القرآن والطبّ الحديث

الدكتور صادق عبدالرضا علي

القرآن والطبّ الحديث

المؤلف:

الدكتور صادق عبدالرضا علي


الموضوع : الطّب
الناشر: دار المؤرّخ العربي
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٤

٣ ـ عدم تناول الطعام بسرعة ، قال الامام الصادق (ع) :

«أطيلوا الجلوس على الموائد ، فإنها ساعة لا تحسب من أعماركم».

٤ ـ الارتخاء قبل وأثناء تناول الطعام وبعده.

٥ ـ عدم شرب الماء بكثرة خلال تناول الطعام.

٦ ـ عدم إتخام المعدة بالطعام.

قال الامام الصادق (ع) : «إنّ الله يبغض كثرة الطعام».

٧ ـ يستحب تناول الطعام باليد اليمنى.

٨ ـ يستحب البدء بالملح عند تناول الطعام.

قال الامام الصادق (ع) : «إنّا نبدأ بالملح ونختم بالخل».

٩ ـ مضغ الطعام جيدا.

١٠ ـ غسل الفم جيدا بعد الطعام.

التخمة : تؤدي إلى السمنة ، والسمنة ينتج عنها أمراض عديدة ذكرناها في فصل «التغذية الصحّية» ، وعلى العكس فإنّ تناول الغذاء بكميات قليلة ومعقولة له فوائد جسمية ونفسية منها : ـ

١ ـ صفاء القلب ، وإيقاد القريحة ، وإنفاذ البصيرة ، فإنّ الشبع يورث البلادة ، ويعمي القلب ، ويكثر البخار في الدماغ.

قال النبي (ص) : «من شبع ونام قسى قلبه».

٢ ـ الانكسار والذل وزوال البطر والفرح والأشر ، الذي هو منشأ الطغيان والغفلة عن الله.

٣ ـ عدم نسيان بلاء الله وعذابه ، فإنّ الشبعان ينسى الجائعين وينسى الجوع.

٢٤١

٤ ـ كسر شهوات المعاصي كلها ، والاستيلاء على النفس الأمارة بالسوء.

٥ ـ دفع النوم والكسل ودوام السهر ، فإنّ من شبع شرب كثيرا ، ومن كثر شربه كثر نومه.

٦ ـ تيسير المواظبة على العبادة.

٧ ـ قلة الأكل تفيد صحة البدن ، وتدفع الأمراض.

٨ ـ خفة المؤنة والايثار والتصدق (١).

* * *

__________________

(١) كتاب «المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء».

٢٤٢

«الفصل السابع»

علم الأجنة

علم الأجنة : وهو من العلوم الحديثة التي سلطت الأضواء على الكثير من الحقائق العلمية التي قام عليها الطب الحديث ، وكشف لنا بعض الغوامض والنواقص ، وملأ الفراغ للكثير من القضايا الطبية المجهولة سابقا ، وعلّمنا بعض الأسرار الالهية العجيبة التي جعلت الانسان يقف أمامها خاشعا بكل جوارحه. وهو مشبع بالايمان والعقيدة بذلك الخالق الذي أتقن وصور ، وأبدع كل شيء خلقه وفق تقنية إلهية حكيمة.

ولا يخفى علينا أنّ علم الأجنة ساهم كغيره من العلوم في دحض النظريات الملحدة ، كنظرية دارون المسماة ب (نظرية النشوء والتطور) التي تقول : إنّ الكائنات الحية تفرعت من أصل واحد وتناسلت من خلية واحدة.

[إنّ أول حجر وضع في إنكار الوجدانيات والمسلّمات الفطريات ، الذي هو من الغرائز الأولية ، وأوّل مقدمة مهدّها في مبادئ هذا الموضوع ، هو ـ داروين ـ استاذ المعطلين الملحدين فيما مضى وفي هذه العصور المظلمة التي هي الأجدر بأن تسمى بتلك التسمية ، ومن أقواله المنسوبة إليه وإلى تلميذه الشارح لمذهبه وهو ـ بحتر ـ هو قوله : إنّه تجلى لنا وجه أبينا ، من وراء حجب العدم ينظر إلينا بعينين تتوقدان بنيران الشبيبة الأزلية قائلا : قبل الله كنت ، وهذا الأب الأزلي ـ على رأيه ـ كان في بعض الأزمنة قردا ، وكان قبل ذلك مخاطا ، وأنّه كان نقيعا في الماء لاصقا بصخرة ، وكان وما زال يتدرج في سلم النشوء والارتقاء حتى بلغ إلى طوره اليوم ... الخ.

ولكن عارضه الكثيرون من ابناء جلدته ، وأكابر فلاسفة عصره ، مثل الانجليزي الشهير ـ تندل ـ حيث قال في مقام الرد عليه : إنّ ذلك القول خطأ وعرضة للبطلان.

٢٤٣

وقول ـ فرخو ـ البرليني ، وهو من أكابر علماء التشريح : ما للارتقاء من ركن علمي.

وقول الدكتور ـ دوسون ـ وهو من أكابر علماء الجيولوجيا : قلنا بالأدلة الصحيحة : إنّ الانسان خلق في الأصل إنساسا ولم يكن يوما ما قردا أو سلالة قرد ، ولا يقال على غيره من سائر الحيوانات ما قاله في الانسان ، ولا دليل على ذاك المدّعي.

وكمقالات الفلكي الطبيعي الشهير الفرنسي ـ كاميل ملامريون ـ وكثير من أمثاله من الرجالات الغربيين ومشاهيرهم] (١).

ثم أنه ما يدريه أنّ أباه قبل أن يكون قردا كان مخاطا ونقيعا في الماء ولا صقا بصخرة ، ويتدرج ويرتقي حتى بلغ إلى ما هو عليه اليوم ، فالاشكال والسؤال : لماذا انتهى التدرج والارتقاء؟ وما الذي أوقفه على صورة الانسان؟ وما الذي منعه عن الانتقال إلى غيرها وغيرها؟

فأي خير يرجى أو جدوى علم تؤمل ممّن قصر إدراكه عن إدراك ذات نفسه ، وهي أبده البديهات إليه ، وأقرب الأشياء منه ، فأنكرها من حيث يدري ولا يدري ، وجحدها من حيث يشعر أو لا يشعر. أفترجو ممّن أنكر نفسه ، وضغط على شعوره ، وتهالك على إماتة وجدانه حذرا من أن يصل به العلم إلى معرفة خالقه والالمام بمبدئه ومعاده ، كل ذلك رجع عليه بعيد.

ولقد جاء علماء الأديان بأقرب شيء إلى العقل لمعرفة الرب سبحانه حيث قالوا : من عرف نفسه فقد عرف ربّه ، والمقصود أنّ الطريق الذي تعرف به نفسك ، هو النظر في آثارها وأعمالها ، فتعرفها من كونها أمّارة ولوّامة ومطمئنة ، وفيها القوة الشهوانية والغضبية ، وكونها بليدة وجاهلة وعالمة ، إلى غير ذلك من كونها وعاء كل فضيلة أو رذيلة ، ممّا يتعلق بالنفس وتوصف به النفس ، هو الطريق الذي تعرف به ربك ـ عزّ ذكره ـ أن تنظر إلى ملكوته وجبروته وعظمة مجده وعزه ، من خلال إبداعه وخلقه

__________________

(١) كاشف الغطاء : الدين والإسلام ص ٤٠ ـ ٤٥.

٢٤٤

وإتقان صنعه ، فتنتقل إلى معرفته على أظهر وأصح سبيل ، فتعرفه عليما قديرا سميعا مدبرا ومديرا حكيما ، فلا يجهل شيئا ولا يعجزه شيء ، يفعل ما يفعل لمصالح ومنافع ، وينهى محذرا لمفاسد ووجود مضار ، فكل ذلك يتعلق بخلقه وهو اللطيف الخبير.

ولعل المراد من قوله (ص) : «من عرف نفسه فقد عرف ربّه». هو التلازم بينهما وأنّ النفس حادثة مخلوقة لقادر عليم قديم أزلي ، وإذا عرفت الله سبحانه انتقلت إلى نفسك لشاهد قوله تعالى : (نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) فمن جهل نفسه فأحرى به أن يجهل ربه ، فهي قضية متبادلة متعاكسة في المبدأ والغاية ، والسبب والمسبب إلى ما هنالك.

وهذه النظرية إضافة إلى كونها غير مقبولة من الناحية الدينية والعقلية ، دحضتها العلوم الحديثة المتطورة كعلم الأجنة ـ كما ذكرنا سابقا ـ وعلم الوراثة الحديث ، حيث أدى إكتشاف (الكروموسومات) و (الجينات) إلى التعرف على صفات وخصائص كل كائن حي ، وهذا ما جعل من نظرية (دارون) خرافة قديمة لا يستساغ سماعها في الوقت الحاضر.

والآن وبعد اكتشاف العلوم الحديثة وأجهزتها المعقدة ، أصبح علم الأجنة يقدم لنا دليلا حيّا وشريطا مصورا ، متناهي الدقة ومتكامل المعالم ، لمختلف مراحل تكوين ونمو الانسان منذ نشأته حتى تكامله ، ممّا أسهم بفاعلية كبيرة في سد الكثير من الثغرات التي كانت موجودة في السابق قبل تطور علم الأجنة الحديث.

وقد بلغ من دقة هذا العلم ـ في الوقت الحاضر ـ انه تمكن بسهولة من متابعة التطورات الجنينية المختلفة للانسان منذ يومه الأول ، يوما بيوم واسبوعا بأسبوع ، وحدد بالضبط أطوار ومراحل النمو الجنينية ، فأصبح بمرور الأيام علما متكاملا كغيره من العلوم الطبية التي ساهمت في تحديث ورقي الطب البشري نحو الأفضل.

ويساهم الآن علم الأجنة ـ كسائر العلوم الطبية الاخرى ـ مساهمة كبيرة في تفسير بعض الآيات القرآنية ، التي تحمل في طياتها إعجازات علمية وإلهية هائلة ، كانت لزمن طويل خافية على الانسان.

٢٤٥

فخدم بما يملك من معلومات علمية دقيقة مدهشة الباحثين المسلمين ، وأضاء لهم الطريق كي يتمكنوا من كشف بعض الأسرار القرآنية ، وترجمتها وفق ما يتوفر لديهم من معلومات حديثة. وجلّ من قال :

(هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) (١).

(هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ) (٢).

* * *

__________________

(١) سورة الحشر : الآية ٢٤.

(٢) سورة آل عمران : الآية ٦.

٢٤٦

الموضوع الأول

[نظرية نشوء الانسان]

(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً) (١).

يخاطب الله سبحانه وتعالى في هذه الآية المباركة الناس ويقول لهم : إن كنتم في شك من يوم القيامة ، الذي يبعث فيه الأموات ، وتحيى فيه الأجساد من جديد ، فانظروا واعتبروا بحالكم عند ابتداء الخلقة حين خلق الانسان من تراب.

والتراب : هو المادة الأولية التي خلق منها أبونا آدم (عليه‌السلام) ، ومنها خلق بقية البشر الذين عاشوا على هذه الأرض التي أنبتت النبات وغذت الحيوان ، وكنتيجة لأكل تلك النباتات والفواكه التي خرجت ونمت من التراب ، وكذلك الحيوانات التي عاشت على الأعشاب والنباتات ، تحول الغذاء الذي مصدره التراب إلى دم يجري في عروق الانسان وأعضائه ومنها (الخصيتين).

وهذا الدم تجري عليه عمليات متعددة ، يتحول بعدها في ذلك المصنع الالهي إلى مواد منوية (حيامن) وفق نظام دقيق ومحكم.

ولو قمنا بفحص (الخصية) تشريحيا وفيسولوجيا ، لوجدناها عبارة عن مصنع فعال متكامل ، يتكون من ملايين الخلايا ومئات الأنابيب (٨٠٠) أنبوب يبلغ طولها (٢٠٠ ـ ٣٠٠) متر ، لها القابلية على تحويل الدم القادم إليها إلى ملايين الحيوانات المنوية.

__________________

(١) سورة الحج : الآية ٥.

٢٤٧

أما الحيوان المنوي فهو ذو خلقة وتركيب مدهش وعجيب لا يتصوره الانسان العادي بسهولة ، ففي كل دفقة مني التي تتكون من (٣ ـ ٥ سم ٣) يحوي كل سم ٣ من ذلك الماء الدافق على (٦٠ ـ ٨٠) مليون حيوان منوي ، وطول هذا الحيوان (٦٥ ميكرون).

ويتألف من رأس كمثري الشكل وعنق وذيل طويل يبلغ (٤٥ ميكرون) يساعد الحيوان على الحركة أثناء عبوره الرحم والبوق ، وتقدر سرعتها (٢ ـ ٣ ملم) في الدقيقة.

وكذلك تقوم الخصية بإفراز الهرمونات الذكرية المسماة بالأندروجين (Androgens).

وفي المقابل يتحول الدم الجاري في مبيض المرأة إلى بويضات ، حيث يقدم كل مبيض بيضة في كل شهرين ، وذلك بالتبادل مع المبيض الآخر. ونتيجة لعملية التزاوج أو الألتحام الحاصل بين الحيمن والبيضة يتكون الأنسان بصورة تدريجية ، وفق موازين وشروط خاصة ، حتى يبلغ الشهر التاسع حيث تتم عملية الولادة وفق البرنامج الالهي المحسوب ، ويحصل ذلك كما يلي :

عند ما تدخل الحيوانات المنوية الرحم تتسابق كل منها لتلقيح البيضة ، والذي يتم عادة في الجزء الأخير من البوق ، ولا يسمح إلّا لحيوان واحد فقط لتلقيح تلك البيضة.

وهذه البيضة التي تتمتع بحيوية حياتية قابلة للانقسام والنمو بشكل منتظم ، مع الاحتفاظ بالصفات الخاصة للأب والام ، تبدأ بالتحرك داخل البوق ، وهي تنقسم وتتطور في حين تكون الرحم المتضخمة قد أكملت استعداداتها الخاصة لاستقبال واحتضان البيضة الملقحة ، لكي تكون في موضع أمين يزودها بالغذاء اللازم.

وتقدر الفترة التي تقضيها البيضة الملقحة خلال مسيرها من الثلث الأخير للبوق حتى جوف الرحم ب (٤ ـ ٥) أيام ، ومرحلة تحول النطفة إلى علقة (الدم الغليظ الجامد) تبدأ حين تباشر البيضة الملقحة بالانقسام إلى خليتين ثم أربع فثمان وهكذا ..

٢٤٨

٢٤٩

وتتم عملية الانقسام خلال مسير البيضة من البوق إلى الرحم ، حتى إذا وصلت إلى وسطه كانت عبارة عن كتلة من الخلايا تسمى (التوتة) لأنها تشبه ثمرة التوت بشكلها الخارجي.

وفي اليوم السادس تلتصق العلقة بالجدار الداخلي للرحم ، وتشرع بفرز الخلايا الخارجية المغذية (Trophoblast) في مخاطية جدار الرحم ، وبذلك تبدأ عملية بناء المشيمة ، وهذه التطورات تحصل خلال الاسبوع الأول.

أما في (الاسبوع الثاني) فتبدأ فيه عملية تحول العلقة إلى مضغة (مقدار ما يمضغ من الطعام) حيث تتشكل اللوحة المضغية من الخلايا المضغية (Embryoblast) وهي عبارة عن قرص مؤلف من وريقتين خارجية (Ectoderm) وداخلية (Endoderm).

أما الخلايا المغذية (Trophoblast) فستمر في عملية غرز خلاياها الخارجية في جدار الرحم ، لتكوين الزغابات الأولية والثانوية.

أما بالنسبة للرحم فتطرأ عليها تغيّرات خلوية متعددة لتسهيل عملية احتضان القادم الجديد.

ويتميز (الاسبوع الثالث) بتغيّرات وتطورات عديدة تشمل الام والجنين ، فمن التغيّرات التي تحصل لدى الام :

١ ـ انقطاع الطمث (العادة الشهرية).

٢ ـ تغيرات في الثديين بما يرافقهما من ألم.

٣ ـ زيادة التبول.

٤ ـ الإمساك.

٥ ـ زيادة الهرمونات المنمية في الدم ، والتي يمكن بواسطتها الحصول على نتيجة مثبتة بكون المرأة أصبحت حاملا عند فحص الإدرار.

أما التغيّرات التي تحصل للجنين والمشيمة فهي :

١ ـ نشوء وتكون الزغابات الثلاثية.

٢ ـ نشوء وتكون الزغابات المثبتة.

٢٥٠

٣ ـ تكون الوريقة الوسطى (Mesoderm).

٤ ـ بداية ظهور القرص العصبي.

٥ ـ بداية ظهور نواة الأوعية الدموية والقلب.

أما (الاسبوع الرابع) فتبدأ فيه عملية تبلور وتمايز الأعضاء المختلفة للجسم وخصوصا الأعضاء الرئيسية ، والتغيّرات الحاصلة فيه تشمل الام والجنين والمشيمة.

(الام):

١ ـ تستمر التغيّرات التي طرأت على الام في الاسبوع الثالث.

٢ ـ ازدياد طراوة عنق الرحم ، أما المهبل فلونه يميل نحو الزرقة الغامقة.

٣ ـ ازدياد طراوة الرحم وكبرها.

٤ ـ التقيؤ صباحا.

(الجنين): عند بداية الأسبوع الرابع يبلغ طول الجنين حوالي (٥ ، ١ ـ ٢ ملم) وأهم التغيّرات هي :

١ ـ تبلور المظهر الخارجي للجنين.

٢ ـ بداية تكوين الحبل السري.

٣ ـ عمليات متعددة لتكوين الجهاز العصبي.

٤ ـ نمو وتمايز العين وملحقاتها.

٥ ـ ظهور بداية الجهاز التنفسي والحنجرة.

٦ ـ تمايز الأعضاء المختلفة للجهاز الهضمي والمساريق.

٧ ـ تكوّن القلب الأولي ، وبداية شروع ضربات القلب.

٨ ـ تكوّن الشرايين والأوردة الرئيسية.

٩ ـ شروع الدورة الدموية بين الجنين والمشيمة.

١٠ ـ تكوّن وتمايز الجهاز البولي.

٢٥١

٢٥٢

(المشيمة):

١ ـ تصبح المشيمة متكاملة ، والدورة الدموية بين الجنين والام تكون فعالة وعاملة عبر المشيمة.

٢ ـ نمو المشيمة بشكل ملحوظ ، إذ يبلغ قطرها حوالي (١٥ ملم).

ويشهد (الاسبوع الخامس) تغيّرات عديدة منها : استمرارية تمايز الأعضاء المتكونة في الاسبوع الرابع ، واستمرار أعراض الحمل لدى الام. ويبلغ طول الجنين (٦ ـ ٧) ملم ، وقطر المشيمة (٣٠ ـ ٣٥) ملم.

وأهم مشخصات هذا الاسبوع هو : نشوء وجه الجنين ، ونمو رأسه بصورة واضحة ، كذلك التفاف وتكامل الجهاز الهضمي ، أما القلب فتتكامل تقاطيعه بعد تكوين القاطع الفاصل بين البطينين وتزداد فعاليته بصورة أوضح.

ويستمر في (الاسبوع السادس) نمو وتمايز الأعضاء التي نشأت في الاسبوعين الرابع والخامس ، أمّا الجهاز العصبي والعضلي فيبدأ في الشروع بالعمل.

وفي هذا الاسبوع تنتهي تقريبا عمليات التمايز المهمة للأعضاء والأجهزة البدنية المختلفة ، أما عمليات النمو الحجمي للجنين فهي تظهر في أواخر هذا الاسبوع ، ويبلغ طول الجنين (١٤) ملم أو أكثر ، وقطر المشيمة حوالي (١٠٠) ملم.

بينما يمتاز (الاسبوع السابع) بالتشخيص والتكامل النهائي لأعضاء الجنين المختلفة ، وعند نهايته تكون الأعضاء والأجهزة مشخصة ومتكاملة ، ولا يبقى سوى انتظار النمو الحجمي والفسولوجي لها. ويبلغ طول الجنين في أواخر هذا الاسبوع (٣٠) ملم ووزنه حوالي (٢ ـ ٣) غم.

وبعد هذا الاسبوع يأخذ نمو الجنين أبعادا جديدة ، إذ يبدأ بالنمو بشكل سريع وواضح حتى نهاية (الشهر الثالث) وعندها يبلغ طوله (١٠) سم ، ووزنه حوالي (٥٥) غم ، وفيه تنتهي عملية التخلّق.

٢٥٣

٢٥٤

وفي بداية (الشهر الرابع) يصبح الجنين إنساسا كامل الخلقة من جميع الجوانب والأبعاد ، ويبدأ بالحركة حيث تتم عملية اتصال الجهاز العصبي بالعضلات والأجهزة الاخرى. وتشعر الحامل بحركة جنينها في هذا الشهر.

أمّا نبضات القلب فتبدأ في منتصف هذا الشهر ، ويمكن سماعها أيضا. كذلك تبدأ المشيمة بإفراز الهرمونات اللازمة لاستمرار الحمل بعد أن أصبحت الكميات التي يفرزها المبيض غير كافية ، لأنّ متطلبات الحمل أصبحت أكثر من طاقته وكفاءته.

(وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ)

تحتوي البيضة الملقحة التي سيتكون منها الجنين على (٢٢) زوج من (الكروموسومات) أو (الصبغيات الجسمية) مع زوج من (الكروموسومات الجنسية).

وتأتي هذه الكروموسومات من اجتماع بويضة الانثى التي تحوي دائما (٢٢ كروموسوم جسمي+ كروموسوم جنسي) ومن نطفة الرجل التي تحوي (٢٢ كروموسوم جسمي+ كروموسوم جنسي إماX أوY) لأنّ نصف نطف الرجل تحوي (كروموسوم X) ونصفها الآخر يحوي (كروموسوم Y).

أما بويضة المرأة فتحمل دائما (الكروموسوم الجنسي X) فإذا اتحدت البيضة مع نطفة حاوية على (الكروموسوم الجنسي X) كان الجنين انثى ، وإذا اتحدت البيضة مع نطفة حاوية على (الكروموسوم الجنسي Y) كان الجنين ذكرا.

نطفة (Y) + بويضة (X)=YX ذكر

نطفة(X) + بويضة(X) =XX انثى

ومن ذلك يتضح أنّ المسؤول الظاهري عن تحديد جنس المولود ـ وفق الارادة الالهية ـ هو (الذكر) وليس (الانثى) وهذا يتم وفق موازين ربانية محسوبة ومحكمة ، تضمن المحافظة على النسل البشري ، ووجود العدد الكافي من كلا الجنسين ، بصورة طبيعية لا تخل بالتوازن البشري والبيئي ، وتضمن الطريق الصحيح للمسيرة الانسانية.

٢٥٥

٢٥٦

وخلاف ذلك فإنّه لو ترك الخيار للانسان لأساء التصرف ، وذلك بتفضيله أحد الجنسين على الآخر ، ممّا يؤدي إلى كارثة اجتماعية لا تحمد عقباها.

لكل ذلك فإنّ المشيئة الالهية هي التي تقرر جنس وصفات المخلوق الجديد : ذكرا أو انثى ، تاما أو ناقصا ، واحدا أو متعددا ، حسنا أو قبيحا. وهذا لطف كبير من ألطاف الله على البشرية جمعاء.

(إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ)

مدة الحمل الطبيعية هي (٢٧٠) يوما من بعد تلقيح البيضة ، مع وجود اختلاف بالزيادة أو النقصان عن تلك المدة. وحتى الآن لا يعرف بالضبط العوامل المحركة للولادة ، ولكن هناك فرضيات وعوامل (ميكانيكية) و (هرمونية) وجد أنها تلعب دورا خاصا في عملية إنهاء الحمل ، وشروع الولادة.

وهذه العوامل تخضع لقوانين وموازين ربانية ـ تقل وتزداد ـ وفق الارادة الالهية التي تراعى فيها مصلحة الام والطفل. وبعدها تبدأ عملية الولادة بتقلصات دورية للرحم حيث تكون في البداية خفيفة وبفواصل متباعدة ، ثم تقوى التقلصات وتقترب فواصلها ، فتزداد الآلام ويشتد المخاض حتى تحصل عملية الولادة ، حيث تقدم الام للمجتمع طفلا جديدا ينمو ويكبر خلال مراحل الطفولة حتى يبلغ أشده في مرحلة الشباب.

(وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً)

فخلال مراحل الشباب يموت البعض منهم ، ويبقى البعض الآخر ويعمر سنين طويلة ، ولكنه يفقد القابلية على التعلم وحفظ المعلومات ، لأنّ خلايا الدماغ أصابها التعب وفقدت الكثير من طاقتها وحيويتها ، لأسباب كثيرة أهمها : تكلس الشرايين التي تزود الدماغ بالدم ، ممّا يجعل الانسان يرتد إلى حالة الجهل أو ما يشابهها.

٢٥٧

٢٥٨

٢٥٩

[الاعجاز القرآني]

بعد ذلك الاستعراض البسيط لمراحل نشوء الانسان ، نجد أنّ القرآن الكريم قد بيّن لنا تلك المعجزات والآيات الناطقة قبل مئات السنين ، عند ما كانت الجزيرة العربية والعالم يعيش في سبات عميق ، وتخلف حضاري وعلمي كبير. حيث لا وجود للأجهزة الحديثة كالمجاهر وغيرها ، ولا بحوث وباحثين.

أما العلوم الطبية فكانت بدائية لم تعرف التطور والتخصص الذي نشهده اليوم ، كعلم التشريح الطبي ، وعلم الأجنة الحديث.

بينما القرآن الكريم ـ في هذه الآية المباركة ـ يفصل ويصور مراحل النشوء والتطور البشري بأسلوب علمي رائع حدا بالعلماء والباحثين أن يقفوا إجلالا وخشوعا ورهبة أمام عظمة الخالق الذي صور لنا حياة الانسان منذ بدايتها حين تعانقت البيضة مع الحيمن لتكوّن العلقة. وكيف أنّ العلقة تحولت إلى مضغة مخلّقة وغير مخلّقة ، خلال عمليات بديعة ومدهشة تزيد في إيمان الانسان بعظمة الخالق الجبار.

إذ كيف يمكن للخلايا المضغية (Embryoblast) المتماثلة تماما في بنائها أن تعطي الوريقات الثلاث التي أشرنا إليها وهي (الداخلية والخارجية والمتوسطة) المختلفة عن بعضها البعض؟!

ثم كيف أنّ الخلايا المتماثلة في كل وريقة تعطي أجهزة مختلفة في بنائها ووظائفها وخصائصها؟!

فالوريقة (الخارجية) مثلا ، يتشكل منها الدماغ والأعصاب وبشرة الجلد ولواحقه من الغدد والشعر والأغشية المخاطية بالفم والأنف.

والوريقة (المتوسطة) يتشكل منها القلب والأوعية الدموية والدم والعظام والعضلات والكليتين وأدمة الجلد وقسم من الغدد الصماء.

أما الوريقة (الداخلية) فيتشكل منها مخاطية الجهاز التنفسي والطريق الهضمي والغدة الدرقية وجارتها والغدة الكضرية والكبد والبنكرياس.

٢٦٠