أعلام القرآن

عبد الحسين الشبستري

أعلام القرآن

المؤلف:

عبد الحسين الشبستري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-715-9
الصفحات: ١١٢٨

مكبوبا ، وقيل : منكوسا ـ بناء على طلبه ـ في روما سنة ٦٧ ميلاديّة ، وقيل : سنة ٦٨ ميلادية ، وقيل : سنة ٧٧ ميلادية ، وبقي مصلوبا ١٤ سنة ، ثم دفن في روما.

تعتقد الكنيسة الكاتوليكيّة الرومانيّة بأنّ نصف جسده مدفون في كنيسة خارج أسوار الفاتيكان ، والنصف الآخر مدفون في كنيسة الفاتيكان ، في ضريح يقدّسه المسيحيّون ويزورونه من جميع الأقطار ، ويقال : إنّ رأسه قد حفظ تحت المذبح الكبير في كنيسة القدّيس يوحنا اللاتراني.

كتب إنجيلا بالرومية ونسبه إلى تلميذه مرقس ، وله رسالتان قانونيتان باللغة اليونانية ، كتبت الأولى بين سنتي ٤٥ و ٥٥ ميلادية ، والثانية كتبت قبل موته بمدّة قصيرة ، وينسب إليه كتاب «رؤيا بطرس» وكتاب «وعظ بطرس» وله كتابات عن العهد القديم.

يعيّد المسيحيّون له في اليوم التاسع والعشرين من حزيران في كل سنة.

ومن الجدير بالذّكر أنّ أمّ سيّدنا ومولانا الإمام المهدي المنتظر عليه‌السلام ينتهي نسبها إلى المترجم له.

القرآن العظيم وبطرس الصيّاد

شملته الآية ٥٢ من سورة آل عمران : (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ ....)

والآية ٥٣ من نفس السورة : (رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ.)

والآية ١١١ من سورة المائدة : (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ.)

والآية ١٣ من سورة يس : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ.)

والآية ١٤ من نفس السورة : (إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ.)

والآية ١٤ من سورة الصفّ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ

١٨١

مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ ....)(١)

بعل

أحد الأصنام التي كانت تعبد في غابر الأزمنة ، وكان من الذهب ، وطوله عشرون ذراعا ، وله أربعة أوجه ، ويخدمه أربعمائة سادن.

__________________

(١). الآثار الباقية (الترجمة الفارسية) ، ص ٣٩٦ و ٣٩٩ و ٤٢٩ ؛ الأنس الجليل ، ج ١ ، ص ١٦٢ ؛ البداية والنهاية ، ج ١ ، ص ٢١٤ وج ٢ ، ص ٩ و ٨٦ ؛ تاريخ أنبياء ، للمحلاتي ، ج ٢ ، ص ٣٢٢ و ٣٢٣ ؛ تاريخ حبيب السير ، ج ١ ، ص ١٤٢ و ١٤٧ و ١٤٨ و ١٤٩ و ٥٤٠ ؛ تاريخ ابن خلدون ، ج ٢ ، ص ١٣٦ و ٢٢٦ و ٢٢٧ و ٢٣٩ و ٢٥٧ و ٢٥٨ ؛ تاريخ گزيده ، ص ٥٦ و ٥٨ و ٦١ ؛ تاريخ اليعقوبي ، ج ١ ، ص ٧٧ و ٧٨ و ٧٩ ؛ تفسير البحر المحيط ، ج ٧ ، ص ٣٢٧ ؛ تفسير البرهان ، ج ٤ ، ص ٨ ؛ تفسير البيضاوي ، ج ٢ ، ص ٢٧٩ ؛ تفسير أبي السعود ، ج ٧ ، ص ١٦١ و ١٦٢ ؛ تفسير الصافي ، ج ٤ ، ص ٢٤٩ ؛ تفسير أبي الفتوح الرازي ، ج ٤ ، ص ٤٠٥ ؛ تفسير الفخر الرازي ، ج ٢٦ ، ص ٥٤ ؛ تفسير ابن كثير ، ج ٣ ، ص ٥٦٨ ؛ تفسير المراغي ، المجلد الثامن ، الجزء الثاني والعشرون ، ص ١٥١ ؛ تفسير الميزان ، ج ١٧ ، ص ٨٢ و ٨٣ ؛ تفسير نور الثقلين ، ج ٤ ، ص ٣٨١ ؛ الجامع لأحكام القرآن ، ج ١٥ ، ص ١٤ و ١٥ ؛ جوامع الجامع ، ص ٣٩١ ؛ دائرة معارف البستاني ، ج ٥ ، ص ٤٨٢ و ٤٨٣ ؛ داستانهاى شگفت انگيز قرآن مجيد ، ص ٦٤٠ ـ ٦٤٧ و ٦٦١ و ٦٦٢ ؛ الدر المنثور ، ج ٥ ، ص ٢٦١ ؛ الروض الانف ، ج ٧ ، ص ٤٦٦ ؛ الروض المعطار ، ص ٣٨ و ٢٧٥ ؛ سفينة البحار ، ج ١ ، ص ٧١٥ و ٧١٦ ؛ صبح الأعشى ، ج ٣ ، ص ٤١٥ وج ٥ ، ص ٣٠٩ و ٣٨٥ و ٤٧٢ وج ٦ ، ص ٩٠ وج ١٣ ، ص ٢٧٢ و ٢٧٣ و ٢٧٤ ؛ الطبقات الكبرى ، لابن سعد ، ج ١ ، ص ٥٣ ؛ عرائس المجالس ، ص ٣٥١ ؛ عيون الأنباء ، ص ١١٢ ؛ فرهنگ معين ، ج ٥ ، ص ٢٧٠ ؛ قاموس الكتاب المقدس ، ص ١٧٤ ـ ١٧٩ ؛ قصص الأنبياء ، للنجار ، ص ٤٠٥ و ٤٠٦ ؛ الكامل في التاريخ ، ج ١ ، ص ٣٢٢ و ٣٢٥ و ٣٣١ ؛ كشف الأسرار ، ج ٣ ، ص ٢٦٦ وج ٨ ، ص ٢١٠ ـ ٢١٢ ؛ لغت نامه دهخدا ، ج ١١ ، ص ١٤١ وج ١٢ ، ص ٣٩٠ و ٣٩١ وج ١٩ ، ص ٨٢٨ وج ٣١ ، ص ٣٠٦ وج ٣٧ ، ص ٣٧٩ ؛ مجمع البيان ، ج ٨ ، ص ٢٥٤ ؛ مجمل التواريخ والقصص ، ص ١٢٩ و ٢١٧ ؛ المحبر ، ص ٣٩١ و ٤٦٤ ؛ المدهش ، ص ٥٩ ؛ مستدرك سفينة البحار ، ج ٦ ، ص ٥٠ ـ ٥٢ ؛ معجم أعلام القرآن ، ص ١٠٥ و ١٧٨ ؛ المفصل في تاريخ العرب ، راجع فهارسه ؛ ملحق المنجد ، ص ١٣٤ ؛ المورد ، ج ٨ ، ص ١٦ ؛ الموسوعة العربية الميسرة ، ص ٣٧٨ و ١٠١٣ و ١٠٩٥.

١٨٢

كان أهل بك في بلاد الشام يعبدونه من دون الله ، فسمّيت مدينتهم باسمه ، وهي بعلبك.

كانت الأقوام القديمة كالفينيقيّين والكنعانيّين يعتبرونه إلها للشمس ، فكانوا يعبدونه ، ثم اتخذه الإسرائيليّون معبودا لهم في أيام النبيّ إلياس عليه‌السلام ، وجاء ذكره في التوراة تحت اسم فغور ، ومسطور فيه أنّ الإسرائيليّين كانوا يعبدونه حتى عهد صموئيل ، ثم تركوا عبادته حتى عهد سليمان بن داود عليه‌السلام فعادوا لعبادته.

وفي عهد إلياس النبيّ عليه‌السلام كثر عبّاده في إسرائيل ، فكان إبليس يدخل في جوفه ويتكلّم بشريعة الضلالة ، وكان سدنته يحفظونها ويعلّمونها الناس.

بنى له الإسرائيليّون معابد وصوامع لعبادته من دون الله ، وكانوا يوقدون له النيران في الأماكن المرتفعة ، ويذبحون له القرابين تقرّبا إليه.

القرآن العظيم وبعل

ذكرته الآية ١٢٥ من سورة الصافّات : (أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ.)(١)

__________________

(١). الآثار الباقية ، ص ٢٦٥ ؛ الأصنام ، ص ٦٨ ؛ أعلام قرآن ، للخزائلي ، ص ٢٣٥ ـ ٣٣٧ ؛ البداية والنهاية ، ج ١ ، ص ٣١٤ ؛ بستان السياحة ، ص ١٤٥ ؛ تاج العروس ، ج ٧ ، ص ٢٢٩ و ٢٣٠ ؛ تاريخ حبيب السير ، ج ١ ، ص ١٠٧ ؛ تاريخ ابن خلدون ، راجع فهرسته ؛ تاريخ الطبري ، ج ١ ، ص ٣٢٥ ؛ تاريخ گزيده ، ص ٤٥ ؛ التبيان في تفسير القرآن ، ج ٨ ، ص ٥٢٤ و ٥٢٥ ؛ تفسير البحر المحيط ، ج ٧ ، ص ٣٧٣ ؛ تفسير البيضاوي ، ج ٢ ، ص ٣٠١ ؛ تفسير الجلالين ، ص ٤٥١ ؛ تفسير أبي السعود ، ج ٧ ، ص ٢٠٣ ؛ تفسير شبّر ، ص ٤٥٠ ؛ تفسير الصافي ، ج ٤ ، ص ٢٨١ ؛ تفسير الطبري ، ج ٢٣ ، ص ٥٨ و ٥٩ ؛ تفسير أبي الفتوح الرازي ، ج ٤ ، ص ٤٤٧ ؛ تفسير الفخر الرازي ، ج ٢٦ ، ص ١٦١ ؛ تفسير القمي ، ج ٢ ، ص ٢٢٦ ؛ تفسير ابن كثير ، ج ٤ ، ص ٢١ ؛ تفسير المراغي ، المجلد الثامن ، الجزء الثالث والعشرون ، ص ٨٠ ؛ تفسير الميزان ، ج ١٧ ، ص ١٥٨ ؛ تفسير نور الثقلين ، ج ٤ ، ص ٤٣١ ؛ تنوير المقباس ، ص ٣٧٨ ؛ التوراة ـ كتاب الملوك الاول ـ ، ص ٤٨١ و ـ سفر العدد ـ ، ص ٢١١ ، و ـ سفر المزامير ـ ، ص ٧٧٥ ؛ الجامع لأحكام القرآن ، ج ١٥ ، ص ١١٧ ؛ جوامع الجامع ، ص ٤٠١ ؛ دائرة المعارف الاسلامية ، ج ٣ ، ص ٦٩٤ ـ ٧٠٠ ؛ دائرة معارف البستاني ، ج ٥ ، ص ٤٩٣ ـ ٤٩٦ ؛ الدر المنثور ، ج ٥ ، ص ٢٨٦ ؛ الروض المعطار ، ص ١٠٩ ؛ غريب

١٨٣

بلال الحبشي

هو أبو عبد الرحمن ، وقيل : أبو عمرو ، وقيل : أبو عبد الكريم بلال بن رباح الحبشي ، التيمي بالولاء ، أمّه حمامة.

أحد صحابة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الأجلّاء ، ومن السابقين إلى الإسلام ، محدّث صادق ، فصيح اللسان.

كان أبوه من سبي الحبشة ، ولد هو في مكّة ، ولما بزغ نور الإسلام أسلم وصحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وصار خادمه وخازنه ومؤذنه ، فكان أوّل من أذّن في الإسلام.

كان مولى لأميّة بن خلف ، فلما أسلم بلال أخذ أميّة يعذّبه أشدّ العذاب ليرتدّ عن الإسلام ويقول له : ربّك اللّات والعزّى ، فكان بلال يجيبه قائلا : أحد أحد. اشتراه أبو بكر بن أبي قحافة ثم أعتقه.

ولإسلامه كان أبو جهل يبطحه على وجه الأرض تحت حرارة الشمس ، ويضع الرحاء عليه حتى تصهره الشمس ، فيقول له : اكفر برب محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيقول بلال : أحد أحد.

شهد مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بدرا وأحدا وبقيّة المشاهد.

عند ما هاجر آخى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بينه وبين أبي عبيدة بن الحارث ، ولم يزل يؤذّن للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

القرآن ، للراغب ، ص ٥٤ ؛ فتح الباري ، ج ٨ ، ص ٤١٧ ؛ فرهنگ معين ، ج ٥ ، ص ٢٧١ ؛ فرهنگ نفيسى ، ج ١ ، ص ٦١٨ ؛ قاموس الكتاب المقدس ، ص ١٨١ و ١٨٢ ؛ القاموس المحيط ، ج ٣ ، ص ٥٣٥ ؛ قصص الأنبياء ، للجزائري ، ص ٣٥٩ ؛ قصص الأنبياء ، لابن كثير ، ج ٢ ، ص ٢٢٥ ؛ قصص قرآن ، للبلاغي ، ص ٣٢٩ ؛ الكامل في التاريخ ، ج ١ ، ص ٢١٢ ؛ الكشاف ، ج ٤ ، ص ٦٠ ؛ كشف الأسرار ، ج ٨ ، ص ٢٩٦ ؛ لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٥٩ ؛ لغت نامه دهخدا ، ج ١١ ، ص ١٦١ ؛ مجمع البحرين ، ج ٥ ، ص ٣٢٢ ؛ مجمع البيان ، ج ٨ ، ص ٧١٣ ؛ مروج الذهب ، ج ٢ ، ص ٢٥٨ ؛ مستدرك سفينة البحار ، ج ١ ، ص ٣٣٧ ؛ المعارف ، ص ٣٠ ؛ معجم أعلام القرآن ، ص ٧٧ و ٧٨ ؛ معجم البلدان ، ج ١ ، ص ٤٥٣ ؛ معجم مفردات ألفاظ القرآن ، ص ٥٤ ؛ مفاتيح الغيب ، ج ٧ ، ص ١٠٩ ؛ منتهى الارب ، ج ١ ، ص ٩١ ؛ مواهب الجليل ، ص ٥٩٤ ؛ المورد ، ج ٢ ، ص ٧ ؛ الموسوعة العربية الميسرة ، ص ٣٨٢.

١٨٤

في سفره وحضره ، فلما قبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لزم بيته ولم يؤذّن لأحد من الخلفاء ، ثم خرج إلى الشام ، ولم يزل بها حتى توفّي بدمشق بمرض الطاعون سنة ٢٠ ه‍ ، وقيل : سنة ٢١ ه‍ ؛ وقيل : سنة ١٧ ه‍ ، وقيل : سنة ١٨ ه‍ ؛ وقيل : توفّي بحلب أو في داريا ، وقبره في دمشق يزار ، وكان عمره يوم توفّي بضعا وستين سنة ، وكان من الذين شهد لهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالجنّة.

قبل وفاته جاء إلى المدينة ، فأتى قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وجعل يبكي ويتمرّغ عليه ، فأقبل الحسنان عليهما‌السلام ، فجعل يقبّلهما ويضمّهما إلى صدره ، فقالا له : نحبّ أن تؤذّن ، فعلا سطح المسجد النبوي وأذّن ، فلما سمع الناس صوته ضجّوا بالبكاء والنحيب ، وتذكّروا أيّام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

كان شديد الموالاة لأهل بيت النبوّة ، معظّما للإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ممتنعا عن بيعة أبي بكر ومنحرفا عنه.

في أحد الأيام أخذ عمر بن الخطاب بتلابيبه عند ما امتنع عن مبايعة أبي بكر ، وقال له : يا بلال! هذا جزاء أبي بكر منك أن اعتقك ، فلا تبايعه ، فقال بلال : إن كان أبو بكر أعتقني لله فليدعني لله ، وإن كان أعتقني لغير ذلك فها أنا ذا ، وأمّا بيعته فما كنت أبايع أحدا لم يستخلفه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ في أعناقنا ـ إلى يوم القيامة ، فقال له عمر : لا أبا لك ، لا تقم معنا ، فارتحل إلى بلاد الشام.

له شعر منه :

ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة

بواد وحولي إذخر وجليل

وهل أردن يوما مياه مجنّة

وهل يبدون لي شامة وطفيل

القرآن المجيد وبلال

شملته الآية ٢٠٧ من سورة البقرة : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ.)

والآية ٥١ من سورة الأنعام : (وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ

١٨٥

مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ ....)

كان فريق من المسلمين الأوائل ، كالمترجم له وأمثاله يسبقون الناس إلى مجلس النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيجيء الأشراف والسادات من قريش وغيرهم إلى مجلس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد جلس المسلمون المستضعفون أمثال بلال عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكان الأشراف يجلسون ناحية من المجلس ، وكانوا يقولون للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : نحن سادة قومك وأشرافهم ، فلو أدنيتنا منك ونحّيت بلالا وأمثاله عن مجلسك لكان ذلك أحسن وأجمل ، فنزلت الآية ٥٢ من نفس السورة في المترجم له وأشباهه من المؤمنين : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ....)

وفي أحد الأيام دخل بعض رؤساء المشركين على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فوجدوا عنده جماعة من المسلمين بينهم المترجم له ، فقالوا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو أبعدت هؤلاء وطردتهم لآمنّا بك واتبعناك ، فنزلت الآية ٥٣ من نفس السورة : (وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ.)

وشملته الآية ٤١ من سورة النحل : (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا ....)

ونزلت فيه وفي أمثاله من المسلمين الّذين عذّبوا على يد المشركين الآية ١٠٦ من السورة السابقة : (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ....)

وشملته الآية ١١٠ من نفس السورة : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا ....)

والآية ٢٨ من سورة الكهف : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ ....)

والآية ١٠٩ من سورة المؤمنون : (إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ.)

ولمّا فتح النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مكّة سنة ٨ ه‍ أمر بلالا بأن يؤذّن على ظهر الكعبة ، فصعد وأذّن ، فقال المشركون والمنافقون أقاويل كثيرة ، فمنهم من قال : الحمد لله الّذي قبض أبي حتى لا يرى هذا اليوم ، وقال آخر : أما وجد محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله غير هذا الغراب الأسود مؤذنا ، وقال آخرون : يا عباد الله! هذا العبد الأسود يؤذن على ظهر الكعبة ، وغير ذلك من كلمات

١٨٦

التعيير لبلال ، فنزلت الآية ١٣ من سورة الحجرات : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ....)(١)

__________________

(١). الاختصاص ، ص ٧٣ ؛ أسباب النزول ، للسيوطي ـ حاشية تفسير الجلالين ـ ، ص ٤٠٧ و ٦٠٦ و ٦٢٥ ؛ أسباب النزول ، للواحدي ، ص ١٧٧ و ٢٣٢ و ٣٣١ و ٣٣٢ ؛ الاستيعاب ـ حاشية الاصابة ـ ، ج ١ ، ص ١٤١ ـ ١٤٤ ؛ اسد الغابة ، ج ١ ، ص ٢٠٦ ـ ٢٠٩ ؛ الاشتقاق ، ص ١٢٩ ؛ الاصابة ، ج ١ ، ص ١٦٥ ؛ الأعلام ، ج ٢ ، ص ٧٣ ؛ أعيان الشيعة ، ج ٣ ، ص ٦٠١ ـ ٦٠٥ ؛ الأغاني ، ج ٣ ، ص ١٢٠ و ١٢١ ؛ البدء والتاريخ ، المجلد الثاني ، الجزء الخامس ، ص ١٠١ ؛ البداية والنهاية ، ج ٧ ، ص ١٠٤ و ١٠٥ ؛ بهجة الآمال ، ج ٢ ، ص ٤٢٠ ـ ٤٢٧ ؛ البيان والتبيين ، ج ٢ ، ص ٢٨٢ ؛ تاج العروس ، ج ٧ ، ص ٢٣٤ ؛ تاريخ الاسلام ، ص ٥٦ و ٥٧ و ١٤٠ و ١٤٢ و ٢١٧ و (المغازي) ، ص ٦٠ و ٤٤٣ و ٥٥١ و ٥٥٥ و ٦٠٤ و (عهد الخلفاء الراشدين) ، ص ١٢ و ٢٠١ و ٢٠٣ و ٢٠٤ و ٢٠٥ و ٥٦٣ و ٥٧٢ و ٥٩٩ و ٦٣٥ ؛ تاريخ حبيب السير ، ج ١ ، راجع فهرسته ؛ تاريخ ابن خلدون ، ج ٢ ، ص ٣٦٥ و ٤٦١ و ٥٤٨ ؛ تاريخ الخميس ، ج ٢ ، ص ٢٤٥ ؛ تاريخ خليفة بن خياط ، ج ١ ، ص ١٣ و ٦٤ و ١٢٢ وج ٢ ، ص ٤٥١ ؛ التاريخ الكبير ، للبخاري ، ج ٢ ، ص ١٠٦ ؛ تاريخ گزيده ، ص ٢١٠ ؛ تاريخ ابن الوردي ، ج ١ ، ص ١٩٨ ؛ تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ، راجع فهرسته ؛ التبيان في تفسير القرآن ، ج ٦ ، ص ٣٨٣ وراجع مفتاح التفاسير ؛ تجريد أسماء الصحابة ، ج ١ ، ص ٥٦ ؛ التحرير الطاوسي ، ص ٥٩ ؛ تفسير البحر المحيط ، ج ٥ ، ص ٤٩٢ وراجع مفتاح التفاسير ؛ تفسير البرهان ، راجع مفتاح التفاسير ؛ تفسير البيضاوي ، ج ١ ، ص ٥٤٤ وراجع مفتاح التفاسير ؛ تفسير الجلالين ، ص ٣٣ و ٥٨٨ ؛ تفسير أبي السعود ، ج ٥ ، ص ١١٥ وراجع مفتاح التفاسير ؛ تفسير شبّر ، ص ٣٣٧ ؛ تفسير الصافي ، راجع مفتاح التفاسير ؛ تفسير الطبري ، راجع مفتاح التفاسير ؛ تفسير أبي الفتوح الرازي ، ج ٢ ، ص ٢٧٨ وراجع مفتاح التفاسير ؛ تفسير ابن كثير ، ج ٢ ، ص ١٣٥ وراجع مفتاح التفاسير ؛ تفسير الميزان ، راجع مفتاح التفاسير ؛ تقريب التهذيب ، ج ١ ، ص ١١٠ ؛ تنقيح المقال ، ج ١ ، ص ١٨٢ و ١٨٣ ؛ تنوير المقباس ، ص ٢٢٤ ؛ تهذيب الأحكام ، ج ٢ ، ص ٢٨٤ ؛ تهذيب الأسماء واللغات ، ج ١ ، ص ١٣٦ و ١٣٧ ؛ تهذيب تاريخ دمشق ، ج ٣ ، ص ٣٠٤ ـ ٣١٨ ؛ تهذيب التهذيب ، ج ١ ، ص ٤٤١ ؛ تهذيب سير اعلام النبلاء ، ج ١ ، ص ٣٤٧ ؛ تهذيب الكمال ، ج ٤ ، ص ٢٨٨ ـ ٢٩١ ؛ توضيح الاشتباه ، ص ٨١ ؛ الثقات ، ج ٣ ، ص ٢٨ ؛ الجامع لأحكام القرآن ، ج ١٠ ، ص ١٠٧ وراجع فهرسته ؛ الجامع في الرجال ، ج ١ ، ص ٣٢٩ و ٣٣٠ ؛ جامع الرواة ، ج ١ ، ص ١٣١ ؛ الجرح والتعديل ، ج ٢ ، ص ٣٩٥ ؛ الجمع بين رجال الصحيحين ، ج ١ ، ص ٦٠ ؛ جوامع الجامع ، ص ٢٤٤ وراجع مفتاح التفاسير ؛ حلية الأولياء ، ج ١ ، ص ١٤٧ ـ ١٥١ ؛ حياة

١٨٧

__________________

الصحابة ، ج ١ ، ص ٢٤٢ و ٤٠٠ وج ٢ ، ص ٢٢١ وج ٣ ، ص ١٦٧ وغيرها ؛ الخصال ، ص ٣١٢ ؛ خلاصة تذهيب الكمال ، ص ٤٥ ؛ دائرة معارف الاسلامية ، ج ٤ ، ص ٧٣ ؛ دائرة معارف البستاني ، ج ٥ ، ص ٥٤٢ ؛ الدرجات الرفيعة ، ص ٣٦٢ ـ ٣٧١ ؛ الدر المنثور ، راجع مفتاح التفاسير ؛ دول الاسلام ، ص ٨ ؛ ربيع الأبرار ، راجع فهرسته ؛ رجال الحلي ، ص ٢٧ ؛ رجال ابن داود ، ص ٥٨ ؛ رجال الطوسي ، ص ٨ ؛ رجال الكشي ، ص ٣٩ ؛ الروض الانف ، ج ٣ ، ص ١٩٩ ؛ الروض المعطار ، ص ١٥٧ و ٢٤٠ و ٣٣٦ و ٣٩٦ و ٤٠١ ؛ سفينة البحار ، ج ١ ، ص ١٠٤ و ١٠٥ ؛ سير أعلام النبلاء ، ج ١ ، ص ٣٤٧ ؛ السيرة النبوية ، لابن اسحاق ، راجع فهرسته ؛ السيرة النبوية ، لابن كثير ، ج ٤ ، ص ٦٥٧ ؛ السيرة النبوية ، لابن هشام ، ج ١ ، ص ٣٣٩ و ٣٤٠ وج ٢ ، ص ١٥٥ و ٢٨٤ و ٢٨٥ و ٣٣٨ وج ٤ ، ص ٥٦ ؛ شذرات الذهب ، ج ١ ، ص ٣٠ ؛ شواهد التنزيل ، ج ١ ، راجع فهرسته ؛ صفوة الصفوة ، ج ١ ، ص ٤٣٤ ـ ٤٤٠ ؛ طبقات خليفة بن خياط ، ص ١٩ و ٢٩٨ ؛ الطبقات الكبرى ، لابن سعد ، ج ٣ ، ص ٢٣٢ ـ ٢٣٩ ؛ العبر ، ج ١ ، ص ١٨ ؛ العقد الثمين ، ج ٣ ، ص ٣٧٨ ـ ٣٨٠ ؛ العقد الفريد ، ج ١ ، ص ٨٠ ؛ العندبيل ، ج ١ ، ص ٨٠ ؛ عيون الأثر ، ج ١ ، ص ٢٠٤ وج ٢ ، ص ٣١١ ؛ فرهنگ معين ، ج ٥ ، ص ٢٧٤ ، فرهنگ نفيسى ، ج ١ ، ص ٦٣٣ ؛ قاموس الرجال ، ج ٢ ، ص ٣٩٢ ـ ٤٠٠ ؛ القاموس المحيط ، ج ٣ ، ص ٣٣٧ ؛ قصص القرآن ، لمحمد احمد جاد المولى ، ص ٢٥٧ ـ ٢٦٠ ، الكامل فى التاريخ ، ج ٢ ، ص ٦٦ و ٥٦٩ وراجع فهرسته ؛ كشف الأسرار ، ج ٥ ، ص ٣٨٧ وراجع فهرسته ؛ الكنى والألقاب ، ج ١ ، ص ٣٠٤ ؛ لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٦٨ وراجع فهرسته ؛ لغت نامه دهخدا ، ج ١١ ، ص ٢٧٧ ؛ مجمع الرجال ، ج ١ ، ص ٢٨١ ؛ مجمل التواريخ والقصص ، ص ٢٨١ و ٢٨٢ و ٤٦٠ ؛ المحبر ، ص ٧٠ و ٧٣ و ٩١ و ١٨٣ و ٢٨٨ ؛ مستدرك سفينة البحار ، ج ١ ، ص ٣٧٦ ـ ٣٧٨ ؛ مشاهير علماء الأعصار ، ص ٥٣ ؛ معجم الثقات ، ص ٢٥٨ ؛ معجم رجال الحديث ، ج ٣ ، ص ٣٦٤ ـ ٣٦٧ ؛ المغازي ، راجع فهرسته ؛ المفصل في تاريخ العرب ، ج ٥ ، ص ١٨ وج ٦ ، ص ٥٠٢ وج ٧ ، ص ٤٤٣ وج ٨ ، ص ٧٨٩ وغيرها ؛ منتهى الارب ، ج ١ ، ص ١٠٤ ؛ من لا يحضره الفقيه ، ج ١ ، ص ١٨٣ و ١٨٤ و ١٩٤ ؛ منهج المقال ، ص ٧٢ ؛ مواهب الجليل ، ص ٣٥٠ ؛ النجوم الزاهرة ، ج ١ ، ص ٧٤ و ٧٥ ؛ نسب قريش ، ص ٢٠٨ ؛ نقد الرجال ، ص ٦١ ؛ نمونه بينات ، ص ٣٣٤ و ٣٣٦ و ٤٨٠ و ٤٩١ و ٧٤٧ و ٧٤٨ ؛ النوادر من مستطرفات السرائر ، ص ٩٤ ؛ الوافي بالوفيات ، ج ١٠ ، ص ٢٧٦ و ٢٧٧ ؛ الوفاء بأحوال المصطفى ، ج ١ ، ص ٢ ، راجع فهرسته ؛ وفيات الأعيان ، ج ٣ ، ص ٧٠.

١٨٨

بلعم بن باعورا

هو بلعم ، وقيل : بلعام ، وقيل : باعم بن ناعورا ، وقيل : باعر ، وقيل : باعور بن سنور ، وقيل : سموم ، وقيل : رسيوم بن وسيم ، وقيل : يرسيم بن ناب ، وقيل : موآيي ، وقيل : ماب ابن نبيّ الله لوط بن هاران ، ويقال : كان ابن أخ نبيّ الله شعيب عليه‌السلام.

من علماء وأحبار بني إسرائيل المعاصرين لموسى بن عمران الكليم عليه‌السلام ، وكان في أوّل أمره معروفا بالإيمان والصلاح والزهد ، ثم أغواه الشيطان فكفر وساءت عاقبته.

يدّعي اليهود أنّه نبيّ من أنبيائهم ، وكان يسكن في إحدى قرى البلقاء من أعمال دمشق ببلاد الشام ، وقيل : كان يستوطن بيت المقدس.

كان مقرّبا إلى فرعون وقته ، وكان عارفا باسم الله الأعظم ، فكان يدعو به فيستجاب له ، فطلب منه فرعون أن يدعو على موسى عليه‌السلام ، فكان كلّما دعا عليه ينقلب على نفسه ، ولم تستجب دعواته ، فأشار على فرعون ، وقيل : على بالق ـ ملك البلقاء ـ بأن يدسّ النساء بين عساكر وصفوف بني إسرائيل ليفسدوهم ، وبالتّالي يضعف موسى عليه‌السلام أمام فرعون ، فغضب موسى عليه‌السلام من تلك المكيدة ، فدعا عليه وعلى أشياعه ، فأذن الله لموسى بأن ينتقم من أهل مدين ، فوجّه موسى عليه‌السلام جيشا إليهم فأهلكهم بأجمعهم ومن بينهم المترجم له.

القرآن العظيم وبلعم

لما عزم فرعون على طلب موسى عليه‌السلام وأصحابه بالقرب من أريحا ، قال للمترجم له : ادع على موسى عليه‌السلام ليحبسه الله ، فركب بلعم حمارته وذهب في طلب موسى عليه‌السلام ، فامتنعت حمارته عليه ، فأقبل يضربها فأنطقها الله عزوجل فقالت : ويلك! علام تضربني! أتريد أن أجيء معك لتدعو على موسى عليه‌السلام نبي الله وقوم مؤمنين ، فلم يزل يضربها حتّى نفقت ، فانسلخ الاسم الأعظم من لسانه ، فنزلت فيه الآية ١٧٥ من سورة

١٨٩

الأعراف : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ.)

وقيل : نزلت فيه أو في أميّة بن أبي الصلت الآية ١٧٦ من نفس السورة : (وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا ....)(١)

__________________

(١). اثبات الوصية ، ص ٥١ و ٥٢ ؛ أسباب النزول ، للواحدي ، ص ١٨٥ و ١٨٦ ؛ أعلام قرآن ، للخزائلي ، ص ٦٨٨ ؛ البداية والنهاية ، ج ١ ، ص ٣٠٠ ؛ تاريخ أنبياء ، للسعيدي ، ص ٢٢٥ ـ ٢٢٩ ؛ تاريخ أنبياء ، لعمادزاده ، ج ٢ ، ص ٥٧٦ ـ ٥٧٩ ؛ تاريخ أنبياء ، للمحلاتي ، ج ٢ ، ص ١٨٠ ـ ١٨٣ ؛ تاريخ حبيب السير ، ج ١ ، ص ١٠٤ و ١٠٥ ؛ تاريخ ابن خلدون ، ج ٢ ، ص ٩٨ ؛ تاريخ الطبري ، ج ١ ، ص ٢٠٧ ـ ٣١٠ ؛ تاريخ گزيده ، ص ٤٣ و ٤٤ ؛ تاريخ اليعقوبي ، ج ١ ، ص ٤٠ ؛ التبيان في تفسير القرآن ، ج ٥ ، ص ٣١ و ٣٢ ؛ تفسير البحر المحيط ، ج ٤ ، ص ٤٢٢ ـ ٤٢٤ ؛ تفسير البرهان ، ج ٢ ، ص ٥١ ؛ تفسير البيضاوي ، ج ١ ، ص ٣٦٧ و ٣٦٨ ؛ تفسير الجلالين ، ص ١٧٣ ؛ تفسير أبي السعود ، ج ٣ ، ص ٢٩٢ و ٢٩٣ ؛ تفسير شبّر ، ص ١٨٧ و ١٨٨ ؛ تفسير الصافي ، ج ٢ ، ص ٢٥٣ ؛ تفسير الطبري ، ج ٩ ، ص ٨٢ ـ ٨٩ ؛ تفسير العياشي ، ج ٢ ، ص ٤٢ ؛ تفسير أبي الفتوح الرازي ، ج ٢ ، ص ٤٨٧ ـ ٢٩٠ ؛ تفسير الفخر الرازي ، ج ١٥ ، ص ٥٣ ـ ٥٧ ؛ تفسير القمي ، ج ١ ، ص ٢٤٨ ؛ تفسير ابن كثير ، ج ٢ ، ص ٢٦٥ ـ ٢٦٨ ؛ تفسير الميزان ، ج ٨ ، ص ٣٣٢ و ٣٣٧ و ٣٣٨ ؛ تفسير نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ١٠٢ ؛ تنوير المقباس ، ص ١٤١ ؛ تهذيب تاريخ دمشق ، ج ٣ ، ص ٢٩٤ ـ ٢٩٨ ؛ التوراة ـ سفر العدد ـ ، ص ٢٠٩ ـ ٢١٣ ؛ الجامع لأحكام القرآن ، ج ٧ ، ص ٣١٩ ـ ٣٢٣ ؛ دائرة المعارف الاسلامية ، ج ٤ ، ص ٨٥ و ٨٦ ؛ دائرة معارف البستاني ، ج ٥ ، ص ٥٦٣ ؛ داستانهاى شگفت انگيز قرآن مجيد ، ص ٥٠٨ ـ ٥١١ ؛ الدر المنثور ، ج ٣ ، ص ١٤٥ ـ ١٤٨ ؛ سفينة البحار ، ج ١ ، ص ١٠٢ و ١٠٣ ؛ عرائس المجالس ، ص ٢٠٩ ـ ٢١٢ ؛ فرهنگ معين ، ج ٥ ، ص ٢٧٦ ؛ فرهنگ نفيسى ، ج ١ ، ص ٦٣٨ ؛ قاموس الكتاب المقدس ، ص ١٨٩ ؛ قصص الأنبياء ، للجزائري ، ص ٣٥٢ ـ ٣٥٤ ؛ قصص الأنبياء ، للراوندي ، ص ١٧٣ ؛ قصص الأنبياء ، لابن كثير ، ج ٢ ، ص ١٩١ ـ ١٩٣ ؛ قصص قرآن مجيد ، للسورآبادي ، ص ٨٨ ـ ٩٢ ؛ قصص القرآن ، للقطيفي ، ص ٧٠ ؛ الكامل في التاريخ ، ج ١ ، ص ٢٠٠ ـ ٢٠٢ ؛ الكشاف ، ج ٢ ، ص ١٧٨ و ١٧٩ ؛ كشف الأسرار ، ج ٣ ، ص ٧٨٧ و ٧٨٨ ؛ لسان العرب ، ج ٨ ، ص ٩١ وج ١٢ ، ص ٥٦ ؛ لغت نامه دهخدا ، ج ١١ ، ص ٢٤٦ ؛ مجمع البحرين ، ج ٢ ، ص ٤٣٣ و ٤٣٤ وج ٦ ، ص ١٨ ؛ مجمع البيان ، ج ٤ ، ص ٧٦٨ ؛ مجمل التواريخ والقصص ، ص ٢٠٤ ؛ المحبر ، ص ٣٨٩ ؛ المدهش ، ص ١٠١ و ١٠٢ ؛ مروج الذهب ، ج ١ ، ص ٥٢ ؛ مستدرك سفينة البحار ، ج ١ ،

١٩٠

بلقيس ملكة سبا

هي بلقيس ، وقيل : يلقمة ، وقيل : بلقمة ، وقيل : بلقس ، وقيل : تلمص بنت الهدهاد بن شرحبيل الحميريّة ، وقيل : هي بلقيس بنت شراحيل بن أبي سرح بن الحارث بن قيس بن صيفي بن سبإ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، وقيل : هي بلقيس بنت ذي شرح ، وقيل : اليشرح بن ذي جدن بن أبلي ، وهناك أقوال أخر في اسمها واسم أبيها وأجدادها.

أمّها جنّية من بنات ملوك الجن ، اسمها فارعة ، وقيل : بلتقة ، وقيل : ريحانة ، وقيل : ركانة بنت السكن ، وقيل : رواحة بنت السكر ، وقيل : بنت عمرو بن عمير الجني.

هي ملكة سبإ من الحميريّين في اليمن ، ساميّة الأصل واللغة ، عرفت بجلالة القدر ورجاحة العقل وإصابة الرأي ، وكانت تحبّ البناء والعمران والحضارة ، وكان يضرب المثل في جمالها ومجدها وسلطانها.

ولدت في مأرب التي تبعد عن صنعاء ثلاثة أميال ، وبعد وفاة أبيها تولّت الملك بسبإ ، واتّخذتها عاصمة لمملكتها.

وبعد أن تسلّمت زمام الأمور وجلست على عرش الحكم أنف قومها من أن تحكمهم امرأة ، فتمردوا عليها ، واستنجدوا بعمرو بن أبرهة المعروف بذي الأذعار ، فلبّى طلبهم وهاجمها بجيش كثيف ، فهربت منه ، فألقي القبض عليها ، وأدخلوها عليه ، فأجلسها على مائدة الخمر لينادمها كما كان ينادم بنات الملوك ويفعل بهن ، فلما سكروا أخذت الخمرة منه مأخذها استخرجت سكينة كانت قد خبّأتها في شعر رأسها فذبحته ، ثم أعلنت نفسها ملكة على سبإ.

وبعد أن قضت على مناوئيها واستقرّ لها الحكم قادت جيوشا جرّارة وتوجهت إلى

__________________

ص ٣٧٣ ؛ المفصل في تاريخ العرب ، راجع فهارسه ؛ مواهب الجليل ، ص ٢٢١ ؛ منتهى الارب ، ج ١ ، ص ١٠٢ ؛ نمونه بينات ، ص ٣٥٩.

١٩١

مكّة واحتلّتها ، ثم غزت أرض بابل وبلاد نهاوند وآذربيجان واستولت عليها ، وبعد أن تمّ لها النصر في غزواتها عادت إلى اليمن.

وبعد أن صفا لها الجو قامت بأعمال ومشاريع عمرانية ، كترميم سدّ مأرب ، وشيّدت قصرا فخما بمأرب سمته «قصر بلقيس» وأقامت الصرح العظيم المنسوب إليها ، وكان سريرا من ذهب مكلّلا بالجواهر والأحجار الكريمة.

شكّلت مجلسا استشاريا يتكون من ٣١٢ رجلا ، وكلّ رجل منهم يشرف على عشرة آلاف رجل.

عرفت بالعفّة والنجابة ، وظلّت عذراء حتى تزوجت سليمان بن داود عليه‌السلام وغيره ، وكان لها حرس من الرجال وبطانة وخادمات من النساء.

كانت هي وقومها يعبدون الشمس من دون الله ، فلما سمع سليمان عليه‌السلام بخبرها أرسل إليها كتابا مع الهدهد يدعوها إلى الإيمان بالله وتوحيده ، ويخبرها بأنّه نبيّ مرسل من قبل الله تعالى إلى الناس.

فلما وصلها كتاب سليمان عليه‌السلام قرأته فآمنت به وأذعنت للأمر الواقع ، وأرسلت إليه هدايا كثيرة.

وبعد مدة توجهت إلى فلسطين بصحبة حشود كثيرة من أشراف قومها وساداتهم ورؤسائهم وقادة الجيوش ، وقبل وصولها إلى بلاط سليمان عليه‌السلام جمعت الحشود التي معها وخطبت فيهم قائلة : إنّ الله ابتلاكم بهذا النبي سليمان عليه‌السلام ، فإن آمنتم بالله وبشريعة هذا النبي زادكم الله نعمة ، وإن كفرتم بالله وبنبيّه سلبكم النعم ، وسلّط عليكم صنوف النقم ، فأجابوها وقالوا : الأمر إليك. ثم دخلت هي وقومها على سليمان عليه‌السلام بأورشليم ، فآمنت به ودخل قومها في شريعته وصدّقوه.

ولم تلبث طويلا حتى تزوّجها سليمان عليه‌السلام وهي عذراء باكرة ، وكان مهرها مدينة بعلبك ، ثم ردّها إلى مملكتها في اليمن ، وبنى لها ثلاثة قصور بصنعاء وسمّاها : غمدان وسلحين وبينون.

كان سليمان عليه‌السلام يحبّها حبّا شديدا ، فكان يزورها كل شهر مرّة ، فيقيم عندها ثلاثة

١٩٢

أيام ثم يرجع إلى أورشليم.

وبعد أن عاشت معه سبع سنين وعدّة أشهر توفيت في الشام ، فدفنها بمدينة تدمر ، وانتقل الملك من بعدها في اليمن إلى ياسر بن عمرو بن يعفر.

القرآن الكريم وبلقيس

أمّا الآيات التي نزلت فيها فهي :

النمل ٢٩ (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ.)

النمل ٣٠ (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.)

النمل ٣١ (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ.)

النمل ٣٢ (قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ)

النمل ٣٣ (قالُوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي ما ذا تَأْمُرِينَ.)

النمل ٣٤ (قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها ....)

النمل ٣٥ (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ.)

النمل ٤١ (قالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ.)

النمل ٤٢ (فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَهكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ....)

النمل ٤٣ (وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللهِ إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ.)

النمل ٤٤ (قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.)(١)

__________________

(١). الآثار الباقية ، ص ٦٥ ؛ الأخبار الطوال ، ص ٢٠ و ٢١ ؛ الاشتقاق ، ص ٥٣٢ ؛ الأعلام ، ج ٢ ، ص ٧٣ و ٧٤ ؛ أعلام قرآن ، للخزائلي ، ص ٣٥٧ و ٦٩٢ ؛ أعلام النساء ، ج ١ ، ص ١٤٢ ـ ١٤٨ ؛ الأنبياء ، للعاملي ، ص ٤٣٢ ـ ٤٣٥ ؛ الانس الجليل ، ج ١ ، ص ١٢٦ ـ ١٣٩ ؛ البدء والتاريخ ، المجلد الأول ، الجزء الثالث ، ص ١٠٨ ؛ البداية والنهاية ، ج ١ ، ص ٣١ وج ٢ ، ص ٢٠ ـ ٢٢ و ١٤٧ ؛ تاجر العروس ، ج ٤ ، ص ١١٢ ؛ تاريخ أنبياء ، للسعيدي ، ص ٣١٣ ـ ٣١٨ ؛ تاريخ أنبياء ، لعمادزاده ، ج ٢ ، ص ٦١٢ ـ ٦١٩ ؛ تاريخ أنبياء ، للمحلاتي ، ج ٢ ، ص ٢٥١ ـ ٢٥٦ ؛ تاريخ حبيب السير ، ج ١ ، ص ١٢٣ ـ ١٢٥ و ٢٦٤ ؛ تاريخ

١٩٣

__________________

ابن خلدون ، ج ٢ ، ص ٥٧ و ٥٩ و ٦٦ و ١١٣ ؛ تاريخ الخميس ، ج ١ ، ص ٢٤١ ـ ٢٤٩ ؛ تاريخ الطبري ، ج ١ ، ص ٣٤٥ ـ ٣٥١ ؛ تاريخ أبي الفداء ، ج ١ ، ص ٦٧ ؛ تاريخ گزيده ، ص ٤٨ و ٤٩ ؛ تاريخ مختصر الدول ، ص ٣٢ و ٣٣ ؛ تاريخ ابن الوردي ، ج ١ ، ص ٧٦ ؛ تاريخ اليعقوبي ، ج ١ ، ص ١٩٦ ؛ التبيان في تفسير القرآن ، ج ٨ ، ص ٩١ ـ ١٠٠ ؛ تفسير البحر المحيط ، ج ٧ ، ص ٦٧ ـ ٧٩ ؛ تفسير البرهان ، ج ٣ ، ص ١٩٨ ـ ٢٠٦ ؛ تفسير البيضاوي ، ج ٢ ، ص ١٧٤ ـ ١٧٨ ؛ تفسير الجلالين ، ص ٣٧٨ ـ ٣٨١ ؛ تفسير أبي السعود ، ج ٦ ، ص ٢٨١ ـ ٢٨٩ ؛ تفسير شبّر ، ص ٣٦٤ ـ ٣٦٦ ؛ تفسير الصافي ، ج ٤ ، ص ٦٤ ـ ٦٨ ؛ تفسير الطبري ، ج ١٩ ، ص ٩٢ ـ ١٠٧ ؛ تفسير أبي الفتوح الرازي ، ج ٤ ، ص ١٥٧ ـ ١٦٨ ؛ تفسير الفخر الرازي ، ج ٢٤ ، ص ١٩٠ ـ ٢٠٠ ؛ تفسير القمي ، ج ٢ ، ص ١٢٧ و ١٢٨ ؛ تفسير ابن كثير ، ج ٣ ، ص ٣٦١ ـ ٣٦٧ ؛ تفسير المراغي ، المجلد السابع ، الجزء التاسع عشر ، ص ١٣٢ ـ ١٤٥ ؛ تفسير الميزان ، ج ١٥ ، ص ٣٦٩ ؛ تفسير نور الثقلين ، ج ٤ ـ ص ٩٢ و ٩٣ ؛ تنوير المقباس ، ص ٣١٧ ـ ٣١٩ ؛ تهذيب الأسماء واللغات ، ج ٢ ، ص ٣٣٣ ؛ التيجان ، ص ١٤٧ و ١٥٩ ؛ الجامع لأحكام القرآن ، ج ١٣ ، ص ١٨٢ ـ ٢١٣ ؛ جوامع الجامع ، ص ٣٣٦ ـ ٣٣٨ ؛ حياة الحيوان ، ج ٢ ، ص ٣٩٢ ؛ الحيوان ، ج ١ ، ص ١٨٧ ؛ خلاصة الأخبار ، ص ١٦٦ ـ ١٧٢ ؛ دائرة المعارف الاسلامية ، ج ٤ ، ص ١٠٩ ـ ١١١ ؛ دائرة معارف البستاني ، ج ٥ ، ص ٥٧٠ ـ ٥٧٣ ؛ دائرة معارف فريد وجدي ، ج ٢ ، ص ٣٤٤ ؛ داستانهاى شگفت انگيز قرآن مجيد ، ص ٥٥٨ ـ ٥٦٩ ؛ دراسات فنية في قصص القرآن ، ص ٤٠٣ و ٤٠٩ ـ ٤٢٨ و ٤٣٤ ؛ الدر المنثور ، ج ٥ ، ص ١٠٥ ـ ١١٢ ؛ الدر المنثور في طبقات ربات الخدور ، ص ٩٦ ـ ٩٩ ؛ ربيع الأبرار ، ج ٢ ، ص ٤٩٠ ؛ الروض الانف ، ج ١ ، ص ١٥٨ ؛ الروض المعطار ، ص ٣٠٢ و ٣٥٧ و ٣٧٤ و ٤٦٧ و ٥١٥ و ٦١٩ ؛ رياحين الشريعة ، ج ٥ ، ص ١٤٧ ـ ١٥٣ ؛ سفينة البحار ، ج ١ ، ص ١٠٤ ؛ صبح الأعشى ، ج ١ ، ص ٤٢٢ و ٤٢٦ وج ٢ ، ص ٨٢ وج ٥ ، ص ٦ ، و ٢٢ وج ٦ ، ص ٢٢٢ و ٢٢٣ و ٣٥٣ و ٣٥٨ وج ١٣ ، ص ١٦٢ ؛ عرائس المجالس ، ص ٢٧٦ ـ ٢٨٧ ؛ العقد الفريد ، ج ٣ ، ص ١٠٣ ؛ فرهنگ معين ، ج ٥ ، ص ٢٧٧ ؛ فرهنگ نفيسى ، ج ١ ، ص ٦٣٩ ؛ فصوص الحكم ، ج ١ ، ص ١٥١ و ١٥٤ و ١٥٥ و ١٥٧ وج ٢ ، ص ٢١٢ ؛ قاموس الكتاب المقدس ، ص ٤٥٢ و ٤٥٣ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ٢٠٢ ؛ قصص الأنبياء ، للجزائري ، ص ٤٢٣ ـ ٤٢٨ ؛ قصص الأنبياء ، لسميح عاطف الزين ، ص ٥٧٢ ـ ٥٧٦ ؛ قصص الأنبياء ، لابن كثير ، ج ٦ ، ص ٢٧٣ ـ ٢٨٠ ؛ قصص الأنبياء ، للنجار ، ص ٣٣٣ و ٣٣٤ ؛ قصص قرآن ، للبلاغي ، ص ١٨٦ ـ ١٩٠ و ٤٠٨ ؛ قصص قرآن مجيد ، للسورآبادي ، ص ٢٨٥ ـ ٢٩٢ ؛ قصص القرآن ، للقطيفي ، ص ١٣٧ ـ ١٤١ ؛ قصص القرآن ، لمحمد أحمد جاد المولى ، ص ١٧٦ ـ ١٧٨ ؛ قصه هاى قرآن ، للصحفى ،

١٩٤

بنيامين بن يعقوب

هو بنيامين ، وقيل : ابن يامين ، وقيل : ابن ياميل بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن عليه‌السلام من سلالة سام بن نوح عليه‌السلام ، وأمّه راحيل بنت لبان بن بتويل ، وهي ابنة خال نبي الله يعقوب عليه‌السلام.

أحد أولاد نبي الله يعقوب عليه‌السلام الاثني عشر ، وأخو نبي الله يوسف الصدّيق عليه‌السلام لأمّه وأبيه.

ماتت أمّه في أيام نفاسها به ، وكان أبوه يحبّه حبّا جمّا ، كحبّه لأخيه يوسف عليه‌السلام.

له دور مهمّ في قصة يوسف عليه‌السلام ، والتي سنذكرها مفصّلة في ترجمة حياة يوسف عليه‌السلام.

ينسب إليه «سفر بنيامين».

القرآن المجيد وبنيامين

أشار الذكر الحكيم إلى المترجم له ضمن آيات منها :

الآية ٨ من سورة يوسف : (إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا ....)

ولما دخل إخوة يوسف عليه‌السلام عليه ، وهو الآمر الناهي للبلاد المصرية ، فعرفهم

__________________

ص ١٧٤ ـ ١٧٧ ؛ الكامل في التاريخ ، ج ١ ، ص ٢٣٠ ـ ٢٣٨ ؛ الكشاف ، ج ٣ ، ص ٣٦٠ ـ ٣٧٠ ؛ كشف الأسرار ، ج ٧ ، ص ٢٠٤ ـ ٢١٩ ؛ الكنى والألقاب ، ج ٢ ، ص ٧٧ ؛ لسان العرب ، ج ١ ، ص ٩٤ و ٧٤٧ وج ٢ ، ص ٥١١ وج ٣ ، ص ٤٣٣ وج ١٤ ، ص ١٧ ؛ لغت نامه دهخدا ، ج ١١ ، ص ٢٥٣ و ٢٥٤ وج ٣٤ ص ١٥٩ و ١٦٠ و ١٦١ و ١٦٢ ؛ مجمع البحرين ، ج ٤ ، ص ٥٥ ؛ مجمع البيان ، ج ٧ ، ص ٣٤١ ـ ٣٥١ ؛ مجمل التواريخ والقصص ، ص ١٥٦ و ١٥٧ و ٢١٠ و ٤٢٣ ؛ المحبر ، ص ٣٦٧ ؛ مرآة الزمان ، السفر الأول ، ص ٥١١ ـ ٥٢٢ و ٥٣٦ ؛ مستدرك سفينة البحار ، ج ١ ، ص ٣٧٦ ؛ معجم أعلام القرآن ، ص ٧٨ ـ ٨٠ ؛ معجم البلدان ، ج ١ ، ص ٤٥٤ وج ٤ ، ص ٢١٠ ؛ المفصل في تاريخ العرب ، راجع فهارسه ؛ ملحق المنجد ، ص ١٤١ ؛ منتهى الارب ، ج ١ ، ص ١٠٣ ؛ مواهب الجليل ، ص ٤٩٧ ـ ٤٩٩ ؛ المورد ، ج ٢ ، ص ٢٠ ؛ الموسوعة العربية الميسرة ، ص ٤٠٠ ؛ نهاية الارب ، ج ١٤ ، ص ١٣٤.

١٩٥

يوسف عليه‌السلام وهم لا يعرفونه ، ولم يكن بنيامين معهم ، فقال عليه‌السلام لهم : ما شأنكم في مصر؟ قالوا : نحن من بلاد الشام ، جئنا إلى مصر لنشتري الطعام ، فقال لهم يوسف عليه‌السلام : كذبتم بل أنتم جئتم كعيون علينا فأصدقوني خبركم؟ قالوا : نحن عشرة أولاد لرجل صدّيق ، كنّا اثني عشر وكان من بيننا أخ خرج إلى البرية فهلك ، وكان أحبّنا إلى أبينا ، فسكن أبونا إلى أخ لنا أصغر منه ، وهو الآن عند أبينا ، فقال يوسف عليه‌السلام : ائتوني به ، وقد صرحت بذلك الآية ٦٠ من سورة يوسف : (فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ.)

وطلب منهم يوسف عليه‌السلام أن يجعلوا أحدهم عنده رهينة ، فتركوا عنده أخاهم شمعون ، ثم رجعوا إلى الشام وقصّوا على أبيهم ما طلب منهم يوسف عليه‌السلام ، فأجابهم يعقوب عليه‌السلام كما تذكر الآية ٦٤ من نفس السورة : (قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ ....)

ثم وردت الآية ٦٥ من نفس السورة لكي تذكر جانبا آخر من قصة يوسف عليه‌السلام وإخوته فقالت : (هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا وَنَمِيرُ أَهْلَنا وَنَحْفَظُ أَخانا ....)

ولما ألحّ إخوة يوسف عليه‌السلام على أبيهم بأن يرسل بنيامين إلى مصر ، فأجابهم كما صرحت به الآية ٦٦ من نفس السورة : (قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ ....)

وبعد اللّتيّا والّتي أقنعوا أباهم بأن يبعث معهم بنيامين إلى مصر ، فلما أدخلوه على يوسف عليه‌السلام ، صرّحت الآية ٦٩ من نفس السورة : (وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخاهُ.)

ثم عرّف يوسف عليه‌السلام نفسه لبنيامين ، فتعانقا طويلا ، ثم قال لأخيه : لا تبتئس بما فعلوه بنا فيما مضى ، فإنّ الله قد أحسن إلينا.

ولأجل أن يبقيه عنده أمر بوضع السقاية في متاعه ؛ لكي يوهم إخوته بأنّه سرق السقاية ، فيجب أن يحاكم ويحاسب على فعلته ولن يرجع معهم ، فأشارت الآية ٧٠ من نفس السورة إلى ذلك بقولها : (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ....)

١٩٦

ووردت الآية ٧٨ من نفس السورة تعبّر عن محاولة إخوة يوسف عليه‌السلام إطلاق سراح أخيهم : (إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ ....)

فقال لهم يوسف عليه‌السلام كما ذكرت الآية ٨١ من السورة نفسها : (ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ ....)

فلما رجعوا إلى أبيهم أعلموه بخبر بنيامين ، فقال يعقوب عليه‌السلام كما ذكرته الآية ٨٩ من نفس السورة : (قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ ....)

وأخيرا عرّف يوسف عليه‌السلام نفسه لإخوته ، وطلب منهم بأن يأتوه بأبيه إلى مصر ، فجاءوا به والتأم شملهم. (١)

__________________

(١). أعلام قرآن ، للخزائلي ، ص ٦٥٨ و ٦٥٩ و ٦٨١ و ٦٨٢ و ٦٨٩ وغيرها ؛ البداية والنهاية ، ج ١ ، ص ١٨٧ و ١٩٨ ـ ٢٠١ ؛ تاريخ حبيب السير ، ج ١ ، ص ٥٩ و ٦٠ و ٧٠ و ٧١ و ٧٦ ؛ تاريخ ابن خلدون ، ج ١ ، ص ٢٩٠ وج ٢ ، ص ٤٥ ؛ تاريخ الطبري ، ج ١ ، ص ٢٤٤ ـ ٢٥٢ ؛ تاريخ گزيده ، ص ٣٣ و ٣٥ و ٣٦ ؛ تاريخ مختصر الدول ، ص ١٥ ؛ التبيان في تفسير القرآن ، ج ٦ ، ص ١٠٠ و ١٦٠ و ١٧٤ و ١٧٥ و ١٧٩ وراجع مفتاح التفاسير ؛ تفسير البحر المحيط ، ج ٥ ، ص ٢٨٢ و ٣٢٠ ـ ٣٤٠ ؛ تفسير البرهان ، ج ٢ ، ص ٢٥٨ ، وراجع مفتاح التفاسير ؛ تفسير البيضاوي ، ج ١ ، ص ٤٧٧ و ٤٨٨ وراجع مفتاح التفاسير ؛ تفسير الجلالين ، ص ٢٣٦ و ٢٤٢ ؛ تفسير أبي السعود ، ج ٤ ، ص ٢٥٥ و ٢٨٩ ـ ٢٩١ وراجع مفتاح التفاسير ؛ تفسير شبّر ، ص ٢٤٠ و ٢٤٥ ؛ تفسير الصافي ، ج ٣ ، ص ٧ و ٣٢ و ٣٣٦ وراجع مفتاح التفاسير ؛ تفسير الطبري ، ج ١٢ ، ص ٩٣ وج ١٣ ، ص ٦ و ٧ وراجع مفتاح التفاسير ؛ تفسير أبي الفتوح الرازي ، ج ٣ ، ص ١١١ وراجع مفتاح التفاسير ؛ تفسير الفخر الرازي ، ج ١٨ ، ص ٩٢ و ١٦٩ و ١٧٧ وراجع مفتاح التفاسير ؛ تفسير القمي ، ج ١ ، ص ٣٤٧ ـ ٣٥٢ ؛ تفسير ابن كثير ، ج ٢ ، ص ٤٧٠ و ٤٨٥ و ٤٨٥ و ٤٨٦ و ٤٨٧ وراجع مفتاح التفاسير ؛ تفسير المراغي ، المجلد الرابع ، الجزء الثاني عشر ، ص ١١٨ والمجلد الخامس ، الجزء الثالث عشر ، ص ١٩ وراجع مفتاح التفاسير ؛ تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٨٩ و ٢٢١ وراجع مفتاح التفاسير ؛ تفسير نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٤٣٩ و ٤٤٢ و ٤٤٣ وراجع مفتاح التفاسير ؛ تنوير المقباس ، ص ١٩٤ و ١٩٩ وبعدها ؛ التوراة ـ سفر التكوين ـ ، ص ٦٠ و ٦١ و ٢١٦ ؛ الجامع لأحكام القرآن ، ج ٣ ، ص ٢٤٥ وج ٦ ، ص ١١٣ وج ٩ ، ص ١٣٠ و ٢٢١ وراجع فهرسته ؛ جوامع الجامع ، ص ٢١٣ و ٢٢٠ وبعدها ؛ حياة القلوب ، ج ١ ، ص ١٣٨ ؛ الخصال ، ص ٤٦٦ ؛ خلاصة الأخبار ، ص ١٠٩ و ١١٠ و ١١١ ؛ دائرة المعارف الاسلامية ، ج ٤ ، ص ٢٣٦ و ٢٣٧ ؛ دائرة معارف البستاني ، ج ٥ ، ص ٦٣١ و ٦٣٢ ؛ داستانهاى شگفت انگيز قرآن مجيد ،

١٩٧

بهلول النبّاش

هو بهلول بن ذؤيب النبّاش.

القرآن العظيم وبهلول

نزلت فيه الآية ١٣٥ من سورة آل عمران : (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ ....) وسببها هو في أحد الأيام دخل معاذ بن جبل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : يا رسول الله! إنّ بالباب شابّا طري الجسد نقيّ اللون حسن الصورة يبكي بكاء الثكلى يريد الدخول عليك ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أدخله ، فأدخله معاذ ، فسلّم الشاب على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فردّ عليه‌السلام وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما يبكيك؟ فقال بهلول : وكيف لا أبكي وقد ارتكبت ذنوبا إن أخذني الله عزوجل ببعضها أدخلني نار جهنم ، ولا أراني إلّا سيأخذني بها ، ولا يغفر لي أبدا ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : هل أشركت بالله شيئا؟ قال بهلول : أعوذ بالله أن أشرك بربّي شيئا ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أقتلت النفس التي حرّم الله؟ قال : لا ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يغفر الله ذنوبك وإن كانت مثل الجبال الرواسي ، قال بهلول : فإنّها أعظم من الجبال الرواسي ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يغفر الله لك ذنوبك وإن كانت مثل الأرضين السبع وبحارها ورمالها وأشجارها وما فيها من الخلق. قال بهلول :

__________________

ص ٣١٠ ـ ٣٢٠ ؛ الدر المنثور ، ج ٤ ، ص ٤ وراجع مفتاح التفاسير ؛ فرهنگ معين ، ج ٥ ، ص ٢٨٥ و ٢٨٦ ؛ قاموس الكتاب المقدس ، ص ١٩٢ و ١٩٣ ؛ قصص الأنبياء ، للراوندي ، ص ١٣٠ ؛ قصه هاى قرآن للصحفي ، ص ١١١ ؛ الكامل في التاريخ ، ج ١ ، ص ١٢٦ و ١٤٧ ـ ١٥٤ ؛ الكشاف ، ج ٢ ، ص ٤٤٦ و ٤٨٤ و ٤٨٩ وراجع مفتاح التفاسير ؛ كشف الأسرار ، ج ٥ ، ص ١٥ وراجع فهرسته ؛ لغت نامه دهخدا ، ج ١١ ، ص ٣٤٠ ؛ مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ٣٢٣ و ٣٨٩ و ٣٩٣ و ٣٩٥ وراجع مفتاح التفاسير ؛ مجمل التواريخ والقصص ، ص ١٩٤ ـ ١٩٦ ؛ المحبر ، ص ٣٨٧ و ٣٨٨ ؛ مرآة الزمان ـ السفر الأول ـ ، ص ٣٦٤ ؛ مروج الذهب ، ج ١ ، ص ٤٧ ؛ ملحق المنجد ، ص ١٤٥ ؛ مواهب الجليل ، ص ٣٠٣ و ٣١٢ و ٣١٣ و ٣١٤ و ٣١٥ و ٣١٦ ؛ الموسوعة العربية الميسرة ؛ ص ٤١٧ ؛ اليهود في القرآن ص ١٧٠ ـ ١٧٣.

١٩٨

فإنّها أعظم من الأرضين وبحارها ورمالها وأشجارها وما فيها من الخلق. فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يغفر الله ذنوبك وإن كانت مثل السماوات ونجومها ، ومثل العرش والكرسي. قال بهلول : فإنها أعظم من ذلك.

فنظر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إليه كهيئة الغضبان ثم قال : ويحك يا شاب! ذنوبك أعظم من ربك؟ فخرّ بهلول على وجهه وهو يقول : سبحان ربّي ما من شيء أعظم من ربّي ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : فهل يغفر الذنب العظيم إلّا الربّ العظيم؟! ويحك! ألا تخبرني بذنب واحد من ذنوبك؟

قال بهلول : بلى! أخبرك ، إنّي كنت أنبش القبور سبع سنين ، أخرج الأموات وأنزع أكفانهم ، فماتت جارية من بعض بنات الأنصار ، فلما حملوها إلى قبرها ودفنوها وانصرف عنها أهلها وجنّ الليل أتيت قبرها فنبشته واستخرجتها ، ونزعت ما كان عليها من أكفان وتركتها مجرّدة على شفير قبرها وانصرفت.

فأتاني الشيطان وقال لي : أما ترى بطنها وبياضها؟ أما ترى وركيها؟ فلم يزل يذكر مفاتنها حتى أغراني ، فرجعت إليها ولم أملك نفسي حتى جامعتها ، ثم تركتها في مكانها ، فإذا أنا بصوت من خلفي يقول : يا شاب! الويل لك ، كنت مستورة ففضحتني ، وكنت طاهرة فنجّستني ، فضحك الله في الملإ الأعلى كما فضحتني في الملإ الأسفل ، وخصمك الديّان يوم القيامة.

ثم استطرد بهلول قائلا : يا نبي الله فما أظن أنّي أشم رائحة الجنة أبدا ، فما ترى يا رسول الله؟

فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : تنح عني يا فاسق ، إنّي أخاف أن أحترق بنارك ، فما أقربك من النار.

وبعد تلك المحاورة انصرف عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يائسا ، وقصد بعض جبال المدينة واستقرّ فيها بعد أن غلّ يديه إلى عنقه ، وكان يقضي أوقاته بالبكاء والعويل وينادي : يا رب! هذا عبدك بهلول بين يديك ، يعلن ندمه وتوبته واستغفاره.

ولم يزل يبكي ويتضرّع إلى الله سبحانه أربعين ليلة ، فنزلت الآية المذكورة على

١٩٩

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في حقّه ، فتبسّم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال لأصحابه : من يدلّني على ذلك الشاب؟ فقال معاذ : بلغنا يا رسول الله أنّه في المكان الفلاني ، فمضى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وبعض أصحابه حتى انتهوا إلى الجبل الذي يقيم فيه ، وإذا به قائم بين صخرتين مغلولة يداه إلى عنقه ، وقد اسود وجهه ، وتساقطت أشفار عينيه من شدّة البكاء ، وهو يردد عبارات التوبة والاستغفار ، ويطلب المغفرة والعفو من ربّ العزة.

فدنا منه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأطلق يديه من عنقه ، ونفض التراب عن رأسه ، ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا بهلول! أبشر فإنّك عتيق الله من النار ، وبشّره بالجنّة.

ومن الجدير بالذكر أن القصة المذكورة رويت على صور مختلفة مع اتفاقها في المضمون. (١)

__________________

(١). اسد الغابة ، ج ١ ، ص ٢١٠ و ٢١١ ؛ الاصابة ، ج ١ ، ص ١٦٧ ؛ تجريد أسماء الصحابة ، ج ١ ، ص ٥٧ ؛ تفسير البرهان ، ج ١ ، ص ٣١٦ و ٣١٧ ؛ تفسير الصافي ، ج ١ ، ص ٣٥٣ ـ ٣٥٥ ؛ روضة الواعظين ، ص ٤٧٩ ؛ سفينة البحار ، ج ١ ، ص ١١٣ وج ٢ ، ص ٥٦٨ ؛ قصص قرآن مجيد ، للسورآبادي ، ص ٣٧ ـ ٣٩ ؛ مستدرك سفينة البحار ، ج ٩ ، ص ٥٢٤ ؛ نمونه بينات ، ص ١٤٨ ـ ١٥١.

٢٠٠