مجد البيان في تفسير القرآن

آية الله الشيخ محمّد حسين الإصفهاني النجفي

مجد البيان في تفسير القرآن

المؤلف:

آية الله الشيخ محمّد حسين الإصفهاني النجفي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة البعثة
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٦٣

[السّبب في إتباع الصّراط المستقيم بصراط الّذين أنعمت عليهم]

ولعلّ النكتة في إتباع الصراط المستقيم بصراط الّذين أنعمت عليه هي : أنّ الصراط المستقيم لمّا كان أمرا معنويّا دقيقا لا يكاد يظهر في هذا العالم إلا باعتبار حال سالكيه المتحقّقين بحقائقه واتّبع (١) بصراطهم ، كما أنّ سائر السبل المنحرفة غير ظاهرة إلا في أصحابها ، فناسب إتباع ذكر المنعم عليهم الّذين هم أهل الحقّ بالمغايرة للطائفتين الأخريين ، الّذين هم سالكوا السبل المنحرفة حتّى يتّضح حال الصراط المطلوب والطرق المبغوضة.

ولعلّ فيه إشارة إلى طلب الاقتداء بأئمّة الهداية والهرب عن مخالفيهم ، فيشتمل الآية على متابعة أوليائه ، ومخالفة أعدائه ، وتولّي أوليائه سبحانه ، والتبرّي عن أعدائهم ، وبهما يكمل الهداية المطلوبة ؛ إذ لا يتمّ الايمان إلا بالتولّي والتبرّي.

وفيه أيضا تقوية للطلب الّذي هو روح الدعاء ، فانّ العبد إذا لاحظ حال الاصناف الثلاثة مفصّلا قوي شوقه إلى دخوله في «المنعم عليهم» وخوفه من لحوقه بالاخرين ، فيشتدّ في قلبه طلب الهداية المحصّلة للأوّل وخوف الفوات الموقع إيّاه في المحذور. وبذلك يتمّ حقيقة الدعاء ، الّذي هو موجب للاجابة لما فيه من التصريح بفائدة الهداية ، وغاية فواتها في حقّ أهلها.

__________________

(١) كذا في المخطوطة ، لكن الظاهر أن يكون : «التابعين» أو «المتبعين».

٣٤١

[في فضائل سورة الحمد]

بقي الكلام في نبذة ممّا ورد في فضيلة هذه السورة المباركة ، وما يتعلّق بها بعنوان كلّيّ.

[في أنّ سورة الحمد هي شفاء كلّ داء وعلّة تكرارها]

فعن العيّاشي ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ : «أمّ الكتاب أفضل سورة أنزلها الله في كتابه ، وهي شفاء من كلّ داء إلا السام يعني : الموت.» (١)

وفي الكافي عن الباقر عليه‌السلام :

«من لم يبرأه الحمد لم يبرأه شيء.» (٢)

وعن الصادق عليه‌السلام باسناد معتبر :

«لو قرئت الحمد على ميّت سبعين مرّة ، ثمّ ردّت فيه الروح

__________________

(١) رواه العياشي (ره) في تفسيره ، ج ١ ، ص ٢٠ ، ح ٩ ، عن إسماعيل بن أبان يرفعه إلى النبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ، وفيه : أنه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال لجابر ابن عبد الله : «يا جابر ، ألا أعلمك أفضل سورة أنزلها الله في كتابه؟ ـ إلى أن قال : ـ هي شفاء من كل داء ـ الخ.» وهكذا في الصافى ، ج ١ ، ص ٥٦ ؛ والوسائل ، ج ٤ ، باب ٣٧ من أبواب قراءة القرآن ، ص ٨٧٤ ، ح ٨.

(٢) الكافي ، ج ٢ ، باب فضل القرآن من كتاب فضل القرآن ، ص ٦٢٦ ، ح ٢٢ ، عن سلمة بن محرز ، عنه ـ عليه‌السلام ـ ؛ ورواه أيضا العياشي (ره) في تفسيره ، ج ١ ، ص ٢٠ ، ح ١٠ ، بهذا الاسناد ، عن الصادق ـ عليه‌السلام ـ ؛ وهكذا في الصافي ، ج ١ ص ٥٦ ؛ والوسائل ، ج ٤ ، باب ٣٧ من أبواب قراءة القرآن ، ص ٨٧٤ ، ح ٣.

٣٤٢

ما كان عجبا.» (١)

وعن عبد الله بن الفضل النوفلي رفعه قال :

«ما قرئت الحمد (٢) على وجع سبعين مرّة إلا أسكن.» (٣)

وعن الحسين [بن] بسطام في «طبّ الائمّة» عن أحدهم عليهم‌السلام قال :

«ما قرئت الحمد على وجع سبعين مرّة إلا سكن باذن الله ، وإن شئتم فجرّبوا ولا تشكّوا.» (٤)

وفي الامالي باسناده عن الامام علي بن محمّد عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال الصادق عليه‌السلام :

«من نالته علّة فليقرأ في جيبه الحمد سبع مرّات ، فان ذهبت العلّة ، وإلا فليقرأها سبعين مرّة ، وأنا الضامن له العافية.» (٥)

__________________

(١) الكافي ، ج ٢ ، باب فضل القرآن من كتاب فضل القرآن ، ص ٦٢٣ ، ح ١٦ ، عن معاوية بن عمار ، عنه ـ عليه‌السلام ـ ؛ والصافي ، ج ١ ، ص ٥٦ ؛ والوسائل ، ج ٤ ، باب ٣٧ من أبواب قراءة القرآن ، ص ٨٧٣ ، ح ١ ؛ وهكذا في مكارم الاخلاق ودعوات الراوندي كما في البحار ، ج ٩٢ ، باب فضائل سورة الفاتحة وتفسيرها ، ص ٢٥٧ ، ح ٥٠.

(٢) في الوسائل «الفاتحة».

(٣) خ. ل : «سكن» ، والحديث في الكافي ، ج ٢ ، باب فضل القرآن ، ص ٦٢٣ ، ح ١٥ ؛ والوسائل ، ج ٤ ، باب ٣٧ من أبواب قراءة القرآن ، ص ٨٧٣ ، ح ٢ ؛ ونور الثقلين ، ج ١ ، ص ٤.

(٤) كما في البحار ، ج ٩٢ ، باب فضائل سورة الفاتحة وتفسيرها ، ص ٢٣٥ ، ح ٢١ ؛ والوسائل ، ج ٤ ، باب ٣٧ من أبواب قراءة القرآن ، ص ٨٧٤ ، ح ٦.

(٥) أمالى الشيخ (ره) ج ١ ، الجزء العاشر ، ص ٢٩٠ ؛ والوسائل ، ج ٤ ، باب ٣٧ من أبواب قراءة القرآن ، ص ٨٧٤ ، ح ٧ ؛ وهكذا في دعوات الراوندي كما في البحار ، ج ٩٢ ، باب فضائل سورة الفاتحة وتفسيرها ، ص ٢٣١ ، ح ١٣.

٣٤٣

ولعلّ الوجه في كونه شفاء من الامراض ما ذكر فيه من أسماء الله سبحانه المحيطة بعالم الدنيا والآخرة ، مع الاستعانة باسمه سبحانه ، والحمد له ، وحصر العبادة والاستعانة به سبحانه ، وطلبه الهداية إلى الصراط المستقيم ، مع تذكّره لأهله الّذي هم أصل الخير وفرعه ومعدنه من حيث كونهم منعما عليهم ، والتحرّز عن صراط مخالفيهم الّذين هم أصل الشرّ وفرعه.

ففي ذكر أسماء الله سبحانه مع الاستعانة استمداد على المقصود ، وفتح لمفاتح الغيب ، وفي الحمد الكامل استيجاب للمزيد من النعم ، وقد كان قصد القارئ خصوص زيادة نعمة الشفاء على سائر النعم ، فينبغي حصوله.

وحصر العبادة إقرار بالعبوديّة الّتي هي معدن الخيرات ، والاستعانة المطلقة شاملة للمهمّ المفروض ، والطلب والدعاء سبب الاجابة ، وطلب الهداية موجب لحصولها ، وحصولها بمنزلة الاصل فيما يقرب إلى مبدء الخيرات. والصراط مؤدّي إلى النعمة المطلقة ، وتذكّر المنعم عليهم ، وطلب الدخول في صراطهم ، والكون معهم كأنّه استمداد منهم في قضاء الحاجة ، كما أنّ التبرّي عن صراط المخالفين كأنّه تحرّز عن أصل الشرّ وفرعه.

ثمّ إنّ كلام الله سبحانه عموما وخصوص الفاتحة على ما عليه من الفضيلة والشرافة بالنسبة إلى جلّ أجزاء القرآن أو كلّه ، وكونه أمّ الكتاب محيطا بما فيه ، لا بدّ وأن يكون فيه من البركات والخيرات ما لا تحصى ، فلا تعجب في كونه شافيا لمرض ظاهريّ ، مع أنّه كلام مالك الشفاء كلّه ، ووصفه القرآن أو البعض منه بأنّه شفاء للمؤمنين ، وأيّ وسيلة بين العبد والشافي أقرب من هذا الكلام من كلماته؟

ولعلّ السرّ في التكرار سبعا كون السبع عددا كاملا ، أو موافقته للسموات السبع المعنويّة ، فيتجاوز بكلّ مرتبة مقام سماء منها إلى أن يصل إلى الملأ الاعلى ،

٣٤٤

الّذي هو مبدء الخير والجود. والسبعين لكونه كاملا في الكثرة ، أو أخذ كلّ عشرة واحدا كما هو المعهود.

ويؤيّد كون قرائتها شفاء للأمراض الظاهريّة شفائه للأمراض الباطنيّة إذا تليت حقّ تلاوتها. ويظهر تفصيل ذلك ممّا قدّمناه هنا وفي أوّل الكتاب ، فراجع. (١)

[اسم الله الأعظم مقطع في أمّ الكتاب]

وفي ثواب الاعمال باسناده عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال :

«إسم الله الاعظم مقطّع في أمّ الكتاب.» (٢)

وربّما يظهر الوجه فيه ممّا قدّمناه في البسملة والآيات الثلاثة الاول بمنزلة التفصيل للاسم الاعظم والحروف المقطعة بالنسبة إلى الكلمة ، فكما أنّ الكلمة بوحدتها جامعة للحروف وهي أجزاء لها ، كذلك الاسماء الخمسة بمنزلة الاجزاء للاسم الاعظم الّذي هو الكلمة التامّة والاركان لها ، وقول (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) بمنزلة البيان لكلمة الجلالة على ما سبق من معناها ، و (إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) بمنزلة البيان لربّ العالمين وقيام بموجبه ، وطلب الهداية قيام بموجب الاقرار بالرحمة ، وذكر الطوائف الثلاثة بمنزلة التفصيل لمالك يوم الدين أو ملكه.

ومن هذا البيان يظهر شدّة ارتباط الآيات واتّصال بعضها ببعض ، وكلّ ذلك من آثار ذلك الاسم الاعظم وشؤونه ، فهو مقطّع فيها.

__________________

(١) المقدمة الاولى ، ص ٢٦.

(٢) ثواب الاعمال ، ص ١٣٠ ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني ، عن أبيه ، عنه ـ عليه‌السلام ـ ؛ وأيضا رواه العياشي (ره) بهذا الاسناد في تفسيره ، ج ١ ، ص ١٩ ، ح ١ ؛ وهكذا في البحار ، ج ٩٢ ، باب فضائل سورة الفاتحة وتفسيرها ، ص ٢٣٤ ، ح ١٦.

٣٤٥

[ما من شيء في القرآن إلّا وهو في سورة الحمد]

وعن العلل باسناده عن الرضا عليه‌السلام (١) :

«فان قال قائل : فلم بدء بالحمد في كلّ قرائة دون سائر السور؟ قيل : لانّه ليس شيء من القرآن والكلام جمع فيه من جوامع الخير والحكمة ما جمع في سورة الحمد ، وذلك أنّ قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) إنّما هو أداء لما أوجب الله على خلقه من الشكر ، وشكر (٢) لما وفّق له عبده للخير.

(رَبِّ الْعالَمِينَ) تمجيد له وتحميد ، وإقرار بأنّه هو الخالق المالك لا غير.

(الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) استعطاف وذكر لربّه (٣) ونعمائه على جميع خلقه (٤).

(مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) إقرار له بالبعث والحساب والمجازات ، وإيجاب له ملك الآخرة ، كما أوجب له ملك الدنيا.

(إِيَّاكَ نَعْبُدُ) رغبة وتقرّبا إلى الله ، وإخلاصا له بالعمل دون غيره.

(وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) استزادة من توفيقه وعبادته ، واستدامة لما أنعم الله عليه ونصره.

__________________

(١) قال المؤلف (ره) في الهامش : «لا يبعد كون ألفاظ هذه الرواية من الفضل بن شاذان والمعنى مأخوذ من كلام الامام ـ عليه‌السلام ـ.»

(٢) في العيون : «شكره».

(٣) في العيون والبحار : «لآلائه».

(٤) خ. ل : «صفته».

٣٤٦

(اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) استرشادا لأدبه ومعتصما بحبله ، واستزادة في المغفرة لربّه (١) ولعظمته على أوليائه ، ورغبة في مثل ذلك النعم.

[(صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) توكيدا في السؤال والرغبة ، وذكر لما قد تقدّم من نعمه على أوليائه ، ورغبة في مثل ذلك النعم.](٢)

(غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) استعاذة من أن يكون من المعاندين الكافرين المستخفّين [به و] بأمره ونهيه.

(وَلَا الضَّالِّينَ) إعتصاما من أن يكون من الّذين ضلّوا عن سبيله من غير معرفة وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعا. فقد اجتمع فيه من جوامع الخير والحكمة في أمر الآخرة والدنيا ما لا يجمعه شيء من الاشياء.» (٣)

انتهى ما نقلته من النسخة ، وفيه تأييد لجملة ما قدّمناه.

وروي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه قال :

«كلّما في القرآن في الحمد ، وكلّما في الحمد في البسملة ، وكلّما في البسملة في الباء ، وكلّما في الباء في النقطة ، وأنا النقطة تحت الباء.» (٤).

__________________

(١) في المصادر : «في المعرفة بربه».

(٢) سقط عن المخطوطة.

(٣) العلل ، ج ١ ، باب ١٨٢ ، ص ٢٦٠ ، ح ٩ ، عن الفضل بن شاذان ؛ وأيضا رواه بهذا الاسناد في العيون ، ج ٢ ، باب ٣٤ ، ص ١٠٥ ، ح ١ ؛ وهكذا في البحار ، ج ٨٥ ، باب القراءة وآدابها من كتاب الصلاة ، ص ٥٤ ، ح ٤٦.

(٤) راجع ينابيع المودة ، ص ٦٩ ، وقد نقل فيه فقرته الاخيرة.

٣٤٧

ويؤيّد الجزء الاوّل منه التعبير عن السورة ب «أمّ الكتاب» و «أمّ القرآن» في روايات عديدة ، والظاهر من كونها أمّا له اشتمالها عليها كاشتمال الأمّ على ولدها ، وحينئذ يكون السورة جامعا لجميع القرآن المحيط على ما في التوراة والانجيل والزبور ، بل وجميع الكتب السماويّة على ما يظهر من وصفه بأنّ : «فيه تبيان كلّ شيء».

ويشبه أن يكون السرّ في ذلك أنّ المقصود من البيان إمّا بيان الحقّ وصفاته وأسمائه وتوحيده ، و [إمّا] بيان أحوال الخلق وصفاتهم وحقائقهم وذواتهم ، وبيان ما هم عليه في الواقع ، وبيان النسبة الواقعة بين الحقّ سبحانه بأسمائه والخلق ، وهذه السورة اشتملت من أوّلها إلى (يَوْمِ الدِّينِ) على المقصد الاوّل بالاصالة ، ومن قوله «إهدنا» إلى آخر السورة على المقصد الثاني بالاصالة ، وقوله «إِيَّاكَ نَعْبُدُ ـ الخ» على الثالث.

وكذلك قيل : «إنّ في الحمد ثلاث مقامات : مقام حقّ لا خلق فيه ، ومقام خلق لا حقّ فيه ، ومقام حقّ وخلق.» وإنّما قلنا بالاصالة لأنّ الاسماء الالهيّة تدلّ على حال المخلوقات بالتبع لظهورها بها ، ودلالة الثاني على صفات الحقّ في المعاملة معهم بالانعام وغيره. ويظهر من هذه الاشارة وجه لاندراج علوم الفاتحة في البسملة بضميمة ما أشرنا في بيان الارتباط بين آيات الفاتحة وما قدّمناه في تفسير البسملة مشروحا وما يتعلّق بها ؛ إذ لا يخلو شيء عن كونه متعلّقا بأجزاء مدلولها ، وهي محيطة بجميع عوالم البدو والمعاد ، فانّ اسم الرحيم ظهوره في عالم الآخرة بنفسه للمؤمنين ، وبظلّه الّذي هو اسم المنتقم على غيرهم ، وهو مفهوم من اسم الرحيم بالتبع ، وقد مرّ بيان ما يوضح ذلك.

وأما اندراج البسملة في الباء ، فلأنه إن أخذ بمعنى البهاء على ما قدّمناه فهو محيط بهذه الاسماء المتأخر ذكرها ومقدم في المرتبة عليها على ما بيناه

٣٤٨

سابقا ، فهو بمنزلة الاصل لها يدلّ عليها دلالة السبب الصوري على مسبّبه. وإن جعلنا الباء لمحض الربط بين اسم الحق والخلق ، فمن الظاهر أنّ أصل كلّ الاشياء المخلوقة هو الربط الحاصل بينها وبين اسم الحق ، إذ لو لم يكن ذلك الربط تمّ لكانت معدومات صرفة لا خبر عنها ، ولا شيئية ولا ذات ولا صفة ، فذلك الربط هو الاصل الحافظ لها المحيط عليها.

ولعلّ من ذلك يظهر الوجه فيما يروى من أنّه : «ظهرت الموجودات من باء بسم الله الرحمن الرحيم» (١).

وأمّا اشتمال النقطة على ما في الباء ، فيمكن أن يراد به محلّ ظهور الباء وحامله ومعيّنه ومظهره ، كما أنّ النقطة الكتبيّة يظهر الباء ويعيّنه من بين مشاركاته ، وهو محلّ لظهوره وحامل لظهوره. وحينئذ فهو حقيقة الامام عليه‌السلام الحامل لذلك الاسم ومظهره ، ومظهره في العالم ومعيّنه فيه.

ويمكن أن يراد بالنقطة النقطة الّتي هي أصل الالف وسائر الحروف ، وهو حكاية عن الاسم البسيط على الالف فضلا عن الباء ، وهو على بساطته محيط بالباقي. وحينئذ فيصحّ إطلاق كونه تحت الباء كاطلاق كون المعنى تحت اللّفظ ؛ إذ هو باطن يحكي عنه الباء ، ومكنون مكتوم تحته بذاته وإن كان ظاهرا بقالبه الّذي هو الباء ولو بالواسطة. وعلى هذا فكونه عليه‌السلام نقطة باعتبار كون النقطة مقامه ورتبته عند الحقّ واتّحاده معها باعتباره ومظهريّته لها باعتبار آخر.

ويصحّ أن يجعل تحت الباء من صفات المبتدأ لا الخبر ، فيكون مفاد الكلام أنّه حينئذ عين النقطة مع كونه تحت الباء باعتبار نزوله عن مقام الحقيقة المحمّديّة صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وبما مرّ في شأن هذه السورة يظهر وجه لكون (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ثلث

__________________

(١) نقله الشيخ رجب البرسي (ره) في مشارق أنوار اليقين ، ص ٣٨.

٣٤٩

القرآن (١) ، فانّه مشتمل على مقصد واحد من المقاصد الثلاثة ، وهو وصف الحقّ ونعته الّذي هو أشرف المقاصد الثلاثة ، هذا.

[الفاتحة أشرف ما في كنوز العرش]

وفي بعض الروايات عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ :

«فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز العرش.» (٢)

وفي الصافي في رواية أنّها : «من كنوز العرش.» (٣)

ويحتمل أن يراد بالعرش هنا عرش العلم ، كما هو أحد إطلاقاته ، فيستقيم المعنى بلا كلفة ؛ وأن يراد العرش المعهود ، وحينئذ فكونها من كنوزه باعتبار بعض مقامات حقيقة القرآن.

__________________

(١) هذا المعنى قد ورد في روايات كثيرة ؛ منها : ما أورده الكليني (ره) في الكافي ، ج ٢ ، باب فضل القرآن من كتاب القرآن ، ص ٦٢١ ، ح ٧ ، عن يعقوب بن شعيب ، عن أبي عبد الله ـ عليه‌السلام ـ ، قال : «كان أبي ـ صلوات الله عليه ـ يقول : «قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ» ثلث القرآن.»

ومنها : ما رواه الصدوق (ره) في الاكمال ، عن أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ كما في الصافي ، ج ٢ ، ص ٨٦٦ ، قال ـ عليه‌السلام ـ : «من قرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) مرة فكأنما قرأ ثلث القرآن ، ومن قرأها مرّتين فكأنما قرأ ثلثي القرآن ، ومن قرأها ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله.»

(٢) رواه الصدوق (ره) في الامالي ، المجلس الثالث والثلاثون ، ح ٢ ؛ والعيون ، ج ١ ، باب ٢٨ ، ص ٢٣٥ ، ح ٦٠ ؛ وهكذا في مجمع البيان ، ج ١ ، ص ١٨ ؛ والبحار ، ج ٩٢ ، باب فضائل سورة الفاتحة وتفسيرها ، ص ٢٢٧ ، ح ٥.

(٣) الصافي ج ١ ، ص ٥٦.

٣٥٠

[في أنّ سورة الفاتحة مقسم قسمين بين الله وبين عباده]

وعن العيون وتفسير الامام عليه‌السلام عن الصادق عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام قال :

«لقد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : قال الله عزوجل : قسّمت فاتحة الكتاب بيني وبين عبدي ، فنصفها لي ونصفها لعبدي ، ولعبدى ما سأل ، إذا (١) قال العبد : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قال الله جلّ جلاله : بدأ عبدي باسمي وحقّ عليّ أن أتمّم له أموره وأبارك له في أحواله.

وإذا قال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) قال جلّ جلاله : حمدني عبدي ، وعلم أنّ النعم الّتي له من عندي ، وأنّ البلايا الّتي اندفعت (٢) عنه فبتطوّلي (٣) ؛ اشهدكم أنّي (٤) أضيف له إلى نعم الدنيا نعم الآخرة ، وأدفع عنه بلايا الآخرة كما دفعت عنه بلايا الدنيا.

وإذا قال : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قال الله جلّ جلاله : شهد لي بأنّي الرحمن الرحيم ؛ أشهدكم لأوفّرنّ من رحمتي (٥) حظّه ، ولأجزلنّ من عطائي نصيبه.

فاذا قال : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) قال الله تعالى : أشهدكم كما

__________________

(١) في المخطوطة : «فاذا».

(٢) في العيون والامالي والبحار : «دفعت».

(٣) في العيون والامالي والبحار : «فبطولي».

(٤) في المخطوطة : «فأني».

(٥) في المخطوطة : «نعمته»

٣٥١

اعترف بأنّي أنا المالك (١) يوم الدين لأسهّلنّ يوم الحساب حسابه ، ولا ثقلنّ حسنانه ، ولأتجاوزنّ عن سيّئاته.

فاذا قال العبد : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) قال الله عزوجل : صدق عبدي ، إيّاي يعبد ؛ اشهدكم لأثيبنّه على عبادته ثوابا يغبطه كلّ من خالفه في عبادته لي.

فاذا قال : (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ، قال الله تعالى : بي استعان [عبدي] وإليّ التجأ ؛ أشهدكم لأعيننّه على أمره ، ولأغيثنّه في شدائده ، ولآخذنّ بيده يوم نوائبه.

فاذا قال : «اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ـ إلى آخر السورة» قال الله جلّ جلاله : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ، فقد استجبت لعبدي ، وأعطيته ما أملّ ، وآمنته ممّا منه وجل.» (٢)

وروي من طريق العامّة عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال :

«يقول الله سبحانه : قسّمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فاذا قال العبد : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قال الله : مجّدني عبدي. وإذا قال العبد : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) قال الله : حمدني عبدي. وإذا قال : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قال الله : أثنى عليّ عبدي. وإذا قال : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) قال الله : فوّض إلىّ عبدي. وإذا قال : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) قال الله : هذا بيني وبين عبدي. وإذا قال : «اهْدِنَا الصِّراطَ

__________________

(١) في المخطوطة : «الملك».

(٢) تفسير الامام ـ عليه‌السلام ـ ، ص ٢١ ؛ والعيون ، ج ١ ، باب ٢٨ ، ص ٢٣٤ ، ح ٥٩ ؛ وهكذا رواه (ره) في الامالي ، المجلس الثالث والثلاثون ، ح ١ ؛ وأيضا في البحار ، ج ٩٢ ، باب فضائل سورة الفاتحة وتفسيرها ، ص ٢٢٦ ، ح ٣.

٣٥٢

الْمُسْتَقِيمَ» قال الله : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل.» (١)

وفيهما تأييد لجملة ما قدّمناه ، وفيما قدّمنا شرح لكثير من هذه الفقرات لمن تدبّر وتبصّر.

وروى القميّ باسناده عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال :

«إنّ إبليس رنّ رنينا (٢) لمّا بعث الله نبيّه محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله على حين فترة من الرسل ، وحين نزلت أمّ الكتاب.» (٣)

وفيه دلالة على عظم شأن هذه السورة.

__________________

(١) أخرجه مسلم في صحيحه ، ج ١ ، باب قراءة الفاتحة في كل ركعة ، ص ٢٩٦ ، ح ٣٨ : وأبو داود في سننه ، ج ١ ، باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب ، ص ٢١٦ ، ح ٨٢١ ؛ والنسائي في سننه ج ١ ، باب ترك قراءة البسملة في فاتحة الكتاب ، ص ١٣٦ ؛ وهكذا في مجمع البيان ، ج ١ ، ص ١٧.

(٢) في القمي : «أنّ أنينا». قال المؤلف (ره) في الهامش : «يقال : رنت المرثة ترن رنينا من باب ضرب : صوتت».

(٣) القمي ، ج ١ ، ص ٢٩ ؛ والبحار ، ج ٩٢ ، باب فضائل سورة الفاتحة وتفسيرها ، ص ٢٣٠ ، ح ٨ ؛ والبرهان ، ج ١ ، ص ٤١ ، ح ١١.

٣٥٣
٣٥٤

سورة البقرة

٣٥٥
٣٥٦

[تحقيق حول «الم» وسائر الحروف المقطعات]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(الم)

عن المعاني ، عن الصادق عليه‌السلام :

«الم هو حرف من حروف اسم الله الاعظم المقطّع في القرآن ، الّذي يؤلّفه النبيّ أو الامام ، فاذا دعا به أجيب.» (١)

وفي تفسير القميّ ذلك بتفاوت ما في الالفاظ بعد لفظ «قال» (٢) ، والاقرب رجوع الضمير إلى الصادق عليه‌السلام.

وفي مجمع البيان وغيره ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه قال :

«إنّ لكلّ كتاب صفوة ، وصفوة هذا الكتاب حروف التهجّي.» (٣)

وقد اضطرب آراء المفسّرين وغيرهم من الناظرين في معنى إيراد هذه الحروف

__________________

(١) المعاني ، باب معنى الحروف المقطعة ، ص ٢٣ ، ح ٢ ، عن أبي بصير ، عنه ـ عليه‌السلام ـ ؛ والصافي ، ج ١ ، ص ٥٧ ؛ والبرهان ، ج ١ ، ص ٥٣ ، ح ٣ ؛ ونور الثقلين ، ج ١ ، ص ٢٦. واعلم أن في خبر الصدوق في ثواب الاعمال ، ص ١٣٠ ، ح ١ ، عن أبي عبد الله ـ عليه‌السلام ـ إذ قال : «اسم الله الاعظم مقطع في أم الكتاب» تأكيد لما مرّ في رواية المعاني ، ولما سيجيء فيما بعد من أن فواتح السور حروف اسم الله الاعظم ، فتبصّر.

(٢) القمي ، ج ١ ، ص ٣٠.

(٣) مجمع البيان ، ج ١ ، ص ٣٢ ؛ والصافي ج ١ ، ص ٥٨ ، ونور الثقلين ، ج ١ ، ص ٣٠ ، ح ٨.

٣٥٧

المقطّعة في أوائل السورة ، فذهب كلّ إلى مذهب ، وتشتّت الآراء فيه بحيث لا يجمعها جامع ، وأكثرها تخريجات لا يظهر لها دليل يسكن إليه.

وقال المحدّث الكاشاني بعد نقل الرواية الاولى :

«فيه دلالة على أنّ الحروف المقطّعات أسرار بين الله وبين حبيبه (١) لم يقصد بها إفهام غيره ، وغير الراسخين في العلم من رسوله وذريّته (٢). والتخاطب بالحروف المفردة سنّة الاحباب في سنن المحابّ ، فهو سرّ الحبيب مع الحبيب بحيث لا يطّلع عليه الرقيب ؛ شعر :

بين المحبّين سرّ ليس يفشيه

قول ولا قلم للخلق يحكيه» (٣)

واستدلّ عليه بقوله تعالى : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ)(٤) ورواية أبي لبيد (٥) المخزومي الاتية.

[روايات في تفسير فواتح السّور وما يتعلّق بها]

والاولى أن نورد أوّلا جميع ما عثرنا عليه من الروايات الواردة في كلّ من هذه الفواتح ، فانّ الظاهر تقارب الكلام في بعضها ببعض ، ثمّ نتبعها بذكر ما يخطر بالبال في حلّها على حسب مبلغ النظر القاصر ، حتّى تكون في غنى عن التعرّض لها في محالّها إلا من جهة بعض الخصوصيّات حسب ما يقتضيه المقام ، والله العالم بحقيقة الحال.

__________________

(١) في بعض النسخ : «بين الله ورسوله ورموز».

(٢) في بعض النسخ : «ومن ذريته».

(٣) الصافي ، ج ١ ص ٥٧.

(٤) آل عمران / ٧.

(٥) في المخطوطة : «لبيدة».

٣٥٨

فعن تفسير الامام عليه‌السلام أنّ معنى «الم» :

«هذا الكتاب الّذي أنزلته [عليك] هو الحروف المقطّعة الّتي منها : ألف ، لام ، ميم ، وهو بلغتكم وحروف هجائكم ، فأتوا بمثله إن كنتم صادقين.» (١)

قال في الصافي :

«هذا أيضا يدلّ على أنّها من جملة الرموز المفتقرة إلى البيان.» (٢)

وفيه نظر ظاهر ، بل الظاهر منه هو الوجه الّذي اختاره جماعة من المفسّرين من أنّ : «ورودها مسرودة هكذا على نمط التعديد ، ليكون كالايقاظ وقرع العصاء لمن تحدّى بالقرآن ؛ أي : أنّ هذا المتلوّ عليهم وقد عجزوا عنه عن آخرهم كلام منظوم من عين ما ينظمون منه كلامهم ، فلو لا أنّه من كلام خالق القدر لم يعجز معشر البشر عن الاتيان بمثل الكوثر.» (٣)

وعن العياشي ، عن أبي لبيد المخزومي قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام :

«يا با لبيد ، إنه يملك من ولد العباس اثنا عشر ، يقتل بعد الثامن منهم أربعه ، تصيب أحدهم الذبحة (٤) فتذبحه. هم فئة قصيرة

__________________

(١) تفسير الامام ـ عليه‌السلام ـ ، ص ٢٢ ؛ والصافي ، ج ١ ، ص ٥٨ ؛ وهكذا رواه الصدوق (ره) في المعاني ، باب معنى الحروف المقطعة ، ص ٢٤ ، ح ٤ ؛ ونقله عنه البحراني (ره) في البرهان ، ج ١ ، ص ٥٤ ، ح ٩ ؛ والعروسي الحويزي (ره) في نور الثقلين ، ج ١ ، ص ٢٧ ، ح ٧.

(٢) الصافى ، ج ١ ، ص ٥٨.

(٣) هذا الوجه مذكور في الكشاف ، ج ١ ، ص ١٦ ؛ وتفسير النيشابورى ، ج ١ ، ص ٤٤

(٤) قال الفيض (ره): «الذبحة بالضم والكسر كهمزة وعنبة : «الخناق.» وقال بعض في هامش العياشي : «الذبحة كهمزة : وجع في الحلق من الدم. وقيل : قرحة تظهر فيه فتنسد معها وينقطع النفس ويسمى بالخناق».

٣٥٩

أعمارهم [قليلة مدّتهم] خبيثة سيرتهم. منهم : الفويسق الملقّب بالهادي والناطق والغاوي.

يا با لبيد ، إنّ لي في حروف القرآن المقطّعة لعلما جمّا ، إنّ الله تبارك وتعالى أنزل (الم ذلِكَ الْكِتابُ) ، فقام محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى ظهر نوره ، وثبتت كلمته ، وولد يوم ولد ، وقد مضى من الالف السابع مائة سنة وثلاث سنين.

ثمّ قال : وتبيانه في كتاب الله في الحروف المقطّعة إذا عددتها من غير تكرار ، وليس من حروف مقطّعة حرف تنقضي أيّامه إلا وقائم من بني هاشم عند انقضائه.

ثمّ قال : الالف واحد ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون ، والصاد تسعون ، فذلك مائة وإحد [ى] وستّون ، ثمّ كان بدو خروج الحسين بن عليّ عليهما‌السلام «الم الله» فلمّا بلغت مدّته قام قائم ولد العباس عند «المص» ، ويقوم قائمنا عند انقضائها ب «المر». فافهم ذلك وعه (١) واكتمه.» (٢)

وعن المعاني عن الصادق عليه‌السلام في حديث :

«وأمّا «الم» في آل عمران ، فمعناه : أنا الله المجيد.» (٣)

وعنه عليه‌السلام :

__________________

(١) في المخطوطة والصافي : «عد».

(٢) العياشي ، ج ٢ ، ص ٣ ، ح ٣ ، والصافي ، ج ١ ، ص ٥٧ ؛ والبحار ، ج ٩٢ ، باب متشابهات القرآن وتفسير المقطعات ، ص ٣٨٣ ، ح ٢٣.

(٣) راجع المصادر المذكورة في تعليقة ٤ ص ٢٢٢.

٣٦٠