البيان في غريب إعراب القرآن - ج ٢

أبو البركات بن الأنباري

البيان في غريب إعراب القرآن - ج ٢

المؤلف:

أبو البركات بن الأنباري


المحقق: الدكتور طه عبد الحميد طه
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: الهيئة المصريّة العامّة للكتاب
الطبعة: ٢
ISBN: 977-419-179-X
الصفحات: ٥٧٦
الجزء ١ الجزء ٢

قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ) (٤٢).

من ، فى موضعه وجهان : الرفع والنصب. فالرفع من ثلاثة أوجه :

الأول : أن يكون مرفوعا على البدل من المضمر فى (ينصرون) ، وتقديره ، ولا ينصر إلا من رحم الله.

والثانى : أن يكون بدلا من (مولى) الأولى ، وتقديره ، يوم لا يغنى إلا من رحم الله.

والثالث : أن يكون مرفوعا على الابتداء وتقديره ، إلا من رحم الله فيعفى عنه. والنصب على الاستثناء المنقطع.

قوله تعالى : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) (٤٩).

إنك ، يقرأ بفتح الهمزة وكسرها. فمن قرأ بالفتح فعلى تقدير حذف حرف الجر وتقديره ، ذق لأنك العزيز الكريم عند نفسك ، ومن كسرها فعلى الابتداء.

قوله تعالى : (يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ) (٥٣).

متقابلين ، منصوب على الحال من الواو فى (يلبسون).

قوله تعالى : (كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ) (٥٤).

الكاف ، فى موضعها وجهان : الرفع والنصب. فالرفع لأنها خبر مبتدأ محذوف وتقديره ، الأمر كذلك. والنصب على الوصف لمصدر محذوف وتقديره ، يفعل بالمتقين فعلا كذلك.

قوله تعالى : (يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ) (٥٥).

يدعون ، جملة فعلية فى موضع نصب على الحال من الهاء والميم فى (زوجناهم). والباء ، ليست للتعدية ، لأن (يدعون فيها) متعد بنفسه ، وإنما هى للحال ، وتقديره ، متلبسين بكل فاكهة. بمنزلة الباء فى قولهم : خرج زيد بسلاحه. أى ، متلبسا بسلاحه.

٣٦١

قوله تعالى : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) (٥٦).

استثناء منقطع ، وتقديره لكن ، قد ذاقوا الموتة الأولى فى الدنيا. والبصريون يقدرون (إلا) فى الاستثناء المنقطع ب (لكن) والكوفيون يقدرونه ب (سوى).

قوله تعالى : (وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (٥٦) فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ) (٥٧).

فضلا ، منصوب من وجهين.

أحدهما : أن يكون منصوبا على المصدر المؤكد ، وتقديره ، ويفضل عليهم فضلا.

والثانى : أن يكون منصوبا بفعل مقدر ، وتقديره ، أعطاهم فضلا.

(فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ) (٥٨).

الهاء فى (يسرناه) تعود على (الكتاب) ، وقد تقدم ذكره أول (١) السورة فى قوله تعالى : (حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ)

__________________

(١) (أو إلى) فى أ.

٣٦٢

«غريب إعراب سورة الجاثية»

قوله تعالى : (وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ) (٤). يقرأ (آيات) بالضم والكسر ، وكذلك :

(وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ)

إلى قوله تعالى : (آياتٌ) على الوجهين.

فمن قرأ (آيات) بالضم كان مرفوعا من ثلاثة أوجه.

الأول : أن يكون مرفوعا بالابتداء ، وفى خلقكم خبره.

والثانى : أن يكون مرفوعا بالعطف على موضع (إن) وما عملت فيه ، وهو رفع ، ولا بد فيه من تقدير (فى) ، لئلا يكون عطفا على عاملين على الابتداء والمخفوض.

والثالث : أن يكون مرفوعا بالظرف.

من قرأ بالكسر كان منصوبا من ثلاثة أوجه.

الأول : أن يكون منصوبا بالعطف على لفظ اسم (إن) ، فى قوله تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْآياتِ) وقدّر حذف (فى) من قوله تعالى : (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ) ، وتقديره ، وفى اختلاف الليل ، وإنما حذفت (فى) ههنا لتقدم ذكرها فى موضعين قبلها ، وهما قوله تعالى :

(إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(١).

والثانى : (وفى خلقكم) فلما تقدم ذكرها مرتين ، حذفت فى الثالث ، ولو لم يقدر

__________________

(١) (إن فى خلق السماوات والأرض) بزيادة (خلق) فى أوب ، الآية المشار إليها بدون (خلق).

٣٦٣

هذا الحذف ، لكنت قد عطفت بالواو على عاملين مختلفين ، وهما (إن وفى) ، وذلك لا يجوز عند البصريين ما عدا الأخفش ، فإنه أجاز العطف فى الآية وغيرها على عاملين ، وأجاز أن يقال : إن فى الدار زيدا والقصر عمرا. فيعطف بالواو عمرا على زيد ، والقصر على الدار ، فيقيم الواو مقام عاملين ، وهما (إنّ وفى) ، وجميع البصريين على خلافه لضعفه ، لأن قصارى الواو أن تقوم مقام عامل واحد ، وفى جواز قيامها مقام عامل واحد خلاف ، فكيف يجوز أن تقوم مقام عاملين.

والوجه الثانى : أن قوله تعالى :

(وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ)

معطوف على (السموات) ، وآيات ، منصوب على التكرار ، لمّا طال الكلام ، فهى (آيات) الأولى ، إلا أنها كررت لطول الكلام كما يقال : ما زيد ذاهبا ولا منطلقا زيد ، فينصب (منطلقا) على أن (زيدا) الآخر هو الأول ، وإنما أظهرته للتأكيد ، ولو كان غير الأول لم يجز نصب (منطلق) ، لأن خبر (ما) ، لا يجوز أن يقدم على اسمها ، فكذلك ههنا (آيات) الآخرة هى الأولى ، وإنما أظهرت لطول الكلام توكيدا ، فلا يلزم من ذلك عطفا على عاملين.

والثالث : أن يكون (آيات) الآخرة ، منصوبا على البدل من (آيات) الأولى ، فلا يلزم من ذلك العطف على عاملين ، كذا ذكره أبو بكر بن السراج.

قوله تعالى : (لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ) (١١).

قرئ (أليم) بالجر والرفع ، فالجر على الوصف ل (رجز) ، والرفع على الوصف ل (عذاب).

قوله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ) (١٤).

٣٦٤

يغفروا ، مجزوم ، لأن تقديره ، : قل للذين آمنوا اغفروا يغفروا ، وحقيقة جزمه بتقدير حرف شرط مقدر ، وقد بينا نظائره فيما تقدم.

قوله تعالى : (لِيَجْزِيَ قَوْماً) (١٤).

وقرئ (ليجزين) بفتح الياء وكسر الزاى و (وليجزى) بضم الياء وفتح الزاى. فمن قرأ (لتجزى) بالفتح فنصب قوم ظاهر ، ومن قرأ (ليجزى) نصب (قوما) على تقدير ، ليجزى الجزاء قوما. وهذا لا يستقيم على مذهب البصريين ، لأن المصدر لا يجوز إقامته مقام الفاعل مع مفعول صحيح. وأجازه الأخفش والكوفيون ، وقد بينا ذلك مستوفى فى المسائل البخارية.

قوله تعالى : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ) (٢١).

أن وصلتها ، سدت مسد مفعول (حسب). وسواء ، يقرأ بالرفع والنصب. فالرفع على أن يكون (محياهم) مبتدأ ، ومماتهم ، عطف عليه ، وسواء خبر مقدم. والنصب على الحال من الضمير فى (نجعلهم) ، ويرتفع (محياهم ومماتهم) لسواء ، لأنه بمعنى (مستو). وساء ما يحكمون ، إن جعلت (ما) معرفة كانت فى موضع رفع ب (ساء) وإن جعلتها نكرة كانت فى موضع النصب على التمييز.

قوله تعالى : (وَخَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) (٢٢).

بالحق ، فى موضع النصب على الحال ، وليست الباء فيه للتعدية.

قوله تعالى : (فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ) (٢٣).

أى من بعد هداية الله ، وقيل : من بعد عقوبة الله.

قوله تعالى : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ) (٢٧).

٣٦٥

يوم الأول : منصوب ب (يخسر) (١) ، ويومئذ ، للتأكيد.

قوله تعالى : (وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا) (٢٨).

يقرأ (كل) بالرفع والنصب. فالرفع على أنه مبتدأ ، وخبره (تدعى إلى كتابها). والنصب : على أن تجعل بدلا من (كل) الأولى ، ويكون (تدعى) فى موضع نصب على الحال ، إن جعلت (ترى) من رؤية العين ، أو فى موضع المفعول الثانى إذا جعلته من رؤية القلب.

قوله تعالى : (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ) (٢٩). هذا مبتدأ ، وكتابنا ، مرفوع من وجهين.

أحدهما : أن يكون خبر المبتدأ. وينطق ، فى موضع الحال من (الكتاب) ، أو من (ذا) ، ويجوز أن يكون خبرا ثانيا ل (ذا).

والثانى : أن يكون (كتابنا) بدلا من (هذا). وينطق ، خبر المبتدأ.

قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها) (٣٢).

الساعة ، تقرأ بالرفع والنصب. فالرفع ، من وجهين.

أحدهما : أن يكون مرفوعا بالابتداء.

والثانى : أن يكون معطوفا على موضع (إنّ) وما عملت فيه ، وهو الرفع. والنصب : بالعطف على لفظ اسم (إن) وهو قوله تعالى : (وَعْدَ اللهِ).

قوله تعالى : (قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا) (٣٢).

__________________

(١) (بيحشر) هكذا فى أ ، وكانت هكذا فى ب ولكن أثر التصليح ظاهر.

٣٦٦

الساعة ، قرئ بالرفع والنصب. فالرفع على الابتداء. وما ، خبره. والنصب : على أن يكون مفعول (ندرى). وما ، زائدة.

(إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا)

تقديره ، إن نظن إلا ظنا لا يؤدى إلى العلم واليقين ، وإنما افتقر إلى هذا التقدير ، لأنه لا يجوز أن يقتصر على أن يقال : ما قمت إلا قياما ، لأنه بمنزلة : ما قمت إلّا قمت ، وذلك لا فائدة فيه.

٣٦٧

«غريب إعراب سورة الأحقاف»

قوله تعالى : (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ) (١٠).

إنما جاز إدغام الدال من (شهد) فى الشين من (شاهد) ، لقرب الدال من الشين ، كما يجوز إدغام الثاء والسين والضاد ، فالثاء كقوله تعالى :

(حَيْثُ شِئْتُمْ)(١).

والسين كقوله تعالى :

(وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً)(٢)

والضاد كقوله تعالى :

(لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ)(٣)

وإنما أدغم هذه الأحرف فيها ، ولم يدغم الشين فى هذه الأحرف ، لأنها أزيد صوتا منها ، لما فيها من التفشى.

قوله تعالى : (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً) (١٢).

كتاب ، مرفوع لأنه مبتدأ. ومن قبله ، خبره. وإماما ورحمة ، منصوبان على الحال من الضمير فى الظرف ، أو من (الكتاب).

__________________

(١) ٨٥ سورة البقرة ، ١٦١ سورة الأعراف.

(٢) ٤ سورة مريم.

(٣) ٦٢ سورة النور.

٣٦٨

قوله تعالى : (وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ) (١٢).

لسانا عربيا ، منصوبان على الحال من المضمر المرفوع فى (مصدق) ، أو من (الكتاب) لأنه قد وصف ب (مصدق) ، فقرب من المعرفة ، أو من (ذا) ، والعامل فيه معنى الإشارة من (ذا) ، أو التنبيه من (ها) ، والتقدير فيه ، أشير إليه لسانا عربيا ، أو أنبه عليه لسانا عربيا ، وذهب بعض النحويين إلى أن (عربيا) ، هو الحال ، و (لسانا) توطئة للحال ، وتسمى هذه الحال ، الحال الموطئة.

وبشرى للمحسنين ، فى موضعه وجهان.

أحدهما : الرفع بالعطف على (كتاب).

والثانى : النصب على أنه مصدر.

قوله تعالى : (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها) (١٤).

خالدين ، منصوب على الحال من (أصحاب الجنة) ، والعامل فيها معنى الإشارة فى (أولئك) كقولك : هذا زيد قائما.

قوله تعالى : (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٤).

جزاء ، منصوب لوجهين :

أحدهما : أن يكون منصوبا على المصدر ، وتقديره جوزوا جزاء ، وهو مصدر مؤكد.

والثانى : أن يكون منصوبا على أنه مفعول له.

قوله تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً) (١٥).

وقرئ : حسنا وحسنا بفتحتين ، فمن قرأ (إحسانا) جعله منصوبا على المصدر ، وتقديره ، ووصينا الإنسان بوالديه أن يحسن إحسانا. ومن قرأ (حسنا) فهو منصوب

٣٦٩

لأنه صفة لمفعول محذوف ، وتقديره ، ووصينا الإنسان بوالديه أمرا ذا حسن ، فحذف الموصوف والصفة وأقيم ما أضيفت الصفة إليه مقامه. ومن قرأ (حسنا) بفتحتين فتقديره ، فعلا حسنا.

قوله تعالى : (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) (١٥).

ثلاثون شهرا ، خبر المبتدأ الذى هو (حمله) ، وإنما رفع لأن فى الكلام مقدرا محذوفا ، وتقديره ، وقدّر حمله وفصاله ثلاثون شهرا ، وهذا حد الكلام ، لأنه أخبر بظرف عن ظرف ، وحق الخبر أن يكون هو المبتدأ فى المعنى ، ولو لا هذا التقدير ، لكان يكون منصوبا على الظرف ، لأن ظروف الزمان تكون أخبارا عن الأحداث ، ولو نصب (ثلاثين) على الظرف لتغير المعنى ، لأنه يصير الوصية فى ثلاثين شهرا ، كما تقول : سرت ثلاثين شهرا. أى ، فى هذه المدة. وفى هذا ما يدل على أن أقل الحمل ستة أشهر ، لأنه تعالى قد بيّن فى غير هذا الموضع ، أن مدة الرضاع حولين كاملين ، على ما قال تعالى :

(وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ)(١).

وبيّن ههنا أن مدة الرضاع والحمل ثلاثون شهرا ، فإذا أسقط حولين من ثلاثين شهرا بقى مدة الحمل ستة أشهر.

قوله تعالى : (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ) (١٧).

الذى قال لوالديه ، فى موضع رفع لأنه مبتدأ ، وخبره محذوف ، وتقديره ، وفيما يتلى عليكم الذى (٢) قال لوالديه. وأف : اسم من أسماء الأفعال بمعنى أتضجر ، وهى مبنية على الكسر ، لأنه الأصل فى التقاء الساكنين ، وفيها إحدى عشرة لغة ، ذكرناها

__________________

(١) ٢٣٣ سورة البقرة.

(٢) (الذين) فى أ.

٣٧٠

فى موضعها. وأتعداننى ، قرئ بكسر النون وفتحها ، فمن قرأ بالكسر ، أتى بها على الأصل الذى استحقته نون التثنية ، وهو الكسر فى اللغة المشهورة الفصيحة ، ومن قرأها بالفتح ، أتى بها على لغة لبعض العرب تشبيها لها بنون الجمع ، كما كسروا نون الجمع تشبيها لها بنون التثنية ، حملا لإحداهما على الأخرى.

قوله تعالى : (وَيْلَكَ آمِنْ) (١٧).

ويلك ، منصوب على المصدر ، وهو من المصادر التى لا أفعال لها وهى : ويحك ، وويسك وويبك ، وإنما لم يستعمل لويل وويح وويس وويب أفعال ، لأنه لو استعمل لها أفعال لكانت تنصرف فيؤدى ذلك إلى إعلال الفاء ، كوعد ووزن ، واعتلال العين كسار وباع ، فكان يؤدى إلى اجتماع إعلالين ، فرفضوه أصلا ، كما قال : رأى الأمر يفضى إلى آخر فصيّر آخره أوّلا. والأجود فى هذه المصادر إذا كانت مضافة النصب ، والرفع فيها جائز ، والأجود فيها إذا كانت غير مضافة الرفع ، والنصب جائز فيها. وذهب أبو العباس المبرد ، إلى أنه لا يجوز فى قوله تعالى :

(وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ)(١)

إلا الرفع ، وإن كانت المصادر معرفة من أفعال جارية عليها نحو : الحمد لله. فالأجود فيها الرفع ، والنصب جائز. وإن كانت نكرة فالأجود النصب ، والرفع جائز.

قوله تعالى : (وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) (٢١).

النذر ، جمع نذير ، وفعيل ، يجمع على فعل ، نحو رغيف ورغف.

قوله تعالى : (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ

__________________

(١) ١ سورة المطففين.

٣٧١

وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللهِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٢٦).

قد ، حرف يقرب الماضى من الحال ويقلل المستقبل. وفيما ، أى فى الذى. وإن مكناكم ، تحتمل (إن) وجهين :

أحدهما : أن تكون بمعنى (ما).

والثانى : أن تكون (إن) زائدة.

فما أغنى ، (ما) فيها وجهان أحدهما : أن تكون نافية ، ويؤيد ذلك دخول (من) للتأكيد فى قوله تعالى : (مِنْ شَيْءٍ).

والثانى أن تكون استفهامية فى موضع نصب ، ب (أغنى) ، وتقديره ، أى شىء أغنى هو. وكما وجب الحكم على (أى) بالنصب ب (أغنى) فكذلك ما قام مقامها ، وهو (ما).

وحاق بهم ما كانوا به ، (ما) فى موضع رفع لأنه فاعل (حاق) ، وهى مصدرية ، وفى الكلام حذف مضاف ، وتقديره ، وحاق بهم عقاب ما كانوا به يستهزئون. أى ، عقاب استهزائهم ، لأن نفى الاستهزاء لا يحل عليهم ، وإنما يحل عليهم عقابه.

قوله تعالى : (الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً) (٢٨).

قربانا ، منصوب لثلاثة أوجه.

الأول : أن يكون منصوبا على المصدر.

والثانى : أن يكون منصوبا لأنه مفعول له.

والثالث : أن يكون مفعول (اتخذوا). وآلهته ، بدل منه.

قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ

٣٧٢

وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى) (٣٣).

إنما دخلت الباء فى (بقادر) لدخول حرف النفى فى أول الكلام ، كما دخلت (من) فى قوله تعالى :

(ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ)(١)

فدخلت (من) لما ذكرنا.

قوله تعالى : (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ) (٣٤).

يوم ، منصوب بتقدير فعل ، وتقديره ، واذكر يوم يعرض.

قوله تعالى : (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ) (٣٥).

تقديره ، فإنهم لم يلبثوا يوم يرون ما يوعدون إلا ساعة من نهار. فيوم ، منصوب ب (يلبثوا). وبلاغ ، مرفوع لأنه خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، هذا بلاغ. فحذف المبتدأ للعلم به ، ويجوز فيه النصب لوجهين.

أحدهما : على أنه مصدر.

والثانى : على الوصف لساعة. والله أعلم.

__________________

(١) ١٠٥ سورة البقرة.

٣٧٣

(غريب إعراب سورة محمد «عليه‌السلام»)

قوله تعالى : (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ) (٤).

منصوب على أنه مصدر ، وتقديره ، فاضربوا ضرب الرقاب. فحذف الفعل.

قوله تعالى : (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً) (٤).

منّا وفداء منصوبان على المصدر.

قوله تعالى : (حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ) (٤).

ذلك ، فى موضع رفع ، لأنه خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، الأمر ذلك.

قوله تعالى : (فَتَعْساً لَهُمْ) (٨).

تعسا ، منصوب على المصدر ، وتقديره ، تعسهم تعسا ويقال أيضا : أتعسهم إتعاسا. والأجود ههنا النصب ، لأنه مشتق من فعل مستعمل.

قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا) (١٠).

فى موضع (ينظروا) وجهان.

أحدهما : أن يكون مجزوما بالعطف بالفاء على (يسيروا).

والثانى : أن يكون فى موضع نصب على جواب الاستفهام بالفاء بتقدير (أن).

قوله تعالى : (مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ) (١٣).

أخرجتك ، أى ، أخرجك أهلها. ولهذا قال : أهلكناهم. فحذف الأصل ، وأقيم ضمير القرية مقامهم ، فصار ضمير القرية فى موضع رفع ب (أخرج) ، كما كان

٣٧٤

ضمير الأهل كذلك ، فاستتر ضمير القرية فى (أخرج) ، وظهرت علامة التأنيث ، لأن القرية مؤنثة ، وهذا من باب حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه. ومثله فى حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه قوله تعالى :

(فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ)(١)

أى ، أصحاب الأمر ، وهو كثير فى كلامهم.

قوله تعالى : (فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ) (١٨).

ذكراهم ، فى موضع رفع بالابتداء. وأنّى لهم ، خبره. والمعنى ، فأنّى لهم ذكراهم إذا جاءتهم الساعة. والتاء فى (جاءتهم) ، للساعة. وذهب أبو الحسن الأخفش إلى أن ذكراهم ، يرتفع بالظرف وهو (أنى لهم).

قوله تعالى : (فَأَوْلى لَهُمْ) (٢٠).

مبتدأ وخبر. وأولى ، اسم للتهدد ، كأنه قال : الوعيد لهم. ولا ينصرف (أولى) ، لأنه على وزن أفعل معرفة ، وقيل إنه اسم للفعل ، فقولهم : أولى لك ، اسم لقاربك ما يهلكك ، وهو أفعل من (الولى) ، وهو القرب ، يقال : تباعد عنا بعد ولى. أى بعد قرب ، ويحتمل أن يكون (ولىّ الله) فعيلا من (الولى) وهو القرب ، فكأنه سمى وليا ، لأنه قريب من الله.

(فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) (٢٢). إن توليتم ، جملة شرطية ، وقعت اعتراضا بين اسم (عسى) وخبرها ، وتقديره ، فهل عسيتم أن يفسدوا فى الأرض وتقطعوا أرحامكم إن توليتم.

قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ) (٢٥).

__________________

(١) ٢١ سورة محمد.

٣٧٥

فى خبر (إن) وجهان. أحدهما : أن يكون خبرها قوله تعالى :

(الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ).

والثانى : أن يكون خبره مقدرا ، وتقديره ، معذبون.

قوله تعالى : (فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ) (٢٧).

كيف ، فى موضع رفع ، لأنها خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره فكيف حالهم ، فحذف المبتدأ للعلم به. ويضربون ، جملة فعلية فى موضع نصب على الحال من (الملائكة).

قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ (١) ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) (٣٤).

خبر (إن) ، قوله تعالى (فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) ، ودخلت الفاء فى الخبر ، لأن اسم (إن) (الذين) ، فشابه الشرط ، لأنه مبهم ، ولم يؤثر دخول (إن) ، بخلاف مالو دخلت ليت ولعل وكأن ، نحو : ليت الذى فى الدار مكرم ، ولعل الذى عندك محمود ، وكأن الذى ينطلق مسرع. فإنه لا يجوز فيه دخول الفاء فى الخبر مع ليت ولعل وكأن ، كما يجوز فى (إن) ، لأن (إن) لم تغير معنى الابتداء (بخلاف (إن) (٢)) لأنها للتأكيد ، وتأكيد الشىء لا يغير معناه ، بخلاف ليت ولعل وكأن ، فإنها غيرت معنى الابتداء ، لإدخال معنى التمنى والترجى والتشبيه.

قوله تعالى : (إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ) (٣٧).

يسألكموها فعل يتعدى إلى مفعولين ، فالأول (كمو) ، والثانى : (ها). وفيحفكم مجزوم بالعطف على (يسألكموها) ، وتبخلوا ، مجزوم لأنه جواب الشرط. ويخرج مجزوم بالعطف على (تبخلوا). وهذا يدل على أن الجزم هو الاختيار بعد الجواب.

__________________

(١) (الله) الكلمة ساقطة من أ.

(٢) (بخلاف إن) زيادة فى الأصل لا يستقيم معها الكلام.

٣٧٦

«غريب إعراب سورة الفتح»

قوله تعالى : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ) (٢).

اللام فى (ليغفر) ، تتعلق بقوله تعالى :

(إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً) ، لأن هذه اللام لام (كى) ، وهى حرف جر ، وإنما حسن أن يدخل الفعل ، لأن (أن) مقدرة بعدها ، ولهذا كان الفعل بعدها منصوبا. و (أن) مع الفعل فى تقدير الاسم ، فلم تدخل فى الحقيقة إلا على اسم.

قوله تعالى : (وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً) (٢).

تقديره ، إلى صراط مستقيم. فلما حذف حرف الجر اتصل الفعل بقوله : (صراطا) فنصبه.

قوله تعالى : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) (٨).

هذه المنصوبات الثلاثة كلها منصوبة على الحال من الكاف فى (أرسلناك) ، وهو العامل فيها كما عمل فى ذى الحال.

قوله تعالى : (تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) (١٦).

يسلمون ، فيه وجهان.

أحدهما : أن يكون معطوفا على (تقاتلونهم).

والثانى : أن يكون مستأنفا ، وتقديره ، أو هم يسلمون. وهو قول الزجّاج ، وقرئ : (أو يسلموا) بالنصب على تقدير (أن). و (أو) بمعنى (إلا) ، وقيل : بمعنى (حتى)

٣٧٧

قوله تعالى : (وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها) (٢١).

أخرى ، فى موضع نصب بالعطف على (مغانم) وتقديره ، وعدكم ملك مغانم كثيرة وملك أخرى ، لأن المفعول الثانى لا يكون إلا منصوبا لأن الأعيان لا يقع الوعد عليها ، إنما يقع على تملكها وحيازتها.

قوله تعالى : (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) (٢٥).

والهدى منصوب بالعطف على الكاف والميم فى (صدوكم). وأن يبلغ ، فى موضع نصب بتقدير حذف حرف الجر ، وتقديره ، عن أن يبلغ.

قوله تعالى : (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) (٢٥).

رجال ، مرفوع لأنه مبتدأ. ونساء ، عطف عليهم. وخبر المبتدأ محذوف ولا يجوز إظهار خبر المبتدأ إذا وقع بعد لو لا لطول الكلام بجوابها وقد قدمنا ذكره. ولم تعلموهم ، فى موضع رفع ، لأنه صفة ل (رجال ونساء). وأن تطئوهم ، أى تقتلوهم. وأن ، فى موضعه وجهان : الرفع والنصب.

فالرفع على البدل من (رجال) ، أى ، ولو لا وطؤكم رجالا مؤمنين لم تعلموهم ، والبدل بدل الاشتمال.

والنصب على البدل من الهاء والميم فى (تعلموهم) وتقديره ، ولو لا رجال مؤمنون لم تعلموا وطأهم ، والبدل بدل الاشتمال كالوجه الأول. وجواب لو لا محذوف ، وأغنى عنه جواب (لو) فى قوله تعالى :

٣٧٨

(لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً).

واللام فى (ليدخل الله) ، متعلق محذوف دل عليه قوله تعالى :

(وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ) ، ولا تتعلق (بكف) هذه لأنها فى صلة (الذى) ، وقد فصل ما يرى من الكلام بين (كف) و (اللام) ، ولا يجوز الفصل بينهما.

قوله تعالى : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ) (٢٧).

لقد صدق الله رسوله الرؤيا : أى ، تأويل الرؤيا. فحذف المضاف ، ولا بد من هذا الحذف ، لأن الرؤيا مخايل ترى فى النوم ، فلا يحتمل صدقا ولا كذبا ، وإنما يحتمل الصدق والكذب تأويلها. ولتدخلنّ ، أصله ، لتدخلون ، إلا أنه لما دخلت نون التوكيد حذفت النون التى هى نون الإعراب ، وعلامة الرفع للبناء لدخولها على الفعل ، لأنها لما دخلت عليه ، أكدت فيه الفعلية فردته إلى أصله وهو البناء (١) وحذفت الواو لسكونها وسكون النون الأولى من النون المشددة. وآمنين ومحلقين ومقصرين ، كلها منصوبات على الحال من الضمير المحذوف فى (لتدخلن). وكذلك قوله : (لا تَخافُونَ) ، جملة فى موضع الحال ، وتقديره غير خائفين.

قوله تعالى : (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) (٢٨).

تقديره ، كفاكم الله شهيدا. فحذف مفعولى كفى ، وكفى يتعدى إلى مفعولين ، قال الله تعالى :

__________________

(١) يرى المؤلف أن النون محذوفة للبناء ، والذى عليه الجمهور أن الفعل معرب والنون محذوفة لتوالى الأمثال.

٣٧٩

(فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ)(١)

وشهيدا ، منصوب على التمييز أو الحال على ما قدمنا.

قوله تعالى : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) (٢٩).

الآية.

محمد ، مرفوع لأنه مبتدأ. ورسول الله ، مرفوع من ثلاثة أوجه.

الأول : أن يكون خبر المبتدأ.

والثانى : أن يكون عطف بيان ، والذين معه أشداء ، مبتدأ أيضا وخبر ، ورحماء خبر ثان ، وما بعده أخبار عن (الذين مع النبى عليه‌السلام).

والثالث : أن يكون (رسول الله) ، وصف محمد ، والذين معه ، عطف على (محمد). وأشداء ، خبر عن الجميع. ورحماء ، خبر ثان عنهم ، والنبى داخل فى جميع ما أخبر به عنهم.

وركعا سجدا ، منصوبان على الحال من الهاء والميم فى (تراهم) ، لأنه من رؤية البصر. ويبتغون ، جملة فعلية فى موضعها وجهان ، الرفع والنصب ، فالرفع على أنها خبر بعد خبر ، والنصب على الحال من الهاء والميم فى (تراهم) ، وتقديره ، تراهم ركعا سجدا مبتغين فضلا.

__________________

(١) ١٣٧ سورة البقرة.

٣٨٠