البيان في غريب إعراب القرآن - ج ٢

أبو البركات بن الأنباري

البيان في غريب إعراب القرآن - ج ٢

المؤلف:

أبو البركات بن الأنباري


المحقق: الدكتور طه عبد الحميد طه
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: الهيئة المصريّة العامّة للكتاب
الطبعة: ٢
ISBN: 977-419-179-X
الصفحات: ٥٧٦
الجزء ١ الجزء ٢

وفى موضع رفع لأنها الخبر. وبيمينك ، صلة (التى) وتقديره ، ما التى استقرّت بيمينك. وقد بينا ذلك مستوفى فى كتاب الإنصاف (١).

قوله تعالى : (سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى) (٢١).

سيرتها ، منصوب ب (سنعيدها) ، بتقدير حذف حرف جرّ ، وتقديره ، سنعيدها إلى سيرتها ، فحذف حرف الجر ، فاتصل الفعل به فنصبه.

قوله تعالى : (تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى) (٢٢).

بيضاء ، منصوب على الحال من الضمير فى (تخرج).

وآية ، فى نصبها وجهان. أحدهما : أن تكون منصوبة على الحال بدلا من بيضاء ، أى ، تخرج مبيّنة عن قدرة الله تعالى. والثانى : أن تكون منصوبة بتقدير فعل والتقدير ، آتيناك آية أخرى.

قوله تعالى : (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي) (٢٩).

لى ، فى موضع نصب لوجهين. أحدهما : أن يكون ظرفا ل (اجعل). والثانى : صفة ل (وزير) ، فلمّا تقدم صار منصوبا على الحال ، كما قال الشاعر :

١٢٤ ـ والصّالحات عليها مغلقا باب (٢)

أى ، باب مغلق. فلما قدّم صفة النكرة عليها ، نصبها على الحال.

وهرون ، منصوب على البدل من قوله : (وزيرا) ، وهو لا ينصرف للعجمة والتعريف.

وأخى ، عطف بيان ، ويجوز أن يكون بدلا.

قوله تعالى : (كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً) (٣٣).

__________________

(١) المسألة ١٠٣ الإنصاف ٢ / ٤٢٤.

(٢) تقدم هذا الشاهد ولم أعثر على صاحبه فيما تحت يدى من المراجع.

١٤١

كثيرا ، منصوب لأنه صفة لمصدر محذوف ، وتقديره ، نسبّحك تسبيحا كثيرا.

قوله تعالى : (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي) (٣١).

يقرأ بوصل الهمزة وقطعها.

فمن قرأ بالوصل جعله دعاء وطلبا ، وهو كالأمر.

ومن قرأ بالقطع جعله فعلا مضارعا معربا مجزوما ، لأنه جواب (اجعل) على تقدير شرط مقدر ، والألف فيه ألف المتكلم.

قوله تعالى : (إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ) (٣٨ ، ٣٩).

أن اقذفيه ، فى موضع نصب على البدل من (ما) ، والهاء فى (اقذفيه) الأولى (لموسى) ، والهاء فى (اقذفيه) الثانية (للتابوت).

قوله تعالى : (وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً) (٤٠).

فتونا ، فى نصبه وجهان. أحدهما : أن يكون منصوبا على المصدر ، كقولك : ضربت ضربا. والثانى : أن يكون منصوبا بحذف حرف الجر ، وتقديره ، فتنّاك يفتون. ومعناه ، وفتنّاك بأنواع من الفتن.

قوله تعالى : (قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى) (٥٢).

علمها ، مرفوع لأنه مبتدأ. وفى كتاب ، خبره. وعند ربّى ، ظرف يتعلق بالخبر ، وتقديره ، علمها كائن فى كتاب عند ربى ، ويحتمل أن يكون (عند ربّى) ، فى موضع نصب على الحال ، لأنه فى الأصل صفة (لكتاب) وهو نكرة ، وتقديره ، علمها كائن فى كتاب كائن عند ربى. فلما تقدمت صفة النكرة عليها ، وجب أن تكون فى موضع نصب على الحال ، ويحتمل أن يكون (فى كتاب) بدلا من قوله : (عِنْدَ

١٤٢

رَبِّي) ، ويكون (عند ربى) خبر المبتدأ. ويحتمل أن يكون من باب قولهم : (هذا حلو حامض). ولا يضلّ ربى ، تقديره ، لا يضلّ ربى عنه. فحذف الجار والمجرور كما حذفها من قوله تعالى :

(فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى)(١) ، أى ، هى المأوى له. ونظائره كثيرة.

قوله تعالى : (فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً) (٥٨).

مكانا ، منصوب لأنه بدل من قوله : (موعدا) ، ولا يجوز أن يكون منصوبا بقوله : (موعدا) ، لأنّ (موعدا) قد وصف بقوله : (لا نخلفه نحن) ، والمصدر إذا وصف لا يعمل ، [لأنّ الصفة تؤذن بتمام الموصوف فلا يجوز أن تبقى منه بعد الصفة بقية](٢) لأنه يخرج بالوصف عن شبه الفعل ، وكذلك إذا أخبرت عن المصادر وعطفت عليها لم تعملها ، لأنك تفصل بين الصلة والموصول ، لأنّ المعمول داخل فى صلة المصدر ، والخبر والمعطوف غير داخلين فى الصلة.

وسوى ، صفة (لمكان).

ويقرأ (سوى) بكسر السّين و (سوى) بضمها.

فمن قرأ بالكسر ، فلأنّ (فعلا) لم يأت فى الوصف إلا نادرا نحو : قوم عدى ، ولحم زيم.

والضم أكثر ، لأن فعلا فى الوصف كثير نحو : لكع وحطم.

__________________

(١) ٤١ سورة النازعات.

(٢) ما بين المعقوفين فى هامش أوهو غير واضح ، ونقل من ب.

١٤٣

قوله تعالى : (قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) (٥٩).

يوم ، مرتفع لأنه خبر (موعدكم) ، على تقدير حذف مضاف ، وتقديره ، موعدكم وقت يوم الزينة. ولا يجوز أن يكون (يوم) ظرفا ، لأنّ العرب لم تستعمله مع الظرف استعمال سائر المصادر ، ولهذا قال تعالى :

(إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ)(١)

بالرفع ، ولو قلت : إنّ خروجكم الصبح ، لم يجز فيه إلا النصب (٢) على تقدير ، وقت الصبح.

والموعد ، يكون مصدرا وزمانا ومكانا بلفظ واحد ، وكذلك كل ما كان فاؤه واوا من فعل يفعل ، فإنه يكون فى المصدر والزمان والمكان على (مفعل) بكسر العين. فأما قولهم : موهب ومورق ، فإنه جاء بفتح العين على خلاف القياس ، وما عدا المعتل الفاء من الصحيح ، نحو : ضرب يضرب ، فإن المصدر منه بفتح العين ، والزمان والمكان بكسر العين ، حملا على كسر العين من المضارع ، وليس هذا موضعه.

وأن يحشر ، فى موضع رفع بالعطف على (يوم الزينة) وتقديره ، موعدكم وقت يوم الزينة ، وموعدكم وقت حشر الناس ، فحذف المضاف أيضا.

قوله تعالى : (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) (٦٣).

من قرأه بالألف ، أتى به على لغة بنى الحرث بن كعب ، فإنهم يقولون : مررت برجلان ، وقبض منه درهمان. وقال الشاعر :

__________________

(١) ٨١ سورة هود. وجاء فى أ(موعدكم) بدل (موعدهم).

(٢) (إلا التصريح) فى ب.

١٤٤

١٢٥ ـ تزوّد منا بين أذناه ضربة

دعته إلى هابى التراب عقيم (١)

وقيل : (إنّ) بمعنى (نعم) كما روى : أنّ رجلا جاء إلى الزبير يستحمله فلم يحمله ، فقال له : لعن الله ناقة حملتنى إليك ، فقال : إنّ وراكبها. أى : نعم.

وقال الشاعر :

١٢٦ ـ بكر العواذل فى الصّبو

ح يلمننى وألومهنّه

ويقلن شيب قد علا

ك وقد كبرت فقلت إنّه (٢)

أى : نعم. وتقدير الآية : نعم هذان لساحران. كقول الشاعر :

١٢٧ ـ أم الحليس لعجوز شهربة (٣)

إلّا أنّ هذا الوجه فيه ضعف ، لدخول اللام فى الخبر ، وهو قليل فى كلامهم.

__________________

(١) جاء فى اللسان مادة (هبا) ونسب إلى هوبر الحارثى ، وقال ، وقال : «بين أذنيه» وهو من شواهد شرح المفصل لابن يعيش ٣ / ١٢٨ على إثبات ألف المثنى ، فى لغة بنى الحارث ابن كعب.

(٢) من شواهد سيبويه ١ / ٤٧٥ ولم ينسبهما لقائل ، ولم يشر إليهما الشنتمرى فى شرح الشواهد. قال سيبويه : «وأما قول العرب فى الجواب (إنّه) فهو بمنزلة (أجل) وإذا وصلت قلت : إنّ يا فتى ، وهو بمنزلة أجل» ثم استشهد بالشعر المذكور.

(٣) هذا الشاهد نسبة جماعة إلى عنترة بن عروس مولى بنى ثقيف ، ونسبه آخرون إلى رؤبة بن العجاج ، ورواه ابن منظور فى اللسان غير منسوب إلى قائل معين ، والبيت بتمامه فى شرح ابن عقيل ١ / ٣١٣ ، وهو شاهد على دخول الكلام فى خبر المبتدأ :

أم الحليس لعجوز شهربة

ترضى من اللحم بعظم الرقبة

١٤٥

وقيل : إنّ الهاء مضمرة مع (إنّ) كما تقول: إنه زيد ذاهب ، وفيه أيضا ضعف ، لأن هذا إنما يجىء فى الشعر كقول الشاعر :

١٢٨ ـ إنّ من لام فى بنى بنت حسّا

ن ألمه وأعصه فى الخطوب (١)

وقيل : لأن (هذان) لمّا لم يظهر الإعراب فى واحده وجمعه ، حملت التثنية على ذلك ، وهذا أضعف من القول الذى قبله.

ومن قرأ (إن) بالتخفيف كان فيه وجهان :

أحدهما : أن تكون (إن) مخففة من الثقيلة ، ولم يعملها لأنها إنما عملت لشبه الفعل ، فلما حذف منها النون ، وخفّفت ضعف وجه الشبه فلم تعمل.

والثانى : أن تكون (إن) بمعنى (ما) واللام بمعنى (إلّا) وتقديره ، ما هذان إلّا ساحران. وهذان الوجهان يخرجان على مذهب الكوفيين.

قوله تعالى : (فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ (٢) ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا) (٦٤).

قرئ (أجمعوا) بقطع الهمزة ووصلها.

فمن قرأ (أجمعوا) بقطعها ، نصب (كيدكم) ب (أجمعوا) ، على تقدير حذف حرف الجرّ ، وتقديره ، فأجمعوا على كيدكم. فحذف حرف الجرّ فاتصل الفعل به فنصبه ، يقال : أجمع على كذا. إذا عزم عليه ، فحذفها من الآية كما حذفها من قوله تعالى :

(وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ)(٣) أى ، على عقدة النّكاح.

__________________

(١) من شواهد سيبويه ١ / ٤٣٩ وقد نسبه للأعشى.

(٢) (أمركم) فى ب.

(٣) ٢٣٥ سورة البقرة.

١٤٦

ومن قرأ (فاجمعوا) بوصلها ، لم يفتقر إلى تقدير حذف حرف الجرّ ، لأنّ (اجمعوا) يتعدّى بنفسه ، فلا يفتقر إلى غيره.

وصفا ، منصوب من وجهين.

أحدهما : أن يكون مصدرا فى موضع الحال ، أى ، ائتوا مصطفّين.

والثانى : أن يكون مفعولا به ، وتقديره ، ائتوا إلى صفّ. فحذف حرف الجر ، فاتصل الفعل به فنصبه ، والوجه الأول أوجه الوجهين.

قوله تعالى : (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ (١) مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى) (٦٦).

يقرأ (يخيّل) بالياء والتاء.

فمن قرأ بالياء كان (أنّ) وصلتها فى موضع رفع ، لأنه مفعول ما لم يسمّ فاعله ، وتقديره ، يخيّل إليهم سعيها.

ومن قرأ بالتاء كان فى (تخيّل) ضمير العصىّ ، وتكون (أنّ) وصلتها ، بدلا من الضمير المرفوع بالفعل ، ويكون ذلك بدل الاشتمال.

ويجوز على قراءة من قرأ بالتاء أن تكون (أنّ) وصلتها فى موضع نصب ، على تقدير حذف الباء ، وتقديره ، تخيّل إليه من سحرهم بأنّها تسعى. ويجعل المصدر أو (إليه) فى موضع ما لم يسمّ فاعله.

قوله تعالى : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى) (٦٧).

موسى ، فى موضع رفع لأنه فاعل (أوجس) ، والهاء فى (نفسه) تعود إلى موسى ، لأنه فى تقدير التقديم ، و (نفسه) فى تقدير التأخير. وخيفة ، منصوب لأنه مفعول (أوجس).

وأصل (خيفة) (خوفة) لأنها من الخوف ، فانقلبت الواو ياء لسكونها ، وانكسار ما قبلها.

__________________

(١) (إليهم) فى أ.

١٤٧

قوله تعالى : (وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ) (٦٩).

التاء فى (تلقف) تحتمل وجهين.

أحدهما : أن تكون التاء لتأنيث (ما) لأنه بمعنى العصا ، حملا على المعنى ، كأنه قال : ألق العصا تلقف ما صنعوا ، كقولهم : ما جاءت حاجتك ، أنّث ضمير (ما) فى (جاءت) ، لأنّ (ما) فى معنى الحاجة.

والثانى : أن تكون التاء للمخاطب ، وتقديره ، تلقف أنت.

وتلقف ، تقرأ جزما ورفعا ، فمن جزم فعلى جواب الأمر بتقدير حذف حرف الشرط ، ومن رفع كان حالا من (ما) أو من الضمير فى الظرف الذى هو (فى يمينك).

وإنما صنعوا كيد ساحر ، تحتمل (ما) وجهين.

أحدهما : أن يكون اسما موصولا بمعنى الذى فى موضع نصب لأنه اسم (إنّ) ، والعائد محذوف ، وتقديره ، إن الذى صنعوه. فحذف العائد تخفيفا. وكيد ساحر ، مرفوع لأنه خبر (إنّ).

والثانى : أن تكون (ما) كافة. وكيد ساحر ، منصوب ب (صنعوا).

ومن قرأ : كيد سحر. فتقديره ، كيد ذى سحر. فحذف المضاف ، وأقام المضاف إليه مقامه.

قوله تعالى : (لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا)(١) (٧٢).

والذى فطرنا ، فى موضع جر من وجهين.

أحدهما : أن يكون مجرورا بالعطف على (ما جاءنا) ، أى (على الذى جاءنا وعلى الذى فطرنا).

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط من أ.

١٤٨

والثانى : أن يكون مجرورا على القسم ، وجوابه محذوف ، لدلالة ما تقدم عليه.

و (ما) فى (إنما تقضى) تحتمل وجهين.

أحدهما : أن يكون بمعنى الذى فى موضع نصب ، لأنها اسم (إنّ) ، والعائد إلى الذى محذوف وتقديره ، إن الذى تقضيه. وهذه ، فى موضع رفع لأنها خبر (إنّ).

والثانى : أن تكون (ما) كافة. وهذه ، فى موضع نصب على الظرف ، وتقديره ، إنما تقضى فى هذه الحياة الدنيا.

والحياة الدنيا ، صفة (لهذه) فى كلا الوجهين.

قوله تعالى : (لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ) (٧٣).

ما ، فى موضعه وجهان. أحدهما : أن يكون فى موضع نصب بالعطف على (خطايانا).

والثانى : أن يكون مرفوعا لأنه مبتدأ ، وخبره محذوف استغنى عن ذكره ، لطول الكلام بالصلة ، وتقديره ، ما أكرهتنا عليه مغفور لنا.

ومن السحر ، متعلق ب (أكرهتنا).

قوله تعالى : (فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها) (٧٥ ، ٧٦).

الدرجات ، مرفوع بالظرف على كلا المذهبين ، لأنه جرى خبرا عن المبتدأ ، وهو (أولئك). وجنّات ، مرفوع على البدل من قوله : (الدرجات) وتقديره ، أولئك لهم جنات عدن. وخالدين ، منصوب على الحال من الهاء والميم فى (لهم) ، والعامل فيه اللام.

قوله تعالى : (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً) (٧٧).

يبسا ، منصوب لأنه وصف لقوله : (طريقا). وهو مصدر ، ولك فى تقديره

١٤٩

وجهان. أحدهما : أن يكون بمعنى ذا (١) يبس ، فحذف المضاف. والثانى : أن يكون جعل الطريق نفس اليبس ، كما قالت :

١٢٩ ـ ترتع ما رتعت حتى إذا ادّكرت

فإنما هى إقبال وإدبار (٢)

فجعلتها إقبالا وإدبارا. ويحتمل أيضا أن يكون ، ذات إقبال وذات إدبار. فحذف المضاف كالوجه الأول.

قوله تعالى : (لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى) (٧٧).

لا تخاف ، جملة فعلية فى موضع نصب على الحال وليس جوابا لقوله : (فاضرب لهم طريقا) وتقديره ، فاضرب لهم طريقا فى البحر يبسا لا تخاف دركا ، أى ، غير خائف. كقوله تعالى :

(وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ)(٣) أى ، مستكثرا.

ومن قرأ : (لا تخف) جزمه على الجواب.

وكلهم قرءوا (ولا تخشى) ولا إشكال فيه على قراءة (لا تخاف) وإنما الإشكال على قراءة من قرأ : (لا تخف) وفى جوازه على هذه القراءة وجهان. أحدهما : أن يكون مستأنفا ، وتقديره ، وأنت لا تخشى. فيكون خبر مبتدأ محذوف ، وتكون

__________________

(١) (ذات) فى أ.

(٢) من شواهد سيبويه ١ / ١٦٩ وقد نسبه إلى الخنساء ، والشاهد فيه : رفع (إقبال وإدبار) على السعة والمعنى ، ذات إقبال وإدبار ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، ولو نصب على معنى فإنما هى تقبل إقبالا ، وتدبر إدبارا ، ووضع المصدر موضع الفعل لكان أجود.

(٣) ٦ سورة المدثر.

١٥٠

الجملة من المبتدأ والخبر فى موضع نصب على الحال. والثانى أن يكون قد أثبت الألف ليطابق بين رءوس الآى ، فأشبع الفتحة فتولدت منها ألف. كقول الشاعر :

١٣٠ ـ وأنت من الغوائل حين ترمى

ومن ذمّ الرّجال بمنتزاح (١)

أى بمنتزح. فأشبع الفتحة فنشأت الألف. والوجه الأول أوجه الوجهين.

قوله تعالى : (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ) (٧٨).

الجار والمجرور فى موضع نصب على الحال ، والمفعول الثانى محذوف ، وتقديره ، فأتبعهم فرعون عقوبته بجنوده ، أى ، معه جنوده.

فغشيهم من اليمّ ما غشيهم. أى ، من ماء اليم. وما غشيهم ، فى موضع رفع لأنه فاعل ، وكان حق الكلام. فغشيهم من ماء اليم شدّته. فعدل إلى لفظة (ما) لما فيها من الإبهام تهويلا للأمر ، وتعظيما للشأن ، لأنه أبلغ من التعيين لأن الوهم يقف فى التعيين على الشىء المعين ، ولا يقف عند الإبهام ، بل يتردد فى الأشياء المختلفة ، فيكون أبلغ تخويفا وتهديدا.

قوله تعالى : (وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ) (٨٠).

جانب الطّور ، منصوب لأنه مفعول ثان ل (وعدناكم) ، ولا يكون منصوبا على الظرف ، لأنه ظرف مكان مختص ، وإنما الظرف منها ما كان مبهما غير مختص ، والتقدير ، وعدناكم إتيان جانب الطور الأيمن. ثم حذف المضاف.

قوله تعالى : (وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) (٨٢).

__________________

(١) من شواهد ابن جنى ، وقد نسبه إلى ابن هرمة. الخصائص ١ / ٤٢ ، ٢ / ٣١٦ ، ٣ / ١٢١ ، أراد الشاعر بمنتزح ، فأشبع الفتحة فنشأت عنها الألف.

١٥١

صالحا ، صفة لموصوف محذوف ، وتقديره ، وعمل عملا صالحا. فحذف الموصوف ، وأقام الصفة مقامه ونظائره كثيرة.

قوله تعالى : (وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى) (٨٣).

ما ، فى موضع رفع بالابتداء. وأعجلك ، خبره ، وفيه ضمير يعود إلى (ما) وتقديره ، أىّ شىء أعجلك.

قوله تعالى : (قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً) (٨٦).

وعدا حسنا ، فى نصبه وجهان. أحدهما : أن يكون منصوبا على المصدر ، تقول : وعدته وعدا ، كقولك : ضربته ضربا. والثانى : أن يكون الوعد بمعنى الموعود ، كالخلق بمعنى المخلوق ، فيكون منصوبا على أنه مفعول ثان ل (يعدكم) ، على تقدير حذف مضاف ، وتقديره ، ألم يعدكم ربّكم تمام وعد حسن.

قوله تعالى : (ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا) (٨٧).

أى ، بإصلاح ملكنا ومعاهدته.

ويقرأ (بملكنا) بكسر الميم وضمها وفتحها. فمن كسرها جعله مصدر (مالك) يقال : مالك بيّن الملك.

ومن ضمه جعله مصدر (ملك) يقال : ملك بيّن الملك.

ومن فتحه جعله اسما ، والمصدر فى هذا الموضع مضاف إلى الفاعل ، والمصدر يضاف تارة إلى الفاعل ، وتارة إلى المفعول وقد قدمنا ذلك فى غير موضع.

قوله تعالى : (فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ) (٨٨).

فى فاعل (نسى) وجهان. أحدهما : أن يكون الفاعل (السامرىّ) أى ، نسى طاعتنا وتركها ، والنسيان بمعنى التّرك ، قال الله تعالى :

١٥٢

(نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ)(١)

أى ، تركوا طاعة الله فتركهم فى النار. والثانى : أن يكون فاعل (نسى) (موسى) أى ، ترك موسى ذلك وأعرض عنه ، والأول أوجه الوجهين.

قوله تعالى : (يَا بْنَ أُمَّ) (٩٤).

يقرأ بفتح الميم وكسرها.

فمن قرأه بالفتح ففيه وجهان. أحدهما : أن يكون أراد (يا بن أمّى) ، بفتح الياء فأبدل من الكسرة فتحة ، ومن الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، ثم حذف الألف تخفيفا ، لأن الفتحة تدل عليها ، وذهب بعض النحويين إلى أنه بنى أحد الاسمين مع الآخر ، وفتحوا الميم من (أمّ) إتباعا لفتحة النون من (ابن) ، كما فتحوا الدال من قولهم : يا زيد بن عمرو. إتباعا لفتحة النون من (ابن).

ومن قرأ بالكسر ، أراد (يا ابن أمّى) إلا أنه حذف الياء لأن الكسرة قبلها تدل عليها ، والأصل إثباتها لأن الياء إنما تحذف فى النداء من المنادى المضاف ، نحو ، يا قوم ويا عباد ، وما أشبهه ، والأمّ ليست بمناداة ، وإنما المنادى هو (الابن) ، إلا أنه حذفت الياء لدلالة الكسرة عليها على ما قدمنا.

قوله تعالى : (لَنْ تُخْلَفَهُ) (٩٧).

يقرأ بكسر اللام وفتحها.

فمن قرأ بكسر اللام كان مضارع (أخلفت الموعد) والمفعول الثانى على هذه القراءة ، محذوف والتقدير فى (لن تخلفه) (لن يخلف الله الموعد الذى قدّر أن سيأتيه). لأنّ (أخلف) يتعدى إلى مفعولين.

ومن قرأ بفتح اللّام ، فهو فعل ما لم يسمّ فاعله وفيه ضمير المخاطب ، وهو مرفوع

__________________

(١) ٦٧ سورة التوبة.

١٥٣

لأنه مفعول ما لم يسمّ فاعله ، ورفع لقيامه مقام الفاعل ، والهاء فى (تخلفه) فى موضع نصب لأنها المفعول الثانى.

قوله تعالى : (مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً خالِدِينَ فِيهِ) (١٠٠ ، ١٠١).

أفرد الضمير فى (أعرض) حملا على لفظ (من) ، وجمع فى قوله : (خالدين) حملا على معناه. وخالدين ، منصوب على الحال من الضمير فى (يحمل).

قوله تعالى : (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها) (١١٨ ، ١١٩).

ألّا تجوع ، فى موضع نصب لأنها اسم (إنّ).

ومن فتح (وأنّك لا تظمأ فيها) ففى موضعها وجهان. أحدهما : أن يكون موضعها النصب بالعطف على (ألّا تجوع) وتقديره ، إنّ لك عدم الجوع وعدم الظمأ فى الجنة. والثانى : أن يكون موضعها الرفع بالعطف على الموضع ، كما تقول : إنّ زيدا قائم وعمرو. بالعطف على موضع (إنّ).

ومن كسر (إنّ) الثانية فعلى الابتداء ، والاستثناف ك (إنّ) الأولى.

قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا) (١٢٨).

فاعل (يهد) مقدّر ، وهو المصدر ، وتقديره ، أو لم يهد لهم الهدى أو الأمر.

وزعم الكوفيون أن فاعل (يهد) هو (كم) ، وذلك سهو ظاهر لأنّ (كم) لها صدر الكلام ، فلا يعمل فيها ما قبلها رفعا ولا نصبا. وكم ، فى موضع نصب ب (أهلكنا) ، وهو مفعول مقدم ، وتفسيره محذوف ، وتقديره ، كم قرية أهلكنا.

١٥٤

قوله تعالى : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى) (١٢٩).

وأجل ، مرفوع بالعطف على قوله : (كلمة) وتقديره ، ولو لا كلمة سبقت من ربّك وأجل مسمّى لكان العذاب لزاما ، أى ، لازما لهم ، ففصل بين المعطوف والمعطوف عليه بجواب (لو لا) ، وهو كان واسمها وخبرها.

قوله تعالى : (زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) (١٣١).

زهرة ، منصوب لثلاثة أوجه.

الأوّل : أن يكون منصوبا بتقدير فعل دلّ عليه (متّعنا) ، لأنّ (متّعنا) بمنزلة جعلنا ، فكأنه قال : وجعلنا لهم زهرة الحياة الدّنيا.

والثانى : أن يكون منصوبا على الحال ، وحذف التنوين لسكونه وسكون اللّام من (الحياة) ؛ كقراءة من قرأ :

(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ)(١)

بحذف التنوين من (أحد) لالتقاء الساكنين. والحياة ، مجرور على البدل من (ما) فى قوله : (إلى ما متّعنا به) وتقديره ، ولا تمدّنّ عينيك إلى الحياة الدّنيا زهرة ، أى ، فى حال زهرتها.

والثالث : أن يكون منصوبا على البدل من الهاء فى (به) على الموضع كما يقال : مررت به أباك.

وحكى عن الفراء ، أنه منصوب على التمييز ، وهو غلط عند البصريين لأنه مضاف إلى المعرفة ، والتمييز لا يكون معرفة.

__________________

(١) ١ ، ٢ سورة الإخلاص.

١٥٥

قوله تعالى : (أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى) (١٣٣).

قرئ (بينة) بتنوين وغير تنوين.

فمن قرأ بالتنوين ، جعل (ما) فى موضع نصب بدلا من (بيّنة).

ومن قرأ بغير تنوين جعل (بيّنة) مضافة إلى (ما).

قوله تعالى : (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ) (١٣٥).

من ، استفهامية فى موضع رفع لأنها مبتدأ. وأصحاب الصّراط ، خبره.

ولا يجوز أن تكون (من) اسما موصولا بمعنى الّذى ، لأنه ليس فى الكلام الذى بعدها عائد يعود إليه ، والجملة فى موضع نصب ب (ستعلمون).

١٥٦

غريب إعراب سورة الأنبياء

قوله تعالى : (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ) (٢ ، ٣).

محدث ، مجرور لأنه صفة (ذكر).

وأجاز الفرّاء رفعه على النعت ل (ذكر) حملا على الموضع لأنّ (من) زائدة ، و (ذكر) فاعل ، فحمل نعته على الموضع. كقوله تعالى :

(ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ)(١)

فى قراءة من قرأ بالرفع.

وأجاز الكسائى نصبه على الحال.

وهم يلعبون ، جملة اسمية فى موضع نصب على الحال من الواو فى (استمعوه).

ولاهية قلوبهم ، منصوب على الحال من الضمير فى (يلعبون) ويجوز أن يكون حالا بعد حال.

وقلوبهم ، مرفوع ب (لاهية) كما ارتفع (أكله) بقوله : (مختلفا) فى قوله تعالى :

(وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ)(٢)

__________________

(١) ٥٩ ، ٦٥ ، ٧٣ ، ٨٥ سورة الأعراف.

٥٠ ، ٦١ ، ٨٤ سورة هود.

٢٣ ، ٣٢ سورة المؤمنون.

(٢) ١٤١ سورة الأنعام.

١٥٧

لأن اسم الفاعل إذا وقع حالا ارتفع الاسم به ارتفاع الفاعل بفعله.

قوله تعالى : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) (٣).

الّذين ، يجوز أن يكون فى موضع رفع ونصب وجر.

فالرفع من أربعة أوجه :

الأول : أن يكون مرفوعا على البدل من الواو فى (أسرّوا) ، والضمير يعود على الناس.

والثانى : أن يكون خبر مبتدأ محذوف وتقديره ، هم الذين ظلموا.

والثالث : أن يكون مبتدا وخبره محذوف وتقديره ، الّذين ظلموا يقولون ما هذا إلا بشر مثلكم ، فحذف القول وهو كثير فى كلامهم.

والرابع : أن يكون فاعل (أسروا) على لغة من قال : أكلونى البراغيث. والواو حرف لمجرد الجمع كالواو فى قولهم : الزيدون والعمرون.

والنصب بتقدير ، أعنى.

والجرّ على أن يكون نعتا ل (الناس) وهو قول الفراء.

قوله تعالى : (لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ) (١٠).

ذكركم ، مرفوع بالظرف ، ويجوز أن يكون (ذكركم) مبتدأ ، و (فيه) خبره ، والجملة فى موضع نصب ، لأنها وصف ل (كتاب).

قوله تعالى : (وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ) (١٩).

من ، فى موضع رفع بالابتداء. وله ، خبره.

وذهب الأخفش إلى أنه فى موضع رفع بالظرف.

١٥٨

ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ، مبتدأ وخبر ، وليس معطوفا على : (من فى السموات) على هذا القول ، وإن جعلته معطوفا عليه كان قوله : (لا يَسْتَكْبِرُونَ) فى موضع الحال ، أى ، غير مستكبرين ، وكذلك (لا يستحسرون) أى ، غير مستحسرين.

قوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) (٢٢).

إلّا ، فى موضع (غير) وهى وصف ل (آلهة) وتقديره ، غير الله. ولهذا أعربت إعراب الاسم الواقع بعد (إلّا) وهو الرفع.

ولا يجوز أن يكون الرفع على البدل ، لأن البدل إنما يكون فى النص لا فى الإثبات ، وهذا فى حكم الإثبات. ألا ترى أنه لو كان نفيا لجاز أن يقال : لو جاءنى من أحد كما يقال : ما جاءنى من أحد ، وإذا كان فى حكم الإثبات ، بطل أن يكون مرفوعا على البدل ، ولأنّ البدل يوجب إسقاط الأول ، ولا يجوز أن يكون (آلهة) فى حكم الساقط ، لأنك إذا أسقطته كان بمنزلة قولك : جاءنى إلّا زيد. وذلك لا يجوز ، لأن المقصود من (إلّا) أن تثبت بها ما نفيته نحو : ما جاءنى القوم إلا زيد. وليس فى قوله : (لو كان) نفى يفتقر إلى إثبات ، ولو جاز أن يقال : جاءنى إلا زيد. على إسقاط (إلّا) ، حتى كأنه قيل : جاءنى زيد. و (إلا) زائدة لاستحال فى الآية ، لأنه كان يصير قولك : لو كان فيهما إلّا الله. بمنزلة : لو كان فيهما الله لفسدتا. وذلك مستحيل.

وذهب الفراء إلى أن (إلّا) (١) بمعنى (سوى) وتقديره : لو كان فيهما آلهة سوى الله.

قوله تعالى : (هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي) (٢٤).

يقرأ (ذكر) بتنوين وغير تنوين. فمن نوّن قدّر محذوفا ، وتقديره ، ذكر

__________________

(١) (لا) فى ب.

١٥٩

ذكر من معى. فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ، ومن لم ينون ، ولم يقدر محذوفا جعله مضافا إلى (من) ، و (من) ، فى موضع جر بالإضافة.

قوله تعالى : (الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ) (٢٤).

الحقّ ، منصوب بقوله (يعلمون).

وقرأ الحسن : (الحقّ) بالرفع على تقدير مبتدأ محذوف ، وتقديره : هو الحقّ.

قوله تعالى : (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) (٢٦).

عباد ، مرفوع لأنه خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، (بل هم عباد مكرمون).

وأجاز الفراء (عباد مكرمين) على تقدير ، بل خلقهم عبادا مكرمين.

قوله تعالى : (كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) (٣٠).

قال : رتقا ، ولم يقل رتقين ، لأنه مصدر وتقديره : كانتا ذواتى رتق.

قوله تعالى : (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (٣٣).

أتى بالواو والنون ، وهى إنما تكون لمن يعقل لأنه أخبر عنها بفعل من يعقل ، فأجراها مجرى من يعقل كقوله تعالى :

(أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ)(١)

وقد قدمنا ذكره.

قوله تعالى : (أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) (٣٤).

حقّ همزة الاستفهام إذا دخلت على حرف الشرط فى هذا النحو ، أن تكون

__________________

(١) ٤ سورة يوسف.

١٦٠