قصص الأنبياء عليهم السلام - ج ١

قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي [ قطب الدين الراوندي ]

قصص الأنبياء عليهم السلام - ج ١

المؤلف:

قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي [ قطب الدين الراوندي ]


المحقق: عبدالحليم عوض الحلّي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة العلامة المجلسي رحمه الله
المطبعة: عمران
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-91180-2-1
ISBN الدورة:
978-600-91180-7-6

الصفحات: ٤٥٤

على أن أكل منها.

وإيّاك والحسد فإنّ ابن آدم حسد أخاه فقتله.

فقال نوح صلوات الله عليه : فأخبرني متى تكون أقدر على ابن آدم؟

قال : عند الغضب (١).

[دفع نوح عليه‌السلام الوصيّة إلى سام]

[٩١ / ٢٨] ـ وبالإسناد المتقدّم * عن عبد الحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام قال : عاش نوح صلوات الله عليه بعد النزول من السفينة خمسمائة سنة ، ثمّ أتاه جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا نوح ، إنّه قد انقضت نبوّتك واستكملت أيّامك ، فيقول لك الله تعالى : ادفع ميراث العلم وآثار علم النبوّة التي معك إلى ابنك سام ، فإنّي لا أترك الأرض إلّا وفيها عالم تعرف به طاعتي ويكون نجاة فيما بين قبض النبيّ وبعث النبيّ الآخر ، ولم أكن أترك الناس بغير حجّة (٢) وداع إليّ وهاد إلى سبيلي وعارف بأمري ، فإنّي قد قضيت أن أجعل لكلّ قوم هاديا أهدي به السعداء ، ويكون حجّة على الأشقياء.

قال : فدفع نوح صلوات الله عليه جميع ذلك إلى ابنه سام ، فأمّا حام ويافث فلم يكن عندهما علم ينتفعان به.

قال : وبشّرهم نوح بهود صلوات الله عليهما ، وأمرهم باتّباعه ، وأمرهم أن يفتحوا الوصيّة كلّ عام فينظروا فيها ، فيكون ذلك عيدا لهم ، كما أمرهم

__________________

(١) عنه في بحار الأنوار ١١ : ٢٩٣ / ٧ وج ٦٠ : ٢٥١ / ١١٣ وقصص الأنبياء للجزائريّ : ٨٢ ، وانظر : الخصال : ٥٠ / ٦١ وعنه في بحار الأنوار ٦٠ : ٢٢٢ / ٦٦ وج ٧٠ : ١٦٣ / ١٧.

(١) (*) تقدّم الإسناد برقم : (١٦) ، (٤٤) ، (٤٧) و (٥٠).

(٢) في «ر» «س» : (الأرض بغير حجّة فيها للناس) بدلا من : (الناس بغير حجّة).

٢٦١

آدم صلوات الله عليه (١).

[قبض روح نوح عليه‌السلام]

[٩٢ / ٢٩] ـ وبإسناده عن سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن عليّ بن الحكم ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه قال : عاش نوح عليه‌السلام ألفي سنة وخمسمائة سنة ؛ منها ثمانمائة سنة وخمسون سنة قبل أن يبعث ، وألف سنة إلّا خمسين عاما ، وهو في قومه يدعوهم إلى الله تعالى ، ومائتا عام في عمل السفينة ، وخمسمائة عام بعد ما نزل من السفينة ، ونضب الماء ، فمصّر الأمصار ، وسكن ولده البلدان ، ثمّ جاءه ملك الموت وهو في الشمس فقال : السلام عليك ، فردّ عليه نوح السلام وقال له : ما جاء بك (٢)؟

قال : جئت لأقبض روحك. قال : تدعني أدخل من الشمس إلى الظلّ؟ فقال له : نعم ، قال : فتحوّل نوح ثمّ قال : يا ملك الموت كان ما مرّ بي من الدنيا مثل تحوّلي من الشمس إلى الظلّ ، فامض لما أمرت به ، فقبض

__________________

(١) عنه في بحار الأنوار ٢٣ : ٣٢ / ٥٣.

ورواه الصدوق في كمال الدين : ١٣٤ / ضمن الحديث ٣ بتفاوت يسير مع زيادة في آخره : عن محمّد بن عليّ ماجيلويه ومحمّد بن موسى بن المتوكّل وأحمد بن محمّد بن يحيى العطّار قالوا : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمّد بن أورمة ، عن محمّد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو ، عن عبد الحميد بن أبي الديلم .. وعنه في بحار الأنوار ١١ : ٢٨٨ / ١١.

ورواه الكلينيّ في الكافي ٨ : ٢٨٥ / ٤٣٠ بتفاوت يسير أيضا : عن محمّد بن أبي عبد الله ، عن محمّد ابن الحسين ، عن محمّد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو وعبد الحميد بن أبي الديلم .. وعنه في تفسير نور الثقلين ٢ : ٤٨٥ / ٢٩.

وورد مضمونه في المحاسن ١ : ٢٣٥ / ١٩٧ ، والإمامة والتبصرة : ٢٥ / ٣ ، وعلل الشرائع ١ : ١٩٥ / ١.

(٢) في أمالي الصدوق زيادة : (يا ملك الموت) ، وكلمة : (له) ليس في «ص».

٢٦٢

روحه صلوات الله عليه (١).

__________________

(١) عنه في بحار الأنوار ١١ : ٢٨٥ / ٢.

ورواه الصدوق في الأمالي : ٦٠٢ / ٧ : عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه إبراهيم بن هاشم ، عن عليّ بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن الصادق جعفر بن محمّد عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار ١١ : ٢٨٥ / ٢.

ورواه أيضا الصدوق في كمال الدين : ٥٢٣ : عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن الصادق جعفر بن محمّد عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار ١١ : ٢٨٥ / ٢.

وأورده الفتّال النيسابوريّ : ٤٤٥ : عن الصادق عليه‌السلام ، والطبرسيّ في تفسير مجمع البيان ٤ : ٢٨٣ بتفاوت يسير.

وجاء في منتخب الأنوار المضيئة : ١٦١ قائلا : ما صحّ لي روايته عن الشيخ الصدوق محمّد بن عليّ بن بابويه يرفعه إلى هشام ..

٢٦٣
٢٦٤

الباب الثّالث :

في ذكر هود وصالح عليهما‌السلام

٢٦٥
٢٦٦

[في هلاك قوم عاد]

[٩٣ / ١] ـ وبالإسناد المتقدّم (*) عن وهب بن منبّه أنّه قال : كان من أمر عاد أنّ كلّ رمل على ظهر الأرض وضعه الله لشيء من البلاد كان مساكن في زمانها ، وقد كان الرمل قبل ذلك في البلاد ، ولكن لم يكن كثيرا حتّى كان زمان عاد ، وأنّ ذلك الرمل كان قصورا مشيّدة وحصونا ومدائن ومصانع ومنازل وبساتين.

وكانت بلاد عاد أخصب بلاد العرب ، وأكثرها أنهارا وجنانا ، فلمّا غضب الله عليهم وعتوا على الله تعالى ، وكانوا أصحاب أوثان يعبدونها من دون الله ، فأرسل الله عليهم الريح العقيم ، وإنّما سمّيت «العقيم» لأنّها تلقّحت بالعذاب ، وعقمت عن الرحمة ، وطحنت تلك القصور والحصون والمدائن والمصانع حتّى عاد ذلك كلّه رملا دقيقا تسفيه (١) الريح ، وكانت تلك الريح ترفع النساء والرجال ، فتهب بهم صعدا ، ثمّ ترمي بهم من الجوّ فيقعون على رؤوسهم منكّسين (٢).

وكانت عاد ثلاثة عشر قبيلة وكان هود عليه‌السلام في حسب عاد وثروتها وكان أشبه

__________________

(*) تقدّم الإسناد برقم : (٥٥).

(١) أي : تحمله الريح (ترتيب كتاب العين ٢ : ٨٣٢).

(٢) في «ر» : (منكوسين).

٢٦٧

ولد آدم بآدم صلوات الله عليهما ، وكان رجلا أدما ، كثير الشعر ، حسن الوجه ، ولم يكن أحد من الناس أشبه بآدم منه إلّا ما كان من يوسف بن يعقوب صلوات الله عليهما ، فلبث هود عليه‌السلام فيهم زمانا طويلا يدعوهم إلى الله ، وينهاهم عن الشرك بالله تعالى وظلم الناس ، ويخوّفهم بالعذاب فلجّوا ، وكانوا يسكنون أحقاف (١) الرمال ، وأنّه لم يكن أمّة أكثر من عاد ولا أشدّ منهم بطشا.

فلمّا رأوا الريح قد أقبلت عليهم قالوا لهود : أتخوّفنا بالريح؟ فجمعوا ذراريهم وأموالهم في شعب من تلك الشعاب ، ثمّ قاموا على باب ذلك الشعب يردّون الريح عن أموالهم وأهاليهم ، فدخلت الريح من تحت أرجلهم بينهم وبين الأرض حتّى قلعتهم ، فهبّت بهم صعدا ، ثمّ رمت بهم من الجوّ ، ثمّ رمت بهم الريح في البحر ، وسلّط الله عليهم الذرّ (٢) فدخلت في مسامعهم ، وجاءهم من الذرّ ما لا يطاق قبل أن يأخذهم الريح ، فسيّرهم من بلادهم ، وحال بينهم وبين مرادهم حتّى أبادهم الله (٣).

وقد كان سخّر لهم من قطع الجبال والصخور والعمد والقوّة على ذلك والعمل به شيئا لم يسخّره لأحد كان قبلهم ولا بعدهم ، وإنّما سمّيت «ذات العماد» من أجل أنّهم يسلخون العمد من الجبال ، فيجعلون طول العمد مثل طول الجبل الذي يسلخونه منه من أسفله إلى أعلاه ، ثمّ ينقلون تلك العمد فينصبونها ، ثمّ يبنون

__________________

(١) في النسخ : (أحقاب) ، والمثبت عن البحار. قال ابن الأثير في النهاية ١ : ٤١٣ : الأحقاف : جمع حقف. وهو ما اعوجّ من الرمل واستطال ، وفي مجمع البيان ٩ : ٨٩ : الأحقاف جمع حقف وهو الرمل المستطيل العظيم لا يبلغ أن يكون جبلا ؛ قال المبرّد : هو الرمل الكثير المكتنز غير العظيم وفيه اعوجاج ، ثمّ قال : هو واد بين عمّان ومهرة ، عن ابن عبّاس ، وقيل : رمال فيما بين عمّان إلى حضرموت ، عن ابن إسحاق وقيل : رمال مشرفة على البحر ، وقيل غير ذلك.

(٢) الذر : النمل الأحمر الصغير ، واحدتها ذرة (النهاية ٢ : ١٥٧ ، المصباح المنير : ٢٠٧ ذرّ).

(٣) في «ص» «م» : (أتاهم الله) ، وفي البحار : (وحال بينهم وبين مرادهم حتّى أتاهم الله).

٢٦٨

فوقها القصور ، وقد كانوا ينصبون تلك العمد أعلاما في الأرض على قوارع الطريق ، وكان كثرتهم بالدّهناء (١) ويبرين (٢) وعالج إلى اليمن إلى حضرموت (٣).

[٩٤ / ٢] ـ وسئل (*) وهب عن هود أكان أبا اليمن الذي ولّدهم؟ فقال : لا ، ولكنّه أخو اليمن الذي في التوراة تنسب إلى نوح عليه‌السلام ، فلمّا كانت العصبيّة بين العرب وفخرت مضر بأبيها إسماعيل ادّعت اليمن هودا أبا ليكون لهم أبا ووالدا من الأنبياء ، وليس بأبيهم ولكنّه أخوهم.

ولحق هود ومن آمن معه بمكّة ، فلم يزالوا بها حتّى ماتوا ، وكذلك فعل صالح عليه‌السلام بعده ، ولقد سلك فجّ الروحاء (٤) سبعون ألف نبيّ حجّاجا ، عليهم ثياب الصوف ، مخطّمين إبلهم بحبال الصوف (٥) ، يلبّون الله بتلبية شتّى ، منهم :

__________________

(١) جاء في لسان العرب ١٣ : ١٦٢ : الدهناء موضع كلّه رمل ، وقيل : الدهناء موضع من بلاد بني تميم مسيرة ثلاثة أيّام لا ماء فيه يمدّ ويقصر ، وفي ص ١٦٣ دهن حيّ من اليمن ينسب إليهم عمّار الدهنيّ. وعالج رمال بين فيد والقربات ينزلها بنو بحتر من طيّ وهي متّصلة بالثعلبيّة على طريق مكّة لا ماء فيها.

(٢) في «ر» «س» : (بالبهنا ويبرين) ، وفي «م» : (بالسهنا وبين من) ، وفي «ص» : (بالهنا وبين بن) بدلا من : (بالدهناء ويبرين) ، والمثبت عن البحار. يبرين علم مشترك لثلاثة مواضع : الأول : في البحرين أو اليمامة وهو الذي في ديار بني سعد من تميم. والثاني : في اليمن ، والثالث : في الشام من أعمال حلب أو حمص ، وهو الذي قتل فيه النعمان بن بشير بعد موقعة مرج راهط. (انظر معجم ما استعجم للبكري الأندلسي ٤ : ١٣٨٧).

(٣) عنه في بحار الأنوار ١١ : ٣٥٧ / صدر الحديث ١٥.

وورد بالمضمون في علل الشرائع ١ : ٣٣ / ١ وعنه في بحار الأنوار ١١ : ٣٥٥ / ١٢.

(*) عطف على الرواية السابقة.

(٤) الروحاء : موضع بين الحرمين على ثلاثين أو أربعين ميلا من المدينة ، وقال في معجم البلدان ٤ : ٢٣٦ فجّ الروحاء بين مكّة والمدينة كان طريق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى بدر وإلى مكّة عام الفتح وعام الحجّ.

(٥) المخاطم : الانوف واحدها مخطم ، والمراد أنّ أنوف إبلهم مشدودة بحبال من صوف (الصحاح ٥ : ١٩١٥ ، معجم مقاييس اللغة ٢ : ١٩٨).

٢٦٩

هود وصالح وإبراهيم وموسى وشعيب ويونس صلوات الله عليهم ، وكان هود رجلا تاجرا (١).

فصل

[هلاك قوم هود عليه‌السلام]

[٩٥ / ٣] ـ وبالإسناد الذي قدّمناه (*) عن ابن أبي الديلم ، عن أبي عبد الله سلام الله عليه قال : لمّا بعث الله هودا أسلم له العقب من ولد سام ، وأمّا الآخرون فقالوا : من أشدّ منّا قوّة ، فأهلكوا بالريح العقيم ، ووصّى (٢) وبشّرهم بصالح صلوات الله عليهما (٣).

[٩٦ / ٤] ـ وعن ابن أورمة ، حدّثنا سعيد بن جناح ، عن أيّوب بن راشد ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه قال : كانت أعمار قوم هود صلوات الله عليه أربعمائة سنة ، وقد كانوا يعذّبون بالقحط ثلاث سنين ، فلم يرجعوا عمّا هم عليه ، فلمّا رأوا ذلك بعثوا وفدا لهم إلى جبال مكّة ، وكانوا لا يعرفون موضع الكعبة ، فمضوا واستسقوا فرفعت لهم ثلاث سحابات ، فقالوا : هذه حفا ـ يعني التي ليس فيها ماء ـ وسمّوا الثانية : فاجيا واختاروا (٤) الثالثة التي فيها العذاب.

__________________

(١) عنه في بحار الأنوار ١١ : ٣٥٨ / ذيل الحديث ١٥ وانظر مستدرك الحاكم النيسابوري ٢ : ٥٦٤.

(*) تقدّم الإسناد برقم : (١٦) ، (٤٤) ، (٤٧) و (٥٠).

(٢) في كمال الدين : (وأوصاهم هود) ، وفي البحار : (وأوصاه هود).

(٣) رواه الصدوق في كمال الدين : ١٣٦ / ٥ : عن أبيه ومحمّد بن الحسن ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر وكرام بن عمرو ، عن عبد الحميد بن أبي الديلم ، عن الصادق أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار ١١ : ٣٥٩ / ١٦ وتفسير الصافي ٢ : ٢١٠ وتفسير نور الثقلين ٤ : ٥٤٢ / ١٩.

(٤) كلمة : (اختاروا) أضفناها من البحار.

٢٧٠

قال : والريح عصفت عليهم ، وكان رئيسهم يقال له : الخلجان فقالوا : يا هود ، ما ترى الريح إذ أقبلت أقبل معها خلق كثير (١) كأمثال الأباعر معها أعمدة هم الذين يفعلون بنا الأفاعيل ، فقال : أولئك الملائكة.

فقالوا : أترى ربّك إن نحن آمنّا به أن يديلنا (٢) منهم؟ فقال لهم هود عليه‌السلام : إنّ الله تعالى لا يديل أهل المعاصي من أهل الطاعة ، فقال له الخلجان : وكيف لي بالرجال الذين هلكوا؟

فقال له هود : يبدلك الله بهم من هو خير لك منهم ، فقال : لا خير في الحياة بعدهم ، فاختار اللحاق بقومه ، فأهلكه الله تعالى (٣).

[في قبر نبيّ الله هود عليه‌السلام]

[٩٧ / ٥] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبي ، حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن عبد الملك ابن طريف (٤) ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : خرجنا مع أمير المؤمنين صلوات الله عليه

__________________

(١) قوله : (كثير) من البحار.

(٢) الإدالة : الغلبة والنصرة (النهاية ٢ : ١٤١).

(٣) عنه في بحار الأنوار ١١ : ٣٥٩ / ١٧.

(٤) في السند تحريف بلا ريب ، وذلك إنّ الراوي عن الأصبغ بن نباتة هو سعد بن طريف الخفّاف ، وهو شائع في الطرق والأسانيد ، ولا يوجد (عبد الملك بن طريف) في موضعه ، ومن هذا المنطلق ذكر العلّامة المجلسيّ رحمه‌الله هذا الطريق بهذا الشكل : «قصص الأنبياء بالإسناد إلى الصدوق بإسناده إلى ابن طريف ، عن ابن نباتة».

ومن المحتمل أن يكون الطريق الصحيح للصدوق إلى هذا المكان هو ما ذكره في مشيخته في كتاب من لا يحضره الفقيه ٤ : ٥٣٧ وهذا نصّه : «وما كان فيه عن سعد بن طريف الخفّاف فقد رويته عن أبي رضى الله عنه ، عن سعد بن عبد الله ، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن ثابت ، عن سعد بن طريف الخفّاف». ـ

٢٧١

إلى نخيلة ، فإذا أناس من اليهود معهم (١) ميّت لهم ، فقال أمير المؤمنين للحسن صلوات الله عليهما : انظر ما يقول هؤلاء في هذا القبر؟ فقال : يقولون : هو هود عليه‌السلام.

فقال : كذبوا ، أنا أعلم به منهم ، هذا قبر يهوذا بن يعقوب ، ثمّ قال : من هيهنا من مهرة (٢)؟ فقال شيخ كبير : أنا منهم ، فقال له : أين منزلك؟ فقال : في مهرة على شاطئ النهر (٣) ، فقال : أين هو من الجبل الذي عليه الصومعة؟ قال : قريب منه. قال : ما يقول قومك فيه؟ فقال : يقولون : قبر ساحر ، فقال : كذبوا ، أنا أعلم به منهم ، ذلك قبر هود عليه‌السلام وهذا قبر يهوذا (٤).

[٩٨ / ٦] ـ وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن زرعة بن محمّد الحضرميّ ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا هاجت الرياح فجاءت بالسافي الأبيض (٥) والأسود والأصفر ، فإنّه رميم قوم عاد (٦).

__________________

ـ وترجم النجاشي ابن طريف هذا ، وقال : «سعد بن طريف الحنظلي مولاهم ، الإسكاف ، كوفي ، يعرف وينكر. روى عن الأصبغ بن نباتة ، وروى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام ، وكان قاضيّا ...». (انظر : رجال النجاشي : ١٧٨ / ٤٦٨ ، الأمالي للصدوق : ٩٢ / ٧ ، الخصال : ٥٠٥ / ٣). (من إفادات السيّد الشبيريّ الزنجانيّ)

(١) في «ر» «س» : (ومعهم).

(٢) مهرة ـ بالفتح ـ ابن حيدان بن عمران بن الحاف بن قضاعة ، وهم حيّ من اليمن.

(٣) في «ص» «م» ووقعة صفّين : (البحر).

(٤) عنه في بحار الأنوار ١١ : ٣٥٩ / ١٨.

ونقل نحوه نصر بن مزاحم في كتاب صفّين : ١٤٢ (طبع مصر) وفي طبعة عبد السلام محمّد هارون : ١٢٦ والسند هكذا : نصر ، عن عمر بن سعد ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن عليّ ، قال : قال عليّ ...

(٥) السافي : التراب إذا حملته الريح كما في غريب الحديث لابن قتيبة ٢ : ١٩٥ وفي النهاية في غريب الحديث ٢ : ٣٧٧ السافي : الريح التي تسفي التراب ، وقيل للتراب الذي تسفيه الريح أيضا ساف أي : مسفى ، وانظر : لسان العرب ١٤ : ٣٨٩.

(٦) عنه في بحار الأنوار ١١ : ٣٦١ / ٢٠ وج ٥٧ : ١١ / ١٣.

٢٧٢

[دعوة هود عليه‌السلام لقومه]

[٩٩ / ٧] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن هارون ، حدّثنا معاذ بن المثنّى العنبريّ (١) حدّثنا عبد الله بن أسماء ، حدّثنا جويريّة ، عن سفيان عن منصور (٢) ، عن أبي وائل ، عن وهب (٣) قال : لمّا تمّ لهود عليه‌السلام أربعون سنة أوحى الله إليه أن ائت قومك ، فادعهم إلى عبادتي وتوحيدي ، فإن أجابوك زدتهم قوّة (٤) وأموالا ، فبيناهم مجتمعون إذ أتاهم هود ، فقال : يا قوم ، اعبدوا الله مالكم من إله غيره ، فقالوا : يا هود لقد كنت عندنا ثقة أمينا.

قال : فإنّي رسول الله إليكم دعوا عبادة الأصنام ، فلمّا سمعوا ذلك منه بطشوا به وخنقوه وتركوه كالميّت ، فبقي يومه وليلته مغشيّا عليه ، فلمّا أفاق قال : يا ربّ ، إنّي قد عملت وقد ترى ما فعل بي قومي.

فجاءه جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا هود ، إنّ الله تعالى يأمرك أن لا تفتر عن دعائهم ، وقد وعدك أن يلقي في قلوبهم الرعب ، فلا يقدرون على ضربك بعدها ، فأتاهم هود ، فقال لهم : قد تجبّرتم في الأرض وأكثرتم الفساد ، فقالوا : يا هود ، اترك هذا القول ، فإنّا إن بطشنا بك الثانية نسيت الأولى.

__________________

(١) في «م» : (العبري) ، وفي «ص» : (الغبري) ، وفي «ر» «س» غير واضحة ، وما أثبتناه موافق مع الأسانيد المذكورة في بقيّة أحاديث الكتاب بوضوح.

(٢) في النسخ : (سفيان بن منصور) ، والصحيح ما أثبتناه (انظر : الأمالي : ٥٢ / ٧ و ٢٣٥ / ٢٥١ وكمال الدين : ٥٥٢ / ١) ومنصور هو ابن المعتمر بن عبد الله بن ربيعة الكوفي من أئمّة الحديث بالكوفة ، روى عن أبي وائل وطبقته ، ويروي عنه سفيان الثوري وغيره (تذكرة الحفّاظ ١ : ١٤٢).

(عرفانيان)

(٣) في «ر» «س» زيادة : (بن منبّه).

(٤) في «ر» «س» زياد : (إلى قوّتهم).

٢٧٣

فقال : دعوا هذا وارجعوا إلى الله وتوبوا إليه ، فلمّا رأى القوم ما لبسهم من الرعب علموا أنّهم لا يقدرون على ضربه ثانية ، فاجتمعوا بقوّتهم ، فصاح بهم هود عليه‌السلام صيحة فسقطوا لوجوههم.

ثمّ قال هود : يا قوم ، قد تماديتم في الكفر ، كما تمادى قوم نوح عليه‌السلام وحقيق (١) أن أدعو عليكم كما دعا نوح على قومه ، فقالوا : يا هود ، إنّ آلهة قوم نوح كانوا ضعفاء وإنّ آلهتنا أقوياء ، وقد رأيت شدّة أجسامنا ، وكان طول الرجل منهم مائة وعشرين ذراعا بذراعهم وعرضه ستّون ذراعا ، وكان أحدهم يضرب الجبل الصغير فيقطعه ، فمكث على هذا يدعوهم سبعمائة وستّين سنة.

فلمّا أراد الله تعالى إهلاكهم (٢) حقف الأحقاف (٣) حتّى صارت أعظم من الجبال ، فقال لهم هود : يا قوم ، ألا ترون هذه الرمال كيف تحقّفت إنّي أخاف أن تكون مأمورة ، فاغتمّ هود عليه‌السلام لما رأى من تكذيبهم إيّاه (٤) ونادته الأحقاف قرّ يا هود عينا ، فإنّ لعاد منّا يوم سوء ، فلمّا سمع هود ذلك قال : يا قوم ، اتّقوا الله واعبدوه ، فإن لم تؤمنوا صارت هذه الأحقاف عليكم عذابا ونقمة ، فلمّا سمعوا ذلك أقبلوا على نقل الأحقاف ، فلا تزداد (٥) إلّا كثرة ، فرجعوا صاغرين.

فقال هود : يا ربّ ، قد بلّغت رسالاتك فلم يزدادوا إلّا كفرا.

فأوحى الله إليه يا هود : إنّي أمسك عنهم المطر ، فقال هود عليه‌السلام : يا قوم قد وعدني ربّي أن يهلككم ومرّ صوته في الجبال وسمع الوحش صوته والسباع

__________________

(١) في «ص» «م» والبحار : (وخليق).

(٢) في «ص» «م» : (هلاكهم).

(٣) الأحقاف : جمع حقف ، وهو الرمل كما في ترتيب كتاب العين ١ : ٤٠٧ ، وفي النهاية ١ : ٤١٣ : ما أعوجّ من الرمل واستطال.

(٤) قوله : (إيّاه) لم يرد في «ص» والبحار.

(٥) في البحار : (فلا تزيد).

٢٧٤

والطير ، فاجتمع كلّ جنس منها (١) يبكي ويقول : يا هود ، أتهلكنا مع الهالكين؟ فدعا هود ربّه تعالى في أمرها ، فأوحى الله تعالى إليه : أنّي لا أهلك من لم يعص ، بذنب من عصاني ، تعالى الله علوّا كبيرا (٢).

فصل

في حديث إرم ذات العماد

[١٠٠ / ٨] ـ عن ابن بابويه ، حدّثنا الحسين بن محمّد بن هارون الزنجانيّ (٣) ، حدّثنا معاذ بن المثنّى العنبريّ (٤) ، حدّثنا عبد الله بن أسماء ، حدّثنا جويريّة ، عن سفيان ، عن منصور (٥) ، عن أبي وائل ، قال : إنّ رجلا يقال له : عبد الله بن قلابة (٦) خرج في طلب إبل له قد تشرّدت فبينا هو في بعض الصحاري في عدن في تلك الفلوات إذ (٧) هو قد وقع على مدينة عليها حصن ، وحول ذلك الحصن قصور كثيرة وأعلام طوال ، فلمّا دنا منها ظنّ أنّ فيها من يسأله عن إبله ، فلم ير داخلا ولا خارجا ، فنزل عن ناقته وعقلها وسلّ سيفه ودخل من باب الحصن ، فإذا هو ببابين

__________________

(١) في البحار : (معها).

(٢) عنه في بحار الأنوار ١١ : ٣٦١ / ٢١.

(٣) في «ر» «س» «ص» : (الوحاني) ، والمثبت موافق لسند الأمالي كما في : ٢٣٥ / ٢٥١ وفي العلل ٢ : ٤٧٢ / ٣٤ الريحاني.

(٤) في «ص» «م» : (العبريّ).

(٥) مرّ برقم (٧) رواية : (أبي وائل عن وهب).

(٦) قوله : (قلابة) مثبت من «س» والبحار. وليس له ذكر في كتب رجال الخاصّة ، نعم ذكره ابن حجر في لسان الميزان ٣ : ٣٢٧ قال : عبد الله بن قلابة صاحب حديث إرم ذات العماد ، وللصدوق روايات عنه في أكثر من مكان.

(٧) في «ص» «م» : (إذا).

٢٧٥

عظيمين لم ير في الدنيا (١) أعظم منهما ولا أطول ، وإذا خشبهما من أطيب خشب عود ، وعليهما نجوم من ياقوت أصفر وياقوت أحمر ، ضوؤهما قد ملأ المكان.

فلمّا رأى ذلك أعجبه ، ففتح أحد البابين فدخل ، فإذا هو بمدينة لم ير الراؤون مثلها (٢) ، وإذا هو بقصور كلّ قصر معلّق تحته أعمدة من زبرجد وياقوت ، فوق كلّ قصر منها غرف ، وفوق الغرف غرف مبنيّة بالذهب والفضّة والياقوت واللؤلؤ والزبرجد ، وعلى كلّ باب من أبواب تلك القصور مصراع مثل مصراع (٣) باب المدينة من عود طيب قد نضّدت عليه اليواقيت وقد فرشت تلك القصور باللؤلؤ وبنادق (٤) المسك والزعفران.

فلمّا رأى ذلك (٥) ولم ير هناك أحدا أفزعه ذلك ، ثمّ نظر إلى الأزقّة فإذا في كلّ زقاق منها أشجار قد أثمرت تحتها أنهار تجري ، فقال : هذه الجنّة التي وضعت (٦) لعباد الله في الدنيا ، فالحمد لله الذي أدخلني الجنّة ، فحمل من لؤلؤها ومن بنادق المسك والزعفران ، فإنّها كانت منثورة (٧) بمنزلة الرمل ، ولم يستطع أن يقلع من زبرجدها ولا من ياقوتها ، لأنّه كان مثبتا في أبوابها وجدرانها ، فأخذ ما أراد وخرج (٨) إلى اليمن ، فأظهر ما كان منه ، وأعلم الناس أمره (٩) ، وفشا (١٠) خبره وبلغ

__________________

(١) في كمال الدين زيادة : (بناء).

(٢) في كمال الدين زيادة : (قط).

(٣) في كمال الدين : (مصاريع مثل مصاريع).

(٤) بنادق جمع بندقة وهي طينة مدورة مجففة (مجمع البحرين ١ : ٢٥٠).

(٥) في كمال الدين زيادة : (أعجبه).

(٦) في «ص» : (وصفت).

(٧) في «ص» : (منشورة).

(٨) في كمال الدين زيادة : (حتّى أتى ناقته وركبها ثمّ سار يقفو أثر ناقته [أثره ـ البحار] حتّى رجع).

(٩) في كمال الدين والبحار زيادة : (وباع بعض ذلك اللؤلؤ ، وكان قد اصفارّ وتغيّر من طول ما مرّ عليه من الليالي والأيّام).

(١٠) في البحار : (فشاع).

٢٧٦

معاوية ، فأرسل رسولا إلى صاحب صنعاء ، وكتب بإشخاصه فشخص حتّى قدم على معاوية وخلا به وسأله عمّا عاين ، فقصّ عليه أمر المدينة وما رأى فيها ، وعرض عليه ما حمله منها.

فبعث معاوية إلى كعب الأحبار ودعاه ، وقال : يا أبا إسحاق ، هل بلغك أنّ في الدنيا مدينة مبنيّة بالذهب والفضّة؟ فقال كعب الأحبار : أمّا هذه المدينة ، فصاحبها شدّاد بن عاد الذي بناها ، فهي إرم ذات العماد ، وهي التي وصفها الله تعالى في كتابه المنزل على نبيّه المرسل (١) محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال معاوية : حدّثنا بحديثها.

فقال : إنّ عادا الأولى ـ وليس بعاد قوم هود ـ كان له ابنان يسمّى أحدهما «شديدا» والآخر «شدّادا» ، فهلك عاد وبقيا وملكا وتجبّرا ، وأطاعهما الناس في الشّرق والغرب ، فمات شديد وبقي شدّاد ، فملك وحده ولم ينازعه أحد ، وكان مولعا بقراءة الكتب ، وكان كلّما يذكر الجنّة (٢) رغب أن يفعل مثلها في الدنيا عتوّا على الله تعالى ، فجعل على صنعتها مائة رجل تحت يد كلّ واحد منهم ألف من الأعوان ، فقال : انطلقوا إلى أطيب فلاة وأوسعها فاعملوا لي فيها مدينة من ذهب وفضّة وياقوت وزبرجد ، واصنعوا تحت المدينة أعمدة من ياقوت وزبرجد ، وعلى المدينة قصورا ، وعلى القصور غرفا ، وفوق الغرف غرفا ، واغرسوا تحت القصور في أرضها أصناف الثمار كلّها ، وأجروا فيها الأنهار حتّى تكون تحت أشجارها.

فقالوا : كيف نقدر على ما وصفت لنا من الجواهر والذهب والفضّة حتّى يمكننا أن نبني مدينة كما وصفت؟

قال شدّاد : أما تعلمون أنّ ملك الدنيا بيدي؟ قالوا : بلى.

__________________

(١) قوله : (المرسل) لم يرد في «ص» «م».

(٢) في البحار زيادة : (وما فيها من البنيان والياقوت والزبرجد واللؤلؤ).

٢٧٧

قال : فانطلقوا إلى كلّ معدن من معادن الجواهر والذهب والفضّة ، فوكّلوا عليها جماعة حتّى يجمعوا ما تحتاجون إليه ، وخذوا جميع ما في أيدي الناس من الذهب والفضّة ، فكتبوا إلى كلّ ملك من ملوك الدنيا (١) في المشرق والمغرب ، فجعلوا يجمعون أنواع الجواهر عشر سنين ، فبنوا له هذه المدينة في مدّة ثلاثمائة سنة.

فلمّا أتوه وأخبروه بفراغهم منها ، قال : انطلقوا فاجعلوا عليها حصنا ، واجعلوا حول الحصن ألف قصر ، لكلّ (٢) قصر ألف علم ، يكون في كلّ قصر من تلك القصور وزير من وزرائي ، فجعلوا وعملوا ذلك كلّه.

ثمّ أتوه فأخبروه بالفراغ مما أمرهم به (٣) ، فأمر الناس بالتجهيز إلى إرم ذات العماد ، فأقاموا إلى جهازهم إليها عشر سنين ، ثمّ سار الملك شداد يريد إرم ذات العماد (٤) ، فلمّا كان من المدينة على مسيرة يوم وليلة ، بعث الله جلّ جلاله عليه وعلى من معه صيحة من السماء فأهلكتهم جميعا ، وما دخل هو إرم ولا أحد ممّن كان معه ، وإنّي لأجد في الكتب أنّ واحدا يدخلها فيرى ما فيها ، ثمّ يخرج فيحدّث بما يرى ولا يصدّق ، فسيدخلها أهل الدين في آخر الزمان إن شاء الله (٥).

__________________

(١) قوله : (من ملوك الدنيا) لم يرد في «ص» «م».

(٢) في «ر» «س» : (وكلّ) ، وفي البحار : (عند كلّ) بدلا من : (لكلّ).

(٣) في البحار : (منها كما أمرهم) بدلا من : (مما أمرهم به).

(٤) قوله : (ذات العماد) لم يرد في «ص» «م» والبحار.

(٥) عنه وعن كمال الدين : ٥٥٢ / ١ في بحار الأنوار ١١ : ٣٦٧ / ٢ ، ونقله الجزائري في قصص الأنبياء : ١٠١ عن كمال الدين.

وأورد نحوه الطبرسي في تفسير مجمع البيان ١٠ : ٣٤٩ : عن وهب بن منبّه.

قال الصدوق في كمال الدين : ٥٥٤ في ذيل الخبر أعلاه : قال مصنّف هذا الكتاب رضى الله عنه : إذا جاز أن يكون في الأرض جنّة مغيّبة عن أعين الناس لا يهتدي إلى مكانها أحد من الناس ولا يعلمون بها ـ

٢٧٨

فصل

في نبوّة صالح صلوات الله عليه

وهو صالح بن حاثر بن ثمود بن حاثر بن سام بن نوح صلوات الله عليه (١).

وأمّا هود ، فهو ابن عبد الله بن رياح بن جلوث بن عاد بن عوض بن آدم بن سام بن نوح (٢).

__________________

ـ ويعتقدون صحّة كونها من طريق الأخبار ، فكيف لا يقبلون من طريق الأخبار كون القائم عليه‌السلام الآن في غيبته ، وإذا جاز أن يعمر شداد بن عاد تسعمائة سنة فكيف لا يجوز أن يعمّر القائم عليه‌السلام مثلها أو أكثر منها ، والخبر في شداد بن عاد عن أبي وائل ، والأخبار في القائم عليه‌السلام عن النبيّ والأئمّة صلوات الله عليهم ، فهل ذلك إلّا مكابرة في جحود الحقّ.

ووجدت في كتاب المعمّرين أنّه حكي عن هشام بن سعيد الرحال قال : إنّا وجدنا حجرا بالإسكندريّة مكتوبا فيه : أنا شداد بن عاد وأنا الذي شيّدت العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد ، وجندت الأجناد وشددت بساعدي الواد فبنيتهنّ إذ لا شيب ولا موت ، وإذ الحجارة في اللين مثل الطين ، وكنزت كنزا في البحر على اثني عشر منزلا لم يخرجه حتّى تخرجه أمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

أقول : لا يخفى عليك أنّ هذا الكلام ليس فيه دلالة على قبول الشيخ الصدوق لمفاد هذا الخبر ، بل يريد بذلك النقض على أولئك المستبعدين لغيبة وطول عمر إمام زماننا عجّل الله فرجه الشريف.

(١) في البحار : (هو صالح بن ثمود بن عاثر بن إرم بن سام بن نوح) بدلا من : (صالح بن حاثر) إلى هنا.

(٢) عنه في بحار الأنوار ١١ : ٣٤٩ / ١.

وأورد الطبرسيّ في تفسير مجمع البيان ٤ : ٢٨٥ : عن محمّد بن إسحاق : هو هود بن شالخ بن أرفحشد بن سام بن نوح عليه‌السلام.

ورواه أيضا بلفظ آخر قال : وقيل : هو هود بن عبد الله بن رياح بن جلوث بن عاد بن عوص بن إرم ابن سام بن نوح ، عن كتاب النبوّة ، وعنه في بحار الأنوار ١١ : ٣٤٥ ـ ٣٤٦ ، وفيه : (رباح) بدلا من : (رياح) و (حلوث) بدلا من : (جلوث).

وقال اليعقوبيّ في تاريخه ١ : ٢٢ : هود بن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح.

٢٧٩

[معنى أصحاب الرسّ]

[١٠١ / ٩] ـ أخبرنا أبو نصر الغازيّ ، عن أبي (١) منصور العكبريّ ، عن المرتضى والرضي ، عن الشيخ المفيد ، عن الشيخ أبي جعفر بن بابويه ، عن أبيه ومحمّد بن عليّ ماجيلويه ، حدّثنا محمّد بن أبي القاسم ، عن محمّد بن عليّ الكوفيّ ، عن عليّ بن العبّاس الدينوريّ ، عن جعفر بن محمّد البلخيّ ، عن الحسن بن راشد ، عن يعقوب بن إبراهيم بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، قال : سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر صلوات الله عليهما وسأله رجل عن أصحاب الرسّ الذين ذكرهم الله في كتابه من هم (٢)؟ وممّن هم؟ وأيّ قوم كانوا؟

فقال : كانا رسّين أمّا أحدهما ـ فليس الذي ذكره الله في كتابه ـ كان أهله أهل بدو ، وأصحاب شاة وغنم ، فبعث الله تعالى إليهم صالح النبيّ رسولا ، فقتلوه وبعث إليهم رسولا آخر فقتلوه ، ثمّ بعث إليهم رسولا آخر وعضده بوليّ ، فقتل الرسول وجاهد الوليّ حتّى أفحمهم ، وكانوا يقولون : إلهنا في البحر ، وكانوا على شفيره وكان لهم عيد في السنة يخرج حوت عظيم من البحر في ذلك اليوم فيسجدون له.

فقال وليّ صالح لهم : لا أريد أن تجعلوني ربّا ، ولكن هل تجيبوني إلى ما دعوتكم إليه (٣) إن أطاعني ذلك الحوت؟ فقالوا : نعم وأعطوه عهودا ومواثيق ، فخرج حوت راكب على أربعة أحوات ، فلمّا نظروا إليه خرّوا له سجّدا ، فخرج

__________________

(١) قوله : (أبي) لم يرد في «ر» «س».

(٢) في البحار : (عن يعقوب بن إبراهيم قال : سأل رجل أبا الحسن موسى عليه‌السلام عن أصحاب الرسّ الذين ذكرهم الله من هم) بدلا من : (عن يعقوب) إلى هنا.

(٣) قوله : (إليه) لم يرد في «ص» «م» والبحار.

٢٨٠