البرهان على عدم تحريف القرآن

السيد مرتضى الرضوي

البرهان على عدم تحريف القرآن

المؤلف:

السيد مرتضى الرضوي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: الإرشاد للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٤

وكل سورة من سوره ، وكل آية من آياته متواتر مقطوع به ، ولا ريب فيه دلت عليه الضرورة ، والعقل ، والنقل القطعي المتواتر.

هذا هو القرآن عند الشيعة الإمامية ، ليس إلى القول فيه بالنقيصة فضلا عن الزيادة سبيل ، ولا يرتاب في ذلك إلّا الجاهل ، أو المبتلى بالشذوذ (١).

رأي العلامة الشيخ محمد جواد مغنية (٢)

قال : ويستحيل أن تناله يد التحريف بالزيادة ، أو بالنقصان للآية : ٩ ـ الحجر : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) وللآية ٤٢ من فصلت : (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ.)

ونسب إلى الإمامية افتراء وتنكيلا نقصان آيات من القرآن ، مع أنّ علماءهم المتقدمين ، والمتأخرين الذين هم الحجة ، والعمدة قد صرّحوا : بأنّ القرآن هو ما في أيدي الناس لا غيره (٣).

__________________

(١) مع الخطيب في خطوطه العريضة : ص ٤٠ الطبعة الثالثة (عام ١٣٨٩ ه‍).

(٢) الشيخ محمد جواد مغنية ولد (سنة ١٣٢٢ ه‍) في قرية (طير دبّا) من جبل عامل وتوفي في (٢١ محرم سنة ١٤٠٠ ه‍) في بيروت ـ لبنان.

درس على شيوخ قريته ثم سافر إلى النجف فأنهى هناك دراسته وكان من أبرز أساتذته : السيد حسين الحمامي ثم عاد إلى جبل عامل فسكن قرية (طير حرفا) ثم عيّن قاضيا شرعيا في بيروت ثم مستشارا للمحكمة الشرعية العليا فرئيسا لها بالوكالة ... فنجح في إقصائه عن الرئاسة ثم أحيل للتقاعد فانصرف إلى التأليف فأخرج العديد من المؤلفات من أهمها : (الفقه على المذاهب الخمسة) ، و (فقه الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام) في ستة مجلدات ، و (التفسير الكاشف) وهو تفسير مطول للقرآن و (في ظلال نهج البلاغة) وهو شرح له ، و (والتفسير المتين) وغير ذلك. انظر : (أعيان الشيعة : ٩ / ٢٠٥ ط بيروت عام ١٤٠٣ ه‍).

(٣) الشيعة في الميزان ص ٣١٤ ط. بيروت.

٢٦١
٢٦٢

دفاع شيوخ الأزهر

وعلمائه عن الشيعة الإماميّة

وقد أوردنا في هذا الكتاب ما وصل إلينا مما كتبه شيوخ الأزهر الشريف من : الشيخ سليم البشري حتى الشيخ محمد محمد النجار ، ومن جاء بعدهم من علماء الأزهر الشريف وغيرهم عن فقه الشيعة الإمامية وعن تفسير القرآن الكريم وعن سائر العلوم الإسلامية خلال نصف قرن.

وإلى القارىء الكريم نص ما كتبوه :

٢٦٣
٢٦٤

الشيخ محمود شلتوت

في قرية منية بني منصور بمحافظة البحيرة ولد المرحوم الشيخ محمود شلتوت (عام ١٨٩٣ م) ، حيث حفظ القرآن الكريم ، ثم التحق بمعهد الإسكندرية الديني (عام ١٩٠٦ م) ... وفي عام (١٩١٨ م) نال شهادة العالمية النظامية ، وعين مدرسا بمعهد الإسكندرية ، ثم نقل للتدريس بالقسم العالي ، واشتغل رحمه‌الله تعالى بالمحاماة في الفترة من (عام ١٩٣١ م) حتى (عام ١٩٣٥ م) ... وفي (عام ١٩٤٢ م) نال عضوية جماعة كبار العلماء ، وتدرج في مناصب الأزهر حتى اختير شيخا للأزهر في اكتوبر (عام ١٩٥٨ م).

وقد مثل الشيخ شلتوت الأزهر في عدة مؤتمرات دولية ومحلية ، وشارك في نشاط كثير من الهيئات الرسمية والمؤسسات التي تهتم

٢٦٥

بالتربية والتدين ونشر الفضلة ، كما أسهم ـ رحمه‌الله ـ في التوجيه العام بمقالاته وبحوثه وأحاديثه التي كانت تنقلها عنه أجهزة الإعلام المختلفة.

ومن مؤلفاته :

* فقه القرآن والسنة.

* مقارنة المذاهب.

* منهج القرآن في بناء المجتمع.

* المسؤولية المدنية والجنائية في الشريعة الإسلامية

* القرآن والقتال.

القرآن والمرأة.

* تنظيم النسل.

* تنظيم العلاقات الدولية في الإسلام

* الإسلام والوجود الدولي للمسلمين.

* الإسلام عقيدة وشريعة.

* الفتاوى.

* من توجيهات الإسلام.

* تفسير القرآن.

* إلى القرآن.

* الإسلام والتكافل الاجتماعي (١).

__________________

(١) الأزهر في ١٢ عاما ص ٧١ ـ ٧٢ طبع الدار القومية للطباعة والنشر عام ١٩٦٤ م.

٢٦٦

مكتب شيخ الأزهر

بسم الله الرحمن الرّحيم

نص الفتوى

التي أصدرها السيد صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر

الشيخ محمود شلتوت

في شأن جواز التعبد بمذهب الشيعة الإمامية

قيل لفضيلته :

إن بعض الناس يرى أنّه يجب على المسلم لكي تقع عباداته ، ومعاملاته على وجه صحيح أن يقلّد أحد المذاهب الأربعة المعروفة ، وليس من بينها مذهب الشيعة الإمامية ، ولا الشيعة الزيديّة فهل توافقون فضيلتكم على هذا الرأي على إطلاقه فتمنعون تقليد مذهب الشيعة الإمامية مثلا.

فأجاب فضيلته :

١ ـ إنّ الإسلام لا يوجب على أحد من أتباعه اتّباع مذهب معين بل نقول :

إنّ لكل مسلم الحق أن يقلد بادىء ذي بدء أيّ مذهب من المذاهب المنقولة نقلا صحيحا ، والمدوّنة أحكامها في كتبها الخاصة ولمن قلّد مذهبا من هذه المذاهب أن ينتقل إلى غيره ـ أي مذهب كان ـ ولا حرج عليه في شيء من ذلك.

٢ ـ إنّ مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعا كسائر مذاهب أهل السنة.

٢٦٧

فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك ، وأن يتخلّصوا من العصبيّة بغير الحق لمذاهب معيّنة فما كان دين الله ، وما كانت شريعته بتابعة لمذهب ، أو مقصورة على مذهب ، فالكل مجتهدون مقبولون عند الله تعالى يجوز لمن ليس أهلا للّنظر ، والاجتهاد تقليدهم ، والعمل بما يقررونه في فقههم ، ولا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات.

محمود شلتوت

وإلى القارىء الكريم نص الفتوى مصورة بالزينكو غراف عن الأصل.

٢٦٨

فقه الشيعة الإمامية

قامت وزارة الأوقاف المصرية (عام ١٣٧٧ ه‍) بنشر كتاب : «المختصر النافع» في فقه الإمامية وإلى القارىء الكريم نص كلمة الوزارة للطبعة الثانية من الكتاب :

بسم الله الرّحمن الرّحيم

لم يكن في الحسبان أن تنفد الطبعة الأولى ـ وكانت خمسة آلاف نسخة ـ من هذا الكتاب في هذه المدّة القصيرة. لكن الإقبال على اقتنائه ، كان أكثر ممّا نتصوّر ، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على روح الإنصاف ، ونبذ التعصّب ، وحسن الاستعداد للأخذ بفكرة التقريب.

وأمام كثرة الطلبات التي ترى باستمرار من الداخل ، ومن شتّى البلاد الإسلامية ، رأت وزارة الأوقاف الأخذ باقتراح (دار التقريب بين المذاهب الإسلامية) ، في إعادة طبعه ، بعد ما أضافت إلى هذه الطبعة الجزء الباقي من الكتاب.

ووزارة الأوقاف إذ تعيد تقديم «المختصر النافع» يسرّها ما ترى

٢٦٩

من نضوج في الوعي ، يتّفق مع الروح الإسلامية الصحيحة ، ويؤدّي إلى تحقيق معنى الوحدة بين المسلمين (١).

ذو الحجة سنة ١٣٧٧ ه‍.

__________________

(١) منقول من الصفحة الثالثة من الكتاب.

٢٧٠

إشراف لجنة من العلماء لتحقيق نصوص الكتاب

وإلى القارىء الكريم نص ما جاء في ص ٢٤ من «المختصر النافع» من الطبعة الثانية منه :

قام بمراجعة النسخة الخطيّة «للمختصر النافع» وتحقيق نصّها ، والمقابلة بينها وبين أصولها للمؤلف وغيره ، والإشراف على إخراج الكتاب لجنة علميّة من حضرات السادة :

صاحب الفضيلة الشيخ محمّد محمّد المدني

رئيس قسم العلوم الإسلامية في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة

صاحب الفضيلة الشيخ عبد العزيز محمد عيسى

أستاذ الفقه المساعد في كلية الشريعة بالأزهر الشريف

صاحب الفضيلة الشيخ عبد الجواد البنّا

الأستاذ بقسم البعوث الإسلامية بالأزهر الشريف

صاحب الفضيلة الشيخ محمّد الغزالي

مدير إدارة تفتيش المساجد بوزارة الأوقاف

٢٧١

صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ سيد سابق

مدير إدارة الثقافة بوزارة الأوقاف ..

وقدّم الكتاب :

صاحب الفضيلة العلامة الكبير وزير الأوقاف آنذاك

الشيخ أحمد حسن الباقوري

وإلى القارىء الكريم نص التقديم :

٢٧٢

بسم الله الرّحمن الرّحيم

كلمة صاحب الفضيلة السيد وزير الأوقاف

قضية السنة والشيعة ، هي في نظري قضية إيمان وعلم معا.

فإذا رأينا أن نحل مشكلاتها على ضوء من صدق الإيمان ، وسعة العلم فلن تستعصي علينا عقدة ، ولن يقف أمامنا عائق.

أما إذا تركنا ـ للمعرفة القاصرة ، واليقين الواهي ـ أمر النظر في هذه القضية ، والبتّ في مصيرها ، فلن يقع إلّا الشرّ.

وهذا الشرّ الواقع إذا جاز له أن ينتمي إلى نسب ، أو يعتمد على سبب فليبحث عن كل نسب في الدنيا ، وعن كل سبب في الحياة ، إلّا نسبا إلى الإيمان الصحيح ، أو سببا إلى المعرفة المنزّهة.

* * *

نعم : قضية علم وإيمان ...

فأما إنّها قضيّة علم ، فإن الفريقين يقيمان صلتهما بالإسلام على الإيمان بكتاب الله وسنّة رسوله ، ويتفقان اتفاقا مطلقا على الأصول الجامعة في هذا الدين فيما نعلم ، فإن اشتجرت الآراء بعد ذلك في

٢٧٣

الفروع الفقهيّة ، والتشريعيّة ، فإن مذاهب المسلمين كلّها سواء في أن للمجتهد أجره ، أخطأ أم أصاب.

وثبوت الأجر له قاطع بداهة في إبعاد الظنّة ، ونفي الريبة أن تناله من قرب ، أو بعد على أن الخطأ العلمي ـ وتلك سماحة الإسلام في تقديره ـ ليس حكرا على مذهب بعينه ، ومن الشطط القول بذلك.

وعند ما ندخل مجال الفقه المقارن ، ونقيس الشقّة الّتي يحدثها الخلاف العلمي بين رأي ورأي. أو بين تصحيح حديث وتضعيفه ، نجد أن المدى بين الشيعة والسنّة كالمدى بين المذهب الفقهي لأبي حنيفة ، والمذهب الفقهي لمالك ، أو الشافعي ، أو المدى بين من يعملون بظاهر النّص ومن يأخذون بموضوعه وفحواه ، ونحن نرى الجميع سواء في نشدان الحقيقة وإن اختلفت الأساليب.

ونرى الحصيلة العلمية لهذا الجهد الفقهي جديرة بالحفاوة وإدمان النّظر ، وإحسان الدراسة ، فهي تراث علمي مقدور مشكور ...

وأما إنها قضية إيمان فإنّي لا أحسب ضمير مسلم يرضى بافتعال الخلاف ، وتسعير البغضاء بين أبناء أمة واحدة ، ولو كان ذلك لعلّة قائمة.

فكيف لو لم تكن هناك علّة قط؟.

كيف يرضى المؤمن الصادق الصلة بالله أن تختلق الأسباب اختلافا لإفساد ما بين الأخوة ، وإقامة علائقهم على اصطياد الشبه ، وتجسيم التوافه ، وإطلاق الدعايات الماكرة ، والتغرير بالسذّج والهمل.

هب ذلك يقع فيه امرؤ تعوزه التجربة ، وتنقصه الخبرة ، فكيف تقع فيه أمّة ذاقت الويلات من شؤم الخلاف ، ولم يجد عدوّها ثغرة للنفاذ إلى صميمها إلّا من هذا الخلل المصطنع عن خطأ أو تهوّر ...

٢٧٤

ولقد رأينا مع بعض رجال التقريب أن نقوم بعمل إيجابي لعلّه أن يكون حاسما ، سدّا لهذه الفجوة التي صنعتها الأوهام ، بل إنهاء لهذه الفجوة التي خلقتها الأهواء ، فرأيت أن تتولّى وزارة الأوقاف ضمّ المذهب الفقهي للشيعة الإمامية إلى فقه المذاهب الأربعة المدروسة في مصر ، وستتولّى إدارة الثقافة تقديم أبواب العبادات ، والمعاملات من هذا الفقه الإسلامي إلى جمهور المسلمين.

وسيرى أولو الألباب عند مطالعة هذه الجهود العلميّة أن الشّبه قريب بين ما ألفنا من قراءات فقهيّة ، وبين ما باعدتنا عنه الأحداث السيّئة.

* * *

وليس أحب إلى نفسي من أن يكون هذا العمل فاتحة موفّقة لتصفية شاملة تنقي تراثنا الثقافي ، والتاريخي من أدران علقت به وليست منه.

وأحسب أن كلّ بذل في هذا السبيل مضاعف الأجر مذخور عند الله جلّ شأنه ، وأن الثمرات المرتقبة منه في عاجل أمرنا وآجله تغري بالمزيد من العناية ، والمزيد من التحمّل والمصابرة.

على أنه لن ينجح في هذا المجال إلّا من استجمع خلّتين اثنتين : سعة القلم ، وصدق الإيمان.

إنّ الأصالة الفكرية في مجال البحث عن الحق وتعليمه ، تلتقي مع متانة الخلق ، وبراءة النفس من العقد والعلل .. والثروة الطائلة من الثقافة تورث النّفس رحابة تشبه الرحابة التي يورثها الإيمان الخالص النقي.

ذلك أن الحصيلة العلمية الضخمة تجعل صاحبها بعيد منادح

٢٧٥

النّظر ، وتجعله يعرف ـ عن خبرة ـ آراء معارضيه ، وكيف تكوّنت هذه الآراء ، ومدى ما للملابسات المختلفة من عمل في تكوينها ...

وصدق الإيمان يجعل المسلم بادي التلطّف مع الناس ، حذرا من قطع أواصرهم ، لبقا في بيان الحق والدعوة إليه ، أمنيته الغالية أن تنشرح الصدور بالهدى ، وأن تنأى عن مواطن الردى ... هيهات أن يشمت ، أو يعتد ، أو يحقد ، أو يشارك في مراء وهو يريد لنفسه الغلب ، ويبغي لصاحبة العطب ، كلا كلا ، فشرط الإخلاص لله ينفي هذا كلّه ...

ونحن المسلمين بحاجة ماسة إلى أن نبني علاقاتنا على هذه الأسس وأن نزيح من طريقنا إلى المستقبل الطيّب ما خلّفته الأيام والأهواء من عقبات.

والله وليّ التوفيق ، وهو المسؤول أن يتدارك برحمته أمّتنا ، وأن يقيها عوادي السوء ، ومغبّات التفرّق والانقسام ... (١).

أحمد حسن الباقوري

__________________

(١) المختصر النافع في فقه الإمامية مقدمة الطبعة الثانية طبع وزارة الأوقاف بمصر.

٢٧٦

الشيخ أحمد حسن الباقوري (١)(*)

وزير الأوقاف المصرية في عهد عبد الناصر

وزارة الأوقاف

السيد الأستاذ مرتضى الرّضوي.

السلام عليكم ورحمة الله وبعد.

فإني أشكر لك جهدك الّذي بذلت في إخراج كتاب «وسائل الشيعة ومستدركاتها» كما أشكر لك قصدك الطيّب من إخراج هذا الكتاب الّذي نرجو أن يفتح طريقا جديدا من طرق التقريب بين جماعات المسلمين ، فما تفرّق المسلمون في الماضي إلّا لهذه العزلة العقليّة التي قطعت أواصر الصّلات بينهم ، فساء ظنّ بعضهم ببعض وليس هناك من

__________________

(١) الأستاذ الباقوري حرّر هذا الكلام عند ما كان وزيرا للأوقاف في جمهورية مصر العربية بتاريخ (١٥ / ٢ / ١٩٥٨ م).

(*) الشيخ أحمد حسن : ولد في (باقور) في الصّعيد الأعلى ، وتخرّج في الأزهر الشريف ، وأصبح من علمائها الأعلام ، وعيّن وزيرا للأوقاف بعد ثورة (يوليو ١٩٥٢ م). ونجح في إدارة دفّة وزارة الأوقاف مدة طويلة.

من آثاره : مع كتاب الله ، مع الصائمين.

سعى في نشر كتاب : المختصر النافع في فقه الشيعة الإمامية ، وله تقديم لكتاب العلم يدعو للإيمان. وله مشاركة واسعة في المقالات الأدبيّة وهو من رجال الفكر الإسلامي. (مع رجال الفكر في القاهرة).

٢٧٧

سبيل للتعرّف على الحق في هذه القضيّة إلّا سبيل الاطّلاع والكشف عمّا عند الفرق المختلفة من مذاهب وما تدين به من آراء. ليهلك من هلك عن بيّنة ، ويحيى من حيّ عن بيّنة.

والخلاف بين السنيّين والشيعيّين خلاف يقوم أكثره على غير علم ، حيث لم يتح لجمهور الفريقين اطّلاع كلّ فريق على ما عند الفريق الأخر من آراء وحجج.

وإذاعة فقه الشيعة بين جمهور السنيّين ، وإذاعة فقه السنيّين بين جمهور الشيعة من أقوى الأسباب وآكدها لإزالة الخلاف بينهما ، فإن كان ثمّة خلاف فإنّه يقوم بعد هذا على رأي له احترامه ، وقيمته.

لهذا فإن إخراج مثل هذا الكتاب عمل يستحق القائم عليه شكرا وتقديرا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وزير الأوقاف

أحمد حسن الباقوري

٢٧٨

الشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف (*)

الأستاذ بكلّية الشريعة بجامعة الأزهر

الشيعة والفقه الإسلامي

اختلفت مصادر الفقه الإسلامي وأصبح للشيعة أصول خاصة من تفسير أئمّتهم لكتاب الله ، ومن السّنة المتّصلة برجالهم لأنّهم الموثوقون على أخبار أئمتهم وتنزيلها منزلة الوحي لعصمتهم ، وانقطعوا عن النظر في أخبار أهل السّنة وقواعد استنباطهم. ففي فقه آل البيت ما يكفل للمستفيد حاجته من الأحكام وشمولها لكل شؤونه مع ورع ، وأدب منقول عن أئمّتهم الّذين لم تظهر منهم عصبيّة ولا إسراف.

وتجدون لعلمائهم اليد ، والفكرة الصّائبة في كثير من الأحكام

__________________

(*) الشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف : ولد في ديروط الشريف بصعيد مصر في (١٥ / ٨ / ١٩٠٦ م) وتخرج في الأزهر الشريف ، وحاز على درجة الدكتوراه (العالميّة) في الأزهر ، وعين وكيلا في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر الشريف.

من آثاره : (شرح الموطأ للسيوطي) برواية محمد بن الحسن الشيباني ، و (تدريب الراوي) في جزئين ، (المختصر في علم رجال أهل الأثر) ، (التكملة في تواريخ العلماء والنقلة) ، وهذان الكتابان أهداهما لي المؤلف في إحدى زياراتي له بداره القديمة في حي السيدة زينب عليها‌السلام ، وغيرها.

توفي (في ٢ / ٥ / ١٩٧٠ م) ودفن في ديروط الشريف في وجه قبلي صعيد مصر. (مع رجال الفكر في القاهرة).

٢٧٩

الّتي تتحقّق بها مقاصد الشريعة ، وإن كانت لا تخضع كثيرا لقوانين الاستنباط عند أهل السنة.

ومن مؤلفاتهم الّتي تتجلّى فيها تلك الحقائق كتاب : «وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة» فإنه جامع لشتات المسائل من هذا الفن ومؤلفه الحرّ العاملي (١) ممّن جمع مع الفقاهة إجادة التأليف ـ وقد كمل الانتفاع به بانضمام مستدركه : «مستدرك الوسائل» للميرزا حسين النوري فإنّه أرجع أحكامه إلى الأصول ، وأفسح المنهاج به للمتعلّمين والعاملين.

ومع ذلك فالخلاف في الفروع ليس بالشيء الكثير فمن قرأ كتاب : «الانتصار» للسيد المرتضى علم أنّه ما اختلف فيع الشيعة ، وأهل السنّة من الأحكام قليل ، واختلاف الرأي بين العلماء لا يصحّ أن يكون سببا مانعا من العلم بأسرار الاستنباط ، والوقوف على وجهات الأنظار في التخريج والاعتبار ، وليس هو كذلك مباعدا بين العلماء ، ولا موسّعا بهوّة الخلاف.

فإن أهل السنّة فيهم المذاهب الفقهية المتعدّدة ولكنّهم يستفيدون ملكة الفقه بالاطلاع على الكتب التي تختصّ بعلم الخلاف ، والفقه المقارن.

وليس أضرّ على الدين من العصبيّة ، ولا أشدّ فتكا بالعقول والرّجال من سوء الظنّ والأنانيّة.

فالفقه الإسلامي لكلّ المكلّفين شريعة واحدة يتعبّد بها أهل الأمصار على اختلاف الأنظار فيا حبّذا لو تبادل الشيعة ، وأهل السنة ما

__________________

(١) هو : العلّامة الكبير الشيخ محمد بن الحسن بن علي المشهور بالحرّ العاملي. راجع ترجمته في معجم المؤلفين للأستاذ عمر رضا كحالة : ٩ / ٢٠٤ طبع بيروت.

٢٨٠