مستمسك العروة الوثقى - ج ١٤

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ١٤

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٣٧

لا فرق ، إذ لا خيار في سائر العقود أيضا [١].

______________________________________________________

الشرط ، لأن ذلك يتوقف على كون الإنشاء بنحو وحدة المطلوب. وهو كما ترى ، ضرورة عدم الفرق بين النكاح وغيره في كيفية إنشائه مشروطا ، فاذا كان غيره على نحو تعدد المطلوب كان هو كذلك. فيتعين البناء على الصحة من دون خيار. ولعل الوجه المميز بينه وبين غيره من العقود المالية : أن الملحوظ فيه الجهات الأدبية ، وتخلف الشرط لا يقدح فيها ، ولذلك لا يرد بالعيوب مهما كانت غير العيوب المخصوصة. فلاحظ.

كما أن عدم ثبوت خيار الاشتراط في النكاح ليس على كليته ، فقد ذكر في القواعد : أنه لو شرط أحد الزوجين على الآخر نسباً فظهر من غيره كان له الفسخ ، لمخالفة الشرط ، وكذا لو شرط بياضاً ، أو سواداً ، أو جمالا. انتهى. ووافقه عليه في الجواهر ، وغيرها. لكنه إن تمَّ فهو لدليل خاص ذكره في الجواهر ، وإن كان الاشكال عليه ظاهراً ، إذ لا دليل يقتضي العموم. نعم ورد في صحيح محمد بن مسلم : الخيار فيمن تزوجت مملوكاً على أنه حر فتبين أنه رق‌ (١) ، وفي صحيح الحلبي : ثبوته فيمن تزوجت رجلا على أنه من بني فلان فتبين أنه من غيرهم‌ (٢). ولكن التعدي عن موردهما إلى قاعدة كلية كما ترى.

[١] لأن العالم بالفساد مقدم على عدم لزوم العمل بالشرط ، فلا موجب لثبوت الخيار له. وفيه : أن الاقدام يكون حينئذ على عدم لزوم العمل بالشرط شرعاً ، لا على عدم العمل به ، والذي يسقط الخيار الثاني ، لا الأول.

__________________

(١) الوسائل باب : ١١ من أبواب العيوب والتدليس حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ١٦ من أبواب العيوب والتدليس حديث : ١.

٣٢١

( مسألة ١٠ ) : إذا تزوج حر أمة من غير إذن مولاها حرم عليه وطؤها [١] ، وإن كان بتوقع الإجازة [٢]. وحينئذ فإن أجاز المولى كشف عن صحته ، على الأقوى من كون الإجازة كاشفة [٣]. وعليه المهر [٤]. والولد حر. ولا يحد حد الزنا وإن كان عالما بالتحريم ، بل يعزر [٥]. وإن كان عالماً بلحوق الإجازة فالظاهر عدم الحرمة وعدم التعزير أيضا [٦].

______________________________________________________

[١] لأنها أجنبية.

[٢] إذ التوقع للإجازة غير الإجازة ، والموجب لكونها زوجة هو الإجازة ، والأصل عدمها ، فيكون الحكم الظاهري الحرمة.

[٣] أما بناء على الكشف الحقيقي : فيكون العقد صحيحاً حين وقوعه ، والوطء حلالا واقعاً حين وقوعه ، وإن كان حراماً ظاهراً حين وقوعه ، لأصالة عدم وقوع الإجازة ، كما عرفت. أما بناء على الكشف الانقلابي ـ كما هو الظاهر ـ : فيكون باطلا حين وقوعه ، والوطء حراماً حين وقوعه ، وبعد الإجازة يحكم بكون العقد صحيحاً والوطء حلالا من حين وقوعه. فلو أخذ الى الامام قبل تحقق الإجازة على الأول لا يجوز حده واقعاً ، وعلى الثاني يجوز حده واقعاً ، وإن كان يتبدل بالإجازة.

[٤] يعني. المسمى ، لصحة العقد. وكذا يكون الولد حراً ، لحرية الوالد ، ولا يلحق بالأمة ، لاختصاص ذلك بالزنا ، وهو منتف ، لأن المفروض صحة العقد واقعاً ، ولذا لا يحد الواطئ حد الزنا ، وإن كان عالماً بحرمة وطء أمة الغير من غير عقد بإذن مولاها.

[٥] لمخالفته الحكم الظاهري.

[٦] لصحة العقد حين وقوعه ، فيحل الوطء من أول الأمر ، ولا‌

٣٢٢

وإن لم يجز المولى كشف عن بطلان التزويج. ويحد حينئذ حد الزنا إذا كان عالماً بالحكم [١] ، ولم يكن مشتبهاً من جهة أخرى [٢]. وعليه المهر بالدخول ، وإن كانت الأمة أيضا عالمة على الأقوى [٣]. وفي كونه المسمى ، أو مهر المثل‌

______________________________________________________

موجب للتعزير ، للعلم بحل الوطء حين وقوعه. نعم بناء على الكشف الانقلابي لا يكون العلم بلحوق الإجازة موجباً للعلم بصحة العقد حين وقوعه ، ولا لحلية الوطء حين وقوعه ، بل العقد باطل حين وقوعه ، والوطء حرام حين وقوعه ، ويجوز حد الواطئ قبل تحقق الإجازة ، كما عرفت.

[١] يعني : كان عالما بحرمة وطئها إذا لم يأذن المولى ولم يجز.

[٢] مثل أن يتخيل أنها أمته ، أو زوجته ، أو أن المولى قد حللها له ، أو نحو ذلك من الاشتباه ، فإنه يكون الوطء شبهة ، ولا يستحق الحد به ، لأن الحدود تدرأ بالشبهات.

[٣] قد تقدم من المصنف (ره) في المسألة الخامسة عشرة من ( فصل : لا يجوز التزويج في عدة الغير ) : أن الأقوى عدم استحقاق السيد المهر مع علم الأمة بحرمة الوطء. وقد تقدم في الشرح أن الذي يظهر من كلام بعضهم أن الكلام في هذه المسألة في مقامين : الأول : استحقاق السيد المهر. والثاني : استحقاق السيد الأرش. والمصنف فيما سبق ذكر أن الأقوى عدم استحقاق المهر. وهنا ذكر أن الأقوى استحقاقه ، وتردد في أنه المسمى ، أو مهر المثل ، أو العشر ونصفه ، مع أن العشر ونصفه ليس من المهر ، بل هو من الأرش. وتبع في ذلك جماعة منهم صاحب المسالك والجواهر ، فإنه في الجواهر ـ بعد أن اختار ثبوت المهر للأمة ـ ذكر أن في وجوب المسمى عليه ، أو مهر المثل ، أو العشر إن كانت بكراً ونصفه إن كانت ثيباً. وجوه ، بل أقوال ، لا يخلو الأخير منها من‌

٣٢٣

______________________________________________________

قوة ، وفاقاً للمحكي عن أبي حمزة. واختاره سيد المدارك ، والرياض ، على ما حكي عن أولهما. انتهى. فجعل العشر ونصفه من وجوه المهر مع أن المذكور في كلام بعضهم أنه في مقابل المهر. ولعله هو المراد من المهر في كلام المصنف فيما سبق ، فلا ينافي كلامه هنا.

وكيف كان لا دليل على ثبوت مهر المثل ، فضلا عن المسمى المعلوم فساده بفساد العقد. وأما الأرش ـ وهو العشر أو نصفه ـ : فيدل عليه‌ صحيح الوليد بن صبيح عن أبي عبد الله (ع) : « في رجل تزوج امرأة حرة فوجدها أمة قد دلست نفسها له. قال (ع) : إن كان الذي زوجها إياه من غير مواليها فالنكاح فاسد. قلت : فكيف يصنع بالمهر الذي أخذت منه؟ قال (ع) : إن وجد مما أعطاها شيئاً فليأخذه ، وإن لم يجد شيئاً فلا شي‌ء له. وإن كان زوّجها إياه ولي لها ارتجع على وليها بما أخذت منه. ولمواليها عليه عشر ثمنها إن كانت بكرا ، وإن كانت غير بكر فنصف عشر قيمتها بما استحل من فرجها. قال : وتعتد منه عدة الأمة قلت : فان جاءت منه بولد. قال (ع) : أولادها منه أحرار إذا كان النكاح بغير إذن الموالي » (١). و‌صحيح الفضيل بن يسار ، قال : « قلت لأبي عبد الله (ع) : جعلت فداك إن بعض أصحابنا قد روى عنك أنك قلت : إذا أحل الرجل لأخيه فرج جاريته فهي له حلال. فقال (ع) : نعم يا فضيل. قلت. فما تقول في رجل عنده جارية له نفيسة وهي بكر ، أحل لأخيه ما دون فرجها ، إله أن يفتضها؟ قال (ع) : لا ، ليس له إلا ما أحل له منها ، ولو أحل له قبلة لم يحل له ما سوى ذلك. قلت أرأيت إن أحل له ما دون الفرج فغلبته الشهوة فافتضها؟ قال (ع) : لا ينبغي له ذلك. قلت : فان فعل أيكون زانياً؟ قال (ع) :

__________________

(١) الوسائل باب : ٦٧ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ١‌.

٣٢٤

أو العشر إن كانت بكراً ونصفه إن كانت ثيباً. وجوه ، بل أقوال ، أقواها : الأخير. ويكون الولد لمولى الأمة [١]. وأما إذا كان جاهلا بالحكم أو مشتبهاً من جهة أخرى فلا يحد [٢]. ويكون الولد حراً. نعم ذكر بعضهم : أن عليه قيمته يوم سقط حياً [٣]. ولكن لا دليل عليه في المقام [٤]

______________________________________________________

لا ، ولكن يكون خائناً. ويغرم لصاحبها عشر قيمتها إن كانت بكراً ، وإن لم تكن فنصف عشر قيمتها » (١). والروايتان وان كانتا واردتين في موارد خاصة غير ما نحن فيه ، ولأجله استشكل في الحدائق في ثبوت ذلك فيما نحن فيه ، لكن التعليل في أولهما بقوله (ع) : « بما استحل من فرجها » ‌ظاهر في عموم الحكم لما نحن فيه. وقد تقدم فيما سبق ما له نفع في المقام. فراجع.

[١] بلا إشكال ، كما في الجواهر ، وبغير إشكال ، كما في المسالك ، لما عرفت في المسألة الثامنة.

[٢] لأن الحدود تدرأ بالشبهات. وبكون الولد حراً لما تقدم في المسألة الثامنة.

[٣] قال في الشرائع ـ فيما إذا تزوج الحر أمة بغير إذن المولى ـ : « وإن كان الزوج جاهلاً أو كان هناك شبهة فلا حد ، ووجب المهر ، وكان الولد حراً. لكن يلزمه لمولى الأمة قيمته يوم سقوطه حياً ». وتبعه عليه في القواعد ، والمسالك ، وكشف اللثام. وقال في جامع المقاصد : « ولا شك أن على الأب قيمته للمولى ».

[٤] في جامع المقاصد : جعله مما دلت عليه الرواية ، يريد بها موثقة سماعة الاتية في الأمة التي دلست نفسها. وصرح بذلك في كشف اللثام ،

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٥ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ١.

٣٢٥

ودعوى : أنه تفويت لمنفعة الأمة [١]. كما ترى ، إذ التفويت إنما جاء من قبل حكم الشارع بالحرية. وعلى فرضه فلا وجه لقيمة يوم التولد ، بل مقتضى القاعدة قيمة يوم الانعقاد [٢]

______________________________________________________

والرياض ، والحدائق. وفي دلالتها على المقام إشكال ، لاختلاف المورد ، ولعدم ظهور قوله (ع) : فيها : « وعلى مولاها أن يدفع ولدها إلى أبيه بقيمته يوم يصير إليه » ‌في قيمة يوم الولادة ، كما سيأتي. ومثله الاستدلال عليه‌ بموثق جميل عن أبي عبد الله (ع) : « في الرجل يشتري الجارية من السوق فيولدها ، ثمَّ يجي‌ء مستحق الجارية؟ قال (ع) : يأخذ الجارية المستحق. ويدفع اليه المبتاع قيمة الولد. ويرجع على من باعه بثمن الجارية ، وقيمة الولد التي أخذت منه » (١). ونحوه مرسله‌ (٢). وخبر إسماعيل ابن جابر عن أبي عبد الله (ع) الوارد في رجل زوجه قوم أمة غيرهم وقد كان طلب منهم أن يزوجوه امرأة منهم‌ (٣).

[١] علله في التذكرة : بأنه نماء ملكه ، وقد حال بينه وبينه بالحرية. وفي الجواهر : بأنه كالمتلف مال غيره بغير إذنه. وإشكال المصنف (ره) على ذلك ظاهر. وفي بعض الحواشي : أن الاستيلاد استيفاء لمنفعة أمة الغير ، فيكون مضموناً على المستوفي. ومقتضاه ضمان منفعة الأمة هذه المدة ، لا ضمان قيمة الولد كما هو المدعى.

[٢] قال في التذكرة : « ولا تقوم قبل سقوطه ، لأنه لا قيمة له حينئذ ». وفي جامع المقاصد : « وإنما تعتبر القيمة وقت سقوطه حياً ، لأنه وقت الحيلولة ، ووقت افراده بالتقويم ، ووقت الحكم عليه بالمالية ». ونحوه في المسالك. وقال في كشف اللثام : « لأنه أول وقت إمكان التقويم ».

__________________

(١) الوسائل باب : ٨٨ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ٥.

(٢) الوسائل باب : ٨٨ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ٣.

(٣) الوسائل باب : ٦٧ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ٧.

٣٢٦

لأنه انعقد حراً ، فيكون التفويت في ذلك الوقت.

( مسألة ١١ ) : إذا لم يجز المولى العقد الواقع على أمته ولم يرده أيضا حتى مات ، فهل يصح إجازة وارثه له ، أم لا؟ وجهان ، أقواهما : العدم ، لأنها على فرضها كاشفة ، ولا يمكن الكشف هنا ، لأن المفروض أنها كانت للمورث [١] وهو نظير من باع شيئاً ثمَّ ملك [٢].

______________________________________________________

والاشكال في الجميع ظاهر ، ولا سيما بملاحظة أنه لو ضربها جان وهي حامل فأسقطت كان ضامناً. وذلك يدل على أن له مالية ، وقابل للتقويم ، وإلا لم يكن وجه للضمان. فكان الأولى الاستدلال عليه بأن النصوص الدالة على الضمان تضمنت ضمان قيمة الولد ، وعنوان الولد إنما يكون بالولادة ، لا بالانعقاد. نعم إذا كان المستند في ضمان القيمة القاعدة كان مقتضاها ضمان قيمة زمان الانعقاد.

[١] وعلى تقدير الكشف تكون للمشتري من حين العقد ، فيلزم اجتماع ملكيتين في زمان العقد : ملكية المورث ، وملكية المشتري ، إذ لو لم تكن ملكاً للمورث لم تنتقل الى الوارث.

[٢] فان المالك فيه حين البيع غير المالك حين الإجازة ، فيكون كما نحن فيه. نعم يفترقان بأن الفضولي في المقام غير المالك الثاني ، بخلاف النظير ، فإنه عينه. ويمكن أن يقال : بأن المالك حال الإجازة لما كان وارثاً فقد لوحظ فيه قيامه مقام مورثه ، فالإجازة منه كأنها إجازة من مورثه ، وكان المالك حال الإجازة هو المالك حال العقد ، ولا يلحقه حكم تجدد المالك حال الإجازة. ثمَّ إنه لو تعذر البناء على الكشف الحقيقي في الفرض ونحوه يدور الأمر بين البناء على البطلان وعدم الفائدة للإجازة ، والبناء على الصحة والقول بالنقل أو الكشف عن ثبوت المضمون حين تبدل المالك‌

٣٢٧

( مسألة ١٢ ) : إذا دلست أمة فادعت أنها حرة فتزوجها حر ودخل بها ثمَّ تبين الخلاف [١] وجب عليه المفارقة. وعليه المهر لسيدها [٢]. وهو العشر ونصف العشر‌

______________________________________________________

لا حين العقد. وحيث يدور الأمر بينهما يكون البناء على أحد الأخيرين مما فيه العمل بالدليل في الجملة أولى من الأول الذي فيه طرح الدليل بالمرة. كما أن هذا كله مبني على القول بالكشف الحقيقي. أما بناء على الكشف الانقلابي أو الحكمي فلا مانع من الالتزام به هنا ، فيكون المال ملكاً للمورث حين الموت وينتقل الى الوارث ، وبعد إجازة الوارث يحكم الشارع بثبوت ملكية المشتري من حين وقوع العقد ، إما حقيقة ، أو حكما. ثمَّ إن هذا الاشكال المذكور في المتن إنما يتوجه في بيع الفضولي ونحوه ، لا في مثل النكاح بما لا نقل فيه للملكية. فلا تنافي بين الكشف فيه وبين ثبوت الملكية للمورث. نعم بعض الإشكالات في تلك المسألة جارية هنا ، مثل ما يقال من أنه يلزم نفوذ التصرف في ملك المالك بدون إجازته لا سابقاً ولا لاحقاً. ولعل ذلك مراد المصنف ، وإن بعد عن ظاهر كلامه.

[١] يعني : تبين أنها أمة غير مأذونه في التزويج ، لا سابقاً ولا لاحقا.

[٢] في المسالك : « هكذا أطلق الجميع. بل ادعى عليه بعضهم إجماع المسلمين ، ولم يفرقوا بين كونها عالمة بالتحريم وجاهلة » فان كان المراد من المهر العشر ونصفه كان الإطلاق في محله ، لأنه مقتضى إطلاق الصحيح السابق‌ (١) الشامل للعالمة والجاهلة. وإن كان المراد ، المسمى فلا وجه له ، وإن نسبه في المسالك الى ظاهر الشرائع والأكثر ، لأن فساد العقد يقتضي فساد المسمى فلا ملزم به. وكذا إذا كان المراد به مهر المثل‌

__________________

(١) راجع المسألة : ١٠ من هذا الفصل‌.

٣٢٨

على الأقوى ، لا المسمى ، ولا مهر المثل. وإن كان أعطاها المهر استرد منها إن كان موجودا [١] ، وإلا تبعت به بعد العتق [٢]. ولو جاءت بولد ففي كونه حراً أو رقاً لمولاها قولان ، فعن المشهور : أنه رق [٣]

______________________________________________________

بناء على عموم‌ قوله (ص) : « لا مهر لبغي » (١) لما نحن فيه. وقد تقدم الكلام في ذلك في المسألة الخامسة عشرة من ( فصل : لا يجوز التزويج في عدة الغير ). أما بناء على عدم عمومه ففي محله ـ كما عن الشيخ في المبسوط ، ونقل عن ابن حمزة ـ لو لا ورود الصحيح المذكور ، فإنه ظاهر في خلافه. ولأجله يتعين البناء على ما في المتن ، كما اختاره في الجواهر ، وحكاه عن سيد المدارك ، والرياض. وفي الشرائع جعله المروي. ولعل ظاهره الميل اليه ، وإن كان لا يخلو من تأمل ، ونسب في كشف اللثام الى المقنع ، والنهاية والمهذب والجامع.

[١] كما صرح به في الصحيح. وتقتضيه قاعدة السلطنة على المال بعد أن لم يخرج عن ملكه بالعقد الفاسد.

[٢] بذلك صرح في القواعد ، وجامع المقاصد ، والمسالك ، وكشف اللثام. عملا بالقواعد العامة. لكن ذكر في الصحيح : « وإن لم يجد شيئاً فلا شي‌ء له ». وظاهره عدم اشتغال ذمتها بشي‌ء من المهر مع التلف. ولعل المراد به أنه لا شي‌ء له فعلاً.

[٣] نسبه الى المشهور في الحدائق. واختاره في الشرائع ، والقواعد. ونسبه في الجواهر الى الشيخ واتباعه ، لأنه نماء المملوك ، و‌لخبر محمد بن

__________________

(١) لم نعثر عليه في كتب الحديث وان اشتهر في كتب الفقه ، نعم ورد في نصوص كثيرة عده من السحت. راجعها في الوسائل باب : ٥ من أبواب ما يكتسب به وغيرها. وفي مستدرك الوسائل في الباب المذكور وفي صحيح البخاري باب : ٥١ في مهر البغي من كتاب الطلاق‌.

٣٢٩

______________________________________________________

قيس عن أبي جعفر (ع) قال : « قضى علي (ع) في امرأة أتت قوماً فخبرتهم أنها حرة ، فتزوجها أحدهم وأصدقها صداق الحرة ، ثمَّ جاء سيدها. فقال (ع) : ترد إليه. وولدها عبيد » (١) ‌، و‌موثق سماعة قال : « سألت أبا عبد الله (ع) عن مملوكة أتت قوماً وزعمت أنها حرة ، فتزوجها رجل منهم وأولدها ولداً ، ثمَّ إن مولاها أتاهم فأقام عندهم البينة أنها مملوكة ، وأقرت الجارية بذلك. فقال (ع) : تدفع الى مولاها هي وولدها. وعلى مولاها أن يدفع ولدها إلى أبيه بقيمته يوم يصير اليه. قلت : فان لم يكن لأبيه ما يأخذ ابنه به. قال (ع) : يسعى أبوه في ثمنه حتى يؤديه ويأخذ ولده. قلت : فان أبي الأب أن يسعى في ثمن ابنه. قال (ع) : فعلى الامام أن يفتديه. ولا يملك ولد حر » (٢) ‌، و‌حسن زرارة قال : « قلت لأبي عبد الله (ع) : أمة أبقت من مواليها فأتت قبيلة غير قبيلتها فادعت أنها حرة ، فوثب عليها رجل حينئذ فتزوجها ، فظفر بها مولاها بعد ذلك وقد ولدت أولاداً. قال (ع) : إن أقام البينة الزوج على أنه تزوجها على أنها حرة أعتق ولدها وذهب القوم بأمتهم ، وإن لم يقم البينة أوجع ظهره واسترق ولده » (٣) ‌، و‌موثق سماعة الآخر قال : « سألته عن مملوكة قوم أتت قبيلة غير قبيلتها وأخبرتهم أنها حرة ، فتزوجها رجل منهم فولدت له. قال (ع) : ولده مملوكون ، إلا أن يقيم البينة أنه شهد لها شاهدان أنها حرة ، فلا يملك ولده ، ويكونون أحراراً » (٤).

__________________

(١) الوسائل باب : ٦٧ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ٤.

(٢) الوسائل باب : ٦٧ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ٥.

(٣) الوسائل باب : ٦٧ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ٣.

(٤) الوسائل باب : ٦٧ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ٢.

٣٣٠

ولكن يجب على الأب فكه [١] بدفع قيمته يوم سقط حياً [٢] وإن لم يكن عنده ما يفكه به سعى في قيمته [٣] ، وإن أبى‌

______________________________________________________

[١] بلا خلاف ، كما في كشف اللثام. ويقتضيه موثق سماعة الأول‌ ، وصحيح محمد بن قيس الآتي‌ ونحوه مرسل الفقيه‌ (١). كما يقتضي الأول ما يأتي من الأحكام ، ولم يشاركه في ذلك غيره من النصوص.

[٢] بلا خلاف ، كما في كشف اللثام. لكن الموثق ظاهر في القيمة يوم دفع القيمة. ويقتضيه إطلاق صحيح محمد بن قيس المتقدم‌ (٢).

[٣] كما في الشرائع ، والقواعد ، وغيرهما. وأنكر في المختلف الاستسعاء ، وكذا وجوب الأخذ من بيت المال ، لأنه دين يجب فيه الانتظار ، ولا يؤدى من بيت المال. وفيه : أنه لا مجال لذلك بعد ورود النص المعتبر به. والطعن في السند ، وحمل الأمر على الاستحباب غير ظاهر. نعم لم يعين في النص أنه من بيت المال ، ولا من الزكاة. ومقتضى أن الأول مصرفه المصالح العامة وليس هذا منها ، وأن سهم الرقاب مصرفه المكاتبون والعبيد تحت الشدة وليس هذا منهما : أنه لا يجوز الفك من المالين المذكورين. نعم لا بأس بصرف سهم سبيل الله في ذلك ، فكان اولى بالذكر في كلام الجماعة من ذكر المالين.

ثمَّ إنه بناء على الرقية فالقيمة ليست من الدين ، وانما يجب دفعها تكليفاً من باب وجوب الفك. وكذلك بناء على الحرية ، فإنه لم يثبت أنه من باب الضمان ليكون ديناً ، بل من الجائز كونه تكليفياً تعبدياً ، فإجراء أحكام الدين في المقام غير ظاهر. والكلام في ذلك لا يهم بعد أن كان من وظائف الإمام.

__________________

(١) الوسائل باب : ٦٧ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ٨. وقد رواه مرسلاً.

والموجود في الفقيه روايته بسنده عن محمد بن قيس فراجع الفقيه جزء : ٣ صفحة : ٢٦٢ الطبعة الحديثة.

(٢) لم يتقدم في كلامه ( قده ) التعرض له ، وانما يأتي منه ذكره قريباً.

٣٣١

وجب على الامام (ع) دفعها من سهم الرقاب [١] أو من مطلق بيت المال [٢]. والأقوى كونه حراً [٣] ،

______________________________________________________

[١] كما في كشف اللثام عن النهاية ، والغنية ، والوسيلة ، والمهذب.

[٢] كما عن النكت. وقد عرفت الاشكال فيه ، وفيما قبله.

[٣] في كشف اللثام حكاه عن المبسوط ، ونكت النهاية ، والسرائر. وفي الجواهر : أنه الأقوى ، للأصل ، ولظهور الأدلة في كون الشبهة كالعقد الصحيح في لحوق النسب ، المقتضي لحرية الولد على الوجه الذي عرفته سابقاً ، ولما في ذيل صحيح الوليد المتقدم‌ (١) و‌لصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر (ع) : « في رجل تزوج جارية رجل على أنها حرة ، ثمَّ جاء رجل آخر فأقام البينة على أنها جاريته. قال (ع) : يأخذها ويأخذ قيمة ولدها » (٢) ‌، بدعوى أنه ظاهر في حرية الولد ، وبموثق سماعة الأول‌ ، بناء على ما في جامع المقاصد من أن الذي ضبطه المحققون أن قوله (ع) : « ولا يملك ولد حر » بالوصف لا الإضافة. قال في جامع المقاصد : « نص جماعة ـ منهم ابن إدريس ـ على وجوب قراءة « حر » بالرفع والتنوين على أنه صفة لولد ، وقالوا : إن قراءته بالجر وهم ». وفي كشف اللثام : « الأظهر كون « حر » صفة. لأنه الذي لا يملك. وقال قبل ذلك : ولم نظفر في الباب بخبر صحيح. والأصل الحرية ، فهو الأقوى. ويعضده صحيح الوليد بن صبيح‌ ». ويشكل : بأن خبر محمد بن قيس السابق‌ في دليل الرقية موثق ، وهو حجة ، ومانع من الرجوع الى الأصل. ومنه يظهر الاشكال فيما في الجواهر ، فان ما ذكره من النصوص معارض بما‌

__________________

(١) راجع المسألة : ١٠ من هذا الفصل.

(٢) ذكره في الفقيه جزء : ٣ صفحة : ٢٦٢ بتغيير يسير ، وذكره في الوسائل مرسلا باب : ٦٧ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ٨ ، كما أشرنا إليه قريباً.

٣٣٢

______________________________________________________

دل على الرقية. مع أن الاستدلال بصحيح محمد بن قيس‌ على حرية الولد غير ظاهر ، وإن علله في الجواهر : بأنه لو كان رقاً كان الجائز له أخذها وأخذ ولدها. إذ فيه : أنه إذا كان يجب أخذ قيمة الولد بناء على الرقية لا يجوز له أخذ الولد. فلاحظ. وكذا الاستدلال بموثق سماعة الأول‌ ، لضعف المبنى الذي ذكره في جامع المقاصد من أنه بالوصف لا بالإضافة أولاً : من جهة أن الحكم بأنه لا يملك يكون عقلياً لا شرعياً. وثانياً : بأن الحر الذي لا يملك لا يختص بالولد ، بل الوالد الحر أيضا لا يملك ، فيكون التخصيص بلا مخصص ، بخلاف ما لو كان على الإضافة.

والتحقيق ان نصوص المقام في مقام الدلالة على أقسام : الأول : ما ظاهره رقية الولد ، كموثق محمد بن قيس المذكور في أدلة الرقية‌. الثاني : ما ظاهره حرية الولد ، كصحيح الوليد بن صبيح المتقدم في العشر ونصف العشر‌. الثالث : ما ظاهره التفصيل بين أن يشهد الشاهدان بحرية الأمة فيتزوجها الرجل ، وبين أن يتزوجها اعتماداً على قولها المعتضد بأصالة الحرية ، وهو موثق سماعة الأخير‌. لكن ظاهره التفصيل في الحكم الظاهري في مقام حسم النزاع بين الزوج والسيد ، لا الحكم الواقعي في حرية الولد مع شهادة الشاهدين. الرابع : ما ظاهره التفصيل بين أن يقيم بينة على أنه تزوجها على أنها حرة فالولد حر. وأن لا يقيم بينة على ذلك فالولد رق ، وهو رواية زرارة. وظاهرها أيضاً التفصيل في الحكم الظاهري في مقام حسم النزاع والخصومة. الخامس : ما هو قاصر الدلالة على الحرية والرقية ، كموثق سماعة الأول‌ ، فإن دفع الولد الى مولى الأمة فيه أعم من كونه رقاً أو حراً يتعلق به المال كالعين المرهونة. وكذلك قوله (ع) في ذيله : « ولا يملك ولد حر ». بناء على الإضافة ، كما هو الظاهر كما عرفت ، فان ذكر ذلك علة للافتداء بالقيمة ربما كان قرينة على كون المراد‌

٣٣٣

______________________________________________________

أنه لا يبقى على الملكية. ومثله صحيح محمد بن قيس‌ ، فإن أخذ قيمة الولد فيه أعم من كونه حراً ، كما سبق.

ثمَّ إن دلالة الأول على الرقية لا مجال للمناقشة فيها. وما في الجواهر من حمله على الحكم الظاهري في مقام حسم النزاع ـ يعني : إذا لم تكن حجة للزوج على كونه مشتبهاً يحكم برقية الولد ـ خلاف الظاهر جداً ، ولا سيما بملاحظة عطف التزويج بالفاء على إخبارها بالحرية ، وقوله : « أصدقها صداق الحرة » ، فإنه كالصريح في كون التزويج من باب الاشتباه ، وأن السؤال عن حكمه من حيث هو. كما أن الظاهر تأتي المناقشة في الاستدلال بصحيح الوليد‌ على الحرية وإن كان تام الدلالة عليها ، لأن تعليق الحرية فيه على النكاح بغير إذن الموالي يقتضي انتفاءها إذا كان بإذن الموالي ، وليس الحكم كذلك كما تقدم. فيتعين التصرف فيه إما بحمل الكلام على الإنكار ـ كما ذكره في الوسائل ـ أو على صورة رد الأب القيمة ، أو صورة شهادة الشاهدين بحرية الأمة ـ كما ذكر الشيخ (ره) ـ أو حمل الشرط على تقرير موضوع الحكم بالحرية ـ كما ذكر الشيخ (ره) ـ أو حمل الشرط على تقرير موضوع الحكم بالحرية ـ كما احتمله في الجواهر ـ أو غير ذلك من المحتملات. ومع الاحتمال لا مجال للاستدلال. وأما الثالث : فدلالته على حرية الولد مع شهادة الشاهدين ، ورقيته مع عدمها لا غبار عليها. وهو في الحكم الثاني معاضد لموثق محمد بن قيس‌. وفي الحكم الأول غير مناف له ، لظهور السؤال فيه في غير هذه الصورة ، أو غير ظاهر فيها ، فلا يتنافى مع الموثق المذكور فيها ، ولا مانع من العمل به فيهما حينئذ ، وإن كان وارداً في مقام الحكم الظاهري للحاكم ، لا الحكم الواقعي ، لكن من المعلوم أن الحكم الظاهري عين الحكم الواقعي مع الموافقة ، فلا مانع من الأخذ بإطلاقه. وأما الرابع : فالكلام فيه هو الكلام في الثالث ، فيدل على الحكم الواقعي. لكن كان التعبير فيه بالإعتاق المناسب للرقية ،

٣٣٤

كما في سائر موارد اشتباه الحر ، حيث أنه لا إشكال في كون الولد حراً ، فلا خصوصية لهذه الصورة. والاخبار الدالة على رقيته منزلة على أن المولى أخذه [١] ليتسلم القيمة ،

______________________________________________________

لأنه تحرير الرق ، ويكون المراد به الإعتاق بدفع القيمة إلى الأب ، فيكون الخبر موافقاً لموثق محمد بن قيس‌ في إطلاق الرقية مع الاشتباه. وكأنه لأجل ذلك استدل به على الرقية. ولا يمكن تقييده بصورة عدم شهادة الشاهدين بحرية الأمة ، لأنه لو قيد بذلك كان مفهومه لزوم أن يوجع ظهره إذا لم يشهد الشاهدان بحرية الأمة ، وهو مما لا يمكن الالتزام به. وحينئذ يتعارضان في صورة شهادة الشاهدين. ولا يبعد الأخذ بالموثق حينئذ ، لضعف الخبر ، لأن في سنده في الكافي عبد الله بن بحر (١) ، وفي التهذيب (٢) وإن كان بدله عبد الله بن يحيي ، لكن الكافي أضبط ، بل جزم المجلسي (ره) بأنه تصحيف.

ومن ذلك يظهر قوة ما عن الشيخ (ره) ـ في النهاية ، والتهذيب ، والاستبصار ، ونسب الى المهذب ـ من التفصيل بين أن يشهد شاهدان بحرية الأمة فيتزوجها الرجل لذلك فالولد حر ، وبين أن يتزوج اعتماداً على أصالة الحرية أو نحوها فالولد رق. وعلى الأب فكه بالقيمة. وجعله في الحدائق مقتضى التدبر في نصوص الباب بعد ضم بعضها الى بعض. كما يظهر ضعف القول بالرقية مطلقاً ، والحرية كذلك ، وإن كان أولهما أقرب من ثانيهما.

[١] قد عرفت أنه لا موجب لهذا التنزيل ، وأن العمدة فيما دل على الحرية صحيح الولد ، وقد عرفت إشكاله.

__________________

(١) الجزء : ٥ صفحة : ٤٠٥ الطبعة الحديثة.

(٢) الجزء : ٧ صفحة : ٣٥٠ الطبعة الحديثة ، والاستبصار الجزء : ٣ صفحة : ٢١٧.

٣٣٥

جمعاً بينها وبين ما دل على كونه حراً. وعلى هذا القول أيضا يجب عليه ما ذكر من دفع القيمة ، أو السعي ، أو دفع الامام (ع) ، لموثقة سماعة [١]. هذا كله إذا كان الوطء حال اعتقاده كونها حرة. وأما إذا وطئها بعد العلم بكونها أمة [٢] فالولد رق ، لأنه من زنا حينئذ [٣] ، بل وكذا لو علم سبق رقيتها فادعت أن مولاها أعتقها ، ولم يحصل له العلم بذلك ولم يشهد به شاهدان ، فان الوطء حينئذ أيضا لا يجوز لاستصحاب بقائها على الرقية [٤]. نعم لو لم يعلم سبق رقيتها جاز له التعويل على قولها ، لأصالة الحرية [٥]. فلو تبين‌

______________________________________________________

[١] في الأحكام الثلاثة. ويشاركه في الأول منها صحيح محمد بن قيس ، ومرسل الفقيه‌ (١).

[٢] يعني : لم يأذن مولاها لها في النكاح.

[٣] تقدم في آخر المسألة الثامنة وجه الحكم فيه.

[٤] ويحتمل قبول خبرها ، لان إخبار الإنسان عن نفسه وعما في يده حجة مقدمة على الاستصحاب ، كما إذا أخبر عن تطهير بدنه ونحوه. نعم إذا كانت قرينة على اتهامه لم يقبل خبره. ولعل دعوى صيرورتها حرة من ذلك. ونظير المقام دعوى العدالة ، والاجتهاد ، والنسب ، ونحوها ، فلا يصدق مدعيها إلا ببينة. وقد تقدم الكلام في ذلك فيما تثبت به الطهارة والنجاسة من كتاب الطهارة. كما أنه إذا كان يباع في الأسواق فقد دلت النصوص (٢) على عدم قبول إخباره بالحرية مسبوقة بالرقية أو غير مسبوقة.

[٥] لصحيح عبد الله بن سنان قال : « سمعت أبا عبد الله (ع) :

__________________

(١) تقدم التعرض لهما في أوائل المسألة.

(٢) راجع الوسائل باب : ٥ من أبواب بيع الحيوان.

٣٣٦

الخلاف لم يحكم برقية الولد [١]. وكذا مع سبقها مع قيام البينة على دعواها [٢].

( مسألة ١٣ ) : إذا تزوج عبد بحرة من دون إذن مولاه ولا إجازته كان النكاح باطلا ، فلا تستحق مهراً ولا نفقة [٣] بل الظاهر أنها تحد حد الزنا [٤] إذا كانت عالمة‌

______________________________________________________

يقول كان على بن أبي طالب يقول : الناس كلهم أحرار ، إلا من أقر على نفسه بالعبودية وهو مدرك من عبد أو أمة ، ومن شهد عليه بالرق صغيراً كان أو كبيراً » (١). لكن على هذا يكون التعويل على الأصل لا على قولها.

[١] على ما تقدم منه. وهو مورد نصوص الباب.

[٢] هذا يدخل في عموم موثق سماعة الأخير‌ (٢) ، المتضمن لحرية الولد إذا شهد شاهدان لها بالحرية.

[٣] أما البطلان : فلما سبق من عدم سلطان الرق على نفسه. وأما نفي المهر : فلأنها بغي. و‌في خبر السكوني عن أبي عبد الله (ع) قال : « قال رسول الله (ص) أيما امرأة حرة زوجت نفسها عبداً بغير إذن مواليه فقد أباحت فرجها ، ولا صداق لها » (٣). وأما نفي النفقة : فلانتفاء الزوجية. والظاهر أنه لا إشكال في جميع ما ذكر.

[٤] لعموم الأدلة. لكن قال في كشف اللثام : « قيل : ولا حد عليها ، لمكان الشبهة. والفرق بينها وبين الحر إذا تزوج أمة كذلك : أنها لنقصان عقلها وعدم مخالطتها لأهل الشرع يكفي العقد شبهة لها. والفرق‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٩ من أبواب العتق حديث : ١.

(٢) راجع صفحة : ٣٣٠.

(٣) الوسائل باب : ٢٤ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ٣‌

٣٣٧

بالحال ، وأنه لا يجوز لها ذلك. نعم لو كان ذلك لها بتوقع الإجازة واعتقدت جواز الإقدام حينئذ بحيث تكون شبهة في حقها لم تحد. كما أنه كذلك إذا علمت بمجي‌ء الإجازة [١]. وأما إذا كان بتوقع الإجازة وعلمت مع ذلك بعدم جواز ذلك فتحد مع عدم حصولها ، بخلاف ما إذا حصلت ، فإنها تعزر حينئذ ، لمكان تجريها. وإذا جاءت بولد فالولد لمولى العبد [٢] مع كونه مشتبها‌

______________________________________________________

بين ذلك وما إذا تزوجت حراً بعقد تعلم فساده : أن هذا العقد فضولي يجوز فيه إجازة المولى. ويؤيده ما في الاخبار من : « أنه لم يعص الله وإنما عصى سيده » (١) ‌، و‌حسن منصور بن حازم عن الصادق (ع) : « في مملوك تزوج بغير إذن مولاه أعاص لله تعالى؟ قال (ع) : عاص لمولاه. قلت : حرام هو؟ قال (ع) : ما أزعم أنه حرام .. » (٢). انتهى كلام كشف اللثام. وكأنه لذلك اقتصر في الشرائع والقواعد على ذكر الحكمين الأولين فقط ولم يتعرض للحد. بل في الحدائق : لم يذكره أحد. وربما مال إليه في كشف اللثام. ولكنه يشكل ـ كما في الحدائق وفي الجواهر ـ بأن الشبهة العرفية منتفية ، والشرعية لا دليل عليها. والأخبار قد عرفت المراد منها في أول هذا المبحث. فراجع. ونقصان العقل غير كاف في تحقيق الشبهة الدارئة للحد بعد فرض العلم بالحرمة ، وإلا سقط الحد عن المرأة كلية‌

[١] تقدم الكلام في ذلك في شرح المسألة العاشرة.

[٢] بلا خلاف ، كما في الجواهر. وفي كشف اللثام : أنه قطع به الأصحاب ، لكونه من نماء المملوك ، لانتفاء النسب بينه وبين الام بالزنا‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٤ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ١ ، ٢.

(٢) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ٢‌.

٣٣٨

بل مع كونه زانياً أيضا ، لقاعدة النمائية بعد عدم لحوقه بالحرة. وأما إذا كانت جاهلة بالحال فلا حد. والولد حر [١]

______________________________________________________

ولكنه كما ترى ، فإنه شامل إذا كان العبد زانياً أيضا مع انتفاء النسب بينه وبينه أيضا ، فهو إما نماء لهما ، أو للأم ، ولا وجه لإلحاقه بالأب بالخصوص مطلقاً. وقد يستدل له‌ بخبر العلاء بن رزين عن أبي عبد الله (ع) قال : « في رجل دبر غلاماً له فأبق الغلام فمضى الى قوم ، فتزوج منهم ولم يعلمهم أنه عبد ، فولد له أولاد ، وكسب مالاً ، ومات مولاه الذي دبره ، فجاء ورثة الميت الذي دبر العبد فطالبوا العبد ، فما ترى؟ فقال : العبد وولده لورثة الميت .. » (١). لكن الاستدلال به يتوقف على إطلاقه وعدم ظهوره في الحرة الجاهلة. ولكنه غير ظاهر. وحينئذ ينحصر دليله بالفحوى إن أمكن العمل بمورد الخبر ، وبالإجماع.

[١] أما الأول : فللشبهة الدارئة للحد. وأما الثاني : فلما تقدم من أن المتولد بين الحر والرق يلحق بأشرف الأبوين. وعن مقنعة المفيد : أن الولد رق كما لو كانت عالمة. ومثله ظاهر محكي التهذيب ، عملاً بإطلاق النص المتقدم. لكن عرفت الإشكال في إطلاقه وأنه ظاهر في الجاهلة. وحمله في الجواهر على صورة عدم قيام البينة على كون الحرة مشتبهة ، لما بني عليه غير مرة من أن الولد يلحق بالرق غير المأذون. والمراد من قول السائل : « ولم يعلمهم أنه عبد » : أنه لم يعلمهم أنه عبد آبق ، لا أنه لم يعلمهم أنه عبد ، لتكون الحرة التي تزوجت مشتبهة. ولكن ما ذكره ( قده ) ـ وإن جعله مقطوعاً به غير ظاهر ، بل خلاف الظاهر. وقد عرفت في المسألة الثامنة الإشكال فيما بني عليه غير مرة. فراجع. نعم قد يقال : إن الخبر المذكور لا يصلح المعارضة ما دل على حرية الولد‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٨ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ١‌.

٣٣٩

وتستحق عليه المهر [١] ، يتبع به بعد العتق [٢].

( مسألة ١٤ ) : إذا زنى العبد بحرة من غير عقد فالولد حر [٣] ، وإن كانت الحرة أيضا زانية. ففرق بين الزنا المجرد عن عقد والزنا المقرون به مع العلم بفساده حيث قلنا ان الولد لمولى العبد [٤]

( مسألة ١٥ ) : إذا زنى حر بأمة فالولد لمولاها [٥] وإن كانت هي أيضا زانية. وكذا لو زنى عبد بأمة الغير‌

______________________________________________________

المتولد من الحر ، بضعفة في نفسه ، وإعراض المشهور عنه.

[١] لما يفهم من غير واحد من النصوص من استحقاق المهر بالدخول في غير الزنا‌ (١).

[٢] كما صرح به في الشرائع ، والقواعد ، وغيرهما. لأنه مملوك لمولاه ، فلا يمكن استيفاء دينه من منافعه أو من عينه.

[٣] بلا خلاف ولا إشكال ، كما في الجواهر. ويقتضيه أصالة تبعية النماء للأم ما لم يقم دليل على خلافها.

[٤] في الجواهر : وجه الفرق النص ، وهو خبر العلاء المتقدم. لكن ظاهر المصنف الفرق من غير جهة النص ، فإنه في العقد المعلوم الفساد ألحق الولد بالعبد ، فيكون لمولاه ، لقاعدة النمائية. وهذه القاعدة بعينها جارية في الزنا بدون العقد.

[٥] كما في الجواهر. لقاعدة النماء في الأم. قال : « ولا يشكل ما ذكرنا بالحرة التي تزوجت عبدا غير مأذون عالمة بالتحريم ، لما عرفته من الدليل المخصوص في النكاح دون الزنا ». ويشير بذلك الى خبر العلاء‌

__________________

(١) راجع الوسائل باب : ٥٤ من أبواب المهور ، ومستدرك الوسائل باب : ٣٨ من أبواب المهور‌.

٣٤٠