللغة ٢ : ٨٤٣ : الضبّ من الحشرات ، وهو من جنس الزواحف يشبه الورل ، وهو على حدّ التمساح الصغير وذنبه كذنبه ، أحرش ، مفقّر ، خشن ، وأطول ما يكون قدر شبر ، وهو يتلوّن ألوانا نحو الشمس ويعيش سبعمائة عام ، يكثر في صحاري الأقطار العربيّة ، وإذا فارق حجره لم يعرفه ، ويبيض كالطير.

(٧) في «ر» «س» : (مكّة).

(٨) قوله : (يا محمّد) لم يرد في «ر» «س» والبحار.

(٩) ورد مضمونه في كفاية الأثر للخزّاز القمّيّ : ١٧٢ وعنه في بحار الأنوار ٣٦ : ٣٤٢ / ٢٠٨.

٢١٥

فصل

[أمير المؤمنين عليه‌السلام يبيّن أفضليّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله]

[٤٥١ / ٤١] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا الحسن بن حمزة العلويّ ، حدّثنا محمّد ابن داود ، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن محمّد الكوفيّ ، حدّثنا أبو سعيد سهل ابن صالح العبّاسيّ (١) ، حدّثنا إبراهيم بن عبد الرحمن الأعلى (٢) ، حدّثنا موسى ابن جعفر عن آبائه عليهم‌السلام قال : إنّ أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كانوا جلوسا يتذاكرون وفيهم أمير المؤمنين عليه‌السلام إذ أتاهم يهوديّ ، فقال : يا أمّة محمّد ، ما تركتم للأنبياء درجة إلّا نحلتموها (٣) لنبيّكم ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إن كنتم تزعمون أنّ موسى عليه‌السلام كلّمه ربّه على طور سيناء (٤) ، فإنّ الله تعالى كلّم محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله في السماء السابعة.

وإن زعمت النصارى أنّ عيسى عليه‌السلام أبرأ الأكمه وأحيى الموتى ، فإنّ محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله سألته قريش إحياء ميّت (٥) ، فدعاني وبعثني معهم إلى المقابر ، فدعوت الله عزوجل فقاموا من قبورهم ينفضون التراب عن رؤوسهم بإذن الله عزوجل ، وأنّ

__________________

(١) في «ر» : (العيّاشيّ).

(٢) الظاهر أنّه : «إبراهيم بن أبي المثنى عبد الأعلى» كما يدلّ عليه ما في رجال الشيخ حيث عدّه من أصحاب الصادق عليه‌السلام : ١٥٧ / ١٧٥٠. (العرفانيان).

(٣) نحلتموها بمعنى : ادّعيتموها له ، وهي ليست له.

(٤) قال في لسان العرب ٤ : ٥٠٨ : الطور : الجبل ، وطور سيناء : جبل بالشام ، وهو بالسريانيّة طورى ، والنسبة إليه طوريّ وطورانيّ. وقيل : إنّ سيناء حجارة ، وقيل : إنّه اسم مكان ، وقيل : إنّه شجر ، وفي معاني الأخبار للصدوق : ٤٩ معنى طور سيناء أنّه كان عليه شجرة الزيتون وكلّ جبل يكون عليه ما ينتفع به من النباتات والأشجار يسمّى طور سيناء وما لم يكن كذلك يسمّى جبل.

(٥) في «ر» «س» «ص» : (أن أحيا ميّتا) بدلا من : (إحياء ميّت).

٢١٦

أبا قتادة بن ربعي الأنصاريّ شهد وقعة أحد ، فأصابته طعنة في عينه فبدت حدقته ، فأخذها بيده ثمّ أتى بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : امرأتي الآن تبغضني ، فأخذها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من يده ثمّ وضعها مكانها ، فلم يك يعرف إلّا بفضل حسنها وضوئها على العين الأخرى ، ولقد بارز عبد الله بن عتيك فأبين يده ، فجاء إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليلا ومعه اليد المقطوعة ، فمسح عليها فاستوت يده (١).

فصل

[رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والظبية المصطادة]

[٤٥٢ / ٤٢] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو محمّد بن عبد الله بن حامد ، حدّثنا أبو عليّ (٢) إسماعيل بن سعيد (٣) ، حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن عبد الله بن نصر القاضي ، حدّثنا إبراهيم بن سهل ، حدّثنا حسّان بن أغلب بن تميم ، عن أبيه ، عن هشام بن حسّان ، عن الحسن بن ظبية بن محصن ، عن أمّ سلمة رضي الله عنها قالت : كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يمشي في الصحراء فناداه مناد : يا رسول الله ، مرّتين ، فالتفت فلم ير أحدا ، ثمّ ناداه فالتفت فإذا هو بظبية موثّقة (٤) ، فقالت : إنّ هذا الأعرابيّ صادني ولي خشفان (٥) في ذلك الجبل ، أطلقني حتّى أذهب وأرضعهما وأرجع ، فقال : وتفعلين (٦)؟

__________________

(١) عنه في بحار الأنوار ١٧ : ٢٤٩ / ٣ وج ٢ : ١١٣ / ٤٢ ، الخرائج والجرائح ٢ : ٥٠٥ / ١٨.

(٢) قوله : (عليّ) لم يرد في «ص» «م».

(٣) في «ر» «س» زيادة : (حدّثنا أبو الحسين).

(٤) في «ر» «س» : (فإذا هو بظبية موثوقة) بدلا من : (فالتفت فإذا هو بظبية موثّقة).

(٥) الخشف : ولد الغزال ، يطلق على الذكر والانثى ، والجمع خشوف مثل حمل وحمول (المصباح المنير : ١٧٠).

(٦) في «ر» «س» : (قال : أتفعلين).

٢١٧

قالت : نعم ، إن لم أفعل عذّبني الله عذاب العشّار (١) ، فأطلقها فذهبت فأرضعت خشفيها ثمّ رجعت فأوثقها ، فجاء الأعرابيّ فقال : يا رسول الله ، أطلقها فأطلقها فخرجت تعدو ، وتقول : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّك رسول الله (٢).

فصل

[كلام الناقة معه صلى‌الله‌عليه‌وآله]

[٤٥٣ / ٤٣] ـ وعن ابن حامد ، عن ابن (٣) سعدان الشيرازيّ ، حدّثنا أبو الخير بندار ابن يعقوب المالكيّ ، حدّثنا جعفر بن درستويه ، حدّثنا اليمان بن سعيد المصيصيّ ، حدّثنا يحيى بن عبد الله البصريّ ، حدّثنا عبد الرزّاق ، حدّثنا معمّر ، عن الزهريّ ، عن سالم بن عبد الله ، عن ابن عمر (٤) قال : كنّا جلوسا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ دخل أعرابيّ على ناقة حمراء ، فسلّم ثمّ قعد ، فقال بعضهم : إنّ الناقة التي تحت الأعرابيّ سرقها ، قال : أقم بيّنة.

فقالت الناقة التي تحت الأعرابيّ : والذي بعثك بالكرامة يا رسول الله ، إنّ هذا ما سرقني ولا ملكني أحد سواه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أعرابيّ ، ما الذي قلت حتّى أنطقها الله بعذرك؟

قال : قلت : «اللهمّ إنّك لست بإله (٥) استحدثناك ، ولا معك إله أعانك على

__________________

(١) قال الجرجاني في شرح المواقف ٨ : ٢٥٧ : العشّار : آخذ العشر ، ولعلّ المراد بالعشّار : الجائر.

(٢) عنه في بحار الأنوار ١٧ : ٤٠٢ / ١٩ بدون سند ، وذكره أيضا في ج ٧٥ : ٣٤٨ / ٥٠ إلى قوله : (العشّار فأطلقها) ، مجمع الزوائد ٨ : ٢٩٥ ، المواقف ٣ : ٤٠٧.

(٣) كلمة : (ابن) لم ترد في «ر» «س».

(٤) في «ر» «س» زيادة : (رفعه).

(٥) في البحار : (بربّ).

٢١٨

خلقنا ، ولا معك ربّ فيشركك في ربوبيّتك ، أنت ربّنا كما تقول وفوق ما يقول القائلون ، أسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تبرئني ببراءتي.

فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي بعثني بالكرامة يا أعرابيّ ، لقد رأيت الملائكة يكتبون مقالتك ، ألا ومن نزل به مثل ما نزل بك فليقل مثل مقالتك وليكثر الصلاة عليّ (١).

فصل

[قصّة يعفور حمار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله]

[٤٥٤ / ٤٤] ـ وعن ابن حامد ، حدّثنا أبو الحسين أحمد بن حمدان الشجريّ ، حدّثنا عمرو بن محمّد (٢) ، حدّثنا أبو جعفر محمّد بن مؤيّد ، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن عقبة بن أبي الصهباء ، حدّثنا أبو حذيفة ، عن عبد الله بن حبيب الهذليّ ، عن أبي عبد الرحمن السلميّ ، عن أبي منصور ، قال : لمّا فتح الله على نبيّه خيبر أصابه حمار أسود ، فكلّم النبيّ الحمار فكلّمه.

وقال : أخرج الله من نسل جدّي ستّين حمارا لم يركبها إلّا نبيّ ، ولم يبق من نسل جدّي غيري ولا من الأنبياء غيرك وقد كنت أتوقّعك ، كنت قبلك ليهوديّ أعثر به عمدا ، فكان يضرب بطني ويضرب ظهري.

فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : سمّيتك يعفورا (٣) ، ثمّ قال : تشتهي الإناث يا يعفور؟ قال : لا ، وكلّما قيل : أجب رسول الله خرج إليه ، فلمّا قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جاء إلى بئر

__________________

(١) عنه في بحار الأنوار ١٧ : ٤٠٣ / ٢٠ وج ٩٥ : ١٩٠ / ١٨.

(٢) في «س» زيادة : (بختر) ، وفي «ر» زيادة : (بخت) ، وفي «ص» : زيادة كلمة غير واضحة.

(٣) في «ر» «س» «ص» : (يعفور).

٢١٩

فتردّى فيها ، فصارت قبره جزعا (١)(٢).

[خوار الجذع وتسكينه]

[٤٥٥ / ٤٥] ـ وعن ابن حامد ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن الحسين ، حدّثنا أحمد بن منصور ، حدّثنا عمر بن يونس بن القاسم اليماميّ ، عن عكرمة بن عمّار ، حدّثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، حدّثنا أنس ، قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقوم فيسند ظهره إلى جذع منصوب في المسجد يوم الجمعة فيخطب بالناس ، فجاءه روميّ فقال : يا رسول الله ، أصنع (٣) لك شيئا تقعد عليه؟ فصنع له منبرا له درجتان ويقعد على الثالثة ، فلمّا صعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خار الجذع كخور (٤) الثور ، فنزل إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسكت ، فقال : والذي نفسي بيده لو لم ألتزمه لما زال كذا إلى يوم القيامة ، ثمّ أمر بها فاقتلعت ، فدفنت تحت منبره (٥).

فصل

[الإمام الرضا عليه‌السلام يجيب اليهود]

[٤٥٦ / ٤٦] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبي ، عن عبد الله بن جعفر الحميريّ ، عن الحسن بن طريف ، عن معمّر ، عن الرضا عن أبيه عليهما‌السلام قال : كنت عند أبي عليه‌السلام يوما

__________________

(١) أي : جاء إلى البئر فأسقط نفسه فيها جزعا وحزنا على النبيّ ووفاته صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٢) عنه في بحار الأنوار ١٦ : ١٠٠ / ٣٨ وج ١٧ : ٤٠٤ / ٢١. وورد مثله في كتاب الخصائص ٢ : ٢٧٤ للسيوطيّ عن ابن عساكر.

(٣) في «ص» : (أضع).

(٤) في «ر» «س» : (كخوار).

(٥) عنه في بحار الأنوار ١٧ : ٣٧٠ / ١٩ ، ووردت قضيّة حنين الجذع في مصادر عديدة مثل الخرائج والجرائح ١ : ١٦٥ / ٢٥٥ ومناقب ابن شهر آشوب ١ : ٩٠ وكشف الغمّة ١ : ٢٤ ، إعلام الورى ١ : ٧٦.

٢٢٠