الوجوه والنظائر - ج ١

أبو عبدالله الحسين بن محمّد الدامغاني

الوجوه والنظائر - ج ١

المؤلف:

أبو عبدالله الحسين بن محمّد الدامغاني


المحقق: محمّد حسن أبوالعزم الزفيتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: جمهورية المصر العربية ، وزارة الأوقاف ، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، لجنة إحياء التراث
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٨

١
٢

(١) بسم الله الرّحمن الرّحيم

وبه نستعين

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى.

الحمد لله وحده ، وصلواته على محمّد وآله.

قال الشيخ الإمام أبو عبد الله الحسين بن محمّد الدّامغانىّ ـ رحمه‌الله ـ : «إنّى تأمّلت كتاب وجوه القرآن لمقاتل بن سليمان ، وغيره ، فوجدتهم أغفلوا أحرفا من القرآن لها وجوه كثيرة ، فعمدت إلى عمل كتاب مشتمل على ما صنّفوه وما تركوه منه (٢) ، وجعلته مبوّبا على حروف المعجم ؛ ليسهّل على النّاظر فيه مطالعته ، وعلى المتعلّم حفظه ، وعلى الله الاتّكال فى إتمامه.

وهو حسبى ونعم الوكيل.»

__________________

(١) النسخة «ص» المعتبرة أصلا لهذا الكتاب بها خرم ، يبتدئ من أوّل الكتاب حتى قوله : «والوجه الثانى ـ من معنى ـ ألقى». وما ذكر هنا من النسختين «ل» و «م» ، وسيكون اعتمادى فى تحقيق هذا النّص ـ حتى «الوجه الثانى من تفسير ألقى» ـ على النسخة «ل» المعتبرة أصلا.

(٢) فى م : «من صنعوه وما تركوا منه».

٣

باب الألف

اسم* أمر* أحد* أحاط* أحصى* استحيا* إتيان* أسفل* اتّخذ* أهل* أولى* أجل* آيات* أرسل* أمّ* أبّ* أذى* اتّباع* إناث (١) * أمّى* إتمام* إدراك* إقامة* أعناق* إثم* أكنّة* إنسان* إسراف* أسفار* أمانة* امرأة* أفواه* أخلد* إثخان* أوّاب* أذان* آل (٢) * إلّا* اعبدوا* الإفك* آووا* أوّل* آخرة* أجر* إخاء* [أفلح (٣)] * استكبر* اتّقوا* أحزاب (٤) * أنشأ* استطاعة* أرض* أرساها* إلى* إأنّ* أنّى* أدنى* أو* أم* أزواج* إمام* أمّة* أمر بالمعروف* اطمأنّ* استغفار* أحسّ* إسلام* أصبحوا* (أإشعار (٥)) * إمساك* الأخذ* أقام* اعتدى* إيمان* الأكل* أسف* ألقى* استوى*

__________________

(١) فى م : «أناب» والمثبت عن ل.

(٢) الإثبات عن م.

(٣) فى ل : بياض بمقدار كلمة ، والإثبات عن م.

(٤) فى م : «إحراق» والمثبت عن ل.

(٥) فى م «الاشعار» والمثبت عن ل.

٤

تفسير اسم (١) على ستة أقسام

المسمّى* الصّفة* التّوحيد* التّسمية (٢) * الأصنام* المثل*

فوجه منها الاسم يعنى : المسمّى ؛ فذلك قوله تعالى فى سورة الرّحمن : (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ)(٣) يعنى : تبارك ربّك.

(و) (٤) الوجه الثانى ؛ الاسم يعنى التّوحيد ؛ قوله تعالى فى سورة المزّمّل : (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ)(٥) يعنى واذكر توحيد ربّك ؛ نظيره : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ)(٦) يعنى : توحيد ربّك (٧).

والوجه الثّالث : الاسم يعنى : الصّفة ؛ قوله تعالى فى سورة الأعراف : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى)(٨) يعنى : الصّفات العلى ، نظيره فى سورة «بنى إسرائيل» : (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى)(٩) ؛ أى الصّفات العلى مع (١٠) العلم ، والقدرة ، والسّمع ، والبصر ، والإرادة ، والكلام.

__________________

(١) فى م : «الاسم» ، وهو اللفظ الموضوع على الجوهر أو العرض ، لتفصل به بعضه من بعض. (اللسان ـ مادة : س. م. و).

(٢) فى م : «التّسميات». وهى جمع تسمية.

(٣) الآية ٧٨. قال ابن جرير : «تبارك ذكر ربّك» (تفسير الطبرى : ٢٧ : ١٦٥) وقال الراغب الأصفهانى : «أى البركة والنّعمة الفائضة فى صفاته» (المفردات فى غريب القرآن : ٢٤٤).

(٤) هكذا وردت فى ل : «الوجه» وفى م : «والوجه ـ» ، وسنرى ذلك مستقبلا فى بقيّة الكتاب ، وربّما اجتزناها بدون تعليق ـ بناء على ما ذكرناه هنا ـ فليعلم.

(٥) الآية رقم ٨.

(٦) الآية الأولى من سورة الأعلى.

(٧) كما فى (تنوير المقباس من تفسير ابن عباس : ٣٧٨) ، و (البحر المحيط لأبى حيان ١ : ١٦) وقال ابن جرير : «نزّه اسم ربك أن تدعو به الآلهة والأوثان ...» (تفسير الطبرى ٣٠ : ١٥٢) وانظر : (تفسير القرطبى ٢٠ : ١٤) ، و (الكشاف للزمخشرى ١ : ٤٦٦).

(٨) الآية ١٨٠. قال ابن قتيبة : «وأسماء الله الحسنى : الرحمن : والرّحيم ، والغفور ، والشكور ؛ وأشباه ذلك.» (تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٢٠) وفى (قاموس الألفاظ والأعلام القرآنية ـ مادة : س. م. ا.) «هى الألفاظ الدّالة على ما تتصف به ذات الله العليّة من نعوت حسنة لجلاله وكماله.» ، وبنحوه فى (الكشاف للزمخشرى ١ : ٢٩٠).

(٩) الآية ١١٠. وتسمى أيضا سورة الإسراء ، أو سبحان (الإتقان فى علوم القرآن للسيوطى ١ : ٦٨). ومثل ذلك كما فى الآية رقم ٨ من سورة طه.

(١٠) م : «مثل العلم».

٥

والوجه الرابع ؛ الأسماء يعنى : التّسميات (١) ، فذلك قوله تعالى فى سورة مريم : (إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى)(٢) يعنى تسميته. /

والوجه الخامس ؛ الأسماء يعنى : الأصنام ؛ قوله تعالى فى سورة يوسف : (ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها)(٣) ؛ أى أصناما ، [و](٤) كقوله تعالى فى سورة «والنّجم» : (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها)(٥) يعنى : أصناما.

والوجه السادس ؛ الاسم يعنى : المثل والعدل ، قوله تعالى فى سورة مريم : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا)(٦) يعنى : عديلا ومثلا (٧) ، وكقوله تعالى : (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا)(٨) يعنى : ولدا يسمّى يحيى.

* * *

__________________

(١) فى م : «المسميات ؛ فذلك قوله تعالى فى سورة البقرة [آية : ٣١] (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) يعنى : المسمّيات كلّها. نظيره قوله ...».

(٢) الآية ٦. فى م ـ عقب هذا النص : «يعنى تسميته يحيى».

(٣) الآية ٤٠. كما جاء فى (تنوير المقباس : ١٤٩) ، وفى (الكشاف للزمخشرى ١ : ٣٨٩) «يعنى : أنكم سمّيتم ما لا يستحقّ الإلهيّة آلهة ، ثم طفقتم تعبدونها». وانظر (البحر المحيط ١ : ١٦) ، و (المفردات فى غريب القرآن : ٢٤٤).

(٤) ما بين الحاصرتين إضافة يقتضيها السياق ، علما بأن تلك الواو ونظائرها ؛ وكذا كلمة «سورة» فى قولنا «فى سورة كذا» ؛ قد أغفل ذكرهما أكثر من مرة فى بقية الكتاب ؛ وربما اجتزناهما عند إضافتهما بدون تعليق ، بناء على ما ذكرناه هنا ـ فليعلم.

(٥) الآية ٢٣. ونظير ذلك كما فى سورة الأعراف / ٧١.

(٦) الآية ٦٥.

(٧) فى م : «عدلا ومثلا». روى هذا ، بنحوه. عن ابن عباس ، وقتادة ، وابن جريج (تفسير الطبرى ١٦ : ٨٠). و (تفسير القرطبى ١١. ١٣٠). وفى (الوسيط للواحدى ١ : ١٥) «هل تعلم أحدا يسمّى الله غيره». ومثل هذا فى (تنوير المقباس : ١٩٢). وفى (المفردات فى غريب القرآن للراغب : ٢٤٤) «نظيرا له يستحق اسمه ، وموصوفا يستحقّ صفته على التحقيق».

(٨) سورة مريم / ٧ ، سميّك : من اسمه اسمك. (مختار القاموس : اسم) «وقال ابن عباس وقتادة وابن أسلم : لم نسمّ أحدا قبل يحيى بهذا الاسم» (تفسير القرطبى ٤ : ٤٩ ، ١١ : ٨٣) و (تفسير الطبرى ١٦ : ٣٧) وانظر : (الكشاف للزمخشرى ٢ : ٣) و (تنوير المقباس ١٩٠).

٦

تفسير «الأمر» (١) على ستّة عشر وجها

الدّين* القول* العذاب* عيسى* القتل ببدر* فتح مكّة* [قتل (٢)] بنى قريظة* القيامة* القضاء* الوحى* الأمر بعينه* الذّنب* النّصر* الشّأن والفعل* الغرق* الكثرة (٣) * المنكر*

فوجه منها ؛ الأمر يعنى : الدّين ؛ قوله تعالى فى سورة براءة : (حَتَّى جاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ)(٤) يعنى : دين الله : «الإسلام (٥)» ؛ وكقوله تعالى فى سورة المؤمنون : (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ)(٦) يعنى : دينهم (٧) ؛ نظيرها فى سورة الأنبياء : (وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ)(٨) يعنى : دينهم الإسلام الذى أمروا به ودخلوا فى غيره (٩).

__________________

(١) فى ل : «أمر» وما أثبتّ عن م.

(٢) فى ل : «فتح بنى قريظة» وما أثبتّ تصويب عن م. و (الوجوه والنظائر عن مقاتل : الورقة ١٢٨) وعن «الوجه السادس من تفسير الأمر» فيما يلى صفحة رقم (٩).

(٣) فى م : «الأمر : الكثرة».

(٤) وتسمّى سورة التوبة / ٤٨. انظر (الإتقان فى علوم القرآن للسيوطى ١ : ٦٧).

(٥) الإثبات عن م ، و (تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة : ٣٩٤) و (تنوير المقباس ١٢٣) و (الوجوه والنظائر عن مقاتل : الورقة ١٢٧) و (كليات أبى البقاء ٧١) وحكى هذا المعنى ـ بنحوه ـ عن الكلبى (تفسير القرطبى ١١ : ٣٣٩).

(٦) الآية ٥٣.

(٧) فى م : «فرّقوا دينهم» وفى (تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٢٩٨) «أى اختلفوا فى دينهم» وجاء بنحوه فى (الوجوه والنظائر عن مقاتل : الورقة ١٢٧) و (تفسير الطبرى ١٨ : ١٩) وفى (الكشاف للزمخشرى ٢ : ١٦) «جعلوا أديانهم أديانا».

(٨) الآية ٩٣.

(٩) «أى جعلوا أمرهم فى أديانهم قطعا ، وتقسموه بينهم ، فمن موحّد ، ومن يهودىّ ، ومن نصرانىّ ، ومن عابد ملك أو صنم». (تفسير القرطبى ١١ : ٣٣٩) ، ومثله فى (تفسير الطبرى ٧ : ٦٨) و (الكشاف للزمخشرى ٢ : ٤٧) وفى (غريب القرآن للسجستانى ٧٦) «أى اختلفوا فى الاعتقاد والمذهب» وانظر : (تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٢٨٨) و (تنوير المقباس ٢٠٤).

٧

والوجه الثانى ؛ الأمر يعنى : القول ؛ فذلك قوله تعالى فى سورة الكهف : (إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ)(١) يعنى : قولهم بينهم (٢) ؛ وكقوله تعالى فى سورة طه : (فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوى)(٣) يعنى : قولهم.

والوجه الثّالث ؛ الأمر يعنى : العذاب ؛ قوله تعالى فى سورة إبراهيم : (وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ)(٤) يعنى : «لمّا» (٥) وجب العذاب.

والوجه الرابع ؛ «الأمر» (٦) يعنى به : عيسى ابن مريم ـ عليه‌السلام ـ ؛ قوله تعالى فى سورة مريم : (سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً) يعنى : خلق عيسى (فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)(٧) ؛ نظيرها فى سورة البقرة : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً) يعنى : عيسى فى علمه أنّه يكون من غير أب (فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)(٨).

والوجه الخامس ؛ الأمر يعنى : القتل ببدر ؛ قوله تعالى فى سورة «حم المؤمن» :

__________________

(١) الآية ٢١.

(٢) فى م : «قولهم فيما بينهم». كما فى (الوجوه والنظائر عن مقاتل الورقة ١٢٧) و (تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ٣٩٤) و (كليات أبى البقاء : ٧١) وفى (الكشاف للزمخشرى ١ : ٤٦٩). فكان بعضهم يقول : تبعث الأرواح دون الأجساد ، وبعضهم يقول : تبعث الأجساد مع الأرواح» ، وراجع : (تفسير الطبرى ١٥ : ٤٩) ، و (المفردات فى غريب القرآن للراغب ٢٤) و (تنوير المقباس : ١٨٤) و (اللسان : مادة : أ. م. ر).

(٣) الآية ٦٢.

(٤) الآية ٢٢.

(٥) الإثبات عن م. وذلك المعنى فى (تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ٣٩٤) و (الوجوه والنظائر عن مقاتل ـ الورقة ١٢٨). وفى : (مختصر من تفسير الطبرى ١ : ٣٣٨) «لما أدخل أهل الجنّة الجنّة ، وأهل النّار النّار واستقرّ بكلّ فريق قرارهم». ونظيره فى (الكشاف للزمخشرى : ١ : ٤١٦) و (تفسير القرطبى ٩ : ٣٥٦ ، ١١ : ١٠٥) و (تنوير المقباس ١٦٠).

(٦) الإثبات عن م.

(٧) الآية / ٣٥.

(٨) الآية ١١٧. «أى إذا أراد أن يخلق ولدا بلا أب مثل المسيح ، فإنما يقول له كن فيكون. ولدا بلا أب ، كآدم كان بلا أب وأم» (تنوير المقباس : ١٣) وانظر : (تفسير الطبرى ٢ : ٥٥٠) و (الوسيط للواحدى : ١ : ١٨ بتحقيقنا) و (الوجوه والنظائر عن مقاتل : الورقة ١٢٩) و (الكشاف للزمخشرى ١ : ١٣).

٨

(فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ قُضِيَ بِالْحَقِ)(١) يعنى : القتل ببدر (٢) ـ كان هذا بمكّة ، فجاء الله تعالى بأمره (٣) بالمدينة فى قتل أهل مكّة ـ ؛ وكقوله تعالى فى سورة الأنفال : (وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً)(٤) يعنى : قتل كفّار مكّة ببدر.

والوجه السادس ؛ أمر يعنى : قتل بنى قريظة ، وجلاء أهل النّضير ؛ قوله تعالى فى سورة البقرة : (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ)(٥) يعنى : قتل بنى قريظة ، وجلاء أهل النّضير (٦).

والوجه السابع ؛ الأمر (٧) يعنى : فتح مكة ؛ قوله تعالى / فى سورة براءة : (فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ)(٨) يعنى : فتح مكّة (٩).

والوجه الثامن ؛ «الأمر» (١٠) يعنى : القيامة ؛ قوله تعالى فى سورة النّحل : (أَتى أَمْرُ اللهِ)(١١) يعنى : القيامة (١٢) ، وكقوله تعالى فى سورة الحديد : (وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ)(١٣) يعنى : القيامة.

__________________

(١) الآية ٧٨. وتسمّى سورة غافر ، والطّول. (الإتقان فى علوم القرآن ١ : ٦٨).

(٢) بدر ـ بالفتح والسكون ـ : ماء مشهور بين مكّة والمدينة أسفل وادى الصحراء ، وبهذا الماء كانت الواقعة المشهورة التى أظهر الله بها الإسلام ... فى شهر رمضان سنة اثنتين للهجرة. (ياقوت ـ معجم البلدان ١ : ٣٧٥) ، و (قاموس الألفاظ والأعلام القرآنية ـ مادة : ب. د. ر).

(٣) فى م : «فجاء الله تعالى بهذه» ..

(٤) الآية ٤٤. «ليمضى الله بالنّصرة والغنيمة لمحمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ، وأصحابه ، والقتل والهزيمة لأبى جهل وأصحابه» (تنوير المقباس ١١٦) ومثل هذا فى (الكشاف للزمخشرى ١ : ١١٦).

(٥) الآية ١٠٩.

(٦) كما فى (الوجوه والنظائر عن مقاتل : الورقة ١٢٩) وروى هذا المعنى عن عطاء. (الوسيط للواحدى : ١ : ١٧٥) وبنحوه فى (تفسير القرطبى ٢ : ٧٣) و (تنوير المقباس ١٢) وانظر (تفسير الطبرى ٢ : ٥٠٣).

(٧) فى م «أمر».

(٨) الآية ٢٣. وانظر تعليق رقم (٤) صفحة (٧) من هذا الكتاب.

(٩) كما فى (الوجوه والنظائر عن مقاتل : الورقة ١٢٨) و (كليات أبى البقاء : ٧١) وروى ذلك عن ابن عباس (الكشاف للزمخشرى ١ : ٣١٦) وفى (تنوير المقباس ١٢١) «القتل يوم فتح مكة».

(١٠) الإثبات عن م.

(١١) الآية الأولى.

(١٢) كما فى (تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ٣٩٤) و (الوجوه والنظائر عن مقاتل : الورقة ١٢٨) و (كليات أبى البقاء : ٧١) و (المفردات فى غريب القرآن للراغب : ٢٤) و (الكشاف للزمخشرى ١ : ٤٣٠) وروى ذلك عن ابن عباس (تفسير القرطبى ١١ : ٦٦) واختاره ابن جرير (تفسير الطبرى ١٤ : ٥٢).

(١٣) الآية ١٤.

٩

والوجه التّاسع ؛ الأمر يعنى : القضاء ؛ قوله تعالى فى سورة الرعد : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ)(١) : يقضى القضاء وحده (٢) ؛ وكقوله سبحانه فى سورة يونس : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ)(٣) ؛ وفى سورة الأعراف : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ)(٤) : ألا له الخلق والقضاء (٥).

والوجه العاشر ؛ الأمر يعنى : الوحى ، قوله تعالى فى سورة «تنزيل السّجدة» : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ)(٦) يعنى : ينزّل الوحى من السّماء إلى الأرض ؛ وكقوله تعالى فى سورة الطّلاق : (يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَ)(٧) يعنى : الوحى (٨).

والوجه الحادى عشر ؛ الأمر بعينه (٩) ؛ قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ)(١٠) ؛ وكقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها)(١١) ؛ ونحوه.

والوجه الثانى عشر ؛ الأمر يعنى : الذّنب ؛ قوله تعالى فى سورة الطّلاق : (فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها)(١٢) يعنى : جزاء ذنبها (١٣) ؛ وكقوله تعالى : (لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ)(١٤) يعنى : جزاء ذنبه.

__________________

(١) الآية ٢.

(٢) كما فى (الوجوه والنظائر عن مقاتل : الورقة ١٢٩) وفى (تنوير المقباس ١٥٥) «ينظر فى أمر العباد ، ويبعث الملائكة بالوحى والتنزيل» وجاء نظيره فى (الكشاف للزمخشرى ١ : ٤٠٣).

(٣) الآية ٣.

(٤) الآية ٥٤.

(٥) كما فى (تنوير المقباس ١٠٣) و (الوجوه والنظائر عن مقاتل : الورقة ١٣١) و (تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ٣٩٤) و (كليات أبى البقاء ٧١) وفى (المفردات فى غريب القرآن للراغب ٢٤) «ويختص ذلك بالله تعالى دون الخلائق».

(٦) الآية ٥. ويقصد بقوله : «تنزيل السجدة» : سورة السجدة (الإتقان فى علوم القرآن للسيوطى ١ : ٦٨).

(٧) الآية ١٢.

(٨) كما فى (تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ٣٩٤) و (تنوير المقباس ٣٥٩). وفى (الكشاف للزمخشرى ٢ : ٤٠٥) «يجرى أمر الله وحكمه بينهنّ وملكه ينفذ فيهنّ» وروى ـ بنحوه ـ عن مجاهد (تفسير الطبرى ٢٩ : ١٥٤).

(٩) وهو طلب فعل شىء. (اللسان : مادة : أ. م. ر).

(١٠) سورة النحل / ٩٠.

(١١) سورة النساء / ٥٨. ونحو ذلك ، كما فى سورة طه / ١٣٤ وسورة لقمان / ٢١. انظر (معجم ألفاظ القرآن الكريم : مادة : أ. م. ر).

(١٢) الآية ٩.

(١٣) كما فى : (تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ٣٩٤) و (كليات أبى البقاء ٧١) و (الوجوه والنظائر عن مقاتل : الورقة ١٣١) و (تنوير المقباس ٤٥٩) وروى ـ بنحوه ـ عن قتادة وابن عباس ومجاهد والسدّى (تفسير الطبرى ٢٨ : ١٥١).

(١٤) سورة المائدة ٩٥. «أى : عاقبة أمره فى الشرّ .. والوبال : الوخامة وسوء العاقبة». (غريب القرآن للسجستانى ٣٢٥) وفى (تنوير المقباس ٨٠) «عقوبة أمره».

١٠

والوجه الثالث عشر ؛ الأمر يعنى : النّصر ؛ قوله تعالى فى سورة آل عمران : (يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ)(١) يعنى : النّصر ؛ وكقوله تعالى : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)(٢) يعنى : النّصر (٣).

والوجه الرابع عشر ، الأمر : الفعل والشّأن ؛ كقوله تعالى : (أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ)(٤) يعنى : الشئون (٥) ؛ وكقوله سبحانه : (وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ)(٦) يعنى : شأن فرعون.

والوجه الخامس عشر ؛ «الأمر» (٧) يعنى : الغرق ؛ قوله تعالى فى سورة هود : (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ)(٨) يعنى : من الغرق.

والوجه السّادس عشر ؛ آمرنا : كثّرنا ؛ قوله تعالى فى سورة «بنى إسرائيل» : (أَمَرْنا مُتْرَفِيها)(٩) ـ ممدودا ـ ، أى كثّرنا (١٠). و «أمّرنا» (١١) ـ مشدّدا ـ : سلّطنا جبابرتها (١٢).

__________________

(١) الآية ١٥٤.

(٢) سورة الروم / ٤.

(٣) كما فى (الوجوه والنظائر عن مقاتل : الورقة ١٣٠) و (كليات أبى البقاء ٧١) وفى (تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ٢٢٨) «أى : له الغلبة لمن شاء من قبل ومن بعد». وفى (تنوير المقباس ٢٥٠) «النّصرة لمحمد ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم».

(٤) سورة الشورى / ٥٣.

(٥) كما فى : (تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ٣٦٤) و (كليات أبى البقاء ٧١) وفى (قاموس الألفاظ والأعلام القرآنية ـ مادة : أ. م. ر) الأمر : الشأن ، وجمعه أمور. وجاء فى (تنوير المقباس ٣٠٣) «عواقب الأمور فى الآخرة تصير إلى الحكيم الملك».

(٦) سورة هود / ٩٧.

(٧) الإثبات عن م

(٨) الآية ٤٣.

(٩) الآية ١٦. وتسمى سورة الإسراء ورويت هذه القراءة عن الحسن ، وقتادة ، وأبى حيوة الشامى ، وغيرهم (تفسير القرطبى ١٠ : ٢٣٢) وفى (تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ٢٥٣) «وهى [أى لغة المدّ] اللغة العالية المشهورة.»

(١٠) فى (مجاز القرآن لأبى عبيدة ١ : ٣٧٢) و (اللسان ـ مادة : أ. م. ر) «قال أبو عبيدة : آمرته ـ بالمدّ ـ وأمرته لغتان ، بمعنى كثرته ، وأمر هو أى كثر ...». وجاء ـ بنحوه ـ فى (غريب القرآن للسجستانى ١٨) و (المفردات فى غريب القرآن للراغب ٢٤) و (الكشاف للزمخشرى ١ : ٤٥٠).

(١١) رويت هذه القراءة عن أبى عثمان النهدى. (تفسير القرطبى ١٠ : ٢٣٣) ، وأولى القراءة «أمرنا» بقصر الألف دون مدّها ، وتخفيف الميم وفتحها ـ ... ، لإجماع الحجّة من القرّاء على تصويبها دون غيرها .. ، لأن الأغلب من معنى أمرنا : الأمر الذى هو خلاف النّهى ...» كما قال ابن جرير الطبرى (تفسير الطبرى ١٥ : ٣٩).

(١٢) انظر : (تفسير القرطبى ١٠ : ٢٣٣) و (مجاز القرآن لأبى عبيدة ١ : ٣٧٣) و (المفردات فى غريب القرآن للراغب : ٢٤) و (الكشاف للزمخشرى ١ : ٤٥٠).

١١

«و» (١) الإمر : المنكر ؛ قوله تعالى : (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً)(٢) : «منكرا» (٣).

* * *

__________________

(١) الإثبات عن م.

(٢) سورة الكهف / ٧١. «أى جئت شيئا عظيما من المنكر». (اللسان ـ مادة : أ. م. ر). وانظر : (مجاز القرآن لأبى عبيدة ١ : ٤٠٩) ، و (تفسير الطبرى ١٥ : ١٨٤) و (تنوير المقباس ١٨٧) و (غريب القرآن للسجستانى ٤٩) و (مفردات الراغب ٢٤) و (الكشاف للزمخشرى ١ : ٤٨٧).

(٣) الإثبات عن م.

١٢

تفسير أحد على ثمانية أوجه

الله* النّبىّ* بلال* تمليخا* زيد بن حارثة* أحد من الخلق* دقيانوس* ساقى الملك*

فوجه منها أحد ، يعنى : الله تعالى ، قوله تعالى فى سورة البلد (١) : (أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ)(٢) يعنى : الله تعالى ؛ وكقوله تعالى : (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ)(٣) يعنى : الله تعالى (٤).

والوجه الثانى ؛ «أحد» (٥) يعنى : النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ / قوله تعالى فى سورة الحشر : (وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً)(٦) ، قال المنافقون : لا نطيع فيكم محمّدا (٧) ؛ وكقوله تعالى فى سورة آل عمران : (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ)(٨) يعنى : النّبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٩).

والوجه الثالث ؛ أحد يعنى : بلال بن حمامة (١٠) مؤذّن النّبيّ ـ صلّى الله عليه

__________________

(١) فى م : «المفصّل». وفى (اللسان ـ مادة : ف. ص. ل) «سمّى المفصّل مفصّلا لقصر أعداد سوره من الآى» وفى (تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٣٦) «المفصّل : ما يلى المثانى من قصار السّور» وانظر (تفسير الطبرى ١ : ١٠٤) و (الإتقان فى علوم القرآن ١ : ١١٠).

(٢) الآية ٥.

(٣) سورة البلد ٧.

(٤) كما فى (الوجوه والنواظر لابن الجوزى ـ الورقة ٤) و (تفسير الطبرى ٣٠ : ١٩٩) و (تفسير القرطبى ٢٠ : ٦٤) و (الكشاف للزمخشرى ٢ : ٤٧٢) و (تنوير المقباس ٣٨٩).

(٥) الإثبات عن م.

(٦) الآية ١١.

(٧) كما فى (الوجوه والنواظر لابن الجوزى ـ الورقة ٤) و (تفسير الطبرى ٢٨ : ٤٦) وبنحوه فى (الكشاف للزمخشرى ٢ : ٣٨٨) وفى (تنوير المقباس : ٣٤٩) «لا نعين عليكم أحدا من أهل المدينة».

(٨) الآية ١٥٣.

(٩) كما فى (تفسير القرطبى ٤ : ٢٤٠) و (الوجوه والنواظر لابن الجوزى الورقة ٤) و (تنوير المقباس ٤٧) وانظر (البحر المحيط ٣ : ٨٢) و (تفسير الطبرى ٧ : ٧٩٢) و (الدر المنثور فى التأويل بالمأثور ٢ : ٨٧).

(١٠) هو بلال بن رباح ، وأمّه حمامة. وكان من مولّدى مكة لرجل من بنى جمح. ومن السابقين فى الإسلام ، وممن يعذب فى دين الله. فاشتراه أبو بكر الصديق ، وأعتقه. وهو أول من أذّن لرسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ. وشهد بدرا والمشاهد كلها. وتوفى سنة عشرين من الهجرة. وانظر ترجمته فى : (الطبقات الكبرى لابن سعد ٣ : ٢٣٢ ـ ٢٣٩ ، ٧ : ٣٨٥ ـ ٣٨٧) ط. بيروت و (أسد الغابة فى معرفة الصحابة ١ : ٢٠٦ ـ ٢٠٧) و (المعارف لابن قتيبة ١٧٦).

١٣

وسلّم ـ ؛ قوله تعالى فى سورة اللّيل : (وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ) يعنى : لبلال «عنده» : عند أبى بكر حين أعتقه (مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى)(١).

والوجه الرابع ؛ أحد : تمليخا ؛ قوله تعالى : (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ)(٢) يعنى : تمليخا (٣).

والوجه الخامس ؛ أحد يعنى : زيد بن حارثة ، قوله تعالى (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ)(٤) يعنى : زيد بن حارثة (٥).

والوجه السادس ؛ أحد من الخلق كلّه : الملائكة والإنس والجنّ ؛ قوله تعالى : (وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)(٦) ؛ وكقوله تعالى (وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً)(٧).

والوجه السابع ؛ [أحد](٨) أراد به دقيانوس ؛ قوله تعالى فى سورة الكهف : (وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً)(٩) يعنى : دقيانوس (١٠).

والوجه الثامن ؛ «أحد أراد به» (١١) : ساقى الملك ؛ قوله تعالى : (قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً)(١٢).

* * *

__________________

(١) الآية ١٩.

(٢) سورة الكهف / ١٩.

(٣) تمليخا : هو رئيس أصحاب الكهف الذين آمنوا بربهم ، وهو القائل : (فأووا إلى الكهف) والقائل (ربكم أعلم بما لبثتم) انظر قصته فى (قصص الأنبياء للثعالبى ٣٥٨ ـ ٣٧٣) وراجع (الإتقان فى علوم القرآن ٢ : ١٧٢) و (الوجوه والنواظر لابن الجوزى ـ الورقة ٤) و (تفسير القرطبى ١٠ : ٣٧٤) و (مفحمات الأقران للسيوطى ٣٠).

(٤) سورة الأحزاب / ٤٠.

(٥) «هو زيد بن حارثة بن شراحبيل ، من «كلب» أدركه سباء ، فأعتقه رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فكان يقال له : زيد بن محمد حتى نزلت (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) [سورة الأحزاب ؛ الآية ٥] ، وكان ممن أمّره رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ على الجيش «يوم مؤتة» فاستشهد فى سنة ثمان» (المعارف لابن قتيبة ١٤٤) وانظر ترجمته فى (طبقات ابن سعد ٣ : ٤٠ ـ ٤٧) و (أسد الغابة فى معرفة الصحابة ٢ : ٢٨١ ـ ٢٨٤).

(٦) سورة الكهف / ١١٠.

(٧) سورة الكهف / ٣٨.

(٨) ما بين الحاصرتين إضافة يقتضيها السياق.

(٩) الآية ١٩.

(١٠) دقيانوس : ملك من ملوك فارس ، كان جبارا عاتيا ، ادّعى الربوبية من دون الله تعالى ، ودعا إليه وجوه قومه ، فكل من أجابه أعطاه وحباه وكساه وخلع عليه ، ومن لم يجبه ويتابعه قتله» انظر تفصيل ذلك عند «باب قصة أصحاب الكهف» (قصص الأنبياء للثعالبى ٣٥٨ ـ ٣٧٣).

(١١) الإثبات عن م.

(١٢) سورة يوسف / ٣٦.

١٤

تفسير أحاط على أربعة أوجه

العلم* الجمع* الهلاك* الاشتمال من جوانب الشّىء*

فوجه منها ؛ أحاط يعنى : علم ؛ قوله تعالى فى سورة الجنّ : (وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ)(١) أى : علم بما لديهم (٢) ؛ وكقوله تعالى : (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ)(٣) يعنى : لا يعلمون بشيء من معلوماته.

والوجه الثانى ؛ الإحاطة يعنى : الجمع ؛ قوله تعالى فى سورة البقرة : (وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ)(٤) ، أى يجمعهم يوم القيامة ، فتلحقهم العقوبة ، قاله مجاهد (٥).

والوجه الثالث ؛ الإحاطة : الهلاك ؛ قوله تعالى فى سورة البقرة : (أَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ)(٦) يقول : أهلكه شركه (٧) ؛ مثلها فى سورة الكهف : (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ)(٨) ؛ هلكت ثمرته (٩).

__________________

(١) الآية ٢٨.

(٢) كما فى (تفسير الطبرى ٢٩ : ١٢٣) وروى ـ بنحوه ـ عن سعيد بن جبير. (تفسير القرطبى ١٩ : ٢٩) وفى (الكشاف للزمخشرى ٢ : ٤٣٠) «بما عند الرّسل من الحكم والشرائع ...» و (تنوير المقباس ٣٧١) «بما عندهم من الملائكة».

(٣) سورة البقرة / ٢٥٥. «الإحاطة بالشىء علما : أن يعلم وجوده وجنسه وقدره ، وصفته وكيفيته ، وغرضه المقصود به ، وما يكون به ومنه وعليه ، وذلك لا يكون إلّا لله تعالى» (المفردات فى غريب القرآن للراغب ١٣٦) وبنحوه فى (كليات أبى البقاء ٢٠) و (قاموس الألفاظ والأعلام القرآنية : مادة : ح وط). وفى (تنوير المقباس ٢٩) «لا تعلم الملائكة شيئا من أمر الدنيا والآخرة إلّا ما علمهم الله» ، «وقال الليث : يقال لكلّ من أحرز شيئا أو بلغ علمه أقصاه ؛ قد أحاط به» (الوسيط للواحدى ١ : ٣٦٥).

(٤) الآية ١٩.

(٥) هذا نصّ قول مجاهد «جامعهم فى جهنّم» (تفسير الطبرى ١ : ٤٥٦). و (الدر المنثور للسيوطى ١ : ٣٣) وجاء كذلك فى (الوسيط للواحدى : ١ : ٥٢) وانظر (تفسير القرطبى ١ : ٢٢١).

(٦) الآية ٨١.

(٧) كما فى (تفسير الطبرى ٢ : ٢٨٤) و (الدر المنثور ١ : ٨٥) وانظر : (تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ١٢٧) و (المفردات فى غريب القرآن للراغب ١٣٦) و (كليات أبى البقاء ٢٠) و (الوسيط للواحدى ١ : ١٤٠).

(٨) الآية ٤٢.

(٩) «أى : أصابه ما أهلكه وأفسده» (اللسان ـ مادة : ح وط) و (الوسيط للواحدى ١ : ٥٢) ونظيره فى (تفسير الطبرى ١٥ : ١٦٣) و (تفسير القرطبى ١٠ : ٤٠٨) و (الكشاف للزمخشرى ١ : ٤٧٧) و (تنوير المقباس ١٨٥) وفى (كليات أبى البقاء ٢١) «أحاطت به : استولت عليه وشملت جميع أمواله».

١٥

والوجه الرابع ؛ الإحاطة يعنى : الاشتمال على الشّىء ، والاحتواء على (١) جوانبه كلّها ؛ قوله تعالى فى سورة الكهف : (أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها)(٢) ، أى سرادق النّار تحيط بهم (٣) ؛ وكقوله تعالى فى سورة العنكبوت : (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ)(٤).

* * *

__________________

(١) فى م : «من جوانبه».

(٢) الآية ٢٩.

(٣) كما فى (تنوير المقباس ١٨٥) وقريب منه فى (تفسير الطبرى ١٥ : ١٥٧) وفى (الكشاف للزمخشرى ١ : ٤٧٢) «شبه ما يحيط بهم من النار بالسرادق وهى الحجرة التى تكون حول الفسطاط».

(٤) الآية رقم ٥٤. أى «ستحيط بالكافرين وهى تجمعهم جميعا» وانظر (تفسير الطبرى ٢١ : ٨) و (تفسير ابن كثير ٣ : ٤١٩) و (الكشاف للزمخشرى ٢ : ١٦٠).

١٦

تفسير أحصى على أربعة أوجه

الحفظ* الكتابة (١) * العلم* الشّكر

فوجه منها ؛ أحصى : حفظ ؛ قوله تعالى فى سورة الكهف : (لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها)(٢) أى حفظها (٣). وكقوله تعالى فى سورة المجادلة : (أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ)(٤) أى حفظه الله ونسوه (٥) ؛ وكقوله تعالى : (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ)(٦) ؛ أى تحفظوا مواقيت الصّلاة (٧).

والوجه الثّانى ؛ أحصى : / أى كتب ؛ قوله سبحانه وتعالى فى سورة «عمّ يتساءلون» (٨) : (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً)(٩) ؛ أى كتبناه كتابا.

__________________

(١) فى م : «والكتابة».

(٢) الآية رقم ٤٩.

(٣) كما فى (تنوير المقباس ١٦٨) و (تفسير الطبرى ١٥ : ١٦٨) وفى (تفسير القرطبى ١٠ : ٤١٩) «عدّها وأحاط بها» ومثله فى (المفردات فى غريب القرآن للراغب ١٢١) و (الكشاف للزمخشرى ١ : ٤٧٨) و (اللسان : مادة : ح. ص. ى).

(٤) الآية ٦.

(٥) كما فى (تفسير الطبرى ٢٨ : ١٢) و (تنوير المقباس ٣٤٥) وفى (الكشاف للزمخشرى ٢ : ٣٨٢) «أحاط به عددا لم يفته شىء». ونحوه فى (كليات أبى البقاء ٢١).

(٦) سورة المزمل / ٢٠.

(٧) كما فى (تنوير المقباس ٣٧٢) وفى (الكشاف للزمخشرى ٢ : ٤٣٣) «أى علم أنه لا يصح منكم ضبط الأوقات ، وقال أهل اللغة : لا تحصوا ثوابه» (المفردات فى غريب القرآن ١٢١) و (اللسان : مادة ـ ح. ص. ى) وفى (تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ٢٨٣) «لن تطيقوا معرفة حقائق ذلك اليوم والقيام فيه» وانظر : (تفسير الطبرى ٢٩ : ١٤٠) و (تفسير القرطبى ١٩ : ٥١).

(٨) ويقال لها : النبأ ، والتّساؤل ، والمعصرات. (الإتقان فى علوم القرآن ١ : ٦٩).

(٩) الآية رقم ٢٩. «أحصينا فى معنى كتبنا ؛ لالتقاء الإحصاء والكتبة فى معنى الضبط والتحصيل ... والمعنى : إحصاء معاصيهم» (الكشاف للزمخشرى ٢ : ٤٥٠) وانظر : (تفسير الطبرى ٣٠ : ١٦ ـ ١٧) و (تفسير القرطبى ٩ : ١٨٠) و (تنوير المقباس ٣٧٩).

١٧

والوجه الثالث ؛ أحصى ؛ أى علم ؛ قوله تعالى فى سورة الجنّ : (وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً)(١) ؛ أى علم كلّ شىء عددا (٢).

والوجه الرابع ؛ أحصى : شكر ؛ قوله تعالى فى سورة النّحل : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها)(٣) : أى لا تشكروها (٤) ؛ مثلها فى سورة إبراهيم (٥). ويقال : لا تعرف كمّيّتها (٦).

* * *

__________________

(١) الآية ٢٨.

(٢) كما فى (تنوير المقباس ٣٧١) و (تفسير الطبرى ٢٩ : ١٢٣) و (تفسير القرطبى ١٩ : ٢٩) وفى (المفردات فى غريب القرآن للراغب ٢١) «أى : حصّله وأحاط به».

(٣) الآية ١٨.

(٤) كما فى (تنوير المقباس ١٦٨) وفى (تفسير الطبرى ١٤ : ٤١٩) «لا تطيقوا أداء شكرها.» وبنحوه فى (الكشاف للزمخشرى ١ : ٤٣٣).

(٥) الآية ٣٤.

(٦) أى : «لا تحصروها ولا تطيقوا عدّها ، وبلوغ آخرها. هذا إذا أرادوا أن يعدّوها على الإجمال ، وأمّا التفصيل فلا يقدر عليه ولا يعلمه إلّا الله» (الكشاف للزمخشرى ١ : ٤١٩) وبنحوه فى (غريب القرآن للنيسابورى ١٣ : ١٣٨) و (تفسير القرطبى ٩ : ٣٦٧) و (تفسير الطبرى ١٣ : ١٥٠)

١٨

تفسير استحيا على ثلاثة أوجه

الاستخدام* التّرك* الحياء

فوجه منها ؛ يستحيون : أى يستخدمون ؛ كقوله تعالى فى سورة البقرة : (وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ)(١) : أى يستخدمون (٢) ؛ مثلها فى سورة الأعراف (٣) ؛ وكذلك فى سورة إبراهيم (٤).

والوجه الثّانى ؛ يستحيى : يترك ؛ قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً)(٥) : أى لا يترك أن يضرب مثلا (٦).

والوجه الثّالث ؛ يستحى من الحياء (٧) ؛ قوله تعالى فى سورة الأحزاب : (إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ)(٨) أراد به الحياء.

* * *

__________________

(١) الآية ٤٩.

(٢) كما فى (تنوير المقباس ٧) وفى (تفسير الطبرى ٢ : ٤٦ ، ٤٨) «يستبقونهنّ فلا يقتلونهنّ ... يعنى بذلك الوالدات والمولودات» ومثله فى (غريب القرآن للسجستانى ٣٣٩) و (الوسيط للواحدى ١ : ١٠٢) و (مفردات الراغب ١٤٠) (وفى البحر المحيط ١ : ١١٨) «الاستحياء هنا : الإبقاء حيّا».

(٣) الآية ١٤١.

(٤) الآية ٦.

(٥) سورة البقرة / ٢٦.

(٦) كما فى (تنوير المقباس ٥) و (الوسيط للواحدى ١ : ٦٥) وفى (الكشاف للزمخشرى ١ : ٤٠) «أى لا يترك ضرب المثل بالبعوضة ترك من يستحى أن يمثّل بها لحقارتها» وفى (البحر المحيط ١ : ١١٨) «لأن الاستحياء محال على الله تعالى ، والترك من ثمرة الحياء ، لأنّ من استحيا من شىء تركه ...» وانظر (المفردات فى غريب القرآن للراغب : ١٤٠).

(٧) «الحياء : تغيّر وانكسار يعترى الإنسان من خوف ما يعاب به ويذمّ ، ومحله الوجه ومبعثه من القلب ، واشتقاقه من الحياة». (البحر المحيط ١ : ١١٨) ، و (المفردات فى غريب القرآن للراغب ١٤٠) وانظر (الكشاف للزمخشرى ١ : ١١٨).

(٨) الآية رقم ٥٣. «أن يأمركم بالخروج وينهاكم عن الدّخول». (تنوير المقباس ٢٦٣).

١٩

تفسير الإتيان على ستّة عشر وجها

الدّنوّ* الإصابة* القلع* العذاب* السّوق* الجماع* العمل*

الخلق* الإقرار والطّاعة* المجىء* الظّهور* الدّخول* المضىّ*

الإرسال* المفاجأة* النّزول.

فوجه منها ؛ الإتيان : الدّنوّ ؛ قوله تعالى : (أَتى أَمْرُ اللهِ)(١) ، أى قرب «أمر الله» (٢) ودنا ؛ وهى : السّاعة ؛ وكقوله تعالى : (حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)(٣) ، أى يدنو ؛ ونحوه (٤).

والوجه الثّانى ؛ الإتيان : الإصابة ؛ قوله تعالى فى سورة الأنعام : (إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ)(٥) يعنى : أصابكم (٦). مثلها فيها (٧) ، ونحوه.

والوجه الثالث ؛ الإتيان : القلع ؛ قوله عزوجل فى سورة النّحل : (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ)(٨) يعنى : قلع بنيان ديارهم (٩).

__________________

(١) سورة النحل الآية الأولى.

(٢) الإثبات عن م.

(٣) سورة الحجر / ٩٩. و (اليقين) : الموت. (تفسير الطبرى ١٤ : ٥١) و (تفسير القرطبى ١٠ : ٦٤) و (الكشاف للزمخشرى ١ : ٤٦٠) و (تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ٢٤٠) و (تنوير المقباس ١٦٧) و (تفسير ابن كثير : ٢ : ٥٦٠).

(٤) كما فى سورة المدثر / ٤٧ (تفسير ابن كثير ٢ : ٥٦٠).

(٥) الآية ٤٠.

(٦) كما جاء بنحوه ، فى (الكشاف للزمخشرى ١ : ٢٣٩) وفى (تنوير المقباس ٨٦) «يوم بدر ، أو يوم أحد ، أو يوم الأحزاب».

(٧) أى فى سورة الأنعام ، الآية رقم ٤٧. وفى م «ونحوه كثير». كما فى الآية رقم ٥٠ من سورة يونس ؛ والآية رقم ٢٦ من سورة النحل ؛ والآية رقم ٢٥ من سورة الزّمر.

(٨) الآية ٢٦.

(٩) كما فى (تنوير المقباس ١٦٩) وجاء فى (تفسير الطبرى ١٤ : ٦٨) «تساقطت عليهم سقوف بيوتهم» وهو أولى القولين بالصواب عند ابن جرير الطبرى. وفى (تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ٢٤٢) «أى من الأساس ، وهذا مثل ؛ أى أهلكهم كما أهلك من هدم مسكنه من أسفله فخرّ عليه» وانظر : (مجاز القرآن لأبى عبيدة ١ : ٢٦) و (الكشاف للزمخشرى ١ : ٤٣٣).

٢٠