القرآن والطبّ الحديث

الدكتور صادق عبدالرضا علي

القرآن والطبّ الحديث

المؤلف:

الدكتور صادق عبدالرضا علي


الموضوع : الطّب
الناشر: دار المؤرّخ العربي
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٤

أما الرجال فكل واحد منهم يبذل الجهد والمال لكي تكون علاقاته وروابطه مع أقربائه وعشيرته جيدة وحسنة ، يسودها الاحترام والمحبة والعون والمساعدة في أغلب الحالات والأحيان.

ولكننا نرى هذا الإنسان ذا الروابط الأجتماعية القوية ، يتصرف تصرفا مغايرا لما تعوّد عليه حينما يرى بام عينيه قيام الساعة ومنظرها المهول الذي يجعل العقل حائرا والصبر نافذا ، فينسى في لحظات كل شيء كان في عقله.

ويبدأ بالتصرف وفق قانون الغريزة وحب البقاء ، ولم يعد يفكر إلّا بنفسه وكيفية خلاصها ونجاتها من المرتقب المجهول ، ولو كان ذلك على حساب أعز الناس إليه ، كالأولاد والزوجة والاخوان والعشيرة ، بل وحتى كل الناس.

سلوك مغاير ، وتبدل عجيب طرأ على ذلك الانسان المدهوش من قوة الصدمة النفسية ، حيث جعلت منه إنسانا ضيق الافق ، أناني النزعة ، يضحي بكل غال وعزيز في سبيل الخلاص من تلك الساعة ، متناسيا ما كان يحمله في الماضي من محبة وحنان وإخلاص ، فأصبح الآن تسيطر عليه الأنانية وحب الذات ، وتحولت عواطفه الروحية والانسانية إلى نزعة نرجسية لا مكان فيها للايمان ولا همّ لها سوى النجاة والخلاص.

هكذا إنسان تغلبت عليه عقدة حب النفس أصبح من الخطورة والاستعداد لأن يفعل أيّ شيء ويضحي بكل شيء في سبيل إنقاذ نفسه ، والحفاظ عليها ، ولتكن فديته أقرب وأحب الناس إلى قلبه وعقله.

يا له من تبدل وتحول وانقلاب نفسي حاد ومفاجىء يطرأ على واقع الأنسان ومفهومه الشخصي نتيجة رؤيته ذلك المنظر المخيف ، وتلك الصورة المفزعة ، فأصبح لا يفكر إلّا بنجاة نفسه ولو على حساب جميع أهل الأرض. وهذه هي قمة (الذات النرجسية عند الأنسان ، وتسمى طبيا ب Socioputhy)) (١).

__________________

(١) Davidson\'s principles and practice of midicin.

٨١
٨٢

الفصل الثاني

علم التغذية الصحيّة

الغذاء : هو المادة الأساسية لبناء جسم الأنسان وإدامة فعاليته ، فهو يتكون من مركبات مختلفة : كالبروتينات والنشويات والدهنيات والأملاح والمعادن والفيتامينات والماء.

ومشكلة الغذاء قديمة قدم الدهر ، ومنذ ظهور الإنسان على وجه الأرض ، ولكنها أصبحت مشكلة اساسية في عالمنا المعاصر ، نظرا لأزدياد الكثافة السكانية ، ومحدودية رقعة الأرض المزروعة ، وزيادة الأراضي التي يشغلها الأنسان لأغراضه الخاصة والعامة ، وزيادة الأراضي الغير صالحة للزراعة.

كل هذه الامور جعلت من الغذاء أحد المواضيع الرئيسية التي تشغل بال المفكرين والباحثين في العالم ، لإيجاد البدائل الكفيلة التي تساعد على تلافي النقص الشديد في كمية الغذاء. وزيادة مساحات من الأرض قابلة للزراعة ، والاهتمام بنوعية وكمية الغداء المنتج تجنبا لحدوث مجاعة عامة من جهة ، وللحصول على غذاء مناسب وجيد يحفظ سلامة جسم الانسان من جهة اخرى.

من أجل هذا قامت المنظمات الدولية بإنشاء هيئات متخصصة للبحث والمراقبة ، لغرض تطوير الانتاج الزراعي والغذائي ، مما حدا ببعض الدول إلى أن تقوم بإنشاء الكليات والمعاهد الزراعية والغذائية ومراكز البحوث المختلفة ، للحفاظ على البيئة الزراعية بغية الحصول على غذاء كاف يسد حاجات الملايين من البشر.

وبما أنّ الغذاء مادة أساسية ، ولا بدّ من أن تتوفر فيه المستلزمات الضرورية للجسم لإدامة فعاليته والحفاظ عليها ، فعليه يجب أن تكون كمية ونوعية الغذاء متناسبة لا تطغى الواحدة على الاخرى.

٨٣

لأن الاسراف في كمية الغذاء يؤدي إلى أمراض عديدة منها : السمنة ومضاعفاتها ، كما أنّ قلته تؤدي أيضا إلى الهزال والضعف ، وما يترتب عليه من الاصابة بأمراض مختلفة ، وضعف المقاومة.

ولهذا يجب أن يكون الغذاء متعدد النوعية ومناسبا ومتوازنا في كمية الطاقة المعطاة هذا إذا علمنا أنّ جسم الانسان العادي بحاجة إلى (٣٠٠٠) سعرة حرارية في الرجل المتوسط الجسم والفعالية. كما أنّ المرأة تحتاج إلى (٢٢٠٠) سعرة حرارية في المتوسط.

والقرآن الكريم لفت نظر الانسان في العديد من آياته إلى أهمية الغذاء كشيء ضروري للانسان ، مؤكدا على ضرورة ملاحظة الأضرار الناجمة عن تناول بعض المواد الغذائية الضارة ، لا سيما فيما يتعلق بتناول الخمر الذي أصبح الآفة القاتلة لكثير من المجتمعات في الوقت الحاضر.

كما ركز القرآن في بعض آياته على بعض المواد الغذائية باعتبارها مادة ضرورية مهمة لما لها من فوائد كثيرة للانسان : كالعسل والتمر والعنب والرمان. وهنا تتجلى الألطاف الإلهية على هذا الانسان المخلوق.

وبهذه التعاليم تميز القرآن الكريم عن غيره من الكتب السماوية ، وهو بهذا لا يساميه أو يقاربه كتاب آخر في تأثيره وهدايته ، ولا في موضوعه وسمو أغراضه ، ومن ثمّ كان سيّد الكتب وأفضلها على الاطلاق. فإنه لا منجاة إلّا به ، لأنه الروح الذي به الحياة ، وبفقده الموت. ولا يتم الأنتفاع به إلّا إذا تعاهده المرء بالتلاوة والتدبر ، وتأثرت به نفسه ، وخشع له قلبه ، وعاش في جوّه واستظل بظله الظليل. ومن ثم يلفت الأنظار إلى تذكر نعمته بإنزال كتابه الجامع للحكمة ، والموعظة الحسنة :

(وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ) (١).

__________________

(١) سورة البقرة : الآية ٢٣١.

٨٤

(يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (١).

(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ) (٢).

(فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ) (٣).

(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ ..) (٤).

(وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ... يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (٥).

(وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا) (٦).

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (٧).

* * *

__________________

(١) سورة الأعراف : الآية ٣١.

(٢) سورة عبس : الآية ٢٤.

(٣) سورة الكهف : الآية ١٩.

(٤) سورة المائدة : الآية ٣.

(٥) سورة النحل : الآية ٦٨ ـ ٦٩.

(٦) سورة مريم : الآية ٢٥.

(٧) سورة البقرة : الآية ١٨٣.

٨٥

الموضوع الأول

«الكحول»

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (١).

(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) (٢).

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) (٣).

الكحول : هو المادة المعروفة بالكحول الأثيلي ، وشربه يؤدي إلى السكر وفقدان العقل. ويكون سريع الامتصاص عند تناوله ، حيث يبدأ هذا الامتصاص عن طريق الفم والمعدة والأمعاء حتى يصل الدم ، وعندها ينتشر في أنسجة الجسم المختلفة وخصوصا الدماغ حيث يتركز فيه أكثر من غيره من سائر الأعضاء ويؤثر فيه بسرعة.

وتأثير الكحول على الانسان يتناسب طرديا مع الكمية المتناولة منه ومدتها ، فكلما كانت الكمية كبيرة أصبح التأثير كبيرا وخطيرا ، مما يؤدي إلى التسمم بأنواعه المختلفة.

يذهب العلم الحديث إلى أنّ الادمان على الخمر يسبب تحول الخلايا الكبدية الحية إلى ألياف ميتة لا فائدة للجسم منها ، وينتج عن ذلك استسقاء البطن ، كما يؤدي إلى تصلب الشرايين ، وما يتبعه من مضاعفات كأمراض القلب والكلى والنزيف المخي.

__________________

(١) سورة المائدة : الآية ٩٠ ـ ٩١.

(٢) سورة البقرة : الآية ٢١٩.

(٣) سورة النساء : الآية ٤٣.

٨٦

يقول الدكتور (كيلبرج) في كتاب (الاستعمال الطبي للخمر) : «من كان عنده أقل ريب أو ظل للشك في أنّ الخمر سم ، فليعتبر بما يكون عند وصولها للمعدة ، فإنّ الغشاء المخاطي يصير محتقنا ويخرج مقدارا من المخاط ليحمي نفسه ، وترى غدد المعدة وقواها الدافعة تسرع في إخراج ما وصل إليها بأسرع ما يكون».

ويقول الدكتور (مار) الاسكوتلاندي : «إنّ الخمر لا تشفي شيئا».

ويقول الدكتور أمام الجمعية الطبية البريطانية : «لا أعلم مرضا قط شفى بالخمر» (١).

كان الخمر شائعا في العصر الجاهلي ، ولما جاء الاسلام حرّم شربه لمضاره الشخصية والاجتماعية والدينية التي تحدث جراء تناوله. فتخلّص المسلمون من أكبر آفة إجتماعية كانت تنخر في أوصالهم سابقا ، ثم المجتمعات الاسلامية بشكل عام في الوقت الحاضر ، وغير الاسلامية ـ بشكل خاص ـ كالولايات المتحد الأمريكية والدول الأوروبية وغيرها ، وما رافق ذلك من آثار مدمرة وسيئة حولت المجتمع إلى مجتمع مريض تضرب على أطنابه الفوضى بسبب الادمان والاعتياد الذي أوجده شرب الخمر ، حتى أخذ بنيان المجتمع يتداعى ، وكيان الاسرة ينهدم ، وكمال الشخصية يتحطم ، مما أجبر بعض الحكومات والدول على إيجاد حلول لتلك الآفة ، إلّا أنّ جهودهم باءت بالفشل الذريع لأنّ الحلول الوضعية لا تحل محل تعاليم الاسلام المجيد.

إنّ المسلم يزداد إيمانا بعظمة الشرع الاسلامي ، ويقينا بحكمة الله ، وكمال منهجه الذي حرم الخمر وجعله رجسا من عمل الشيطان. وسمّى الخمر «ام الخبائث».

إنّ هذا التحريم لم يكن عبثا ـ تعالى الله عن ذلك ـ ولم يكن إنتقاما من البشر ، ولا تضييقا عليهم ، بل كان ضروريا لتربية «الشخصية» المتماسكة أمام الاغراء ، وأمام الشهوات .. الشخصية التي تتصرف بإرادة العقل ، لا باندفاع الغريزة ..

__________________

(١) مجلة الدواجن : العدد (٣٩) آذار ١٩٧٠ م.

٨٧

الشخصية التي تراقب الله في كل تصرف. أو نية تصرف ، بحيث تزن أقوالها وأفعالها ورغباتها كلها بميزان «التقوى» وتستحضر «الآخرة» في كل ما تفعله أو تريد أن تفعله ، يستوي في ذلك الشؤون الشخصية والاجتماعية.

أما فيما يتعلق بعقوبة تعاطي الخمر ، فليس في القرآن الكريم ، أو في كلام رسول الله (ص) نص يذكرها. وحددها أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب (ع) بثمانين جلدة ، معلّلا إياها على النحو التالي : «إنّه إذا شرب سكر ، وإذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، فأرى عليه حد المفترين» (١).

فتحريم الخمر في الأسلام وجد له صدى روحيا عند المسلمين ، لأنّ التأثير النفسي والايمان الروحي في الأسلام جعلهم يلتزمون بالتعاليم الالهية بصدق وصراحة وإصرار ، ويعزفون عن شرب الخمر لايمانهم بأن ذلك من مصلحتهم الخاصة والعامة. وهذا أكبر دليل عملي على أنّ الرادع الديني أقوى من أي رادع آخر أو قانون وضعي في تحريم شرب الخمر.

لذا نرى أنّ المجتمعات غير الأسلامية تتخبط في وضع الحلول اللازمة لمشكلة تناول المشروبات الكحولية والادمان عليها ، وتقف عاجزة عن الحد من تلك الكارثة المؤلمة التي عصفت بالملايين رجالا ونساء وأطفالا ، وأدت إلى موت الآلاف منهم سنويا بسبب الحوادث المختلفة والأمراض العديدة ، وما رافق ذلك من تفسخ وانحلال للمجتمع ، وانتشار مخيف للعادات السيئة وحوادث الجنس التي لا تحصى.

الحقيقة مرعبة ، ولكنها أكثر إرعابا لو أنها انتقلت إلى مجتمعاتنا الأسلامية ، كما إنتقل غيرها من المظاهر الشاذة. فهذه صحيفة (آفتون بلادت) السويدية : تنشر بعض الأرقام وبعض القصص التي تكشف بعضا من الحقيقة ، وجزءا من حالة الانهيار التي ينحدر نحوها المجتمع السويدي.

تقول هذه الصحيفة : «وتقع أغلب حالات الاعتداء على نحو مشابه لتلك

__________________

(١) موطأ مالك : كتاب الأشربة ـ باب ١.

٨٨

الحالة التي قام فيها رجل في الأربعين من عمره بالاعتداء على زوجته ، إذ بدأت السهرة هادئة مع قليل من الخمر على شرفة المنزل بعد نوم ابنتهما البالغة من العمر (٦) سنوات. وبعد تناول كأسين ، بدأ الرجل يشعر بالانزعاج وكذلك الزوجة. ثم راح الزوج يعاتب زوجته لمجيئها إلى البيت في ساعة متأخرة في بعض الليالي الماضية. وفجأة صاح بوجه زوجته قائلا : «لقد ضاجعت غيري» ، ولما حاولت الزوجة تهدئة خاطره ، بدأ يضربها على وجهها ، فهربت إلى الحديقة لتعود فيما بعد ظنّا منها أنّ الوقت لعب دوره في تهدئة الزوج الغاضب ، لكنها ما أن دخلت البيت حتى انهال عليها ضربا ، وحطم جهاز التسجيل الصوتي على رأسها ، وراح يرفسها بكل قوته ، ثم طرحها أرضا ، وراح يطرق رأسها في الأرض محاولا القضاء عليها» (١).

فهل نطمع بشواهد أكثر ونتائج أكبر؟! وقد علق على هذه الظاهرة أحد الكتاب المسلمين قائلا : «الخمر أمّ الخبائث ، تمت إليها بشابكة النسب القريب جميع الكبائر من الزنا واللواط والسرقة والمقامرة والقتل ، وإنّ لها النصيب الأكبر في تشويه أخلاق الامم وتخريب صحة أبدانها وافساد معاشها واجتماعها».

التأثير الفيزيولوجي للخمر على الإنسان : ـ

١ ـ يوسع الأوعية الدموية.

٢ ـ مسكّن ومنوّم.

٣ ـ يزيد إفرازات المعدة.

٤ ـ يؤدي إلى نقص كمية السكر في الدم.

٥ ـ يقلل الرغبة الجنسية عند المدمنين.

٦ ـ فقدان الشهية للطعام عند المدمنين.

٧ ـ التسمم بالكحول ويكون حادا أو مزمنا.

٨ ـ يؤثر إما بزيادة فاعلية بعض الأدوية ، أو بالتأثير المشترك معها ، على

__________________

(١) صحيفة (آمنون بلادت) السويسرية بتاريخ ٩ سبتمبر ١٩٨١ م.

٨٩

قابلية الإنسان وقدرته العصبية.

التسمم الكحولي الحاد وأعراضه المرضية : ـ

١ ـ يؤثر على الجهاز العصبي ويؤدي إلى ثبوطه باعتباره مادة مخدرة.

٢ ـ في بداية السكر يؤدي إلى فقدان السيطرة على الارادة والانعكاسات والملاحظة والانتباه.

٣ ـ فقدان السيطرة على الأخلاق نظرا لتأثير الخمر على الجهاز العصبي العلوي ، مما يؤدي إلى الاعتداء والمشاجرة وارتكاب الجرائم بأنواعها ، ولا سيما الجنسية منها.

٤ ـ ضعف القابلية البدنية للعضلات وقصور مقاومتها وثباتها على العمل.

٥ ـ يؤدي إلى ضعف البصر.

٦ ـ يؤدي إلى الحول المؤقت والدوران.

٧ ـ يعرقل قابلية الذوق.

٨ ـ يعرقل قابلية الشم.

٩ ـ يعرقل قابلية السمع.

١٠ ـ ضيق بصر السكير مما يسبب له حوادث كثيرة أثناء قيادة السيارات والموتور سيكلات ، وحتى في حالات السير العادي.

١١ ـ التهاب حاد في البنكرياس.

١٢ ـ التهاب حاد في الكبد.

١٣ ـ وذمة الرئة الحادة.

١٤ ـ الغيبوبة نتيجة التسمم الحاد ، ومن علائمها : التقيؤ ، وهبوط درجة الحرارة مع نوبات من الصرع ، وتقلص شديد في العضلات ، وثبوط الجهاز العصبي.

التسمم الكحولي المزمن وأعراضه المرضية : ـ

يحدث نتيجة تناول الكحول بكميات كبيرة ومستمرة ، كما يؤدي إلى حدوث مضاعفات متعددة على أجزاء الجسم المختلفة منها : ـ

٩٠

١ ـ مضاعفات على الجهاز العصبي : تحدث بالتدريج حين تصاب أعصاب معينة في بادىء الأمر ، ثم يعم التأثير ليشمل مختلف الأعصاب وخلايا الدماغ. ولعل تأثير الادمان على خلايا الدماغ أشد من غيرها ، وتعقبه مضاعفات دماغية عديدة مثل : ضعف الذاكرة ، وعدم ثبات العاطفة.

أما الأعراض النفسية التي تظهر على المرضى فهي : القلق ، واضطراب الفكر ، ورعشة في البدن ، وهلوسة في النظر ، والصرع بعض الأحيان ، واضطرابات نفسية مختلفة تسوقه أحيانا إلى الاعتداء على الآخرين ، وتجعل حياته العائلية جحيما لا يطاق.

٢ ـ مضاعفات على القلب : يؤثر الخمر على القلب ، كما يؤدي إلى اعتلال العضلة القلبية ، أما بالنسبة للمرأة الحامل فإنّ تناول الكحول بإدمان يؤثر على الجنين ويجعله عرضة للاصابة بتشوهات ولادية.

٣ ـ مضاعفات على الدم : يصاب الشخص المدمن على الكحول بفقر دم شديد متنوع الأسباب والأعراض. وقد يؤدي إلى نزف تحت الجلد ، نتيجة للنقص الحاصل في عوامل تخثر الدم.

٤ ـ مضاعفات جنسية :

أ ـ يزيد الرغبة الجنسية في بادىء الأمر ، ولكنه ينقص القدرة على أداء العمل الجنسي في نهاية المطاف.

ب ـ قد يسبب ضمور الخصيتين.

ج ـ اضطراب السلوك الجنسي عند المرأة.

د ـ يضعف النطفة مما يؤدي إلى احتمال حدوث تشوهات مستقبلية عند الحمل.

٥ ـ مضاعفات عامة : يؤثر الكحول على مقاومة الجسم ويجعله ضعيفا ، وعرضة للاصابة بالميكروبات المختلفة ، كما وأنه عامل مساعد للاصابة بأمراض السرطان ،

٩١

ويؤثر على خلايا دماغ الطفل بواسطة الام الحامل عند تناولها في حالة حدوث تسمم بالكحول.

كما يعتبر الكحول من العوامل المساعدة في ظهور كثير من الأمراض النفسية : كالهذيان ، والاعتلال الدماغي لغيرنك (Wernick\'s Encephalopathy)، والتأخر العقلي ، وقد لوحظ زيادة في الإصابة بداء النقرس ، والحصويات الكلوية عند تناوله.

٦ ـ مضاعفات على الجهاز الهضمي : يعتبر الكحول من أكثر المسببات التي تؤثر على الجهاز الهضمي بشكل عام ، ويؤدي إلى مضاعفات عديدة منها : ـ

أ ـ تخريش جدار الفم والبلعوم وضمور حليمات الذوق في اللسان.

ب ـ قد يؤدي إلى التهاب اللسان المزمن وحدوث (الليوكوبليكيا) التي هي مقدمة لإصابة اللسان بالسرطان.

ج ـ التهاب المريء مع احتمال حدوث نزف من جداره.

د ـ عامل مساعد على إصابة المرىء بالسرطان.

ه ـ التهاب المعدة الحاد والمزمن.

و ـ عامل مساعد على إصابة المعدة بالقرحة والسرطان.

ز ـ التهاب البنكرياس الحاد والمزمن.

ح ـ التهاب الكبد الحاد.

ط ـ التهاب الكبد المزمن أو تشمع الكبد.

وهو من الأمراض الشائعة ، ويحدث نتيجة تأثير الكحول المباشر على خلايا الكبد مع نقص السكر داخله ، وعدم تناول الأغذية الجيدة والمتنوعة بسبب اكتفاء المعتاد على تناول الكحول مع كميات قليلة من الغذاء.

وتشمع الكبد يعتبر من الأمراض المنتشرة في الكثير من مناطق العالم نتيجة الادمان على تناول الكحول لمدة (٥ ـ ١٥) سنة وبكميات (١٠٠) غم فما فوق.

٩٢

المضاعفات والعلائم الطبية لمرض تشمع الكبد : ـ

١ ـ كبر ثدي الرجل والغدد اللعابية.

٢ ـ توسع الكبد أولا ثم صغره.

٣ ـ الشكوى من الضعف وعدم القابلية ونقص الوزن.

٤ ـ أعراض في الجهاز الهضمي كعدم الشهية والتقيؤ مع ألم في الجزء الأعلى من البطن.

٥ ـ ازدياد الضغط الدموي في الأوعية الدموية للجهاز الهضمي نتيجة تليّف الأوعية الدموية والأنسجة داخل الكبد.

٦ ـ كبر حجم الطحال.

٧ ـ نقص في كريات الدم البيضاء وحجيرات التخثر وفقر في الدم.

٨ ـ توسع في بعض الأوعية الدموية في نهاية المريء ، وأول المعدة ، وفتحة الشرج ، وأول المستقيم ، وجدار البطن الأمامي ، قد يسبب البواسير ، ونزف داخل المرىء والمعدة.

٩ ـ الاصابة بالاستسقاء داخل البطن.

١٠ ـ الاصابة بمرض اليرقان.

١١ ـ تغييرات عديدة تطرأ على جهاز الدوران : كتوسع بعض الأوعية الدموية واحتقان في أوردة الجسم.

١٢ ـ نقص الرغبة الجنسية عند كلا الجنسين ، ممّا يؤدي إلى ضمور الخصيتين ، واضمحلال القابلية الجنسية عند الرجل ، وضمور الثديين ، وتقطع الدورة الشهرية أو انقطاعها عند المرأة.

١٣ ـ الميل نحو النزف الدموي نظرا لانعدام أو قصور انتاج العوامل التي تلعب دورا رئيسيا في عملية التخثر.

١٤ ـ تلون الجسم باللون الأسمر ، وذلك بسبب زيادة ترسب مادة (الميلامين) في الجلد.

٩٣

١٥ ـ تشوهات في خلقة وشكل الجسم بعض الأحيان.

١٦ ـ حرارة خفيفة في الجسم.

١٧ ـ تسمم خلايا الدماغ نتيجة اضطراب عمل الكبد ، وتراكم السموم في الدم والجسم.

المضاعفات والعوارض الطبية والأخلاقية والنفسية لمرض تشمع الكبد

١ ـ العزوف عن العمل لاعتلال صحة المصاب.

٢ ـ الامتناع عن المشاركة في القضايا العائلية والاجتماعية والانسانية.

٣ ـ الميل للحصول على المال بأسهل الطرق كالسرقة والاختلاس.

٤ ـ عدم احترام الجوانب الأخلاقية والنفسية للمجتمع.

٥ ـ عدم احترام الشعائر الدينية والقضايا الاجتماعية.

٦ ـ يكون المريض عصبي المزاج ، كثير المشاجرة مع الناس ولأتفه الأسباب.

٧ ـ حدوث مشاكل عائلية بسبب الادمان والتشمع : كالمشاجرة مع الزوجة والأولاد ، تصل إلى حالة الطلاق أحيانا.

علاج التسمم الكحولي الحاد : ـ

١ ـ غسل المعدة بشكل سريع ب (الصوديوم بيكربونيت).

٢ ـ تنظيم وتنظيف مجرى التنفس.

٣ ـ تدفئة الجسم المتسمم.

٤ ـ إعطاء الأوكسجين للشخص المتسمم وبكميات حسب الحاجة.

٥ ـ إجراء الفحوصات المختبرية بشكل سريع لمعرفة نسبة الكحول في الدم ، وكذلك معرفة نسبة سكر الدم.

٦ ـ إعطاء الكلوكوز بالفم أو بالوريد في حالة نقص سكر الدم ، أو زيادة حموضة الدم.

٧ ـ في حالة الهيجان أو التجشؤ الشديد يعطى أمبول [فاليوم] بالوريد.

٩٤

٨ ـ غسل الدم وتبديله في حالة التسمم الشديد.

العلاج الطبي والروحي للمرضى المدمنين على الكحول : ـ

١ ـ بعث روح التصميم والإرادة لدى المدمن ، وحثه بأسلوب علمي على ترك الكحول.

٢ ـ تزويد المدمن بالمواد الغذائية اللازمة ، والمقويات الطبية التي تساعده على بناء الجسم واسترداد الشهية.

٣ ـ إدخاله المصحات الطبية الخاصة في حالة كون ظروفه الصحية لا تسمح له الاستمرار داخل المجتمع ، بسبب الضعف البدني والانهيار العصبي.

٤ ـ فصل المدمن عن أصدقاء السوء ، وانتخاب الأصدقاء الصالحين المؤمنين ، الذين يبعثون فيه روح الايمان والعقيدة ، كي يتمكن من الخلاص من مأساته ومرضه بسهولة.

٥ ـ تشويق المصاب بارتياد الحفلات والمجالس الدينية.

٦ ـ تشجيعه على حضور المساجد والصلاة فيها.

٧ ـ تزويده بالكتب الاسلامية التي تنمي فيه روح العقيدة والعزيمة والارادة.

٨ ـ يهدى إليه نسخة من المصحف الشريف كي يتزود بالغذاء الروحي الكافي.

٩ ـ إشراك المدمن وإفساح المجال له كأن يكون عضوا في إحدى الهيئات الدينية والحسينية ، لينصرف تدريجيا ويتخلى عن تفكيره الماضي.

١٠ ـ ضرورة إقامة مجالس العزاء الحسيني في دار الشخص المدمن ، لما لهذه المجالس من تأثير بالغ باعتبارها مدارس التضحية والصمود والفداء.

المصادر :

Clinical Pharmacolofy ـ ١

Davidson\'s Principles and Practice of Medicin ـ ٢

Current Medical Dignosis and Treatment ـ ٣

٩٥

الموضوع الثاني

«الطعام الجيد»

(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ) (١).

ظاهر الآية مفهوم وبسيط ، وعند التأمل والتدبر نجد محتواها عميقا ومركزا وشاملا لمعان حياتية ، وقوانين صحية وغذائية عديدة.

فالانسان قبل تناوله الغذاء المعتاد عليه أن يفحصه من كل الوجوه والنواحي الصحية للتأكد من سلامته ، وخلوه من الأمراض والتلوث ، إضافة إلى نوعيته التي تتلاءم والمتطلبات الضرورية لجسم الأنسان وحاجاته ، وأن يكون مقبولا من الناحية النفسية.

من هذا كله يفهم أنّ هناك شروطا صحّية ونوعية ونفسية يجب توفرها في الغذاء قبل تناوله ، لأنّه المادة الضرورية لنمو وبناء الجسم ، وبدون تلك المواصفات والشروط لا يتمكن الجسم من إدامة فعالياته المختلفة والوقاية من الأمراض.

والآية الكريمة تلفت نظر الأنسان وتوجه فكره نحو تلك النقاط الضرورية التي يجب مراعاتها في الغذاء من جميع الجوانب ، حيث أنّ توفره بكميات كبيرة غير متناسبة نوعيا لا يفي بالأغراض المطلوبة ، ولا يوفر للانسان المستلزمات التي تحافظ على سلامته الجسمية والعقلية.

لذا وجب على الانسان الواعي والمدرك للآية الكريمة أن يختار غذاءه وفقا للمعايير والمقاييس الطبية والغذائية الحديثة التي تمده بالطاقة اللازمة لادامة فعالياته اليومية.

والخطاب في الآية الكريمة موجه لكل الناس ، ولم تحدد نوعا معينا أو جنسا من الناس ، بل لكل الناس (فلينظر الأنسان) بدون استثناء ، لأنّ المشكلة عامة ،

__________________

(١) سورة عبس : الآية ٢٤.

٩٦

وليست محصورة ضمن مجموعة ، أو مجتمع خاص.

وهذا ما حصل اليوم في الدول الفقيرة المتخلفة التي تستهلك مقادير كبيرة من الغذاء الغير متجانس كما ونوعا. ولم تعر القوانين والاصول العلمية أيّ إهتمام ، ممّا أوقعها في العديد من المشاكل الغذائية والمرضية.

كما أنّ بعض الدول والمجتمعات التي اعتادت على تناول نوع معين من الغذاء دون الأخذ بتنوعه ظهرت فيها أمراض عديدة : كفقر الدم ، والهزال ، وضعف الأعصاب ، والاصابة بالطفيليات ، مما جعلها تعيش حالة من الخمول والكسل والتخلف والركود البدني. فتحولت في نهاية المطاف إلى مجتمعات غير قادرة على الانتاج والرقي ، بعيدة عن ركب الحضارة والتطور.

لذا أمرنا القرآن الكريم أن ننظر بإمعان وعلمية. ما ذا نأكل اليوم وغدا؟ وكم نستهلك من الطعام؟ وما هو الضروري وغير الضروري؟ وما هي المكونات التي يجب أن تتوفر في الغذاء وتناسب حاجات الجسم المهمة ، مع مراعاة حجم الانسان وعمره ومقدار ما يصرفه من الطاقة يوميا؟

وعلم التغذية الحديث زود العلماء والباحثين بفيض من المعلومات التي تخدم الإنسان ، وتوفر له الطعام اللائق الجيد ، ويشتمل هذا العلم على البحوث العلمية المختلفة التي تتحرى عن الأفضل والأحسن في سبيل تقديمه للانسان بغية الحفاظ على صحته.

والتغذية الصالحة لها اسس : ـ

١ ـ توفر الغذاء الصالح.

٢ ـ عملية الهضم السليم.

٣ ـ امتصاص طبيعي للغذاء.

٤ ـ الاستفادة بما يمتص من الغذاء استفادة طبيعية وتامة.

٥ ـ القدرة الكافية على الافرازات الطبيعية من الجسم بصورة صحيحة.

وعلم التغذية الحديث يستمد جذوره من علم الفسلجة والكيمياء والطب

٩٧

والزراعة والاقتصاد ، والعلوم الانسانية كعلم النفس والاجتماع والتعليم.

وظائف الغذاء : ـ

١ ـ توليد الطاقة لادامة جسم الانسان.

٢ ـ توليد الطاقة لادامة عمل الانسان.

٣ ـ تقديم المواد الضرورية لبناء جسم الانسان وإصلاح الأنسجة التالفة.

٤ ـ تقديم المواد الضرورية لادامة حيوية وفاعلية جسم الانسان : كالهرمونات والأنزيمات.

وكمية الغذاء ونوعيته تختلف بما يلي : ـ

١ ـ العمر.

٢ ـ الوزن.

٣ ـ العمل.

٤ ـ الاصابة بالمرض.

٥ ـ الحمل.

٦ ـ الجو.

٧ ـ الجنس.

مكونات الغذاء : ـ

١ ـ السكريات والنشويات.

٢ ـ الزلاليات.

٣ ـ الدهون.

٤ ـ الأملاح.

٥ ـ الماء.

٦ ـ الفيتامينات.

٩٨

ما ذا يجب أن يتوفر في الغذاء : ـ

١ ـ أن يحتوي على مواد ضرورية.

٢ ـ أن يكون ذا طعم مستساغ.

٣ ـ أن يكون قابلا للهضم.

٤ ـ أن يكون رخيصا.

٥ ـ أن يكون متوفرا.

٦ ـ أن يكون خاليا من الأمراض.

٧ ـ حاويا على الفيتامينات.

٨ ـ متوازنا بالمواد.

٩ ـ وغير سام.

١٠ ـ أن يكون سهل التحضير.

العوامل التي تؤثر في العمليات الحيوية للأنسجة والحجيرات في الجسم : ـ

١ ـ الوراثة.

٢ ـ صحة الأبوين.

٣ ـ حالة الام الصحية أثناء الحمل.

٤ ـ أمراض الانسان في حياته.

٥ ـ حالة التغذية.

٦ ـ البيئة.

٧ ـ الدين والعقيدة.

* * *

٩٩

الموضوع الثالث

«العسل»

(وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ. ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (١).

في هذه الآيات الكريمة المباركة يبيّن لنا الله سبحانه فوائد العسل ، وكونه مادة غذائية لها أهمية كبيرة للناس ، وأنّه شفاء لكثير من الأمراض ، وكلمة الناس عامة وشاملة ، لا تختص بعضو معين أو مرض معين ، ممّا يدلل بأنّ للعسل استعمالات واستطبابات كثيرة تنفع الانسان وتساهم في شفائه من الأمراض المختلفة.

ولعل ما تم اكتشافه من فوائد العسل حتى الآن هو جزء قليل قياسا عمّا سيكشف عنه في المستقبل ، لأنّ كلمة «شفاء» كما قلنا : كلمة عامة شاملة غير مقيدة بالنسبة لشفاء الانسان من الأمراض المعروفة والمكتشفة حاليا.

ولعل المستقبل يكشف لنا المزيد من هذه الفوائد والاستطبابات ، وخصوصا فيما يتعلق بتأثير العسل على الجهاز العصبي. وخير دليل على ذلك قول رسول الأنسانية (ص) : «عليكم بالشفائين : العسل والقرآن» وقوله (ص) : «الشفاء في ثلاثة : في شرطة محجم ، أو شربة عسل ، أو كية بنار ، وأنهى امتي عن الكي».

وقد قام العلماء والباحثون بمختلف قومياتهم وأجناسهم بإجراء البحوث والدراسة على العسل ، وتوصلوا إلى نتائج طبية تدعم ما ورد في الآية الكريمة (فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) وتؤيد معناها.

__________________

(١) سورة النحل : الآية ٦٨ ـ ٦٩.

١٠٠