البيان في غريب إعراب القرآن - ج ٢

أبو البركات بن الأنباري

البيان في غريب إعراب القرآن - ج ٢

المؤلف:

أبو البركات بن الأنباري


المحقق: الدكتور طه عبد الحميد طه
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: الهيئة المصريّة العامّة للكتاب
الطبعة: ٢
ISBN: 977-419-179-X
الصفحات: ٥٧٦
الجزء ١ الجزء ٢

قوله تعالى : (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ) (١٢).

يوم ، منصوب على الظرف ، والعامل فيه (وله أجر كريم). ويسعى نورهم ، جملة فعلية فى موضع نصب على الحال ، لأن (ترى) من رؤية البصر لا من رؤية القلب.

قوله تعالى : (بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ) (١٢).

تقديره ، دخول جنات ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ، لأن البشارة إنما تكون بالأحداث لا بالجثث.

قوله تعالى : (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ) (١٣).

يوم ظرف والعامل فيه وجهان.

أحدهما : أن يكون العامل فيه (ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).

والثانى : أن يكون بدلا من (يوم) الأول.

قوله تعالى : (ارْجِعُوا وَراءَكُمْ) (١٣).

(وراء) ههنا اسم ل (ارجعوا) وليس بظرف ل (ارجعوا) قبله ، وفيه ضمير لقيامه مقام الفعل ، ولا يكون ظرفا للرجوع لقلة الفائدة فيه ، لأن لفظ الرجوع يغنى عنه ، ويقوم مقامه.

قوله تعالى : (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ) (١٣).

الباء زائدة. وسور فى موضع رفع لأنه مفعول ما لم يسم فاعله.

قوله تعالى : (مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ) (١٥).

مولاكم ، فيه وجهان.

٤٢١

أحدهما : أن يكون (مولاكم) مصدرا مضافا إلى المفعول ، ومعناه تليكم وتمسكم.

والثانى : أن يكون معناه ، أولى بكم. وأنكر بعضهم هذا الوجه وقال : إنه لا يعرف المولى بمعنى الأولى.

قوله تعالى : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ) (١٦).

ما ، اسم موصول بمعنى الذى فى موضع جر بالعطف على قوله : (لِذِكْرِ اللهِ). ويجوز أيضا أن تكون مصدرية ، وتقديره ، لذكر الله وتنزيل الحق.

قوله تعالى : (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً) (١٨).

وأقرضوا ، فيه وجهان.

أحدهما : أن يكون معطوفا على ما فى صلة الألف واللام ، على تقدير ، إن الذين تصدقوا وأقرضوا. ولا يكون (والمصدقات) فاصلا بين الصلة والموصول ، لأنه بمعنى ، واللائى تصدقن.

والثانى : أن يكون (وَأَقْرَضُوا اللهَ) اعتراضا بين اسم (إن) وخبرها ، وهو (يضاعف لهم) وجاز هذا الاعتراض لأنه يؤكد الأول ، وإذا كان الاعتراض يؤكد الأول كان جائزا ، كقول الشاعر.

١٦٦ ـ ألا هل أتاها ـ والحوادث جمّة ـ

بأنّ امرأ القيس بن تملك بيقرا (١)

__________________

(١) البيت من شواهد ابن جنى وهو لامرئ القيس. الخصائص ١ ـ ٣٣٥. تملك : أمه. بيقر : ترك البادية ونزل العراق أو نزل الحضر.

٤٢٢

فقوله : والحوادث جمة ، اعتراض بين الفعل وهو (أتاها) ، والفاعل وهو (بأن امرأ القيس) ، إلا أنه لما كان ذلك مؤكدا للمعنى ، كان جائزا.

قوله تعالى : (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ) (٢٠).

الكاف فى (كمثل) ، فى موضع رفع من وجهين.

أحدهما : أن يكون وصفا لقوله (تفاخر بينكم).

والثانى : أن يكون فى موضع رفع لأنه خبر بعد خبر وهى (الحياة) فى قوله تعالى : (أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ).

قوله تعالى : (عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ) (٢١).

كعرض ، الجار المجرور فى موضع رفع ، لأنه خبر المبتدأ الذى هو (عرضها) ، والجملة فى موضع جر لأنها صفة ل (جنة) ، وكذلك أيضا قوله تعالى : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها) (٢٢).

فى الأرض ، فى موضعه ثلاثة أوجه : الجر والرفع والنصب. فالجر على أنه صفة (لمصيبة) على اللفظ وتقديره ، كائنة فى الأرض. والرفع لأنه ، وصف (١) ل (مصيبة) على الموضع ، وموضعها الرفع ، لأن (من) زائدة ، وفى الصفة ضمير يعود على الموصوف.

والنصب على أن يكون متعلقا. ب (أصاب) أو ب (مصيبة) فلا يكون إذا فيه ضمير.

وقوله تعالى : (إِلَّا فِي كِتابٍ)

فى موضع نصب على الحال. وتقديره ، إلا مكتوبا.

__________________

(١) (وصفا) فى أ.

٤٢٣

والهاء فى (نبرأها) فبها ثلاثة أوجه

الأول : أنها تعود على النفس.

والثانى : أنها تعود على الأرض.

والثالث : أنها تعود على المصيبة.

قوله تعالى : (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى) (٢٣).

تأسوا ، منصوب بنفس (كى) لا بتقدير (أن) بعدها ، لأن اللام ههنا حرف جر ، وقد دخلت على (كى) ، فلا يجوز أن تكون (كى) ههنا حرف جر. لأن حرف الجر لا يدخل على حرف الجر.

قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) (٢٥).

فيه بأس شديد ، جملة مركبة من مبتدأ وخبر. فى موضع نصب على الحال من (الحديد).

قوله تعالى : (وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ) (٢٥).

ورسله ، منصوب بالعطف على (الهاء) فى (ينصره) ، وتقديره ، وينصر رسله كقوله تعالى :

(وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ)(١)

ولا يجوز أن يكون منصوبا (بيعلم) لأنه (٢) يصير فصلا بين الصلة والموصول ، لأن قوله (بالغيب) من صلة (ينصره) ، فلو جعل منصوبا بالعطف على (من) ، كان منصوبا ب (يعلم) فيقع الفصل بقوله : (ورسله) بين (ينصر) وما تعلق به من قوله : (بالغيب) ، وذلك لا يجوز.

قوله تعالى : (وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً

__________________

(١) ٨ سورة الحشر.

(٢) (لا) فى أبدل (لأنه) فى ب.

٤٢٤

وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ) (٢٧).

ورهبانية ، منصوبة بفعل مقدر ، وتقديره ، ابتدعوا رهبانية ابتدعوها. وابتغاء ، منصوب من وجهين.

أحدهما : أن يكون منصوبا لأنه استثناء من غير الجنس.

والثانى : أن يكون بدلا من الضمير المنصوب فى (كتبناها).

قوله تعالى : (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللهِ) (٢٩).

قرئ (لئلا) بكسر اللام وفتحها ، فمن كسر على القراءة المشهورة فعلى أصل اللام مع المظهر ، ومن فتح فلأن (أن) مع الفعل يشبه المضمر من حيث أنها لا توصف كالمضمر ، وحرف الجر يفتح مع المضمر ، فكذلك هذه اللام ، وهى لغة لبعض العرب ، وقد أنشدوا قول الشاعر :

١٦٧ ـ أريد لأنسى ذكرها فكأنّما

تمثّل لى ليلى بكل سبيل (١)

ففتحوا اللام على هذه اللغة ، لما ذكرنا. وفى (لا) وجهان.

أحدهما : أن تكون زائدة.

والثانى : أن تكون غير زائدة ، لأن قوله تعالى :

(يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ)

لئلا يعلم أهل الكتاب أن يفعل بكم هذه الأشياء ليبين جهل أهل الكتاب ، وأن ما يؤتيكم الله من فضله لا يقدرون على إزالته وتغييره.

__________________

(١) قال المبرد : «... والنحويون يقولون فى قوله جل ثناؤه (قل عسى أن يكون ردف لكم ، إنما هو ردنكم ، وقال كثير :» وذكر الشاهد ٢ ـ ٧١.

٤٢٥

«غريب إعراب سورة المجادلة»

قوله تعالى : (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ) (٢).

الذين ، مبتدأ ، وخبره (ما هن أمهاتهم). وقرئ (أمهاتهم) بالنصب والرفع. فالنصب على لغة أهل الحجاز ، والرفع على لغة بنى تميم.

قوله تعالى : (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً) (٢).

منكرا وزورا ، منصوب على الوصف لمصدر محذوف ، وتقديره ، وإنهم ليقولون قولا منكرا وقولا زورا.

قوله تعالى : (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) (٣).

الجار والمجرور فى موضع نصب ، لأنه يتعلق ب (يعودون) ، وما مصدرية ، وتقديره ، يعودون لقولهم. والمصدر فى موضع المفعول ، كقولك : هذا الثوب نسج اليمن ، أى منسوجه. ومعناه ، يعودون للإمساك المقول فيه الظهار ولا يطلق ، وقيل : اللام فى (لما قالوا) ، بمعنى (إلى) ، أى يعودون إلى قول الكلمة التى قالوها أولا من قولهم : أنت علىّ كظهر أمس. وهذا مذهب أهل الظاهر.

قوله تعالى : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً) (٦).

يوم ، ظرف وهو متعلق بما قبله وهو قوله تعالى :

(وَلِلْكافِرِينَ (١) عَذابٌ مُهِينٌ)

__________________

(١) (ولهم) فى أ ، ب بدلا من (وللكافرين) فى الآية.

٤٢٦

أى ، لهم عذاب مهين فى هذا اليوم.

قوله تعالى : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ) (٧).

ثلاثة ، مجرور من وجهين.

أحدهما : أن يكون مجرورا بالإضافة ، ويكون (النجوى) مصدرا.

والثانى : أن يكون مجرورا على البدل ، ويكون بمعنى (متناجين) وتقديره ، ما يكون من متناجين ثلاثة.

قوله تعالى : (حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (٨).

حسبهم جهنم ، مبتدأ وخبر. ويصلونها ، جملة فعلية فى موضع نصب على الحال من (جهنم). وبئس المصير ، تقديره جهنم ، وحذف المقصود بالذم ، وقد قدمنا نظائره.

قوله تعالى : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً) (١٨).

جميعا ، منصوب على الحال من الهاء والميم فى (يبعثهم) ، وهو العامل فى الحال.

قوله تعالى : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ) (٢١).

كتب ، أجرى محرى القسم ولهذا أجيب بما يجاب به القسم فقيل : (لأغلبن). ورسلى ، فى موضع رفع بالعطف على الضمير فى (لأغلبن) ، وإنما جاز العطف على الضمير المرفوع المستتر لتأكيده بقوله (أنا) ، وإذا أكد الضمير المنفصل أو المستتر جاز العطف عليه.

__________________

(١) (وبئس) فى أ ، ب.

٤٢٧

«غريب إعراب سورة الحشر»

قوله تعالى : (ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ) (٢).

إنما أتى ب (أن) الخفيفة والثقيلة بعد الظن ، لأن الظن يتردد بين الشك واليقين ، فتارة يحمل على الشك ، فيؤتى بالخفيفة ، وتارة يحمل على اليقين فيؤتى بالثقيلة. وحصونهم ، مرفوعة بقوله : (ما نعتهم) ، لأن اسم الفاعل جرى خبرا ل (أن) فوجب أن يرفع ما بعده.

قوله تعالى : (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ) (٩).

الذين ، فى موضع جر لأنه معطوف على قوله : (للفقراء). والإيمان ، منصوب بتقدير فعل ، وتقديره ، وقبلوا الإيمان. وقيل تقديره ، تبوءوا الدار ودار الإيمان. ويحبون ، جملة فعلية فى موضع نصب على الحال من (الذين) ، ويجوز أن يكون (يحبون) فى موضع رفع ، على أن يجعل (الذين) مبتدأ ، ويحبون ، خبره.

قوله تعالى : (لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ) (١٢).

لم يجزم (يخرجون وينصرون) ، لأنهما جوابا قسمين قبلهما ، وتقديره ، والله لا يخرجون معهم ولا ينصرونهم. فلذلك لم ينجز ما بحرف الشرط ، وقد قدمنا نظائره.

قوله تعالى : (كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) (١٥).

٤٢٨

كمثل ، جار ومجرور فى موضع رفع لأنه خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، مثلهم كمثل الذين من قبلهم.

وكذلك قوله تعالى : (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ) (١٦).

تقديره ، مثلهم كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر. فحذف المبتدأ.

قوله تعالى : (فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها) (١٧).

عاقبتهما ، منصوب لأنه خبر كان. و (أن) واسمها وخبرها ، فى موضع رفع لأنها اسم (كان). وخالدين ، منصوب على الحال من المضمر فى الظرف فى قوله : (فِي النَّارِ) ، وتقديره ، كائنان فى النار خالدين فيها. وكرر (فى) تأكيدا كقولهم : زيد فى الدار قائم فيها. ويجوز رفع (خالدين) ، على خبر (أن) وهى قراءة الأعمش (*) ، ولا خلاف فى جواز الرفع والنصب عند البصريين ، بل يجوز الرفع كما يجوز النصب.

وذهب الكوفيون إلى أنه لا يجوز الرفع لوجهين.

أحدهما : أنهم قالوا : الظرف الثانى إنما تحصل الفائدة فيه مع النصب ، لأن (فى) الأول ، يكون خبرا للمبتدأ ، ويكون الظرف الثانى ظرفا للحال ، فيكون كلاما مستقيما لا يلغى منه شىء ، ومع الرفع تبطل فائدة الظرف الثانى ، وحمل الكلام على ما فيه فائدة أولى.

الثانى : أن جواز الرفع فيه يؤدى إلى أن يتقدم المضمر على المظهر ، لأنه يصير التقدير ، فكان عاقبتهما أنهما خالدان فيها فى النار. وما تمسكوا به ليس فيه ما يوجب منع جواز الرفع.

__________________

(*) الأعمش : هو أبو محمد سليمان بن مهران الأعمش ، كان قارئا ، حافظا ، عالما بالفرائض ت ١٤٨ ه‍.

٤٢٩

أما قولهم : إن الفائدة ، إنما تحصل مع النصب لا مع الرفع ، لأن النصب لا يلغى فيه الظرف بخلاف الرفع ، وحمل الكلام على ما فيه فائدة أولى. فنقول هذا لا يوجب منع الجواز ، لأن قصارى ما يكون مانعا التكرار ، والتكرار لا يوجب منع الجواز ، لأن من كلامهم أن يؤكد اللفظ بتكريره ، وإن حصلت الفائدة بالأول كقولك : ضربت زيدا زيدا. وأكرمت عمرا عمرا. فيكون الثانى توكيدا للأول ، وإن كان قد وقعت الفائدة ، ولا يقال : إن ذلك لا يجوز لحصول الفائدة بالأول ، وكون التأكيد جائزا فى كلامهم مستعمل فى لغتهم على هذا النحو لا يمكن إنكاره بحال ، فلا يجوز أن يكون مانعا. وأما قولهم فى الوجه الثانى أنه يؤدى إلى أن يتقدم المضمر على المظهر ، فنقول : هذا التقديم فى تقدير التأخير ، وإذا كان الضمير فى تقدير التأخير ، لم يكن مانعا من وجود التقديم. كقوله تعالى :

(فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى)(١)

فالهاء فى (نفسه) تعود إلى (موسى) ، وإن كان مؤخرا فى اللفظ عن الضمير ، إلا أنه لما كان (موسى) فى تقدير التقديم ، والضمير فى تقدير التأخير ، كان ذلك جائزا ، فكذلك ههنا والشواهد على هذا النحو كثيرة جدا ، وقد بينا ذلك مستوفى فى كتاب الإنصاف فى مسائل الخلاف (٢).

قوله تعالى : (لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً) (٢١).

خاشعا متصدعا منصوبان على الحال من الهاء فى (رأيته) ، لأن (رأيت) من رؤية البصر.

قوله تعالى : (هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ) (٢٤).

__________________

(١) ٦٧ سورة طه.

(٢) المسألة ٣٣ الإنصاف ١ ـ ١٦٤.

٤٣٠

المصور على وزن مفعل ، من صوّر يصوّر ، لا من صار يصير ، لأنه كان يجب أن يقال المصيّر بالياء ، وهو مرفوع على أنه وصف بعد وصف ، أو خبر بعد خبر ، وقرئ (المصوّر) بفتح الواو ، والمراد بالمصوّر آدم عليه‌السلام وأولاده ، والمعنى الخالق الذى يرأ المصوّر ، وقرئ (المصوّر) بالجر على الإضافة : كقولهم : ، الضارب الرجل ، بالجر حملا على الصفة المشبهة باسم الفاعل كقولهم : الحسن الوجه.

٤٣١

«غريب إعراب سورة الممتحنة»

قوله تعالى : (تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) (١).

تلقون ؛ جملة فعلية فى موضع نصب على الحال من الواو فى (لا تتخذوا) ، وتقديره ، لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء ملقين. وقيل : (تلقون) منقطع مما قبله ، وتقديره ، أتلقون إليهم. فحذف همزة الاستفهام كقوله تعالى :

(وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ)(١)

تقديره ، أو تلك نعمة.

قوله تعالى : (يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) (١).

يخرجون : جملة فعلية فى موضع نصب على الحال من الواو فى (كفروا). وأن تؤمنوا ، أن وصلتها فى موضع نصب على المفعول له. وإن ، حرف شرط ، وجوابه فيما تقدم ، لدلالة الكلام عليه. وجهادا وابتغاء ، منصوبان لوجهين.

أحدهما : أن يكون مفعولا له.

والثانى : أن يكون مصدرا فى موضع الحال ، وتقديره ، مجاهدين فى سبيلى ، ومبتغين لمرضاتى. وتسرون ، جملة فعلية فى موضع نصب على الحال ، وتقديره ، مسرين إليهم بالمودة. والباء فى (بالمودة) زائدة.

__________________

(١) ٢٢ سورة الشعراء.

٤٣٢

قوله تعالى : (يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ) (٣).

يوم ، ظرف ، وفى عامله وجهان.

أحدهما : (ينفعكم). والثانى : (يفصل) ، وقرئ (يفصل بينكم) ، بفتح الياء على ما سمى فاعله ، وتقديره ، يفصل الله بينكم. وقرئ (يفصل) على ما لم يسم فاعله ، فيكون (بينكم) قائما مقام الفاعل ، إلا أنه بنى على الفتح ، كقوله :

(لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ)(١)

أى ، وصلكم. وقد قدمنا ذكره.

قوله تعالى : (إِنَّا بُرَآؤُا) (٤).

قرئ (برآء) ، بضم الباء وكسرها وفتحها ، فمن قرأ (برآء) بضم الباء ، فهو جمع برىء نحو شريف وشرفاء وظريف وظرفاء ، وحذف الهمزة الأولى تخفيفا. ومن قرأ (برآء) بكسر الباء ، جعله أيضا جمع (برىء) كشراف وظراف. ومن قرأ بالفتح جعله مصدرا دالا على الجمع ولفظه يصلح للواحد والجمع.

قوله تعالى : (قَوْلَ إِبْراهِيمَ) (٤).

منصوب لأنه استثناء من قوله تعالى : (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ) ، أى كائنة فى سنّته وأقواله ، إلا قوله لأبيه لأستغفرن لك.

قوله تعالى : (أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) (٨).

أن تبروهم ، فى موضع جر على البدل من (الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ) بدل الاشتمال.

وكذلك قوله تعالى : (أَنْ تَوَلَّوْهُمْ) (٩).

__________________

(١) ٩٤ سورة الأنعام.

٤٣٣

بدل الاشتمال أيضا. وقيل : هما منصوبان على المفعول له.

(وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) (٨).

عدّاه ب (إلى) حملا على (تحسنوا) ، فكأنه قال : تحسنوا إليهم.

قوله تعالى : (أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ) (١٠).

أن ، فى موضع نصب بتقدير حذف حرف جر وتقديره فى أن تنكحوهن.

قوله تعالى : (وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ) (١٢).

يفترينه ، جملة فعلية ، وفى موضعها وجهان.

النصب على الحال من المضمر فى (يأتين). والجر على الوصف ل (بهتان).

قوله تعالى : (كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) (١٣).

من أصحاب القبور ، فى موضع نصب لأنه يتعلق ب (يئس) وتقديره ، يئسوا من بعث أصحاب القبور. فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.

٤٣٤

«غريب إعراب سورة الصف»

قوله تعالى : (كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ) (٣).

مقتا ، منصوب على التمييز. وفى (كبر) فاعل ، على شريطة التفسير لم يجر له ذكر ، وتقديره ، كبر المقت مقتا. كقوله تعالى :

(كَبُرَتْ كَلِمَةً)(١)

وقد قدمنا ذكرها. وأن تقولوا ، فى موضع رفع من وجهين.

أحدهما : أن يكون فى موضع رفع على الابتداء ، وكبر مقتا خبر مقدم ، وتقديره ، قولكم ما لا تفعلون كبر مقتا.

والثانى : أن يكون فى موضع رفع ، لأنه خبر مبتدأ محذوف وتقديره ، هو أن تقولوا ما لا تفعلون.

قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) (٤).

صفّا ، منصوب على المصدر فى موضع الحال. وكأنهم بنيان مرصوص ، فى موضع نصب على الحال من الواو فى (يقاتلون) ، أى يقاتلون مشبهين بنيانا مرصوصا.

قوله تعالى : (يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) (٦).

(٢) (يأتى مع الضمير ، جملة فعلية فى موضع جر ، لأنه صفة لرسول. واسمه أحمد ، جملة اسمية فى موضع جر لأنه صفة بعد صفة ، واسمه أحمد أى قولنا (*) أحمد ليكون) (٣). الخبر هو المبتدأ.

__________________

(١) ٥ سورة الكهف.

(٢ ـ ٢) الجملة التى بين القوسين من (ب) وهى ساقطة من أ.

(٣) (أي قولنا) زيادة منقولة من أ.

٤٣٥

قوله تعالى : (تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ) (١١).

تؤمنون بالله ، خبر معناه الأمر ، أى آمنوا ، وهكذا فى قراءة عبد الله بن مسعود ، والذى يدل على ذلك قوله تعالى :

(يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) (١٢)

بجزم (يغفر) على الجواب وتقديره ، آمنوا إن تؤمنوا يغفر لكم. ولو لا أنه فى معنى الأمر ، وإلا لما كان للجزم وجه.

وزعم قوم أن (يغفر) مجزوم لأنه جواب الاستفهام ، وليس كذلك ، لأنه لو كان كذلك لكان تقديره ، إن دللتكم على تجارة يغفر لكم. وقد دل كثيرا على الإيمان ولم يؤمنوا ولم يغفر لهم.

قوله تعالى : (وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ) (١٣).

أخرى ، فى موضعها وجهان.

أحدهما : أن يكون فى موضع جر ، لأنه معطوف على قوله : (تجارة) وتقديره ، وعلى تجارة أخرى. فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه.

والثانى : أن يكون فى موضع رفع على الابتداء ، وتقديره ، ولكم خلّة أخرى. والوجه الأول أوجه الوجهين. وتحبونها ، جملة فعلية فى موضع جر أو رفع لأنها وصف بعد وصف. ونصر من الله ، مرفوع لأنه خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، هى نصر من الله.

قوله تعالى : (فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ) (١٤).

ظاهرين ، منصوب لأنه خبر (أصبح).

٤٣٦

«غريب إعراب سورة الجمعة»

قوله تعالى : (رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ) (٢).

منهم ، فى موضع نصب لأنه صفة ل (رسول) ، وكذلك قوله تعالى : (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ) ، وكذلك ما بعده من المعطوف عليه.

قوله تعالى : (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ) (٣).

آخرين ، يحتمل وجهين ، النصب والجر ، فالنصب من وجهين.

أحدهما : أن يكون منصوبا بالعطف على الهاء والميم فى (يعلمهم).

والثانى : أن يحمل على معنى (يتلو عليهم آياته) ، لأنه فى معنى (يعرفهم آياته) ، والجر بالعطف على قوله تعالى : (فِي الْأُمِّيِّينَ) ، وتقديره ، بعث فى الأميين رسولا منهم وفى آخرين. و (من) فى (منهم) للتبيين ، وليس (من) التى تصحب أفعل ، نحو : زيد أفضل من عمرو. لأنه لا يجوز أن يقال : الزيدون أفضلون من عمرو. لأنه وإن كان (آخر) على أفعل كأفضل ، إلا أنه ليس بمنزلة ، ألا ترى أنه لا يقال : آخر منه ، كما يقال : أفضل منه. ولما ، مركبة من (لم وما) ، وهى لنفى ما يقرب من الحال ، بخلاف (لم) ، فلما يقم. نفى ل (قد قام زيد) ، ولم يقم ، نفى ل (قام زيد) ، لأن قام زيد فيه دلالة على القرب من الحال ، لمكان (قد) و (قام) لا دليل (١) فيه على قربه من الحال لعدم (قد).

قوله تعالى : (كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً) (٥).

الكاف فى (كمثل) فى موضع رفع لأنها فى موضع خبر المبتدأ ، وهو (مثل الذين حملوا). ويحمل ، جملة فعلية فى موضع نصب على الحال ، وتقديره ، كمثل الحمار

__________________

(١) (دلة) فى أ.

٤٣٧

حاملا أسفارا ، وذهب الكوفيون إلى أن (يحمل) ، صلة لموصول محذوف ، وتقديره ، الذى يحمل. فحذف الاسم الموصول ، والبصريون يأبون جواز حذف الاسم الموصول ، وقد قدمنا ذكره.

قوله تعالى : (بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ) (٥).

فى موضع ، (الذين) وجهان.

أحدهما : الرفع والجر ، فالرفع على تقدير حذف المضاف وتقديره ، بئس مثل القوم مثل الذين كذبوا. فحذف (مثل) المضاف المرفوع ، وأقيم المضاف إليه مقامه ، والجر على أن يكون (الذين) وصفا للقوم الذين كذبوا بآيات الله ، ويكون المقصود بالذم محذوفا ، وتقديره مثلهم.

قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) (٨).

فى موضع رفع لأنه خبر (إن) ، وفى دخول الفاء وجهان.

أحدهما : أن تكون زائدة ، لأن الفاء إنما تدخل إذا وقعت فى خبر الذى ، وههنا لم تقع فى خبر الذى ، وإنما وقعت خبرا لموصوفها وهو الموت.

والثانى : أنها غير زائدة لأن (الذى) لمّا جرى وصفا لما وقعت خبرا عنه ، والوصف فى المعنى هو الموصوف ، جاز أن تدخل الفاء فى خبر الذى إذا وصل بفعل ، لما فيه من الإبهام ، فأشبه الشرط ، فدخلت فى خبر الفاء كما تدخل فى الشرط ، ويحتمل أن يكون (الذى تفرون منه) ، هو الخبر ، وتكون الفاء جوابا للجملة كقولك : زيد عالم فأكرمه.

قوله تعالى : (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) (٩).

من ، بمعنى (فى) ، فى يوم الجمعة. ويقرأ (الجمعة) ، بضم الميم وسكونها وفتحها ، بالضم على الأصل ، والسكون على التخفيف ، والفتح على نسبة الفعل إليها كأنها تجمع

٤٣٨

الناس ، كقولهم : رجل هزأة وسخرة ولحنة ، إذا كان يهزأ من الناس ويسخر منهم ويلحنهم.

قوله تعالى : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها) (١١).

كنى عن أحدهما دون الآخر للعلم بأنه داخل فى حكمه ، كقوله تعالى :

(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها)(١)

وكقوله تعالى :

(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ)(٢)

وقد قدمنا ذكره.

__________________

(١) ٣٤ سورة التوبة.

(٢) ٤٥ سورة البقرة.

٤٣٩

«غريب إعراب سورة (المنافقون)»

قوله تعالى : (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ) (١).

العامل فى (إذا) ، جاءك وإنما جاز أن يعمل فيها وإن كان مضافا إليه ، لأن (إذا) فيها معنى الشرط ، والشرط إنما يعمل فيه ما بعده لا ما قبله ، وقيل العامل فيه الجزاء وهو (قالوا) ، وقد قدمنا الخلاف فيه.

قوله تعالى : (قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) (١).

إنما كسرت (إن) (١) فى هذه المواضع ، لمكان لام التأكيد فى الخبر ، لأنها فى تقدير التقديم فعلقت الفعل عن العمل.

قوله تعالى : (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) (٤).

خشب ، يقرأ بضم الشين وسكونها ، فمن قرأ بالضم فعلى الأصل ، ومن قرأ بالسكون فعلى التخفيف كأسد وأسد.

قوله تعالى : (إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٢).

ما ، فيها وجهان.

أحدهما : أن تكون موصولة فى موضع رفع لأنها فاعل (ساء). و (يعملون) ، جملة فعلية صلتها ، والعائد محذوف وتقديره ، يعملونه. فحذف الهاء تخفيفا.

والثانى : أن تكون مصدرية فى موضع رفع أيضا ب (ساء) ، ولا تفتقر إلى عائد

__________________

(١) (اللام) فى أ.

٤٤٠