تراثنا ـ العدد [ 101 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 101 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٣١٨

وقد نقلت رواياته بقية المصادر ولكن عند المقارنة نجد أنّ جلّهم قد نقلوا رواياته عن تاريخ الطبري.

وقد ذكره أيضاً عبد الله البحراني (ت١١٣٠هـ) في كتابه العوالم(١).

مرويّات الضحّاك المشرقي كما نقلها الطبري في تاريخه :

إذا كان عقبة بن سمعان يروي وقائع الثورة الحسينية بتفاصيلها الجزئية ضمن حركة الإمام عليه‌السلام من المدينة المنوّرة إلى مكّة إلى العراق إلى كربلاء ، فالضحّاك المشرقي يصف لنا الأيّام الأخيرة وربّما اليوم التاسع والعاشرمنذ التحاقه بالإمام الحسين عليه‌السلام حتّى نهاية المعركة ونجاته من الموت ليصبح راوياً لأحداثها الخطيرة وحسب الاتفاق بينه وبين الإمام الحسين عليه‌السلام ، والحدث وإن كان غريباً إلاّ أنّه يخفي سرّه فالغريب هروب الضحّاك من ساحة المعركة وفي آخر لحظة وفي أحرج الظروف لم تبيّن لنا الروايات كيف طاوعته نفسه فعل ذلك فهناك عدّة احتمالات منها :

١ ـ خوفه من الموت وجبنه.

٢ ـ ارتباطه بعهود وديون للناس كما صرّح في إحدى رواياته عند مجيئه أنّ عليه ديناً ولم يبيّن مقداره وزمانه.

٣ ـ اتفاقه مع الإمام الحسين عليه‌السلام كوسيلة إعلامية ورؤية مستقبلية خوفاًمن تشويه سمعة الثورة.

ويبدو أنّ الاحتمال الثالث أقرب للصحّة وذلك لقبول ورضا الإمام الحسين عليه‌السلام بالحفاظ على نفسه وموافقته للخلاص من القتل ، أمّا خوفه وجبنه فهذا يكذّبه وجوده الفاعل في ساحة المعركة ، فإنّه يمكنه مغادرة

__________________

(١) العوالم : ٢٨٢.

٤١

المعركة منذ البداية والرجوع مع صاحبه الذي رافقه واعتذر عن المشاركة ، وأمّاالاحتمال الثاني : وذلك لأجل الديون ، فإنّ شهادته وهو يقاتل في ساحة المعركة أعظم من إيفاء الديون التي يمكن أن يتجاوزها من يعرف بشهادته مع الإمام الحسين عليه‌السلام ، فالأقرب للصحّة أنّه وسيلة إعلامية لنشر الأحداث الواقعية للثورة الحسينية ، وسير الأحداث دالّة على ذلك في إعداده الفرس بعدأن عقرت الخيل وإخفائه في إحدى الخيم ، ثمّ إشارة الإمام الحسين عليه‌السلام له بالإنصراف فيها دلالة أخرى على ذلك.

لقد روى الطبري في تاريخه ستّ روايات للمشرقي ، كانت الأولى بسندأبي مخنف حدّثه عبد الله بن عاصم الفائشي عن الضحّاك بن عبد الله المشرقي ، ويوضّح الطبري أنّ لقب المشرقي هو بطن من قبيلة همدان.

المرويّات التاريخية للضحّاك بن عبدالله المشرقي في كتاب الطبري :

أوّلاً : نصّ الرواية الأولى يحتوي على جملة : «أنّ الحسين بن عليّ عليه‌السلام جمع أصحابه»(١).

ويبدو من الرواية التي تليها أنّ الجمع لأصحابه كان في المساء ليوم التاسع وليلة اليوم العاشر من المحرّم سنة ٦١هـ ، وهذه الرواية فيها تفصيل مرويّ عن الإمام زين العابدين عليه‌السلام وفيها السماح لأصحابه وأهل بيته بالإنصراف ، وممّا يؤيّد أنّها في ليلة العاشر قوله عليه‌السلام : «ألا وإني أظنّ يومنا من هؤلاء الأعداء غداً ... الخ»(٢).

__________________

(١) تاريخ الطبري ٥ / ٤١٨.

(٢) المصدر السابق ٥ / ٤١٨.

٤٢

والطبري روى الطريق الأوّل عن الضحّاك والآخر عن الإمام زين العابدين عليه‌السلام ، ولم يذكر لنا تفصيلات رواية الضحّاك وربّما كانت متطابقة.

ثانياً : نصّ الرواية الثانية : وهي مرويّة بنفس السند السابق وتبيّن كيفية وصول الضحّاك مع صديق له اسمه مالك بن النضر الأرحبيّ للقاء الإمام عليه‌السلام ، ويحتمل أن اللقاء تمّ في الطريق إلى كربلاء أو في كربلاء نفسها قبل يومين أو يوم واحد من المعركة كما تدلّ على ذلك روايات الضحّاك.

قال الضحّاك : «قدمت ومالك بن النضر الأرحبي على الحسين ، فسلّمنا عليه ثمّ جلسنا إليه فردّ علينا ورحّب بنا وسألنا عمّا جئنا به ، فقلنا : جئنا لنسلّم عليك وندعو الله لك بالعافية ، ونحدث بك عهداً ، ونخبرك خبر الناس ، وإنّا نحدّثك أنّهم قد جمعوا على حربك فَرَ رأيك ، فقال الحسين عليه‌السلام : حسبي الله ونعم الوكيل! قال : فتذمّمنا وسلّمنا عليه ودعونا الله له ، قال : فما يمنعكما من نصرتي؟ فقال مالك ابن النضر : عليّ دين ، ولي عيال ، فقلت له : إنّ عليّ ديناً وإنّ لي لعيالاً ، ولكنّك إن جعلتني في حلٍّ من الإنصراف إذا لم أجد مقاتلاً ، قاتلت عنك ما كان لك نافعاً ، وعنك دافعاً! قال : قال : فأنت في حلٍّ ، فأقمت معه ، فلمّا كان الليل قال : هذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملاً ثم ليأخذ كلّ رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ، تفرّقوافي سوادكم ومدائنكم حتّى يفرّج الله ، فإنّ القوم إنّما يطلبوني ، ولو قدأصابوني لهوا عن طلب غيري ، فقال له إخوته وأبناؤه وبنو أخيه وابنا عبد الله بن جعفر : لِمَ نفعل ، لنبقى بعدك؟ لا أرانا الله ذلك أبداً ، بدأهم بهذا القول العبّاس بن عليٍّ ، ثمّ إنّهم تكلّموا بهذا ونحوه فقال الحسين عليه‌السلام : يا بني عقيل حسبكم من القتل بمسلم اذهبوا قد أذنت لكم ، قالوا : فما يقول الناس!يقولون إنّا تركنا شيخنا وسيّدنا وبني عمومتنا خير الأعمام ولم نرم

٤٣

معهم بسهم ، ولم نطعن معهم برمح ، ولم نضرب معهم بسيف ، ولا ندري ما صنعوا ، لا والله لا نفعل ، ولكن تفديك أنفسنا وأموالنا وأهلونا ، ونقاتل معك حتّى نرد موردك ، فقبّح الله العيش بعدك»(١).

ثالثاً : نصّ الرواية الثالثة : وهي الرواية التي تتحدّث عن موقف الأصحاب من العرض الذي قدّمه الإمام الحسين عليه‌السلام بالسماح لأهل بيته وأصحابه بالانصراف والخلاص من القتل ، هذه الرواية تحمل نفس السند السابق مع خلوّها من لقب الفائشي المتحدّث عن الضحّاك المشرقي ، ونصّها : «قال : فقام إليه مسلم بن عوسجة الأسدي فقال : أنحن نخلّي عنك ولمانُعذِر إلى الله في أداء حقِّك! أما والله حتّى أكسر في صدورهم رمحي ، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ، ولا أفارقك ، ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة دونك حتّى أموت معك ، قال : وقال سعيدبن عبد الله الحنفي : والله لا نخلّيك حتّى يعلم الله أنّا حفظنا غيبة رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم فيك ، والله لو علمت أنّي أقتل ثمّ أحيا ثمّ أحرق حيّاً ثمّ أذر ، يفعل بي سبعين مرّة ما فارقتك حتّى ألقى حمامي دونك ، فكيف لا أفعل ذلك! وإنّما هي قتلة واحدة ثمّ هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً. قال : وقال زهير بن القين : والله لوددت أنّي قتلت ثمّ نشرت ثمّ قتلت حتّى أقتل كذا ألف قتلة ، وإنّ الله يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتية من أهل بيتك ، قال : وتكلّم جماعة من أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضاً في وجه واحدفقالوا : والله لا نفارقك ولكن أنفسنا لك الفداء نقيك بنحورنا وجباهناوأيدينا فإذا نحن قتلنا كنّا

__________________

(١) تاريخ الطبري ٥ / ٤١٨.

٤٤

وفينا وقضينا ما علينا»(١).

رابعاً : نصّ الرواية الرابعة وهي الرواية المروية بنفس السند ، وهي تصف ليلة العاشر من المحرّم وعمل أصحاب الإمام الحسين عليه‌السلام في ليلتهم وهم قيام يصلّون ويستغفرون ويقرأون القرآن ، والرواية تصف أيضاً بعض أعمال جيش عمر بن سعد ومرور الخيل على معسكر الإمام الحسين عليه‌السلاملإشاعة الرعب والخوف في صفوف جيش الإمام الحسين عليه‌السلام ، وفيها دلالة على ضخامة الجيش المحيط بمعسكر الإمام الحسين عليه‌السلام ، وكان بعض جنودجيش عمر بن سعد يسمع تلاوة الإمام عليه‌السلام للقرآن بحيث أنّ أحدهم سمع بعض الآيات القرآنية وردّ عليها والرادّ هو أبو حرب السبيعي عبد الله ابن شهر في رواية الطبري ، ولكن الشيخ المفيد ذكره في الإرشاد باسم عبد الله بن سمير فقد نقل رواية الضحّاك بقوله : «قال الضحّاك بن عبد الله ومرّ بناخيل لابن سعد تحرسنا وأنّ حسيناً عليه‌السلام ليقرأ .. الخ» ويبدو أنّها مختصرة عن الطبري إلاّ في اختلاف الرادّ على الإمام الحسين عليه‌السلام(٢).

أمّا النصّ عن الطبري فهو : «قال : فلمّا أمسى حسين وأصحابه قاموا الليل كلّه يصلّون ويستغفرون ويدعون ويتضرّعون ، قال : فتمرّ بنا خيل لهم تحرسنا ، وأنّ حسيناً ليقرأ : (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ * مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَالْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ)(٣) ، فسمعهارجل من تلك الخيل التي كانت تحرسنا ، فقال : نحن وربِّ الكعبة

__________________

(١) تاريخ الطبري ٥ / ٤٢٠.

(٢) الإرشاد : ٢٣٣.

(٣) سورة آل عمران : ٣ / ١٧٨ ـ ١٧٩.

٤٥

الطيّبون ميّزنا منكم ، قال : فعرفته ، فقلت لبرير بن حضير (خضير في رواية المفيد) : تدري من هذا؟ قال : لا ، قلت : هذا أبو حرب السبيعي عبد الله بن شهر ـ وكان مضحاكاً بطّالاً ، وكان شريفاً شجاعاً فاتكاً ، وكان سعيد بن قيس ربّماحبسه في جناية ـ فقال له برير بن حضير : يا فاسق أنت يجعلك الله في الطيّبين! فقال له : من أنت؟ قال : أنا برير بن حضير ، قال : إنّا لله! عزّ عليّ! هلكت والله هلكت والله يا برير! قال : يا أبا حرب ، هل لك أن تتوب إلى الله من ذنوبك العظام! فوالله إنّا لنحن الطيّبون ، ولكنّكم لأنتم الخبيثون ، قال : وأنا على ذلك من الشاهدين ، قلت : ويحك! أفلا ينفعك معرفتك ، قال : جعلت فداك! فمن ينادم يزيد بن عذرة العَنَزي من عنز بن وائل! قال : ها هو ذا معي ، قال : قبّح الله رأيك على كلّ حال! أنت سفيه ، قال : ثمّ انصرف عنّا ، وكان الذي يحرسنا بالليل في الخيل عزرة بن قيس الأحمسي ، وكان على الخيل ، قال : فلمّا صلّى عمر بن سعد الغداة يوم السبت ـ وقد بلغنا أيضاً أنّه كان يوم الجمعة وكان ذلك اليوم يوم عاشوراء ـ خرج فيمن معه من الناس ، قال : وعبّأ الحسين أصحابه ، وصلّى بهم صلاة الغداة ، وكان معه اثنان وثلاثون فارساً وأربعون راجلاً ، فجعل زهير بن القين في ميمنة أصحابه ، وحبيب بن مظاهر في ميسرة أصحابه ، وأعطى رايته العبّاس بن عليّ أخاه ، وجعلوا البيوت في ظهورهم وأمر بحطب وقصب كان من وراء البيوت يحرق بالنار مخافة أن يأتوهم من ورائهم ، قال : وكان الحسين عليه‌السلام أتى بقصب وحطب إلى مكان من ورائهم منخفض كأنّه ساقية ، فحفروه في ساعة من الليل فجعلوه كالخندق ، ثم ألقوا فيه ذلك الحطب والقصب ، وقالوا : إذا عدوا علينا فقاتلونا ألقينا فيه النار كيلا نؤتى

٤٦

من ورائنا ، وقاتلنا القوم من وجه واحد ، ففعلوا ، وكان لهم نافعاً»(١).

خامساً : نصّ الرواية الخامسة وقد ذكرها الشيخ المفيد في كتابه الإرشاد(٢) ، وهي من الروايات الطويلة ، فهي تصف الأحوال قبيل المعركة وبداية التعرّض من قبل شمر بن ذي الجوشن وكان يهيّىء للبداية ، وفيها خطبة مهمّة جدّاً ويبدو أنّها الخطبة الأولى للامام الحسين عليه‌السلام قبل بداية المعركة ، والرواية عن الضحّاك : «قال : لمّا أقبلوا نحونا فنظروا إلى النار تضطرم في الحطب والقصب الذي كنّا ألهبنا فيه النار من ورائنا لئلاّ يأتونا من خلفنا ، إذ أقبل إلينا منهم رجل يركض على فرس كامل الأداة ، فلم يكلّمنا حتّى مرّ على أبياتنا ، فنظر إلى أبياتنا فإذا هو لا يرى إلاّ حطباً تلتهب النار فيه فرجع راجعاً ، فنادى بأعلى صوته : يا حسين استعجلت النار في الدنيا قبل يوم القيامة! فقال الحسين : من هذا؟ كأنّه شمر بن ذي الجوشن : فقالوا : نعم أصلحك الله هو هو ، فقال : يا بن راعية المعزى ، أنت أولى بها صليّا ، فقال له مسلم بن عوسجة : يا بن رسول الله جعلت فداك : ألا أرميه بسهم فإنّه قد أمكننيوليس يسقط (منّي) سهم ، فالفاسق من أعظم الجبّارين ، فقال له الحسين : لا ترمه ، فإنّي أكره أن أبدأهم ، وكان مع الحسين فرس له يدعى لاحقاًحمل عليه ابنه عليّ بن الحسين ، قال : فلمّا دنا منه القوم عاد براحلته فركبها ، ثمّ نادى بأعلى صوته دعاءً يسمع جلّ الناس : أيّها الناس اسمعوا قوليولا تعجلوني حتّى أعظكم بما لحق [للحق] لكم عليّ ، وحتّى أعتذر إليكم من مقدمي عليكم ، فإن قبلتم عذري وصدّقتم قولي واعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد ولم يكن لكم عليّ

__________________

(١) تاريخ الطبري ٥ / ٤٢١.

(٢) الإرشاد : ٢٣٣.

٤٧

سبيل ، وإن لم تقبلوا منّي العذر ولم تعطوا النصف من أنفسكم (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلاَ تُنْظِرُونِ)(١) ، (إِنَّ وَلِيِّي اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ)(٢) ، قال : فلما سمع أخواته كلامه هذاصحن وبكين وبكى بناته فارتفعت أصواتهن فأرسل إليهن أخاه العبّاس بن علي وعلياً ابنه وقال لهما : اسكتاهنّ ، فلعمري ليكثرنّ بكاؤهنّ ، قال : فلمّا ذهبا ليسكتاهنّ قال : لا يبعد ابن عبّاس قال : فظنّنا أنّه إنّما قالها حين سمع بكاؤهنّ لأنّه قد كان نهاه أن يخرج بهنّ ، فلمّا سكتن حمد الله وأثنى عليه ، وذكر الله بما هو أهله ، وصلّى على محمّد صلّى الله عليه وعلى ملائكته وأنبيائه فذكر من ذلك ما الله أعلم وما لا يحصى ذكره ، قال : فوالله ما سمعت متكلّماً قطّ قبله ولا بعده أبلغ في منطق منه ، ثمّ قال : أمّا بعد فانسبوني فانظروا من أنا ، ثمّ ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها فانظرواهل يحلّ لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟ ألست ابن بنت نبيّكم صلّى الله عليه (وآله) وسلّم وابن وصيّه وابن عمّه وأوّل المؤمنين بالله والمصدّق لرسوله بما جاء به من عند ربّه ، أو ليس حمزة سيّد الشهداء عمّ أبي ، أو ليس جعفر الشهيد الطيّار ذو الجناحين عمّي ، أوَلم يبلغكم قول مستفيض فيكم : إنّ رسول الله صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم قال لي ولأخي : «هذان سيّدا شباب أهل الجنّة» ، فإن صدّقتموني بما أقول ـ وهو الحقّ ـ فوالله ما تعمّدت كذباً مذ علمت أنّ الله يمقت عليه أهله ، ويضر به من اختلقه ، وإن كذّبتموني فإنّ فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم ، سلوا جابربن عبد الله الأنصاري ، أو أبا سعيد الخدري ، أو

__________________

(١) سورة يونس : ١٠ / ٧١.

(٢) سورة الأعراف : ٧ / ١٩٦.

٤٨

سهل بن سعد الساعدي ، أوزيد بن أرقم ، أو أنس بن مالك ، يخبروكم أنّهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم لي ولأخي ، أفما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي ، فقال له شمر بن ذي الجوشن : هو يعبد الله على حرف إن كان يدري ما يقول ، فقال له حبيب ابن مظاهر : والله إنّي لأراك تعبد الله على سبعين حرفاً ، وأنا أشهد أنّك صادق ما تدري ما يقول ، قد طبع الله على قلبك ، ثمّ قال لهم الحسين : فإن كنتم في شكٍّ من هذا القول أفتشكون أثراًماإنّي ابن بنت نبيّكم ، فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيٍّ غيري منكم ولا من غيركم ، أنا ابن بنت نبيّكم خاصّة أخبروني ، أتطلبوني بقتيل منكم قتلته أو مال بكم استهلكته أو بقصاص من جراحة؟ قال : فأخذوا لايكلّمونه ، قال : فنادى : يا شبث بن ربعي ، ويا حجّار بن أبجر ، ويا قيس بن الأشعث ويا يزيد ابن الحارث ، ألم تكتبوا الي قد اينعت الثمار واخضرّالجناب وطمّت الجمام ، وإنّما تقدم على جند لك مجنّدة فأقبل ، قالواله : لم نفعل ، فقال : سبحان الله! بلى والله لقد فعلتم ، ثمّ قال : أيّها الناس ، إذكرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمني من الأرض ، قال : فقال له قيس بن الأشعث : أوَ لا تنزل على حكم بني عمّك فإنّهم لن يروك إلاّ ما تحبّ ، ولن يصل إليك منهم مكروه ، فقال الحسين : أنت أخو أخيك ، أتريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم ابن عقيل ، لا والله لا أعطيهم بيدي إعطاءالذليل ولا أقرّ إقرار العبيد ، عباد الله إنّي عذت بربّي وربّكم أن ترجمون ، أعوذ بربّي وربّكم من كلّ متكبّر لا يؤمن بيوم الحساب ، قال : ثمّ إنّه أناخ راحلته وأمر عقبة بن سمعان فعقلها وأقبلوا يزحفون نحوه»(١).

__________________

(١) تاريخ الطبري ٥ / ٤٢٣ ـ ٤٢٦.

٤٩

سادساً : نصّ الرواية السادسة ، وهذه الرواية تصف نجاة الضحّاك ابن عبد الله المشرقي ، وهي تصف أيضاً اللحظات الأخيرة من معركة الطفّ ، وهي بنفس السند السابق ونصّ الرواية هو : «قال : لمّا رأيت أصحاب الحسين قدأصيبوا ، وقد خلص إليه وإلى أهل بيته ، ولم يبق معه غير سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخثعمي وبشير بن عمرو الحضرمي قلت له : يا بن رسول الله ، قد علمت ما كان بيني وبينك قلت لك : أقاتل عنك ما رأيت مقاتلاً ، فإذا لم أر مقاتلاً فأنا في حلٍّ من الإنصراف ، فقلت لي : نعم ، قال : فقال : صدقت ، وكيف لك بالنجاء! إن قدرت على ذلك فأنت في حلٍّ ، قال : فأقبلت إلى فرسي وقد كنت حيث رأيت خيل أصحابنا تعقر ، أقبلت بها حتّى أدخلتها فسطاطاً لأصحابنا بين البيوت ، وأقبلت أقاتل معهم راجلاً ، فقتلت يومئذ بين يدي الحسين رجلين وقطعت يد آخر ، وقال لي الحسين يومئذ مراراً : لا تشلل لا يقطع الله يدك ، جزاك الله خيراً عن أهل بيت نبيّك صلّى الله عليه وسلّم ، فلمّا أذن لي استخرجت الفرس من الفسطاط ثمّ استويت على متنها ، ثمّ ضربتها حتّى إذا قامت على السنابك رميت بها عرض القوم ، فافرجوا لي وأتبعني منهم خمسة عشر رجلاً حتّى انتهيت إلى شُفيّة ـ قرية قريبة من شاطئ الفرات ـ فلمّا لحقوني عطفت عليهم فعرفني كثيربن عبد الله الشعبي وأيّوب بن مشرح الخيواني وقيس بن عبد الله الصائدي ، فقالوا : هذا الضحّاك بن عبد الله المشرقي ، هذا ابن عمّنا ، ننشدكم الله لما كففتم عنه ، فقال ثلاثة نفر من بني تميم كانوا معهم : بلى والله لنجيبنّ إخواننا وأهل دعوتنا إلى ما أحبّوا من الكفّ عن صاحبهم ، قال : فلمّا تابع التميميّون أصحابي كفّ الآخرون ، قال : فنجّاني الله»(١).

__________________

(١) تاريخ الطبري ٥ / ٤٤٤.

٥٠

الخلاصة :

بعد هذا الاستعراض لمرويّات عقبة بن سمعان والضحّاك ابن عبد الله المشرقي ، يمكن الوصول إلى النتائج الآتية :

١ ـ الاهتمام بروايات الشاهد التاريخي وتحليلها والوصول عن طريقهاإلى أقرب الحقائق التاريخية.

٢ ـ أهمّية مرويّات عقبة بن سمعان التاريخية التي تحمل المصداقية ، وذلك لورود توثيقات بحقّه ، مضافاً إلى ذلك أنّه من المواكبين للمسيرة الحسينية منذ انطلاقها إلى نهايتها ، فقد حمل صورها حيّة في ذاكرته وهو من الثقات.

٣ ـ أهمّية مرويّات الضحّاك المشرقي تنبع من وصفه للواقعة بدقّة قبيل المعركة وفي أثنائها ، ويبدو اهتمام الطبري بها لأنّ من منهجيته رواية الأحداث من زوايا متعدّدة مع الاهتمام بروايات الشاهد التاريخي.

٥١

المصادر والمراجع

١ ـ القرآن الكريم.

٢ ـ إبصار العين في أنصار الحسين عليه‌السلام : للسماوي ، محمّد بن طاهر ، تحقيق : محمّدجعفر الطبسي ، قم ، زمزم هدايت ، ١٤٢٣هـ.

٣ ـ الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد : للشيخ المفيد ، أبو عبد الله محمّد ابن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي (ت٤١٣هـ) ، تحقيق : مؤسسة آل البيت عليهم‌السلاملإحياء التراث.

٤ ـ إقبال الأعمال : لابن طاووس ، علي بن موسى بن جعفر (ت٦٦٤هـ) ، تحقيق : جوادالقيّومي الإصفهاني ، قم ، مكتب الإعلام الإسلامي ، ١٤١٦هـ.

٥ ـ الإمام الحسين عليه‌السلام في كربلاء : للمولائي ، عزّت ومحمّد جعفر الطبسي ، قم ، مركز الدراسات الإسلامية ، ١٤٢٥هـ.

٦ ـ الإمام الحسين في المدينة المنوّرة ورحلته إلى مكّة المكرّمة : للشاوي ، علي ، قم ، مركز الدراسات الإسلامية ، ١٤٢٥هـ.

٧ ـ أنصار الحسين دراسة عن شهداء ثورة الحسين الرجال والدلالات : لشمس الدين ، محمّد مهدي ، بيروت ، دار الفكر ، ١٩٧٥م.

٨ ـ البداية والنهاية : لابن كثير ، أبو الفداء إسماعيل الدمشقي (ت٧٧٤هـ) ، بيروت : دارإحياء التراث العربي ، ١٤٠٨هـ.

٩ ـ تاريخ الخلفاء : للسيوطي ، عبد الرحمن بن أبي بكر (ت٩١١هـ) ، بغداد ، مطبعة منير.

٥٢

١٠ ـ تاريخ الرسل والملوك : للطبري ، أبو جعفر محمّد بن جرير (ت٣١٠هـ) ، القاهرة ، دار المعارف ، ١٩٦٠م.

١١ ـ تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلّها من الأماثل أو اجتاز بنواحيهامن وارديها وأهلها : لابن عساكر ، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي (ت٥٧١هـ) ، تحقيق : علي شيري ، بيروت ، دار الفكر ، ١٤١٥هـ.

١٢ ـ تاريخ اليعقوبي : لليعقوبي ، أحمد بن إسحاق بن جعفر بن واضح (ت٢٩٢هـ) ، علّق عليه : خليل المنصور ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، ١٤١٩هـ.

١٣ ـ حياة الإمام الحسين عليه‌السلام دراسة وتحليل : للقرشي ، باقر شريف القرشي ، قم ، شريعة ، ١٤٢٧هـ.

١٤ ـ رجال الطوسي : للشيخ الطوسي ، أبو جعفر محمّد بن الحسن (ت٤٦٠هـ) ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، ١٤١٥هـ.

١٥ ـ روضة الواعظين : للفتّال ، محمّد النيسابوري (ت٥٠٨هـ) ، تحقيق : محمّد مهدي الخرسان ، قم ، منشورات الرضا.

١٦ ـ علم التاريخ ومناهج المؤرّخين في علم التاريخ نشأةً وتدويناً ونقداً وفلسفة ومناهج كبار مؤرّخي الإسلام : لعبد الحميد ، صائب ، بيروت ، الغدير ، ١٤٢١هـ.

١٧ ـ العوالم : للبحراني ، عبد الله (ت١١٣٠هـ) ، قم ، أمير ، ١٤٠٧هـ.

١٨ ـ مختصر كتاب البلدان : لابن الفقيه ، أبو بكر أحمد بن محمّد الهمذاني (ت٣٤٠هـ) ، بيروت ، دار إحياء التراث العربي ، ١٤٠٨هـ.

١٩ ـ المزار : للشهيد الأوّل ، أبو عبد الله محمّد بن مكّي العاملي (ت٧٨٦هـ) ، تحقيق : مدرسة الإمام المهدي ، قم ، مدرسة الإمام المهدي ، ١٤١٠هـ.

٢٠ ـ معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة : للسيّد الخوئي ، أبو القاسم الموسوي (ت١٤١٣هـ).

٥٣

٢١ ـ معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع : للبكري الأندلسي ، أبو عبيد عبدالله بن عبد العزيز (ت٤٨٧هـ) ، تحقيق : مصطفى السقّا ، بيروت ، عالم الكتب ، ١٤٠٣هـ.

٢٢ ـ الملهوف على قتلى الطفوف : تحقيق : فارس الحسّون ، قم ، أُسوة ، ١٤٢٢هـ.

٢٣ ـ مناقب آل أبي طالب : لابن شهرآشوب ، أبو جعفر محمّد بن علي السروي (ت٥٥٨هـ) ، تحقيق : لجنة من الأساتذة ، النجف الأشرف ، الحيدرية ، ١٣٧٦هـ.

٢٤ ـ موارد تاريخ الطبري : لعلي ، جواد ، مجلّة المجمع العلمي العراقي ، السنة الأولى١٣٦٩هـ/١٩٥٠م ، بغداد ، مطبعة التفيض ، ١٣٦٩هـ.

٢٥ ـ المؤرّخ الطبري من منظور استشراقي : للحكيم ، حسن عيسى.

٢٦ ـ نقد الرجال : للتفرشي ، مصطفى بن الحسين الحسيني (ت١٠٣٠هـ) ، قم ، ستارة ، ١٤١٨هـ.

٢٧ ـ وقائع الطريق من مكّة إلى كربلاء : للطبسي ، محمّد جواد ، قم ، سبهر انديشة ، ١٤٢٥هـ.

٥٤

الأشعار والأرجاز التي

قيلت في وقعة الجمل

الدكتور عبد الإله العرداوي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه ، وسيد رسله محمد الأمين (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.

وبعد :

فقد وقعت حرب الجمل في أوائل حكم الإمام علي عليه‌السلام سنة ست وثلاثين للهجرة ، وهي من الوقائع التاريخية التي لها أهمية كبرى في التاريخ الإسلامي ، إذ إنها أوّل حرب كانت بين طائفتين من المسلمين ، وأوّل خروج واضح عن السلطة الشرعية للدولة ، فهي معركة قامت بين إمام عادل جامع للشرائط والأحكام بايعه الناس عن قناعة وطواعية ; وبين فئة خارجة على إمام زمانها مستندة على واقعها المنبعث عن الطمع ، والأثرة ، والنفعية المحضة ، وقد وصف القرآن هذه الفئة الخارجة بـ : (البغاة) في قوله تعالى : (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا

٥٥

عَلَى الأخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ الله)(١) وسماهم الرسول (صلى الله عليه وآله) عندما خاطب الإمام علي عليه‌السلام بـ : الناكثين ، «تقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين»(٢). لقد كانت هذه الوقعة مدعاة للتفكر والتدبر في كيفية تخريج الأحكام الفقهية المترتبة على الأسرى وغيرهم ، ولذا نرى أحدهم يقول : «لولا سيرة أمير المؤمنين عليه‌السلام في أهل البغي ما كنا نعرف أحكامهم»(٣) وليس من شأننا الغور بتفاصيل تلك الأحكام(٤) وإنّما همّنا الشعرفي هذه الوقعة الذي كان له دور فاعل ، وتأثير عميق في المواقف المختلفة لها ـ الحرب ـ عند كلا الجانبين ، فضلا عن تأثيرها في المتلقي.

إذن ... كانت وقعة الجمل ، وكان أخذ الثأر لعثمان هو الحجة الواهية ، وكانت عائشة (الأم) الرمز المخدوع في أحسن الأحوال ، فكان ما كان من أحداث تلك الوقعة.

منهج التحقيق :

بالنظر للأهمية الكبرى لوقعة الجمل في التاريخ الإسلامي ـ كما ذكرنا سابقاً ـ فقد لقيت عناية خاصة من مؤلفي التاريخ ورواته (٥) وصنفوا لها كتبا مستقلة أشبعتها بحثا وتنقيباً ، وقد أفاض محقق كتاب وقعة الجمل (الغلابي) بذكر مسرد للكتب التي حملت اسم الجمل (٦) وأغلب هذه الكتب

__________________

(١) سورة الحجرات : ٩.

(٢) ينظر : المستدرك : ٣/١٣٩ ، والاستيعاب : ٣/٥٣ ، وكفاية الطالب : ١٨٦ ، وأسد الغابة : ٤/٣٣.

(٣) شرح الأصول الخمسة : ١٤١.

(٤) ينظر تفصيل الأحكام المتعلقة بها في كتاب : الجمل (المفيد) : ٥٠ وما بعدها.

(٥) ينظر مثلاً : تاريخ الطبري ما يتصل بحوادث سنة ٣٦هـ.

(٦) ينظر : وقعة الجمل (الغلابي) : ٨ ـ ١٤.

٥٦

لما يطبع بعد ، إذ إن أكثرها مفقود ، والمطبوع منها لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة(١) والشعرفي هذه الكتب لم يستوف كل ما قيل في هذه الوقعة ، وكذلك كتب التاريخ والتراجم والأدب التي انتقى مؤلّفوها ما يلائم طبيعة ما يرونه من المواقف المختلفة من تلك الوقعة ، فضلا عن المنهجية التي ساروا عليا في سردأحداثها ، وبذلك كنّا نجد بعض الأبيات تروى في بعض المصادر ، ولا تروى في أخرى ، وهكذا.

كل تلك الأسباب كانت دافعاً قوياً لجمع أشعار تلك الوقعة ، ولم أشتاتهاالمتفرقة بين تلك الكتب.

أما منهج التحقيق ، فكان عملي في التحقيق متجها إلى هدف رئيس ، هومحاولة جمع كل النصوص الشعرية لوقعة الجمل من دون دراسة تلك النصوص وتحليلها. إذ من المؤمل أن تكون هنالك دراسة مستقلة عنها(٢) ويتضمن المنهج الآتي :

١ ـ وضع أرقام متسلسلة للقصائد والمقطوعات والأبيات المفردة والأرجاز.

٢ ـ ترتيب الأشعار والأرجاز على حروف المعجم.

٣ ـ تصديرها باسم القائل ، أو القائلة ، ثم الوزن الذي نظمت عليه.

٤ ـ تخريج الأبيات من مظانها مراعيا المنهج التاريخي فيها معتمدا على سني وفاة المؤلّفين بوصفه المعيار لهذا المنهج.

__________________

(١) منها : الجمل وصفين والنهروان والفتنة ووقعة الجمل (الغلابي) والجمل (المفيد) ووقعة الجمل (ضامن).

(٢) سوف تسجل رسالة ماجستير عن الشعر في وقعة الجمل يتناول فيها الباحث دراسة الجوانب الفنية لها يتخللها الشرح والتعليق على الأبيات.

٥٧

٥ ـ ذكر اختلاف رواية الأبيات في مظانها مثبتا في المتن ما أراه مرجحا ، ومراعيا في ذلك الرواية والحدث الذي قيلت فيه واتجاه الشاعر الفني الذي حاولت جاهداً أن أتلمسه من خلال القراءة المتأنية الناقدة للنص.

٦ ـ ولكثرة الشعراء في حرب الجمل ، وكون أغلبهم من المغمورين ، كان لزاماً عليّ أن أضع في نهاية الأبيات ترجمة لهؤلاء الشعراء ، ولم يفتني منهم إلاّ النزر اليسير ، وقد صَدّرت لتلك الترجمة بالرمز (*).

٧ ـ وفي خاتمة المطاف كان ثبت المصادر والمراجع التي استعنت بها في الأشعار والارجاز ، أو التراجم.

وختاماً : أحمد الله كثيراً على آلائه ونعمه عليّ للقيام بهذا العمل ، فله الحمد أولاً وآخراً ، وإن كان من باب الشكر والامتنان يطيب لي أن أشكر من ساعدني في جمع وتحقيق هذا الشعر ، وهي مجموعة من المكتبات ساهموا في إنجازه بهذه الحلة القشيبة ، وهي : مكتبة الروضة الحيدرية في الحرم العلوي عليه‌السلام المطهر ، ومكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام العامة ، ومكتبة الإمام الحكيم قدس‌سره العامّة ، والمكتبة الأدبية المختصة ، فلا يسعني إلاّ أن أتقدم إلى العاملين فيها بالشكر الجزيل ، والثناء الجميل ، وأشكر كلّ الذين لم يبخلوا بكل مساعدة ممكنة.

وأخيراً : فإن وفقت في عملي ، فهو المؤمل والمرتجى ، وإن لم أوفق ، فهذاقدر وسعي ، والله ولي التوفيق من قبل ، ومن بعد.

الدكتور عبد الإله عبد الوهاب العرداوي

النجف الأشرف

٢١ رمضان ١٤٢٧ هـ

٥٨

الأشعار

(حرف الهمزة)

* قال عمير بن الأهلب :

(من الطويل)

لقد أوردتنا حومة الموت أمنا

فلم ننتصر إلاّ ونحن رواء

نصرنا قريشا ضلة من حلومنا

ونصرتنا أهل الحجاز عناء

لقد كان في نصر ابن ضبة أمة

وشيعتها مندوحة وغناء

نصرنا بني تيم بن مرّة شقوة

وهل تيم إلاّ أعبد وإماء

التخريج : أنساب الأشراف : ٢٦٦ ، ومكارم الأخلاق : ٦٩ ، والتعازي والمراثي : ١٥١ ، وتاريخ الطبري : ٣/٥٣٢ ، والفتوح : ٢/٤٨٥ ، ومروج الذهب : ٢/٣٧٩ ، والفصول المختارة : ٨٧ ، وتجارب الأمم : ١/٥٠١ ـ ٥٠٢ ، وتذكرة الخواص : ٨٢ ، والكامل في التاريخ : ٣/٢٥٢ ، وتاريخ مدينة دمشق : ٢١/١٠٤ ـ ١٠٥ ، ووقعة الجمل (ضامن) : ١٤٣ ، وخاتمة المستدرك : ١/٢٣١ ، وأعيان الشيعة : ١/٤٦٠ ، وقاموس الرجال : ١٢/٢٩٠ ، وأحاديث أم المؤمنين عائشة : ١/٢٣٤ ـ ٢٣٥ ، ومواقف الشيعة : ١/٥٣ ، وحياة الإمام الحسين عليه‌السلام : ٢/٤٩.

الاختلافات : في أنساب الأشراف : أطعنا قريشا ... وشيعتها مندوحة ومباء ، أطعنا بني ... وما التيم إلاّ ... ، في مكارم الأخلاق : ورد البيت(١) و (٢) أطعناقريشا ... ، في التعازي والمراثي : فما صدرت ... ، أطعنا قريشا ... ، لقد كان عن ... ، أطعنا بني ... ، في تاريخ الطبري : ورد البيت(١)

٥٩

و (٣) و (٤) في الفتوحومروج الذهب قاموس الرجال : ورد البيت(١) و (٤) أطعنا ببني تيم لشـقوة جدنا وما تيم ... ، في تجارب الأمم : ورد البيت(١) و (٤) و (٣) أطعنا بني تيم لشقوة جدنا وما تيم ... ، في تذكرة الخواص : ورد البيت(١) و (٢) في تاريخ مدينة دمشق : أطعنا قريشا ... وأشياعها مستبعد ومناء ، كفينا ببني تيم بن مرّة ما جنت وما تيم ... ، مع اختلاف في ترتـيب الأبيات ، في وقعة الجمل (ضامن) : ورد البيت(١) و (٤) في أحاديـث أم المؤمنين عائشة : ورد البيت(١) و (٣) و (٤) في حياة الإمام الحسين عليه‌السلام : ورد البيت(١) و (٤) لقد أورثتنا حومة ... ، أطعنا بني تيم لشقوة جدنا وما تيم ....

(حرف الباء)

* قال ابن عم مسلم بن عبد الله :

(من الطويل)

تناوله شقي منهم بضربه

أبان بها يمناه حتى تصوب

ويضربه أخرى فطارت شماله

وفي الله ما يلقى وما يتحبب

ويحتضن القران منه بصدره

فيحضنه من عند من يتنصب

ملاه دما من نحره وذراعه

وأنبت فيه سيفه لا يكذب

عتو على الرحمن إذ قال قائل :

إلى الله حقا ربنا يتقرب

فقاموا إلى نور القران وعدله

وفي الله طلب الرضا وفي الله يغضب

فغودر مطروحا إلى الله روحه

مستشهدا والجسم يوطى ويسلب

فطوبى لها من قتلة طاب أجرها

لأمثالها في الله يسعى ويطلب

التخريج : تاريخ الطبري : ٥/٢١٦ ، والفتوح : ٢/٣١٦ ، ومروج الذهب : ٢/١٣.

٦٠