البيان في غريب إعراب القرآن - ج ٢

أبو البركات بن الأنباري

البيان في غريب إعراب القرآن - ج ٢

المؤلف:

أبو البركات بن الأنباري


المحقق: الدكتور طه عبد الحميد طه
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: الهيئة المصريّة العامّة للكتاب
الطبعة: ٢
ISBN: 977-419-179-X
الصفحات: ٥٧٦
الجزء ١ الجزء ٢

«غريب إعراب سورة الزّمر»

قوله تعالى : (تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ) (١).

تنزيل ، مرفوع من وجهين.

أحدهما : أن يكون مبتدأ. ومن الله خبره.

والثانى : أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، هذا تنزيل.

قوله تعالى : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا) (٣).

والذين ، مبتدأ وخبره محذوف ، وتقديره ، يقولون ما نعبدهم. فحذف (يقولون) الذى هو الخبر ، ويجوز أن يكون الخبر قوله تعالى :

(إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ)

ويكون (يقولون) فى موضع نصب على الحال من الضمير فى (اتخذوا) وتقديره ، والذين اتخذوا من دونه أولياء قائلين ما نعبدهم. وما نعبدهم ، جملة فى موضع نصب ب (يقولون) المقدر ، لأن الجمل تقع بعد القول محكية فى موضع نصب.

قوله تعالى : (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) (٦).

ذلكم ، مبتدأ. وربكم ، خبره. وله الملك ، خبر آخر. والملك ، مرفوع بالجار والمجرور ، وتقديره ، ذلكم ربكم كائن له الملك. ولا إله إلا هو ، فيه وجهان : الرفع والنصب. فالرفع أن يكون خبرا آخر للمبتدأ ، والنصب أن يكون منصوبا على الحال ، وتقديره ، منفردا بالوحدانية.

٣٢١

قوله تعالى : (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ) (٩).

قرئ بالتخفيف والتشديد.

فمن قرأ بالتخفيف ففيه وجهان.

أحدهما : أن تكون الهمزة للاستفهام بمعنى التنبيه ، ويكون فى الكلام محذوف ، وتقديره ، أمن هو قانت يفعل كذا كمن هو على خلاف ذلك ، ودل على هذا المحذوف قوله تعالى : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ).

والثانى : أن تكون الهمزة للنداء ، وتقديره ، يا من هو قانت أبشر فإنك من أهل الجنة ، لأن ما قبله يدل عليه ، وهو قوله تعالى : (إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ).

ومن قرأ بالتشديد فإنه أدخل (أم) على (من) بمعنى الذى ، ولا يجوز أن يكون بمعنى الاستفهام ، لأن (أم) للاستفهام فلا يدخل على ما هو استفهام ، وفى الكلام محذوف ، وتقديره ، العاصون ربّهم خير أم من هو قانت ، ودل على هذا المحذوف أيضا قوله تعالى : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)

قوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ) (١٠).

حسنة ، مرفوع لأنه مبتدأ ، وخبره الجار والمجرور قبله. وفى ، يتعلق ب (أحسنوا) ، إذا أريد بالحسنة الجنة ، والجزاء فى الآخرة. وب (حسنة) إذا أريد بالحسنة ما يعطى للعبد فى الدنيا مما يستحب فيها. والوجه الأول أوجه ، لأن الدنيا ليست بدار جزاء.

قوله تعالى : (قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي) (١٤).

الله ، منصوب ب (أعبد). ومخلصا ، منصوب على الحال ، إمّا من المضمر فى (أعبد) ، وإما من المضمر فى (قل). ودينى ، فى موضع نصب ، لأنه مفعول (مخلصا).

قوله تعالى : (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها) (١٧).

أن وصلتها مصدرية فى موضع نصب بدل من مفعول (اجتنبوا) ، وتقديره ،

٣٢٢

والذين اجتنبوا عبادة الطاغوت. ولهم ، فى موضع رفع ، لأنه خبر المبتدأ الذى هو (الذين). والبشرى ، مرفوع ب (لهم) لوقوعه خبرا للمبتدأ.

قوله تعالى : (ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً) (٢١).

يجعله ، بالرفع ، وقرئ بالنصب ، وهى قراءة ضعيفة ، ومنهم من قال : نصبه تبعا لما قبله ، ففتح اللام لأن العين قبله مفتوحة ، وليس بقوى ، وليس فى توجيهها قول مرضى جار على القياس.

قوله تعالى : (قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ) (٢٨).

قرآنا ، توطئة للحال. وعربيا ، حال من القرآن.

قوله تعالى : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ) (٢٩).

ضرب الله مثلا رجلا ، تقديره ضرب الله مثلا مثل رجل ، فحذف المضاف ، وقد قدمنا نظائره. وفيه شركاء متشاكسون ، شركاء ، مرفوع بالظرف على المذهبين ، لأن الظرف وقع صفة لقوله : (رجلا). ورجلا سلما ، معطوف على قوله : (رَجُلاً) الأول ، أى مثل رجل سالم.

قوله تعالى : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (٣٣).

الذى ، مبتدأ وخبره (أولئك) ، وإنما جاز أن يقع (أولئك) خبرا للذى ، و (أولئك) جمع و (الذى) واحد ، لأن الذى يراد به الجنس ، فلهذا جاز أن يقع خبره جمعا.

قوله تعالى : (هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ) (٣٨).

يقرأ (كاشفات) بالتنوين وترك التنوين.

وكذلك قوله : (هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ) (٣٨).

٣٢٣

بالتنوين وتركه. فمن نوّن نصب (ضرّه ورحمته) باسم الفاعل ، ومن ترك التنوين ، جرها بالإضافة ، ولا يكتسى ههنا المضاف من المضاف إليه تعريفا ، لأن الإضافة فيه فى نية الانفصال ، لأن اسم الفاعل ، ليس بمعنى الماضى ، والأصل هو التنوين ، وإنما يحذف للتخفيف.

قوله تعالى : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ (٤٢) فِي مَنامِها) (٤٢).

التى ، فى موضع نصب بالعطف على (الأنفس) ، وتقديره ، ويتوفى التى لم تمت فى منامها. فحذف (يتوفى) الثانى ، لدلالة الأول عليه. ويرسل الأخرى. أى ، الأنفس الأخرى ، وهى التى لم يقض عليها الموت ، فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه. وإلى أجل مسمى ، فى موضع نصب لأنه يتعلق ب (يرسل).

قوله تعالى : (قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً) (٤٤).

جميعا ، منصوب على الحال من (الشفاعة) ، وإنما قال : جميعا و (الشفاعة) لفظه لفظ الواحد ، لأن (الشفاعة) مصدر ، والمصدر يدل على الجمع ، كما يدل على الواحد ، فحمل جميع على المعنى ، والحمل على المعنى كثير فى كلامهم.

قوله تعالى : (وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ) (٤٥).

وحده ، منصوب ، وفى نصبه ثلاثة أوجه.

الأول : أن يكون منصوبا على المصدر يحذف الزيادة ، وأصله (أوحد) بالذكر إيحادا ، كما جمعوا كروان على كروان ، بحذف الزيادة فصار إلى فعل ، فجمعوه على فعلان كخرب وخربان وبرق وبرقان.

والثانى : أن يكون منصوبا على الحال.

والثالث : أن يكون منصوبا على الظرف وهو قول يونس. والذى عليه الأكثرون هو الأول ، وهو أوجه الأوجه.

٣٢٤

قوله تعالى : (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى) (٥٦).

أن وصلتها ، فى موضع نصب لأنه مفعول له.

قوله تعالى : (بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي) (٥٩).

هذا جواب قوله تعالى :

(لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (٥٧).

وكان الجواب ب (بلى) ، وهى إنما تأتى فى جواب النفى ، لأن المعنى ، ما هدانى الله وما كنت من المتقين ، فقيل له : بلى قد جاءتك آياتى فكذبت بها واستكبرت. فلولا أن معنى الكلام النفى ، وإلّا لما وقعت (بلى) فى جوابه.

قوله تعالى : (تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) (٦٠).

الذين ، فى موضع نصب لأنه مفعول (ترى). ووجوههم مسودة ، جملة اسمية فى موضع نصب على الحال ، واستغنى عن الواو لمكان الضمير فى قوله : (وجوههم) ولو نصب (وجوههم) على البدل من (الذين) ، لكان جائزا حسنا.

قوله تعالى : (قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ) (٦٤).

غير ، فى نصبه وجهان.

أحدهما : أن يكون منصوبا ب (أعبد) ، وتقديره ، أعبد غير الله فيما تأمرونى. وأصله : أن أعبد ، إلا أنه حذف (أن) ، فارتفع الفعل ، ولو ظهرت (أن) لم يجز أن ينتصب (غير) ب (أعبد) ، لأن ما كان فى صلة (أن) لا يجوز أن يعمل فيما قبلها ، إلا أنه لما حذف (أن) سقط حكمها ، والدليل على ذلك أن الفعل قد ارتفع ، ولو كان حكم (أن) ثابتا ، لوجب أن يكون الفعل منصوبا ، فلما لم ينصب دل على سقوط حكمها.

والثانى : أن يكون منصوبا ب (تأمرونى) ، لأنه يقتضى مفعولين ، الثانى منهما

٣٢٥

بحرف جر ، كقولك : أمرتك الخير أى ، بالخير ، فالياء هى المفعول الأول ، وغير ، هى مفعول ثان. وأعبد ، فى تقديره ، أن أعبد فى موضع البدل من (غير). تقديره ، أتأمرونى بغير الله أن أعبد. ونصب (غير) ب (أعبد) ، أظهر من نصبه ب (تأمرونى). ويقرأ (تأمرونى) بتخفيف النون ، كقوله تعالى :

(فَبِمَ تُبَشِّرُونَ)(١)

أراد تبشروننى. وقول الشاعر :

١٥٩ ـ يسوء الفاليات إذا فلينى (٢)

أراد : فليننى وقد قدمنا ذكره.

قوله تعالى : (بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ) (٦٦).

الله ، منصوب من وجهين.

أحدهما : أن يكون منصوبا ب (أعبد).

والثانى : أن يكون منصوبا بتقدير فعل ، وتقديره ، بل أعبد الله فاعبد. والفاء زائدة عند أبى الحسن الأخفش ، وغير زائدة عند غيره.

قوله تعالى : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) (٦٧).

الأرض ، مرفوع لأنه مبتدأ. وقبضته ، خبره. وجميعا ، منصوب على الحال ،

__________________

(١) ٥٤ سورة الحجر.

(٢) (فلين) بنون واحدة فى ب.

والبيت من شواهد سيبويه ٢ / ١٥٤ وقد نسبه إلى عمرو بن معد يكرب والبيت بتمامه :

تراه كالثغام يعل مسكا

تسوء الفاليات إذا فليسنى

يصف شعره وقد شمله الشيب ـ والثغام : نبت له نور أبيض يشبه به الشيب. ومعنى يعل ، يطيب شيئا بعد شىء وأصل العلل الشرب بعد الشرب ، والشاهد فى حذف النون فى قوله (فليننى) كراهة لاجتماع النونين وحذفت نون الضمير دون نون جماعة النسوة لأنها زائدة لغير معنى.

٣٢٦

وأجاز الفراء (قبضته) ، بالنصب على تقدير حذف حرف الخفض ، وتقديره ، فى قبضته. وأباه البصريون ، وقالوا : لو قلت : زيد قبضتك. أى ، فى قبضتك لم يجز.

قوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ) (٧٣).

جواب إذا ، فيه ثلاثة أوجه.

الأول : أن يكون محذوفا ، وتقديره ، حتى إذا جاءوها فازوا أو نعموا.

والثانى : أن يكون الجواب قوله تعالى : (وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) ، والواو زائدة ، وتقديره ، حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها.

والثالث : أن يكون الجواب (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها) ، والواو زئداة ، وتقديره ، حتى إذا جاءوها قال لهم خزنتها. والأول أوجه الأوجه.

قوله تعالى : (حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) (٧٥).

حافين ، منصوب على الحال لأن المراد ب (ترى) رؤية البصر لا رؤية القلب ، وواحد (حافين حاف) ، وقال الفراء : هذا لا واحد له ، لأن هذا الاسم لا يقع لهم إلّا مجتمعين.

٣٢٧

«غريب إعراب سورة المؤمن» (١)

قوله تعالى : (حم) (١).

قرئ بالسكون وهو المشهور على الأصل فى الحروف المقطعة ، وقرئ (حاميم) بفتح الميم ، وذلك لوجهين.

أحدهما أن يكون فتح الميم لالتقاء الساكنين ، لأنه أخف الحركات ، ولم يكسر ، لأن قبلها كسرة ، والياء بكسرتين ، فلو كسر لأدّى ذلك إلى اجتماع أربع كسرات.

والثانى : أن يكون فتح الميم علامة النصب بتقدير فعل ، والتقدير ، اتل حم. إلا أنه لم يصرفها ، لأنه جعلها اسما للسورة ، فاجتمع التعريف والتأنيث ، وأنه أيضا ليس على وزن من أوزان العرب بل وزن الأعجمى كهابيل وقابيل.

قوله تعالى : (لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ) (١٠).

إذ ، ظرف زمان ، والعامل فيه لا يخلو إما أن يكون ، (لمقت الله) أو (مقتكم) ، أو (تدعون) ، أو فعل مقدر.

بطل أن يقال يعمل فيه (مقت الله) ، لأن خبر المبتدأ قد تقدم على (إذ) وليس بداخل فى صلته ، فلو أعملته فى (إذ) لفصلت بين الصلة والموصول بخبر المبتدأ ، وهو أجنبى ، والفصل بين الصلة والموصول بأجنبى لا يجوز ، ولأن الإخبار عنه يؤذن بتمامه ، وما يتعلق به يؤذن بنقصانه ، وقد قدمنا نظائره.

__________________

(١) سورة غافر فى المصحف.

٣٢٨

وبطل أن يعمل فيه (مقتكم) ، لأنهم مقتوا أنفسهم فى النار ، وقد دعوا إلى الإيمان فى الدنيا.

وبطل أن يعمل فيه (يدعون) ، لأن (إذ) قد أضيفت إليه والمضاف إليه لا يعمل فى المضاف.

وإذا بطلت هذه الأقسام تعين أن يعمل فيه فعل مقدر ، وتقديره ، مقتكم إذ تدعون ، أى ، حين دعيتم إلى الإيمان فكفرتم. وقيل تقديره ، اذكروا إذ تدعون.

قوله تعالى : (يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ) (١٦).

يوم ، منصوب على البدل من قوله تعالى : (لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ). ويوم التلاق ، منصوب انتصاب المفعول به لا الظرف ، لأن الإنذار لا يكون فى يوم التلاق ، وإنما يكون الإنذار به لا فيه. وهم بارزون ، جملة اسمية فى موضع جر بإضافة (يوم) إليها. ولمن الملك ، مبتدأ وخبر. واليوم ، منصوب.

وفيما يتعلق به ثلاثة أوجه.

الأول : أن يكون متعلقا بمدلول قوله تعالى : (لمن الملك) ، وتقديره لمن استقر الملك فى هذا اليوم.

والثانى : أن يكون متعلقا بنفس (الملك).

والثالث : أن يكون الوقف على (الملك). ويبتدأ (اليوم لله الواحد القهار) وتقديره ، هو مستقر لله الواحد القهار فى هذا اليوم.

قوله تعالى : (إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) (١٨).

إذ ، فى موضع نصب على البدل من قوله تعالى (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ) ، وهو

٣٢٩

مفعول (أنذرهم) على ما قدمنا. وكاظمين ، منصوب على الحال من المضمر فى (لدى). ومن حميم ، من زائدة ، وتقديره ، ما للظالمين حميم ولا شفيع. ويطاع ، جملة فعلية فى موضع جر بالوصف على لفظ (شفيع) ، ويجوز أن يكون فى موضع رفع بالوصف على موضعه ، وموضعه رفع.

قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ) (٢١).

فينظروا ، فى موضعه وجهان.

أحدهما : النصب على جواب الاستفهام بالفاء بتقدير (أن).

والثانى : أن يكون مجزوما بالعطف على (يسيروا). وكيف ، فى موضع نصب ، لأنها خبر (كان). وعاقبة ، مرفوع ، لأنه اسم (كان). ويكون فى (كيف) ضمير يعود على العاقبة ، كقولك : أين زيد وكيف عمرو. ففى كل واحد من (أين وكيف) ، ضمير يعود إلى المبتدأ ، ويجوز أن يكون (كان) التامة فلا تفتقر إلى خبر ، فيكون (كيف) ظرفا ملغى لا ضمير فيه ، وكذلك ، قوله تعالى : (الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ) : يجوز فى كان الوجهان ويكون (أشد) ، إذا جعلت كان بمعنى وقع ، منصوبا على الحال.

قوله تعالى : (وَإِنْ يَكُ كاذِباً) (٢٨).

فى حذف النون من (يك) وجهان.

أحدهما : أنها حذفت لكثرة الاستعمال ، وإليه ذهب أكثر النحويين.

والثانى : أن تكون حذفت تشبيها لها بنون الإعراب فى نحو ، يضربون ، وهو قول أبى العباس المبرد.

والوجه الأول أوجه الوجهين.

٣٣٠

قوله تعالى : (مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ) (٣١).

مثل دأب ، منصوب على البدل من (مثل) الأول فى قوله تعالى : (مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ).

قوله تعالى : (يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ) (٣٣).

يوم ، منصوب على البدل من (يوم) الأول ، فى قوله تعالى :

(إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ).

قوله تعالى : (الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ) (٣٥).

الذين ، فى موضع نصب على البدل من : (من) (١)

ويجوز أن يكون فى موضع رفع ، لأنه خبر مبتدأ محذوف وتقديره ، هم الذين.

قوله تعالى : (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى) (٣٦ ، ٣٧).

أسباب السموات ، بدل من (الأسباب) الأولى. فأطلع ، يقرأ بالنصب والرفع ، فالنصب على أنه جواب (لعلى) بالفاء ، بتقدير (أن). والرفع على أنه عطفه على لفظ (أبلغ).

قوله تعالى : (لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ) (٤٣).

تقديره ، إجابة دعوة. فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.

قوله تعالى : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا) (٤٦).

__________________

(١) فى الآية (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ) الآية ٣٤ «غافر».

٣٣١

النار ، مرفوع من ثلاثة أوجه.

الأول : أن يكون مرفوعا على البدل من قوله تعالى : (سُوءُ الْعَذابِ).

والثانى : أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، هو النار.

والثالث : أن يكون مبتدأ ، ويعرضون عليها ، الخبر.

قوله تعالى : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا) (٤٦).

يوم منصوب ب (أدخلوا) ، وقرئ (أدخلوا) بفتح الهمزة وقطعها وكسر الخاء. فمن قرأ بوصل الهمزة وضمها وضم الخاء ، كان (آل فرعون) منصوبا ، لأنه نداء مضاف ، وتقديره ، ادخلوا يا آل فرعون. ومن قرأ بفتح الهمزة وقطعها وكسر الخاء كان (آل فرعون) منصوبا لأنه مفعول (أدخلوا).

قوله تعالى : (إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً) (٤٧).

إنما قال : (تبعا) بلفظ الواحد ، وإن كان خبرا عن جماعة ، لأن (تبعا) مصدر ، والمصدر يصلح للجميع.

قوله تعالى : (إِنَّا كُلٌّ فِيها) (٤٨).

كل ، مبتدأ ، وهو فى تقدير الإضافة. وفيها ، خبره ، والجملة من المبتدأ والخبر فى موضع رفع ، لأنها خبر (إن) ، ولا يجوز أن ينصب (كل) على البدل من الضمير فى (إنّا) ، لأن ضمير المتكلم لا يبدل منه ، لأنه لا لبس فيه ، فلا يفتقر إلى أن يوضح بغيره.

قوله تعالى : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) (٥١).

يوم ، منصوب بالعطف على موضع الجار والمجرور ، وهو (فى الحياة الدنيا) ، كما تقول : جئتك فى أمس واليوم. وكقول الشاعر :

٣٣٢

١٦٠ ـ إذا ما تلاقينا من اليوم أو غدا (١)

قوله تعالى : (وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ هُدىً وَذِكْرى) (٥٣ ، ٥٤).

هدى ، منصوب على الحال من (الكتاب) وذكرى ، عطف عليه ، والعامل فى الحال (أورثنا).

قوله تعالى : (بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ) (٥٥).

يقرأ بكسر الهمزة وفتحها ، فمن كسرها ، جعله مصدر أبكر إبكارا ، ومن فتحها جعله جمع بكر ، وبكر وأبكار ، كقولهم : سحر وأسحار.

قوله تعالى : (إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ) (٥٦).

إن ، بمعنى (ما) كقوله تعالى :

(إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ)(٢)

وكبر ، مرفوع بالظرف ، وهو (فى صدورهم) ، لأن الظرف قد فرّغ له ، كما تقول :

ما فى الدار إلا زيد.

قوله تعالى : (قَلِيلاً ما تَتَذَكَّرُونَ) (٥٨).

قليلا ، منصوب لأنه صفة مصدر محذوف وتقديره ، تذكرا قليلا تتذكرون. وما ، زائدة ، ومعناه ، لا تذكّر لهم ؛ لأنه قد يطلق لفظ القلة ، ويراد بها النفى كقولك : قلما تأتينى ، وأنت تريد : ما تأتينى ولهذا أبدل الشاعر من فاعل (قليل) فى قوله :

__________________

(١) شطر بيت من شواهد سيبويه ١ / ٣٥ وقد نسبه إلى كعب بن جعيل ، والبيت بتمامه :

ألا حى ندمانى عمير بن عامر

إذا ما تلاقينا من اليوم أو غدا

وقد مر ذكره.

(٢) ٢٠ سورة الملك.

٣٣٣

١٦١ ـ قليل بها الأصوات إلّا بغامها (١)

ولو لم يكن فى معنى النفى ، لما جاز الإبدال ، فكأنه قال : ما بها الأصوات إلا بغامها.

قوله تعالى : (إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ) (٧١).

السلاسل ، مرفوع لأنه معطوف على (الأغلال) ، وتقديره إذ الأغلال والسلاسل فى أعناقهم ، ومنهم من وقف على (أعناقهم) ، وابتدأ (والسلاسل يسحبون فى الحميم) وتقديره ، والسلاسل يسحبون بها فى الحميم. فحذف الجار والمجرور ، وقرئ (والسلاسل يسحبون) ، بنصب اللام وفتح الياء من (يسحبون) ، على أنه مفعول (يسحبون) ، وتقديره ، يسحبون السلاسل. وقرئ (والسلاسل) بالجر ، بالعطف على (أعناقهم) ، وهى قراءة ضعيفة لأنه يصير المعنى ، الأغلال فى الأعناق والسلاسل. ولا معنى للأغلال فى السلاسل. وقيل هو معطوف على (الحميم) ، وهذا ضعيف جدا ، لأن المعطوف المجرور لا يتقدم على المعطوف عليه ، وقد يجىء التقديم للضرورة قليلا فى المرفوع ، وفى المنصوب أقل منه ، ولم يجىء ذلك فى المجرور ، ولم يجزه أحد ألبتة.

قوله تعالى : (فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ) (٨١).

أى ، استفهام ، وهى منصوب ب (تنكرون) ، والاستفهام إنما ينصب بما بعده ، لأن الاستفهام له صدر الكلام.

__________________

(١) هذا شطر بيت من شواهد سيبويه ١ / ٣٧٠ وقد نسبه إلى ذى الرمة ، والبيت :

أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة

قليل بها الأصوات إلّا بغامها

الشاهد فى وصف الأصوات بقوله : إلا بغامها ، على تأويل (غير). والمعنى ، قليل بها الأصوات غير بغامها ، أى الأصوات التى هى صوت الناقة ، ويجوز أن يكون البغام بدلا من الأصوات على أن يكون (قليل) بمعنى النفى ، فكأنه قال : ليس بها صوت إلا بغامها ، وصف ناقة أناخها فى فلاة لا يسمع فيها صوت إلا صوتها لقلة خيرها. وأراد بالبلدة الأولى ما يقع على الأرض من صدر الناقة إذا بركت ، وبالبلدة الأخيرة الفلاة.

٣٣٤

قوله تعالى : (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) (٨٣).

من ، (للتبيين) وفيه وجهان.

أحدهما. أنه تبيين ل (ما) ، أى ، فرحوا بالشىء الذى عندهم من العلم.

والثانى. تبيين للبينات. وفى الآية تقديم وتأخير ، والتقدير فلما جاءتهم رسلهم بالبينات من العلم فرحوا بما عندهم ، والأكثرون على الوجه الأول.

٣٣٥

«غريب إعراب سورة فصلت» (١)

قوله تعالى : (تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (٢).

تنزيل ، مرفوع من وجهين.

أحدهما : أن يكون مبتدأ. ومن الرحمن ، صفة له. وكتاب ، خبره.

والثانى : أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، هذا تنزيل.

قوله تعالى : (قُرْآناً عَرَبِيًّا) (٣).

فى نصبه ثلاثة أوجه.

الأول : أن يكون منصوبا على الحال ، والعامل فيه (فصلت).

والثانى : أن يكون منصوبا ب (فصلت).

والثالث : أن يكون منصوبا على المدح ، وتقديره ، أمدح قرآنا عربيا.

قوله تعالى : (بَشِيراً وَنَذِيراً) (٤).

نصب على الحال من (الآيات) ، والعامل فيه (فصلت) ، ويحتمل أن يكون نصبا على الحال من (كتاب) ، لأنه قد وصف ، والعامل فى الحال ، ما فى (هذا) من معنى التنبيه أو الإشارة إذا قدرت ، هذا كتاب فصلت آياته.

قوله تعالى : (يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) (٦).

أنما ، فى موضع رفع ب (يوحى) على أنه مفعول ما لم يسم فاعله.

__________________

(١) (سورة السجدة) هكذا فى أ ، ب.

٣٣٦

قوله تعالى : (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً) (٩).

الواو فى (وتجعلون) ، واو الحال من الضمير الذى فى (خلق) ، وتقديره ، قل أئنكم لتكفرون بالذى خلق الأرض فى يومين مجعولا له أندادا. فالحال من الضمير الذى فى (خلق) ، لا من نفس الموصول ، ولو كان من نفس الموصول ، لكان قد فصل بين (خلق) الذى فى صلة (الذى) ، وبين (جعل فيها رواسى) ، وهو معطوف على (خلق) ، والمعطوف على الصلة صلة ، ولا يجوز الفصل بينهما بالحال ، لأن الحال من الموصول يؤذن بتمامه.

قوله تعالى : (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ) (١٠).

سواء يقرأ بالنصب والرفع والجر. فمن نصبه جعله منصوبا على المصدر ، بمعنى (استواء) وتقديره ، استوت استواء. ومن رفعه جعله مرفوعا ، لأنه خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، هى سواء. ومن جرّه جعله مجرورا على الوصف ل (أيام) ، أو ل (أربعة) ، والمشهورة هى النصب.

قوله تعالى : (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) (١١).

إنما جمعها جمع من يعقل لأنه وصفها بالقول والطاعة ، وذلك من صفات من يعقل فلذلك جمعها جمع من يعقل كقوله تعالى :

(إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ)(١)

لمّا وصفها بالسجود وهو من صفات من يعقل ، جمعها جمع من يعقل.

قوله تعالى : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) (١٢).

__________________

(١) ٤ سورة يوسف.

٣٣٧

سبع سموات ، فى موضع نصب على البدل من الهاء والنون فى (فقضاهنّ).

قوله تعالى : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) (١٧).

أما ، حرف معناه التفصيل وفيه معنى الشرط. ألا ترى أنك تقول : أما زيد فعالم. فيكون المعنى ، مهما يكن من شىء فزيد عالم. ولهذا جاءت الفاء فى (فهديناهم) ، الذى هو خبر المبتدأ ، الذى هو (ثمود) ، والأصل فى الفاء أن تكون مقدّمة على المبتدأ ، إلا أنهم أخروها إلى الخبر ، لئلا يلى حرف الشرط فاء الجواب ، وجعل المبتدأ عوضا مما تليه من الفعل. والدليل على أن الفاء فى تقدير التقديم ، قولهم : أما زيدا فأنا ضارب. وإن كان ما بعد الفاء لا يجوز أن يعمل فيما قبلها ، إلا أنهم أعملوا ههنا ما بعدها فيما قبلها ، لأنه فى تقدير التقديم. قال تعالى :

(فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ)(١)

فنصب (اليتيم والسائل) بما بعد الفاء لما ذكرنا. ومن قرأ (ثمود) بالنصب ، فإنه نصبه بفعل مقدر ، يفسره هذا الظاهر ، وتقديره ، مهما يكن من شىء ، فهدينا ثمود فهديناهم. والنصب ههنا قوى فى القياس ، لدخول حرف فيه معنى الشرط ؛ لأن الشرط يقتضى الفعل وهو أولى به. وقرئ (ثمود) بالصرف وترك الصرف ، فمن صرفه جعله اسم الحىّ ، ومن لم يصرفه جعله اسم القبيلة ، فلم يصرفه للتعريف والتأنيث.

قوله تعالى : (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ إِلَى النَّارِ) (١٩).

يوم ، منصوب من وجهين.

أحدهما : أن يكون منصوبا بفعل دل عليه (يوزعون) ، وتقديره ، يساق الناس يوم يحشر.

والثانى : أن يكون منصوبا بتقدير ، اذكر ، ولا يجوز أن يكون منصوبا ب (يحشر) ، لأن المضاف إليه لا يعمل فى المضاف ، ولا يجوز أيضا أن يكون منصوبا

__________________

(١) ٩ ، ١٠ سورة الضحى.

٣٣٨

بقوله تعالى : (وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا) لأنه ماض و (يوم يحشر) مستقبل ، فلا يعمل فيه الماضى.

قوله تعالى : (وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ) (٢٢).

أن وصلتها ، فى موضع نصب ، بتقدير حذف حرف الجر ، وتقديره ، وما كنتم تستترون عن أن يشهد عليكم ، فحذف (عن) ، فاتصل الفعل به.

قوله تعالى : (وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ) (٢٣).

ذلكم مبتدأ ، وظنكم خبره. وأرداكم ، خبر ثان ، وقيل : ظنكم بدل من (ذلكم) و (أرداكم) خبره. وزعم بعض الكوفيين أنه فى موضع نصب على الحال ، وهو غلط عند البصريين لأنّ الفعل الماضى لا يكون حالا إلا بتقدير (قد).

قوله تعالى : (ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ النَّارُ) (٢٨).

النار ، مرفوع من ثلاثه أوجه.

الأول : أن يكون بدلا من (جزاء).

والثانى : أن يكون خبر مبتدأ محذوف وتقديره ، هو النار ، وتكون هذه الجملة بيانا للجملة الأولى.

والثالث : أن يكون مبتدأ وخبره (لهم فيها دار الخلد).

قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) (٣١ ، ٣٢).

٣٣٩

ما ، اسم موصول والعائد محذوف فى موضع نصب ، وتقديره ، تدعونه. ونزلا ، منصوب من وجهين.

أحدهما : أن يكون منصوبا على المصدر.

والثانى : أن يكون منصوبا على الحال من الكاف والميم ، وهو جمع (نازل) ، كبازل وبزل وشارف وشرف ، وتقديره ، ولكم فيها نازلين. ولا يجوز على هذا الوجه أن يكون قوله تعالى : (من غفور) فى موضع نصب على الوصف ل (نزل) ، لأنه لا فائدة فيه ، ولا يجوز أن يكون أيضا معمول قوله تعالى : (لَكُمْ) ، لأنه قد عمل فى الظرف وهو (فيها) ، فلا يعمل فى ظرف آخر ، والأظهر أن يكون (نزلا) فى هذه الآية كقوله تعالى : (هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ)(١) ، لا جمع (نازل).

قوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ) (٣٧).

الليل ، مبتدأ. والنهار والشمس والقمر ، عطف عليه. ومن آياته ، الخبر. والهاء والنون فى (خلقهن) ، تعود على الآيات ، ولا تعود على الشمس والقمر والليل والنهار ، لأن المذكر والمؤنث إذا اجتمعا غلّب جانب المذكر على جانب المؤنث.

قوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) (٣٩).

أن وما عملت فيه ، فى موضع رفع بالظرف ، على مذهب سيبويه والأخفش ، لأن المصدرية ، إذا وقعت بعد الظرف ارتفعت به ، كما يرفع إذا وقع خبرا لمبتدأ ،

__________________

(١) ٥٦ سورة الواقعة.

٣٤٠