البيان في غريب إعراب القرآن - ج ٢

أبو البركات بن الأنباري

البيان في غريب إعراب القرآن - ج ٢

المؤلف:

أبو البركات بن الأنباري


المحقق: الدكتور طه عبد الحميد طه
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: الهيئة المصريّة العامّة للكتاب
الطبعة: ٢
ISBN: 977-419-179-X
الصفحات: ٥٧٦
الجزء ١ الجزء ٢

لتأتينا بالغدايا والعشايا (١).

وقيل : إن صرف ما لا ينصرف لغة ، وكذا الوجه فى قوله تعالى : (قَوارِيرَا) (١٥).

فيمن نون ، وقيل : التنوين فيه على تشبيه الفواصل بالقوافى ، لأنهم يلحقون التنوين القوافى ، كقول الشاعر :

١٧٧ ـ قفانبك من ذكرى حبيب ومنزل

بسقط اللوى بين الدخول فحومل (٢)

وكقول الآخر :

١٧٨ ـ سقيت الغيث أيّتها الخيامن (٣).

وكقول الآخر :

١٧٩ ـ داينت أروى والدّيون تقضن

فمطلت بعضا وأدت بعضن (٤)

__________________

(١) «والأصل (موزورات) بالواو من الوزر» الأشباه والنظائر ١ ـ ١٥٠. «والغداة لا تجمع على غدايا ، لكن جاز من أجل (العشايا)» المصدر السابق ١ ـ ١٥٢.

(٢) هذا الشاهد هو مطلع معلقة امرئ القيس بن حجر بن الحارث الكندى. (فحوملى) فى أ. يبدو أنه يقصد من هذا الشاهد أن التصريع فى البيت وهو (منزل) فى صدره ، و (فحومل) فى عجزه يشبه به التنوين فى غير المنون فى مثل (سلاسلا وأغلالا). ويدعونا إلى هذا التفسير لعبارة المؤلف ، خلو البيت من التنوين فى قوافيه ، على خلاف ما جاء فى الشاهدين بعد ذلك من تنوين.

(٣) ذكر سيبويه فى باب (هذا باب وجوه القوافى فى الإنشاد) لجرير : الكتاب ٢ ـ ٢٩٨ :

متى كان الخيام بذى طلوخ

سقيت الغيث أيتها الخيامو

وانظر حاشية الصبان على الأشمونى ٤ ـ ٢٢٠ حيث جاء فيه «أثبت الحجازيون النون مطلقا» ، وانظر شرح الشافية ٢ ـ ٣٠٥.

(٤) وذكر سيبويه فى نفس الباب ٢ ـ ٣٠٠ هذا الشاهد هكذا :

دانيت أروى والديون تقضى

فمطلت بعضا وأدت بعضا

وأروى اسم امرأة ـ انظر شرح الشافية ٤ ـ ٢٢٣.

٤٨١

أراد ، يقضى وبعضا. والشواهد على ذلك كثيرة جدا.

قوله تعالى : (كانَ مِزاجُها كافُوراً (٥) عَيْناً يَشْرَبُ بِها) (٦).

عينا ، منصوب من ستة أوجه.

الأول : أن يكون منصوبا على البدل من قوله : (كافُوراً).

والثانى : أن يكون منصوبا على التمييز.

والثالث : أن يكون منصوبا لأن التقدير فيه ، يشربون من كأس ماء عين ، فحذف مفعول (يشربون) ، وأقام (عينا مقامه).

والرابع : أن يكون منصوبا على البدل من (كأس) ، على الموضع.

والخامس : أن يكون منصوبا على الحال من المضمر فى (مزاجها) وفيه خلاف.

والسادس : أن يكون منصوبا بتقدير أعنى.

ويشرب بها ، الباء فيها وجهان.

أحدهما : أن تكون بمعنى (من) أى ، يشرب منها.

والثانى : أن تكون زائدة ، أى ، يشرب ماءها ، لأن العين لا يشرب وإنما يشرب ماؤها.

قوله تعالى : (مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ) (١٣).

متكئين ، منصوب على الحال من الهاء والميم فى (جزاهم) ، وكذلك موضع (لا يرون) ، نصب على الحال مثل (متكئين) ، أو على الحال من المضمر فى (متكئين).

قوله تعالى : (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها) (١٤).

دانية ، منصوب بالعطف على قوله (جنة) وظلالها. مرفوع ب (دانية) ارتفاع الفاعل بفعله.

٤٨٢

قوله تعالى : (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً) (٢٠).

ثم ، فى موضع نصب من وجهين.

أحدهما : أن يكون فى موضع نصب ، لأنه ظرف مكان ، ويكون مفعول (رأيت) محذوفا ، وقيل : يكون منصوبا بتقدير : وما ثم ، وهذا التقدير لا يجيزه البصريون ، لما فيه من حذف الاسم الموصول ، ويجيزه الكوفيون.

والثانى : أن يكون فى موضع نصب لأنه مفعول (رأيت).

وثم ، مبنى على الفتح ، وإنما بنى لوجهين.

أحدهما : أن يكون بنى لتضمنه لام التعريف ، لأن (ثم) معرفة.

والثانى ، أن يكون بنى لأنه تضمن معنى الإشارة ، والأصل فى الإشارة أن يكون الحرف ، فكأنه تضمن معنى الحرف ، وجب أن يبنى ، وبنى على حركة لالتقاء الساكنين ، وكانت الحركة فتحة لأنها أخف الحركات.

قوله تعالى : (عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ) (٢١).

عاليهم ، بفتح الياء وسكونها.

فمن قرأ بفتح الياء جعله منصوبا ، وفى نصبه وجهان.

أحدهما : أن يكون ظرفا بمعنى (فوقهم).

والثانى : أن يكون منصوبا على الحال من الهاء والميم فى (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ) ، أى ، يعلوهم فى هذه الحالة.

ومن قرأ بالسكون جعله مرفوعا من وجهين.

أحدهما : أن يكون مرفوعا لأنه مبتدأ. وثياب سندس ، خبره. وعالى ، لفظه لفظ الواحد والمراد به الجمع ، كالسامر فى قوله تعالى :

٤٨٣

(سامِراً تَهْجُرُونَ)(١).

والثانى : أن يكون مرفوعا لأنه صفة (ولدان). وثياب سندس ، مرفوع ب (عاليهم) ، سواء كان حالا أو وصفا.

وخضر ، يقرأ بالجر والرفع. فالجر بالوصف ب (سندس) ، والرفع بالوصف ل (ثياب). وإستبرق ، يقرأ أيضا بالجر والرفع. فالجر بالعطف على (سندس) ، والرفع بالعطف على (ثياب).

وإستبرق اسم أعجمى وهو غليظ الديباج ، وأصله ، (استبره) ، فأبدلوا من الهاء قافا كما قالوا : يرق ومهرق. وأصله بالفارسية : يره ومهره ، فأبدلوا من الهاء قاما فقالوا : يرق ومهرق ، وألفه ألف قطع ، وهو منصرف لأنه يحسن فيه دخول الألف واللام ، وليس باسم علم كإبراهيم ، ومن لم يصرفه فقد وهم.

قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ) (٢٣).

نحن فى موضع نصب على الوصف لاسم (إنّ) ، والمضمر يوصف بالمضمر لأنه فى معنى التوكيد ، لا بمعنى التحلية ، لأنه يستغنى عن التحلية ولا يستغنى عن التأكيد ، ليتأكد الخبر عنه ، ولا يجوز أن يكون (نحن) ههنا فصلا لا موضع له من الإعراب ، لأن من شرط الفصل أن يقع بين معرفتين أو فى حكمهما ولم يوجد ههنا. ونزلنا ، جملة فعلية فى موضع رفع لأنها خبر (إنّ).

قوله تعالى : (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) (٢٤).

أو ، ههنا للإباحة ، أى ، لا تطع هذا الضرب ، كقولك فى الأمر ، جالس الحسن او ابن سيرين ، أى أبحتك مجالسة هذا الضرب من الناس ، والنهى فى هذا كالأمر ، ولو قال : لا تطع آثما لا تطع كفورا ، لانقلب المعنى ، لأنه حينئذ لا تحرم

__________________

(١) ٦٧ سورة المؤمنون.

٤٨٤

طاعتهما كليهما. وذهب الكوفيون إلى أن (أو) بمعنى الواو ، والوجه ما قدمناه.

قوله تعالى : (يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ) (٣١).

والظالمين ، منصوب بتقدير فعل ، وتقديره ، ويعذب الظالمين. وجاز إضماره ، لأن (أعدّ لهم) دل عليه. والله أعلم.

٤٨٥

«غريب إعراب سورة المرسلات»

قوله تعالى : (وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً) (١).

إن جعلت (والمرسلات) بمعنى الرياح ، كان (عرفا) منصوبا على الحال. وإن جعلت (المرسلات) بمعنى الملائكة ، كان (عرفا) منصوبا بتقدير حذف حرف الجر ، وتقديره : والمرسلات بعرف ، أى بمعروف.

قوله تعالى : (فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً (٢) وَالنَّاشِراتِ نَشْراً) (٣).

فعصفا ونشرا ، منصوبان على المصدر المؤكد.

قوله تعالى : (فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً (٥) عُذْراً أَوْ نُذْراً) (٦).

عذرا أو نذرا ، منصوبان من ثلاثة أوجه.

الأول : أنهما مصدران منصوبان على المفعول لهما ، أى ، للإعذار والإنذار.

والثانى : أن يكونا (١) منصوبين على البدل من (ذكر) ، وتقديره ، فالملقيات عذرا أو نذرا.

والثالث : أن يكونا منصوبين بنفس المصدر وهو (ذكر) ، وتقديره ، أن ذكر عذرا أو نذرا.

قوله تعالى : (فَإِذَا (٢) النُّجُومُ طُمِسَتْ) (٨).

__________________

(١) (والعاصفات) فى أوب.

(١) (أن يكون ما) فى أ.

(٢) (وإذا) فى أ ، ب.

٤٨٦

النجوم ، مرفوع بفعل مقدر دل عليه (طمست) ، وتقديره ، إذا طمست النجوم طمست. وجواب (إذا) مقدر ، وتقديره ، وقع الفصل ، وقيل جوابها (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ).

قوله تعالى : (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) (١١).

أصل (أقتت) وقتت ، إلا أنه لما انضمت الواو ضما لازما قلبت همزة ، كقولهم فى وجوه ، أجوه.

قوله تعالى : (أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ) (١٧).

إنما لم يجزم العين بالعطف على (نهلك) ، لأنه فى نية الاستئناف وتقديره ، ثم نحن نتبعهم.

قوله تعالى : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً) (٢٥).

كفاتا وأمواتا ، منصوبان من ثلاثة أوجه.

الأول : أن يكونا منصوبين على الحال. أى نجمعهم فى هاتين الحالين.

والثانى : أن يكون كفاتا جمع كافية ، فيكونان منصوبين بالجمع كقول الشاعر :

١٨٠ ـ غفر ذنبهم غير فخر (١).

والثالث : أن يكونا بدلا من (الأرض) ، على معنى أن تكون الأرض إحياء

__________________

(١) عجز بيت من شواهد سيبويه ١ ـ ٥٨ وقد نسبه إلى طرفة بن العبد ، والبيت :

ثم زادوا أنهم فى قومهم

غفر ذنبهم غير فخر

والشاهد فيه : نصب (ذنبهم) بغفر لأنه جمع غفور ، غفور تكثير غافر وعامل عمله ، فجرى جمعه على العمل مجراه ـ مدح قومه بفضلهم على الناس بأنهم يغفرون ذنب المذنب إليهم ولا يفخرون بذلك.

٤٨٧

نبت ، وأمواتا لا تنبت ، وتقديره ، ألم نجعل الأرض ذات نبات وغير ذات نبات.

قوله تعالى : (كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ) (٣٣).

جمالات ، جمع جمالة ، وجمالة جمع جمل. كحجر وحجارة ، وذكر وذكارة ، فعلى هذا (جمالات) جمع الجمع.

قوله تعالى : (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) (٣٦).

يعتذرون ، عطف على (ينطقون) ، فيعتذرون داخل فى النص كأنه قال : لا ينطقون ولا يعتذرون. كقراءة من قرأ :

(لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا)(١).

الياء والنون ، كأنه قال : لا يقضى عليهم ولا يموتون. فلو حملت الآن على ظاهرها لتناقض المعنى ، لأنه يصير التقدير ، هذا يوم لا ينطقون فيعتذرون. فيكون ذلك متناقضا لأن الاعتذار نطق. والله أعلم.

__________________

(١) ٣٦ سورة فاطر.

٤٨٨

«غريب إعراب سورة النبأ»

قوله تعالى : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ) (١).

عم ، أصله (عن ما) إلا أنه لما دخلت على (ما) الاستفهامية ، حذفت ألفها للفرق بين الاستفهام والخبر ، وقد بينا ذلك.

قوله تعالى : (عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) (٢).

فيه وجهان.

أحدهما : أن يكون بدلا من (عم) بإعادة الجار.

والثانى : أن يكون متعلقا بفعل مقدر ، دل عليه (يتساءلون) ، ولا يكون بدلا ، لأنه لو كان بدلا ، لوجب أن تكرر (عما) ، لأن حرف الجر المتصل بحرف الاستفهام إذا أعيد ، أعيد مع الحرف ، كقولهم لك : بكم ثوبك أبعشرين أو ثلاثين. ولا يجوز أن يقال : بعشرين ، من غير إعادة حرف الاستفهام ، فدل عليه أنه يتعلق بفعل مقدر لا بالفعل الظاهر.

قوله تعالى : (وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً) (٨).

ازواجا ، أى ، مختلفين. وهو منصوب على الحال من الكاف والميم فى (خلقناكم).

قوله تعالى : (وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً) (١٦).

ألفافا ، صفة (جنات) وفيه وجهان.

٤٨٩

أحدهما : أن يكون جمع (لفّ (١)) لأن (فعلا) يجمع على أفعال.

والثانى : أن يكون جمع (لف) ، و (لف) جمع ألف ولفاء. وفعل بضم الفاء ، يجمع على أفعال فيكون جمع الجمع.

قوله تعالى : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) (١٨).

منصوب على البدل من (يوم) فى قوله تعالى :

(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ).

قوله تعالى : (لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً) (٢٣).

لابثين ، منصوب على الحال المقدر ، أى ، مقدرين اللبث. وأحقابا ، منصوب على الظرف ، والعامل فيه : (لابثين) ، وذكر (أحقابا) للكثرة لا لتجديد اللبث ، كقولك : أقمت سنين وأعواما.

قوله تعالى : (لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً (٢٤) إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً (٢٥) جَزاءً وِفاقاً) (٢٦).

لا يذوقون ، جملة فى موضع نصب من وجهين.

أحدهما : أن يكون فى موضع نصب على الوصف ل (لابثين).

والثانى : أن يكون فى موضع نصب على الحال من المضمر فى (لابثين). وحميما وغساقا. نصب على البدل من قوله :

(بَرْداً وَلا شَراباً).

والحميم ، ينطلق على الحار والبارد ، إن جعلت البرد من البرودة. فإن جعلته بمعنى (النوم) ، كان استثناء منقطعا. وجزاء ، منصوب على المصدر.

__________________

(١) «ألفافا جمع (لف) مثل جذع وأجذاع ، وقيل جمع (لف) ولف جمع لفاء». وجوه الإعراب ٢ ـ ١٤٩.

٤٩٠

قوله تعالى : (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً) (٢٨).

كذّابا. منصوب لأنه مصدر (كذّب) ، يقال : كذّب كذّابا وتكذيبا. وزيدت الألف فى (كذابا) ، كما زيدت الهمزة فى (أحسن إحسانا وأجمل إجمالا). وقولهم : تكذيبا ، جعلوا التاء عوضا عن تضعيف العين ، والياء بدلا من الألف ، وغيروا أوله كما غيروا آخره.

قوله تعالى : (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً) (٢٩).

كتابا ، منصوب على المصدر ، وفى العامل فيه وجهان.

أحدهما : أن يكون العامل فيه (أحصيناه) ، وهو بمعنى (كتبنا).

والثانى : أن يكون قدّر له فعل من لفظه دل عليه (أحصيناه). فكأنه قال : كتبناه كتابا. وعلى هذين الوجهين يحمل قولهم. تبسّم وميض البرق ، وإنه ليعجبنى حبّا ، وإنى لأبغضه كراهية ، وإنى لأشنؤه بغضا.

قوله تعالى : (جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً (٣٦) رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً) (٣٧).

جزاء وعطاء وحسابا ، منصوبات على المصدر. ورب ، يقرأ بالجر والرفع. فالجر على البدل من (ربك) ، والرفع على تقدير مبتدأ محذوف وتقديره ، هو رب السموات. والرحمن ، يقرأ بالجر والرفع. فالجر على الوصف ل (رب). والرفع من وجهين.

أحدهما : أن يكون مبتدأ. ولا يملكون منه ، الخبر ، وحسن أن تكون هذه الجملة خبرا لمكان الهاء فى (منه).

والثانى : أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، هو الرحمن.

قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ) (٣٨).

من ، فى موضع رفع على البدل من الواو فى (لا يتكلمون) ، ويجوز أن يكون فى موضع نصب على الأصل فى الاستثناء ، والرفع على البدل أوجه الوجهين.

٤٩١

«غريب إعراب سورة النازعات (١)»

قوله تعالى : (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً) (١).

صوب على المصدر ، وكذلك (نشطا) و (سبحا) و (سبقا) ، كلها منصوبات على المصدر.

قوله تعالى : (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) (٥).

منصوب من وجهين.

أحدهما : أن يكون مفعولا به ب (المدبرات).

والثانى : أن يكون منصوبا بتقدير حذف حرف الجر ، وتقديره ، والمدبرات بأمر. لأن التقدير ليس إلى الملائكة ، وإنما هو إلى الله تعالى ، فهى مرسلة بما يأمرهما به.

وفى جواب القسم ههنا ثلاثة أوجه.

الأول : أن يكون جواب القسم مقدرا ، وتقديره ، لنبعثن ، ودل على ذلك إنكارهم للبعث فى قوله تعالى :

(أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ).

والثانى : أن يكون جواب القسم ، (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً).

والثالث : أن يكون جوابه ، (يَوْمَ تَرْجُفُ) ، على تقدير حذف اللام ، وتقديره ، ليوم ترجف. وهذا الوجه أضعف الأوجه.

قوله تعالى : (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ) (٦).

__________________

(١) سورة النازعات ، فى المصحف العثمانى.

٤٩٢

يوم ، منصوب من وجهين.

أحدهما : أن يكون منصوبا بفعل دل عليه قوله تعالى : (قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ) وتقديره ، وجفت قلوبهم. فيكون (يومئذ) بدلا من (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ).

والثانى : أن يكون منصوبا بتقدير ، اذكر يوم ترجف.

قوله تعالى : (هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى) (١٨).

هل لك ، فى كلامهم محمول على (ادعوا) فكأنه قال : ادعوا إلى التزكى. وتزكى ، قرئ (تزكّى) بالتشديد وأصله تتزكى ، فمنهم من حذف إحدى التاءين للتخفيف ، ومنهم من أبدل من التاء الثانية زايا ، وأدغم التاء فى الزاى ، ولم يدغم الزاى فى التاء ، لأن فى الزاى زيادة صوت على ما قدمنا.

قوله تعالى : (فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى) (٢٥).

نكال ، منصوب من وجهين.

أحدهما : أن يكون مفعولا له.

والثانى : أن يكون مصدرا.

قوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ طَغى (٣٧) وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى) (٣٩).

الفاء فى (فأما) جواب (إذا) ، فى قوله تعالى : (فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ) وهى المأوى ، أى المأوى له ، لأنه لا بد من ذكر يعود من الجملة إلى المبتدأ ، وذهب الكوفيون إلى أن الألف واللام ، عوض عن الضمير العائد والتقدير فيه ، مأواه ، وقد قدمنا ذكره.

٤٩٣

«غريب إعراب سورة عبس»

قوله تعالى : (عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى) (٢).

أن جاءه ، فى موضع نصب لأنه مفعول له ، وتقديره ، لأن جاءه ، فحذف اللام فاتصل الفعل به. ومنهم من جعله فى موضع جر ، بإعمال حرف الجر مع الحذف ، لكثرة حذفها معها ، وهى وحرف الجر فى موضع نصب بالفعل قبلها.

قوله تعالى : (فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى) (٤).

يقرأ (فتنفعه) ، بالرفع والنصب. فالرفع بالعطف على (يذّكّر).

والنصب على جواب (لعل) بالفاء بتقدير (أن).

قوله تعالى : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) (١٧).

ما ، فيها وجهان.

أحد : أن تكون تعجبية.

والثانى : أن تكون استفهامية.

قوله تعالى : (كَلَّا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ) (٢٣).

لمّا ، حرف جزم ، معناه النفى لما قرب من الحال ، ف (لما) قضى.

لقد قام. ولم نفى لقام. وما أمره ، تقديره ، لما أمر به ، فحذف الباء من (به) ، ثم حذف الهاء العائدة إلى (ما) فصار : لما أمره.

قوله تعالى : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ (٢٤) أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا) (٢٥).

٤٩٤

أنّا ، يقرأ بالفتح والكسر.

فالفتح من وجهين.

أحدهما : على البدل من (طعامه) بدل الاشتمال ، لأن هذه الأشياء تشتمل على الطعام.

والثانى : أن يكون على تقدير اللام ، وتقديره : لأنا شققنا (١).

والكسر ، على الابتداء والاستئناف.

قوله تعالى : (فَإِذا جاءَتِ) (٣٣) جوابه : (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) (٣٧).

وتقديره : استقر لكل امرئ منهم.

__________________

(١) (صببنا) فى أ ، ب ، وأرجح أنها (شققنا) كما فى الآية.

٤٩٥

«غريب إعراب سورة كورت» (١)

قوله تعالى : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) (١).

إذا ، ظرف والعامل فيه ، وفى كل (إذا) بعدها قوله تعالى :

(عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ).

قوله تعالى : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) (١٩).

جواب القسم ، لأن معناه ، أقسم.

وقوله تعالى : (وَما صاحِبُكُمْ) (٢٢).

عطف على جواب القسم.

كذلك قوله تعالى : (وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ) (٢٥).

فهما داخلان فى جواب القسم.

قوله تعالى : (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) (٢٦).

تقديره ، قال ، أين تذهبون ، إلا أنه حذف حرف الجر كما حذف (*) من قولهم : ذهبت الشام. أى إلى الشام.

__________________

(١) سورة التكوير.

(*) عند هذه العلامة سقطت ورقات من (ب) وفيها جزء من سورة التكوير ، والانفطار ، والمطففين ، والانشقاق ، والبروج ، والطارق ، وسبح ، وعنوان الغاشية.

٤٩٦

قوله تعالى : (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) (٢٨). لمن ، بدل من قوله (للعالمين) بدل بعض من كل.

قوله تعالى : (وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) (٢٤).

قرئ بالظاء والضاد ، فمن قرأ (بظنين) بالظاء ، أراد به (بمتهم) ، ومن قرأ بالضاد أراد (ببخيل) والله أعلم.

٤٩٧

«غريب إعراب سورة انفطرت (١)»

قوله تعالى : (ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ) (٦).

ما ، استفهامية فى موضع رفع ، لأنه مبتدأ. وغرّك ، خبره.

قوله تعالى : (فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ) (٨).

ما ، فيها وجهان.

أحدهما : أن تكون زائدة و (فى) تتعلق ب (ركّبك) ، وتقديره ركّبك فى أى صورة شاء ، فحذف (ما).

والثانى : أن تكون (ما) شرطية وشاء ، فى موضع جزم ب (ما). وركّبك ، جواب الشرط. و (فى) فى هذا الوجه متعلقة بعامل مقدر ، لأن ما بعد حرف الشرط لا يعمل فيما قبله. ولا يكون متعلقا (بعد لك). لأن الاستفهام لا يتعلق بما قبله ، فوجب أن يكون متعلقا بعامل مقدر بعد قوله (فى أى صورة) ، وتقديره : كونك فى أى صورة.

قوله تعالى : (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً) (١٩).

يوم ، يقرأ بالرفع والنصب.

فالرفع من وجهين.

أحدهما : أن يكون مرفوعا على البدل من (يوم الدين) المرفوع.

__________________

(١) سورة الانفطار.

٤٩٨

والثانى : أن يكون مرفوعا لأنه خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، هو يوم لا تملك.

والنصب على البدل من (يوم الدين) الأول المنصوب. ويجوز أن تكون الفتحة فيه فتحة بناء لا فتحة إعراب. ويكون فى موضع رفع على البدل من (يوم الدين) المرفوع ، إلا أنه لإضافته إلى غير متمكن (١).

__________________

(١) يبدو أن هناك نقصا

٤٩٩

«غريب إعراب سورة المطففين»

قوله تعالى : (كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ) (٣).

فى الهاء والميم فى (كالوهم) و (وزنوهم) وجهان.

أحدهما : أن يكون ضميرا منصوبا (لكالوهم ووزنوا) ، وتقديره ، كالوا لهم. ووزنوا لهم. فحذفت اللام ، فاتصل الفعل به.

والثانى : أن يكون (هم) ضميرا مرفوعا مؤكدا لما فى (كالوهم ووزنوا). فعلى الوجه الأول يكتب (كالوا ووزنوا) بالألف ، وعلى الوجه الثانى لا يكتب بالألف وهو فى المصحف مكتوب بغير الألف.

قوله تعالى : (لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ) (٦)

يوم الثانى : فيه وجهان.

أحدهما : أن يكون منصوبا بفعل مقدر دل عليه (مبعوثون) ، وتقديره ، مبعوثون يوم يقوم الناس.

والثانى : أن يكون بدلا من موضع الجار والمجرور فى قوله تعالى : (لِيَوْمٍ عَظِيمٍ).

قوله تعالى : (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ) (٧).

سجّين ، فعيل من السجن ، وقيل : النون فيه بدلا من اللام.

قوله تعالى : (كِتابٌ) (٩).

٥٠٠