مستمسك العروة الوثقى - ج ١٤

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ١٤

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٣٧

من أنها [١] قبل ثبوت دعوى المدعي خلية ومسلطة على نفسها. ومن تعلق حق المدعي بها [٢] ، وكونها في معرض‌

______________________________________________________

ـ كما ذهب اليه المصنف ـ اتجه عدم جواز تزويجها الى أن تخرج من حقه بانتهاء الدعوى. ويشكل الأمر حينئذ لو ماطل بها وقصد ما ذكرناه ولعل الجواز حينئذ مطلقاً أقوى ».

والتحقيق جواز التزويج على كل من القولين ، إذ ليس ما يحتمل المانعية على القول الأول إلا عدم تسلط المدعي على البضع على تقدير اليمين المردودة من المرأة أو نكولها ، وعلى القول الثاني إلا سقوط حق الدعوى ، لكنهما لا يصلحان للمانعية إذ لا دليل على قصر سلطنة المرأة على نفسها بمجرد ذلك. وسقوط حق الدعوى بالتزويج لا يقتضي حرمة التزويج ، ولا المنع من السلطنة عليه ، لأنه ليس تصرفاً في الحق ، بل من قبيل رفع موضوعه ، فيسقط على أن جواز الادعاء من الاحكام ، ولم يثبت أنه من الحقوق ، فإنه لا يسقط بالإسقاط. وبالجملة : بناء على عدم سماع الدعوى من المدعي على المزوجة ، يكون الشرط في سماع الدعوى كونها خلية ، فيكون من قبيل شرط الوجوب ، وشرط الوجوب لا يجب بالوجوب ، فلا مانع من أن تجعل نفسها مزوجة غير خلية ، فتتخلص من الادعاء عليها. وأولى منه بذلك عدم تسلط المدعي على البضع على تقدير النكول أو اليمين المردودة ، إذ هو محتمل الثبوت بعد ذلك ، ولا يصلح العلم بثبوته لقصر السلطنة ، فضلاً عن احتمال ثبوته. وفي كونه من الحقوق إشكال ظاهر ، فإنه أيضا لا يسقط بالإسقاط. والى بعض ما ذكرنا أشار في الجواهر.

[١] هذا وجه الجواز. ومرجعه إلى قاعدة السلطنة على النفس.

[٢] إن كان المراد به حق الدعوى ، فقد عرفت أن حق الدعوى مشروط بكونها خلية. مضافاً الى أنه لم يثبت كونه من الحقوق.

٤٢١

ثبوت زوجيتها للمدعي [١]. مع أن ذلك تفويت حق المدعي [٢] إذا ردت الحلف عليه وحلف ، فإنه ليس حجة على غيرها ، وهو الزوج. ويحتمل التفصيل [٣] بين ما إذا طالت الدعوى فيجوز ، للضرر عليها بمنعها حينئذ ، وبين غير هذه الصورة والأظهر الوجه الأول. وحينئذ فإن أقام المدعي بينة ، وحكم له بها كشف عن فساد العقد عليها [٤]. وإن لم يكن له بينة وحلفت بقيت على زوجيتها. وإن ردت اليمين على المدعي وحلف ففيه وجهان : من كشف كونها زوجة للمدعي فيبطل العقد عليها ، ومن أن اليمين المردودة لا يكون مسقطاً لحق الغير ، وهو الزوج. وهذا هو الأوجه [٥]. فيثمر فيما إذا‌

______________________________________________________

[١] المعرضية لا تزاحم قاعدة السلطنة على النفس.

[٢] الحق المذكور استقبالي ، فلا يمنع من قاعدة السلطنة إذا كان معلوماً ، فضلا عما إذا كان محتملا كما عرفت.

[٣] قد احتمله في المسالك.

[٤] لأن البينة حجة في المداليل الالتزامية.

[٥] الذي تقتضيه القواعد العامة ، فإنه لم يثبت أن اليمين المردودة تصلح لإثبات نفي زوجية الرجل الذي تزوجها حين الدعوى. اللهم إلا أن يقال : إذا ثبتت زوجية الرجل المدعي انتفت زوجية الآخر ، لأن الثاني من أحكام الأول لا من لوازمه ، فلو فرض أن اليمين المردودة كالأصل كانت كافية في نفي زوجية الآخر. اللهم إلا أن يقال : إنها لا تصلح لإثبات زوجية الرجل المدعي مطلقاً ، بل تثبيتها من وجه دون آخر. نظير أصالة صحة الصلاة مع الشك في الطهارة ، فإنها لا تثبت الطهارة‌

٤٢٢

طلقها الزوج أو مات عنها ، فإنها حينئذ ترد على المدعي. والمسألة سيالة تجري في دعوى الأملاك [١] وغيرها أيضا. والله العالم.

( الخامسة ) : إذا ادعى رجل زوجية امرأة فأنكرت وادعت زوجيته امرأة أخرى لا يصح شرعا زوجيتها لذلك الرجل مع الامرأة الأولى ـ كما إذا كانت أخت الأولى أو أمها أو بنتها ـ فهناك دعويان : إحداهما : من الرجل على الامرأة والثانية : من الامرأة الأخرى على ذلك الرجل ، وحينئذ فاما أن لا يكون هناك بينة لواحد من المدعيين ، أو يكون لأحدهما دون الآخر أو لكليهما. فعلى الأول : يتوجه اليمين على المنكر في كلتا الدعويين ، فان حلفا سقطت الدعويان ، وكذا [٢] إن نكلا وحلف كل من المدعيين اليمين المردودة. وإن حلف‌

______________________________________________________

مطلقاً ، وإنما تثبتها بلحاظ الصلاة لا غير ، نظير الإقرار.

[١] كما إذا آجر الإنسان ما في يده ، فادعاه آخر ، فان كانت له بينة حكم له بها ، وإلا فاليمين المردودة أو نكول المالك لا يسوغ انتزاع المال من المستأجر. كالإقرار من المؤجر. وعليه فاذا ادعاه مدع قبل أن يؤجره يقع الكلام في صحة الإجارة قبل انتهاء الدعوى. وكذا إذا كان وقف بيد وليه فآجره ثمَّ ادعى الولاية عليه آخر ، فإنه يجري فيه ما ذكر في المسألة الثالثة. وهل يجوز له إيجاره بعد الدعوى على الولي ، أولا ، فينتظر حتى تنتهي الدعوى؟.

[٢] يعني : تسقط الدعويان ، مع أنه حينئذ تثبت الدعويان باليمين المردودة على المدعي ، لكن لما كانت الدعويان متكاذبتين ومتعلقتين بشخص‌

٤٢٣

أحدهما ونكل الآخر وحلف مدعيه اليمين المردودة ، سقطت دعوى الأول [١] وثبت مدعي الثاني. وعلى الثاني ـ وهو ما إذا كان لأحدهما بينة ـ يثبت مدعى من له البينة. وهل تسقط دعوى الآخر ، أو يجري عليه قواعد الدعوى من حلف المنكر أو رده؟ قد يدعى القطع بالثاني ، لأن كل دعوى لا بد فيها من البينة أو الحلف. ولكن لا يبعد تقوية الوجه الأول. لأن البينة حجة شرعية وإذا ثبت بها زوجية إحدى الامرأتين لا يمكن معه زوجية الأخرى ، لأن المفروض عدم إمكان الجمع بين الامرأتين ، فلازم ثبوت زوجية إحداهما بالأمارة الشرعية عدم زوجية الأخرى [٢].

______________________________________________________

واحد لم يمكن الحكم بثبوتهما معاً. ولأجل ذلك قد يشكل جواز رد اليمين من أحدهما بعد أن رد عليه اليمين من الآخر ، لأن نتيجة الرد التساقط. ولذا قال في الجواهر : « ولو ردت الأولى عليه اليمين مثلا فحلف هو ، فهل له رد اليمين على المدعية؟ وجهان ». إلا أن يقال : إن التساقط ليس من آثار الرد الثاني ، بل من آثار الردين واجتماع اليمينين المردودتين.

[١] بيمين المنكر. وثبتت دعوى الثاني باليمين المردودة عليه.

[٢] هذا يتم بناء على قبول بينة المنكر ، وتكون بدلاً عن يمينه ، كما عليه جماعة ، ومنهم المصنف (ره). أما على المشهور من عدم قبولها فلا بد من الرجوع الى يمين المنكر ، أو اليمين المردودة على المدعي. مضافاً الى أن بينة أحدهما على الزوجية لا تكون بينة على نفي زوجية الأخرى حتى تشهد بذلك مطابقة ، وإلا فالشهادة بزوجية إحداهما لا تكون شهادة بنفي زوجية الأخرى ، لإمكان الغفلة عن ذلك ، أو لعدم اعتقاد الملازمة.

٤٢٤

وعلى الثالث : [١] فاما أن يكون البينتان مطلقتين ، أو مؤرختين متقارنتين ، أو تاريخ إحداهما أسبق من الأخرى. فعلى الأولين تتساقطان [٢] ، ويكون كما لو لم يكن بينة أصلا. وعلى الثالث : ترجح الأسبق [٣] إذا كانت تشهد بالزوجية من‌

______________________________________________________

نعم هي حجة على نفي زوجية الأخرى ، لكنها ليست شهادة بالنفي. ثمَّ إن شيخنا في الجواهر ذكر أنه لا بد له من اليمين على نفي ما ادعته الأخت ، وفاقاً للشهيد. ضرورة كونه منكراً بالنسبة إلى دعواها. والبينة على زوجية أختها لا تقتضي العلم بكذبها ، ضرورة إمكان صدق البينة مع تقدم العقد عليها. انتهى. وفيه : أن ذلك يتم إن كان مستند البينة وقوع العقد المبني على ظاهر الصحة ، أما إذا كان المستند العلم فالبينة كما تشهد بالزوجية المدعاة للرجل مثلا ، تدل على كذب دعوى الأخت ضرورة.

[١] الصور المتصورة في المقام هي أن البينتين إما مطلقتان ، أو مؤرختان ، أو إحداهما مطلقة والأخرى مؤرخة. والمؤرختان تارة : يتفق تاريخهما ، وأخرى يختلف. ومع الاختلاف تارة : يتقدم تاريخ بينته ، وأخرى يتقدم تاريخ بينتها. والجميع تارة : يكون كل منهما مع الدخول ، وأخرى مع عدمه‌

[٢] للتعارض بينهما والتكاذب.

[٣] هذا إذا كانت تشهد بالبقاء استناداً الى العلم ، وكانت الثانية تشهد استناداً الى ظاهر وقوع العقد في كونه صحيحاً ، فإن الأولى على هذا تكون رافعة لمستند الثانية ، فتبطل. أما إذا كانت الثانية أيضا تشهد اعتماداً على العلم فهما حينئذ متعارضتان ، ولا وجه لترجيح الأسبق تاريخاً. كما أنه إذا كانت الأولى تشهد بالبقاء اعتماداً على الاستصحاب ، والثانية تشهد اعتماداً على العلم ، كانت الثانية مقدمة على الأولى ، لأنها رافعة لمستند‌

٤٢٥

ذلك التاريخ الى زمان الثانية. وإن لم تشهد ببقائها إلى زمان الثانية فكذلك [١] إذا كانت الامرأتان الأم والبنت مع تقدم تاريخ البنت ، بخلاف الأختين والام والبنت مع تقدم تاريخ الام ، لإمكان صحة العقدين ، بأن طلق الاولى وعقد على الثانية في الأختين ، وطلق الام مع عدم الدخول بها. وحينئذ ففي ترجيح الثانية أو التساقط وجهان [٢]. هذا ولكن وردت رواية [٣] تدل على تقديم بينة الرجل ، الا مع سبق بينة‌

______________________________________________________

الأولى في البقاء ، وهو الاستصحاب. وكذا إذا كان مستند الثانية أصالة الصحة ، فإنها أيضا مقدمة على الاستصحاب.

[١] يعني : ترجح الأسبق. للتعارض والتكاذب الواقع بينهما الناشئ من تنافيهما وإن اختلف تاريخهما. هذا مع الاشتراك في المستند. وأما مع اختلافه : فاذا كانت الثانية تشهد استناداً الى العلم والأسبق تشهد استناداً الى الظاهر لزم ترجيح الثانية ، لأنها تشهد ببطلان مستند الأولى.

[٢] أقربهما الأول ، سواء كان مستند الثانية العلم ، أم وقوع العقد المبني على ظاهر الصحة. إذ بقاء العقد الأول إنما يكون بالاستصحاب ، وهو لا يجري مع الشهادة بمنافيه ، لتقدم البينة على الاستصحاب. وبالجملة : إذا كان مستند إحدى البينتين مقدماً على مستند الأخرى عند المشهور عنده تكون البينة الأخرى باطلة المستند ، فلا تكون حجة ، فالبينة التي مستندها العلم ترفع حجية الأصل أو الظاهر الذي هو مستند الأخرى ، فتكون الأخرى باطلة المستند ، فتخرج عن دليل الحجية. وكذا البينة التي مستندها الظاهر المقدم على الأصل ، فإن ذلك المستند يبطل الأصل عند المشهود عنده ، فتبطل البينة المستندة اليه.

[٣] وهي‌ رواية الزهري عن علي بن الحسين (ع) : « في رجل

٤٢٦

الامرأة المدعية أو الدخول بها في الأختين. وقد عمل بها المشهور [١]

______________________________________________________

ادعى على امرأة أنه تزوجها بولي وشهود ، وأنكرت المرأة ذلك ، فأقامت أخت هذه المرأة على هذا الرجل البينة أنه تزوجها بولي وشهود ، ولم يوقتا وقتاً. فكتب : ان البينة بينة الرجل ، ولا تقبل بينة المرأة ، لأن الزوج قد استحق بضع هذه المرأة ، وتريد أختها فساد النكاح ، فلا تصدق ولا تقبل بينتها إلا بوقت قبل وقتها ، أو بدخول بها » (١). ورواها الشيخ في التهذيب أيضا عن عبد الوهاب بن عبد الحميد الثقفي عن أبي عبد الله (ع) (٢).

[١] في جامع المقاصد : « كان هذا الحكم مجمع عليه بين الأصحاب » ، وفي المسالك : « لا يظهر فيه خلاف بينهم ، وأنه ربما ادعى عليه الإجماع » ، وفي كشف اللثام : « الأصحاب عملوا به من غير خلاف يظهر ، إلا من المحقق في النكت ». وفي الكفاية : أن بعضهم نقل الإجماع عليه. انتهى. وفي الجواهر : « من غير خلاف يعرف على ما اعترف به غير واحد. وعن بعض دعوى الإجماع عليه ».

وفي المسالك : « هو مخالف للقواعد الشرعية في تقديم بينة الرجل مع إطلاق البينتين أو تساوي التاريخين ، لأنه منكر ، ويقدم قوله مع عدم البينة ، ومن كان القول قوله فالبينة بينة صاحبه ». ونحوه في جامع المقاصد. وفيه : أنه منكر بالنسبة إلى دعوى الأخت لا بالنسبة إلى دعواه على أختها ، فإنه حينئذ مدع. إلا أن يقال : إن النص دل على تقديم بينته حتى بالإضافة إلى دعوى الأخت عليه ، التي يكون فيها منكراً. اللهم إلا أن يقال : إنما يتم بناء على عدم الحاجة الى اليمين ، أما بناء‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٢ من أبواب عقد النكاح حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ١٢ من أبواب كيفية القضاء حديث : ١٣.

٤٢٧

______________________________________________________

على ضم اليمين إلى البينة فيكون الأخذ بقوله لأجل اليمين. فتأمل. والعمدة في مخالفة الرواية للقواعد الحكم فيها بتقديم بينة الرجل إلا في صورتين ، فان وجه التقديم غير ظاهر بالنظر الى القواعد.

وقد تصدى في كشف اللثام لتطبيقها على القواعد فقال : « إن الوجه في ترجيح بينته على بينتها أنها تنكر ما هو فعله ، ولعله عقد على الأولى قبل العقد عليها وهي لا تعلم ، ولا يعلم فعله إلا من قبله ».

وقد أطال شيخنا الأعظم في تقريبه ، وحاصله : أن كلا من بينة الرجل والأخت إنما يكون مستندها العقد فهما تتساويان في الاستناد والاعتماد ، لكن الرجل والأخت يختلفان في الاعتماد ، فان اعتماد الأخت في دعواها على ظاهر العقد كبينتها ، لكن اعتماد الرجل في دعواه على العلم بصحة ما يدعيه وفساد ما تدعيه الأخت ، لأن مناط صحة ما تدعيه الأخت من زوجية نفسها وتنكره من زوجية أختها إنما يعرف من قبل الرجل ، فهو أعرف به.

ويشكل : بأنه يمكن أن يكون الاعتماد من الأخت على العلم كما يمكن ذلك من بينتها ، فتكون حينئذ كالرجل. كما أنه يمكن أن يكون اعتماد الرجل على ظاهر قول أو فعل أو إخبار وكيل. وكذا اعتماد بينته. فلا وجه حينئذ لإطلاق الترجيح. ولا سيما وأن هذا المقدار من الاختلاف لا يوجب الترجيح. فاذاً ما ذكره ممنوع صغرى وكبرى.

وبالجملة : يتعين الرجوع في الترجيح الى ما سبق من أنه إذا تساوى مستند البينتين تساقطتا ، وإذا اختلف بأن كان مستند إحداهما العلم ومستند الأخرى حجة غيره فالبينة الأولى مقدمة ، لأنها دالة على بطلان مستند الثانية ، وإن كان مستند إحداهما أصلا ومستند الأخرى أمارة كانت الثانية مقدمة ، لأنها أيضا دالة على بطلان مستند الأولى ، ومع ثبوت بطلان‌

٤٢٨

في خصوص الأختين. ومنهم من تعدى إلى الأم والبنت أيضا [١] ولكن العمل بها حتى في موردها مشكل ، لمخالفتها للقواعد [٢] وإمكان حملها على بعض المحامل [٣] التي لا تخالف القواعد.

______________________________________________________

المستند تخرج عن دليل الحجية. وكذا كل حجة تبين بطلان مستندها.

[١] يظهر من الجواهر الميل اليه ، قال (ره) في وجهه : « ضرورة عدم المدخلية للأخوة فيه ، بل إنما هو لتحريمه ، وهو مشترك بين الجميع. مضافا الى ما عرفته من موافقة الحكم للقواعد الشرعية في الجملة ، التي لا فرق فيها بين الجميع كما يومئ اليه التعليل في الخبر ». وفي القواعد : « وفي انسحاب الحكم في مثل الأم والبنت إشكال ». وفي جامع المقاصد : الجزم بعدم التجاوز عن مورد النص. ونحوه في المسالك.

[٢] قد تقدم في المسالك : أن الوجه في المخالفة للقواعد الأخذ ببينة المنكر. وفي غيرها : الوجه تقديم إحدى البينتين على الأخرى من غير مرجح. وكيف كان فقد عرفت أن هذا لا يصلح مانعاً من العمل بها ، فأكثر الروايات الدالة على الوجوب والحرمة ونحوهما مخالفة للقواعد العامة.

[٣] ذكر في الحدائق : أن حكمه (ع) بتقديم بينة الرجل وصحة دعواه وبطلان دعوى الأخت ، لعله لأمر ظهر له بقرائن الحال يومئذ ، فإنه (ع) جزم وحكم بصحة دعوى الزوج ، وأنه قد استحق بضع هذه المرأة ، وحكم ببطلان دعوى أختها. وأنها إنما تريد فساد النكاح ، فلا تصدق إلا على أحد الوجهين المذكورين. انتهى. فيحتمل أن يكون مراده أن مورد السؤال قضية خاصة لا كلية. لكن ينافيه جداً التفصيل المذكور. ويحتمل أن يكون مراده أن التعليل المذكور يشهد بأن السؤال في الرواية كان مشتملاً على بعض القيود الدالة على لزوم تقديم بينة الرجل وصحة دعواه ، وأن ما كان من الأخت كان مناصرة منها لأختها. وربما تشير الى ذلك في‌

٤٢٩

( السادسة ) : إذا تزوج العبد بمملوكة ثمَّ اشتراها بإذن المولى ، فان اشتراها للمولى بقي نكاحها على حاله [١] ، ولا إشكال في جواز وطئها [٢]. وإن اشتراها لنفسه بطل نكاحها [٣]

______________________________________________________

الجملة فاء الترتيب في قول السائل : « فأقامت .. ». وعلى هذا تكون الرواية مجملة ، للجهل بالقيود المأخوذة في السؤال ، ولا مجال حينئذ للعمل بالرواية في الأختين ، فضلاً عن غيرهما ممن لا يمكن الجمع بينهما في الزوجية.

( تنبيه ) : قال في القواعد : « والأقرب الافتقار الى اليمين على التقديرين إلا مع السبق ». وقال في المسالك : « إن ظاهر النص أن من قدم جانبه لا يفتقر معه الى اليمين. وكذلك أطلق المصنف الحكم تبعاً لظاهره .. ( الى أن قال ) : والأقوى الافتقار الى اليمين إلا مع سبق تاريخ إحدى البينتين ». ثمَّ علله : بأنه مع التعارض بتساوي التاريخ أو إطلاقه يتساقط البينتان ، فلا بد من مرجح للحكم بإحداهما. وفيه : أنه لا وجه له بعد الاعتراف بأنه خلاف ظاهر النص.

[١] بلا خلاف فيه ظاهر ولا إشكال. ويظهر منهم أنه من المسلمات. ويقتضيه الأصل ، إذ ليس ما يحتمل إبطاله العقد إلا الانتقال من مالك الى آخر ، ولم يقم على إبطاله دليل ، فيتعين البناء على عدمه.

[٢] إذا أحرز الاذن من السيد له في ذلك ولو بالأصل ، وإلا فعموم عدم جواز التصرف من مال الغير بغير إذنه كاف في المنع.

[٣] بلا خلاف ظاهر ، وفي الجواهر ـ في مباحث بيع الحيوان ـ : دعوى الإجماع بقسميه على بطلان النكاح إذا اشترى أحد الزوجين صاحبه. وهذا هو العمدة. نعم تعضده النصوص الدالة على بطلان نكاح الأمة من العبد إذا ملكت زوجها‌ (١) ، بضميمة عدم القول بالفصل. وقد استدل‌

__________________

(١) راجع الوسائل باب : ٤٩ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ١ ، ٣.

٤٣٠

وحلت له بالملك [١] على الأقوى من ملكية العبد. وهل يفتقر وطؤها حينئذ الى الاذن من المولى ، أو لا؟ وجهان. أقواهما : ذلك [٢] ، لان الإذن السابق إنما كان بعنوان الزوجية وقد زالت بالملك [٣] فيحتاج الى الاذن الجديد. ولو اشتراها لا بقصد كونها لنفسه أو للمولى ، فان اشتراها بعين مال المولى كانت له [٤] ، وتبقى الزوجية [٥]. وإن اشتراها بعين ماله كانت له ، وبطلت الزوجية. وكذا إن اشتراها في الذمة ، لانصرافه إلى ذمة نفسه. وفي الحاجة الى الاذن الجديد وعدمها الوجهان‌

______________________________________________________

عليه بقوله تعالى ( إِلاّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ ) (١) بناء على ظهوره في منع الجمع بينهما. لكنه لو تمَّ توقف على إثبات صحة البيع ، وإلا فالبناء على بطلان البيع وبقاء الزوجية أولى ، عملاً بالاستصحاب. فاذاً العمدة فيه الإجماع.

[١] عملاً بعموم الأدلة.

[٢] كما في الجواهر. للحجر عليه في التصرف وإن قلنا بملكيته. والاذن في شرائها لا يقتضي الاذن في التصرف.

[٣] يعني : وإذا زال الموضوع زال حكمه ، ولا مجال لاستصحابه. اللهم إلا أن يقال : الزوجية ليست مقومة لموضوع الاستصحاب عرفاً فزوالها لا يوجب تبدل الموضوع ، فلا مانع من الاستصحاب.

[٤] يعني للمولى. إذ المعاوضة بينها وبين المال تقتضي أن تدخل في كيس من خرج من كيسه المال.

[٥] لما سبق من الأصل. ومما ذكرنا يظهر وجه ما بعده.

__________________

(١) المؤمنون : ٦.

٤٣١

( السابعة ) : يجوز تزويج امرأة تدعي أنها خلية من الزوج من غير فحص [١] ، مع عدم حصول العلم بقولها ، بل وكذا إذا لم تدع ذلك [٢] ولكن دعت الرجل الى تزويجها‌

______________________________________________________

[١] بلا إشكال ظاهر. ويقتضيه‌ خبر ميسر قال : « قلت لأبي عبد الله (ع) ألقى المرأة بالفلاة التي ليس فيها أحد ، فأقول لها : ألك زوج؟ فتقول : لا فأتزوجها؟ قال (ع) : نعم ، هي المصدقة على نفسها » (١). و‌خبر أبان بن تغلب : « قلت لأبي عبد الله (ع) إني أكون في بعض الطرقات ، فأرى المرأة الحسناء ، ولا آمن أن تكون ذات بعل أو من العواهر. قال (ع) : ليس هذا عليك. إنما عليك أن تصدقها في نفسها » (٢). ونحوهما خبر يونس وخبر عبد العزيز بن المهتدي المتقدمان في المسألة الثالثة. وأما‌ خبر عمر بن حنظلة قال : « قلت لأبي عبد الله (ع) : إني تزوجت امرأة فسألت عنها ، فقيل فيها. فقال : وأنت لم سألت أيضا؟! ليس عليكم التفتيش » (٣) فغير ظاهر فيما نحن فيه.

[٢] كما يفهم من‌خبر الفضل مولى محمد بن راشد عن أبي عبد الله (ع) قال : « قلت » إني تزوجت امرأة متعة ، فوقع في نفسي أن لها زوجا ففتشت. فقال أبو عبد الله (ع) : ولم فتشت؟! (٤) ‌و‌خبر محمد بن عبد الله الأشعري قال : « قلت للرضا (ع) : الرجل يتزوج بالمرأة فيقع في قلبه أن لها زوجا. فقال (ع) : وما عليه ، أرأيت لو سألها البينة كان يجد من يشهد أن ليس لها زوج؟ » (٥). لكن الظاهر من الخبرين ترك السؤال بعد التزويج‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب عقد النكاح حديث : ٢.

(٢) الكافي الجزء ج : ٥ الصفحة ٤٦٢ طبعة إيران الحديثة.

(٣) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب عقد النكاح حديث : ١.

(٤) الوسائل باب : ١٠ من أبواب المتعة حديث : ٣.

(٥) الوسائل باب : ١٠ من أبواب المتعة حديث : ٥.

٤٣٢

أو أجابت إذا دعيت اليه ، بل الظاهر ذلك وإن علم كونها ذات بعل سابقاً وادعت طلاقها أو موته [١]. نعم لو كانت متهمة في دعواها فالأحوط الفحص عن حالها [٢]. ومن هنا ظهر جواز تزويج زوجة من غاب غيبة منقطعة ولم يعلم‌

______________________________________________________

اعتماداً على العلم بأنها خلية ، وإن كان الجواب في الثاني يشعر بعموم الحكم لما قبل التزويج.

[١] لإطلاق النصوص.

[٢] كما يقتضيه‌ صحيح أبي مريم عن أبي جعفر (ع) : « أنه سئل عن المتعة ، فقال : إن المتعة اليوم ليست كما كانت قبل اليوم ، إنهن كن يومئذ يؤمن واليوم لا يؤمن ، فاسألوا عنهن » (١). لكن في الشرائع في مبحث المتعة استحباب السؤال مع التهمة وعدم وجوبه. ويظهر من الحدائق وغيرها : أنه إجماعي. وفي المسالك : « ليس السؤال شرطاً في الصحة ، للأصل ، وحمل تصرف المسلم على الصحيح. و‌قد روى أحمد ابن أبي نصر وغيره قال : ( قلت للرضا (ع) .. ) » ‌، وذكر رواية الأشعري السابقة. وكأن المراد من الأصل عموم الأدلة. لكنه غير ظاهر الجريان مع الشبهة الموضوعية. وأما أصالة عدم المانع ، فغير مطردة في صورة سبق المانع ، كما إذا علم أن لها زوجاً. ومثله في الاشكال حمل التصرف على الصحة ، فإنه غير ظاهر الشمول لما نحن فيه مما كان التصرف حلالاً أو حراماً ، لا صحيحاً أو فاسداً. مع أن ذلك لا يصلح لمعارضة الصحيح السابق. فالعمدة هو خبر الأشعري ونحوه المعول عليه عندهم على نحو يتعين الخروج به عن ظاهر الصحيح. ومن ذلك يظهر الكلام فيما يأتي من تزويج زوجة الغائب إذا لم تكن متهمة وإذا كانت متهمة.

__________________

(١) الوسائل باب : ٦ من أبواب المتعة حديث : ١.

٤٣٣

موته وحياته ، إذا ادعت حصول العلم لها بموته من الامارات والقرائن ، أو بإخبار المخبرين ، وان لم يحصل العلم بقولها. ويجوز للوكيل أن يجري العقد عليها ما لم يعلم كذبها في دعوى العلم. ولكن الأحوط الترك خصوصاً إذا كانت متهمة.

( الثامنة ) : إذا ادعت امرأة أنها خلية فتزوجها رجل ثمَّ ادعت بعد ذلك كونها ذات بعل لم تسمع دعواها [١]. نعم لو أقامت البينة على ذلك فرق بينها وبينه [٢] ، وإن لم يكن هناك زوج معين بل شهدت بأنها ذات بعل على وجه الإجمال.

( التاسعة ) : إذا وكلا وكيلاً في إجراء الصيغة في زمان معين لا يجوز لهما المقاربة بعد مضي ذلك الزمان [٣] ، إلا إذا حصل لهما العلم بإيقاعه. ولا يكفي الظن بذلك ، وإن حصل من إخبار مخبر بذلك ، وإن كان ثقة [٤]. نعم‌

______________________________________________________

[١] إذ لا دليل على سماعها. والنصوص المتقدمة لا تشملها.

[٢] عملاً بحجية البينة. بل يجب على الزوج فراقها لذلك. وإخبارها السابق لا يصلح لمعارضة البينة ، لا قبل التزويج ، ولا بعده ، لاختصاص دليله بغير ذلك.

[٣] للشك في تحقق العقد ، الموجب للرجوع إلى أصالة عدمه.

[٤] لعدم الدليل على حجية خبر الثقة. وبناء العقلاء إن تمَّ فهو لا يصلح لمعارضة ما دل على نفي الحجية في الموضوعات لغير البينة. مثل‌ قوله (ع) : « والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك ، أو تقوم به البينة » (١).

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب ما يكتسب به حديث : ٤.

٤٣٤

لو أخبر الوكيل بالإجراء كفى إذا كان ثقة ، بل مطلقاً [١] لأن قول الوكيل حجة فيما وكل فيه.

فصل في أولياء العقد

وهم الأب ، والجد [٢] من طرف الأب ، بمعنى :

______________________________________________________

[١] عموم الحجية لغير الثقة غير ظاهر من السيرة. نعم إطلاق معقد الإجماع على أن من ملك شيئاً ملك الإقرار به ـ بناء على كون المقام من صغرياته ، كما هو الظاهر ـ يقتضي عموم الحكم لغير الثقة.

فصل في أولياء العقد

[٢] ثبوت الولاية لهما في الجملة من القطعيات ، المدعى عليها الإجماع. والنصوص والفتاوى شاهدة بذلك. ففي صحيح محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : « سألت أبا الحسن (ع) عن الصبية يزوجها أبوها ، ثمَّ يموت وهي صغيرة. فتكبر قبل أن يدخل بها زوجها ، يجوز عليها التزويج أو الأمر إليها؟ قال (ع) : يجوز عليها تزويج أبيها » (١) ‌، و‌صحيح عبد الله ابن الصلت قال : « سألت أبا عبد الله (ع) عن الجارية الصغيرة يزوجها أبوها ، لها أمر إذا بلغت؟ قال (ع) : لا. ليس لها مع أبيها أمر. قال : وسألته عن البكر إذا بلغت مبلغ النساء لها مع أبيها أمر؟ قال (ع) : ليس لها مع أبيها أمر ما لم تكبر » (٢) ‌، و‌صحيح الفضل بن عبد الملك

__________________

(١) الوسائل باب : ٦ من أبواب عقد النكاح حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٦ من أبواب عقد النكاح حديث : ٣.

٤٣٥

أب الأب فصاعداً ، فلا يندرج فيه أب أم الأب [١] ، والوصي لأحدهما مع فقد الآخر ، والسيد بالنسبة إلى مملوكه ،

______________________________________________________

قال : « سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يزوج ابنه وهو صغير. قال (ع) : لا بأس. قلت : يجوز طلاق الأب؟ قال (ع) : لا » (١) ‌، و‌صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) : « قال : إذا زوج الرجل ابنة ابنه فهو جائز على ابنه » (٢) ‌، و‌صحيح هشام بن سالم ومحمد بن حكيم عن أبي عبد الله (ع) قال : « إذا زوج الأب والجد كان التزويج للأول. فإن كانا جميعاً في حال واحدة فالجد أولى » (٣). ونحوها غيرها. ومن ذلك يظهر ضعف ما عن ابن أبي عقيل من نفي ولاية الجد.

[١] كما هو المعروف ، لما يستفاد من نصوص ولاية الجد من الاختصاص بأب الأب ، بقرينة التمسك‌ بقول النبي (ص) : « أنت ومالك لأبيك » (٤). وعن ابن الجنيد ثبوت الولاية للأم وآبائها ، مستدلا على ذلك بأن رسول الله (ص) أمر نعيم بن النحام أن يستأمر أم ابنته في أمرها ، و‌قال : وائتمروهن في بناتهن (٥). انتهى. وقد يستدل له أيضا‌ بموثق إبراهيم ابن ميمون عن أبي عبد الله (ع) : وقال (ع) : إذا كانت الجارية بين أبويها فليس لها مع أبويها أمر. وإذا كانت قد تزوجت لم يزوجها إلا برضا منها » (٦). لكن لا مجال لذلك بعد دعوى الإجماع على خلافه ،

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٨ من أبواب المهور حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ١١ من أبواب عقد النكاح حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ١١ من أبواب عقد النكاح حديث : ٣.

(٤) الوسائل باب : ١١ من أبواب عقد النكاح حديث : ٥.

(٥) سنن البيهقي الجزء : ٧ الصفحة : ١١٦.

(٦) الوسائل باب : ٩ من أبواب عقد النكاح حديث : ٣.

٤٣٦

والحاكم. ولا ولاية للأم ، ولا الجد من قبلها ، ولو من قبل أم الأب ، ولا الأخ [١] ، والعم [٢] ، والخال ، وأولادهم [٣].

( مسألة ١ ) : تثبت ولاية الأب والجد على الصغيرين والمجنون المتصل جنونه بالبلوغ [٤].

______________________________________________________

ولا سيما بملاحظة اختصاص ذلك بالأم ، ولا يعم آباءها.

ومن الغريب ما في التذكرة : « الوجه أن جد أم الأب لا ولاية له مع جد أب الأب. ومع انفراده نظر » ، فإنه غير ظاهر المأخذ ، ولا سيما بملاحظة‌ صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) : « في الصبي يتزوج الصبية ، يتوارثان؟ فقال : إذا كان أبواهما اللذان زوجاهما فنعم » (١) ‌، لظهوره في عموم نفي الولاية عن غير الأب.

[١] إجماعا ظاهراً. وما في بعض النصوص من ثبوت الولاية للأخ ـ كصحيح أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال : « سألته عن ( الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ). قال : هو الأب ، والأخ ، والرجل يوصى اليه » (٢) ‌وغيره ـ مؤول ، أو مطروح.

[٢] إجماعاً ، نصاً وفتوى ، فقد روى محمد بن الحسن الأشعري قال : « كتب بعض بني عمي إلي أبي جعفر الثاني (ع) : ما تقول في صبية زوجها عمها فلما كبرت أبت التزويج؟ قال : فكتب (ع) إلي : لا تكره على ذلك ، والأمر أمرها » (٣).

[٣] إجماعاً. ويقتضيه الأصل ، وعموم صحيح ابن مسلم المتقدم‌.

[٤] بلا خلاف أجده فيه. بل في المسالك : أنه موضع وفاق ، بل في‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٢ من أبواب عقد النكاح حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٨ من أبواب عقد النكاح حديث : ٤.

(٣) الوسائل باب : ٦ من أبواب عقد النكاح حديث : ٢.

٤٣٧

بل والمنفصل على الأقوى [١].

______________________________________________________

غيرها الإجماع عليه. كذا في الجواهر. ويقتضيه الاستصحاب. وكون الثابت منها قبل البلوغ كان للصغر وقد زال : لا يمنع من جريان الاستصحاب ، ولا يوجب تبدل الموضوع. وإن كان ظاهر الجواهر ذلك.

[١] قال في كشف اللثام : « وأما إن تجدد الجنون بعد البلوغ ففي عود ولايتهما نظر. ففي التذكرة والتحرير : أنها تعود. وهو الأقرب. بل لا عود حقيقة ، لأن ولايتهما ذاتية منوطة بإشفاقهما وتضررهما بما يتضرر به الولد ». وفي الجواهر قوة ذلك ، لأن المنشأ في ولايتهما الشفقة والرأفة ونحوهما مما لا فرق فيه بين المتصل والمنفصل. انتهى. ولا يخفى أن التعليل المذكور في كلامهم تخمين لا يعول عليه في إثبات حكم شرعي. وما في الجواهر من أن المتجه على تقدير التفصيل أنه لو كان الجنون أدواريا فاتفق دوره متصلاً بالبلوغ كانت الولاية لهما ، وبعد انتهائه ترتفع ، فاذا جاء الدور الثاني كانت الولاية للحاكم ، وهو كما ترى. انتهى. مجرد استبعاد ، لا يعول عليه في رفع اليد عن الدليل. نعم الإشكال في دليل ولاية الحاكم. و‌النبوي : « السلطان ولي من لا ولي له » (١) ‌وإن كان يقتضي ثبوت الولاية لمن لم يكن له ولي ، ولو بأصالة عدم الولي ، لكنه مختص بالسلطان. ولو بني على قيام الحاكم مقامه فلا إطلاق له يشمل غير الأمور الحسبية التي تدعو الضرورة إلى وقوعها. وقد يستدل على ما في المتن‌ بخبر زرارة عن أبي جعفر (ع) : « قال : إذا كانت المرأة مالكة أمرها تبيع وتشتري وتعتق وتشهد وتعطي من مالها ما شاءت ، فإن أمرها جائز ، تزوج إن شاءت بغير إذن وليها. وإن لم تكن كذلك فلا يجوز تزويجها إلا بأمر

__________________

(١) كنز العمال الجزء : ٨ ، صفحة : ٢٤٦ ، ٢٤٧ وقد ذكر أحاديث كثيرة. بهذا المضمون وسنن البيهقي الجزء : ٧ صفحة : ١٢٥.

٤٣٨

ولا ولاية لهما على البالغ الرشيد [١] ، ولا على البالغة الرشيدة إذا كانت ثيباً [٢]. واختلفوا في ثبوتها على البكر الرشيدة‌

______________________________________________________

وليها » (١) ‌، إذ لا ريب أن المتبادر من وليها أبوها وجدها وارادة الحاكم منه في غاية البعد. ويشكل أولاً : بضعف السند. وثانياً : بإجمال الولي. ولا قرينة على تعيينه. وبعد إرادة الحاكم منه ليس مستنداً إلى دلالة ، ليكون حجة.

[١] بلا إشكال ولا خلاف. وفي كشف اللثام : « إجماعا منا ومن العامة ». ويقتضيه عموم السلطنة ، وبعض النصوص الواردة في تزويج الابن مع حضور الأب ‌(٢).

[٢] في جامع المقاصد : « اتفاق علمائنا عليه ». وفي المسالك : أنه لا خلاف بين أصحابنا في سقوط الولاية عنها ، إلا ما نقل عن الحسن ابن أبي عقيل من بقاء الولاية وهو شاذ. انتهى. وفي رسالة شيخنا الأعظم دعوى اتفاق النص والفتوى عليه. وتشهد له النصوص ، كصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) : « أنه قال في المرأة الثيب تخطب الى نفسها ، قال : هي أملك بنفسها تولي أمرها من شاءت إذا كان كفواً بعد أن كانت قد نكحت رجلاً قبله » (٣). ونحوه خبرا عبد الخالق‌ ، والحسن بن زياد‌ ، وصحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله‌ (٤) ، وغيرها. ولم يعرف لها معارض يمكن الاستناد إليه في إثبات قول ابن أبي عقيل ، إلا رواية عامة عامية ، على ما في المسالك. قال (ره) : « ورواياتنا خاصة خاصية. وهي مقدمة‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٩ من أبواب عقد النكاح حديث : ٦.

(٢) راجع الوسائل باب : ٦ حديث : ٤ ، ٩ وباب : ١٣ من أبواب عقد النكاح.

(٣) الوسائل باب : ٣ من أبواب عقد النكاح حديث : ٤.

(٤) الوسائل باب : ٣ من أبواب عقد النكاح حديث : ٢ ، ملحق حديث : ٤ ، حديث : ١٢.

٤٣٩

على أقوال ، وهي : استقلال الولي [١] ، واستقلالها [٢] ،

______________________________________________________

عند التعارض ». لكن التعارض فرع الحجية ، وهي غير ثابتة.

[١] حكي عن الشيخ في أكثر كتبه ، وعن الصدوق ، وابن أبي عقيل ، وظاهر القاضي ، وكاشف اللثام ، والكاشاني ، وغيرهم. واختاره في الحدائق. واستدل له بصحيح عبد الله بن الصلت المتقدم في صدر الباب‌ ، و‌صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال : « سألته عن البكر إذا بلغت مبلغ النساء ، ألها مع أبيها أمر؟ فقال (ع) : ليس لها مع أبيها أمر ما لم تثيب » (١) ‌، و‌صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) : « لا تستأمر الجارية إذا كانت بين أبويها ، ليس لها مع الأب أمر. وقال (ع) : يستأمرها كل أحد ما عدا الأب » (٢) ‌، و‌خبر علي بن جعفر (ع) قال : « سألته عن الرجل هل يصلح له أن يزوج ابنته بغير إذنها؟ قال (ع) : نعم ، ليس للولد مع الوالد أمر ، إلا أن تكون امرأة قد دخل بها قبل ذلك ، فتلك لا يجوز نكاحها إلا أن تستأمر » (٣) ‌ونحوها غيرها. وقد استقصى شيخنا الأعظم (ره) ذكرها ، وقال بعد ذلك : « فهذه ثلاث وعشرون رواية تدل على استمرار ولاية الأب على البالغة الباكرة ».

[٢] كما في الشرائع ، والقواعد ، وغيرها ، والمنسوب الى المشهور بين القدماء والمتأخرين. وعن المرتضى في الانتصار والناصريات : الإجماع عليه. لعموم السلطنة على النفس الذي يجب الخروج عنه بما سبق. وللإجماع المدعى في الناصريات والانتصار ، الممنوع في مورد ظهور الخلاف. وللإجماع على زوال الولاية في المال فكذا في النكاح ، الموقوف على عدم الفصل ،

__________________

(١) الوسائل باب : ٣ من أبواب عقد النكاح حديث : ١١.

(٢) الوسائل باب : ٤ من أبواب عقد النكاح حديث : ٣.

(٣) الوسائل باب : ٩ من أبواب عقد النكاح حديث : ٨. مع اختلاف يسير.

٤٤٠