البرهان على عدم تحريف القرآن

السيد مرتضى الرضوي

البرهان على عدم تحريف القرآن

المؤلف:

السيد مرتضى الرضوي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: الإرشاد للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٤

كلمة الإمام الخميني

حول وحدة المسلمين

من زاوية المستشفى ، أنادي الشعوب الإفريقية ، والشرق الخاضع لسلطة الأجانب ، والبلدان التي ترضخ للظلم ، أن يتّحدوا.

لقد سعى العقلاء وعلماء الإسلام ، منذ صدر الإسلام إلى الآن ، لكي يتّحد المسلمون جميعا ، ويصبحوا يدا واحدة على غير المسلمين. أينما وجد مسلم ، فعليه أن يتفاهم مع سائر المسلمين.

يا أيّها الزعماء ، يا مندوبي الدول المجتمعين في الجزائر العزيزة :

تعالوا نتحد لنقطع أيدي المجرمين من اليسار واليمين وعلى رأسهم أمريكا ولنقطع جذور إسرائيل ونعطي شعب فلسطين حقوقه.

إن الثورة العظيمة للشعب الإيراني المناضل الشريف جاءت بعد قيام الثورات التحرريّة الأصيلة للشعوب المناضلة في العالم ، وخصوصا الشعب الجزائري الشفيق البطل ، الذي كان سببا في طرد أكبر السلطات الشيطانية وأتمنّى أن يكون دليلا لبقية الأمم المستضعفة ، ومسلمي العالم ، ليتحدوا جميعا ويتعاونوا في قطع سيطرة المستعمرين خصوصا الشيطان الأكبر أمريكا ، عن شعوبهم.

١٤١

أتمنى أن تتّحد الدول الإسلاميّة مع بعضها اتحادا كاملا فيقطعوا أيادي الإستعمار الشرقي والغربي خصوصا أمريكا عنها.

أتمنى أن تتحد الشعوب الإسلامية ويتعاونوا أكثر من ذي قبل فينتصروا على أعدائهم ، في الداخل والخارج ، ويخرجوا من سيطرة المستعمرين في الشرق ، والغرب خصوصا أمريكا.

أتمنى أن يتمكن المسلمون في العالم بالإستلهام من أحكام الشرع المقدس من قطع أيادي الاستعمار عن بلدانهم ، وتحقيق الأهداف السامية للإسلام في أسرع وقت.

على المسلمين أن يكونوا يدا واحدة على من سواهم ، وأن يتحدوا ويجتمعوا ، ولا يعتبروا أنفسهم منفصلين عن بعضهم.

المسلمون مع بعضهم يملكون قوة كبيرة وذخائر جمّة فلو اجتمعوا ، واتحدوا مع بعضهم فلا يحتاجون إلى أيّة دولة مع كثرة عددهم ، ووفرة ثرواتهم.

أتمنّى من الله أن يستيقظ المسلمون ويتحدوا ويكونوا إخوة مع بعضهم ، ويكفّوا عن الخلافات.

الحكومات تمتنع عن الخلافات ، الشعوب يكونوا متحدين.

أسأل الله أن يرفع هذه المشاكل إن شاء الله ليكون المسلمون يدا واحدة.

إنّ سرورنا يكتمل في اليوم الّذي تقطع سلطة المستعمرين من الشرق والغرب ، وخصوصا أمريكا المتجبّرة ، من رؤوس المسلمين ويتمكن جميع أتباع المدرسة الإسلامية المقدّسة من كسب الاستقلال ، واسترجاع عظمتهم ، وشوكتهم ، وذلك بالأخوّة والتحابب الكامل فيما بينهم.

١٤٢

أتمنى من الله أن يوفق جميع الشعوب المستضعفة في العالم إلى الحريّة الكاملة ، والغلبة على المعتدين وخصوصا أمريكا المتجبّرة ، وأتمنّى أن تتسارع الدول إلى مساعدة ، ومعاونة شعوبها في هذا الطريق المقدس ، وبالأخوة والوحدة يقطعون جذور الاستعمار من بلادهم.

من الوظائف في هذا الاجتماع العظيم (الحج) دعوة الناس والمجتمعات الإسلامية إلى وحدة الكلمة ، ورفع الخلافات بين طبقات المسلمين ، وعلى الخطباء والكتاب أن يبدأوا العمل في هذه المسألة الحيويّة ، ويجدّوا في إيجاد جبهة المستضعفين ، حتى يتمكنوا من الخروج من أسر القوى الشيطانية للأجانب والمستعمرين ، والاستغلالييّن ، وذلك بوحدة الكلمة ، وبشعار لا إله إلّا الله ، ويستطيعوا بالأخوة الإسلامية أن يتغلّبوا على مشاكلهم.

يا أيها المسلمون في العالم ويا أتباع التوحيد : إنّ جميع مشاكل البلاد الإسلامية تنبع من التفرقة واختلاف الكلمة ، وإن سرّ الانتصار يكمن في وحدة الكلمة ، وإيجاد التعاون.

قال الله تعالى في جملة واحدة : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا.)

الاعتصام بحبل الله يعني وحدة جميع المسلمين. كلّنا للإسلام ، ولا بد أن نعمل لصالح المسلمين ، ونتجنّب التفرقة ، والتشتت الذي هو أساس جميع المصائب والتخلفات.

لا تخشوا القوى الفارغة من الإيمان ، وبالاتكال على الله تعالى في هذه المواقف العظيمة (مواقف الحج) اتحدوا واتفقوا مقابل جنود الشرك ، والشيطان ، وتجنّبوا النزاع والتفرقة.

أيها المسلمون والمستضعفون في العالم : اتحدوا وتوجهوا إلى الله

١٤٣

والجأوا إلى الإسلام وتهجّموا على المستكبرين والمعتدين على حقوق الشعوب.

يا زوار بيت الله اتّحدو مع بعضكم في المواقف ، والمشاعر الإلهية واطلبوا من الله النصر للإسلام والمسلمين ومستضعفي العالم.

يجب علينا جميعا أن نزجر الأعداء ونجعل شعارنا : الوحدة الإسلامية ، سوف ننتصر بالوحدة تحت لواء لا اله إلا الله. ولا يمكن للمسلمين أن ينتصروا إلا بعد أن يعرفوا سرّ الانتصار في إيران.

إنّ المصيبة الكبرى للمسلمين هي البعد عن الإسلام والقرآن ، وإذا كان المسلمون يعملون حسب أمر الله تبارك وتعالى إذ يقول : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا.)

إذا كانوا يعملون بهذا الأمر وهذا النهي لارتفعت جميع مشاكلهم السياسية ، والاجتماعية ، والاقتصادية ، ولا تستطيع قوة ، ولا قدرة أن تقابلهم.

يبلغ عدد المسلمين قرابة مليار مسلم ، فلماذا يحتل الصهاينة قدسنا مع أنّنا نملك مليارا من البشر ولماذا تبقى الحكومات الأخرى تحت سلطة الأجانب.

فلو اتحد هؤلاء مع بعضهم لكوّنوا حكومة كبيرة ، كل دولة تحكمها حكومتها ، والجميع نذهب تحت حكومة الإسلام.

أحكام الإسلام كلها صحيحة ، وقد أمرنا الإسلام أن نكون متحدين مع بعضنا ولا نتفرّق.

إذا اتّحدت الشعوب فلا تستطيع حكومة ولا قوة أن تتغلب عليها.

المسلمون كلهم اخوة متساوون ، ولا يختلف أحد عن الآخر ، ويجب أن يكونوا جميعا تحت لواء الإسلام والتوحيد.

١٤٤

لو كانت هناك وحدة كلمه إسلامية ، لما كان من المعقول أن يعيش مليار نسمة في العالم الإسلامي تحت سلطة القوى الاستعمارية.

لو كانت هناك وحدة كلمة إسلامية ، لما كان من المعقول أن يعيش مليار نسمة في العالم الإسلامي تحت سلطة القوى الاستعمارية.

ولو كانت عزيمة الإيمان ، ووحدة الكلمة تنضمّان إلى هذه القوة لما تغلّبت عليها أية قوة مهما بلغت من العظمة.

يبتنى الإسلام على الأخوة والمساواة ، والوحدة ، فالمسلمون كلهم يد واحدة.

على الدول الإسلامية جميعا أن تكون متّحدة مع بعضها دون الأخذ بالاعتبار أيّة قوميّة ، أو أيّة لغة ، فلتكن جميعها مثل أسنان المشط كما يريد الإسلام ، لأنّهم لو اتحدوا لما وجّهت إليهم أيّة إصابة ولما استطاعت أيّة دولة أن تعتدي عليهم.

اتحدوا ... ففي ظل اتحادكم يكون انتصاركم مؤكدا على القوى لعظمى.

الإسلام دين الوحدة ، دين الأخوة ، ودين المساواة.

تعتبر إيران للشعوب المستضعفة مثلا يحتذى به ، فلتنظر هذه الأمم المستضعفة إلى الشعب الإيراني كيف وقف بيد مجرّدة وبقوّة الإيمان ووحدة الكلمة ، والتمسك بالإسلام ، أمام القوى العظمى ، واستطاع أن يهزمها فليقتد سائر الشعوب بهذا النموذج الإسلامي ، والإيماني ، ولينهض المسلمون بل المستضعفون في جميع أنحاء العالم.

مثلما يروي القرآن سيرة الأنبيآء ، يجب على المستضعفين أن

١٤٥

يتحدوا معا ، ويثوروا ضدّ المستكبرين ، ولا يسمحوا أن تضيّع حقوقهم.

لو اتحد المسلمون جميعا لاكتسبوا تلك القوة التي لا تستطيع أيّة قوى أخرى أن تقف في وجهها.

على المسلمين أن يكونوا صفا واحدا ، وأن يواجهوا القوى العظمى ، فلن تقدر أيّة قوة كبرى أن تقابلهم.

إنّني أطلب من جميع المسلمين في العالم ، وجميع الدول الإسلامية أن يتّحدوا مع بعضهم في سبيل قطع دابر هذا الغاصب (إسرائيل) والمدافعين عنه.

... ويا مستضعفي العالم : انهضوا وتوحّدوا ، وأبعدوا الظالمين عن الميدان ، فالأرض لله ويرثها المستضعفون.

أتمنّى أن يتأسّس حزب واحد باسم حزب المستضعفين في جميع أنحاء العالم وأن يشترك فيه جميع المستضعفين ، وأن يحلّوا المشاكل التي تعترض طريق المستضعفين وينهضوا في وجه المستكبرين والناهبين في الشرق والغرب.

لو اتحدت هذه القوة ... قوّة المائة مليون عربي لما استطاعت أمريكا أن تصنع شيئا ، ولما استطاعت أو روبا أيضا ، فلا أحد يقدر أن يفعل شيئا ، إلّا أن الدول العربيّة ليست متّحدة ...

نعم : إنّ ما يفعله أولئك (القوى العظمى) أنّهم لا يسمحون لهؤلاء أن يتحدوا.

إنّهم إذا أحسوا في أيّ حين أنّ الدول العربيّة تريد أن تتحد مع بعضها فإنهم يعملون على إبطال هذه الوحدة (١).

__________________

(١) كلمات ونداءات الإمام الخميني حول وحدة المسلمين ص ١١ ـ ١٩.

١٤٦

الأزهر

في ١٢ عاما

نشأة الأزهر وتطوره

الفاطميون وإنشاء الأزهر

للفاطميين أثران خالدان على مر الزمن ، هما : القاهرة والأزهر ، فقد أمر المعز لدين الله قائده جوهر الصقلي ، بعد إنشاء القاهرة ، بإنشاء الجامع الأزهر ، فأرسى قواعد في ٢٤ جمادي الأولى سنة ٣٥٩ ه‍ ، (٩٧٠ م) ، وصليت فيه أول جمعة في ٧ من رمضان سنة ٣٦١ ه‍.

الغرض من إنشاء الأزهر

أنشأ الفاطميون الجامع الأزهر ، ليكون المسجد الرسمي الجامع للقاهرة العاصمة الجديدة ، أسوة بالجامع الطولوني بالقطائع ، وبجامع عمرو بالفسطاط وليتلقى به الطلاب أصول المذهب الشيعي ، مذهب الدولة الحاكمة ، على أساتذة شيعيين ، وليكون مركزا لنشر الدعوة الفاطمية ، ومناهضة الخلافة العباسية في بغداد والخلافة الأموية في قرطبة ، بغية انتزاع زعامة العالم الإسلامي منهما.

١٤٧

تسميته

عرف الجامع الأزهر ، في أول الأمر ، باسم ـ جامع القاهرة ـ ثم سمي باسمه الحالي ، نسبة إلى السيدة فاطمة الزهراء ، بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والتي تنتسب إليها الدولة الفاطمية ، أو لعل هذا الإسم نسبة إلى كوكب الزهرة ، وكان يزمع إطلاق اسم الزهراء على مدينة القاهرة.

عمارة الأزهر وتطورها

أنشأ الجامع كما تقدم جوهر الصقلي ، بأمر من المعز لدين الله الفاطمي ، وجدد فيه الحاكم بأمر الله ، ثم أضاف إليه علاء الدين طيبرس المدرسة الطيبرسية ، ثم بنيت المدرسة الأقبغاوية ، التي أنشأها الأمير أقبغا ، وهي المقابلة للمدرسة الطيبرسية ، وتشغل مكانها الآن ، مكتبة الأزهر ، ثم أنشأ الأمير جوهر القنقبائي ، المدرسة الجوهرية ..

وممن جددوا في عمارة الأزهر السلطان قايتباي ، والسلطان قانصوه الغوري ، وعبد الرحمن كتخدا الذي جدد الجزء الأكبر من الأزهر.

وقد عني سلاطين المماليك ، وأمراؤهم ، وغيرهم ، في مختلف العهود بانشاء الأروقة العديدة منها أروقة الطيبرسية والأقبغاوية والأكراد والهنود والبغداديين والمغاربة والجاوة والشوام والدكارنة والصعايدة والبرابرة والشراقوة والحرمين وغير ذلك من الأروقة التي ضمت الكثير من طلاب البلاد الإسلامية في مختلف العهود.

١٤٨

مكانة الأزهر في العصور المختلفة

الأزهر في عهد الفاطميين

كان الأزهر في عهد الفاطميين ، يمثل ركنا هاما من أركان الحياة الإسلامية والرسمية في الدولة ، فبين جنباته ، كانت تقام الصلوات الخمس ، وصلاة الجمعة ، على حين كان جامع الدولة ، الذي يجتمع فيه الخلفاء بالشعب يوجهون ويأمرون ويعظون ، كما كان الخليفة يخطب فيه بنفسه ، خطب الجمع في رمضان ، وخطب العيدين.

وأول كتاب درس في الفقه بالأزهر ، كان على مذهب الشيعة ، وضعه أبو حنيفة النعمان بن محمد القيرواني ، قاضي المعز لدين الله. وفي عام (٩٧٥ م) أملى علي بن النعمان ، على جماعة بالأزهر ، مختصرا لكتاب والده سمي ب «الاختصار» وتوالى أبناء النعمان ، وهم من المغرب ، على التدريس بالأزهر. ودرس بالأزهر أيضا ، كتاب في الفقه الشيعي ، ألفه يعقوب بن كلس ، وزير المعز لدين الله ، والعزيز بالله ، وجعله أساسا لدروسه في شهر رمضان ، وكان يقرؤه بنفسه على العامة والخاصة ، ويجلس في حلقته الفقهاء والقضاة ، وأكابر رجال الدولة.

وكان ابن كلس أول من فكر في اتخاذ الأزهر ، معهدا علميا

١٤٩

للدراسة ، إذ استأذن العزيز بالله ، في تعيين جماعة من الفقهاء للتدريس بالأزهر.

ولقد أسهم الأزهر في عهدي المعز لدين الله ، والعزيز بالله ، بنصيب كبير في الحركة العلمية ، إذ كانت تعقد به ، حلقات لدراسة الدين واللغة والأدب والقراءات والنحو والمنطق والفلك.

وفي عهد الحاكم بأمر الله شاركت دار الحكمة الأزهر في الحياة العلمية. وكانت حلقات الدروس مجالا خصبا للبحث والجدل والمناظرة ، واختصت المسائل الدينية بالمكانة الكبرى في تلك الحلقات.

مستويات الدراسة بالأزهر في العصر الفاطمي

كانت الدراسة في حلقات الأزهر تجري على الأنماط الآتية :

١ ـ بعض الحلقات ، كان يجتمع فيها ، من رغبوا في الاستماع إلى تلاوة القرآن الكريم ، وشرحه ، وضمت هذه الحلقات ، من اتصفوا بالتقوى والورع ، وعنوا بتفهم كتاب الله.

٢ ـ وبعض الحلقات ، كان يجتمع فيها الطلاب ، حول المدرسين ، يملون عليهم المسائل العلمية ، ويجيبون على أسئلتهم ، ويتقبلون مناقشاتهم.

٣ ـ والبعض الثالث من الحلقات كان لمحاضرات تلقى في أيام الإثنين والثلاثاء ، وأغلب ما تكون هذه الحلقات للمثقفين ، وكانت تعقبها مناقشات في موضوع المحاضرة من فقه أو حديث أو تفسير.

٤ ـ وبعض الدروس ، كان يعقد للنساء اللائي أقبلن لتفهم بعض مسائل الدين.

١٥٠

الأزهر الجامع الرسمي للدولة

وبجانب ما كان يؤديه الأزهر ، من خدمات دينية وعلمية ، في العهد الفاطمي ، كان كذلك ، مركزا لتصريف بعض نواحي الحياة الرسمية في الدولة ، فكانت تعقد به الاجتماعات الهامة ، لكتابة صيغ الاتفاقات الرسمية ، كما كان مركزا للاحتفالات الرسمية ، كالاحتفال بمولد النبي الكريم ، صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والاحتفال بيوم عاشوراء ، وأيام الوقود.

من كل هذا ، تتجلى مكانة الأزهر ، في عهد الفاطميين ، تلك المكانة الدينية والعلمية والاجتماعية والرسمية ، التي كان له فيها جميعا مركز الصدارة ، منذ أرسيت قواعده (١).

وقال المستشار عبد الحليم الجندي :

قامت الدولة الفاطمية (نسبة إلى فاطمة الزهراء) في المغرب ثم مصر منتسبة إلى «إسماعيل» بن الإمام جعفر الصادق ، وكان قد مات في حياة الصادق ..

في بلاد المغرب ظهر عبيد الله المهدي مؤسس الدولة الفاطميّة سنة ٢٩٨ لتبقى دولة عظمى حتى سنة (٥٦٧ ه‍) فتحت جيوشها فسطاط مصر في ١٧ شعبان سنة ٣٥٨ (٧ / ٧ / ٩٦٩).

وفي ليلة الفتح وضع جوهر الصقلي قائد الجيش حجارة الأساس لمدينة القاهرة. وتم بناؤها في رمضان سنة (٣٧١ ه‍).

وفتح الأزهر للصلاة في الشهر ذاته وهو يوافق يونيو سنة (٩٧٢ ه‍).

__________________

(١) الأزهر في ١٢ عاما ص ١١ و ١٤ طبع الدار القومية للطباعة والنشر بالقاهرة.

١٥١

وفي صفر سنة (٣٦٥ ه‍) عقد القاضي أبو الحسن بن النعمان أول حلقاته في الجامع الأزهر ، فكان أول مدرس فيه ـ فدرس للناس مختصر أبيه في فقه آل البيت.

وفي سنة (٣٦٦ ه‍) عين أبو النعمان قاضيا للقضاة. فعرفت مصر هذه الوظيفة لأول مرة.

هكذا نشأ الأزهر معهدا شيعيّا. ثم صار جامعة لكلّ علوم الإسلام.

وهكذا نشرت الدولة الفاطمية ألوية الإسلام وعلوم الشيعة في مصر ، والشام ، والحجاز ، ووسط آسيا ، وأقامت مدينة القاهرة ، وأنشأت الجامع الأزهر ، وخطب لها في مكة والمدينة على المنابر.

وفي سنة (٤٥٠ ه‍) خطب لها الخطباء على منابر بغداد لمدة نحو عام (١).

وقال الإمام كاشف الغطاء نوّر الله ضريحه :

«من الواضح الغنيّ عن البيان ما وصلت إليه حالة المسلمين ، ولا سيّما في هذه القرون الأخيرة ، من الضعف والسقوط ، والذلّة ، وتحكّم الأجانب بهم واستعبادهم ، واستملاك أراضيهم ، وديارهم ، وجعلهم خولا وعبيدا ، يستعملونهم كاستعمال البهائم في مصالحهم ،

__________________

(١) خلفاء الدولة الفاطمية : عبيد الله المهدي ـ مؤسس الدولة ـ ٣٢٢ ـ المنصور ٣٤١ ـ المعز لدين الله ٣٦٥ ـ العزيز بالله ٣٨٦ ـ الحاكم بأمر الله ٤١٢ ـ الظاهر ٤٢٧ ـ المستنصر (من ٤٢٧ حتى ٤٨٧) ثم تعاقب الآمر ، والحافظ فالظاهر ، والفائز والعاضد ، وهو الذي أنهى صلاح الدين الدولة الفاطمية بخلعه سنة (٥٦٧ ه‍) .. وبالنفوذ الفاطمي تقوى الشيعة الإمامية في العراق ، وفارس.

الإمام جعفر الصادق ص (٣٨٠ ه‍) طبع المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة عام (١٣٩٧ ه‍).

١٥٢

ويستغلّونهم بوضع الأغلال في أعناقهم ، إلى ما فوق ذلك من الهوان والخسران ، ممّا لا يحيط به وصف واصف ، ولا تستطيع تصويره ريشة مصوّر ، كلّ ذلك جليّ واضح .. وإنّ السبب الوحيد هو تفرّق المسلمين ، وتباغضهم ، وتعاديهم ، وسعي كل طائفة منهم لتكفير الأخرى ، فإذا اعتقدوا كفرهم لا محالة يسعون في هلاكهم وإبادتهم ، ما هو إلّا الجهل المطبق ، والعصبيّة العمياء ، فالجهل يمدّهم ويطغيهم ، ومكابد الأجنبي المستعبد تشدّهم ، وتغرّ بهم ، وقد أفاضت أقلام الأعلام ، والخطباء وطفحت الصحف والمؤلفات في هذا الموضوع حتى أو شك أن يكون من الأحاديث التي صار يمجّها الطبع ، وينبو عنها السّمع ، لأن الطبع موكّل بمعاداة المعادات ، وكراهة المكرّرات» (١).

__________________

(١) أصل الشيعة وأصولها ص ٢٢ ط العاشرة طبعة القاهرة عام ١٣٧٧ ه‍.

١٥٣
١٥٤

نبذة من معتقدات الشيعة الإماميّة

قال الإمام كاشف الغطاء طاب ثراه :

إنّ الدّين ينحصر في قضايا خمس :

١ ـ معرفة الخالق.

٢ ـ معرفة المبلّغ عنه.

٣ ـ معرفة ما تعبّد به والعمل به.

٤ ـ الأخذ بالفضيلة ، وترك الرذيلة.

٥ ـ الاعتقاد بالمعاد والدينونة. فالدين علم وعمل ، و (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) والإسلام والإيمان مترادفان ، ويطلقان على معنى أعم يعتمد على ثلاثة أركان :

التوحيد والنبوّة والمعاد.

فلو أنكر الرجل واحدا منها فليس بمسلم ، ولا مؤمن ، وإذا دان بتوحيد الله ، ونبوّة سيّد الأنبياء محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، واعتقد بيوم الجزاء من آمن بالله ورسوله فهو مسلم حقا ، له ما للمسلمين وعليه ما عليهم دمه ، وماله حرام ، ويطلقان أيضا على معنى أخص يعتمد على تلك الأركان الثلاثة. وركن رابع وهو :

١٥٥

العمل بالدعائم التي بني الإسلام عليها وهي خمس :

الصلاة ، والصوم ، والزكاة ، والحج ، والجهاد.

وبالنظر إلى هذا قالوا :

الإيمان اعتقاد بالجنان ، وإقرار باللسان ، وعمل بالأركان.

(مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً.)

فكل مورد في القرآن اقتصر على ذكر الإيمان بالله ورسوله ، واليوم الآخر.

وكل مورد أضيف إليه العمل الصالح يراد به المعنى الثاني.

والأصل في هذا التقسيم قوله تعالى :

(قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا ، وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) (٤٩ / ١٤) وزاده إيضاحا بقوله بعدها :

(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا ، وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ ، وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) (٤٩ / ١٥).

يعني : أن الإيمان قول ويقين وعمل. فهذه الأركان الأربعة هي أصول الإسلام والإيمان بالمعنى الأخص عند جمهور المسلمين.

ولكن الشيعة الإمامية زادوا «ركنا خامسا» وهو : الاعتقاد بالإمامة.

يعني : أن يعتقد أنّ الإمامة منصب إلهي كالنبوّة ، فكما أن الله سبحانه يختار من يشاء من عباده للنبوة والرسالة ، ويؤيده بالمعجزة التي هي كنصّ من الله عليه.

(وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (٢٨ / ٦٨).

فكذلك يختار للإمامة من يشاء ، ويأمر نبيّه بالنّص عليه ، وأن

١٥٦

ينصبه إماما للناس من بعده للقيام بالوظائف التي كان على النبي أن يقوم بها سوى أنّ الإمام لا يوحى إليه كالنّبي ، وإنّما يتلقى الأحكام منه مع تسديد إلهي.

فالنّبي مبلّغ عن الله ، والإمام مبلغ عن النّبي. والإمامة متسلسلة في اثني عشر ، كلّ سابق ينصّ على اللّاحق.

ويشترطون ، أن يكون معصوما كالنّبي عن الخطأ والخطيئة. وإلّا زالت الثقة به والآية الكريمة من قوله تعالى :

(إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ، قالَ : وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ : لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (٢ / ١٢٤).

صريحة في لزوم العصمة في الإمام لمن تدبّرها جيدا.

وأن يكون أفضل أهل زمانه في كلّ فضيلة ، وأعلمهم بكلّ علم ، لأنّ الغرض منه تكميل البشر ، وتزكية النّفوس ، وو تهذيبها بالعلم ، والعمل الصالح.

(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) (٦٢ / ٢).

والناقص لا يكون مكمّلا ، والفاقد لا يكون معطيا.

فالإمام في الكمالات دون النّبي ، وفوق البشر.

فمن اعتقد بالإمامة بالمعنى الّذي ذكرناه فهو عندهم مؤمن بالمعنى الأخص.

واذا اقتصر على تلك الأركان الأربعة فهو مسلم ومؤمن بالمعنى الأعم. تترتب عليه جميع أحكام الإسلام : من حرمة دمه ، وماله ، وعرضه ، ووجوب حفظه ، وحرمة غيبته وغير ذلك. لا أنّه بعدم الاعتقاد

١٥٧

بالإمامة يخرج عن كونه مسلما (١).

المؤلف : أنشدك الله يا (سمّان) من كان هذا اعتقاده هل يجوز ـ في شرع الإسلام ـ أن يقال في حقه إنّه دخيل ومخالف للإسلام؟!!

أسأل الله تعالى أن يحكم بيننا وبينك وبين البحريني وهو خير الحاكمين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم.

* * *

يقول السمان : يقول الكاتب :

«وليعلم أن الشيعة الإمامية أخطر وأخبث الفرق التي ظهرت في تاريخ الإسلام على الإسلام والمسلمين حيث كشفت الفرق عن هويتها وأفصحت عن كفرها بينما الشيعة الإمامية أخذت تراوغ بما لديها من عقيدة التقية التي بواسطتها تمكنت من طعن الإسلام» (٢).

يظهر أن محمد مال الله البحريني الجاهل بفهم آي القرآن لم يطرق سمعه قول الله تعالى :

(إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) (١٦ / ١٠٦).

وقوله تعالى : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ) (٤٠ / ٢٨).

وقوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) (٣ / ٢٨).

__________________

(١) أصل الشيعة وأصولها ص ١٢٦ ، ١٢٩ طبعة القاهرة.

(٢) انظر : مجلة رسالة المسجد السعودية ص ١٤١ ، العدد الثامن من السنة السادسة ذو الحجة عام (١٤٠٣ ه‍) الصادرة عن الأمانة العامة للمجلس الإسلامي الأعلى العالمي للمساجد برابطة العالم الإسلامي في مكة المكرّمة.

١٥٨

كما سيأتي ولكن البحريني هذا قد أعماه الله ، وأصمّه ، وأخزاه.

قال الله تعالى : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) (١٧ / ٧٢).

وقال تعالى : (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً ، وَبُكْماً ، وَصُمًّا ، مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً) (١٧ / ٩٧).

ولكن البحريني هذا لم يطلع على كتب وأخبار وتفسير أئمته وأصحابه أبناء العامة ولو كان لديه أدنى إلمام ، أو معرفة بكتب الفقه ، أو الحديث ، أو التفسير لما قال :

«بينما الإمامية أخذت ترواغ بما لديها من عقيدة التقية» (١). ومع الأسف إن هذا الجاهل ـ بكل معنى الكلمة ـ أصبح ممن يدافع ـ حسب زعمه ـ عن الإسلام. (تعالوا على الإسلام نبكي ونلطم).

__________________

(١) المصدر السابق.

١٥٩
١٦٠