قصص الأنبياء عليهم السلام - ج ١

قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي [ قطب الدين الراوندي ]

قصص الأنبياء عليهم السلام - ج ١

المؤلف:

قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي [ قطب الدين الراوندي ]


المحقق: عبدالحليم عوض الحلّي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة العلامة المجلسي رحمه الله
المطبعة: عمران
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-91180-2-1
ISBN الدورة:
978-600-91180-7-6

الصفحات: ٤٥٤

فصل

[حال آدم عليه‌السلام بعد قتل هابيل]

[٤٨ / ٤٨] وبالإسناد المذكور (*) عن حبيب السجستانيّ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لمّا علم آدم عليه‌السلام بقتل قابيل (١) هابيل جزع عليه جزعا شديدا (٢) فشكا ذلك إلى الله تعالى ، فأوحى الله تعالى إليه : إنّي واهب لك ذكرا يكون خلفا من هابيل ، فولدته حوّاء فلمّا كان اليوم السابع سمّاه آدم عليه‌السلام شيثا ، فأوحى الله تعالى إليه يا آدم إنّما هذا الغلام هبة منّي إليك فسمّه هبة الله ، فسمّاه آدم به ، فلمّا جاء وقت وفاة آدم صلوات الله عليه أوحى الله تعالى إليه أنّي متوفّيك ، فأوص إلى خير ولدك ، وهو هبتي الذي وهبته لك ، فأوص إليه وسلّم إليه ما علّمتك من الأسماء ، فإنّي أحبّ أن لا تخلو الأرض من عالم يعلم علمي ويقضي بحكمي ، أجعله حجّة لي (٣) على خلقي.

فجمع آدم صلوات الله عليه ولده جميعا من الرجال والنساء ثمّ قال لهم : يا ولدي ، إنّ الله تعالى أوحى إليّ أنّي متوفّيك وأمرني أن أوصي إلى خير ولدي وأنّه هبة الله ، وأنّ الله اختاره لي ولكم من بعدي ، فاسمعوا له وأطيعوا أمره ، فإنّه وصيّي وخليفتي عليكم ، فقالوا جميعا : نسمع له ونطيع أمره ولا نخالفه.

قال : وأمر آدم صلوات الله عليه بتابوت ، ثمّ جعل فيه علمه والأسماء والوصيّة ، ثمّ دفعه إلى هبة الله ، فقال له : انظر إذا أنا متّ يا هبة الله فاغسلني وكفّنّي وصلّ عليّ

__________________

(٠) (*) المراد به الإسناد المذكور في ح ٤٦.

(١) قوله : (قابيل) لم يرد في «ر» «س».

(٢) في «ر» زيادة : (عظيما) ، وفي «س» : (عظيما شديدا) بدلا من : (شديدا).

(٣) قوله : (لي) ليس في «ر» «س».

٢٢١

وأدخلني حفرتي ، وإذا حضرت وفاتك وأحسست بذلك من نفسك ، فالتمس خير ولدك وأكثرهم لك صحبة وأفضلهم فأوص إليه بما أوصيت به (١) إليك ، ولا تدع الأرض بغير عالم منّا أهل البيت.

يا بنيّ ، إنّ الله تعالى أهبطني إلى الأرض ، وجعلني خليفة فيها وحجّة له على خلقه ، وجعلتك (٢) حجّة الله في أرضه من بعدي ، فلا تخرجنّ من الدنيا حتّى تجعل لله حجّة على خلقه ووصيّا من بعدك ، وسلّم إليه التابوت وما فيه كما سلّمت إليك ، وأعلمه أنّه سيكون من ذرّيّتي رجل نبيّ اسمه نوح يكون في نبوّته الطوفان والغرق ، وأوص وصيّك أن يحتفظ بالتابوت وبما فيه.

فإذا حضرته وفاته فمره أن يوصي إلى خير ولده وليضع كلّ وصي وصيّته في التابوت ، وليوص بذلك بعضهم إلى بعض ، فمن أدرك منهم نبوّة نوح فليركب معه وليحمل التابوت وما فيه إلى فلكه ، ولا يتخلّف عنه واحد. واحذر يا هبة الله وأنتم يا ولدي ، الملعون قابيل.

فلمّا كان اليوم الذي أخبره الله أنّه متوفّيه تهيّأ آدم صلوات الله عليه للموت وأذعن به ، فهبط ملك الموت فقال آدم عليه‌السلام : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّي عبد الله وخليفته في أرضه ، ابتدأني بإحسانه (٣) ، وأسجد لي ملائكته وعلّمني الأسماء كلّها ثمّ أسكنني جنّته ولم يكن جعلها لي دار قرار ولا منزل استيطان ، وإنّما خلقني لأسكن الأرض الذي أراد من التقدير والتدبير.

وقد كان نزل جبرئيل عليه‌السلام بكفن آدم من الجنّة والحنوط ، والمسحاة معه قال : ونزل مع جبرئيل سبعون ألف ملك صلوات الله عليهم ليحضروا جنازة آدم عليه‌السلام ،

__________________

(١) قوله : (به) ليس في «ر» «س».

(٢) في «ر» زيادة : (أنا).

(٣) في «ر» : (واجتباني).

٢٢٢

فغسّله هبة الله وجبرئيل عليهما‌السلام وكفّنه وحنّطه ، ثمّ قال جبرئيل لهبة الله : تقدّم فصلّ على أبيك وكبّر عليه خمسا وسبعين تكبيرة ، فحفرت (١) الملائكة ثمّ أدخلوه حفرته.

فقام هبة الله في ولد أبيه بطاعة الله تعالى ، فلمّا حضرته وفاته (٢) أوصى إلى ابنه قينان وسلّم إليه التابوت ، فقام قينان في إخوته وولد أبيه بطاعة الله تعالى وتقدّس ، فلمّا حضرته الوفاة أوصى إلى ابنه يزد (٣) ، وسلّم إليه التابوت وجميع ما فيه ، وتقدّم إليه في نبوّة نوح عليه‌السلام.

فلمّا حضرت وفاة يزد أوصى إلى ابنه أخنوخ ـ وهو إدريس عليه‌السلام ـ وسلّم إليه التابوت وجميع ما فيه والوصيّة ، فقام أخنوخ به ، فلمّا قرب أجله أوحى الله تعالى إليه أنّي رافعك إلى السماء ، فأوص إلى ابنك خرقائيل (٤) ، ففعل ، فقام خرقائيل (٥) بوصيّة أخنوخ ، فلمّا حضرته الوفاة أوصى إلى ابنه نوح عليه‌السلام وسلّم إليه التابوت ، فلم يزل التابوت عند نوح حتّى حمله معه في سفينته (٦) ، فلمّا حضرته الوفاة أوصى إلى ابنه سام وسلّم إليه التابوت وجميع ما فيه (٧).

__________________

(١) في «ر» «س» : (فحضرت).

(٢) في «ر» «س» : (الوفاة).

(٣) في البحار : (يرد) بدلا من : (يزد).

(٤) (٤ و ٥) في «ر» «س» «ص» : (خرقاسيل).

(٥) (٤ و ٥) في «ر» «س» «ص» : (خرقاسيل).

(٦) في «ر» «س» : (السفينة).

(٧) عنه في بحار الأنوار ١١ : ٢٦٤ / صدر ح ١٤.

ورواه العيّاشيّ في تفسيره ١ : ٣٠٦ / صدر ح ٧٧ بنفس المتن عن هشام بن سالم ، عن حبيب السجستانيّ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار ٢٣ : ٥٩ / ٢.

ورواه القمّيّ في تفسيره ١ : ١٦٦ : عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي حمزة الثماليّ ، عن ثوير بن أبي فاختة ، عن عليّ بن الحسين عليهما‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار ١١ : ٢٣٠ / ذيل ح ٨.

٢٢٣

فصل

[الصلاة على آدم عليه‌السلام]

[٤٩ / ٤٩] أخبرنا السيّد أبو حرب المجتبى بن الداعي الحسينيّ (١) ، أخبرنا الدوريستيّ ، عن أبيه ، عن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن الحسن ، أخبرنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليّ ، عن عمر (٢) ، عن أبان بن عثمان ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال : أرسل آدم ابنه إلى جبرئيل عليه‌السلام فقال له : يقول لك أبي : أطعمني من زيت الزيتون التي في موضع كذا وكذا من الجنّة ، فلقيه جبرئيل عليه‌السلام ، فقال له : ارجع إلى أبيك فقد قبض وأمرنا بإجهازه والصلاة عليه.

قال : فلمّا جهّزوه قال جبرئيل عليه‌السلام : تقدّم يا هبة الله ، فصلّ على أبيك ، فتقدّم وكبّر عليه (٣) خمسا وسبعين تكبيرة ؛ سبعين تفضيلا (٤) لآدم عليه‌السلام وخمسا للسنّة.

قال : وآدم عليه‌السلام لم يزل يعبد الله بمكّة حتّى إذا أراد الله أن يقبضه بعث إليه الملائكة (٥) معهم سرير وحنوط وكفن من الجنّة ، فلمّا رأت حوّاء عليها‌السلام الملائكة

__________________

(١) في النسخ : (أبو حرب بن المجتبى بن الداعي الحسيني) ، وزيادة «بن» هنا غلط واضح (انظر : رياض العلماء ٢ : ٤٣٥).

(٢) يأتي برقم : (١٣٣) رواية سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن عمر الجرجاني ، عن أبان ، عن أبي بصير. والظاهر اتّحاد عمر الجرجاني مع أبي حفص الجرجاني الذي روى عنه الحسن بن علي بن فضّال (انظر الكافي ٦ : ٤٩١ / ٩ ، تهذيب الأحكام ٣ : ٢٣٧ / ٦٢٧).

(٣) قوله : (عليه) لم يرد في «ر» «س».

(٤) في «ر» «س» : (تفضّلا).

(٥) في «ر» : (ملائكة).

٢٢٤

ذهبت لتدخل بينه وبينهم ، فقال لها آدم : خلّي بيني وبين رسل ربّي ، فقبض ، فغسّلوه بالسدر والماء ، ثمّ لحّدوا قبره وقال : هذا سنّة ولده من بعده ، فكان عمره منذ خلقه الله تعالى إلى أن قبضه سبعمائة وستّا وثلاثين سنة ودفن بمكّة ، وكان بين آدم ونوح صلوات الله عليهما ألف وخمسمائة سنة (١).

[٥٠ / ٥٠] وبهذا الإسناد عن محمّد بن الحسن ، حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، حدّثنا محمّد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر ، عن عبد الحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه قال : قبض آدم صلوات الله عليه وكبّر عليه ثلاثين تكبيرة ، فرفع خمس وعشرون وبقي السنّة علينا خمسا ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يكبّر على أهل بدر سبعا وتسعا (٢).

[بعد وفاة نبي الله آدم عليه‌السلام]

[٥١ / ٥١] وبهذا الإسناد عن ابن أبي الديلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ قابيل أتى هبة الله عليه‌السلام فقال : إنّ أبي قد أعطاك العلم الذي كان عنده ، وأنا كنت أكبر منك وأحقّ به منك ، ولكن قتلت ابنه فغضب عليّ ، فآثرك بذلك العلم عليّ ، وإنّك ـ والله ـ إن ذكرت شيئا ممّا عندك من العلم الذي ورّثك أبوك لتتكبّر به عليّ ولتفتخر عليّ (٣) لأقتلنّك كما قتلت أخاك.

فاستخفى هبة الله بما عنده من العلم لتنقضي دولة قابيل ، ولذلك يسعنا (٤) في

__________________

(١) عنه في بحار الأنوار ١١ : ٢٦٦ / ١٥ ووسائل الشيعة ٣ : ٨٥ / ١٥ ومستدرك الوسائل ٢ : ٢٠١ / ١٢ وكلّهم نقلوا قطعة من الحديث ، وانظر كنز العمّال ١٥ : ٦٠٧ / ضمن ح ٤٢٤٠٨.

(٢) عنه في بحار الأنوار ١١ : ٢٦٧ / ١٦.

وأورده الصدوق في كمال الدين : ٢١٤ / ضمن ح ٢ وعنه في بحار الأنوار ١٩ : ٣١٩ / ٧٢.

(٣) في «ر» : (تفتخر به) ، وفي «ص» : (تفتخر عليّ) بدلا من : (لتفتخر عليّ).

(٤) في «ر» «س» : (تسعنا).

٢٢٥

قومنا التقيّة ، لأنّ لنا في ابن آدم أسوة ، قال : فحدّث هبة الله ولده بالميثاق سرّا ، فجرت والله السنّة بالوصيّة من هبة الله في ولده ومن يتّخذه يتوارثونها عالم بعد عالم ، فكانوا يفتحون الوصيّة كلّ سنة يوما فيحدّثون أنّ أباهم قد بشّرهم بنوح عليه‌السلام.

قال : وإنّ قابيل لمّا رأى النار التي قبلت قربان هابيل ظنّ قابيل أنّ هابيل كان يعبد تلك النار ولم يكن له علم بربّه ، فقال قابيل : لا أعبد النار التي عبدها هابيل ، ولكن أعبد نارا وأقرّب قربانا لها فبنى بيوت النيران (١).

[٥٢ / ٥٢] وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل ، حدّثنا محمّد ابن أبي عبد الله الكوفيّ ، حدّثنا موسى بن عمران النخعيّ ، عن عمّه الحسين بن يزيد ، عن عليّ بن سالم (٢) ، عن أبيه ، عن أبي بصير قال : كان أبو جعفر الباقر عليه الصلاة والسلام جالسا في الحرم وحوله عصابة من أوليائه إذ أقبل طاوس (٣) اليمانيّ في جماعة ، فقال : من صاحب الحلقة؟ قيل : محمّد بن عليّ بن الحسين ابن عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال : إيّاه أردت ، فوقف بحياله وسلّم وجلس. ثمّ قال : أتأذن لي في السؤال؟ فقال الباقر عليه‌السلام : قد آذنّاك فسل.

__________________

(١) عنه في بحار الأنوار ٣ : ٢٤٩ / ٥ من قوله : (إنّ قابيل لمّا) إلى آخر الحديث ، وفي ج ١١ : ٢٤١ / ٣١ كاملا ، وفي ج ٧٢ : ٤١٩ / ٧٤ ومستدرك الوسائل ١٢ : ٢٥٣ / ٣ إلى قوله : (في ابن آدم أسوة).

وأخرج قطعة من الحديث الشيخ الصدوق في علل الشرائع ١ : ٣ / ١ بهذا الإسناد : عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب وأحمد بن محمّد بن عيسى جميعا ، عن محمّد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر وكرام بن عمرو عن ابن أبي الديلم .. وعنه في بحار الأنوار ٣ : ٢٤٩ / ٥ وج ١١ : ٢٣٦ / ١٦ وتفسير نور الثقلين ١ : ٦١٣ / ١٣٢.

(٢) رواية علي بن سالم الذي هو ابن أبي حمزة البطائني المعروف عن أبي بصير بواسطة أبيه فيها ما لا يخفى من الغرابة ، والظاهر زيادة قوله : (أبيه) في السند لأنّ الطريق نفسه تكرّر في الأسانيد.

(انظر الأمالي للصدوق : ٣٥٣ / ٧ ، التوحيد : ٢٠ / ٧ و ٩٥ / ١٥ و ١٨٣ / ٢٠ ، الخصال : ٥٣١ / ٧ ، ثواب الأعمال : ١٣٠ ، علل الشرائع ١ : ١٦ ...).

(٣) في «س» : (طاوس بن).

٢٢٦

قال : أخبرني بيوم هلك ثلث الناس.

فقال : وهمت يا شيخ ، أردت أن تقول : ربع الناس ، وذلك يوم قتل قابيل (١) هابيل ، كانوا أربعة : قابيل ، وهابيل ، وآدم وحوّاء عليهم‌السلام ، فهلك ربعهم.

فقال : أصبت ووهمت أنا ، فأيّهما كان الأب للناس : القاتل أو المقتول؟

قال : لا واحد منهما بل أبوهم شيث بن آدم عليهما‌السلام (٢)(٣).

فصل

في مبتدأ الأصنام

[٥٣ / ٥٣] عن محمّد بن موسى بن المتوكّل ، حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميريّ ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، حدّثنا محمّد ابن النعمان الأحول ، عن بريد بن معاوية قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول في مسجد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ إبليس اللعين هو أوّل من صوّر صورة على مثال آدم ليفتن به الناس ويضلّهم عن عبادة الله تعالى ، وكان ودّ في ولد قابيل ، وكان خليفة قابيل على ولده وعلى من بحضرتهم في سفح الجبل ، وكانوا (٤) يعظّمونه ويسوّدونه.

فلمّا أن مات ودّ جزع عليه إخوته وخلّف عليهم ابنا يقال له : سواع فلم يغن غنا أبيه منهم ، فأتاهم إبليس في صورة شيخ فقال : قد بلغني ما أصبتم به من موت

__________________

(١) قوله : (قابيل) لم يرد في «ر» «ص».

(٢) قوله : (ابن آدم عليهما‌السلام) من «م».

(٣) عنه في بحار الأنوار ١١ : ٢٤١ / ٣٢ وج ٤٦ : ٣٥٤ / ٨ وخاتمة المستدرك ١ : ١٥٤.

وأورده الطبرسيّ في الاحتجاج ٢ : ٦٤ ضمن حديث طويل ، وعنه في بحار الأنوار ٤٦ : ٣٥١ / ٥.

وأخرجه ابن شهرآشوب في المناقب ٣ : ٣٣٢ باختصار في أوّل الحديث ، والباقي كما في المتن وعنه في بحار الأنوار ١٠ : ١٥٦ / ٦.

(٤) قوله : (وكانوا) لم يرد في «م» «ص».

٢٢٧

ودّ و (١) عظيمكم ، فهل لكم فيّ أن أصوّر لكم على مثال ودّ صورة تستريحون إليها وتأنسون بها؟

قالوا : افعل ، فعمد الخبيث إلى الآنك (٢) فإذا به حتّى صار مثل الماء ، ثمّ صوّر لهم صورة مثال ودّ في بيته ، فتدافعوا على الصورة يلثمونها ويضعون خدودهم عليها ويسجدون لها ، وأحبّ سواع أن يكون التعظيم والسجود له ، فوثب على صورة ودّ ، فحكّها حتّى لم يدع منها شيئا وهمّوا بقتل سواع ، فوعظهم وقال : أنا أقوم لكم بما كان يقوم به ودّ ، وأنا ابنه ، فإن قتلتموني لم يكن لكم رئيس ، فمالوا إلى سواع بالطاعة والتعظيم.

فلم يلبث سواع أن مات وخلّف ابنا يقال له : يغوث فجزعوا على سواع فأتاهم إبليس وقال : أنا الذي صوّرت لكم صورة ودّ ، فهل لكم أن أجعل لكم مثال سواع على وجه لا يستطيع أحد أن يغيّره؟ قالوا : فافعل ، فعمد إلى عود فنجره ونصبه لهم في منزل سواع ، وإنّما سمّي ذلك العود خلافا ، لأنّ إبليس لعنه الله عمل صورة سواع على خلاف صورة ودّ.

قال : فسجدوا له وعظّموه وقالوا ليغوث : ما نأمنك على هذا الصنم أن تكيده كما كاد أبوك مثال ودّ ، فوضعوا على البيت حرّاسا وحجّابا و (٣) كانوا يأتون الصنم في يوم واحد ويعظّمونه أشدّ ما كانوا يعظّمون سواعا ، فلمّا رأى ذلك يغوث قتل الحرسة والحجّاب ليلا وجعل الصنم رميما ، فلمّا بلغهم ذلك أقبلوا ليقتلوه فتوارى منهم إلى أن طلبوه ورأّسوه وعظّموه.

ثمّ مات وخلّف ابنا يقال له : يعوق ، فأتاهم إبليس ، فقال : قد بلغني موت

__________________

(١) قوله : (و) لم يرد في «ر» «ص».

(٢) وهو الرصاص الأبيض ، وقيل : الأسود ، وقيل : الخالص منه (النهاية ١ : ٧٧).

(٣) في «ص» «م» : (وحجبا ثمّ) بدلا من : (وحجّابا و).

٢٢٨

يغوث وأنا جاعل لكم مثاله في شيء لا يقدر أحد أن يغيّره ، قالوا : فافعل ، فعمد الخبيث إلى حجر جزع أبيض (١) فنقره بالحديد حتّى صوّر لهم مثال يغوث ، فعظّموه أشدّ مما مضى (٢) ، وبنوا عليه بيتا من حجر ، وتبايعوا أن لا يفتحوا باب ذلك البيت إلّا في رأس كلّ سنة ، وسمّيت البيعة يومئذ ، لأنّهم تبايعوا وتعاقدوا عليه.

فاشتدّ ذلك على يعوق ، فعمد إلى ريطة (٣) وخلق فألقاها في الحاير ثمّ رماها بالنار ليلا ، فأصبح القوم وقد احترق البيت والصنم والحرس وأرفض الصنم ملقى ، فجزعوا وهمّوا بقتل يعوق ، فقال لهم : إن قتلتم رئيسكم فسدت أموركم ؛ فكفّوا.

فلم يلبث أن مات يعوق وخلّف ابنا يقال له : نسر ، فأتاهم إبليس فقال : بلغني موت عظيمكم ، فأنا جاعل لكم مثال يعوق في شيء لا يبلى ، فقالوا : افعل ، فعمد إلى الذهب وأوقد عليه النار حتّى صار كالماء ، وعمل مثالا من الطين على صورة يعوق ، ثمّ أفرغ الذهب فيه (٤) ، ثمّ نصبه لهم في ديرهم ، واشتدّ ذلك على نسر ، ولم يقدر على دخول ذلك الدير ، فانحاز (٥) عنهم في فرقة قليلة من إخوته يعبدون نسرا ، والآخرون يعبدون الصنم ، حتّى مات نسر وظهرت نبوّة إدريس ، فبلغه حال القوم وأنّهم يعبدون جسما على مثال يعوق ، وأنّ نسرا كان يعبد من دون الله ، فسار إليهم بمن معه حتّى نزل مدينة نسر وهم فيها ، فهزمهم ، وقتل من قتل ، وهرب من هرب ، فتفرّقوا في البلاد ، وأمر بالصنم فحمل وألقي في البحر ، فاتّخذت كلّ فرقة منهم صنما ، وسمّوها بأسمائهم ، فلم يزالوا بعد ذلك قرنا بعد

__________________

(١) في «ص» : (إلى حجر جرع أبيض) ، وفي البحار : (إلى حجر أبيض) بدلا من : (إلى حجر جزع أبيض).

(٢) في النسخ : (ما مضى) ، والمثبت عن البحار.

(٣) قال في النهاية ٢ : ٢٨٩ : قيل : الريطة كلّ ثوب رقيق لين.

(٤) في «ر» : (عليه الذهب) ، وفي «س» : (الذهب عليه) بدلا من : (الذهب فيه).

(٥) في «م» «ص» : (فانجاز).

٢٢٩

قرن لا يعرفون إلّا تلك الأسماء.

ثمّ ظهرت نبوّة نوح عليه‌السلام ، فدعاهم إلى عبادة الله وحده (١) وترك ما كانوا (٢) يعبدون من الأصنام ، فقال بعضهم : (لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً)(٣)(٤).

فصل

[أخبار متفرّقة]

[٥٤ / ٥٤] عن ابن بابويه ، حدّثنا أبو الحسن عليّ بن عبد الله بن أحمد الأسواريّ ، حدّثنا عليّ بن أحمد البردعيّ ، حدّثنا محمّد ، عن محمّد بن ميمون ، عن الحسن ، عن أبيّ بن كعب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ أباكم كان طويلا (٥) كالنخلة السحوق (٦) ستّين ذراعا (٧).

__________________

(١) قوله : (وحده) من «ص» «م».

(٢) قوله : (كانوا) لم يرد في «ر».

(٣) نوح : ٢٣.

(٤) عنه في بحار الأنوار ٣ : ٢٥٠ / ٨.

وأخرج الصدوق قطعة منه في علل الشرايع ١ : ٤ / ١ هكذا : أبي عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن النعمان ، عن بريد بن معاوية العجليّ ، قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : إنّما سمّي العود خلافا ؛ لأنّ إبليس عمل صورة سواع على خلاف صورة ودّ ، فسمّي العود خلافا ... ثمّ قال في آخره : وهذا في حديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة ، وعنه في بحار الأنوار ٣ : ٢٤٩ / ٦ وج ٦٣ : ١١١ / ٢ وتفسير نور الثقلين ٥ : ٤٢٦ / ٢١.

(٥) في «ر» «س» : (طوّالا).

(٦) قال ابن الأثير في النهاية ٢ : ٣٤٧ : وفي حديث قس : (كالنخلة السحوق) أي الطويلة التي بعد ثمرها على المجتني ، وانظر المصباح المنير : ٢٦٨ (سحق).

(٧) عنه في بحار الأنوار ١١ : ١١٥ / ٤١ ، وانظر كنز العمّال ١٥ : ٦٠٦ / صدر الحديث ٤٢٤٠٨ ، تاريخ مدينة دمشق ٧ : ٤٠٤ وص ٤٠٥ ، قصص الأنبياء لابن كثير ١ : ٢٣.

٢٣٠

[أوّل رؤيا في الأرض]

[٥٥ / ٥٥] وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن شاذان ، حدّثنا محمّد ابن محمّد بن الحرث الحافظ ، حدّثنا صالح بن سعيد الترمذيّ ، عن عبد المنعم بن إدريس ، عن أبيه ، عن وهب بن منبّه اليمانيّ : أنّ الله تعالى خلق حوّاء من فضل طينة آدم على صورته ، وكان ألقى عليه النعاس وأراه ذلك في منامه ، وهي أوّل رؤيا كانت في الأرض ، فانتبه وهي جالسة عند رأسه ، فقال عزوجل : يا آدم ، ما هذه الجالسة؟

قال : الرؤيا التي أريتني في منامي فأنس وحمد الله تعالى ، فأوحى الله تعالى إلى آدم : إنّي أجمع لك العلم كلّه (١) في أربع كلمات : واحدة لي ، وواحدة لك ، وواحدة فيما بيني وبينك ، وواحدة فيما بينك وبين الناس.

فأمّا التي لي فتعبدني ولا تشرك بي شيئا ، وأمّا التي لك فأجزيك بعملك أحوج ما تكون إليه ، وأمّا التي فيما بيني وبينك فعليك الدعاء وعليّ الإجابة ، وأمّا التي فيما بينك وبين الناس ، فترضى للناس ما ترضى لنفسك (٢).

__________________

(١) في «ر» : (أجمع لك كلمة) ، وفي الخصال والكافي : (أجمع لك الكلام كلّه) ، وفي الفقيه والأمالي ومعاني الأخبار : (أجمع لك الخير كلّه).

(٢) عنه في بحار الأنوار ١١ : ١١٥ / ٤٢.

ورواه الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه ٤ : ٤٠٥ / ٥٨٧٧ من قوله : (أوحى الله تعالى) إلى آخره.

وفي الخصال : ٢٤٣ / ٩٨ : من قوله : (إنّي أجمع لك) إلى آخره ، والسند : عن محمّد بن أحمد بن عليّ بن الصلت ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن محمّد بن سنان ، عن يوسف بن عمران ، عن ميثم بن يعقوب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار ١١ : ٢٥٧ / ٢ وج ٩٠ : ٣٦٣ / ٥.

وورد أيضا في الخصال : ٢٤٤ / ٩٩ بلفظ آخر وسند آخر ، ولم يذكر آدم عليه‌السلام في الحديث وهو

٢٣١

[٥٦ / ٥٦] وكان مهبط آدم صلوات الله عليه على جبل شرقيّ الهند (١) يقال له : باسم ثمّ أمره أن يسير إلى مكّة ، فطوى له الأرض ، فصار على كلّ مفازة يمرّ به خطوة ، ولم يقع قدمه في شيء من الأرض إلّا صار عمرانا ، وبكى على الجنّة مائتي سنة ، فعزّه الله (٢) بخيمة من خيام الجنّة ، فوضعها له بمكّة في موضع الكعبة ، وتلك الخيمة من ياقوتة حمراء ، لها بابان شرقيّ وغربيّ من ذهب منظومان (٣)

__________________

ـ هكذا : عن أحمد بن الحسن القطّان وأحمد بن محمّد بن الهيثم العجليّ ومحمّد بن أحمد السنانيّ جميعا قالوا : حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريّا القطّان ، قال : حدّثنا موسى بن إسحاق ، قال : حدّثنا أبو إبراهيم الترجمان ، قال : حدّثنا صالح بن بشير أبو بشر المرّيّ ، قال : سمعت الحسن يحدّث عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيما يروي عن ربّه جلّ جلاله أنّه قال : أربع خصال واحدة لي ، وواحدة لك ، وواحدة فيما بيني وبينك ، وواحدة فيما بينك وبين عبادي ، فأمّا التي لي فتعبدني ولا تشرك بي شيئا ، وأمّا التي لك فما عملت من خير جزيتك به ، وأمّا التي بيني وبينك فمنك الدعاء وعليّ الإجابة ، وأمّا التي بينك وبين عبادي فأن ترضى لهم ما ترضى لنفسك ، وعنه في بحار الأنوار ٩٠ : ٣٦٤ / ٧.

ورواه أيضا في الأمالي : ٧٠٦ / ١ ، ومعاني الأخبار : ١٣٧ / ١ بنفس المتن بسند آخر ، وهو هكذا : عن أبيه ، عن عليّ بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعريّ ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه‌السلام .. وعنهما في بحار الأنوار ١١ : ٢٥٧ / ١ وج ٧٢ : ٢٦ / ٨ وج ٩٠ : ٣٦٤ / ٦ وفي مستدرك الوسائل ٥ : ١٦٢ / ٦ عن الأمالي.

ورواه في الكافي ٢ : ١٤٦ / ١٣ باختلاف يسير ، وزاد عليه : (وتكره لهم ما تكره لنفسك) : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن يوسف بن عمران بن ميثم ، عن يعقوب بن شعيب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار ٧٢ : ٣٨ / ٣٥ ووسائل الشيعة ١١ : ٢٢٨ / ٢.

(١) في «ص» «م» : (على جبل في شرقيّ أهل الهند) ، وفي البحار : (على جبل في شرقيّ أرض الهند) بدلا من : (على جبل شرقي الهند).

(٢) في البحار : (فعزّاه الله).

(٣) في «ر» «ص» «م» : (منضومان).

٢٣٢

معلّق فيها ثلاث قناديل من تبر الجنّة تلتهب نورا ، ونزل الركن وهو ياقوتة بيضاء من ياقوت الجنّة ، وكان كرسيّا لآدم يجلس عليه.

وإنّ خيمة آدم لم تزل في مكانها حتّى قبضه الله تعالى ، ثمّ رفعها الله إليه ، وبنى بنو آدم في موضعها بيتا من الطين والحجارة ، ولم يزل معمورا ، وأعتق من الغرق ، ولم يخرّ به الماء حتّى بعث الله تعالى إبراهيم صلوات الله عليه (١).

[٥٧ / ٥٧] وذكر وهب أنّ ابن عبّاس أخبره أنّ جبرئيل وقف على النبيّ صلوات الله عليه وآله وعليه عصابة خضراء قد علاها الغبار ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما هذا الغبار؟ قال : إنّ الملائكة أمرت بزيارة البيت فازدحمت ، فهذا الغبار ممّا تثير الملائكة بأجنحتها (٢).

[٥٨ / ٥٨] قال وهب : ولمّا أراد قابيل أن يقتل أخاه ، ولم يدر كيف يصنع عمد إبليس إلى طائر ، فرضخ (٣) رأسه بحجر فقتله فتعلّم قابيل ، فساعة قتله أرعش جسده ولم يعلم ما يصنع أقبل غراب يهوي على الحجر الذي دمغ أخاه ، فجعل يمسح الدم بمنقاره وأقبل غراب آخر حتّى وقع بين يديه ، فوثب الأوّل على الثاني فقتله ، ثمّ حفر (٤) بمنقاره فواراه فتعلّم قابيل (٥).

[٥٩ / ٥٩] وروي أنّه لم يوار سوأة أخيه ، وانطلق هاربا حتّى أتى واديا من أودية اليمن في شرقيّ عدن ، فكمن فيه زمانا ، وبلغ آدم صلوات الله عليه ما صنع قابيل

__________________

(١) عنه في بحار الأنوار ١١ : ٢١١ / ١٧ وج ٩٦ : ٦١ / ٣١ ومستدرك الوسائل ٩ : ٣٢٧ / ٧.

وقوع هذا الخبر بين الخبرين عن وهب يشعر بأنّ هذا الخبر أيضا عن وهب.

(٢) عنه في بحار الأنوار ٩٦ : ٦١ / ٣٢ ، الدرّ المنثور ١ : ١٣٢ وعنه في بحار الأنوار ٥٦ : ٢٦٠ / ٣٤.

(٣) في «س» والبحار : (فرضح) ، وهما بمعنى واحد.

(٤) في «ر» «س» «ص» : (هزّ).

(٥) عنه في بحار الأنوار ١١ : ٢٤٢ / ٣٣.

٢٣٣

بهابيل ، فأقبل فوجده قتيلا ثمّ دفنه ، وفيه وفي إبليس نزلت : (رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ)(١) لأنّ قابيل أوّل من سنّ القتل ، ولا يقتل مقتول إلى يوم القيامة إلّا كان له فيه شركة (٢)(٣).

[٦٠ / ٦٠] وسئل الصادق عليه‌السلام عن قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ)(٤) قال : هما هما (٥).

[٦١ / ٦١] قال وهب : فلمّا حضرت (٦) آدم عليه‌السلام الوفاة أوصى إلى شيث ، وحفر لآدم في غار في أبي قبيس يقال له : غار الكنز ، فلم يزل آدم في ذلك الغار حتّى كان في زمان (٧) الغرق استخرجه نوح صلوات الله عليه في تابوت وجعله معه في السفينة (٨)(٩).

[٦٢ / ٦٢] وأمّا عوج بن عناق ، فإنّه كان جبّارا عدوّا لله وللإسلام ، وله بسطة في الجسم والخلق ، وكان يضرب بيده فيأخذ الحوت من أسفل البحر ثمّ يرفعه إلى

__________________

(١) فصّلت : ٢٩.

(٢) في «ص» «م» والبحار : (شرك).

(٣) عنه في بحار الأنوار ١١ : ٢٤٢ / ٣٤.

وورد قريب منه في دعائم الإسلام ٢ : ٤٠٣ / ١٤١١ ، وعنه في مستدرك الوسائل ١٨ : ٢٠٦ / ٧ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وفي تفسير مجمع البيان ٩ : ٢٠ ، والمعارف لابن قتيبة : ١٨.

(٤) فصّلت : ٢٩. وفي «ص» «م» زيادة : (قال).

(٥) عنه في بحار الأنوار ١١ : ٢٤٣ / ٣٥ وج ٣١ : ٦٢٤ / ١١٤.

(٦) في «ر» «س» «ص» والبحار : (حضر).

(٧) في «ر» «ص» : (كان زمان) ، وفي البحار : (كان زمن) بدلا من : (كان في زمان).

(٨) جاء في حاشية نسخة «س» : (ولمّا انقضى الطوفان دفنه بالغري من أرض الكوفة ، ودفن نوح أيضا عنده ، ودفن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام في تلك الحضرة).

(٩) عنه في بحار الأنوار ١١ : ٢٦٧ / ١٧.

وانظره في الكامل لابن الأثير ١ : ٥٢.

٢٣٤

السماء ، فيشويه في حرّ الشمس فيأكله ، وكان عمره ثلاثة آلاف وستّمائة سنة (١).

[٦٣ / ٦٣] وروي أنّه لمّا أراد نوح عليه‌السلام أن يركب السفينة جاء إليه عوج ، فقال له : احملني معك ، فقال نوح : إنّي لم اؤمر بذلك ، فبلغ الماء إليه وما جاوز ركبتيه ، وبقي إلى أيّام موسى عليه‌السلام ، فقتله موسى عليه‌السلام (٢).

__________________

(١) عنه في بحار الأنوار ١١ : ٢٤٣ / ٣٦ وقصص الأنبياء للجزائريّ : ٦٨ ، وورد قريب منه في روضة الواعظين : ٤٧ عن ابن عبّاس.

(٢) عنه في بحار الأنوار ١١ : ٢٤٣ / ٣٧ ، وقصص الأنبياء للجزائريّ : ٦٨ ، وورد قريب منه في روضة الواعظين : ٤٧ عن ابن عبّاس.

٢٣٥
٢٣٦

الباب الثّاني :

في نبوّة ادريس ونوح عليهما‌السلام

٢٣٧
٢٣٨

[نبي الله إدريس عليه‌السلام وملك زمانه]

[٦٤ / ١] ـ أخبرنا السيّد أبو الصمصام ذو الفقار بن محمّد بن معبد الحسني (١) ، حدّثنا الشيخ أبو جعفر الطوسيّ ، حدّثنا الشيخ المفيد أبو عبد الله ، حدّثنا الشيخ أبو جعفر بن بابويه ، حدّثنا أبي ، حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن أبيه ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال : كان نبوّة إدريس عليه‌السلام أنّه كان في زمنه ملك جبّار ، وأنّه ركب ذات يوم في بعض نزهه (٢) ، فمرّ بأرض خضرة نضرة لعبد مؤمن فأعجبته ، فسأل وزراءه لمن هذه؟ فقالوا : لفلان ، فدعا به ، فقال له : أمتعني بأرضك هذه.

فقال : عيالي أحوج إليها منك ، فغضب الملك وانصرف إلى أهله.

وكانت له امرأة من الأزارقة يشاورها في الأمر إذا نزل به ، فخرجت إليه فرأت في وجهه الغضب ، فقالت : أيّها الملك ، إنّما يغتمّ ويأسف من لا يقدر على التغيير ، فإن كنت تكره أن تقتله بغير حجّة فأنا أكفيك أمره وأصيّر أرضه بيدك

__________________

(١) في النسخ : (ذو الفقار بن أحمد بن معبد الحسيني) ، والصحيح ما أثبتناه (لاحظ : عمدة الطالب : ١٠١ ، الفهرست لمنتجب الدين : ٧٣ / ١٥٧).

(٢) في «ص» : (نزهة) بالنقطتين على الأخير.

٢٣٩

بحجّة لك فيها العذر عند أهل مملكتك (١).

فقال : ما هي؟

قالت : أبعث أقواما من أصحابي الأزارقة حتّى يأتوك به ، فيشهدون لك عليه عندك أنّه قد برئ من دينكم ، فيجوز لك قتله وأخذ أرضه ، قال : فافعلي ـ وكان أهلها يرون قتل المؤمنين ـ فأمرتهم بذلك ، فشهدوا عليه أنّه (٢) برئ من دين الملك ، فقتله واستخلص أرضه.

فغضب الله تعالى للمؤمن فأوحى إلى إدريس عليه‌السلام أن ائت عبدي الجبّار فقل له : أما رضيت أن قتلت عبدي المؤمن ظلما حتّى استخلصت أرضه ، فأحوجت عياله من بعده وأوجعتهم (٣) ، أما وعزّتي لأنتقمنّ له منك في الآجل ، ولأسلبنّك ملكك في العاجل ، ولأطعمنّ الكلاب من لحمك ، فقد غرّك حلمي ، فأتاه إدريس عليه‌السلام برسالة ربّه ، وهو في مجلسه وحوله أصحابه.

فقال الجبّار : اخرج عنّي يا إدريس ، ثمّ أخبر امرأته بما جاء به إدريس صلوات الله عليه ، فقالت : لا تهولنّك رسالة إدريس ، أنا أرسل إليه (٤) من يقتله وأكفيك أمره ، وكان لإدريس صلوات الله عليه أصحاب مؤمنون يأنسون به ويأنس بهم ، فأخبرهم بوحي الله ورسالته إلى الجبّار ، فخافوا على إدريس منه.

ثمّ بعثت امرأة الجبّار أربعين رجلا من الأزارقة ليقتلوا إدريس ، فأتوه فلم يجدوه في مجلسه ، فانصرفوا ورآهم أصحاب إدريس ، فأحسّوا بأنّهم يريدون قتل إدريس عليه‌السلام ، فتفرّقوا في طلبه وقالوا له : خذ حذرك يا إدريس ، فتنحّى

__________________

(١) في «ص» : (مملكته).

(٢) في «ر» زيادة : (قد).

(٣) في «ر» وسعد السعود : (أجعتهم) وفي «ص» : (أوجعتهم).

(٤) قوله : (إليه) ليس في «ر» «س» «ص» وسعد السعود.

٢٤٠