البيان في غريب إعراب القرآن - ج ٢

أبو البركات بن الأنباري

البيان في غريب إعراب القرآن - ج ٢

المؤلف:

أبو البركات بن الأنباري


المحقق: الدكتور طه عبد الحميد طه
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: الهيئة المصريّة العامّة للكتاب
الطبعة: ٢
ISBN: 977-419-179-X
الصفحات: ٥٧٦
الجزء ١ الجزء ٢

وسيماهم ، مبتدأ ، وخبره فيه وجهان.

أحدهما : أن يكون الخبر (فى وجوههم).

والثانى : أن يكون الخبر (من أثر السجود). وذلك مثلهم فى التوراة ، مبتدأ وخبر ومثلهم فى الإنجيل ، فيه وجهان.

أحدهما أن يكون معطوفا على (مثل) الأول ، ويكون (كزرع) فى موضع رفع لأنه خبر مبتدأ محذوف وتقديره ، هم كزرع.

والثانى : أن يكون (مثلهم فى الإنجيل) مبتدأ. وكزرع ، خبره. فيكون لهم على هذا الوجه مثلان وصفوا بهما ، أحدهما فى التوراة والآخر فى الإنجيل ، وعلى الوجه الأول ، لهم مثلان كلاهما فى التوراة والإنجيل.

٣٨١

«غريب إعراب سورة الحجرات»

قوله تعالى : (كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ) (٢). الكاف ، فى موضع نصب لأنها صفة مصدر محذوف ، وتقديره ، جهرا كجهر بعضكم. وأن تحبط ، فى موضع نصب ، بتقدير حذف حرف الجر ، وتقديره ، لأن تحبط. ويجوز أن يكون فى موضع جر ، بإعمال حرف الجر مع الحذف ، وقد قدمنا نظائره.

قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى) (٣).

أولئك ، فى موضع رفع من وجهين :

أحدهما : أن يكون خبر (إن).

والثانى : أن يكون (أولئك) مبتدأ ، وخبره (لهم مغفرة) ، والجملة من المبتدأ والخبر خبر (إن) ، ويجوز أن يكون (أولئك) صفة (الذين) ، ويكون (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) خبر (إن). ومغفرة ، مرفوع من وجهين :

أحدهما : أن يكون مرفوعا بالظرف.

والثانى : أن يكون مرفوعا لأنه مبتدأ ، والظرف خبر مقدم عليه ، وهذا أوجه الوجهين.

قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) (٤).

٣٨٢

أكثرهم ، مبتدأ ، ولا يعقلون ، خبره ، والجملة من المبتدأ والخبر فى موضع رفع ، لأنه خبر (إن).

قوله تعالى : (فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ) (٦).

فى تقديره وجهان :

أحدهما : أن يكون التقدير ، كراهية أن تصيبوا.

والثانى : أن يكون التقدير ، لئلا تصيبوا.

قوله تعالى : (فَضْلاً مِنَ اللهِ) (٨).

منصوب من وجهين :

أحدهما : أن يكون منصوبا على المفعول له.

والثانى : أن يكون مصدرا مؤكدا لما قبله.

(وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) (٩).

طائفتان ، مرفوع بفعل مقدر ، وتقديره ، وإن اقتتل طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ، ولا يجوز أن يحذف الفعل مع شىء من كلمات الشرط العاملة إلا مع (إن) ، لأنها الأصل فى كلمات الشرط ، ويثبت للأصل مالا يثبت للفرع.

قوله تعالى : (لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً) (١٤).

وقرئ (يألتكم). فمن قرأ (لا يألتكم) ، جعله من (ألت يألت) ومن قرأ (يلتكم) جعله من (لات يليت) مثل باع يبيع ، والقراءتان بمعنى واحد ، يقال ألته يألته ، ولانه يليته ، إذا نقصه.

__________________

(١) (لا يألتكم) فى أوهى قراءة.

٣٨٣

«غريب إعراب سورة ق»

قوله تعالى : (وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) (١).

قسم وفى جوابه ثلاثة أوجه :

الأول : أن يكون جوابه محذوفا ، وتقديره (ليبعثن).

والثانى : أن يكون جوابه (قد علمنا) ، وتقديره ، لقد علمنا ، فحذفت اللام.

كقوله تعالى :

(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها)(١)

وهو قول الأخفش والفراء.

والثالث : أن يكون ما قبل القسم قام مقام الجواب ، لأن معنى (ق) ، قضى الأمر (فقضى الأمر) قام مقام الجواب ، ودلت (ق) عليه.

قوله تعالى : (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً) (٣).

العامل فى (إذا) فعل مقدر دل عليه الكلام. وتقديره ، أنبعث إذا متنا وكنا ترابا. ولا يعمل فيه (متنا) ، لأنه مضاف إليه ، والمضاف إليه لا يعمل فى المضاف.

قوله تعالى : (تَبْصِرَةً وَذِكْرى) (٨).

نصب على المفعول ، أى لتبصرة وذكرى.

قوله تعالى : (وَحَبَّ الْحَصِيدِ) (٩).

__________________

(١) ٩ سورة الشمس.

٣٨٤

تقديره وحب الزرع الحصيد ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، وذهب الكوفيون إلى أنه من إضافة الشىء إلى نفسه ، كقولهم : بقلة الحمقاء. والأول هو الوجه : لأن وصف الزرع بالحصيد ، أولى من وصف الحب به ، لأن وصف الزرع بالحصيد هو التحقيق ، والحب اسم لما ينبت فى الزرع ، والحصيد إنما يكون للزرع الذى ينبت فيه الحب لا للحب. ألا ترى أنك تقول : حصدت الزرع ولا تقول : حصدت الحب ، وكذلك التقدير فى قولهم : بقلة الحمقاء ، بقلة الحبة الحمقاء ، لأن الحمقاء اسم لما ينبت من تلك الحبة ، ووصف الحبة بالحمق هو التحقيق لأنها الأصل ، وما ينبت منها فرع عليها ، فكان وصف الأصل بالحمق ، أولى من وصف الفرع ، وإنما وصفت بذلك لأنها تنبت فى مجارى السيول فتقلعها ، ومنه قولهم فى المثل : أحمق من رجلة.

قوله تعالى : (رِزْقاً لِلْعِبادِ) (١١).

منصوب لوجهين.

أحدهما : أن يكون منصوبا على أنه مفعول له.

والثانى : أن يكون منصوبا على أنه مصدر.

قوله تعالى : (وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) (١٦).

ما ، اسم موصول بمعنى الذى ، وتوسوس ، صلته. وبه فى موضع نصب ، لأنه يتعلق بالصلة ، والهاء فى (به) ، تعود على الموصول الذى هو (ما).

قوله تعالى : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) (١٧). فى (قعيد) ثلاثة أوجه :

الأول : أن يكون (قعيد) خبرا عن الثانى ، وحذف (قعيد) من الأول ، وتقديره : عن اليمين قعيد ، وعن الشمال قعيد ، فحذف من الأول لدلالة الثانى عليه.

والثانى : أن يكون (قعيد) خبرا عن الأول ، ولكن أخّر اتساعا ، وحذف (قعيد) من الثانى لدلالة الأول عليه.

٣٨٥

والثالث : أن (قعيدا) يؤدى عن اثنين وأكثر ، ولا حذف فى الكلام وهو قول الفراء.

قوله تعالى : (وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ) (٢١). معها سائق ، فى رفعه وجهان :

أحدهما : أن يكون مبتدأ ، وخبره (معها) ، والجملة فى موضع جر لأنها صفة ل (نفس).

والثانى : أن يكون مرفوعا بالظرف.

قوله تعالى : (هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ) (٢٣).

هذا مبتدأ ، وخبره (ما) ، وهو نكرة موصوفة بمعنى شىء.

وعتيد مرفوع من ثلاثة أوجه :

الأول : أن يكون خبرا لمبتدأ بعد خبر.

والثانى : أن يكون صفة ل (ما).

والثالث : أن يكون بدلا من (ما).

قوله تعالى : (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ) (٢٤).

ألقيا فيه أربعة أوجه :

الأول : أن يكون الخطاب للسائق وللشهيد ، فيكون الخطاب لاثنين.

والثانى : أن يكون الخطاب لمالك ، فيكون الخطاب لملك واحد ، إلا أنه لما كان الأصل : ألق ألق ، ناب ألقيا عن تكرار الفعل.

والثالث : إنما ثنى وإن كان الخطاب لملك واحد ، لأن من عادة العرب مخاطبة الواحد بلفظ الاثنين ، لأن أقل ما يكون لمن له حال وشرف فى ماله وإبله اثنان.

والرابع : أن يكون أصله (ألقيا) بنون التوكيد الخفيفة ، إلا أنه أبدل منها ألف ، كقول الشاعر :

٣٨٦

١٦٥ ـ ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا (١)

وأجرى الوصل مجرى الوقف ، وهذا الوجه أضعفها ، لأن إجراء الوصل مجرى الوقف ضعيف فى القياس.

قوله تعالى : (الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ) (٢٦).

الذى ، يجوز أن يكون مرفوعا ومنصوبا.

فالرفع من وجهين :

أحدهما : أن يكون مبتدأ ، ويكون خبره (فألقياه).

والثانى : أن يكون خبر مبتدأ محذوف وتقديره ، هو الذى.

والنصب من وجهين :

أحدهما : أن يكون منصوبا على البدل من قوله تعالى : (كُلَّ كَفَّارٍ).

والثانى : أن يكون منصوبا بفعل مقدر يفسره (فألقياه). وقد قدمنا نظائره.

قوله تعالى : (هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (٣٢) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ) (٣٣).

من ، فى موضعه وجهان : الجر والرفع ، فالجر على البدل من قوله تعالى : (أَوَّابٍ حَفِيظٍ). والرفع على أنه مبتدأ وخبره قوله تعالى (ادْخُلُوها) على تقدير ، يقال لهم ادخلوها. وحذف القول كثير فى كلامهم.

__________________

(١) عجز بيت ، وهو من كلمة الأعشى ميمون بن قيس الذى كان مدح بها النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقدم لينشدها بين يديه فمنعته قريش ، والبيت بتمامه :

وإياك والميتات لا تقربنّها

ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا

الكتاب ٢ / ١٤٩ والشاهد فيه إدخال نون التوكيد الخفيفة على قوله (فاعبدن) لأنه أمر ، فأكده بالنون وأبدل منها ألفا فى الوقف.

٣٨٧

قوله تعالى : (يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً) (٤٤). يوم ، منصوب من وجهين :

أحدهما : أن يكون منصوبا على البدل من (يوم) فى قوله تعالى : (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ)(١)

وتقديره ، واستمع حديث يوم ينادى المنادى ، فحذف المضاف وهو مفعول به ، وليس بظرف.

والثانى : أن يكون منصوبا ، لأنه متعلق بقوله تعالى : (وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ) ، وتقديره وإلينا يصيرون فى يوم تشقق ، وسراعا منصوب على الحال من الهاء والميم فى (عنهم) ، وفى العامل فيها وجهان.

أحدهما : أن يكون العامل : (تشقق).

والثانى : أن يكون العامل فيها فعل مقدر وتقديره ، فيخرجون سراعا ، فيكون الحال من الضمير فى (يخرجون).

__________________

(١) (واستمع يوم يناد المناد) هكذا فى المصحف بدون الياء.

٣٨٨

«غريب إعراب سورة الذاريات»

قوله تعالى : (وَالذَّارِياتِ ذَرْواً) (١).

الواو ، واو القسم. والذاريات ، صفة لموصوف محذوف وتقديره ، ورب الرياح الذاريات. فحذف الموصوف ، وجواب القسم (إنما توعدون لصادق).

قوله تعالى : (فَالْجارِياتِ يُسْراً) (٣).

يسرا ، منصوب لأنه صفة لمصدر محذوف ، وتقديره جريا يسرا. فحذف الموصوف ، وأقام الصفة مقامه.

قوله تعالى : (يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (١٢) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ) (١٣).

(يوم) الثانى ، موضع رفع على البدل من (يوم) الأول ، إلا أنه بنى لأنه أضيف إلى غير متمكن ، وبنى على الفتح لأنه أخف ، وقيل : هو فى موضع نصب ، لأن تقديره ، الجزاء يوم هم على النار يفتنون.

قوله تعالى : (كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ) (١٧). قليلا ، منصوب من ثلاثة أوجه.

الأول : أن يكون منصوبا لأنه صفة لمصدر محذوف ، وتقديره ، كانوا يهجعون هجوعا قليلا.

والثانى : أن يكون وصفا لظرف محذوف ، وتقديره ، كانوا يهجعون وقتا قليلا. و (ما) زائدة ، ولا يجوز أن ينصب (قليلا) ب (يهجعون) إلا و (ما) زائدة ،

٣٨٩

ولا يجوز أن تنصبه ب (يهجعون) و (ما) مصدرية ، لأنك تكون قد قدمت الصلة على الموصول.

والثالث : أن تكون (ما) مع ما بعدها مصدرا فى موضع رفع على البدل من المضمر فى (كان). وقليلا ، خبر كان ، وتقديره ، كان هجوعهم من الليل قليلا ، ولا يجوز أن يرفع المصدر ب (قليل) ، لأن (قليلا) موصوف بقوله تعالى : (مِنَ اللَّيْلِ).

وما كان من هذا النحو موصوفا كاسم الفاعل والصفة المشبهة به ، فإنه لا يجوز إعماله ، لأنه إنما عمل يشبه الفعل ، والصفة تخرجه عن شبه الفعل ، ويبعد أن تكون (ما) فى الآية نافية ، لأنه لا يخلو إمّا أن يكون (من الليل) صفة ل (قليلا) ، أو متعلقا به (يهجعون) بعد حرف النفى ، بطل أن يكون صفة ل (قليل) لأنه يكون ظرف زمان ، وظروف الزمان لا تكون أخبارا عن الجثث ، وإن جعلته متعلقا ب (يهجعون) بعد حرف النفى قدمت ما فى حيز النفى عليه ، وذلك لا يجوز ألا ترى أنه لا يجوز أن تقول : زيدا ما ضربت. ولا يجوز هذا إلا أن يقال : إنّ (من الليل) ظرف ، فيجوز فيه مالا يجوز فى المفعول الصحيح ، فهذا وجه.

قوله تعالى : (وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠) وَفِي أَنْفُسِكُمْ) (٢١).

إن رفعت (آيات) بالابتداء ، و (فى الأرض) خبره ، كان الضمير فى قوله تعالى : (وَفِي أَنْفُسِكُمْ) كالضمير فى خبر المبتدأ ، وإن رفعت (آيات) بالظرف على قول أبى الحسن ، كان الضمير فى (أنفسكم) ، كالضمير فى الفعل ، نحو ، جاء زيد وذهب. ولا يجوز أن يتعلق (فى أنفسكم) بقوله تعالى : (أَفَلا تُبْصِرُونَ) ، على تقدير ، أفلا تبصرون فى أنفسكم لأنه يؤدى إلى أن يتقدم ما فى حيز الاستفهام على حرف الاستفهام ، بل لو قدرت ما دل عليه (أَفَلا تُبْصِرُونَ) ، كما تقدر فى قوله تعالى :

٣٩٠

(وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ)(١) ، لكان وجها.

قوله تعالى : (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) (٢٣).

مثل ، يقرأ بالرفع والنصب ، فالرفع على أنه صفة (حق) ، لأنه نكرة ، لأنه لا يكتسى التعريف بالإضافة إلى المعرفة ، لأن الأشياء التى يحصل بها التماثل بين الشيئين كثيرة غير محصورة ، فلم يكس التعريف بإضافته إلى (أنكم). والنصب على الحال من الضمير فى (حق).

وما ، زائدة ، وقيل : هو مبنى على الفتح لإضافته إلى غير متمكن. وقيل : هو مبنى على الفتح لأن (مثلا وما) ركّبا وجعلا بمنزلة : خمسة عشر.

قوله تعالى : (فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ) (٢٥).

سلاما ، الأول ، منصوب لوجهين.

أحدهما : أن يكون منصوبا على المصدر.

والثانى : أن يكون منصوبا بوقوع الفعل عليه.

وسلام الثانى ، مرفوع لوجهين.

أحدهما : أن يكون مبتدأ وخبره محذوف ، وتقديره ، سلام عليكم.

الثانى : أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، أمرى سلام.

قوله تعالى : (وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ) (٢٩).

ولم يقل : عقيمة ، لأن (عقيم) فعيل بمعنى مفعول ، وفعيل إذا كان بمعنى مفعول ، لا تثبت فيه الهاء ، كقولهم : عين كحيل ، وكف خضيب ، ولحية دهين أى ، عين مكحولة ، وكف مخضوبة ، ولحية مدهونة ، وإنما فعلوا ذلك فرقا بين :

__________________

(١) ٥٦ سورة الأنبياء.

٣٩١

فعلية بمعنى مفعولة ، وفعلية بمعنى فاعلة ، نحو : شريفة وظريفة ولطيفة. و (عقيم) فعيل بمعنى مفعولة لأنها بمعنى معقومة ، لا بمعنى فاعلة ، فلذلك لم تثبت فيها الهاء.

قوله تعالى : (قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ) (٣٠).

الكاف فى (كذلك) صفة مصدر محذوف ، وتقديره ، قال ربك قولا كذلك. أى ، مثل ذلك.

قوله تعالى : (وَفِي مُوسى إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ) (٣٨). معطوف على قوله تعالى : (وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ) ، وتقديره ، وفى موسى آيات ، وكذلك التقدير فى قوله تعالى :

(وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ) (٤١) ، وكذلك التقدير فى قوله تعالى :

(وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ) (٤٣).

وكذلك التقدير فى قوله تعالى :

(وَقَوْمَ نُوحٍ) (٤٦)

فيمن قرأ بالجر. ومن قرأ بالنصب نصبه بفعل مقدر ، وقيل تقديره ، أهلكنا قوم نوح. وقيل تقديره ، اذكر قوم (١) نوح.

قوله تعالى : (وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ) (٤٨).

تقدير فنعم الماهدون نحن ، فحذف المقصود بالمدح.

قوله تعالى : (كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) (٥٢).

__________________

(١) (إذ) فى أبدل (اذكر).

٣٩٢

الكاف فى (كذلك) ، فى موضع رفع ، لأنها خبر مبتدأ محذوف وتقديره : الأمر كذلك.

قوله تعالى : (ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (٥٨).

يقرأ (المتين) بالرفع والجر ، فالرفع على أنه صفة ل (ذو). والجر على أنه صفة للقوة ، وذكر لأنه تأنيث غير حقيقى ، والرفع أشهر فى القراءة ، وأقوى فى القياس.

٣٩٣

«غريب إعراب سورة الطور»

قوله تعالى : (وَالطُّورِ وَكِتابٍ مَسْطُورٍ) (١ و ٢).

الواو الأولى فى أول السورة ، للقسم ، وما بعدها واو العطف ، وجواب القسم (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ).

قوله تعالى : (يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً) (٩).

العامل فيه قوله (الواقع) أى ، يقع فى ذلك اليوم ، ولا يجوز أن يعمل فيه (دافع) ، لأن المنفى لا يعمل فيما قبل النافى ، لا تقول : طعامك ما زيد أكلا.

قوله تعالى : (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (١١).

ويل ، مرفوع لأنه مبتدأ ، وخبره (للمكذبين) ، وجاز أن يقع (ويل) مبتدأ وهو نكرة ، لأن فى الكلام معنى الدعاء كقولهم : سلام عليكم.

والفاء فى (فويل) جواب الجملة المتقدمة ، وحسن ذلك لأن الكلام متضمن لمعنى الشرط ، ألا ترى أن معنى الكلام ، إذا كان الأمر كذلك فويل يومئذ للمكذبين.

قوله تعالى : (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) (١٣).

يوم ، بدل من قوله (يومئذ).

قوله تعالى : (أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ) (١٥).

أفسحر هذا ، (هذا) فى موضع رفع لأنه مبتدأ. وسحر ، خبره مقدم عليه. وأم أنتم لا تبصرون ، (أم) ههنا المنقطعة لا المتصلة ، لأنك قد أتيت بعدها بجملة اسمية تامة ، كقولك : أزيد قائم أم عمرو قائم. ولو لم يكن بعدها جملة تامة لكانت

٣٩٤

المتصلة ، كقولك : أزيد عندك أم عمرو. أى أيهما عندك ، والمتصلة بمعنى (أى). والمنقطعة بمعنى (بل والهمزة) ، وتقديره ههنا ، أفسحر هذا بل أنتم لا تبصرون اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم الصبر وترك الصبر. وهذا التقدير لا بد منه ، لأن (سواء) لا يكون من واحد ، وأقل ما يكون من اثنين.

قوله تعالى : (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً) (١٩).

هنيئا ، منصوب على الحال من الضمير فى (كلوا) أو فى (اشربوا).

قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) (٢١).

الذين فى موضع رفع لأنه مبتدأ ، وخبره (ألحقنا بهم ذرياتهم).

قوله تعالى : (كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ) (٢٤).

فى موضع النصب على الحال.

قوله تعالى : (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) (٢٨).

قرئ (إنه) ، بكسر الهمزة وفتحها ، فالكسر على الابتداء ، والفتح على تقدير حذف حرف الجر وتقديره ، (لأنه).

قوله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ) (٣٠).

(أم) هذه ، منقطعة بمعنى بل ، والهمزة ، وكذلك (أم) فى أوائل هذه الآى من قوله تعالى :

(أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا)

٣٩٥

إلى قوله تعالى :

(أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ)(١)

كلها منقطعة ، بمعنى ، (بل والهمزة).

قوله تعالى : (فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥) يَوْمَ لا يُغْنِي) (٤٦).

يومهم ، مفعول (يلاقوا). ويوم لا يغنى عنهم : منصوب على البدل من (يومهم) وليس بمنصوب على الظرف.

قوله تعالى : (وَإِدْبارَ النُّجُومِ) (٤٩).

قرئ بفتح الهمزة وكسرها ، فمن فتحها جعلها جمع (دبر) وهو منصوب لأنه ظرف زمان ، ومن كسرها جعلها مصدر (أدبر ، يدبر ، إدبارا) وتقديره : وسبّحه وقت إدبار النجوم. فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.

__________________

(١) الآيات ٣٢ ، ٣٣ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٧ ، ٣٨ ، ٣٩ ، ٤٠ ، ٤١ ، ٤٢ ، ٤٣ سورة الطور.

٣٩٦

«غريب إعراب سورة النجم»

قوله تعالى : (ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى) (٧).

الواو فى (وهو) واو الحال ، والجملة بعدها من المبتدأ والخبر ، فى موضع نصب على الحال من المضمر فى (استوى) ، أى ، استوى عاليا. يعنى جبريل. وقيل الواو فى (وهو) ، واو عطف على المضمر فى (استوى) ، وهو قول الكوفيين ، وهو ضعيف لأن العطف على الضمير المرفوع المتصل ، إنما يجوز مع التأكيد أو الفصل ، ولم يوجد واحد منهما. وقد بينا ذلك فى كتاب الإنصاف فى مسائل الخلاف (١).

قوله تعالى : (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) (١١).

يقرأ (كذب) بالتخفيف والتشديد. فمن قرأ بالتخفيف ، كان (ما) فى موضع نصب على تقدير حذف حرف الجر ، وتقديره ، ما كذب الفؤاد فيما رأى. و (ما) يحتمل وجهين.

أحدهما : أن يكون بمعنى الذى. ورأى ، الصلة والهاء المحذوفة العائد. وتقديره ، رآه. فحذف الهاء تخفيفا.

والثانى : أن تكون مصدرية ولا تفتقر إلى عائد. ومن قرأ (كذّب) بالتشديد كانت (ما) مفعولا به ، من غير تقدير حذف حرف جر ، لأنه متعد بنفسه.

قوله تعالى : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى) (١٣).

__________________

(١) المسألة ١٦٦ الإنصاف ٢ ـ ٢٧٩.

٣٩٧

نزلة ، منصوب على المصدر فى موضع الحال ، كأنه قال : رآه نازلا نزلة أخرى ، وذهب الفرّاء إلى أنه منصوب على الظرف ، إذ معناه مرة أخرى.

قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى) (١٩).

اللات والعزى المفعول الأول. والمفعول الثانى : (ألكم الذكر وله الأنثى). وقيل التقدير فيه أفرأيتم جعلكم اللات والعزى بنات الله. فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.

قوله تعالى : (تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) (٢٢).

ضيزى ، أصلها ضوزى على وزن (فعلى) بضم الفاء ، فقلب إلى (فعلى) بكسر الفاء ، وإنما قلنا إن أصلها فعلى بضم الفاء ، وذلك لأن حمله على ظاهر اللفظ يوجب خروجه عن أبنية كلامهم ، لأنه ليس فعلى بكسر الفاء من أبنية الصفات ، وفعلى بضم الفاء من أبنيتها ، نحو : حبلى. فأما قولهم : رجل كيصى ، فإنه منون ، فلا يكون مخالفا لقولنا إنه ليس فى كلامهم فعلى وصفا ، ونظير (قسمة ضيزى) (مشية حيكى) فقلبت الضمة كسرة لتصح الياء.

قوله تعالى : (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى) (٢٦).

كم ، خبرية ، فى موضع رفع بالابتداء. ولا تغنى شفاعتهم ، خبره ، وجمع ضمير (كم) ، عملا على معنى (كم) ، لأن المراد بها الجمع ، ولو حمل على اللفظ فوحّد فقال : شفاعته لكان جائزا. ولمن يشاء ، أى يشاء شفاعته. فحذف المضاف الذى هو المصدر ، فصار ، لمن يشاؤه. ثم حذف الهاء العائدة إلى (من) ، فصار يشاء.

قوله تعالى : (هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) (٣٠).

أعلم ، يحتمل وجهين.

٣٩٨

أحدهما : أن تكون على أصلها فى التفضيل فى العلم ، أى ، هو أعلم من كل أحد بهذين الصنفين.

والثانى : أن يكون (أعلم) بمعنى (عالم) ، ومثله (وهو أعلم بمن اهتدى) ، فى هذين الوجهين.

قوله تعالى : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا) (٣١).

اللام ، فيها وجهان.

أحدهما : أن تكون (لام) كى ، والتقدير ، واستقر لله ما فى السموات وما فى الأرض ليجزى الذين أساءوا بما عملوا.

والثانى : أن تكون لام القسم ، وقد قدمنا نظائره.

قوله تعالى : (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ) (٣٢).

الذين ، فى موضع نصب على البدل من (الذين) ، فى قوله تعالى :

(وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى).

قوله تعالى : (إِلَّا اللَّمَمَ) (٣٢).

اللمم ، استثناء منقطع ، وهو صغائر الذنوب ، وهو أجود ما قيل فيه من الوجوه.

قوله تعالى : (أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى) (٣٥).

حذف مفعولى (يرى) ، وتقديره ، فهو يراه حاضرا.

قوله تعالى : (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى) (٣٦).

أم ههنا فيها ، وجهان.

أحدهما : أن تكون المنقطعة بمعنى (بل والهمزة).

والثانى : أن تكون المتصلة بمعنى (أى) ، لأنها معادلة للهمزة فى قوله تعالى :

٣٩٩

(أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ).

قوله تعالى : (أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) (٣٨).

ألّا تزر ، فى موضعه وجهان : الجر والرفع.

فالجر على البدل من (ما) فى قوله تعالى :

(أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى).

والرفع على تقدير مبتدأ محذوف وتقديره ، ذلك ألّا تزر. وتقديره ، أنه لا تزر. وكذلك قوله تعالى :

(وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ).

قوله تعالى : (سَوْفَ يُرى) (٤٠).

قرئ (يرى) ، بضم الياء وفتحها ، فمن قرأ بالضم كان فى (يرى) ضمير مرفوع ، لأنه مفعول ما لم يسم فاعله. ومن قرأ بالفتح كان التقدير فيه سوف يراه. فحذف الهاء ولهذا يجوز أن يقال : إن زيدا ضربت. أى ، ضربته ، ولم يجز الكوفيون ذلك ، لأنه يؤدى إلى أن يكون العامل فى زيد (إن وضربت) ، وليس كذلك لأن (ضرب) لم يعمل فى زيد ، وإنما عمل فى الباء المحذوفة فلم يعمل فى زيد عاملان.

قوله تعالى : (ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى) (٤١).

الهاء فى (يجزاه) ، فى موضع نصب ، لأنه مفعول به ، فيكون (الجزاء الأوفى) منصوبا على المصدر ، وإن جعلت الهاء مصدرا ، لم يجز أن تجعل (الجزاء الأوفى) مصدرا ، لأن الفعل الواحد لا ينصب مصدرين.

قوله تعالى : (وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى) (٤٢).

أراد : أنه إلى ربك ، وهو معطوف على (ألا تزر) ، وكذلك ما بعده من (أنّ) من قوله تعالى :

٤٠٠