البيان في غريب إعراب القرآن - ج ٢

أبو البركات بن الأنباري

البيان في غريب إعراب القرآن - ج ٢

المؤلف:

أبو البركات بن الأنباري


المحقق: الدكتور طه عبد الحميد طه
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: الهيئة المصريّة العامّة للكتاب
الطبعة: ٢
ISBN: 977-419-179-X
الصفحات: ٥٧٦
الجزء ١ الجزء ٢

(أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى)(١).

إلى غير ذلك من الشّواهد التى لا تحصى كثرة. وقد بينا هذه المسألة مستوفاة فى كتاب الإنصاف فى مسائل الخلاف (٢).

قوله تعالى : (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ) (٣٥).

فاعل بدا ، فيه ثلاثة أوجه.

الأوّل : أن يكون الفاعل مصدرا مقدرا ، دلّ عليه بدا ، وتقديره ، ثمّ بدا لهم بداء. وأظهره الشاعر فى قوله :

١٠٧ ـ بدا لك من تلك القلوص بداء (٣).

وإليه ذهب المبرد.

والثانى : أن يكون الفاعل ما دلّ عليه (ليسجننّه) وقام مقامه ، وإليه ذهب سيبويه.

والثالث : أن يكون الفاعل محذوفا ، وإن لم يكن فى اللفظ ما يقوم مقامه ، وتقديره ، ثم بدا لهم رأى.

والوجه الأول أوجه الأوجه.

قوله تعالى : (ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ) (٤٠).

__________________

(١) ١٤ سورة العلق.

(٢) المسألة ٣٧ الإنصاف ١ ـ ١٧٨.

(٣) من شواهد الخصائص ١ ـ ٣٤٠ ، وقد نسبه المحقق إلى محمد بن بشير الخارجى ، والبيت بتمامه :

لعلك ـ والموعود صدق لقاؤه

بدا لك فى تلك القلوص بداء

٤١

سمّى ، يتعدى إلى مفعولين ، يجوز حذف أحدهما :

فالأوّل : (ها) فى (سمّيتموها).

والثانى : محذوف ، وتقديره ، سميتموها آلهة.

وأنتم ، تأكيد للتّاء فى (سميتموها) ليحسن العطف على الضمير المرفوع المتصل فيها.

قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ) (٤٣).

اللام فى (للرؤيا) زائدة. كقوله تعالى :

(لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ)(١)

لأنها تزاد فى المفعول به إذا تقدم على الفعل ، وقد جاء أيضا زيادتها معه وليس بمتقدّم ، كقوله تعالى :

(عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ)(٢)

إلّا أنّ زيادتها مع التقديم أحسن.

قوله تعالى : (تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً) (٤٧).

دأبا ، قرئ بسكون الهمزة وفتحها. وهو منصوب على المصدر. يقال : دأب يدأب دأبا ودأبا ، والأصل هو الإسكان وإنما فتحت الهمزة لأنّها وقعت عينا وهى حرف حلق. قال أبو حاتم : من سكّنها جعله مصدر دأب ، ومن فتحها جعله مصدر دئب يدأب دأبا. والمشهور فى اللغة فى الفعل دأب بالفتح.

قوله تعالى : (فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً) (٦٤).

وقرئ : حفظا ، وهما منصوبان على التمييز.

__________________

(١) ١٥٤ سورة الأعراف.

(٢) ٧٢ سورة النمل.

٤٢

قوله تعالى : (ما نَبْغِي) (٦٥).

ما ، استفهامية فى موضع نصب لأنها مفعول (نبغى) ، وتقديره ، أىّ شىء نبغى.

قوله تعالى : (قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ) (٧٥).

جزاؤه الأوّل ، مبتدأ ، والهاء فيه ، يراد بها السّرق ، وتقديره ، جزاء السّرق فهو جزاؤه ، أى ، فالاستعباد جزاء السّرق.

قوله تعالى : (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا) (٨٠).

استيأسوا ، استفعلوا من يئس ييأس.

ونجيّا ، منصوب على الحال من الواو فى (خلصوا). ونجيّا ، لفظه لفظ المفرد والمراد به الجمع ، كعدو وصديق ، فإنهما يوصف بهما الجمع على لفظ المفرد.

قوله تعالى : (وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ) (٨٠).

(ما) فيها وجهان :

أحدهما : أن تكون مصدرية فى موضع نصب بالعطف على قوله تعالى : (أباكم) ، وتقديره ، ألم تعلموا أنّ أباكم وتفريطكم.

والثانى : أن تكون زائدة ، وتقديره ، ومن قبل فرّطتم. كقوله تعالى : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ)(١)

أى ، فبرحمة.

قوله تعالى : (يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ) (٨٤).

أسفى ، فى موضع نصب لأنه منادى مضاف ، وأصله (يا أسفى) إلّا أنه أبدل من الكسرة فتحة فانقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، فصار يا أسفى.

__________________

(١) ١٥٩ سورة آل عمران.

٤٣

وعلى يوسف ، فى موضع نصب لأنه من صلة المصدر.

قوله تعالى : (أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ) (٩٠).

اللام فى (لأنت) لام الابتداء. وأنت ، مبتدأ. ويوسف ، خبره ، والجملة من المبتدإ والخبر ، فى موضع رفع لأنها خبر (إنّ) ، ويجوز أن تكون (أنت) فصلا على قول البصريين أو عمادا على قول الكوفيين.

قوله تعالى : (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (٩٠).

من ، شرطية فى موضع رفع بالابتداء ، وخبره ، فإنّ الله لا يضيع أجر المحسنين. وكان الأصل أن يقال : فإنّ الله لا يضيع أجرهم. ليعود من الجملة إلى المبتدإ ذكر ، إلّا أنه أقام المظهر مقام المضمر. كقول الشاعر :

١٠٨ ـ لا أرى الموت يسبق الموت شىء (١)

أراد ، يسبقه شىء. وهو كثير فى كلامهم ، والجملة من المبتدأ والخبر فى موضع رفع ، لأنها خبر (إنّ) الأولى ، والهاء فيها ضمير الشّأن والحديث.

ويصبر ، مجزوم بالعطف على (يتّق).

ومن قرأ : يتقى ؛ بإثبات الياء ، فهى قراءة ضعيفة فى القياس ، وقد ذكر فى توجيهها وجهان.

أحدهما : أن يكون جعل (من) بمعنى الذى ، وعطف يصبر على معنى الكلام ، لأنّ (من) إذا كانت بمعنى الذى ، ففيها معنى الشرط ، ولهذا تأتى الفاء فى خبرها فى الأكثر ، ونظيره فى الحمل على الموضع ، قوله تعالى :

__________________

(١) من شواهد سيبويه ١ ـ ٣٠. ونسبه إلى سوادة بن عدى ، والبيت بتمامه :

لا أرى الموت يسبق الموت شىء

نغص الموت ذا الغنى والفقيرا

٤٤

(فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ)(١)

فعطف (أكن) على موضع (فأصدق) لأنّ موضعه الجزم على جواب التمنى.

والثانى : أن تكون (من) على هذه القراءة شرطية ، والضمة مقدرة فى الياء من (يتقى) وحذفت الضمة للجزم وبقيت الياء ، وكلا الوجهين ليس بقوىّ فى القياس.

قوله تعالى : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ) (٩٢).

يجوز أن يكون (عليكم) خبر (لا تثريب) ، وتقديره ، لا تثريب مستقر عليكم. واليوم ، منصوب بعليكم وهو على التحقيق منصوب بما تعلق به (عليكم) المحذوف ، وقد أجاز أبو على فى (عليكم اليوم) أن يكونا خبرين للاسم المبنى ، كقولهم هذا حلو حامض. وأن يكونا وصفين ، ويكون الخبر محذوفا ، وأن يكون أحدهما وصفا والآخر خبرا ، وأن يكون (اليوم) مقتطعا (٢) عن الأوّل متعلقا بما بعده ، على تقدير ، يغفر الله لكم اليوم. ولا يجوز أن يتعلق أحدهما بتثريب ، لأنه لو كان متعلّقا به ، لوجب أن يكون منوّنا ، كقولهم : لا خيرا من زيد.

قوله تعالى : (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً) (١٠٠).

سجّدا ، جمع ساجد ، كشهّد جمع شاهد ، وهو منصوب على الحال من الواو فى (خرّوا) ، وهى حال مقدرة.

قوله تعالى : (وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ) (١٠٩).

هذا إضافة إلى الصفة ، بعد حذف الموصوف وتقديره ، ولدار الساعة الآخرة ، وهذه الإضافة فى نية الانفصال ، ولهذا لا يكتسى المضاف من المضاف إليه

__________________

(١) ١٠ سورة المنافقون.

(٢) (منقطعا) فى ب.

٤٥

التعريف ، وزعم الكوفيون أنّ هذا من إضافة الشىء إلى نفسه ، لأنّ الدّار هى الآخرة ، وقد بينا فساده فى كتاب الإنصاف فى مسائل الخلاف (١).

قوله تعالى : (وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) (١١١).

تصديق ، منصوب لأنه خبر كان ، وتقديره ، ولكن كان ذلك تصديق الّذى بين يديه تفصيلا.

وهدّى ورحمة ، منصوبان بالعطف عليه.

__________________

(١) المسألة ٦١ الإنصاف ١ ـ ٢٥٢.

٤٦

غريب إعراب سورة الرعد

قوله تعالى : (المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ) (١).

تلك ، فى موضع رفع لأنه مبتدأ ، وخبره (آيات الكتاب).

والّذى أنزل إليك ، يجوز أن يكون فى موضع جرّ ، لأنه معطوف على الكتاب ، ويجوز أن يكون فى موضع جرّ على الوصف للكتاب ، وتكون الواو قد دخلت ، لأن الواو قد تدخل على الصفة فى نحو قولهم : مررت بزيد وصاحبك ، ويجوز أن يكون (الذى) ، فى موضع رفع بالابتداء ، وخبره (الحقّ) ، فإن حملت (الّذى أنزل) على (الكتاب) ، جاز رفع (الحقّ) من وجهين.

أحدهما : أن يكون مرفوعا لأنه خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، هو الحق.

والثانى : أن يكون خبرا لتلك ، خبرا بعد خبر.

قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) (٢)

يجوز أن تكون الباء فى (بغير) متعلقة برفع ، ويجوز أن تكون متعلقة بترونها.

وترونها ، جملة فعلية ، يجوز أن تكون فى موضع نصب على الحال من السموات ، ويكون المعنى ، أنه ليس ثم عمد ألبتّة ، ويجوز أن تكون فى موضع جرّ لأنها صفة لعمد ، ويكون المعنى ، أن ثمّ عمدا ، ولكن لا ترى.

قوله تعالى : (وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ) (٤).

٤٧

يقرأ (زرع) بالرفع والجرّ ، مع رفع ما بعده ، وجر ما بعده.

فالرفع بالعطف على قوله : جنات ، وتقديره ، وفى الأرض قطع متجاورات ، وجنات وزرع ونخيل صنوان مجتمعة من أصل واحد ، وغير صنوان غير مجتمعة من أصل واحد.

والجرّ بالعطف على أعناب ، فتجعل الجنات من الزرع ، وهو قليل ، وقد جاء وصف الجنة بالإغلال. قال الشاعر :

أقبل سيل جاء من عند الله

يحرد حرد الجنّة المغلّة (١)

وقيل : إنه مجرور على الجوار ، وفى جوازه خلاف.

قوله تعالى : (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) (٥).

العامل فى (إذا) (٢) فعل مقدر دل عليه معنى الكلام ، وتقديره ، أنبعث إذا كنّا ترابا. لأنّ فى قوله : (لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) دليلا عليه ، ولا يجوز أن يعمل فيه (كنّا) لأنّ (إذا) مضافة إليها ، والمضاف إليه لا يعمل فى المضاف ، ولأنهم لم ينكروا كونهم ترابا ، وإنما أنكروا البعث بعد كونهم ترابا.

ومن جمع بين الاستفهامين فى (أئذا وأئنّا) فللتأكيد وشدة الحرص على البيان ، ومن اكتفى بأحدهما استغنى بما أبقى عمّا ألقى.

قوله تعالى : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) (٧).

أنت ، مبتدأ ، وخبره منذر.

__________________

(١) اللسان مادة (غلل) ـ والمغلة : إذا أتت بشىء وأصلها باق ، يحرد ، الحرد الجد والقصد ، وحرد الشىء منعه. وفى مادة (حرد) ذكر البيت وقال : يريد قصدها. وهو من شواهد خزانة الأدب ٤ ـ ٣٤١. ونسب إلى قطرب بن المستنير.

(٢) (إذ) فى أ ، ب.

٤٨

وهاد ، معطوف على منذر ، فتكون اللام فى (لكلّ) متعلقة بمنذر أو بهاد ، وقد فصل بين الواو والمعطوف بالجار والمجرور ، وتقديره ، إنما أنت منذر وهاد لكلّ قوم.

ويجوز أن يكون (هاد) مبتدأ. ولكل قوم ، الخبر. واللام متعلقة باستقرّ.

قوله تعالى : (اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ) (٨).

ما ، فى هذه المواضع كلّها اسم موصول بمعنى الذى ، وهى فى موضع نصب ، لأنّها مفعولات (يعلم) ، وما بعدها من الجمل الفعلية هى الصّلات ، والعائد منها كلها محذوف.

ويجوز أن تكون (ما) استفهامية فى موضع نصب (بيعلم) (١).

ولا يحسن أن تكون استفهامية فى موضع رفع على أنها مبتدأ ، وتحمل ، خبره ، لحذف العائد منه ، لأن حذف العائد من الخبر أكثر ما يكون فى الشعر.

قوله تعالى : (سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ) (١٠).

من ، فى موضع رفع لأنه مبتدأ. وسواء ، خبر مقدم ، وهو مصدر بمعنى اسم الفاعل ، فهو مستو.

قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ (٢) بِشَيْءٍ إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ) (١٤).

الذين ، اسم موصول. ويدعون ، صلته ، والعائد من الصلة إلى الموصول محذوف ، وتقديره ، الذين يدعونهم. كما حذف من قوله تعالى :

__________________

(١) (بتحمل ، والجملة فى موضع نصب بيعلم) هكذا فى ب.

(٢) (له) فى أ ، ب.

٤٩

(إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً)(١) أى ، تدعونهم.

والكاف فى (كباسط كفّيه) متعلقة بصفة مصدر محذوف ، وتقديره ، الاستجابة كاستجابة باسط كفّيه. ويكون على هذا التقدير حرفا فيه ضمير انتقل إليه من كائنة ، ويجوز أن يجعل الكاف اسما ، وتقديره ، الاستجابة مثل استجابة باسط كفّيه. ولا يكون فى الكاف ضمير.

وقد قدّمنا أنه يجوز أن يستثنى من الفعل المصدر والظرف والحال.

واللام فى (ليبلغ فاه) متعلقة بباسط.

قوله تعالى : (وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ) (١٧).

فى النار جار ومجرور ، فى موضع نصب على الحال من الضمير المجرور فى (عليه) ، وتقديره ، ومما يوقدون عليه كائنا أو مستقرّا فى النار.

ابتغاء حلية ، منصوب على المصدر فى موضع الحال من المضمر فى (يوقدون).

ولا يجوز أن يكون (فى النّار) متعلقا بيوقدون ، لأنه ليس المعنى أنهم يوقدون فى النار ، وإنما المعنى ، أنهم يوقدون على الذهب كائنا فى النار.

وزبد ، مبتدأ. ومثله ، وصف له.

وفى خبره وجهان.

أحدهما : أن تكون (مما يوقدون) خبره.

والثانى : أن يكون خبره (فى النار).

__________________

(١) ٧٣ سورة الحج.

٥٠

قوله تعالى : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً) (١٧).

جفاء ، منصوب على الحال من الضمير فى (فيذهب) وهو عائد على الزبد.

قوله تعالى : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ) (٢٣).

من صلح ، فى موضعه وجهان : الرفع والنصب.

فالرفع بالعطف على الضمير المرفوع فى (يدخلونها) وحسن العطف لوجود الفصل بضمير المفعول.

والنصب على أن يكون منصوبا على المفعول معه.

ولا يجوز أن يكون فى موضع جرّ بالعطف على الضمير المجرور فى (لهم) على تقدير ، لهم ولمن صلح ، لأن العطف على الضمير المجرور إنما يكون بإعادة حرف الجرّ.

وذهب الكوفيون إلى أنه يجوز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة حرف الخفض ، وقد قدّمنا ذكره.

قوله تعالى : (طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) (٢٩).

طوبى لهم ، فى موضع رفع لأنه مبتدأ ، وخبره (لهم).

وحسن مآب ، مرفوع لأنه معطوف على (طوبى).

وقرئ : وحسن مآب ، بالنصب لأنه منادى مضاف ، حذف حرف النداء منه ، وتقديره ، يا حسن مآب.

ويجوز أن يكون (طوبى) فى موضع نصب بتقدير فعل ، والتقدير ، أعطاهم طوبى لهم. وحسن مآب ، عطف عليه ، أى ، وأعطاهم حسن مآب.

قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) (٣١).

٥١

جواب (لو) محذوف ، وتقديره ، لكان هذا القرآن. و (سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) ، جمل فعلية فى موضع نصب لأنّها صفة قرآن.

وجاء (سيّرت وقطّعت) بلفظ التأنيث لتأنيث الجبال ، وجاء (كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) على التذكير لوجود الفصل الذى يتنزل منزلة إلحاق التأنيث ، وهذا إنما يكون سببا لجواز حذف علامة التأنيث لا لوجوب الحذف ، ولهذا لم يعتدّ به فى الفعلين المتقدمين ، فقال : سيّرت وقطّعت.

قوله تعالى : (أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ) (٣١).

التاء فى تحلّ ، تحتمل وجهين. أحدهما : أن تكون للتأنيث. والثانى : أن تكون للخطاب ، فإن كانت للتأنيث كان تقديره ، أو قارعة تحلّ قريبا من دارهم.

وتحلّ ، جملة فعلية فى موضع رفع صفة قارعة ، وتقديره ، قارعة حالة.

وإن كانت للخطاب كان تقديره ، أو تحلّ أنت قريبا من دارهم ، ويكون (تحلّ) معطوفا على خبر (ولا يزال) ، وتقديره ، ولا يزال الكافرون تصيبهم بصنيعهم قارعة ، أو حالا أنت قريبا من دارهم.

قوله تعالى : (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) (٣٥).

مثل الجنة ، مرفوع لأنه مبتدأ ، وفى خبره وجهان.

أحدهما : أن يكون خبره محذوفا ، وتقديره ، فيما يتلى عليكم مثل الجنة. وهذا قول سيبويه.

والثانى : أن يكون خبره ، (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) وهذا قول الفراء ، وأنكره قوم وقالوا : هذا يؤدّى إلى إلغاء المضاف والإخبار عن المضاف إليه.

قوله تعالى : (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) (٤٣).

من ، فيه وجهان. أحدهما : أن يكون اسما موصولا. وعنده ، الصلة.

٥٢

والثانى : أن يكون نكرة موصوفة. وعنده ، الصفة.

وفى موضعه وجهان. أحدهما : أن يكون فى موضع جرّ بالعطف على لفظ المجرور فى قوله : (كَفى بِاللهِ). والثانى : أن يكون فى موضع رفع بالعطف على موضعه ، وموضعه الرفع لأنّ تقديره ، كفى الله. وقد قدّمنا ذكره.

ونظير الحمل على اللفظ تارة ، وعلى الموضع أخرى ، قوله تعالى :

(هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ)(١)

بالجرّ حملا على اللفظ. وغير الله ، بالرفع حملا على الموضع.

وعلم الكتاب ، مرفوع بالظرف الذى هو (عنده) على كلا المذهبين فى كلا الوجهين لأن سيبويه والأخفش اتفقا على أنّ الظرف إذا وقع صلة أو صفة ، فإنه يرفع كما يرفع الفعل. والله أعلم.

__________________

(١) ٣ سورة فاطر.

٥٣

غريب إعراب سورة إبراهيم عليه‌السلام

قوله تعالى : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ) (١).

كتاب ، مرفوع لأنه خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، هذا كتاب.

وأنزلناه ، جملة فعلية فى موضع رفع لأنها صفة (كتاب).

قوله تعالى : (اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) (٢).

الله ، يقرأ بالجر والرفع ، فالجرّ على البدل من قوله : (الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ). والرفع من وجهين. أحدهما : أن يكون مرفوعا لأنه مبتدأ ، وما بعده خبره. والثانى : أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، هو الله الذى له ما فى السّموات.

قوله تعالى : (وَيَبْغُونَها عِوَجاً) (٣).

عوجا ، منصوب على المصدر فى موضع الحال ، وذهب بعض النحويين إلى أنه منصوب على أنه مفعول (يبغون).

واللام محذوفة من المفعول الأوّل ، وتقديره ، ويبغون لها عوجا.

قوله تعالى : (لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ) (٤).

فيضلّ ، مرفوع على الاستئناف والاقتطاع من الأوّل ، ولو عطفه على (ليبيّن) لأعطى ظاهره أنّ الإضلال مراد ، كما أنّ التّبيين مراد ، وهو خلاف المراد من الآية.

قوله تعالى : (أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) (٥).

٥٤

أن ، فيها وجهان.

أحدهما : أن يكون لها موضع من الإعراب وهو النصب ، وتقديره ، بأن أخرج قومك. فحذف حرف الجر ، فاتصل الفعل به.

والثانى : ألّا يكون لها موضع من الإعراب ، وتكون مفسرة بمعنى أى ، كقوله تعالى :

(أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ)(١).

أى امشوا.

قوله تعالى : (وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ) (٦).

أتى بالواو ههنا ، ليدلّ على أنّ الثانى غير الأوّل ، وحذفت فى غير هذا الموضع ليدلّ على البدل ، وأنّ الثانى بعض الأول.

قوله تعالى : (وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) (١١).

أن نأتيكم ، فى موضع رفع لأنه اسم كان.

وفى خبر كان وجهان. أحدهما : أن يكون خبرها (إلّا بإذن الله). والثانى : أن يكون خبرها (لنا). والأوّل أوجه الوجهين.

قوله تعالى : (وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ) (١٢).

ما ، استفهامية فى موضع رفع لأنها مبتدأ ، وخبره (لنا).

وأن (٢) ، فى موضع نصب على تقدير حذف حرف الجرّ ، وتقديره ، وما لنا فى ألّا نتوكل على الله. وهو فى موضع نصب على الحال ، كقولك ، ما لك قائما ، وتقديره ، أىّ شىء ثبت لنا غير متوكلين.

__________________

(١) ٦ سورة ص.

(٢) (وألا نتوكل) فى ب.

٥٥

قوله تعالى : (وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ) (١٧).

الهاء فى (ورائه) فيها وجهان.

أحدهما : أن تكون عائدة على الكافر ويكون معنى (من ورائه) أى قدّامه كقوله تعالى :

(وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ)(١).

أى قدّامهم.

والثانى : أن تكون عائدة على العذاب ، ويكون المعنى ، إنّ وراء هذا العذاب عذاب غليظ.

قوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) (١٨).

فى إعرابه أربعة أوجه.

الأول : أن يكون (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا) فى موضع رفع بالابتداء ، وخبره محذوف ، وتقديره ، فيما يتلى عليكم مثل الّذين كفروا. وهو قول سيبويه.

والثانى : أن يكون (مثل) مبتدأ على تقدير حذف مضاف. وكرماد ، الخبر. وتقديره ، مثل أعمال الذين كفروا مثل رماد.

والثالث : أن يكون (مثل) مبتدأ أول (وأعمالهم) مبتدأ ثانيا. وكرماد ، خبر المبتدأ الثانى ، والمبتدأ الثانى وخبره خبر عن المبتدأ الأول.

والرابع : أن يكون (مثل) مبتدأ. وأعمالهم ، بدلا منه. وكرماد ، خبره.

وفى يوم عاصف ، فى تقديره وجهان.

__________________

(١) ٧٩ سورة الكهف.

٥٦

أحدهما : أن يكون تقديره : فى يوم ذى عصوف. كقولهم : رجل نابل ورامح أى ذو نبل ورمح.

والثانى : أن يكون تقديره ، فى يوم عاصف ريحه ، كقولك : مررت برجل حسن وجهه. ثم يحذف الوجه ، إذا علم المعنى.

قوله تعالى : (وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ) (٢٢).

قرئ بفتح الياء وكسرها ، أما الفتح فيحتمل وجهين.

أحدهما : أن يكون أدغم ياء الجمع فى ياء الإضافة ، بعد حذف النون للاضافة ، على لغة من يفتحها ، وبقيت الفتحة على حالها.

والثانى : أن يكون فتحها لالتقاء الساكنين على لغة من أسكنها.

فإنّ ياء الإضافة فيها لغتان : الفتح والإسكان. وأما الكسر فقد قال النحويون : إنه ردىء فى القياس ، وليس كذلك ، لأنّ الأصل فى التقاء الساكنين الكسر ، وإنما لم يكسر لاستثقال الكسرة على الياء ، فعدلوا إلى الفتح ، إلّا أنه عدل ههنا إلى الأصل ، وهو الكسر ليكون مطابقا لكسرة همزة (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ) لأنه أراد الوصل دون الوقف ، فلمّا أراد هذا المعنى ، كان كسر الياء أدلّ على هذا من فتحها ، وإنّما عاب من عاب هذه القراءة ، لأنه توهّم كسرة الياء بالباء ، على أنّ كسرة ياء المتكلم لغة لبعض العرب حكاه أبو على قطرب (*).

قوله تعالى : (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ) (٢٢).

أن وصلتها ، فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع.

__________________

(*) قطرب : هو محمد بن المستنير قطرب. كان حافظا للغة وكثير النوادر والغريب. توفى ٢٠٦ ه‍.

٥٧

قوله تعالى : (وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) (٢٣).

تجرى ، جملة فعلية فى موضع نصب لأنها صفة جنات.

وخالدين ، منصوب على الحال من (الذين).

وتحيّتهم فيها سلام ، جملة اسمية فى موضع نصب من وجهين :

أحدهما : أن تكون فى موضع نصب على الحال من (الّذين) وهى حال مقدّرة ، أو حال من الضمير فى (خالدين) ، فلا تكون حالا مقدرة.

والثانى : أن تكون فى موضع نصب على الوصف لجنات.

والهاء والميم فى (تحيّتهم) يحتمل وجهين.

أحدهما : أن يكون تأويل فاعل ، أضيف المصدر إليه ، أى يحيّى بعضهم بعضا بالسلام.

والثانى : أن يكون فى موضع مفعول لم يسمّ فاعله ، أى يحيّون بالسلام ، على معنى ، تحييّهم الملائكة بالسلام.

قوله تعالى : (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها) (٢٩).

قومهم ، مفعول أول ، ودار البوار ، مفعول ثان.

وجهنّم ، منصوب على البدل من (دار البوار) ، ولا ينصرف للتعريف والتأنيث.

ويصلونها ، جملة فعلية فى موضع نصب على الحال من (قومهم) ، وإن شئت منهم ، وإن شئت من (جهنّم) ، وإن شئت منهما.

٥٨

قوله تعالى : (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ) (٣١).

يقيموا ، مجزوم وفى جزمه ثلاثة أوجه.

الأول : أن يكون جوابا للأمر وهو (أقيموا) وتقديره ، قل لهم أقيموا يقيموا. وإليه ذهب أبو العباس المبرد.

والثانى : أن يكون مجزوما بلام مقدرة ، وتقديره ، ليقيموا. ثم حذف لام الأمر ، لتقدم لفظ الأمر ، وإليه ذهب أبو إسحاق (*).

والثالث : أن يكون مجزوما ، لأنه جواب (قل) وإليه ذهب الأخفش (١) وهذا ضعيف ، لأن أمر الله تعالى لنبيه بالقول ، ليس فيه أمر لهم بإقامة الصلاة.

وأوجه الأوجه الوجه الأوّل.

قوله تعالى : (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ) (٣٣).

دائبين ، منصوب على الحال من (الشمس والقمر) وذكّر تغليبا للقمر على الشمس ، لأن القمر مذكر والشمس مؤنثة ، وإذا اجتمع المذكّر والمؤنّث ، غلّب جانب المذكر على جانب المؤنث لأنّ التذكير هو الأصل.

قوله تعالى : (وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ) (٣٤).

قرئ : من كلّ ما سألتموه ؛ بالإضافة. ومن كلّ ما سألتموه ، بالتنوين.

فمن قرأ بالإضافة قدّر مفعولا محذوفا وتقديره ، وآتاكم سؤلكم من كلّ ما سألتموه. كقوله تعالى :

(وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ)(٢)

__________________

(*) هو أبو إسحاق إبراهيم بن أبى محمد يحيى بن المبارك اليزيدى ، كان عالما بالأدب ، وله كتاب فى مصادر القرآن ، وصنف كتابا فى غريب القرآن ، وكتابا مختصرا فى النحو. نزهة الألبا ص ٢٢٣.

(١) (وإليه ذهب الأخفش) جملة ساقطة من ب.

(٢) ١٦ سورة النمل.

٥٩

أى ، أوتينا من كلّ شىء شيئا.

ومن قرأ : من كلّ ما. بالتنوين ، كان المفعول ملفوظا به ، وتقديره ، وآتاكم ما سألتموه من كلّ شىء.

وما ههنا نكرة موصوفة. وسألتموه جملة فعلية صفة لها.

قوله تعالى : (رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ) (٣٧).

أسكنت من ذرّيّتى ، مفعول (أسكنت) محذوف وتقديره ، أسكنت ناسا من ذرّيتى بواد.

وليقيمو الصلاة ، متعلق بأسكنت ؛ وفصل بين (أسكنت) ، وما يتعلق به بقوله : (ربّنا) ، لأنّ الفصل بالنداء كثير فى كلامهم. قال الشاعر :

١٠٩ ـ على حين ألهى الناس جلّ أمورهم

فندلا زريق المال ندل الثعالب (١)

أراد ، فندلا المال يا زريق. ففصل بالنداء بين المصدر وصلته. وإذا جاز أن يفصل بين المصدر وصلته بالنداء ، فلأن يجوز أن يفصل ههنا بينهما ، وليس بمصدر أولى.

قوله تعالى : (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) (٤٠).

__________________

(١) نسبه العينى فى فرائد القلائد ، لأعشى همدان يهجو لصوصا. وهو من شواهد سيبويه ، ولم ينسبه ، ولا نسبه الشنتمرى إلى قائل. وقبله :

يمرون بالدهنا خفافا عيابهم

ويرجعن من دارين بجر الحقائب

الدهنا : ممدود فقصره ، اسم موضع ـ الدارين : اسم موضع مشهور بالمسك ـ بجر : منتفخة ـ ندلا : مصدر ندل المال إذا خطفه بسرعة.

٦٠