قصص الأنبياء عليهم السلام - ج ١

قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي [ قطب الدين الراوندي ]

قصص الأنبياء عليهم السلام - ج ١

المؤلف:

قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي [ قطب الدين الراوندي ]


المحقق: عبدالحليم عوض الحلّي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة العلامة المجلسي رحمه الله
المطبعة: عمران
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-91180-2-1
ISBN الدورة:
978-600-91180-7-6

الصفحات: ٤٥٤

[٢٠٦ / ٣١] ـ وقال : قال موسى عليه‌السلام : يا ربّ ، ما لمن عاد مريضا؟ قال : أوكّل به ملكا يعوده في قبره إلى محشره ، قال : يا ربّ ، ما لمن غسّل ميّتا؟ قال : أخرجه من ذنوبه كما خرج من بطن أمّه ، قال : يا ربّ ، ما لمن شيّع جنازة؟ قال : أوكّل به ملائكة معهم رايات يشيّعونه من محشره إلى مقامه ، قال : فما لمن عزّى الثكلى؟ قال : أظلّه في ظلّي يوم لا ظلّ إلّا ظلّي تعالى الله (١).

[٢٠٧ / ٣٢] ـ وقال : فيما ناجى الله به موسى أن قال : أكرم السائل إذا هو أتاك بشيء ببذل يسير (٢) أو بردّ جميل ، فإنّه قد أتاك (٣) من ليس بجنّيّ ولا إنسيّ ملك من ملائكة الرحمن ليبلوك (٤) فيما خوّلتك ويسألك عمّا موّلتك (٥) ، فكيف أنت صانع (٦)؟

__________________

(١) عنه في بحار الأنوار ١٣ : ٣٥٤ / قطعة من الحديث ٥٢.

ورواه الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه ١ : ١٤٠ / ٣٨٧ بتفاوت في اللفظ ، وكذا في ثواب الأعمال : ١٩٤ : عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار ٧٨ : ٢٩٧ / ١٢.

ورواه الفتّال النيسابوريّ في روضة الواعظين : ٢٨٨ بنفس المتن ، عن الباقر عليه‌السلام.

وروى الكلينيّ في الكافي ٣ : ١٦٤ / ٤ (قطعة منه) بتفاوت يسير : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن سنان ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام .. وعنه في وسائل الشيعة ٢ : ٤٩٥ / ٣.

(٢) في «ر» : (يسير بيدك) ، وفي «س» : (بيدك يسيرا).

(٣) في البحار : (يأتيك).

(٤) في «ر» «س» : (لنبلوك) ، وفي «ص» : (لتبلوك).

(٥) المراد من : (موّلتك) صيّرتك ذا مال.

(٦) عنه في بحار الأنوار ١٣ : ٣٥٤ / قطعة من الحديث ٥٢ وج ٩٣ : ١٧٤ / ١٦.

وورد في الكافي ٤ : ١٥ / ٣ : عن عدّة من أصحابه ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن محمّد ابن سنان ، عن إسحاق بن عمّار ، عن الوصّافيّ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار ٥٦ : ١٩٠ / ٤٣ ، ومن لا يحضره الفقيه ٢ : ٦٨ / ١٧٤٤ بتفاوت في المتن : عن الوصّافيّ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام .. وعنهما في وسائل الشيعة ٩ : ٤١٩ / ٧.

٤٠١

[٢٠٨ / ٣٣] ـ وقال : يا موسى ، لخلوف (١) فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك (٢).

فصل

[ممّا ناجى الله به موسى عليه‌السلام]

[٢٠٩ / ٣٤] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل ، حدّثنا عبد الله بن جعفر ، عن محمّد بن الحسين ، حدّثنا الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن حبيب السجستانيّ ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال : إنّ في التوراة مكتوبا فيما ناجى الله به موسى صلوات الله عليه : خفني في سرّ أمرك أحفظك من وراء عورتك ، واذكرني في خلواتك وعند سرور لذّاتك أذكرك عند غفلاتك واملك غضبك عمّن ملّكتك عليه أكفّ غضبي عنك ولا أكتم مكنون سرّي في سريرتك ، وأظهر في علانيتك (٣) المداراة عنّي

__________________

(١) الخلوف : تغير رائحة الفم (المصباح المنير : ١٧٨).

(٢) عنه في بحار الأنوار ١٣ : ٢٥٤ / ذيل الحديث ٥٢.

ورواه الكلينيّ في الكافي ٤ : ٦٤ / ١٣ بزيادة في أوّله ، وهذا نصّه : «قال : أوحى الله عزوجل إلى موسى عليه‌السلام : ما يمنعك عن مناجاتي؟ فقال : يا ربّ ، أجلّك عن المناجاة لخلوف فم الصائم ، فأوحى الله عزوجل إليه ..» ، وسنده : عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار ١٣ : ٣٤٥ / ٣١ ووسائل الشيعة ١٠ : ٣٩٧ / ٥.

وكذا رواه الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه ٢ : ٧٦ / ١٧٧٩ : عن الصادق عليه‌السلام ، وفضائل الأشهر الثلاثة : ١٢١ / ١٢٢ : عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ...

وورد مضمونه في الخصال : ٤٥ / ضمن الحديث ٤٢ وعنه في بحار الأنوار ٩٣ : ٢٥٠ / ضمن الحديث ١٤.

(٣) قوله : (في علانيتك) لم يرد في «ر» «س».

٤٠٢

لعدوّك وعدوّي من خلقي (١).

يا موسى ، إنّي خلقتك واصطفيتك (٢) وقوّيتك وأمرتك بطاعتي ونهيتك عن معصيتي ، فإن أنت أطعتني أعنتك على طاعتي ، وإن أنت عصيتني لم أعنك على معصيتي ، ولي عليك المنّة في طاعتك ، ولي عليك الحجّة في معصيتك إيّاي (٣).

وقال : قال موسى : يا ربّ ، ما كمن سكن (٤) حظيرة القدس؟ قال : الذين لم تر أعينهم الزنا ، ولم يخالط أموالهم الربا ، ولم يأخذوا في حكمهم الرّشا وقد قال : يا موسى : لا تستذلّ الفقير ، ولا تغبط الغنيّ بالشيء اليسير (٥).

__________________

(١) رواه الصدوق في الأمالي : ٣٢٧ / ٧ : عن حمزة بن محمّد بن أحمد العلويّ ، عن عليّ بن إبراهيم ابن هاشم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب .. إلى آخر السند في المتن ، والمفيد في الأمالي : ٢١٠ / ٤٦ : عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن الحسن بن الوليد القمّيّ ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن العبّاس بن معروف ، عن عليّ بن مهزيار .. إلى آخر السند في المتن ، بنفس المتن مع زيادة في آخرهما ، وعنهما في بحار الأنوار ١٣ : ٣٢٨ / ٦ ، وفي مستدرك الوسائل ١١ : ٢٣١ / ١٥ عن أمالي المفيد.

(٢) في «ر» «س» : (فاصطفيتك).

(٣) رواه الصدوق بنفس المتن في الأمالي : ٣٨٥ / ٣ : عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن هشام بن سالم ، عن حبيب السجستانيّ ، عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار ١٣ : ٣٢٨ / ٥ ، والتوحيد : ٤٠٦ / ٢ : عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن هشام بن سالم ، عن حبيب السجستاني عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام ، والاعتقادات : ٣٩ عن الباقر عليه‌السلام.

ورواه الفتّال النيسابوريّ في روضة الواعظين : ٤٢١.

(٤) في «ر» «س» : (من سكن) ، وفي البحار : (من يسكن) بدلا من : (ما كمن سكن) ، ما كمن : أي ما مثل من.

(٥) عنه في بحار الأنوار ١٣ : ٣٢٨ / ٦ وفي ج ٦٩ : ٤٣ / ٤٩ (قطعة منه).

ووردت القطعة الأخيرة منه في الكافي ٨ : ٤٤ / ضمن الحديث ٨ : عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن عليّ بن عيسى ، رفعه قال .. وعنه في بحار الأنوار ٧٤ : ٣٣ / ضمن الحديث ٧.

ورواه ابن شعبة الحرّانيّ في تحف العقول : ٤٩١ وعنه في بحار الأنوار ١٣ : ٣٣٣ / قطعة من الحديث ١٣.

٤٠٣

[٢١٠ / ٣٥] ـ وعن ابن بابويه ، عن محمّد بن عليّ ماجيلويه ، حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن ابن أورمة ، عن رجل ، عن عبد الله بن عبد الرحمن البصريّ ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم الصلاة والسلام قال : مرّ موسى بن عمران عليه‌السلام برجل رافع يديه (١) إلى السماء يدعو ، فانطلق موسى في حاجته ، فغاب (٢) عنه سبعة أيّام ، ثمّ رجع إليه وهو رافع يديه يدعو ويتضرّع ويسأل حاجته ، فأوحى الله إليه : يا موسى ، لو دعاني حتّى يسقط لسانه ما استجبت له حتّى يأتيني من الباب الذي أمرته به (٣).

[٢١١ / ٣٦] ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن صالح ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه قال : لمّا مضى موسى صلوات الله عليه إلى الجبل أتبعه رجل من أفضل أصحابه قال : فأجلسه في أسفل الجبل وصعد موسى الجبل فناجى ربّه ، ثمّ نزل فإذا بصاحبه قد أكل السبع وجهه وقطّعه ، فأوحى الله تعالى إليه أنّه كان له عندي ذنب ، فأردت أن يلقاني ولا ذنب له (٤).

[٢١٢ / ٣٧] ـ وعن ابن أبي عمير ، عن أبي عليّ الشعيريّ (٥) ، عن محمّد بن قيس ،

__________________

(١) في «ص» «م» والبحار : (يده).

(٢) في المحاسن : (فبات).

(٣) عنه في بحار الأنوار ١٣ : ٣٥٥ / ٥٣ وج ٢٧ : ١٨٠ / ٢٨ ومستدرك الوسائل ١ : ١٥٧ / ٢١ وقصص الأنبياء للجزائريّ : ٣٤٧.

ورواه البرقيّ في المحاسن ١ : ٢٢٤ / ١٤١ بتفاوت يسير مع زيادة فيه : عن بعض أصحابه ، عن عبد الله بن عبد الرحمن البصريّ ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار ٢ : ٢٦٣ / ٩.

(٤) عنه في بحار الأنوار ١٣ : ٣٥٦ / ٥٥ وقصص الأنبياء للجزائريّ : ٣٤٨.

(٥) في «ص» «م» : (البعيريّ) ، وفي «ر» «س» : (الثوريّ) ، والمثبت عن البحار ٧١ : ٣٠٦ ، ويعضد ذلك روايات الكلينيّ في الكافي ٢ : ١٩٥ وج ٣ : ١٢٦ عن عليّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عنه.

٤٠٤

عن أبي جعفر صلوات الله عليه ، قال : أوحى الله تعالى إلى موسى صلوات الله عليه أنّ من عبادي من يتقرّب إليّ بالحسنة فأحكّمه في الجنّة ، قال : وما تلك الحسنة؟

قال : السعي (١) في حاجة مؤمن (٢).

[٢١٣ / ٣٨] ـ وعن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن مقاتل بن سليمان ، قال : قال أبو عبد الله صلوات الله عليه : لمّا صعد موسى عليه‌السلام إلى الطور فنادى (٣) ربّه قال : ربّ (٤) أرني خزائنك ، قال : يا موسى ، إنّ (٥) خزائني إذا أردت شيئا أن أقول له : كن فيكون.

وقال : قال : يا ربّ أيّ خلقك (٦) أبغض إليك؟ قال : الذي يتّهمني. قال : ومن خلقك من يتّهمك؟ قال : نعم ، الذي يستخيرني فأخيّر له ، والذي أقضي القضاء له وهو خير له فيتّهمني (٧).

__________________

(١) في «ر» «س» «ص» : (يمشي).

(٢) عنه في بحار الأنوار ١٣ : ٣٥٦ / ٥٦ وج ٧١ : ٣٠٦ / ٥٦ وقصص الأنبياء للجزائريّ : ٣٤٨.

ورواه الكلينيّ في الكافي ٢ : ١٩٥ / ١٢ بتفاوت في المتن : عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي عليّ صاحب الشعير ، عن محمّد بن قيس ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار ٧١ : ٣٣٠ / ١٠١.

وورد قريب منه في كتاب المؤمن للحسين بن سعيد : ٥٢ / ١٢٩ : عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في مستدرك الوسائل ١٢ : ٣٩٥ / ٧.

(٣) في «ر» «س» والبحار : (فناجى).

(٤) في «ر» «س» وأمالي الصدوق : (يا ربّ).

(٥) قوله : (إنّ) لم يرد في «ر» «س» ، وفي الأمالي : (إنّما).

(٦) في البحار : (أيّ خلق).

(٧) عنه في بحار الأنوار ١٣ : ٣٥٦ / ٥٧ وج ٦٨ : ١٤٢ / ٣٨.

وروى صدره الصدوق في الأمالي : ٦٠١ / ٤ ، والتوحيد : ١٣٣ / ١٧ : عن جعفر بن محمّد بن مسرور ، عن الحسين بن محمّد بن عامر ، عن عمّه عبد الله بن عامر ، عن الحسن بن محبوب ، عن ـ

٤٠٥

[٢١٤ / ٣٩] ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا سعد بن عبد الله ، حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن الوصّافيّ ، عن أبي جعفر (١) صلوات الله عليه قال : فيما ناجى الله موسى عليه‌السلام أن قال : إنّ لي عبادا أبيحهم جنّتي وأحكّمهم فيها ، قال موسى : من هؤلاء الذين تبيحهم (٢) جنّتك وتحكّمهم فيها؟ قال : من أدخل على مؤمن سرورا (٣).

[٢١٥ / ٤٠] ـ وعن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن إسماعيل بن أبي زياد ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه ، قال : أوحى الله تعالى إلى موسى : لا تفرح بكثرة المال ، ولا تدع ذكري على كلّ حال ، فإنّ كثرة المال تنسي الذنوب ، وترك ذكري يقسي القلوب (٤).

__________________

ـ مقاتل بن سليمان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. ، ومعاني الأخبار : ٤٠٢ / ٦٥ : عن أبيه ومحمّد بن الحسن ابن أحمد بن الوليد ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى .. إلى آخر السند في المتن ، وعنها في بحار الأنوار ١٣ : ٣٣٠ / ٨ وفي ج ٤ : ١٣٥ / ١ عن الأمالي والتوحيد.

(١) في «ص» «م» والبحار ٧١ : ٣٠٦ / ٥٧ : (عن الرضا وعن أبي جعفر عليهما‌السلام) ، وفي «ر» «س» : (عن الرضا وأبي جعفر صلوات الله عليهما) بدلا من : (عن الوصافي ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه) ، والمثبت موافق للبحار ١٣ : ٣٥٦ / ٥٩ وهو الصواب لأنّ ابن مسكان توفّي في أيّام أبي الحسن موسى عليه‌السلام ، والوصّافيّ هو أبو سعيد عبيد الله بن الوليد الوصّافيّ ثقة ، روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام كما في رجال النجاشي : ٢٣١ / ٦١٣.

(٢) في «ر» «س» «ص» والبحار ١٣ : ٣٥٦ (أبحتهم).

(٣) عنه في بحار الأنوار ١٣ : ٣٥٦ / ٥٩ وج ٧١ : ٣٠٦ / ٥٧ ومستدرك الوسائل ١٢ : ٣٩٧ / ١٣.

ورواه الصدوق في مصادقة الإخوان : ٦٠ مختصرا.

ورواه الكلينيّ في الكافي ٢ : ١٨٨ / صدر الحديث ٣ بنفس المتن : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد ابن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن عبد الله بن مسكان ، عن عبيد الله بن الوليد الوصّافيّ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار ٧١ : ٢٨٨ / ١٦ ، والحسين بن سعيد في كتاب المؤمن : ٥٠ / ١٢٣ وعنه في مستدرك الوسائل ١٢ : ٣٩٤.

(٤) عنه في بحار الأنوار ١٣ : ٣٤٢ / ١٩ وج ٧٠ : ١٤٢ / ١٩. ـ

٤٠٦

[٢١٦ / ٤١] ـ وعن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه ، قال : في التوراة مكتوب : يابن آدم ، تفرّغ لعبادتي (١) أملأ قلبك خوفا منّي ، وإلّا تفرّغ لعبادتي أملأ قلبك شغلا بالدّنيا ، ثمّ لا أسدّ فاقتك وأكلك إلى طلبها (٢).

فصل

في حديث جربيل (٣) عليه‌السلام

[٢١٧ / ٤٢] ـ لمّا طلب فرعون لعنه الله مؤمن (٤) آل فرعون ، أرسل فرعون رجلين في طلبه فانطلقا فوجداه قائما يصلّي بين الجبال والوحوش خلفه ، فأرادا أن يعجّلاه عن صلاته ، فأمر الله دابّة من تلك الوحوش كأنّها بعير أن تحول بينهما وبين المؤمن ، فطردتهما عنه حتّى قضى صلاته ، فلمّا رآهما أوجس في نفسه

__________________

ـ ورواه الصدوق في علل الشرائع ١ : ٨١ : عن أبيه ، عن محمّد بن يحيى العطّار ، عن المقري الخراسانيّ ، عن عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر ، عن أبيه عليهم‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار ٦٩ : ٦٣ / ٩ وج ٧٧ : ١٨٥ / ٣٨ ، والخصال : ٣٩ / ٢٣ : عن أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار ، عن أبيه ، عن الحسين بن إسحاق التاجر ، عن عليّ بن مهزيار ، عن فضالة ، عن إسماعيل بن أبي زياد ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه عليهما‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار ٧٧ : ١٨٥ / ٣٩ ومستدرك الوسائل ٥ : ٢٨٧ / ١ ، وعنهما في بحار الأنوار ٩٠ : ١٥٠ / ١ ، وكذا الكلينيّ في الكافي ٢ : ٤٩٧ / ٧ : عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ..

(١) في الكافي زيادة : (أملأ قلبك غنى ولا أكلك إلى طلبك وعليّ أن أسدّ فاقتك و).

(٢) عنه في بحار الأنوار ١٣ : ٣٥٧ / ٦٠ وج ٦٨ : ١٨٢ / ٣٩.

ورواه الكلينيّ في الكافي ٢ : ٨٣ / ١ : عن عدّة من أصحابه ، عن أحمد بن محمّد إلى آخر السند في المتن ، وفيه : (طلبك) بدلا من : (طلبها) ، وعنه في بحار الأنوار ٦٧ : ٢٥٢ / ٨ ووسائل الشيعة ١ : ٨٢ / ١.

(٣) في «ر» «س» والبحار : (حزبيل).

(٤) في البحار : (هو مؤمن) بدلا من : (لمّا طلب فرعون لعنه الله مؤمن).

٤٠٧

خيفة وقال : يا ربّ ، أجرني من فرعون ، فإنّك إلهي عليك توكّلت وبك آمنت وإليك أنبت ، أسألك يا إلهي إن كان هذان الرجلان يريدان بي سوءا فسلّط عليهما فرعون وعجّل ذلك ، وإن هما أراداني بخير فاهدهما ، فانطلقا حتّى دخلا على فرعون فأخبراه بالذي عايناه ، فقال أحدهما : ما الذي نفعك (١) أن يقتل فكتم عليه.

وقال الآخر : وعزّة فرعون لا أكتم عليه وأخبر فرعون على رؤوس الناس بما رأى وكتم الآخر ، فلمّا دخل جربيل (٢) قال فرعون للرجلين : من ربّكما؟ قالا :أنت. فقال لجربيل (٣) : ومن ربّك؟

قال : ربّي ربّهما ، فظنّ فرعون أنّه يعنيه (فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ)(٤) وسرّ فرعون ، وأمر بالأوّل فصلب ، فنجّى الله المؤمن وآمن الآخر بموسى صلوات الله عليه حتّى قتل مع السحرة (٥).

فصل

في تسع آيات موسى صلوات الله عليه

[قصّة الدم]

[٢١٨ / ٤٣] ـ لمّا اجتمع رأي فرعون أن يكيد موسى فأوّل ما كاده به عمل الصرح ، فأمر هامان ببنائه حتّى اجتمع فيه خمسون ألف بنّاء ، سوى من يطبخ الآجر ، وينجر الخشب والأبواب ، ويضرب المسامير حتّى رفع بنيانا لم يكن مثله

__________________

(١) في «م» : (نفعل).

(٢) في «ر» «س» : (حزبيل).

(٣) في «ر» «س» : (لحزبيل).

(٤) غافر : ٤٥.

(٥) عنه في بحار الأنوار ١٣ : ١٦٢ / ٦.

٤٠٨

منذ خلق الله الدنيا ، وكان أساسه على جبل ، فزلزله الله تعالى ، فانهدم على عمّاله وأهله وكلّ من كان عمل فيه من القهارمة والعمّال ، فقال فرعون لموسى عليه‌السلام : إنّك تزعم أنّ ربّك عدل لا يجور ، أفعدل (١) الذي أمر؟ فاعتزل الآن إلى عسكرك ، فإنّ الناس لحقوا بالجبال والرمال ، فإذا اجتمعوا فأسمعهم (٢) رسالة ربّك.

فأوحى الله تعالى إلى موسى عليه‌السلام أخّره ودعه ، فإنّه يريد أن يجنّد لك الجنود فيقاتلك ، واضرب بينك وبينه أجلا ، وابرز إلى معسكرك يأمنوا بأمانك ، ثمّ ابنوا بنيانا واجعلوا بيوتكم قبلة.

فضرب موسى بينه وبين فرعون أربعين ليلة ، فأوحى الله إلى موسى أنّه يجمع لك الجموع ، فلا يهولنّك شأنه فإنّي أكفيك كيده ، فخرج موسى صلوات الله عليه من عند فرعون ، والعصا معه على حالها حيّة تتبعه وتنعق وتدور حوله ، والناس ينظرون إليه متعجّبين ، وقد ملئوا رعبا ، حتّى دخل موسى عسكره وأخذ برأسها فإذا هي عصا ، وجمع قومه وخرّوا سجّدا (٣).

فلمّا مضى الأجل الذي كان بين موسى وفرعون أوحى الله تعالى إلى موسى صلوات الله عليه أن اضرب بعصاك النيل (٤) ، وكانوا يشربون منه ، فضربه فتحوّل دما عبيطا ، فإذا ورده بنو إسرائيل استقوا ماءا صافيا ، وإذا ورده آل فرعون اختضبت أيديهم وأسقيتهم بالدم ، فجهدهم العطش حتّى أنّ المرأة من قوم فرعون تستقي من نساء بني إسرائيل ، فإذا سكبت الماء لفرعونيّة تحوّل دما ، فلبثوا في ذلك أربعين ليلة ، وأشرفوا على الموت ، واستغاث فرعون وآله بمضغ الرّطبة ، فيصير (٥)

__________________

(١) في «ر» «س» «ص» والبحار : (أفعدله).

(٢) في «ر» «س» «ص» والبحار : (تسمعهم).

(٣) في «ص» «م» والبحار : (وبنوا مسجدا) بدلا من : (وخرّوا سجّدا).

(٤) في «ر» «س» : (البحر).

(٥) في «ص» «م» والبحار : (فصير).

٤٠٩

ماؤها مالحا ، فبعث فرعون إلى موسى : ادع لنا ربّك يعد (١) لنا هذا الماء صافيا ، فضرب موسى بالعصا النيل ، فصار ماءا خالصا (٢). هذه (٣) قصّة الدم (٤).

[قصّة الضفادع]

وأمّا قصّة الضفادع ، فإنّه تعالى أوحى إلى موسى أن يقوم إلى شفير النيل حتّى يخرج كلّ ضفدع خلقه الله تعالى من ذلك الماء ، فأقبلت تدبّ سراعا تؤمّ أبواب المدينة ، فدخلت فيها حتّى ملأت كلّ شيء ، فلم تبق (٥) دار ولا بيت ولا إناء إلّا امتلأت ضفادع ، ولا طعام ولا شراب إلّا فيه ضفادع ، حتّى غمّهم (٦) ذلك وكادوا يموتون ، فطلب فرعون إلى موسى صلوات الله عليه أن يدعو ربّه ليكشف (٧) البلاء ، واعتذر إليه من الخلف ، فأوحى الله تعالى إلى موسى أن أسعفه ، فأناف (٨) موسى بالعصا ، فلحق جميع الضفادع بالنيل (٩).

[قصّة الجراد والقمّل]

وأمّا قصّه الجراد والقمّل ، فإنّه تعالى أوحى إلى موسى عليه‌السلام أن ينطلق إلى ناحية

__________________

(١) في «ر» : (يعيد) وفي «س» «ص» : (ربّك يعيد) ، بدلا من : (ربّك يعد).

(٢) في «س» : (صافيا).

(٣) في «ر» «س» «ص» والبحار : (هذا).

(٤) عنه في بحار الأنوار ١٣ : ١١٣ / ١٦ ، والقصّة وردت بنحو آخر في تاريخ مدينة دمشق ٦١ : ٧٤ و ٧٥.

(٥) في «ر» «س» «ص» والبحار : (يبق).

(٦) في «س» : (عمّهم).

(٧) في «ر» : (ليكفف).

(٨) أي أشار بها.

(٩) عنه في بحار الأنوار ١٣ : ١١٤.

والقصّة وردت بنحو آخر في تاريخ مدينة دمشق ٦١ : ٧٣ و ٧٤.

٤١٠

من (١) الأرض ، ويشير بالعصا نحو المشرق وأخرى نحو المغرب ، فانبثّ (٢) الجراد من الأفقين جميعا ، فجاء مثل الغمام الأسود ، وذلك في زمان الحصاد ، فملأ كلّ شيء وعمّ الزرع ، فأكله وأكل خشب البيوت وأبوابها ومسامير الحديد والأقفال والسلاسل ، ونكت موسى الأرض بالعصا ، فامتلأت قمّلا ، فصار وجه الأرض أسود وأحمر حتّى ملئت (٣) ثيابهم ولحفهم وآنيتهم ، فتجيء متواصلة (٤) وتجيء من رأس الرجل ولحيته وتأكل كلّ شيء ، فلمّا رأوا الذي نزل من البلاء اجتمعوا إلى فرعون ، وقالوا : ليس من بلاء إلّا ويمكن الصبر عليه إلّا الجوع ، فإنّه بلاء فاضح (٥) لا صبر لأحد عليه ، ما أنت صانع؟

فأرسل فرعون إلى موسى عليه‌السلام بجنده أنّه لم يجتمع له أمره الذي أراد ، فأوحى الله تعالى إلى موسى أن لا يدع (٦) له حجّة وأن ينظره ، فأشار بعصاه فانقشع (٧) الجراد والقمّل من وجه الأرض (٨).

[قصّة الطمس]

وأمّا الطمس ، فإنّ موسى صلوات الله عليه لمّا رأى آل فرعون لا يزيدون إلّا

__________________

(١) في «ر» «س» زيادة : (نواحي).

(٢) في «ر» والبحار : (فانبثق) ، وفي تاريخ مدينة دمشق : (فأرسل).

(٣) في النسخ : (أن) والمثبت عن البحار.

(٤) في النسخ : (من أصله) بدلا من : (متواصلة).

(٥) في «ر» «س» : (واضح).

(٦) في «ر» «س» «ص» : (تدع).

(٧) أي تفرّق.

(٨) عنه في بحار الأنوار ١٣ : ١١٥.

والقصّة وردت بنحو آخر في تاريخ دمشق ٦١ : ٧٣.

٤١١

كفرا دعا موسى عليهم ، فقال : ربّنا إنّك آتيت (١) فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ، ربّنا اطمس على أموالهم ، فطمس الله أموالهم حجارة ، فلم يبق لهم شيء (٢) ممّا خلق الله تعالى يملكونه ؛ لا حنطة ولا شعيرا ، ولا ثوبا ولا سلاحا ، ولا شيئا من الأشياء إلّا صار حجارة (٣).

[قصّة الطاعون]

وأمّا الطاعون ، فإنّه أوحى الله تعالى إلى موسى أنّي مرسل على أبكار آل فرعون في هذه الليلة الطاعون ، فلا يبقى بآل فرعون من إنسان ولا دابّة إلّا قتله ، فبشّر موسى قومه بذلك ، فانطلقت العيون إلى فرعون بالخبر ، فلمّا بلغه الخبر قال لقومه : قولوا لبني إسرائيل : إذا أمسيتم فقدّموا أبكاركم ، وقدّموا أنتم أبكاركم ، واقرنوا كلّ بكرين في سلسلة ، فإنّ الموت يطرقهم ليلا ، فإذا وجدهم مختلطين لم يدر بأيّهم يبطش ، ففعلوا ، فلمّا جنّهم الليل أرسل الله تعالى الطاعون ، فلم يبق منهم إنسان ولا دابّة إلّا قتله ، فأصبح أبكار آل فرعون جيفا ، وأبكار بني إسرائيل أحياء سالمين ، فمات منهم ثمانون ألفا سوى الدوّاب (٤).

وكان لفرعون من أثاث الدنيا وزهرتها وزينتها ومن الحليّ والحلل ما لا يعلمه إلّا الله تعالى ، فأوحى الله جلّت عظمته إلى موسى صلوات الله عليه : إنّي مورث بني إسرائيل ما في أيدي آل فرعون ، فقل لهم : ليستعيروا منهم الحليّ والزينة ،

__________________

(١) في «ر» زيادة : (آل).

(٢) في البحار : (شيئا).

(٣) عنه في بحار الأنوار ١٣ : ١١٥.

(٤) إلى هنا نقله العلّامة المجلسيّ في البحار ١٣ : ١٥١ عن الضحّاك ، وحكى قصّة الطاعون الطبرسيّ في مجمع البيان ٤ : ٣٣٩ بنحو آخر. وانظر قصص الأنبياء للجزائريّ : ٢٨٩.

٤١٢

فإنّهم لا يمتنعون من خوف البلاء ، وأعطى فرعون جميع زينة أهله وولده وما كان في خزائنه ، فأوحى الله تعالى إلى موسى بالمسير بجميع ذلك حتّى كان من الغرق بفرعون وقومه ما كان (١).

فصل

في قصّة قارون

[٢١٩ / ٤٤] ـ أمر موسى عليه‌السلام قارون أن يعلّق في رداءه خيوطا خضرا ، فلم يطعه واستكبر وقال : إنّما يفعل ذلك الأرباب بعبيدهم كيما يتميّزوا (٢) ، وخرج على موسى في زينته على بغلة شهباء ، ومعه أربعة آلاف مقاتل وثلاثمائة وصيفة عليهنّ الحليّ ، وقال لموسى : أنا خير منك ، فلمّا رأى ذلك موسى قال لقارون : أبرز بنا فادع عليّ وأدعو عليك ـ وكان ابن عمّ لموسى عليه‌السلام لحّا (٣) ـ فأمر موسى الأرض فأخذت قارون إلى ركبتيه ، فقال : أنشدك الله والرحم يا موسى ، فابتلعته الأرض وخسف به وبداره (٤).

[٢٢٠ / ٤٥] ـ وعن (*) محمّد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عبّاس قال : كان قارون ابن عمّ موسى عليه‌السلام وكانت في زمان موسى امرأة بغيّ ، لها جمال وهيئة ، فقال لها قارون : أعطيك مائة ألف درهم وتجيئين غدا إلى موسى ، وهو جالس عند بني إسرائيل يتلو عليهم التوراة فتقولين : يا معشر بني إسرائيل ، إنّ موسى دعاني إلى

__________________

(١) عنه في بحار الأنوار ١٣ : ١١٥.

(٢) في «ص» : (يتميروا).

(٣) في «ر» زيادة : (فابتهلوا فلم يغن من دعائه شيء).

(٤) عنه في بحار الأنوار ١٣ : ٢٥٣ / ٣.

(٤) (*) مرّ إسناده إلى محمّد بن السائب برقم : (٩٠).

٤١٣

نفسه فأخذت منه مائة ألف درهم.

فلمّا أصبحت جاءت المرأة البغيّ فقامت على رؤوسهم ، وكان قارون حضر في زينته فقالت المرأة : يا موسى ، إنّ قارون أعطاني مائة ألف درهم على أن أقول بين بني إسرائيل على رؤوس الأشهاد : إنّك دعوتني إلى نفسك ومعاذ الله أن تكون دعوتني إلى نفسك (١) ، لقد أكرمك الله عن ذلك.

فقال موسى للأرض : خذيه فأخذته وابتلعته ، وإنّه ليتخلخل (٢) ما بلغ ، ولله الحمد (٣).

فصل

[قصّة السامري]

[٢٢١ / ٤٦] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن القاسم الأسترآباديّ ، حدّثنا يوسف بن محمّد بن زياد ، عن أبيه ، عن الحسن بن عليّ صلوات الله عليهما في قوله تعالى جلّ ذكره : (وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ)(٤) قال : كان موسى عليه‌السلام يقول لبني إسرائيل : إذا فرّج الله عنكم وأهلك أعداءكم أتيتكم (٥) بكتاب من عند ربّكم يشتمل على أوامره ونواهيه ومواعظه وعبره وأمثاله.

__________________

(١) قوله : (إلى نفسك) لم يرد في «ص» «م» والبحار.

(٢) في البحار : (ليتجلجل).

(٣) عنه في بحار الأنوار ١٣ : ٢٥٣ / ٤.

وأيضا جاء نحوه في تفسير مجمع البيان ٧ : ٤٦١ ـ ٤٦٢ : عن السدّي.

وورد مضمونه في الثاقب في المناقب : ١٥٨ / ٩ ، وانظر تفسير القرطبيّ ١٣ : ٣١٠ ـ ٣١١ : عن ابن عبّاس ، وتفسير ابن كثير ٣ : ٤١١ ـ ٤١٢.

(٤) البقرة : ٥١.

(٥) في «س» وتفسير الإمام العسكريّ عليه‌السلام : (آتيكم).

٤١٤

فلمّا فرّج الله عنهم ، أمره الله أن يأتي الميعاد ، وأوحى إليه أن يعطيه الكتاب بعد أربعين ، فجاء السامريّ فشبّه على مستضعفي بني إسرائيل ، فقال : وعدكم موسى أن يرجع إليكم عند أربعين ، وهذه عشرون ليلة وعشرون يوما تمّت أربعون (١) أخطأ موسى ، وأراد (٢) ربّكم أن يريكم أنّه قادر على أن يدعوكم إلى نفسه بنفسه ، وأنّه لم يبعث موسى لحاجة منه إليه ، فأظهر العجل الذي عمله ، فقالوا له : كيف يكون العجل إلهنا؟

قال : إنّما هذا العجل يكلّمكم منه ربّكم كما يكلّم (٣) موسى من الشجرة فضلّوا بذلك ، فنصب السامريّ عجلا مؤخّره إلى حائط ، وحفر (٤) في الجانب الآخر في الأرض (٥) بعض مردته ، فهو الذي يضع فاه على دبره ويكلّم بما تكلّم لمّا قال : هذا إلهكم وإله موسى.

ثمّ إنّ الله تعالى أبطل تمويه السامريّ ، وأمر الله أن يقتل من لم يعبده من عبده ، فاستسلم المقتولون وقال القاتلون : نحن أعظم مصيبة منهم نقتل بأيدينا آباءنا وأبناءنا وإخواننا وقراباتنا ، فلمّا استحرّ القتل فيهم ، وهم ستّمائة ألف إلّا اثنى عشر ألفا الذين لم يعبدوا العجل ، فوفّق الله بعضهم فقال لبعض : أو ليس الله قد جعل التوسّل بمحمّد وآله أمرا لا يخيب معه طالبه ، وهكذا توسّلت الأنبياء والرسل ، فما بالنا لا نتوسّل.

فضجّوا يا ربّنا بجاه محمّد الأكرم ، وبجاه عليّ الأفضل الأعلم ، وبجاه فاطمة الفضلى ، وبجاه الحسن والحسين ، وبجاه الذرّيّة الطيّبين من آل طه وياسين ، لمّا

__________________

(١) في النسخ : (أربعين) ، والمثبت من البحار.

(٢) في «ر» «س» : (ولو أراد) بدلا من : (وأراد) ، وفي «ص» : (وأراد بكم يريكم) بدلا من : (وأراد ربّكم أن يريكم).

(٣) في «ص» : (تكلّم) ، وفي «س» والبحار : (كلّم).

(٤) في «م» «ص» : (وصفر).

(٥) في البحار زيادة : (وأجلس فيه).

٤١٥

غفرت لنا ذنوبنا وغفرت هفواتنا ، وأزلت هذا القتل عنّا ، فنودي موسى عليه‌السلام : كفّ عن القتل (١).

فصل

[قصّة التيه]

[٢٢٢ / ٤٧] ـ وعن ابن بابويه حدّثنا محمّد بن الحسن ، حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، حدّثنا إبراهيم بن هاشم ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه ، قال : لمّا انتهى بهم موسى عليه‌السلام إلى الأرض المقدّسة ، قال لهم : ادخلوا فأبوا أن يدخلوها ، فتاهوا في أربعة فراسخ أربعين سنة ، وكانوا إذا أمسوا نادى مناديهم : أمسيتم ، الرحيل (٢) ، حتّى إذا انتهوا إلى مقدار ما أرادوا أمر الله الأرض فدارت بهم إلى منازلهم الأولى ، فيصبحون في منزلهم الذي ارتحلوا منه ، فمكثوا بذلك أربعين سنة ينزل عليهم المنّ والسلوى ، فهلكوا فيها أجمعين إلّا رجلين : يوشع بن نون وكالب بن باقنا (٣) اللذين أنعم الله عليهما.

ومات موسى وهارون صلوات الله عليهما ، فدخلها يوشع بن نون وكالب وأبناؤهما (٤) ، وكان معهم حجر كان موسى يضربه بعصاه ، فينفجر منه الماء لكلّ سبط عين (٥).

__________________

(١) ورد الحديث في تفسير الإمام العسكري عليه‌السلام ٢٤٧ / ١٢٢ وص ٢٥٤ / ١٢٤ بتفاوت في المتن ، وانظر الحديث ١٢٣ من نفس المصدر ، وعنه في بحار الأنوار ١٣ : ٢٣٠ / ٤٢ وج ٥٣ : ٣٢٧.

وورد قريب من ذيله في تأويل الآيات : ٥٩ / ٣٦.

(٢) في «ر» «س» زيادة : (الرحيل).

(٣) في «ر» : (يافنا) ، وفي «س» «ص» : (بافنا).

(٤) في «ر» : (كالب بن يوفنا وأبناؤهم) ، وفي «س» «ص» والبحار : (كالب وأبناؤهم).

(٥) عنه في بحار الأنوار ١٣ : ١٧٧ / ٦. ـ

٤١٦

[٢٢٣ / ٤٨] ـ وبالإسناد المتقدّم (*) عن وهب بن منبّه ، عن ابن عبّاس رضى الله عنه قال : قال بنو إسرائيل لموسى عليه‌السلام حين جاز بهم البحر : خبّرنا يا موسى بأيّ قوّة وبأيّ عدّة وعلى أيّ حمولة تبلغ الأرض المقدّسة ومعك الذرّيّة والنساء والهرمى والزّمنى؟

فقال موسى عليه‌السلام : ما أعلم قوما ورث الله من عرض الدنيا ما ورّثكم ، ولا أعلم أحدا آتاه منها مثل الذي آتاكم ، فمعكم من ذلك ما لا يحصيه إلّا الله تعالى ، وقال موسى : سيجعل الله لكم مخرجا ، فاذكروه وردّوا إليه أموركم ، فإنّه أرحم بكم من أنفسكم.

قالوا : فادعه يطعمنا ويسقينا ويكسونا ويحملنا من الرجلة (١) ، ويظلّلنا من الحرّ.

فأوحى الله تعالى إلى موسى قد أمرت السماء أن تمطر عليهم المنّ والسلوى ، وأمرت الريح أن تنشف لهم السلوى (٢) ، وأمرت الحجارة أن تنفجر ، وأمرت الغمام أن يظلّلهم (٣) ، وسخّرت ثيابهم أن تثبت بمقدار ما يثبتون (٤).

فلمّا قال لهم موسى ذلك سكتوا ، فسار بهم موسى فانطلقوا يؤمّون الأرض المقدّسة وهي فلسطين ، وإنّما قدّسها لأنّ يعقوب عليه‌السلام ولد بها ، وكانت مسكن أبيه

__________________

ـ ورواه المفيد في الاختصاص : ٢٦٥ بتفاوت في اللفظ : عن محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبان ، عن أبي جعفر عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار ١٣ : ١٧٦ / ٥.

وانظر مجمع البيان ٣ : ٣٠٩ و ٣١١ ، قصص الأنبياء لابن كثير ٢ : ٩٩.

(*) تقدّم الإسناد برقم : (٥٥).

(١) هي الفرفخ ، ضرب من الحمض (لسان العرب ٥ : ١٦٠).

(٢) عبارة : (وأمرت الريح أن تنشف لهم السلوى) لم ترد في «ر» «س».

(٣) في «ر» «س» «ص» : (تظلّهم).

(٤) في «ر» : (تنبت بقدر ما يلبسون) ، وفي «س» : (تثبت بقدر ما ينبتون).

٤١٧

إسحاق ، ويوسف عليه‌السلام ولد بها ، ونقلوا كلّهم بعد الموت إلى أرض فلسطين (١).

فصل

في حديث بلعم بن باعورا (٢)

[٢٢٤ / ٤٩] ـ عن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا سعد بن عبد الله ومحمّد بن يحيى العطّار ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطيّ ، عن عبد الرحمن بن سيّابة ، عن عمّار بن معاوية الدهنيّ رفعه ، قال : فتحت مدائن الشام على يوشع بن نون ، ففتحها مدينة مدينة حتّى انتهى إلى البلقاء ، فلقوا فيها رجلا يقال له : بالق ، فجعلوا يخرجون يقاتلونه لا يقتل منهم رجل ، فسأل عن ذلك فقيل : إنّ فيهم امرأة عندها علم ، ثمّ سألوا يوشع الصلح ، ثمّ انتهى إلى مدينة أخرى ، فحصرها (٣) فأرسل صاحب المدينة إلى بلعم ودعاه.

فركب حماره إلى الملك ، فعثر حماره تحته ، فقال : لم عثرت فكلّمه الله فقال : لم لا أعثر ، وهذا جبرئيل بيده حربة ينهاك عنهم ، وكان عندهم أنّ بلعم أوتي الاسم الأعظم.

فقال الملك : ادع عليهم وهو المنافق الذي روي أنّ قوله تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها)(٤) نزل فيه ، فقال لصاحب المدينة : ليس للدّعاء عليهم سبيل ، ولكن أشير عليك أن تزيّن النساء وتأمرهنّ أن يأتين عسكرهم فتتعرّض الرجال ، فإنّ الزنا لم يظهر في قوم قطّ إلّا بعث الله عليهم الموت.

فلمّا دخل النساء العسكر وقع الرجال بالنساء ، فأوحى الله إلى يوشع إن شئت

__________________

(١) عنه في بحار الأنوار ١٣ : ١٧٨ / ٧ وقصص الأنبياء للجزائريّ : ٢٩٨.

(٢) في «ر» والبحار : (باعور).

(٣) في «ص» : (فحضرها).

(٤) الأعراف : ١٧٥.

٤١٨

سلّطت عليهم العدوّ ، وإن شئت أهلكتهم بالسنين ، وإن شئت بموت حثيث عجلان.

فقال : هم بنو إسرائيل لا أحبّ أن يسلّط عليهم عدوّهم ، ولا أن تهلكهم بالسنين ، ولكن بموت حثيث عجلان.

قال : فمات في ثلاث ساعات من النهار سبعون ألفا بالطاعون (١).

فصل

[لكلّ أمّة صدّيق وفاروق]

[٢٢٥ / ٥٠] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أحمد بن عليّ بن إبراهيم ، حدّثنا أبي ، حدّثنا جدّي ، عن عليّ بن معبد ، عن الحسين بن خالد ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لكلّ أمّة صدّيق وفاروق ، وصدّيق هذه الأمّة وفاروقها عليّ ابن أبي طالب ، إنّ عليّا سفينة نجاتها وباب حطّتها ، وأنّه يوشعها وشمعونها وذوقرنيها. معاشر الناس ، إنّ عليّا خليفة الله وخليفتي عليكم بعدي ، وأنّه لأمير المؤمنين وخير الوصيّين من نازعه نازعني ، ومن ظلمه ظلمني ، ومن برّه فقد برّني ، ومن جفاه فقد جفاني (٢).

__________________

(١) عنه في بحار الأنوار ١٣ : ٣٧٨ / ٢.

وورد مضمونه في تفسير القمّيّ ١ : ٢٤٨ ، وعنه في بحار الأنوار ١٣ : ٣٧٧ / ١ ، وفرج المهموم : ١٤٣ نقلا عن كتاب قصص الأنبياء لمحمّد بن خالد البرقيّ ، وعنه في بحار الأنوار ٥٥ : ٢٥٦ / ٤٧ ، وتاريخ مدينة دمشق ١٠ : ٤٠٣ ـ ٤٠٤.

(٢) رواه الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ١ : ١٦ / ٣٠ بزيادة وهذه نصّها : «ومن عاداه فقد عاداني ، ومن والاه فقد والاني ، وذلك أنّه أخي ووزيري ومخلوق من طينتي ، وكنت أنا وهو نورا واحدا» : عن محمّد ابن علي ماجيلويه وأحمد بن عليّ بن إبراهيم بن هاشم وأحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم .. وباقي السند كما المتن وعنه في بحار الأنوار ٣٨ : ١١١ / ٤٧ وتفسير نور الثقلين ١ : ٨٢ / ٢٠٨ وص ٥١٥ / ٣٩٢ وج ٣ : ٢٩٥ / ٢١٠ (صدر الحديث).

٤١٩

[تفسير : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً)]

[٢٢٦ / ٥١] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقانيّ ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد مولى بني هاشم ، حدّثنا جعفر بن عبد الله بن جعفر ابن محمّد ، حدّثنا كثير بن عيّاش (١) القطّان ، عن زياد بن المنذر ، عن الباقر عليه‌السلام قال في قوله تعالى : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً)(٢) : إنّ ذلك حين فصل موسى من أرض التيه فدخلوا العمران ، وكان بنو إسرائيل أخطؤا خطيئة ، فأحبّ الله أن ينقذهم منها إن تابوا ، فقال لهم : إذا انتهيتم إلى باب القرية فاسجدوا وقولوا : حطّة ، تنحطّ (٣) عنكم خطاياكم ، فأمّا المحسنون ففعلوا ما أمروا به ، وأمّا الذين ظلموا فزعموا حنطة حمراء ، فبدّلوا ما أنزل الله تعالى رجزا (٤).

فصل

في وفاة هارون وموسى صلوات الله عليهما

[٢٢٧ / ٥٢] ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن

__________________

(١) في «ص» «م» : (عبّاس) ، والمثبت موافق للبحار وكتب الرجال (منتهى المقال ٥ : ٢٤٩).

(٢) البقرة : ٥٨.

(٣) في «ر» «س» : (يحطّ) ، والمثبت من «ص» «م» والبحار.

(٤) عنه في بحار الأنوار ١٣ : ١٧٨ / ٨.

قال الطبرسيّ في تفسير مجمع البيان ١ : ١٠٧ (القرية) بيت المقدس ، وقيل : أريحا من قرى الشام ، أمروا بدخولها بعد التيه ، و (الباب) باب القرية ، وقيل : هو باب القبّة التي كانوا يصلّون إليها ، وهم لم يدخلوا بيت المقدس في حياة موسى عليه‌السلام ، أمروا بالسجود عند الانتهاء إلى الباب شكرا لله وتواضعا ، وقيل : السجود أن ينحنوا داخلين ليكون دخولهم بخشوع ، وقيل : طوطئ لهم الباب ليخفضوا رؤوسهم فلم يخفضوها.

٤٢٠