مستمسك العروة الوثقى - ج ١٤

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ١٤

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٣٧

كان هو المباشر ، أو هي بإذنه ، أو بإجازته. ونفقتها على الزوج ، إلا إذا منعها مولاها [١] عن التمكين لزوجها ، أو اشتراط كونها عليه [٢] وللمولى استخدامها بما لا ينافي حق الزوج. والمشهور أن للمولى أن يستخدمها نهاراً ويخلي بينها وبين الزوج ليلا [٣].

______________________________________________________

إن كان الزوج دخل بها وهي معه ، ولم يطلب السيد منه بقية المهر حتى باعها ، فلا شي‌ء له عليه ، ولا لغيره. وإذا باعها السيد فقد بانت من الزوج الحر ، إذا كان يعرف هذا الأمر .. » (١) ‌واشتماله على ما لا يعمل بظاهره غير قادح في حجيته على المقام.

[١] يعني : منعاً تكوينياً بأن حبسها ، أو تشريعياً وقد امتنعت بمنعه. لكن في الصورة الأولى لا موجب لسقوط النفقة ، لأنها معذورة في ترك التمكين ، ومعه لا تسقط النفقة. وكان الأولى استثناء صورة نشوزها ، بدل ما ذكر.

[٢] يعني : اشتراط كون أدائها عليه. أما إذا اشترط كون ثبوتها عليه ففيه إشكال ، لأنه مخالف للكتاب ، فقد جعل فيه ثبوتها على الزوج. قال تعالى ( وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) (٢).

[٣] قال في القواعد : « وللسيد استخدام الأمة نهارا. وعليه تسليمها الى زوجها ليلا ». وفي جامع المقاصد : « لم يلزمه تسليمها الى الزوج ليلا ونهاراً قطعاً. بل يستخدمها نهاراً ويسلمها الى الزوج ليلا ، لأن السيد يملك من أمته منفعة الاستخدام ، ومنفعة الاستمتاع ، فاذا زوجها فقد عقد على إحدى منفعتيها ، وبقيت المنفعة الأخرى يستحق استيفاؤها‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٨٧ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ١.

(٢) البقرة : ٢٣٣.

٣٠١

ولا بأس به. بل يستفاد من بعض الأخبار [١]. ولو اشترطا غير ذلك فهما على شرطهما [٢]. ولو أراد زوجها أن يسافر بها هل له ذلك من دون إذن السيد؟ قد يقال : ليس له ،

______________________________________________________

في وقتها. وهو النهار ، كما لو أجر الأمة .. ». ونحوه في كشف اللثام. ولم ينقل في ذلك خلاف ، ولذلك نسبه في المتن الى المشهور. وفيه : أنه غير ظاهر. وفي الجواهر ـ في المسألة الرابعة ، آخر مسائل تحليل الأمة ـ قال : « إن المتجه على أصول الإمامية جريان حكم الزوجة عليها ، فيجب تسليمها حينئذ ليلا ونهاراً. نعم يجوز للسيد الانتفاع بها في كل منهما ، ما لم يعارض حق الاستمتاع بها. وملك السيد لها لا يزيد على ملك الحرة نفسها ، الذي قد انقطع بعقد التزويج الوارد على ذلك. والمقتضي تسليط الزوج على زوجته في جميع الأزمنة والأمكنة ، فإن الرجال ( قَوّامُونَ عَلَى النِّساءِ ) ». ومن ذلك يظهر لك الاشكال فيما ذكر في المتن من قوله (ره) : « ولا بأس به ».

[١] وهو ما‌ رواه الراوندي في محكي نوادره ، بإسناده عن موسى ابن جعفر (ع) عن آبائه (ع) : « ان علياً (ع) قال : إذا تزوج الحر أمة ، فإنها تخدم أهلها نهارا ، وتأتي زوجها ليلا. وعليه النفقة إذا فعلوا ذلك » (١). لكن الخبر ضعيف لم يثبت جبره بعمل. ومورده الأمة المعدة للخدمة ، ولعل إعدادها لذلك قرينة على اشتراط عدم مزاحمة حقوق الزوج لها.

[٢] عملا بعموم نفوذ الشروط.

__________________

(١) لم نعثر عليه بالسند المذكور في كتب الحديث ، وإنما ذكره : باختلاف يسير في مستدرك الوسائل باب : ٥٨ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ١ ، ورواه عن الجعفريات بسنده عن موسى قال : « حدثنا أبي عن أبيه عن جده جعفر بن محمد عن أبيه عن علي (ع) .. ».

٣٠٢

بخلاف ما إذا أراد السيد أن يسافر بها فإنه يجوز له من دون إذن الزوج [١]. والأقوى العكس ، لأن السيد إذا أذن بالتزويج فقد التزم بلوازم الزوجية ، و ( الرِّجالُ قَوّامُونَ عَلَى النِّساءِ ). وأما العبد المأذون في التزويج فأمره بيد مولاه [٢] ، فلو منعه من الاستمتاع يجب عليه طاعته ، إلا ما كان واجباً عليه من الوطء في كل أربعة أشهر ، ومن حق القسم.

( مسألة ٥ ) : إذا أذن المولى للأمة في التزويج وجعل المهر لها صح على الأقوى من ملكية العبد والأمة [٣] ، وإن كان للمولى أن يتملك ما ملكاه [٤].

______________________________________________________

[١] القائل العلامة في القواعد. وعلله في جامع المقاصد : بأن السيد مالك للرقبة ، وإحدى المنفعتين. وليس للزوج إلا المنفعة الأخرى ، فكان جانبه أقوى. وفي كشف اللثام : علله بسبق حقه ، وتعلقه بالرقبة ، وعدم منافاته لحق الزوج. انتهى. والأخير ممنوع. وما قبله لا يقتضي الجواز.

[٢] لأنه لا يقدر على شي‌ء ، ومخالفته لمولاه تصرف في ملك الغير بغير إذنه.

[٣] تعرضنا لتحقيق ذلك في أوائل كتاب الحج من هذا الشرح.

[٤] لعموم عدم قدرة العبد على شي‌ء ، وعموم : « الناس مسلطون على أموالهم » (١) ، فإن إخراج شي‌ء عن ملكه ـ كإدخال شي‌ء في ملكه ـ داخل في العموم المذكور ، بل مقتضاه جواز تمليك المالك مال العبد لشخص ثالث ، سواء كان فيه مصلحة للعبد ، أم مفسدة عليه ، إذ لا‌

__________________

(١) البحار الجزء : ٢ باب : ٣٣ ما يمكن أن يستنبط من الآيات والاخبار من متفرقات مسائل أصول الفقه حديث : ٧ الطبعة الحديثة ص : ٢٧٢.

٣٠٣

بل الأقوى كونه مالكا لهما ولمالهما ملكية طولية [١].

______________________________________________________

يعتبر في عموم السلطنة وجود مصلحة للمملوك ، كما هو ظاهر. وعن المختلف : « لو ملك ( يعني : العبد ) لما جاز المولى أخذه منه قهراً. والثاني باطل إجماعاً ». وهو شامل لما نحن فيه.

[١] هذا لم يعرف قولا لأحد منا ، فإن الأقوال المحكية في المسألة ـ على كثرتها ـ ليس هذا منها ، فقد حكاها جماعة ، ومنهم الشيخ الكبير ( قده ) في شرح القواعد ، ولم يذكر هذا القول منها. قال (ره) ـ بعد الاستدلال على عدم الملكية مطلقاً ـ : « فلا وجه للقول بأنه يملك مطلقاً. فنسب إلى الأكثر في رواية ، والى ظاهر الأكثر في أخرى. أو يملك فاضل الضريبة فقط ، أو أرش الجناية كذلك. ونسبا الى الشيخ وأتباعه. أو ما ملكه مولاه. وربما عد منه فاضل الضريبة. أو ما أذن له في ملكه. أو المركب منهما ، على اختلاف أقسامه. أو يملك ملكا غير تام. أو التصرف خاصة ».

وكأن وجه هذا القول : الأخبار الصحيحة ـ كما قيل ـ الدالة على أن العبد وماله لمولاه. ومنها‌ صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر (ع) : « أنه قال في المملوك : ما دام عبداً فإنه وماله لأهله ، لا يجوز له تحرير ، ولا كثير عطاء ، ولا وصية ، إلا أن يشاء سيده » (١). وتقريب الاستدلال بها : أنه لما امتنع اجتماع ملكيتين مستقلتين على مملوك واحد ، يدور الأمر بين التصرف في إضافة المال الى العبد ، بحملها على غير الملكية الحقيقية ، لأنه يكفي في الإضافة على نحو المجاز أدنى ملابسة ، والتصرف في إضافتها إلى المالك ، بحملها على جواز التصرف فيه ، وبين التصرف في موضوع ملكية المولى ، فيجعل موضوعها المال المضاف الى العبد ، حتى تكون ملكية المولى قائمة بغير ما تقوم به ملكية العبد ، فإن ملكية العبد قائمة بذات‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٧٨ من أبواب الوصايا حديث : ١.

٣٠٤

( مسألة ٦ ) : لو كان العبد أو الأمة لمالكين أو أكثر توقف صحة النكاح على إذن الجميع أو إجازتهم [١]. ولو كانا مبعضين توقف على إذنهما وإذن المالك [٢]. وليس له إجبارهما حينئذ [٣].

______________________________________________________

المال ، وملكية المولى قائمة بالمال المضاف اليه ، فتكون ملكية المولى في طول ملكية العبد ، لأن موضوعها متأخر رتبة عن موضوع ملكية العبد ، فلا تكون من اجتماع الملكيتين في موضوع واحد ، بل هما في موضوعين مترتبين. وفيه : أن هذا المعنى بعيد عن الأذواق العرفية. فيتعين أحد التصرفين الأولين. وإذا دار الأمر بين التصرف في الصدر ، والتصرف في الذيل ، يتعين الثاني ، لأن الأول يقع في موقعه من الذهن ، فيحمل الثاني عليه ، لا العكس. مضافاً الى أن الظاهر تضاد الملكيتين ولو كانتا طوليتين. واختلاف الرتبة لا يرفع التضاد بينهما ، ولا يسوغ اجتماعهما. وملكية الله سبحانه للعباد وما هو لهم ليس من باب اجتماع الملكيتين الطوليتين ، فإن ملكية الله تعالى قائمة بذات مال العبد ، لا بما هو مضاف ، بل من باب اجتماع ملكيتين من سنخين ، فان سنخ ملكية الله تعالى غير سنخ ملكية العبد ، والإضافة القائمة بين المال والعباد غير الإضافة القائمة بين المال وخالقه ـ جل شأنه ، وتقدست أسماؤه ـ نظير اختلاف الإضافتين في مثل قولنا : « السرج للدابة » و « السرج لزيد ». فلاحظ وتأمل.

[١] على ما عرفت في المالك المتحد ، فإنه لا فرق بين اتحاد المالك وتعدده ، بلا إشكال ولا خلاف.

[٢] أما التوقف على ذلك : فلقاعدة السلطنة. وأما الصحة حينئذ : فلما عرفت سابقاً ، لعدم الفرق بين الفروض.

[٣] إذ لا دليل على ذلك ولا سلطنة للمالك عليهما ، بعد أن كان‌

٣٠٥

( مسألة ٧ ) : إذا اشترت العبد زوجته بطل النكاح [١] وتستحق المهر إن كان ذلك بعد الدخول [٢]. وأما إن كان قبله ففي سقوطه ، أو سقوط نصفه ، أو ثبوت تمامه ، وجوه مبنية على أنه بطلان أو انفساخ [٣]. ثمَّ هل يجري عليها حكم‌

______________________________________________________

بعضهما خارجاً عن ملكه.

[١] لأنه إذا ملك أحد الزوجين صاحبه استقر الملك وبطل النكاح ، إجماعاً بقسميه ، كما في الجواهر. ويشهد له النصوص ، منها‌ خبر سعيد ابن يسار قال : « سألت أبا عبد الله (ع) : عن امرأة حرة تكون تحت المملوك فتشتريه ، هل يبطل نكاحه؟ قال (ع) : نعم. لأنه عبد مملوك ( لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ‌ءٍ ) » (١). ونحوه صحيح عبد الله بن سنان‌ ، ومصحح محمد بن قيس‌ (٢) ، وغيرهما.

[٢] بلا خلاف ظاهر. لأن الدخول سبب الاستحقاق ، فلا يزول ببطلان العقد الطارئ ، لأن البطلان الطارئ لا يرفع الاستحقاق السابق. نعم لو كان البطلان من أول الأمر كان مقتضاه الرجوع الى مهر المثل ، لا المسمى.

[٣] لا يظهر الفرق عرفاً بين البطلان والانفساخ ، فإنهما واحد. وكأن مراده من البطلان : البطلان من أول الأمر ، ومن الانفساخ : الانفساخ من حين السبب الطارئ. لكن لم يذكر في كلماتهم في مبنى المسألة ذلك. وإنما المذكور في المسألة احتمالان : التنصيف ، وسقوط المهر ، كما سيأتي في عبارة القواعد. ومبناهما إلحاق المقام بالخلع ، لأن الفسخ حصل من‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤٩ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٤٩ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ١ ، ٣. لكن مورد الحديثين الملك بالإرث لا بالشراء.

٣٠٦

______________________________________________________

الزوجين ، كباب الخلع قبل الدخول. أو من الزوجة فقط ، كما لو أسلمت مع كفره ، أو ارتدت مع إسلامه ، قبل الدخول ، فإنها لا تستحق من المهر شيئاً. نعم إذا ملك الحر زوجته الأمة قبل الدخول احتمل التنصيف ، وتمام المهر. قال في جامع المقاصد في الفرض الأول : « ففي سقوط نصف المهر أو جميعه وجهان ». ثمَّ ذكر أن وجه الأول : أن الفراق حصل بصنع الزوجين. ووجه الثاني : أن الفراق حصل بالزوجة والسيد ، لا اختيار للزوج فيها. ونحوه ذكر في الجواهر في آخر المسألة الأولى أول مبحث نكاح الإماء. ثمَّ قال في جامع المقاصد : « ولو انعكس الفرض فملك الحر زوجته الأمة قبل الدخول ، ففي وجوب نصف المهر أو جميعه الوجهان أيضا » ووجه الأول : أن الفراق كان بفعل الزوجين. ووجه الثاني : أن الفراق كان بفعل الزوج لا غير. ثمَّ قال : « لكن المتجه هنا وجوب الجميع ، وقد سبق نظائره في الرضاع ، وتجدد الإسلام ». والذي يتحصل من كلامه : أن الفراق إن كان بفعل الزوجين تعين التنصيف ، وإن كان بفعل الزوجة سقط جميع المهر ، وإن كان بفعل الزوج ثبت جميع المهر. قال في القواعد : « وإذا ارتد أحد الزوجين قبل الدخول فسد العقد في الحال. ولا مهر إن كان من المرأة ، وإلا فالنصف. ويحتمل الجميع إن كان عن فطرة ». وفي كشف اللثام : جعل الاحتمال الأخير قوياً ، إلحاقاً للارتداد بالموت ، الموجب لثبوت تمام المهر. وفي جامع المقاصد في شرح ذلك قال : « وقيده المصنف (ره) بما إذا كان الارتداد عن فطرة. ولا وجه له ، لأنه قد سبق في غير موضع من كلام المصنف (ره) احتمال وجوب جميع المهر بعروض الفسخ من قبل الرجل ، أو لا من قبل واحد من الزوجين ، لان المهر يجب جميعه بالعقد على أصح الأقوال ، ولم يثبت تشطيره إلا بالطلاق ، فيبقى وجوب جميعه ثابتاً في غير الطلاق. إذ الحمل‌

٣٠٧

______________________________________________________

عليه قياس .. » وفي رسالة شيخنا الأعظم (ره) فيما لو أسلمت قبل الدخول : أنه لا مهر لها ، لأن الحدث جاء من قبلها. وفيما لو أسلم أحد الحربيين : أن عليه نصف المهر ، إن كان الإسلام منه. وقيل : عليه جميع المهر ، لثبوته بالعقد ، ولا دليل على سقوطه. وإلحاقه بالطلاق قياس ، وإلا يكن الإسلام منه بل كان الإسلام منها فلا شي‌ء ، لما تقدم. انتهى. لكن مقتضى التعليل المذكور وجوب الجميع حتى لو كان الفسخ من الزوجة. فما الذي أوجب الفرق بين الفسخ من الزوجة ، فلا يحتمل فيه التمام ـ كما في فرض المسألة المذكورة في المتن ـ والفسخ من الزوج ، فيكون المتجه فيه التمام.

وكيف كان فالمتحصل مما ذكرنا : أن الاحتمالات الثلاثة مبنية على الاحتمالات في إلحاق المقام بغيره مما ثبت فيه التمام ، كالموت بناء على المشهور. والتنصيف ، كالطلاق. أو السقوط ، كالفسخ من أحد الزوجين بعيب في صاحبه ، زوجاً كان الفاسخ أو زوجة ، إلا في العنن ، ففيه التنصيف ، للدليل.

والذي يقتضيه الذوق العرفي : أن الفراق إن كان لقصور في موضوع العقد ، لموت ، أو ارتداد ، أو رضاع موجب لكون الزوجة من المحارم ، أو نحو ذلك ، لزم جميع المهر. لعدم خلل في العقد ، بل الخلل في موضوعه ، فهو باق في موضوعه الحقيقي ، الذي ارتفع بطر والطارئ ، فالطارئ انما يرفع موضوع العقد ، ولا يرفع نفس العقد ، نظير ما لو باعه أو وهبه طعاماً ، فأكله ، فإن الأكل لا يبطل البيع ولا الهبة وكذا موت أحد الزوجين لا يبطل النكاح. ولذلك كان الأصل فيه بقاء تمام المهر ـ كما هو المشهور ـ وإن كان التحقيق هو التنصيف ، كالطلاق. لكنه للدليل ، لا لأنه مقتضى الأصل. فإنه إذا كان العقد‌

٣٠٨

الطلاق قبل الدخول أو لا؟ وعلى السقوط كلاً إذا اشترته بالمهر الذي كان لها في ذمة السيد بطل الشراء ، للزوم خلو البيع عن العوض [١]. نعم لا بأس به إذا كان الشراء بعد‌

______________________________________________________

باقياً في موضوعه كان المهر باقياً أيضاً. وعلى هذا يتعين تمام المهر في جميع الصور المذكورة ، كما يتعين العمل بالشروط التي تضمنها العقد. فاذا ماتت الزوجة وقد اشترطت على زوجها في عقد النكاح أن يسرج في المسجد عشرين سنة ، وجب على الزوج الإسراج المدة المذكورة. وكذا الكلام في الشروط في عقد النكاح إذا ارتدت الزوجة ، أو أسلمت ، أو حرمت على زوجها برضاع ، فإنها لا تبطل بذلك ، وإن خرجت الزوجة عن الزوجية.

وإذا كان الفراق بالفسخ الاختياري بطل تمام المهر ، لأن المهر قائم بالعقد ، وقد ارتفع وانحل. وكذا الشروط القائمة بالعقد ، فإنها تبطل ، ولا يجب العمل بها. ولا فرق بين أن يكون المباشر للفسخ الزوج ، والزوجة ، كما هو الحكم في فسخ أحد الزوجين بعيب في الآخر قبل الدخول ، إلا في العنن ، ففيه التنصيف ، للدليل. كما لا فرق في الفرض الأول بين أن يكون السبب الطارئ باختيار الزوج ، أو الزوجة ، وأن يكون باختيارهما معاً ، وأن لا يكون باختيار أحدهما. وأما الطلاق بأنواعه فمما لا يرتبط بالعقد ، ولا بموضوعه ، وإنما يحدث أثراً مضاداً لأثر العقد ، فلا مجال لإلحاق المقام به. وعلى ما ذكرنا يشكل الحكم فيما ذكروه هنا ، وفي باب إسلام أحد الزوجين ، وفي باب الرضاع المحرم.

[١] قال في القواعد : « ولو اشترته زوجته أو اتهبته قبل الدخول سقط نصف المهر الذي ضمنه السيد ، أو جميعه. فان اشترته بالمهر المضمون بطل الشراء إن أسقطنا الجميع ، حذراً من الدور ، إذ سقوط العوض بحكم‌

٣٠٩

______________________________________________________

الفسخ يقتضي عراء البيع عن العوض ». قال في جامع المقاصد في بيان ذلك : « انه إذا صح البيع دخل في ملكها ، وانفسخ النكاح ، فيسقط المهر ، لأنه المقدر. فيبقى البيع بغير عوض يقابله ، فينفسخ ، لامتناع صحة البيع بدون ثمن. فصحة البيع تستلزم بطلانه. وذلك دور عند الفقهاء. وبطلانه ظاهر. لأن كلما يفضي صحته الى بطلانه يجب الحكم ببطلانه ». وفي حاشية بعض الأعاظم : « أجيب عنه : بأن سقوط المهر معلول لشراء الزوجة العبد ، وفي رتبة الشراء يكون المهر ثابتاً ، وهو كاف في صحة الشراء ، فلا يلزم خلو البيع من العوض ». ويشكل : بأن سقوط المهر في الرتبة اللاحقة للشراء موجب لبطلان الشراء في الرتبة اللاحقة ، ويلزم المحذور. وهكذا كل ما يلزم من وجوده عدمه الذي قيل إنه محال ، فإنما يلزم من وجوده في رتبة عدمه في الرتبة اللاحقة.

نعم يمكن أن يقال : إن البناء على عدم صحة الشراء من جهة لزوم المحذور المذكور راجع الى تخصيص ما دل على صحة الشراء ، بإخراج المورد عنه. وحينئذ يدور الأمر بين التخصيص المذكور ، وبين تخصيص ما دل على أن الشراء يبطل النكاح ، وبين تخصيص ما دل على أن النكاح إذا بطل بطل المهر. فإنه لو بني على عدم التخصيص للعمومات المذكورة ، وعلى الأخذ بها ، لزم المحذور. والتخلص منه كما يكون بالبناء على عدم صحة الشراء ، يكون بالبناء على صحة الشراء وعدم بطلان النكاح به ، ويكون أيضا بالبناء على صحة الشراء وبطلان النكاح به وعدم سقوط المهر. ولأجل أن العمومات مترتبة لترتب موضوعاتها ، يتعين سقوط الأخير عن الحجية. للعلم الإجمالي إما بالتخصيص أو التخصص. ولا وجه للبناء على التخصيص الأول ، فإنه خلاف أصالة العموم. فالفتوى بصحة الشراء وبطلان النكاح وعدم سقوط المهر أولى من البناء على عدم صحة الشراء ،

٣١٠

الدخول ، لاستقرار المهر حينئذ. وعن العلامة في القواعد [١] : البطلان إذا اشترته بالمهر الذي في ذمة العبد وإن كان بعد الدخول ، لأن تملكها له يستلزم براءة ذمته من المهر ، فيخلو البيع عن العوض. وهو مبني على عدم صحة ملكية المولى في ذمة العبد [٢]. ويمكن منع عدم الصحة [٣]. مع أنه لا يجتمع‌

______________________________________________________

وأوفق بقواعد العمل بالأدلة. مضافا الى أن الاشكال إنما يتم لو كان الشراء بالمهر بما أنه مهر. أما إذا كان بعنوانه الذاتي ، فالسقوط يقتضي ضمانه على الزوجة لتصرفها فيه ، ولا يقتضي بطلان البيع. كما لو اشترت به شيئاً آخر ثمَّ فسخ النكاح ، فإنه يرجع عليها ببدل الصداق. وقد تنبه لذلك في جامع المقاصد. ولكن لم يكتف به في الجواب ، لأن التقدم اعتباري ، لا زماني ، بخلاف المثال المذكور. والفرق بين التقدم الزماني والاعتباري غير ظاهر.

[١] قال (ره) : « ولو اشترته به بعد الدخول صح. ولو جوزنا إذن المولى بشرط ثبوت المهر في ذمة العبد ، فاشترته به ، بطل العقد ، لان تملكها له يستلزم براءة ذمته ، فيخلو البيع عن العوض ».

[٢] إذ لو قلنا بجواز ملك السيد ما في ذمه عبده ، لا يكون تملك السيد للعبد موجباً لبراءة ذمة العبد ، فلا يلزم المحذور.

[٣] في جامع المقاصد : « لامتناع أن يستحق المولى في ذمة مملوكه مالا ، لأنه وذمته ملك له ، فكيف يعقل أن يستحق على ماله مالا؟! ». ونحوه في كشف اللثام. وقد استشكل في ذلك المصنف (ره) ، لعدم وضوح وجه المنع ، ولا سيما بملاحظة أنه لو أتلف مال المولى كان ضامناً. ودعوى : أن ذلك للضرورة ، حذراً من ضياع الأموال. كما ترى ، فإن الضرورة لا تجعل الممتنع ممكناً.

٣١١

ملكيتها له ولما في ذمته [١] ، بل ينتقل ما في ذمته الى المولى بالبيع حين انتقال العبد إليها.

( مسألة ٨ ) : الولد بين المملوكين رق [٢] ، سواء كان عن تزويج مأذون فيه ، أو مجاز ، أو عن شبهة مع العقد أو مجردة ، أو عن زنا منهما ، أو من أحدهما ، بلا عقد أو عن عقد معلوم الفساد عندهما ، أو عند أحدهما. وأما إذا كان أحد الأبوين حراً فالولد حر [٣]

______________________________________________________

[١] لأن المعاوضة تقتضي انتقال كل من العوضين الى ملك مالك الآخر ، فكما أن العبد انتقل إلى الزوجة من مالكه ، كذلك ينتقل المهر منها الى مالكه ، فلا يجتمع المهر والعبد في ملكية مالك واحد ، وإلا لزم الجمع بين العوض والمعوض ، وهو خلف.

[٢] بلا خلاف ولا إشكال. وفي كشف اللثام : دعوى الاتفاق عليه ، لأنه نماء المملوك ، والنماء تابع للأصل. ولو بنى على الإشكال في ذلك كان مقتضى الأصل الحرية. ولا فرق فيما ذكرنا بين الصور المذكورة في المتن.

[٣] على المشهور شهرة عظيمة. ويشهد له جملة من النصوص ، منها‌ صحيح جميل بن دراج قال : « سألت أبا عبد الله (ع) : عن رجل تزوج بأمة فجاءت بولد. قال (ع) : يلحق الولد بأبيه. قلت : فعبد تزوج حرة. قال (ع) : يلحق الولد بأمه » (١) ‌، و‌خبره : « سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : إذا تزوج العبد الحرة فولده أحرار. وإذا تزوج الحر الأمة فولده أحرار » (٢) ‌، و‌خبره الآخر قال : « سألت أبا عبد الله (ع)

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٠ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٣٠ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ٦.

٣١٢

______________________________________________________

عن الحر يتزوج الأمة ، أو عبد يتزوج حرة. قال : فقال لي : ليس يسترق الولد إذا كان أحد أبويه حراً ، إنه يلحق بالحر منهما ، أيهما كان أباً أو أماً » (١) ‌، و‌مصحح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) : « في العبد تكون تحته الحرة. قال (ع) : ولده أحرار. فإن أعتق المملوك لحق بأبيه » (٢). ونحوها غيرها.

وعن ابن الجنيد : الإلحاق بالأم ، كانت أمة أو حرة. ويشهد له جملة من النصوص ، كصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) : « في رجل زوج أمته من رجل ، وشرط عليه أن ما ولدت من ولد فهو حر ، فطلقها زوجها أو مات عنها ، فزوجها من رجل آخر ، ما منزلة ولدها؟ قال : منزلتها ، ما جعل ذلك إلا للأول ، وهو في الآخر بالخيار ، إن شاء أعتق ، وإن شاء أمسك » (٣) ‌، و‌خبر الحسن بن زياد : « قلت له أمة كان مولاها يقع عليها ، ثمَّ بدا له فزوجها ، ما منزلة ولدها؟ قال (ع) بمنزلتها ، إلا أن يشترط زوجها » (٤) ‌، و‌صحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (ع) : « في رجل زوج جاريته رجلا ، واشترط عليه أن كل ولد تلده فهو حر ، فطلقها زوجها ، ثمَّ تزوجت آخر ، فولدت. فقال (ع) : إن شاء أعتق ، وإن شاء لم يعتق » (٥). ونحوها غيرها. لكنها لمخالفتها للأصحاب عداه لا مجال للأخذ بها ، ولا سيما في مقابل ما تقدم ، فيتعين طرحها أو حملها على التقية. ثمَّ إنه ربما تقدم في المسألة الثانية من فصل‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٠ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ٨.

(٢) الوسائل باب : ٣٠ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ٣.

(٣) الوسائل باب : ٣٠ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ١٣.

(٤) الوسائل باب : ٣٠ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ١٢.

(٥) الوسائل باب : ٣٠ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ١١.

٣١٣

إذا كان عن عقد صحيح [١] ، أو شبهة مع العقد أو مجردة [٢] حتى فيما لو دلست الأمة نفسها [٣] بدعواها الحرية فتزوجها حر على الأقوى ، وإن كان يجب عليه حينئذ دفع قيمة الولد الى مولاها. وأما إذا كان عن عقد بلا إذن مع العلم من الحر بفساد العقد ، أو عن زنا من الحر منهما ، فالولد رق [٤].

______________________________________________________

ما يحرم بالمصاهرة ما ظاهره لمنافاة لما هنا ، وتقدم الكلام في ذلك.

[١] كما هو مورد أكثر النصوص.

[٢] إجماعا ظاهراً. ويقتضيه إطلاق قوله (ع) في خبر جميل : « ليس يسترق الولد إذا كان .. » ‌، فإنه ظاهر في عموم الولد للولد عن شبهة. ومورده وإن كان التزويج ، لكن المورد لا يخصص الوارد.

[٣] سيأتي الكلام فيه في المسألة الثانية عشرة.

[٤] الظاهر أنه لا إشكال فيه. ويقتضيه أن الحر إذا كان زانياً ، أو عالماً بفساد العقد ، كان ذلك مانعاً من انتساب الولد اليه ، فيتعين انتسابه الى الآخر. بل هو واضح إذا كان الحر هو الزوج ، فان لحوق الولد بالأم حينئذ في محله. أما إذا كان الحر الزوجة فالتحاقه بالأب دون الأم مبني على إهمال قاعدة تبعية الولد لأمه. وقد عرفت أنه محل تأمل. نعم قد يدل عليه‌ خبر العلاء بن رزين : « في رجل دبر غلاما له فأبق الغلام فمضى الى قوم فتزوج منهم ولم يعلمهم أنه عبد ، فولد له أولاد وكسب مالا ومات مولاه الذي دبره .. فقال (ع) العبد وولده لورثة الميت » (١). لكن مورده صورة جهل الحر وعلم العبد ، عكس مفروض المسألة ، وقد عرفت أن الحكم فيه اللحوق بالحر. فلا بد من تأويل الخبر ، وإلا أمكن استفادة حكم المقام منه بالأولوية. نعم يدل على الحكم في صورة زنا الزوج‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٨ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ١.

٣١٤

ثمَّ إذا كان المملوكان لمالك واحد فالولد له [١]. وإن كان كل منهما لمالك فالولد بين المالكين بالسوية [٢] ، إلا إذا اشترطا التفاوت أو الاختصاص بأحدهما [٣]. هذا إذا كان العقد‌

______________________________________________________

مرسل جميل عن بعض أصحابه عن أحدهما (ع) : « في رجل أقر على نفسه بأنه غصب جارية رجل ، فولدت الجارية من الغاصب ، قال (ع) : ترد الجارية والولد على المغصوب إذا أقر بذلك الغاصب » (١).

[١] بلا ريب ، لأنه نماء ملكه أيا منهما كان. ويشهد به رواية أبي هارون المكفوف ‌(٢).

[٢] على المشهور بين الأصحاب ، بل كافتهم ، عدا أبي الصلاح ، فذهب إلى أنه يتبع الأم كغيره من الحيوانات. وفي المسالك : « فرقوا بينهما بأن النسب مقصود في الآدميين ، وهو تابع لهما. بخلاف غيره من الحيوانات ، فان النسب فيه غير معتبر ، والنمو والتبعية فيه لاحق بالأم خاصة. وفي الفرق خفاء ، إن لم يكن هناك إجماع ». ونحوه في الرياض. وفي كشف اللثام : « الفرق ضعيف ». وفي الحدائق : أنه مشكل. وفي جامع المقاصد : أن الفرق ـ وراء النص والإجماع ـ ثبوت النسب المقتضي للتبعية. انتهى. وكأنه يشير بالنص الى ما ورد في تزويج العبد حرة ، وبالعكس ، المتضمن أنه يلحق بالحر منهما. وفي الجواهر : أن هذه النصوص تومئ الى ذلك. ولكنه غير ظاهر فإن جهة الحرية غير جهة المالكية والمملوكية ، ومن الجائز غلبة الجهة الأولى على الثانية. فما ذكره أبو الصلاح أوفق بالقواعد ، لو لا أن خلافه مظنة الإجماع.

[٣] كما نص على ذلك في الشرائع ، والقواعد. وفي الجواهر : « بلا‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٦١ من أبواب نكاح العبيد والإماء ملحق حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٤٢ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ١.

٣١٥

بإذن المالكين أو مع عدم الاذن من واحد منهما [١]. وأما إذا كان بالاذن من أحدهما فالظاهر أنه كذلك. ولكن المشهور‌

______________________________________________________

خلاف أجده. لعموم : المؤمنون عند شروطهم » (١). بناء على صحة شرط النتيجة في مثله ، كما ذكروا ذلك في كتاب الشركة.

[١] في المسالك : « ظاهرهم الاتفاق عليه ». وفي الجواهر : « بلا خلاف ولا إشكال في الصورتين » بناء على عدم المزية لأحدهما ، الموجبة لترجيح الإلحاق به على الإلحاق بالآخر. خلافا لأبي الصلاح ، كما تقدم. نعم يشكل : بأنه مع الزنا بالأمة يلحق الولد بالأم عندهم ، والعقد بلا إذن بمنزلة العدم ، فالنكاح معه يكون من الزنا. ولأجل ذلك خص بعض الحكم بالتشريك في المقام بصورة الجهل ، لئلا يكون من الزنا. وفي الجواهر دفعه بأن مقتضى النصوص الواردة في نكاح الأمة من غير إذن مولاها المتضمنة إلحاق الولد بها ، والنصوص الواردة في نكاح العبد من غير إذن مولاه المتضمنة إلحاق الولد به : هو أن عدم الاذن موجب للإلحاق ، وفي المقام حاصل في الأبوين معا ، فيلحق الولد بهما معاً. لكن ما ذكر لا يخلو من خفاء ، لاختلاف المورد. مع أنك عرفت الإشكال في خبر العلاء ابن رزين الدال على رقية ولد العبد المتزوج بلا إذن. وسيجي‌ء أيضا الإشكال في نصوص الأمة المتزوجة بغير إذن مولاها ، والخلاف في ذلك ، واختيار المصنف والجواهر حرية الولد ، خلافاً لما نسب الى المشهور. ولأجل ذلك يكون تخصيص الحكم المذكور بصورة جهلهما ، وإلحاق صورة علمها بالزنا في الإلحاق بالأم ـ عملا بقاعدة تبعية النماء للام ـ أولى ، لو لم يكن إجماع على خلافه.

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٠ من أبواب المهور حديث : ٤.

٣١٦

أن الولد حينئذ لمن لم يأذن [١]. ويمكن أن يكون مرادهم في صورة إطلاق الاذن [٢] ، بحيث يستفاد منه إسقاط حق نمائية الولد حيث ان مقتضى الإطلاق جواز التزويج بالحر أو الحرة ، وإلا فلا وجه له [٣]. وكذا لو كان الوطء شبهة [٤] منهما سواء كان مع العقد أو شبهة مجردة ، فان الولد مشترك. وأما لو كان الولد عن زنا من العبد فالظاهر عدم الخلاف في أن الولد لمالك الأمة [٥] ، سواء كان من طرفها شبهة أو زنا.

______________________________________________________

[١] وفي المسالك : « ظاهرهم الاتفاق عليه .. الى أن قال : عللوه بأن الآذن لمملوكه في التزويج مطلقاً مقدم على فوات الولد منه ، لأنه قد يتزوج من ليس برق ، فينعقد الولد حراً. بخلاف من لم يأذن ، فيكون الولد له خاصة ».

[٢] قد عرفت تعليلهم له بذلك. لكنه عليل ، لأن إلحاق الولد بالمملوك حكم شرعي ، لا يقبل الاسقاط ، فضلا عن السقوط بالاقدام على خلافه ، ولا مكان فرض اختصاص الاذن بتزويج المملوك ، مع أن الحكم عندهم فيه كذلك.

[٣] ذكر في الجواهر : أن الوجه فيه النصوص الواردة في تزويج العبد غير المأذون ، والواردة في تزويج الأمة غير المأذونة ، المتضمنة تبعية الولد لغير المأذون ، المستفاد منها اقتضاء عدم المأذونية الإلحاق ، كما تقدم منه نظيره في غير المأذونين. لكن عرفت إجمالا الإشكال في النصوص المذكورة. وسيأتي الكلام فيها في المسألة الثانية عشرة ، والثالثة عشرة.

[٤] لما تقدم في غير المأذونين.

[٥] وفي الجواهر : « من غير خلاف ، ولا إشكال ». وفي المسالك :

٣١٧

( مسألة ٩ ) : إذا كان أحد الأبوين حراً فالولد حر [١] لا يصح اشتراط رقيته على الأقوى [٢] في ضمن‌

______________________________________________________

« ظاهرهم الاتفاق عليه ». وقد يدل عليه مرسل جميل المتقدم.

[١] كما تقدم. وتقدم الخلاف فيه من الإسكافي.

[٢] كما في المسالك ، وغيرها. والمشهور بين الأصحاب ـ كما في المسالك ـ : القول بالصحة. وفي الشرائع : نسبه الى قول مشهور. وظاهره التردد فيه. وصرح بالتردد في المختصر النافع. وفي الجواهر : « لم أجد فيه ترددا ـ فضلا عن الخلاف ـ قبل المصنف ». ووجه المشهور عمومات نفوذ الشرط ، و‌رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) : « قال : لو أن رجلا دبر جارية ، ثمَّ زوجها من رجل فوطئها ، كانت جاريته وولدها مدبرين. كما لو أن رجلا أتى قوما فتزوج إليهم مملوكتهم كان ما ولد لهم مماليك » (١) ‌، بناء على حملها على صورة شرط الرقية ـ كما عن الشيخ (ره) ـ جمعاً بينها وبين ما دل على حرية المتولد بين الحر والمملوك ، كما سبق. لكن الرواية ـ مع أنها غير واضحة السند ، لأن في سندها أبا سعيد ، وهو مشترك بين الثقة والضعيف ـ غير واضحة الدلالة. والحمل على إرادة صورة شرط الرقية في مقام الجمع بينها وبين معارضها ، لا يقتضي حجيتها فيه ، كما لعله ظاهر. وأما عمومات نفوذ الشرط ـ مثل‌ قوله (ص) : « المؤمنون عند شروطهم » (٢) ‌ـ فمقيدة بما دل على بطلان الشرط المخالف للكتاب ، والمحقق في محله أن المراد به شرط حكم على خلاف المقتضي الشرعي ، وظاهر نصوص حرية المتولد بين الحر والمملوك‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٠ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ١٠.

(٢) الوسائل باب : ٢٠ من أبواب المهور حديث : ٤ ، مستدرك الوسائل باب : ٥ من أبواب الخيار حديث : ٧.

٣١٨

عقد التزويج ، فضلا عن عقد خارج لازم. ولا يضر بالعقد [١] إذا كان في ضمن عقد خارج. وأما إن كان في ضمن عقد التزويج فمبني على فساد العقد بفساد الشرط وعدمه. والأقوى‌

______________________________________________________

ـ مثل : « ليس يسترق ولد حر » ـ ان الانتساب الى الحر مقتض للحرية. فشرط الرقية يكون مخالفاً للمقتضي الشرعي ، فلا يصح.

ودعوى : أن الشرط راجع الى رفع يد الحر عن مقتضى ما أثبته العقد له من الشركة في الولد ، فيختص الآخر بالنماء ، فيتبعه في الملك ، فالرقية تكون بالتبعية للمملوك ، لا بالشرط. وليس مفاد الشرط إلا رفع المزاحم لا غير. مندفعة : بأن رفع يد الحر عن المتولد خلاف الحكم الاقتضائي أيضا فيرجع الاشكال. ولا تنفع الدعوى في حله ، وإن ذكرها في الجواهر. ومثلها استدلاله للمشهور بالروايات الدالة على رقية ولد الأمة إذا كان زوجها حراً ، فإن إطلاقها شامل لصورتي الشرط وعدمه ، فيعمل بها في صورة الشرط ، لعمل الأصحاب بها حينئذ. وفيه : أن النصوص المذكورة ـ ومنها خبر أبي بصير المتقدم ـ ظاهرة في الرقية بالتبعية ، فالبناء على الرقية بالشرط ليس عملا بتلك النصوص. ومثلهما في الاشكال مقايسته شرط الرقية بشرط الحرية ، مع ما بينهما من البون البعيد ، فإنه لم يرد في الرقية : لا يتحرر الرق ، كما ورد في الحرية : لا يسترق الحر. ولذا جاز شرط الحرية ، ولم يجز شرط الرقية ، وإن كانا من شرط النتيجة ، لإمكان صحته في بعض الموارد ، كما لا يخفى.

[١] يعني : عقد التزويج. أما نفس العقد الخارج الذي كان في ضمنه الشرط فبطلانه مبني على فساد العقد بفساد الشرط ، كعقد التزويج إذا كان في ضمنه الشرط المذكور.

٣١٩

عدمه [١]. ويحتمل للفساد وإن لم نقل به في سائر العقود إذا كان من له الشرط جاهلاً بفساده ، لأن في سائر العقود يمكن جبر تخلف شرطه بالخيار ، بخلاف المقام حيث انه لا يجري خيار الاشتراط في النكاح [٢]. نعم مع العلم بالفساد‌

______________________________________________________

[١] لأن الشرط في ضمن العقد من قبيل الإنشاء في ضمن الإنشاء ، على نحو تعدد المطلوب ، فلا يكون فساده موجباً لفساده. وإن حكي ذلك عن أكثر المتأخرين.

[٢] لأن خيار الاشتراط ـ سواء كان حكماً تعبدياً ، دل على ثبوته الإجماع ، كما يظهر من شيخنا الأعظم ، أم حكماً عرفياً للاشتراط ، دل على إمضائه الإجماع وعدم الردع عنه ، أم خياراً جعلياً للمتعاقدين من لوازم الاشتراط ، دل على لزومه عمومات نفوذ الشروط ـ لا يجري في النكاح إجماعاً ، ولعدم تمامية الإجماع على ثبوته ، ولمثل‌ صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) : « أنه قال في الرجل يتزوج الى قوم فإذا امرأته عوراء ولم يبينوا له. قال (ع) : لا ترد. وقال : إنما يرد النكاح من البرص ، والجذام ، والجنون ، والعفل » (١) ‌، بناء على أن خيار العيب من قبيل خيار الاشتراط ، لأن الصحة شرط في موضوع النكاح ، كما هي شرط في المبيع ، فاذا دل الدليل على عدم الخيار في غير الموارد المذكورة ، فقد دل على نفي خيار الاشتراط فيه. نعم مورد هذه النصوص شرط الصحة دون غيره من الشروط ، فيحتاج في التعميم لبقية الشروط الى دعوى الإجماع على عدم الفصل ، أو إلغاء خصوصية المورد. وربما يأتي تمام الكلام في المقام في فصل مسائل متفرقة. فانتظر.

ثمَّ إن عدم ثبوت خيار الشرط في النكاح لا يستوجب فساده بفساد‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب العيوب والتدليس حديث : ٦.

٣٢٠