مصنّفات ميرداماد - ج ١

مير محمّد باقر بن محمّد حسين الاسترابادي [ ميرداماد ]

مصنّفات ميرداماد - ج ١

المؤلف:

مير محمّد باقر بن محمّد حسين الاسترابادي [ ميرداماد ]


المحقق: عبدالله نوراني
الموضوع : الفلسفة والمنطق
الناشر: منشورات مطبعة وزارة الإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-7874-07-3
الصفحات: ٦٣٨
الجزء ١ الجزء ٢

أولى بحسناتك منك ، وأنت أولى بسيئاتك منّى. فالخير منّى إليك بما أوليت بداء ، والشّرّ منّى إليك بما جنيت جزاء ، وبإحسانى إليك قويت على طاعتى ، وبسوء ظنّك بى قنطت من رحمتى ، فلى الحمد والحجّة عليك بالبيان ، ولى السبيل عليك بالعصيان ، ولك جزاء الخير عندى بالإحسان. لم أدع تحذيرك ، ولم آخذك عند غرّتك ، ولم أكلّفك فوق طاقتك ، ولم أحمّلك من الأمانة إلّا ما أقررت به على نفسك ، رضيت لنفسى منك ما رضيت لنفسك منّى» ، (التوحيد ، ص ٣٤٣).

(٥٢) ومن طريقه فيه بسند آخر مسندا عن عبد الله بن عمر ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله باختلاف يسير ، وفيه مكان «مضى القدر» تمّ القضاء. ومكان «إلّا ما أقررت به على نفسك» إلّا ما قدرت عليه ، (التوحيد ، ص ٣٤١).

(٥٣) ومن طريقه فيه بإسناده عن عبد الله بن مسكان ، عن أبى بصير ، عن أبى عبد الله عليه‌السلام : «أنّه سئل عن المعرفة أهي مكتسبة؟ فقال : لا. فقيل له : فمن صنع الله عزوجل وعطائه هي؟ قال : نعم ، وليس للعباد فيها صنع. ولهم اكتساب الأعمال. وقالعليه‌السلام: أفعال العباد مخلوقة خلق تقدير ، لا خلق تكوين» ، (التوحيد ، ص ٤١٦).

(٥٤) ومن طريقه فيه وكذلك طريق رئيس المحدّثين في «الكافى» (ص ١٦٦) ، موثّقة أحمد بن محمّد بن فضّال ، عن على بن عقبة ، عن أبيه قال : «سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : اجعلوا أمركم لله ولا تجعلوه للناس ، فإنّه ما كان لله فهو لله ، وما كان للناس فلا يصعد إلى الله. ولا تخاصموا الناس لدينكم ، فإنّ المخاصمة ممرضة القلب ، إنّ الله عزوجل قال لنبيّه : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) (القصص ، ٥٦) ، وقال : (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (يونس ، ٩٩). وذروا الناس ، فإنّ الناس أخذوا عن الناس ، وإنّكم أخذتم عن رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وآله. إنّى سمعت أبى عليه‌السلام يقول : إنّ الله عزوجل إذا كتب على عبد أن يدخل في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره» ، (التوحيد ، ص ٤١٥).

(٥٥) ومن طريقه فيه بإسناده عن محمّد بن عبد الرحمن العرزميّ ، عن أبيه عبد الرحمن ، رفعه إلى من قال : «سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : قدّر الله المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرضين بخمسين ألف سنة» ، (التوحيد ، ص ٣٦٨).

٢٤١

(٥٦) ومن طريقه رضى الله عنه فيه وفي كتاب «من لا يحضره الفقيه» موثّقة إسماعيل بن مسلم بإسناد صحيح عنه ، حدّثنا أبى رضى الله عنه قال : حدّثنا على بن الحسن الكوفي ، عن أبيه الحسن بن على بن عبد الله الكوفي ، عن جدّه عبد الله بن مغيرة ، عن إسماعيل بن مسلم أنّه سأل الصادق عليه‌السلام : «عن الصلاة خلف رجل يكذّب بقدر الله عزوجل. قال : فليعد كلّ صلاة صلّاها خلفه» ، (التوحيد ، ص ٣٨٣).

(٥٧) ومن طريقه فيه وفي كتاب «الخصال» بإسناده عن الأعمش ، عن جعفر بن محمّد عليه‌السلام. قال : «في ما وصف له من شرائع الدين : إنّ الله لا يكلّف نفسا إلّا وسعها ، ولا يكلّفها فوق طافتها ، وأفعال العباد مخلوقة خلق تقدير ، لا خلق تكوين ، والله خالق كلّ شيء. ولا نقول بالجبر ولا بالتفويض» ، الحديث بطوله ، (التوحيد ، ص ٤٠٨).

(٥٨) ومن طريقه مسندا عن جابر بن يزيد الجعفى ، قال : قلت لأبى عبد الله عليه‌السلام يا ابن رسول الله ـ وساق الحديث إلى حيث قال : ـ فقال عليه‌السلام : «إنّ الله تبارك وتعالى أولى بما يدبّره من أمر خلقه بينهم ، وهو الخالق والمالك لهم ، فمن منعه التعمير فإنّما منعه ما ليس له ، ومن عمّره فإنّما أعطاه ما ليس له ، فهو المتفضل بما أعطاه وعادل في ما منع ، ولا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون. قال جابر : فقلت له : يا ابن رسول الله. وكيف لا يسأل عمّا يفعل؟ قال : لأنّه لا يفعل إلّا ما كان حكمة وصوابا ؛ وهو المتكبّر الجبّار والواحد القهار. فمن وجد في نفسه حرجا في شيء ممّا قضى الله فقد كفر ، ومن أنكر شيئا من أفعاله جحد». يعنى عليه‌السلام : ممّا قضى من الكفر والمعاصى ، (التوحيد ، ص ٣٩٧).

(٥٩) ومن طريقه فيه مسندا عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، وأورده في كتاب «الاعتقادات» مرسلا قال : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : في القدر : إنّ القدر سرّ من سرّ الله وحرز من حرز الله مرفوع في حجاب الله ، مطوىّ عن خلق الله ، مختوم بخاتم الله ، سابق في علم الله ، وضع الله العباد عن علمه ، ورفعه فوق شهاداتهم ومبلغ عقولهم ، لأنّهم لا ينالونه بحقيقة الربانيّة ولا بقدرة الصمدانيّة ، ولا بعظمة النورانيّة ، ولا بعزة الوحدانيّة لأنّه بحر زاخر موّاج خالص لله عزوجل. عمقه ما بين السماء والأرض ، عرضه ما بين المشرق والمغرب ، أسود كالليل الدامس ، كثير الحيّات والحيتان ، يعلو مرّة

٢٤٢

ويسفل أخرى ، في قمره شمس تضيء لا ينبغى أن يطّلع إليها الّا الله الواحد الفرد. فمن تطلّع إليها فقد ضادّ الله في عزّه ونازعه في سلطانه وكشف عن سرّه وسرّه وباء بغضب من الله ، ومأواه جهنّم وبئس المصير» ، (التوحيد ، ص ٣٨٣).

قوله : «إلّا الواحد الفرد» ، يعنى عليه‌السلام به من كان ممّن قد خصّه الله عزوجل بعميم طوله ، وحفّه بعظيم فضله من العلماء الراسخين والحكماء الشامخين ، فإنّه يحقّ له أن يتطلع إليها ويتنطّح في سبيل الاستكشاط عن سرّها ، فيتعرّف بالبرهان أنّه ليس يمكن أن ينال كنه حقيقتها إلّا البصير بجملة نظام الوجود والمحيط بأسباب كلّ موجود ، كما قال عليه‌السلام ، لأنّهم لا ينالونه بحقيقة الربانيّة. قلت : وأرجو من الله جلّ سلطانه أن يكون مصنّف هذا الكتاب ، وهو أضعف خلق الله وأفقرهم إليه بفيض فضله العظيم سبحانه من ذلك الواحد الفرد المحتفّ بالنور والأيد.

(٦٠) من طريق رئيس المحدّثين الكلينى رضى الله عنه في جامعه «الكافى» صحيحة عبد الله بن مسكان ، عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن إسماعيل السراج ، عن ابن مسكان ، عن ثابت بن سعيد ، قال : «قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا ثابت ، ما لكم وللناس ، كفّوا عن الناس ولا تدعوا أحدا إلى أمركم. فو الله ، لو أنّ أهل السماوات وأهل الأرضين اجتمعوا على أن يهدوا عبدا يريد الله ضلاله ، ما استطاعوا أن يهدوه. ولو أنّ أهل السماوات وأهل الأرضين اجتمعوا على أنّ يضلّوا عبدا يريد الله أن يهديه ما استطاعوا أن يضلّوه. كفّوا عن الناس ، ولا يقول أحد : عمّى وأخى وابن عمّى وجارى. فإنّ الله إذا أراد بعبد خيرا طيّب روحه ، فلا يسمع معروفا إلّا عرفه ، ولا منكرا إلّا أنكره ، ثمّ يقذف الله في قلبه كلمة يجمع بها أمره» ، (الكافى ، ج ١ ، ص ١٦٥).

(٦١) ومن طريق «الكافى» (ص ١٦٧) ، في الصحيح أبو على الأشعريّ ، وهو أحمد بن إدريس القمىّ عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان بن يحيى ، عن محمّد بن مروان، عن فضيل بن يسار ، قال : «قلت لأبى عبد الله عليه‌السلام : ندعو الناس إلى هذا الأمر؟ قال : لا ، يا فضيل ، إنّ الله إذا أراد بعبد خيرا ، أمر ملكا ، فأخذه بعنقه ، فأدخله في هذا الأمر طائعا أو كارها». يعنى عليه‌السلام إنّ الله عزوجل يهديه لإرادة

٢٤٣

الدخول في هذا الأمر ، ويهيّئ له أسباب التبصّر والهدى ، لا أنّه سبحانه يجبره على ذلك يضطرّه إليه من غير إرادته واختياره.

(٦٢) ومن طريق «الكافى» (ج ٢ ، ص ١٥٨) ، في الصحيح ، عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أحمد بن محمّد بن أبى نصر ، عن صفوان الجمّال ، قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً) (الكهف ، ٨٢) ، فقال : أمّا إنّه ما كان ذهبا ولا فضّة وإنّما كان أربع كلمات : لا إله إلّا أنا. من أيقن بالموت لم يضحك سنّه ، ومن أيقن بالحساب لم يفرح قلبه ، ومن أيقن بالقدر لم يخش إلّا الله».

(٦٣) ومن طريقه عن الحسن بن على الوشّاء ، عن المثنّى بن الوليد ، عن أبى بصير ، عن أبى عبد الله عليه‌السلام ، قال : «ليس شيء إلّا وله حدّ. قال : قلت : جعلت فداك : فما حدّ التوكّل؟ قال : اليقين. قلت : فما حدّ اليقين؟ قال : أن لا تخاف مع الله شيئا».

(٦٤) ومن طريق عروة الإسلام في مسنده الجامع في «التوحيد» صحيحة أبان بن عثمان الأحمر ، عدّة من اصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن على بن الحكم ، عن أبان الأحمر ، عن حمزة بن الطيّار ، عن أبى عبد الله عليه‌السلام ، قال : «قال لى : اكتب ، فأملى على : إنّ من قولنا : إنّ الله يحتجّ على العباد بما آتاهم وعرّفهم ، ثمّ أرسل إليهم رسولا وأنزل عليهم الكتاب ، فأمر فيه ونهى ، أمر فيه بالصلاة والصوم. فنام رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، عن الصلاة فقال : أنا أنيمك وأنا أوقظك. فإذا قمت فصلّ ، ليعلموا إذا أصابهم ذلك كيف يصنعون ، ليس كما يقولون إذا نام عنها هلك. وكذلك الصيام : أنا أمرّضك وأنا أصحّحك ، فإذا شفيتك فاقضه. ثمّ قال أبو عبد الله ، عليه‌السلام : وكذلك إذا نظرت في جميع الأشياء لم تجد أحدا في ضيق ، ولم تجد أحدا إلّا ولله عليه الحجّة ، وله فيه المشيّة ، ولا أقول : إنّهم ما شاءوا صنعوا. ثمّ قال : إنّ الله يهدى ويضلّ ، وقال : وما أمروا إلّا بدون سعتهم ، وكلّ شيء أمر الناس به فهم يسعون له ، وكلّ شيء لا يسعون له فهو موضوع عنهم. ولكنّ أكثر الناس لا خير فيهم. ثمّ تلى عليه‌السلام : «ليس على الضّعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج» فوضع عنهم : «ما على المحسنين من سبيل ،

٢٤٤

والله غفور رحيم. ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم». قال : فوضع عنهم ، لأنهم لا يجدون» ، (الكافى ، ج ٢ ، ص ١٦٤ ؛ التوحيد ، ص ٤١٣).

(٦٥) ومن طريق رئيس المحدثين في «الكافى» (ص ١٤٩) ، صحيحة فضالة بن أيّوب العاليّة الإسناد : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد خالد ، عن أبيه ، ومحمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ومحمّد بن خالد جميعا ، عن فضالة ، عن أيّوب ، عن محمّد بن عمّارة ، عن حريز بن عبد الله وعبد الله بن مسكان جميعا ، عن أبى عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : «لا يكون شيء في الأرض ولا في السماء إلّا بهذه الخصال السّبع ، بمشيّة وإرادة وقدر وقضاء وإذن وكتاب وأجل. فمن زعم أنّه يقدر على نقض واحدة فقد كفر».

قال رضى الله عنه : ورواه على بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمّد بن حفص ، عن محمّد بن عمّارة ، عن حريز بن عبد الله وابن مسكان مثله. ثمّ قال : ورواه أيضا عن أبيه ، عن محمّد بن خالد ، عن زكريا بن عمران ، عن أبى الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام ، قال : لا يكون شيء في السماوات ولا في الأرض إلّا بسبع : بقضاء وقدر وإرادة ومشيّة وكتاب وأجل وإذن. فمن زعم غير هذا فقد كذب على الله ، أو ردّ على الله عزوجل».

(٦٦) ومن طريق «الكافى» (ص ١٥١) ، قويّة بل حسنة على ابن معبد ، عن واصل بن سليمان ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبى عبد الله عليه‌السلام ، قال : «سمعته يقول : أمر الله ولم يشأ ، وشاء ولم يأمر. أمر إبليس أن يسجد لآدم ، وشاء أن لا يسجد. ولو شاء لسجد. ونهى آدم عن أكل الشجرة ، وشاء أن يأكل منها. ولو لم يشأ لم يأكل».

(٦٧) ومن طريق «الكافى» (ص ١٥١) ، على بن إبراهيم ، عن المختار بن محمّد الهمدانيّ ومحمّد بن الحسن ، عن عبد الله بن الحسن العلويّ جميعا ، عن الفتح بن يزيد الجرجانىّ ، عن أبى الحسن عليه‌السلام قال : «إنّ لله إرادتين ومشيّتين ، إرادة حتم وإرادة عزم. ينهى وهو يشاء ، ويأمر وهو لا يشاء. أو ما رأيت أنّه نهى آدم وزوجته أن يأكلا من الشجرة وشاء ذلك. ولو لم يشأ أن يأكلا لما غلبت مشيّتهما مشيّة الله. وأمر إبراهيم أن يذبح إسحاق ولم يشأ أن يذبحه ، ولو شاء لما غلبت مشيت إبراهيم مشيّة الله».

٢٤٥

(٦٨) ورواه الصدوق ، رحمه‌الله ، في كتاب «التوحيد» (ص ٦١) ، في حديث بسنده عن أبى القاسم إبراهيم بن محمّد العلوى ، عن فتح بن يزيد الجرجانىّ ، قال : لقيتهعليه‌السلام على الطريقة ، بعد منصرفي من مكة إلى خراسان ، وهو سائر إلى العراق ، فسمعته يقول : من اتقى الله يتقى ، ومن أطاع الله يطاع. فتلطفت في الوصول إليه ، فوصلت فسلّمت ، فردّ على السلام ، ثمّ قال : يا فتح ، من أرضى الخالق لم يبال بسخط المخلوق ، ومن أسخط الخالق ، فقمن أن يسلّط عليه سخط المخلوق ، وإنّ الخالق لا يوصف إلّا بما وصف به نفسه ، وأنّى يوصف الذي تعجز الحواسّ أن تدركه ، والأوهام أن تناله ، والخطرات أن تحدّه ، والأبصار عن الإحاطة به ، جلّ عمّا وصفه الواصفون ، وتعالى عمّا ينعته الناعتون. وفي آخر الحديث ، قلت : إنّ عيسى ، عليه‌السلام ، خلق من الطين طيرا دليلا على نبوّته ، والسامرىّ خلق عجلا جسدا لنقض نبوّة موسى عليه‌السلام ، وشاء الله أن يكون ذلك كذلك. إنّ هذا لهو العجب. فقال عليه‌السلام : ويحك ، يا فتح ، إنّ لله إرادتين ومشيّتين ، إرادة حتم وإرادة عزم ، ينهى وهو يشاء ويأمر وهو لا يشاء. أو ما رأيت أنّه نهى آدم وزوجته عن أن يأكلا من الشجرة وهو شاء ذلك ، ولو لم يشأ لم يأكلا ، ولو أكلا لقلبت مشيّتهما مشية الله. وأمر إبراهيم بذبح ابنه إسماعيل ، وشاء أن لا يذبحه. ولو لم يشأ أن لا يذبحه لغلبت مشيّة الله عزوجل. قلت : فرّجت عنى فرّج الله عنك ، غير أنّك قلت : السميع البصير سميع بأذن وبصير بعين. قال : إنّه يسمع بما يبصر ويرى بما يسمع. بصير لا بعين ، مثل عين المخلوقين ، وسميع لا بمثل سمع السامعين. لكن بما لا تخفى عليه خافية» ، الحديث.

(٦٩) ومن طريق «الكافى» (ص ١٥٠) ، على بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن أبان عن أبى بصير ، قال : «قلت لأبى عبد اللهعليه‌السلام : شاء وأراد وقدر وقضى ولم يحبّ. قال هكذا خرج إلينا».

(٧٠) ومن طريق «الكافى» (ص ١٥٠) ، بإسناده عن على بن إبراهيم الهاشميّ قال : سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام ، يقول : لا يكون شيء إلّا ما شاء الله وأراد وقدّر وقضى» ، الحديث.

(٧١) ومن طريق «الكافى» (ص ١٦١) ، في العالى الإسناد محمّد بن يحيى و

٢٤٦

على بن إبراهيم جميعا ، عن أحمد بن محمّد ، عن على بن الحكم وعبد الله بن يزيد جميعا ، عن رجل من أهل البصرة. قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الاستطاعة. فقال : أبو عبد الله : أتستطيع أن تعمل ما لم يكون؟ قال : لا. قال : فتستطيع أن تنتهى عمّا قد كوّن. قال : لا. قال : فقال له أبو عبد الله : فمتى أنت مستطيع؟ فقال : لا أدرى. فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : إنّ الله خلق خلقا فجعل فيهم آلة الاستطاعة. ثمّ لم يفوّض إليهم. فهم مستطيعون للفعل وقت الفعل مع الفعل إذا فعلوا ذلك الفعل ، فإذا لم يفعلوه في ملكه لم يكونوا مستطيعين أن يفعلوا فعلا لم يفعلوه. إنّ الله عزوجل أعزّ من أن يضادّه في ملكه أحد. قال البصريّ : فالناس مجبورون؟ فقال : لو كانوا مجبورين كانوا معذورين. قال : ففوّض إليهم؟ قال : لا. قال : فما هم؟ قال : علم منهم فعلا ، فجعل فيهم آلة الفعل. فإذا فعلوا كانوا مع الفعل مستطيعين. قال البصريّ : أشهد أنّه الحقّ وإنّكم أهل بين النبوّة والرسالة».

(٧٢) ومن طريق «الكافى» (ص ١٦٢) ، في العالى الإسناد محمّد بن أبى عبد الله ، عن سهل بن زياد وعلى بن إبراهيم ومحمّد بن يحيى جميعا ، عن أحمد بن محمّد ، عن على بن الحكم ، عن صالح النيلىّ ، قال : «سألت أبا عبد الله : هل للعباد من الاستطاعة شيء؟ قال : فقال لى : إذا فعلوا الفعل كانوا مستطيعين بالاستطاعة التي جعلها الله فيهم. قال : قلت : وما هي؟ قال : الآلة. مثل الزانى إذا زنى كان مستطيعا للزنا حين زنى. ولو أنّه ترك الزنا ولم يزن كان مستطيعا لتركه إذا ترك. قال : ثمّ قال : ليس له من الاستطاعة قبل الفعل قليل ولا كثير ، ولكن مع الفعل والترك كان مستطيعا. قلت : فعلى ما يعذّبه؟ قال : بالحجّة البالغة والآلة التي ركّب فيهم ، إنّ الله لم يجبر أحدا على معصيته ، ولا أراد إرادة حتم من أحد ، ولكن حين كفر كان في إرادة الله يكفر ، وهم في إرادة الله وفي علمه أن لا يصيروا إلى شيء من الخير. قلت : أراد منهم أن يكفروا؟ قال : ليس هكذا أقول ، ولكنى أقول : علم أنّهم سيكفرون ، فأراد الكفر ، لعلمه فيهم ، وليست هي إرادة حتم ، إنّما هي إرادة اختيار».

عنى عليه‌السلام : بالاستطاعة المنفىّ كونها قبل الفعل ، قدرة العبد على الفعل بالقياس إلى النظام الجملىّ ، لا قدرته بحسب حال نفسه مع عزل النظر عن نظام

٢٤٧

الوجود ، أو قدرته المستتمّة باستجماع الشرائط واستتمام المنتظرات جميعا ، لا أصل القدرة المستوية النسبة إلى طرفي الفعل ، من الفعل والترك مع عزل النظر عن سائر الشرائط والمنتظرات. فليس في ذلك نفى القدرة قبل حصول الفعل على ما تذهب إليه الأشعريّة. وسيزداد الأمر بيانا من ذى قبل إنّ شاء الله.

(٧٣) ومن طريق «عيون أخبار الرضا» (ج ١ ، ص ١٣١) ، في الصحيح العالى الإسناد من الثلاثيّات ، حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس العطار ، رضى الله عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن على بن قتيبة النيسابورىّ ، قال : سألت الرضا عليه‌السلام : عن قول الله عزوجل : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) (الانعام ، ١٢٥) ، قال : من يرد الله أن يهديه بإيمانه في الدنيا إلى جنّته ودار كرامته يشرح صدره للتسليم لله والثقة به والسكون على ما وعده من ثوابه حتّى يطمئنّ إليه. ومن يرد أن يضلّه عن جنّته ودار كرامته في الآخرة ، لكفره به وعصيانه له في الدنيا ، يجعل صدره ضيّقا حرجا يشكّ في كفره ويضطرب من اعتقاده قلبه حتّى يصير كأنّما يصعّد في السماء ، كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون».

قلت : حمدان بن سليمان أبو سعيد النيسابورىّ الثقة المعروف بابن التاجر من وجوه أصحابنا. أورده الشيخ ، رحمه‌الله ، في كتاب «الرجال» في أصحاب أبى الحسن الهادىعليه‌السلام ، وفي أصحاب أبى محمّد العسكريّ عليه‌السلام. وله فى أسانيد طائفة من الأخبار ، كهذا الخبر وغيره رواية عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام. وذلك مثل أنّ إبراهيم بن هاشم إنّما المعروف من حاله في كتب الرجال أنّه من أصحاب أبى الحسن الرضا وأبى جعفر الجواد عليهما‌السلام.

ثمّ إنّ له في بعض الأخبار رواية عن أبى عبد الله الصادق ، كما في «الكافى» في غير موضع واحد. وفي التهذيب في باب الزيارات من باب الزكاة محمّد بن يعقوب عن على بن إبراهيم ، عن أبيه. قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن صدقات أهل الذمّة وما يؤخذ من ثمن خمورهم ولحم خنازيرهم. الحديث. وكان بعض من عاصرناه يستبعد ذلك أشدّ الاستبعاد. وليس هو بذاك البعاد. ونظائر هذا في تضاعيف الأسانيد وأضعاف كتب الرجال كثيرة جدّا.

٢٤٨

وأمّا ما أورده ، جلّ سلطانه ، من التمثيل ما سبيله وكيف مسلكه؟ ففى «الكشّاف» يجعل صدره ضيّقا حرجا ، يمنعه ألطافه حتّى يقسو قلبه فينبو عن قبول الحق وينسدّ ، فلا يدخله الإيمان. وقرئ ضيقا بالتخفيف والتشديد. وحرجا بالكسر ، وحرجا بالفتح وصفا بالمصدر. كأنّما يصعّد في السماء كأنّما يزاول أمرا غير ممكن. لأنّ صعود السماء مثل في ما يمتنع ويبعد من الاستطاعة وتضيق عنه المقدرة. وفي تفسير البيضاويّ : وقيل : معناه كأنّما يتصاعد إلى السماء نبوا عن الحقّ وتباعدا في الهرب منه.

قلت : ولعلّ مغزاه ، كم قد نبّه عليه قول العالم عليه‌السلام ، إنّه من ضيق صدره وجاش روعه واضطراب قلبه من فزع هجوم الشكّ ووجيب فقدان اليقين كمن يصعّد في السماء من ارتعاد فرائضه وخفقان فؤاده من مخافة التّسقّط وخشية السقوط.

(٧٤) ومن طريق «عيون أخبار الرضا» : (ص ١٤١) ، حدّثنا الحاكم أبو على الحسين بن أحمد البيهقىّ. قال : حدّثني محمّد بن يحيى الصولىّ ، قال : حدّثنا أبو ذكوان. قال : «سمعت إبراهيم بن العباس ، يقول : سمعت الرضا عليه‌السلام ، وقد سأله رجل : أيكلّف الله العباد ما لا يطيقون؟ فقال : هو أعدل من ذلك. قال : أفيقدرون على كلّ ما أرادوه؟ قال : هم أعجز من ذلك».

(٧٥) ومن طريق «الكافى» (ج ٢ ، ص ٥٨) ، في الصحيح على بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبى عمير ، عن زيد الشحّام ، عن أبى عبد الله عليه‌السلام : «إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام جلس إلى حائط مائل يقضى بين الناس ، فقال بعضهم : لا تقعد تحت هذا الحائد ، فإنّه معور. فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : حرس امرئ أجله. فلمّا قام سقط الحائط. قال : وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام ممّا يفعل هذا وأشباهه». وهذا اليقين. ورواه الصدوق أيضا.

(٧٦) ومن طريق «الكافى» (ج ٢ ، ص ٥٧) ، في الصحيح العالى الإسناد ، الحسين بن محمّد ، عن معلّى ، عن الحسن بن على الوشّاء ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبى عبد الله عليه‌السلام ، ومحمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولّاد الحنّاط. وعبد الله بن سنان عن أبى عبد الله عليه‌السلام ، قال : «من صحّة يقين المرء المسلم أن لا يرضى الناس بسخط الله ولا يلومهم على ما لم يؤته الله. فإنّ

٢٤٩

الرزق لا يسوقه حرص حريص ولا يردّه كراهية كاره ؛ ولو أنّ أحدكم فرّ من رزقه كما يفرّ من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت. ثمّ قال : إنّ الله بعدله وقسطه جعل الرّوح والراحة في اليقين والرضا ، وجعل الهمّ والحزن في الشك والسخط».

قلت : الأمر بحسب ذلك في الرزق الجسمانيّ الجسدانىّ المعروف لدى العوامّ والجماهير ، والرزق العقلانىّ الروحانىّ المعبّر عنه في التنزيل الكريم بقوله عزّ من قائل : (وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى) (طه ، ١٣١) ، على نمط واحد ونسبة واحدة. إلّا أنّ الاهتمام بالرزق الجسمانيّ وصرف العمر وبذل المجهود في سبيل تحصيله وطريق توسيعه أمر خسيس دريس ، مزهّد فيه ، موضوع ، تجشّمه وتكلّفه عن العباد. وأمّا الرزق العقلانىّ فخطب كبير محثوث عليه ، مرغّب فيه ، مفروض على ذمّة العقل ، ووقف شراشر الهمّة وأوراق المنّة على السعى إليه والإكثار من قنيته.

(٧٧) ومن طريق «الكافى» (ج ٢ ، ص ٥٧) ، في الصحيح على تعليق الإسناد ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إنّ العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عند الله من العمل الكثير على غير يقين».

(٧٨) ومن طريق «الكافى» (ج ٢ ، ص ١٥٤) ، في الصحيح ، محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الوشاء ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبى حمزة ، عن سعيد بن قيس الهمدانيّ. قال : «نظرت يوما في الحرب إلى رجل عليه ثوبان ، فحرّكت فرسى ، فإذا هو أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فقلت : يا أمير المؤمنين في مثل هذا الموضع؟ فقال : نعم ، يا سعيد بن قيس ، إنّه ليس من عبد إلّا وله من الله عزوجل حافظ وواقية ، معه ملكان يحفظانه من أن يسقط من رأس جبل أو يقع في بئر. فإذا نزل القضاء خليّا بينه وبين كلّ شيء».

(٧٩) ومن طريق «الكافى» (ج ٢ ، ص ١٥٩) ، على بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عمّن ذكره. قال : «قيل للرضا عليه‌السلام : إنّك تتكلم بهذا الكلام والسّيف يقطر دما؟ فقال : إنّ لله واديا من ذهب ، حماه بأضعف خلقه ، النمل. فلو رامه البخاتيّ لم تصل إليه».

(٨٠) ومن طريق «عيون أخبار الرضا» (ج ١ ، ص ١٣٥) ، في حديث طويل،

٢٥٠

بإسناده عن أبى الصلت عبد السلام بن صالح الهروى ، في ما سأل المأمون أبا الحسن الرضاعليه‌السلام. ثمّ قال له : «يا بن رسول الله ، فما معنى قول الله : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (يونس ، ٩٩). (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) (يونس ، ١٠٠). فقال الرضا عليه‌السلام : حدّثني أبى موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن على ، عن أبيه على بن الحسين بن على ، عن أبيه الحسين بن على ، عن أبيه على بن أبى طالب ، عليه وعليهم‌السلام قال : إنّ المسلمين قالوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو أكرهت يا رسول الله من قدرت عليه من الناس على الإسلام لكثر عددنا وقوينا على عدوّنا. فقال رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما كنت لألقى الله عزوجل ببدعة لم يحدث إلى فيها شيئا. وما أنا من المتكلفين. فأنزل الله تعالى عليه : يا محمّد ، (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً) (يونس ، ٩٩) ، على سبيل الإلجاء والاضطرار في الدنيا ، كما يؤمنون عند المعاينة ورؤية البأس وفي الآخرة. ولو فعلت ذلك بهم لم يستحقّوا منّى ثوابا ولا مدحا ، لكنّى أريد منهم أن يؤمنوا مختارين غير مضطرّين ، ليستحقّوا منّى الزلفى والكرامة ودوام الخلود في الجنة. (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (يونس ، ٩٩)».

(٨١) ومن طريق كتاب «التوحيد» (ص ٣٦١) ، و «عيون أخبار الرضا» (ج ١ ، ص ١٤٤) ، في الصحيح : حدّثنا أبى ، قال حدّثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن خالد البرقى ، عن أبيه ، عن سليمان بن جعفر الجعفرى ، عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام ، قال : «ذكر عنده الجبر والتفويض. فقال : ألا اعطيكم في هذا اصلا لا تختلفون فيه ولا يخاصمكم عليه أحد إلّا كسرتموه؟ قلت : إنّ رأيت ذلك. فقال : إنّ الله تعالى لم يطع بإكراه ولم يعص بغلبة ، ولم يمهل العباد في ملكه ، هو المالك لما ملّكهم والقادر على ما أقدرهم عليه. فإن ائتمر العباد بطاعته لم يكن الله عنها صادّا ولا منها مانعا ، وإن ائتمروا بمعصيته فشاء يحول بينهم وبين ذلك فعل. وإن لم يحل وفعلوا فليس هو الذي أدخلهم فيه. ثمّ قال عليه‌السلام : من يضبط حدود هذا الكلام فقد خصم من خالفه».

(٨٢) ومن طريق «الكافى» (ج ٢ ، ص ٤٦٧) ، في الحسن بل في الصحيح. عدّة من

٢٥١

أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبيه ، عن رجل قال : «قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : الدّعاء هو العبادة التي قال الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي) (غافر، ٦٠) ، ادع الله عزوجل ، ولا تقل : إنّ الأمر قد فرغ منه. قال زرارة : إنّما يعنى : لا يمنعك ايمانك بالقضاء والقدر أن تبالغ بالدعاء وتجهد فيه أو كما قال».

(٨٣) ثمّ روى بإسناده : عن أبى القدّاح عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أحبّ الأعمال إلى الله عزوجل في الأرض الدّعاء ، وأفضل العبادة العفاف ، قال : وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام رجلا دعاء».

(٨٤) ومن طريقين في المقبول المعوّل عليه ، بل في الصحيح الشائع عدّة من الصحاح طريق رئيس المحدثين في «الكافى» (ج ١ ، ص ٣٥٧) ، عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد وطريق الصدوق عروة الإسلام في كتاب «التوحيد» : (ص ٣٥٧) ، أبى رحمه‌الله قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلى ، عن معلّى بن عثمان ، عن على بن حنظلة ، عن أبى عبد الله عليه‌السلام. «أنّه قال : يسلك بالسعيد في طريق الأشقياء حتّى يقول الناس : ما أشبهه بهم ، بل هو منهم ، ثمّ يتداركه السعادة ؛ وقد يسلك بالشقي طريق السعداء حتّى يقول الناس : ما أشبهه بهم ، بل هو منهم ، ثمّ يتداركه الشقاء. إنّ من علمه الله تعالى سعيدا وإن لم يبق من الدنيا إلّا فواق ناقة ختم له بالسعادة».

(٨٥) ومن الطريقين في الصحيح من طريق «الكافى» (ج ١ ، ص ١٥٢) ، محمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ومن طريق جامع «التوحيد» ، حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم ، عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : «إنّ الله عزوجل خلق السعادة والشقاوة قبل أن يخلق خلقه. فمن خلقه الله سعيدا لم يبغضه أبدا ، وإن عمل شرّا أبغض عمله ولم يبغضه ؛ وإن كان شقيّا لم يحبّه أبدا ، وإن عمل صالحا أحبّ عمله وأبغضه لما يصير إليه ، فإذا أحبّ الله شيئا لم يبغضه أبدا ، وإذا أبغض شيئا لم يحبّه أبدا».

٢٥٢

(٨٦) ومن طريق الصدوق في كتاب «عيون أخبار الرضا» ، (ج ١ ، ص ٢٨١) ، حدّثنا على بن عبد الله الورّاق ، قال : حدّثنا على بن مهرويه القزوينىّ. وفي كتاب «التوحيد» ، (ص ٣٧١) ، أبو الحسن محمّد بن عمرو بن على البصرى قال : حدّثنا أبو الحسين على بن الحسن الميثمىّ ، قال : قال : حدّثنا أبو الحسن على بن مهرويه القزوينىّ ، قال : حدّثنا أبو أحمد داود بن سليمان الغازى ، عن أبى الحسن الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام ، أنّه قال : «الدنيا كلّها جهل إلّا مواضع العلم ، والعلم كلّه حجّة إلّا ما عمل به ، والعمل كلّه رياء إلّا ما كان مخلصا ، والإخلاص على خطر عظيم ، حتّى ينظر المرء بما يختم له».

(٨٧) ومن طريق كتاب «التوحيد» (ص ٣٥٦) ، في الصحيح ، حدثنا الشريف أبو على محمّد بن أحمد بن محمّد بن عبد الله بن الحسن بن على بن ابى طالب ، قال : حدّثنا على بن محمّد بن قتيبة النيسابورى ، عن الفضل بن شاذان ، عن محمّد بن أبى عمير قال : «سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عن معنى قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الشقىّ شقىّ في بطن أمّه ، والسعيد سعيد في بطن أمّه. قال : الشقىّ من علم الله وهو في بطن أمّه أنّه سيعمل عمل الأشقياء ، والسعيد من علم الله وهو في بطن أمّه أنّه سيعمل أعمال السّعداء. قلت له. فما معنى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «اعملوا فكلّ ميسّر لما خلق له». فقال : إنّ الله عزوجل خلق الخلق والإنس ليعبدوه ولم يخلقهم ليعصوه. وذلك قوله عزوجل : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات ، ٥٦) ، فيسّر كلما خلق له. فالويل لمن استحبّ العمى على الهدى. قلت : وهناك معنى من سبيل آخر سينكشف على نمط البيان في مؤتنف القول إن شاء الله.

(٨٨) ومن طريق جامع «التوحيد» (ص ٢٧٢) ، موثقة على بن الحسن بن على الفضّال ، عن ابيه ، عن هارون بن مسلم ، عن ثابت بن أبى صفيه ، عن سعد الخفّاف. عن أصبغ بن نباتة ، قال : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إن كنت لا تطيع خالقك فلا تأكل رزقه ، وإن كنت واليت عدوّه فاخرج من ملكه ، وإن كنت غير قانع بقضائه وقدره فاطلب ربّا سواه».

٢٥٣

(٨٩) ومن طريق رئيس المحدّثين في «الكافى» (ج ١ ، ص ٣٧١) ، والصدوق في جامع «التوحيد» وكتاب «الخصال» في الصحيح عن محمّد بن إسماعيل بن يزيع ، عن محمّد بن عذافر ، عن أبيه عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : «بينا رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ذات يوم في بعض أسفاره إذ لقيه ركب ، فقالوا : السلام عليك يا رسول الله ، فالتفت إليهم ، فقال : ما أنتم؟ قالوا نحن مؤمنون يا رسول الله ، قال : فما حقيقة إيمانكم؟ قالوا : الرضا بقضاء الله والتسليم لأمر الله والتفويض إلى الله. فقال رسول الله (ص) : علماء حكماء كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء. فإن كنتم صادقين فلا تبنوا ما لا تسكنون ، ولا تجمعوا ما لا تأكلون واتقوا الله الذي إليه ترجعون».

(٩٠) ومن طريق «الكافى» (ج ١ ، ص ٣٧٦) ، وطريق الصدوق في الكتابين ، وفي كتاب «من لا يحضره الفقيه» صحيحة أبان الأحمر عن الصادق جعفر بن محمّد عليه‌السلام «انّه جاء إليه رجل ، فقال : بأبى أنت وأمّى ، عظنى موعظة. فقال : إن كان الله تبارك وتعالى قد تكفّل بالرزق فاهتمامك لما ذا؟ وإن كان الرزق مقسوما فالحرص لما ذا؟ وإن كان الحساب حقّا فالجمع لما ذا؟ وإن كان الخلف من الله عزوجل حقا فالبخل لما ذا؟ وإن كانت العقوبة من الله عزوجل النار فالمعصية لما ذا؟ وإن كان الموت حقا فالفرح لما ذا؟ وإن كان العرض على الله عزوجل حقا فالمكر لما ذا؟ وإن كان الشيطان عدوّا فالغفلة لما ذا؟ وإن كان الممرّ على الصراط حقا فالعجب لما ذا؟ وإن كان كلّ شيء بقضاء الله وقدره فالحزن لما ذا؟ وإنّ كانت الدنيا فانية فالطمأنينة إليها لما ذا».

(٩١) وقال عليه‌السلام : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام كثيرا يقول : «اعلموا علما يقينا أنّ الله تعالى لم يجعل للعبد ، وإن اشتدّ جهده وعظمت حيلته وكثرت مكيدته ، أن يسبق ما سمّى له في الذكر الحكيم ، ولم يحل بين العبد على ضعفه وقلّة حيلته وبين أن يبلغ ما سمّى له في الذكر الحكيم ، (نهج البلاغة ، كلمة : ٢٧٣ ، ص ٥٢٧ ، طبع صبحى صالح). يا أيّها الناس ، إنّه لن يزداد امرؤ نقيرا بحذقه ، ولن ينتقص امرئ نقيرا لخرقه» ، (بحار الأنوار ، ج ١٠٣ ، ص ٣٣ ؛ ج ٧٧ ، ص ٤٠٨ ؛ تحف العقول ، ص ١٥٤).

(٩٢) ومن طريق «الكافى» (ج ١ ، ص ١٥٧) ، في القويّ على المشهور وفي الصحيح على التحقيق ـ لما قاله شيخ الطائفة ، رحمه‌الله ، في «الفهرست» في ترجمة

٢٥٤

يونس بن عبد الرحمن ـ على بن إبراهيم ، عن أبيه عن إسماعيل بن مرّار ، عن يونس بن عبد الرحمن ، قال : «قال لى أبو الحسن الرضا عليه‌السلام : يا يونس ، لا تقل بقول القدريّة ، فإنّ القدريّة لم يقولوا بقول أهل الجنّة ، ولا بقول أهل النار ، ولا بقول إبليس. فإنّ أهل الجنّة قالوا : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ) ، (الأعراف ، ٤٣) ، وقال أهل النار : (رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ) ، (المؤمنون ، ١٠٦) ، وقال إبليس : (رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي) ، (الحجر ، ٣٩) ، فقلت : والله ما أقول بقولهم ولكنّى أقول : لا يكون إلّا ما شاء الله وأراد وقضى وقدر. فقال : ليس هكذا ، لا يكون إلّا ما شاء الله وأراد وقدّر وقضى. يا يونس ، تعلم ما المشيّة؟ قلت : لا ، قال : هي الذكر الأوّل ؛ فتعلم ما الإرادة؟ قلت : لا ، قال : هي العزيمة على ما يشاء. فتعلم ما القدر؟ قلت : لا ، قال : هي الهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء. قال : ثمّ قال : والقضاء هو الإبرام وإقامة العين. قال : فاستأذنته أنّ أقبّل رأسه ، وقلت : فتحت لى شيئا كنت عنه في غفلة».

قلت : وسيتبيّن من ذى قبل ، إن شاء الله العزيز ، سرّ تقديمه عليه‌السلام القدر على القضاء. وإذ أحاديث هذا الباب كثيرة ، وفي ما أوردناه كفاية للمتبصّر ، فلنكتف الآن بما حواه هذا الإيقاظ ، وذلك اثنان وتسعون حديثا.

الإيقاظ الخامس

(القدريّة والجبريّة والمفوّضة)

لعلّك تقول : إنّك قد قضيت قضاء باتّا من القدريّة الواردة في الحديث : «إنّها مجوس هذه الأمّة وإنّها ملعونة على لسان سبعين نبيّا» ، إنّها هي الأشاعرة. وأعنى بهم الجبريّة والكسبيّة ، وهم المسندون جملة الخيرات والشرور والطاعات والمعاصى بحذافيرها إلى الله سبحانه من بدء الأمر إلى قدرته وإرادته فحسب ، ولا يقولون بالعلل والأسباب أصلا ، وينكرون قدرة العبد واختياره رأسا. وذلك الجبر المحض ؛ أو يثبتون له قدرة وإرادة مقارنتين لفعله غير متقدّمتين عليه تقدّما بالذّات ، ولا مؤثّرتين فيه بوجه من الوجوه ، ويعبّرون عن ذلك بالكسب ، ويستنكرون قضيّة صراح العقل الصريح ، إنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد ، ويقنعون بمجرّد الأولويّة الغير الوجوبيّة ، ولا يؤمنون بوجوب شيء في الحكمة البالغة الربوبيّة مطلقا ، لا من

٢٥٥

الله ولا على الله ، ويزعمون أنّ كلّ ما يفعله الله أو يأمر به فإنّه يصير حسنا ، لا أنّ كل ما هو خير وحسن في نفسه أو بالقياس إلى نظام الوجود فإنّ الله سبحانه يفعله أو يأمر به بجوده ورحمته وعلمه وحكمته.

وفي ما أخرجت بالرواية من أحاديث أئمّتك الطاهرين أنوار العلم والحكمة وأصحاب الوحى والعصمة ، صلوات الله وتسليماته عليهم أجمعين ، نصوص ناطقة بإطلاق القدريّة على المفوضة المسندين حركات العباد وأفاعيلهم إلى قدرة العبد وإرادته على الاستبداد والاستقلال من غير افتياق في الوجود إلى القيّوم الواجب بالذّات ، جلّ سلطانه ، ولا استناد لها بأخرة إلى قدرته ومشيّته وقضائه وقدره تعالى شأنه.

فيقال لك : كان حقا علينا ما تلونا عليك من الحكم ، فالقدريّة في ما ورد عن سيّدنا رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعن مولانا أمير المؤمنين ، صلوات الله وتسليماته عليه ، هم هم ، كما قد أوضحناه من قبل. وأمّا أبو جعفر الباقر وأبو عبد الله الصادق وأبو إبراهيم الكاظم ، عليهم صلوات الله وصلوات ملائكته ، فحيث إنّ في عصورهم كان قد انعقد الاصطلاح من الجماهير وشاع تسمية الذاهبين إلى الجبر والكسب جبريّة. وأصحاب القول بالتفويض وإنكار القضاء والقدر في أفعال العباد قدريّة ، فربما جرى في أحاديثهم ، صلوات الله عليهم ، ابتناء الأمر على الاصطلاح الشائع واللقب الذائع.

والتحقيق : أنّ الفريقين ، وهما الطرفان الناكبان عن الصراط ، يجمعهما مجوس هذه الأمّة كلا منهما من جهة على ما هو المستبين. والفرقة المحقوقة بأصحاب العدل والتوحيد هي الأمّة الوسط. فالفرقتان الحائدتان عن السّبيل يعمّهما جميعا لزوم الاعتراف بكون التحريض والتحذير والأمر والنهى والترغيب والترهيب التي هي من أسباب انبعاث الشوق وتأكّده وعلل اهتزاز العزيمة وإجماعها ، عبثا لغوا ؛ والاستيفاق والاستيزاع والدعاء والمسألة والاستعانة بالله ، سبحانه ، في توفيق الطاعة والعصمة من المعصية وطلب أسباب الرشاد والهداية والاستعاذة به من موجبات الضلال والغواية هدرا ساقطا.

أمّا على الجبر والكسب ، فلأنّ إرادة العبد ممّا لا مدخل له في فعله أصلا ، ولا هي منبعثة إلّا عن إرادة الله سبحانه ، وكلّ شيء فإنّه مستند إلى الإرادة السّبحانيّة فقط

٢٥٦

من دون استناد إلى أمر آخر من الأمور غيرها ؛ وأمّا على التفويض ، فلأنّ العبد مستقلّ بإيجاد إرادته من غير أن يكون لها مباد إلّا من تلقائه وأسباب إلّا من جنبه. ويخصّ فرقة الجبر بطلان الثواب والعقاب والشرائع والأديان وإنزال الكتب وإرسال الرسل رأسا. فهل هذا إلّا جادّة الكفر ومقام الجحد ؛ وفرقة التفويض استغناء بعض الممكنات ، أعنى أفعال العباد عن الواجب بالذّات ، ولزوم انسداد باب إثبات الصانع. إذ لو ساغ لجائز ما من الجائزات أن يدخل في الوجود لا من تلقاء الاستناد إلى القيّوم الواجب بالذّات ، جلّ سلطانه ، لساغ ذلك من بدء الأمر.

ثمّ من بعد ما قد قضى البرهان قضاء فصلا أنّ طباع الامكان هو العلّة التامّة للاحتياج إلى الواجب بالذّات ، كيف يتصحّح الدخول في إقليم الوجود من دون انتهاء الفيض إليه واستناد الأمر إلى جنابه ، على ذكره وتعالى جدّه. وهل هذا إلّا طريق الأثنوة وسبيل الاشراك. ومن هناك ما قد ورد وتكرّر عنهم ، صلوات الله عليهم ، في ما رواه الصدوق في جامعه المسند في «التوحيد» وغيره ، من الحكم بأن من يقول بذاك فهو كافر، ومن يقول بذا فهو مشرك.

ولا يتوهّمن إلزام القول بالتشريك على الأمّة الوسط ، لأن ذلك أن يكون المعلول في درجة الاستناد مستندا إلى مبدأين هما إرادة الله وقدرته وقدرة العبد وإرادته جميعا على سبيل الشركة. وليس الأمر كذلك ، بل إنّما هنالك مسبّبات مترتبة على أسباب متسلسلة والأسباب والمسبّبات منتهية الاستناد جميعا في نظامها الجملىّ وفي سلسلتها الطوليّة والعرضيّة معا إلى مبدأ واحد ، هو الله الحقّ سبحانه ، وهو مسبّب الأسباب على الإطلاق من غير سبب.

فهذا ميقات الحقّ ، وعنده تجتمع الآيات المتدافعة وتتوافق الروايات المتعارضة ، وينصرح سرّ «ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن» ، (بحار الأنوار ، ج ٩٤ ، ص ١٩٤). أشهد وأعلم انّ الله على كلّ شيء قدير. وقال الله على لسان عبده : «سمع الله لمن حمده». و «أنّ الله عزوجل عند لسان كلّ قائل ويد كل باسط» (التوحيد ، ص ٣٣٧). ولو اجتمع الخلق على أن ينفعوك ما نفعوك ، إلّا بشيء كتبه الله» ، (عدّة الداعى ، ص ٢٧). [ولو اجتمعوا على أن يضرّوك لم يضرّوك إلّا بشيء كتبه الله

٢٥٧

عليك]. و «رفعت الأقلام وطويت الصّحف» ، (بحار الأنوار ، ج ٥ ، ص ٤٩).

وجفّ القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة. قيل : ففيم العمل؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «اعملوا ، فكلّ ميسّر لما خلق له» (التوحيد ، ص ٣٥). وسئل (ص) : «أنحن في أمر فرغ منه أم في أمر مستأنف. فقال عليه وآله السّلام : «في أمر فرغ منه وفي أمر مستأنف» ، ونظائرها.

ومنها قول أمير المؤمنين عليه‌السلام في الدعاء المفضّل على كلّ دعاء. وقد أورده السيّد رضى الدين على بن طاوس ، رضى الله عليه ، في «مهج الدعوات» : «فسبحانك تثيب على ما بدؤه منك وانتسابه إليك والقوّة عليه بك ، والإحسان فيه منك ، والتوكّل في التوفيق له عليك. فلك الحمد حمد من علم أنّ الحمد لك ، وأنّ بدأه منك ومعاده إليك». وهنالك يرتفع التضادّ بين : «سبحان من تنزّه عن السوء والفحشاء» ، و «سبحان من لا يجرى في ملكه إلّا ما يشاء».

وليعلم أنّ لخاتم حملة العلم والتحقيق ، رضى الله تعالى عنه وأرضاه ، كلاما محصّلا محققا في رسالة له في هذا المرصد على لغة الفرس ، فلا جناح علينا لو نقلناه بأليفاظه. قال بهذه العبارة :

«فصل نهم ، در آنچه حاصل اين مباحث است در اين مطلوب وحلّ بعضى شبه مذكوره : از اين بحثها معلوم شد كه مردم را قوّتهائى هست اصلى ، كه در او آفريده اند. وبعضى از آن بى إرادت واختيار او مبادى بعض افعال او است وبعضى مبادى بعض قوّتهاى ديگر هم از آن او ، مانند ادراك كه مبدأ شهوت وغضب وديگر قوّتهاى شوقى است. يا از آميزش قوّتهاى اصلى وحادث او را قدرتى وإرادتى حاصل مى شود ، كه با وجود هر دو صدور افعال إرادى از او واجب باشد ، وبا عدم هر دو يا يكى ممتنع. وقدرت وإراده او اسباب افعال إرادى اويند ، همچنان كه هاضمه سبب هضم او ، بل همچنان كه آتش سبب احراق است. وقدرت وإراده مستندند به ديگر اسباب. وجمله با كثرت واختلاف در سلسله احتياج مستند به سبب أوّل ، كه واحد حقيقى وواجب الوجود لذاته ومسبّب الأسباب است.

پس مى گوييم : مراد ما از آنكه مردم مختار است ، آن است كه قادر است بر آنكه

٢٥٨

بعضى افعال از او به حسب إراده او وجهد او صادر شود. وظاهر شد كه فائده تكليف وامر ونهى ومدح وذمّ وثواب وعقاب آن است كه او را شوقى انگيخته شود به طلب كمالى كه آن شوق مبدأ إراده او باشد ، وآن إراده باعث او بر طلب وجهد وسعى كردن در آن. ودانسته آمد كه وجود او وقوى وافعال إرادى وغير إرادى او در سلسله معلولات واجب الوجود ، تعالى أسماؤه ، مرتّب ومنظّم است ، وبه سبب قوّتهاى او افعال او را به تقدير إلهي ومشيّت او بر آن جمله كه قضا وقدر او اقتضا كرده است.

پس اگر كسى به سبب آنكه صدور فعل إرادى انسان از قدرت وإراده او بر سبيل وجوب است ، او را مجبور خوانند وسلب اختيار كنند از او ، يا به سبب آنكه اين افعال در سلسله معلولات مستند است به علّت أولى ، گويند فعل خداى تعالى است ، بعد از وضوح معنى ، در عبارت مضايقتى نيست ؛ امّا اگر گويند : اين افعال تا ربع قدرت وإراده انسانى نيست وفعل خدا است بى واسطه اسباب وتكليف وامر ونهى ، وجهد وسعى مردم را در آن تأثيرى نيست ، حاشا وكلّا. اين اعتقاد مخالف حق است ، وبا وجود ، غير مطابق.

وآنچه بعضى گويند : چون خداى تعالى پيش از خلق مردم دانست كه مردم چه خواهند كرد ، خلاف آن نتوانند كرد ، واين جبر باشد. در جواب به معارضه گوئيم : همچنان كه افعال مردم را پيش از ايشان دانست ، به اعتراف تو ، افعال خود را پيش از آفرينش آن هم دانست ، پس او را تعالى هم جبر لازم آيد. وهرچه جواب تست در افعال او تعالى ، جواب ماست در افعال مردم.

وآنچه تحقيق است در اين موضع ، آنست كه علم او تعالى هرچند موجب فعل معيّن باشد كه سبب قريب اين فعل قدرت وإرادت شخص باشد ، منافي اختيار آن شخص نباشد ، چنان كه بيانش در فصل ششم گفته آمد.

وآنچه گويند : در جهد چه فائده؟ اگر خداى تعالى كسى را چيزى تقدير كرده باشد ، اگر جهد نكند لا محاله به او رسد ، واگر تقدير نكرده باشد واو بسيار جهد كند به او نرسد ، جواب آن هم از آنچه گذشت معلوم شود. وآنچه خداى تعالى تقدير چنان كرده باشد كه به توسّط جهد حاصل شود ، آن كس را كه جهد نكند حاصل

٢٥٩

نشود. وجهد ناكردن او دليل تقدير ناكردن خداى تعالى باشد. چنان كه عدم آلت تناسل در خلقت دليل باشد صاحبش را فرزند تقدير نكرده اند ، چه عدم سبب همچنان كه سبب عدم مسبّب باشد ، دليل عدم سبب موجب آن مسبب نيز باشد. امّا آن كسى را كه جهد كند واجب نباشد كه هر چيزى كه به توسّط جهد تقدير كرده باشد به او رسد ، چه جهد تنها سبب موجب نباشد ، بلكه با آن شرائط ديگر ببايد كه حسن توفيق عبارت از استجماع آن شرائط باشد ، وسوء توفيق عبارت از فقدان بعضى از آن. ووجود سبب غير موجب ، اقتضاء وجود مسبّب نكند. اين است آنچه محرّر اين سواد را در اين مسأله معلوم شده از مقتضاى افكار اهل تحقيق.

وپوشيده نماند بر كسانى كه از نصوص انبيا وبزرگان دين ودعوت خبردار باشند ، اين سخن موافق إشارات ايشان است. واز همه ظاهرتر آنست كه در خبر آمده است كه از پيغمبر صلى‌الله‌عليه‌وآله پرسيده اند كه : «أنحن في أمر فرغ منه أم في أمر مستأنف؟» ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «في أمر فرغ منه وفي أمر مستأنف» ، وآنچه گفته است (ص) كه : «جفّ القلم بما هو كائن» ، قيل له : «ففيم العمل؟» قال (ص) : «اعملوا ، فكلّ ميسّر لما خلق له». وآنچه در شرح قدر فرموده كه : هرچه هست ومى باشد از قدر است ، به عبارتى كه در موضع آن مثبت است. سائلى پرسيده است كه من چنين وچنان كرده ام ، فرموده است عليه‌السلام : «وهذا أيضا من القدر». وآنچه امام جعفر صادق عليه‌السلام فرموده است : «لا جبر ولا تفويض ولكنّ أمر بين أمرين». وآنچه در سخن بعضى آمده است كه : «مفروغ ومستأنف به هم تمام است وبا هم مفروغ ومحقّق العبارة». وبر جمله ، شاه اين باب بسيار است. واين موضع نه جاى ايراد آن است. چه اساس اين مختصر بر ايراد معقول وقياس برهانى نهاده آمد ، نه بر تتبّع منقول واقناعات خطابى. ولا شكّ ، كسانى كه آنچه در اين مختصر تعريف داده شد فهم كنند ، چون به اشارتى از آن اشارات رسد ، آن را خود بازشناسند ، والله الموفّق» (رساله جبر وقدر ، ص ٢٤).

الإيقاظ السادس

(أفعال العباد والإرادة ونظام الوجود الخير)

٢٦٠