البيان في غريب إعراب القرآن - ج ٢

أبو البركات بن الأنباري

البيان في غريب إعراب القرآن - ج ٢

المؤلف:

أبو البركات بن الأنباري


المحقق: الدكتور طه عبد الحميد طه
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: الهيئة المصريّة العامّة للكتاب
الطبعة: ٢
ISBN: 977-419-179-X
الصفحات: ٥٧٦
الجزء ١ الجزء ٢

وعددا ، منصوب من وجهين. أحدهما : أن يكون منصوبا لأنه وصف (لسنين) على معنى ذات عدد. والثانى : أن يكون منصوبا على المصدر.

قوله تعالى : (ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً) (١٢).

أىّ ، مرفوع لأنه مبتدأ.

والحزبين ، مجرور بإضافة أىّ إليه.

وأحصى ، فعل ماض خبر المبتدأ ، والمبتدأ وخبره سدّ مسدّ مفعولى (نعلم).

وزعم بعض النحويين أنّ (أحصى) ، اسم على وزن أفعل للمبالغة ، ولو كان كذلك لكان ينبغى أن يكون (لنعلم أىّ الحزبين أشدّ إحصاء) ، لأنّك لا تقول : ما أحصاه. ولهذا تقول : ما أشدّ إحصاءه ، فلما قال : أحصى. دل على أنه فعل ماض.

وأما قولهم : ما أولاه للمعروف ، وما أعطاه للمال ، فهو من الشاذ الذى لا يقاس عليه.

وأمدا ، منصوب لأنه ظرف زمان ، وفى العامل فيه وجهان. أحدهما : أن يكون العامل فيه (أحصى). والثانى : أن يكون العامل فيه (لبثوا) ، والوجه الأول أوجه الوجهين.

قوله تعالى : (لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً) (١٤).

شططا ، منصوب لأنه صفة مصدر محذوف ، وتقديره ، قولا شططا. وإن شئت كان منصوبا (بقلنا) كقلنا شعرا.

قوله تعالى : (لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ) (١٥).

أى هلّا يأتون على دعواهم بأنّها آلهة. فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.

١٠١

قوله تعالى : (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ) (١٦).

إذ ، تتعلق بفعل مقدر وتقديره ، واذكروا إذ اعتزلتموهم.

و (ما) فيها ثلاثة أوجه. أحدها : أن تكون مصدرية. والثانى : أن تكون اسما موصولا. والثالث : أن تكون نافية.

فإن كانت مصدرية كان التقدير فيه ، وإذ اعتزلتموهم وعبادتهم إلّا عبادة الله. فحذف المضاف ، وكان الاستثناء من الجنس.

وإذا كانت اسما موصولا كان التقدير ، وإذ اعتزلتموهم والذى يعبدونه. والاستثناء من مفعول (يعبدون) وهو استثناء من غير الجنس.

وإذا كانت نافية كان التقدير ، وإذ اعتزلتموهم غير عابدين إلّا الله ، فتكون الواو واو الحال.

وما ، إذا كانت مصدرية أو اسما موصولا فى موضع نصب بالعطف على الهاء والميم فى (اعتزلتموهم) ، وفى الوجه الثالث فى موضع نصب على الحال.

قوله تعالى : (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ) (١٧).

الشمس ، منصوب لأنه مفعول (ترى).

وإذا طلعت وإذا غربت ، ظرفان يتعلقان (بترى).

وعن كهفهم ذات اليمين ، يتعلق بترى.

وتزّاور ، جملة فعلية فى موضع نصب على الحال من (الشمس).

وذات الشمال ، يتعلق (بتقرضهم).

وهم فى فجوة منه ، جملة اسمية فى موضع نصب على الحال.

١٠٢

قوله تعالى : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً) (١٨).

ذراعيه منصوب (بباسط) وإنما أعمل اسم الفاعل ، وإن كان للماضى لأنه أراد به حكاية الحال ، كقوله تعالى :

(هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ)(١).

فإنّ هذا إنّما يشار به إلى الحاضر ، ولم يكن المشار إليهما حاضرين حين قصّ القصة على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وإنما حكى تلك الحال.

وفرارا ورعبا منصوبان على المصدر (٢).

قوله تعالى : (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ) (١٩).

كم ، ههنا ظرفية فى موضع نصب (بلبثتم) ، وتقديره ، كم يوما لبثتم. والمنصوب على التمييز محذوف ، والدليل على أنّ التقدير ، كم يوما. أنه قال فى الجواب : (قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ).

قوله تعالى : (فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً) (١٩).

أيّها ، مبتدأ. وأزكى ، خبر المبتدأ. وطعاما ، منصوب على التمييز ، والجملة فى موضع نصب لأنها مفعول (فلينظر).

قوله تعالى : (إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ) (٢١).

إذ ، ظرف زمان فى موضع نصب ، والعامل فيه (ليعلموا).

قوله تعالى : (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ

__________________

(١) ١٥ سورة القصص.

(٢) (التمييز) فى أ ، (المصدر) فى ب.

١٠٣

خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) (٢٢).

ثلاثة ، مرفوع لأنه خبر مبتدأ محذوف وتقديره ، هم ثلاثة.

ورابعهم كلبهم ، جملة اسمية فى موضع رفع لأنها صفة ثلاثة ، وكذلك التقدير فى قوله : (خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ).

وأما سبعة وثامنهم كلبهم ، فإنما جاء بالواو ولم يجىء به على الصفة كالعدد قبله ، لأن السبعة أصل المبالغة فى العدد ، كما كانت السبعين كذلك فى قوله تعالى :

(إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ)(١).

ولو جاء بالواو فى (ثلاثة رابعهم كلبهم) لكان جائزا ، وذهب بعض النحويين إلى أن التقدير فيه ، ثلاثة رابعهم كلبهم ، وكذلك (خمسة سادسهم كلبهم) التقدير فيه ، وسادسهم ، بواو العطف فحذفها واستدل على ذلك بقوله تعالى : (وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) ، فظهرت الواو التى كانت مقدرة فى الجملتين المتقدمتين فدل على أنّ تقديره ، ورابعهم فحذفت الواو ، كقوله تعالى :

(صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ)(٢)

وأصله : صمّ وبكم وعمى ، بالواو ، بدليل قوله فى آية أخرى :

(صُمٌّ وَبُكْمٌ)(٣).

__________________

(١) ٨٠ سورة التوبة.

(٢) ١٨ ، ١٧١ سورة البقرة.

(٣) ٣٩ سورة الأنعام.

١٠٤

وكقول الشاعر :

١١٦ ـ ما لى لا أسقى على علّاتى

صبائحى غبائقى قيلاتى (١)

أى ، وغبائقى وقيلاتى.

قوله تعالى : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) (٢٣ ، ٢٤).

أن يشاء الله ، فى موضع نصب (بفاعل) ، بتقدير حذف حرف الجرّ ، وتقديره ، ولا تقولنّ لشىء إنّى فاعل ذلك غدا إلّا بأن يشاء الله. وأن وصلتها فى تأويل المصدر وتقديره ، لمشيئة الله. إلّا أنه حذف حرف الجرّ من (أن) ، فاتصل الفعل به.

قوله تعالى : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) (٢٥).

قرئ : ثلاثمائة ، بالتنوين ، وترك التنوين ، فمن نوّن كان لك فى (سنين) النصب والجر.

__________________

(١) نسب ابن جنى هذا الشاهد إلى ابن الأعرابى : الخصائص ١ / ٢٩٠ ـ ٢ / ٢٨٠ ، والبيت فيه :

وكيف لا أبكى على علاتى

صبائحى غبائقى قيلاتى

العلات : جمع علة ، وهو ما يتعلل به ـ وفسرها بالصبائح والغبائق والقيلات ، يريد نوقا يحلبها صباحا وبعد المغرب وفى القائلة ـ الصبائح جمع صبوح ـ والغبائق جمع غبوق ـ والقيلات جمع قيلة. وفى اللسان مادة (قيل) «الأزهرى : أنشدنى أعرابى :

ما لى لا أسقى حبيباتى

وهن يوم الورد أمهاتى

صبائحى ، غبائقى ، قيلاتى»

١٠٥

فالنصب من وجهين.

أحدهما : أن يكون (سنين) منصوبا على البدل من (ثلاث).

والثانى : أن يكون منصوبا على أنه عطف بيان على (ثلاث).

والجر على البدل من (مائة) ، لأن المائة فى معنى سنين.

ومن لم ينوّن أضاف (مائة) إلى (سنين) ، تنبيها على الأصل الّذى كان يجب استعماله ، كما جاء : استحوذ واستروح واستصوب ، تنبيها على الأصل الّذى كان يجب استعماله فى : استعان واستقام واستجاب.

وتسعا ، منصوب لأنه مفعول به ، كقوله تعالى :

(وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ)(١).

وليس بظرف ، وتقديره ، وازدادوا لبث تسع سنين ، فحذف المضاف.

قوله تعالى : (أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) (٢٦).

أى ما أسمعه وأبصره ، وتقديره ، أسمع (٢) به : إلّا أنه حذف اكتفاء بالأوّل عنه.

وموضع (أبصر به وأسمع) الرفع ، كقولهم : أحسن بزيد ، وأظرف بعمرو.

والأصل فيه ، أحسن زيد وأظرف عمرو ، أى ، صار ذا حسن وظرف ، كما يقال : أنحر الرجل ، وأجرب ، إذا صار ذا إبل فيها النحار والجرب ، ثم نقل إلى أفعل به ، وأدخلت الباء فيه لتفرق بينه وبين لفظ الأمر الّذى لا يراد به التعجب.

قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ) (٣٠).

__________________

(١) ٦٥ سورة يوسف.

(٢) (أسمع به وأبصر) فى أ ، ب ، وكذلك (وتقديره ، أبصر به) فى أ ، ب.

١٠٦

الذين وصلته ، فى موضع نصب لأنه اسم (إنّ) ، وفى خبرها ثلاثة أوجه.

أحدها : أن يكون خبرها قوله : (أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ).

والثانى : أن يكون خبرها قوله : (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) لأن المعنى ، إنّا لا نضيع أجرهم ، فأقيم المظهر مقام المضمر كقول الشاعر :

١١٨ ـ لا أرى الموت يسبق الموت شىء (١)

أى : يسبقه شىء ، ويجوز أن يكون التقدير ، أجر من أحسن عملا منهم ، فحذف العائد كما حذف فى قوله تعالى :

(وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)(٢) أى ، منه.

والثالث : أن يكون خبرها مقدرا ، وتقديره ، إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات يجازيهم الله بأعمالهم ، ودلّ على ذلك قوله : (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً).

قوله تعالى : (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي) (٣٨).

أصله ، لكن أنا. وفى صيرورته على هذه الصيغة وجهان.

أحدهما : أن تكون الهمزة حذفت بحزكتها ، وأدغمت نون (لكن) فى النون بعدها.

والثانى : أن يكون نقلت فتحة الهمزة من (أنا) إلى النون من (لكن) ، وأدغمت نون (لكن) بعد إسكانها فى النون من (أنا) فصار (لكنّ) ، ونظيره ما ذكر عن العرب أنّهم قالوا : إنّ قائم ، بمعنى ، إنّ أنا قائم.

ومن قرأ : (لكنّ) بحذف الألف فعلى الأصل فى حالة الوصل ، لأنّ الأصل فى (أنّا) ، (أنّ) إلّا أنّ الألف تثبت فى حالة الوقف وفيها لغات.

__________________

(١) من شواهد سيبويه ١ / ٣٠ ونسبه إلى سوادة بن عدى ، وقد مر ذكره فى الشاهد رقم ٩٩.

(٢) ٤٣ سورة الشورى.

١٠٧

ومن قرأ : (لكنّا) أثبت الألف كقول الشاعر :

١١٩ ـ أنا سيف العشيرة فاعرفونى

حميد قد تذرّبت السناما (١)

ولكن ههنا هى الخفيفة التى لا يراد بها الاستدراك.

وأنا ، مبتدأ. وهو ، مبتدأ ثان. والله ، خبر المبتدإ الثانى. وربّى ، صفته ، والمبتدأ الثانى وخبره خبر المبتدإ الأوّل ، والعائد إليه الياء المجرورة بالإضافة فى (ربّى).

قوله تعالى : (وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ) (٣٩).

ما شاء ، فيها وجهان.

أحدهما : أن تكون اسما موصولا. وشاء الله ، صلته ، وهو فى موضع رفع ، لأنه مبتدأ ، وخبره محذوف ، وتقديره ، الّذى شاءه الله كائن. وحذف الهاء التى هى العائد تخفيفا ؛ ويجوز أن يكون خبر مبتداء محذوف وتقديره ، الأمر ما شاء الله ، وحذف العائد تخفيفا.

والثانى : أن تكون شرطية فى موضع نصب (بشاء) ، وجوابها محذوف ، وتقديره ، ما شاء الله كان.

قوله تعالى : (إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً) (٣٩).

__________________

(١) من شواهد شرح الشافية ٤ / ٢٢٣ طبعة حجازى (تحقيق محمد محيى الدين وآخرين). وتذريت السناما أى علوته ـ والشاهد فيه إثبات ألف (أنا) فى الوصل لضرورة الشعر وجاءت فى شرح الشافية (حميدا) بالنصب فهو بدل من الياء فى (فاعرفونى) ، وقائله حميد بن بجدل الكلبى.

١٠٨

إن ، شرطية ، وجوابها فى قوله :

(فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ)

فى الآية التى بعدها ، تقديره ، ترنى أقل منك مالا. وأنا ، فصل ، ولا موضع له من الإعراب ، وجاز أن يكون ههنا فصلا لأنه وقع بين معرفة ونكرة تقارب المعرفة ، فالمعرفة الياء فى (ترنى) ، والنكرة التى تقارب المعرفة (أقّل منك) ، لأنه قرب من المعرفة لتعلّق (منك) به (١) ، وهو منصوب لأنه المفعول الثانى (لترنى) ، والمفعول الأوّل هو الياء فى (ترنى).

قوله تعالى : (أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً) (٤١).

غورا ، فيه وجهان.

أحدهما : أن يكون (غورا) بمعنى غائر.

والثانى : أن يكون تقديره ، ذاغور : فحذف المضاف ، كقوله تعالى :

(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ)(٢)

أى ، مثل رجلين. فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه. وغورا ، منصوب لأنه خبر (أصبح).

قوله تعالى : (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ) (٤٢).

يقرأ بثمره بضمتين ويقرأ بثمره بضمة واحدة ، ويقرأ بثمره بفتحتين.

فمن قرأ ، بثمره بضمتين ففيه وجهان.

أحدهما : أن يكون جمع ثمار كإزار وأزر ، وثمار جمع ثمرة ، كأكمة وإكام ، فيكون ثمر جمع الجمع.

__________________

(١) «لتعلق (منك) به» زيادة فى ب.

(٢) ٣٢ سورة الكهف.

١٠٩

والثانى : أن يكون كخشبة وخشب. قال الله تعالى :

(كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ)(١).

ومن قرأ بضمة واحدة ، جعله مخففا من ثمر ، كما يقال : فى خشب خشب ، وقد قرئ به (كأنهم خشب مسنّدة) ، لأنّ كلّ جمع جاء على فعل بضمتين ، جاز فيه تسكين العين.

ومن قرأ ثمره بفتحتين كان اسم جنس كخشبة وخشب ، وشجرة وشجر ، مما الفرق بين واحده وجمعه التاء.

قوله تعالى : (وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ) (٤٣).

يقرأ تكن بالتاء والياء.

فمن قرأ بالتاء فلأنّ (الفئة) مؤنثة.

ومن قرأ بالياء فلوجود الفصل ، وكلاهما حسن.

قوله تعالى : (وَما كانَ مُنْتَصِراً هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ) (٤٣ ، ٤٤).

هنا لك ، يجوز أن يكون ظرف زمان وظرف مكان ، والأصل فيه أن يكون للمكان ، واللام تدلّ على بعد المشار إليه ، كما تدل على بعد المشار إليه فى (ذلك) ، وبماذا يتعلق فيه وجهان.

أحدهما : أن يكون متعلقا بقوله : (منتصرا) ، وتكون (الولاية لله) مبتدأ وخبر.

والحق ، فى قراءة من رفع خبر آخر ، ويجوز أن يكون (الحق) صفة للولاية ، إلّا أن جعله خبرا آخر أولى من جعله صفة ، لما فيه من الفصل بين الصفة والموصوف.

__________________

(١) ٤ سورة المنافقون.

١١٠

فأما على قراءة من قرأ (الحقّ) بالجر على أنه صفة لله ، فلا يكون فيه ذلك الفصل.

والثانى : ألا يكون متعلقا (بمنتصر) ، بل يكون متعلقا بخبر المبتدأ ، الذى هو (لله) ، وقد قدّم معمول خبر المبتدأ على المبتدأ كقوله تعالى :

(كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ)(١).

ويجوز أن تجعل (هنالك) خبر المبتدأ الذى هو (الولاية) ، ويكون العامل فيه (استقرّ) الذى قام (هنالك) مقامه ، وفيه ذكر.

ولله ، حال من ذلك الذكر.

ومن رفع (الولاية) بالظرف ، كان (لله) حالا من (الولاية) ، ولا يقدّر فى هنالك ذكر.

قوله تعالى : (وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا) (٤٨).

صفا ، منصوب على الحال من الواو فى (عرضوا) ، وهو العامل فيها وتقديره ، عرضوا مصطفين.

قوله تعالى : (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ) (٤٧).

يوم ، منصوب والعامل فيه فعل مقدر ، وتقديره ، اذكر يوم.

قوله تعالى : (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) (٥٠)

تقديره ، بئس البدل بدلا للظالمين ذرّيّة إبليس.

فالمرفوع ب (بئس) مضمر فيها. وبدلا ، منصوب على التمييز مفسر لذلك المضمر.

وللظالمين ، فصل بين (بئس) وما انتصبت به ، واستدل به المبرد على جواز

__________________

(١) ٢٩ سورة الرحمن.

١١١

الفصل بين فعل التعجب وما انتصب به فى نحو قولهم: ما أحسن اليوم زيدا ، والمقصود بالذم ذرية إبليس ، وحذف لدلالة الحال عليه.

قوله تعالى : (أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً) (٥٥).

قبلا بضم القاف أراد به جمع قبيل ، وهو منصوب على الحال ، وتقديره ، أو يأتيهم العذاب قبيلا قبيلا. وقيل قبلا معناه مقابلة ، وكذلك المعنى فى قراءة من قرأ قبلا بكسر القاف.

قوله تعالى : (وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً) (٥٦).

ما ، مصدرية ، وهى فى موضع نصب لأنها معطوفة على (آياتى) ، وتقديره ، واتخذوا آياتى وإنذارى إياهم هزؤا. فهزؤا ، منصوب لأنه المفعول الثانى (لاتّخذوا).

قوله تعالى : (وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً) (٥٩).

تلك ، مبتدأ. والقرى ، صفة (لتلك). وأهلكناهم ، خبر المبتدأ.

ويجوز أن تكون (تلك) فى موضع نصب بفعل مقدّر يفسره هذا الظاهر.

لمهلكهم ، قرئ بضم الميم وفتح اللام ، وبفتح الميم واللام ، وبفتح الميم وكسر اللام.

فمن قرأ بضم الميم وفتح اللام ، جعله مصدر (أهلكوا) يقال : أهلك مهلكا أى إهلاكا ، كقولهم : أكرمه مكرما أى إكراما ، وقد قرئ :

(وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ)(١).

أى إكرام.

__________________

(١) ١٨ سورة الحج.

١١٢

ومن قرأ (مهلكا) بفتح الميم واللام ، جعله مصدر هلك ويقال : هلك مهلكا كقولهم : ضرب مضربا.

ومن قرأ (مهلكا) بفتح الميم وكسر اللام ، جعله اسما للزمان ، وتقديره ، لوقت مهلكهم.

وقيل : هو مصدر (هلك) جاء نادرا كالمرجع والمحيض.

قوله تعالى : (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) (٦١).

سربا ، منصوب لأنه مفعول ثان (لاتّخذ) ومفعوله الأول (سبيله).

قوله تعالى : (وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) (٦٣).

أن وصلتها ، فى موضع نصب على البدل من الهاء فى (أنسانيه) ، وتقديره ، وما أنسانى ذكره إلا الشيطان.

قوله تعالى : (فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً) (٦٤).

قصصا ، منصوب على المصدر بفعل مقدر ، دل عليه (فارتدّا) ، وتقديره ، يقصّان الأثر قصصا.

قوله تعالى : (عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) (٦٦).

ما ، اسم موصول بمعنى الذى. وعلّمت ، جملة فعلية صلة (ما) ، والعائد منها محذوف وتقديره ، من الذى علّمته رشدا. فحذف الهاء وهى المفعول الثانى (لعلمت) تخفيفا. ورشدا ، منصوب لأنه المفعول الثانى (لتعلّمنى).

قوله تعالى : (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) (٦٨).

كيف ، فى موضع نصب على الظرف ، والعامل فيه (تصبر). وخبرا منصوب على المصدر بفعل دل عليه (ما لم تحط به) وتقديره ، ما لم تخبره خبرا.

١١٣

قوله تعالى : (قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً) (٧٦).

لدنّى ، يقرأ بتشديد النون وتخفيفها.

فمن شدّد النون كانت النون الأولى أصلية ، والثانية نون الوقاية.

ومن خفف النون ، احتمل وجهين.

أحدهما : أن يكون على لغة من قال فى لدنى : لد. فتكون النون نون الوقاية ، ولا نون فى أصل الكلمة.

والثانى : أن تكون أصلها التشديد ، إلا أنه خفّف ، وحذف نون الوقاية ، كما حذفها من نحو قوله :

١٢٠ ـ قدنى من نصر الخبيبين قدى

ليس الإمام بالشحيح الملحد (١)

قوله تعالى : (لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) (٧٧).

قرئ : لتخذت بالتخفيف ، ولاتّخذت بالتشديد.

فمن قرأ بالتخفيف ، جعله من (تخذت) ، وأدخل اللام التى هى جواب (لو) ، على التاء التى هى فاء الفعل ، وقد حكى أهل اللغة تخذت اتخذ.

ومن قرأ : لاتّخذت بالتشديد ، فقد قيل : إن التاء بدل من واو ، واصل اتّخذ (او تخذ) ، فأبدل من الواو تاء ، كما قالوا : اتّعد وأصله (او تعد) ، فأبدل من واوه تاء.

وكذلك كلّ واو وقعت فاء مع تاء الافتعال.

فعلى هذا يكون الأصل فى (أخذ وخذ) ، فأبدل من الواو المفتوحة همزة ،

__________________

(١) من شواهد سيبويه ١ / ٣٨٧ ، ولم ينسبه لقائل ، ونسبه الشنتمرى لأبى نخيلة. وقيل : هو من كلام حميد بن مالك الأرقط من أرجوزة يقولها فى شأن عبد الله بن الزبير.

١١٤

كأحد وأصله وحد ، وامرأة أناة أصله وناة. وهذا القلب قليل فى الواو المفتوحة ، وإنما جاء فى أحرف يسيرة ، وفى أكثرها خلاف.

وقيل اتّخذ افتعل من الأخذ ، وتاؤه بدل من همزة ، لأن أصله ، اأتّخذ فأبدل من الهمزة ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ، فصار ايتّخذ ، ثم ابدل من الياء تاء.

وهذا ونحوه لا يجيزه البصريون فلا يقولون فى افتعل من الأكل اتّكل ، على تقدير قلب الهمزة ياء وقلب الياء تاء ، وأجازه الكوفيون.

قوله تعالى : (وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) (٨٦).

تغرب ، جملة فعلية فى موضع نصب على الحال من (ها) فى (وجدها).

ووجدها ، بمعنى أصابها ، ولو كانت وجدها ههنا بمعنى علم ، لكانت الجملة فى موضع نصب لأنها المفعول الثانى (لوجد) ، لأن (وجدت) إذا كانت بمعنى (علمت) تعدّى إلى مفعولين.

قوله تعالى : (قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً) (٨٦).

أن وصلتها ، فى تأويل المصدر ، وفى موضعها وجهان.

أحدهما : أن تكون فى موضع نصب بفعل مقدر كقوله تعالى :

(فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً)(١).

والرفع على تقدير مبتدأ وخبره محذوف ، وتقديره ، إما العذاب واقع منك فيهم وإمّا اتخاذ أمر ذى حسن واقع فيهم. فحذف الخبر لطول الكلام بالصلة.

قوله تعالى : (فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى) (٨٨).

يقرأ : جزاء بالرفع بغير تنوين ، والنصب مع التنوين.

__________________

(١) ٤ سورة محمد.

١١٥

فمن قرأ : جزاء بالرفع ، جعله مبتدأ. وله ، خبره ، وتقديره ، فله جزاء الخصال الحسنى. فحذف الموصوف وأقام الصفة مقامه. والحسنى فى موضع جر بالإضافة ، ويجوز أن تكون (الحسنى) فى موضع رفع على البدل من (جزاء) والأصل فيه التنوين ، وحذفه لالتقاء الساكنين كقوله تعالى :

(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ)(١).

فيمن حذف التنوين من (أحد) ونظائره كثيرة.

ومن قرأ (جزاء) بالنصب مع التنوين ، نصبه على المصدر فى موضع الحال ، والعامل فيه له ، أى : ثبت الحسنى له جزاء.

وقيل ، جزاء منصوب على التمييز.

قوله تعالى : (لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً) (٩٣).

وقرئ (يفقهون) بضم الياء وكسر القاف ، وتقديره يفقهون الناس قولا. فحذف المفعول الأول ، وبقى (قولا) المفعول الثانى ، وجاز الحذف لأن هذا الفعل من الأفعال التى تتعدى ، ويجوز الاقتصار على أحدهما ولا حذف فى قراءة من قرأ بفتح الياء وفتح القاف.

قوله تعالى : (آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) (٩٦).

قطرا ، منصوب ب (أفرغ) عند البصريين ، لا (بآتونى) ، لأن (أفرغ) أقرب من (آتونى) ، فكان إعماله أولى ، لأن القرب له أثر فى قوة العمل ، ولهذا أعملوا الأقرب فى : خشنت بصدره وصدر زيد (٢). ولأنه لو كان منصوبا ب (آتونى)

__________________

(١) ١ ، ٢ سورة الإخلاص.

(٢) يقيس الأنبارى إعمال الثانى الأقرب على نحو قولهم : خشنت بصدره وصدر زيد. فيختارون إعمال الباء فى المعطوف ، ولا يختارون إعمال الفعل فيه ، لأنها أقرب إليه منه ، وليس فى إعمالها نقص معنى ، فكان إعمالها أولى. الإنصاف ١ / ٦٤.

١١٦

لكان يقول : آتونى أفرغه عليه. لأن التقدير فيه : آتونى قطرا أفرغه عليه.

وذهب الكوفيون إلى أن العامل فيه (آتونى).

ويجوز أن تقدر حذف الهاء من (أفرغه) ، إذا نصب ب (آتونى) ، كما يجوز أن يقدّر (قطرا) إذا نصب ب (أفرغ) ، ولأنه لا فرق بينهما ، والفرق بينهما ظاهر ، لأنك إذا نصبته ب (آتونى) ، فصلت بجملة بينه وبين (قطرا) ، وقدرت (لأفرغ) مفعولا ، فارتكبت فى ذلك ضربين من المجاز ، وإذا لم تقدّر فى (أفرغ) مفعولا ، ونصبت (قطرا) به ، وقدّرت (لآتونى) مفعولا ، تركت ضربين من المجاز ، وإنما ارتكبت ضربا واحدا فبان الفرق.

قوله تعالى : (فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ) (٩٧).

اسطاعوا ، بمعنى استطاعوا ، يقال : اسطاع واستطاع ، واستاع واستتاع بمعنى واحد.

وزعم قوم أن فيه لغة أخرى. (أسطاع) بفتح الهمزة ، وأن أصلها (استطاع) ، فحذفت التاء وفتحت الهمزة.

والصحيح أن (أسطاع) إذا فتحت الهمزة منه ليس أصله (استطاع) ، وإنما أصله (أطوع) ، ثم نقلت حركة العبن إلى الفاء ، وقلبت الواو ألفا لتحركها فى الأصل وانفتاح ما قبلها الآن ، وزيدت السين عوضا عما لحق الكلمة من الوهن والتغيير ، فقالوا : اسطاع ونظير زيادة السين فى (استطاع) جبرا لما لحق الكلمة من الوهن ، زيادة الهاء فى (اهراق) ، وذلك لأن الأصل (أراق) ، وأصله (أروق) فنقلت فتحة العين التى هى واو إلى الفاء ، وقلبت العين ألفا لتحركها فى الأصل وانفتاح ما قبلها الآن ، وزيدت الهاء عوضا عما لحق الكلمة من الوهن والتغيير ، فالسين فى (استطاع) ليست السين التى هى فى (استاع) (١) ، ولا (اسطاع) مخففا من (استطاع) ، وقد بيّنا ذلك مستوفى فى مسائل سأل عنها بعض أولاد المسترشد بالله تعالى.

__________________

(١) (استطاع) فى أ.

١١٧

قوله تعالى : (قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي) (٩٨).

إنما قال : هذا ، ولم يقل : هذه ، لأن تأنيث الرحمة غير حقيقى ، والتأنيث إذا كان غير حقيقى جاز فيه التذكير ، ولأن الرحمة بمعنى الغفران فذكّره حملا على المعنى ، والتذكير بالحمل على المعنى كثير فى كلامهم ، وقد قدمنا نظائره.

قوله تعالى : (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ) (١٠٢).

الذين كفروا ، فى موضع رفع ، لأنه فاعل (حسب) ، وأن يتخذوا ، أن وصلتها فى موضع نصب ، وسدت مسد مفعولى (حسب) وعبادى ، فى موضع نصب لأنه مفعول أول (ليتخذوا). وأولياء ، منصوب لأنه المفعول الثانى.

قوله تعالى : (بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً) (١٠٣).

أعمالا ، منصوب على التمييز.

وجمع التمييز ولم يفرد إشارة إلى أنهم خسروا فى أعمال متعددة ، لا فى عمل واحد.

قوله تعالى : (لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً) (١٠٨).

حولا ، منصوب لأنه مفعول (يبغون) ، ومعنى (لا يبغون عنها حولا) أى ، متحولا ، ويقال : حال يحول حولا ، إذا تحوّل.

١١٨

غريب إعراب سورة مريم

قوله تعالى : (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ) (٢ ، ٣).

ذكر ، مرفوع من وجهين. أحدهما : لأنه مبتدأ محذوف الخبر ، وتقديره ، فيما يملى عليكم ذكر رحمة ربك. والثانى : لأنه خبر مبتدأ محذوف وتقديره ، هذا ذكر رحمة ربك.

وقيل : المبتدأ (كهيعص). وذكر رحمة ربّك ، خبره.

وذكر ، مصدر مضاف ، وهو مضاف إلى المفعول وهو (رحمة).

ورحمة ، مصدر مضاف إلى الفاعل.

وعبده ، منصوب بالمصدر المضاف وهو (رحمة ربّك عبده).

وزكريّا ، منصوب على البدل من (عبده).

وإذ نادى ، (إذ) فى موضع نصب على الظرف لأنه يتعلق (بذكر).

قوله تعالى : (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) (٤).

شيبا ، منصوب من وجهين. أحدهما : أن يكون منصوبا على التمييز. والثانى : أن يكون منصوبا لأنه مصدر.

يقال : شاب يشيب شيبا. والوجه الأوّل أظهر.

(ولم أكن بدعائك) دعاء ، مصدر مضاف إلى المفعول ، والفاعل محذوف وتقديره ، ولم أكن بدعائى إيّاك. والمصدر يضاف إلى المفعول كما يضاف إلى الفاعل ، وقد قدمنا نظائرهما.

١١٩

قوله تعالى : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ) (٥ ، ٦).

قرئ : (يرثنى) جزما ورفعا.

فالجزم على جواب الأمر ، وهو فى الحقيقة جواب شرط مقدر وتقديره ، هب لى إن تهب لى يرث.

والرفع على أن يكون صفة لقوله : (وليّا) وتقديره ، فهب لى من لدنك وليّا وارثا.

ونظيره فى الوجهين قوله تعالى :

(رِدْءاً يُصَدِّقُنِي)(١).

قرئ بالجزم والرفع ، فالجزم على الجواب ، والرفع على الوصف.

قوله تعالى : (وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) (٨).

عتيّا ، منصوب (ببلغت) ، وأصله (عتوّا) وهو مصدر (عتا) ، فأبدلوا من الضمة كسرة ، فانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها ، وقد قرئ (عتيّا) بكسر العين إتباعا للكسرة بعدها ، كما قالوا : (عصى وحقى وقسى) فى (عصى وحقى وقسى).

قوله تعالى : (قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ) (٩).

الكاف فى (كذلك) ، فى موضع رفع لأنه خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، قال الأمر كذلك.

قوله تعالى : (قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا) (١٠).

سويّا ، منصوب على الحال من المضمر فى (تكلّم).

__________________

(١) ٣٤ سورة القصص.

١٢٠