الترجمان عن غريب القرآن

أبي المحاسن عبدالباقي بن عبدالمجيد القرشي اليماني

الترجمان عن غريب القرآن

المؤلف:

أبي المحاسن عبدالباقي بن عبدالمجيد القرشي اليماني


المحقق: الدكتور يحيى مراد
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-3996-7
الصفحات: ٢٤٠

سورة الزخرف

(فِي أُمِّ الْكِتابِ) أم الكتاب : اللوح المحفوظ وقد تقدم.

(أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً) : صفحا على وجهين : إما مصدر من صفح عنه إذا أعرض ، وإما بمعنى الجانب من قولهم نظر إليه بصفح وجهه والمعنى على الأول.

(سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) سخر بمعنى : ذلل ، مقرنين بمعنى : مطيقين يقال : أقرن الشيء إذا أطاقه ، قال ابن هرمة :

وأقرنت ما حملتني ولقل ما

يطاق احتمال الصد يا دعد والهجر

وحقيقته إنما هو مأخوذ من الاقتران به لأن الصعب لا يكون قرينا للضعيف إلا بلطف إلهي.

(وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً) : جعلوا هاهنا بمعنى : صيروا ، والجزء : البعض ، جعلوا الملائكة بعض الله وسموهم بناته ، ومن بدع التفسير أن الجزء اسم للإناث وادعاء مثل ذلك على العرب كذب ، وصنعوا في مثل ذلك شعرا ، فمنه : إن أجزأت حرة يوما فلا عجب. وأنشدوا : " زوجتها من بنات الأوس مجزئة". وقرئ جزءا بضمتين (١).

(أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ) أي : يتربى في الزينة والنعمة ليس عنده حجة إذا احتاج إلى مجادلة الخصوم كان غير مبين (٢).

(إِنَّنِي بَراءٌ) رجل براء : متبرئ.

(عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ) : المراد بهما مكة والطائف. والتقدير من رجلي القريتين ، واختلف فيهما ؛ فقيل : الوليد بن المغيرة ، وحبيب بن عمرو الثقفي. ذلك عن ابن عباس وعن مجاهد : عتبة بن ربيعة ، وكنانة بن عبد ياليل ، وعن قتادة :

الوليد بن المغيرة ، وعروة بن مسعود الثقفي.

(وَمَعارِجَ) : جمع معرج أو اسم جمع لمعراج وهي المصاعد إلى العلالي.

(عَلَيْها يَظْهَرُونَ) أي : يعلون الأسطحة.

__________________

(١) قرأ شعبة عن عاصم بضم الجيم والزاي معا.

(٢) قال ابن عباس : هن الجواري زيهن غير زي الرجال.

١٤١

(وَزُخْرُفاً) الزخرف : الذهب ، وله أسماء عديدة ؛ ذهب ، ونضار ، وتبر ، وإبريز ، وزخرف ، وعسجد.

(وَمَنْ يَعْشُ) (١) : من العشى وهو سوء البصر ليلا.

(وَهذِهِ الْأَنْهارُ) : خلجان النيل ومعظمها أربعة : نهر الملك ، ونهر طولون ، ونهر دمياط ونهر تنيس ، قيل : كانت تجري تحت قصره وقيل تحت سريره لارتفاعه.

(أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ) : أساور : جمع أسورة ، وأساوير : جمع إسوار وهو السوار وأساورة على تعويض التاء من ياء أساوير.

(فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ) : فاستفزهم ، وحقيقته حملهم على أن يخفوا له لما أراد منهم.

(آسَفُونا) : من أسف إذا اشتد غضبه.

(فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً) أي : قوما سلفوا فمن فعل مثل فعلهم التحق بهم ويقال لهم : مثلكم مثل قوم فرعون.

(لَجَعَلْنا مِنْكُمْ) أي : بدلكم.

(الْأَخِلَّاءُ) : جمع خليل.

(أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ) أي : تسرون من السرور ، ويظهر حباره في وجوهكم ، أي : أثره.

(وَأَكْوابٍ) : الكوب : الكوز بلا عروة.

(وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) المبلس : الساكت سكوت يائس من الفرح.

(فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) : فسر بأنه لو كان له ولد على زعمكم لكنت أول عابد ، لكنه فرض ذلك كما يفرض المحالات ، وكيف وقد قامت البراهين على خلاف ذلك ، وقيل : إن كان للرحمن ولد على زعمكم فأنا أول الأنفين ، من عبد إذا أنف.

والمصدر : عبدا والاسم : العبدة مثل : الأنفة ، قال الفرزدق :

أولئك أجلاسي فجئني بمثلهم

وأعبد أن أهجو كليبا بدارم

__________________

(١) يعش : يتعامى ويتغافل.

١٤٢

سورة الدخان

(فَارْتَقِبْ) : تقول رقبت الشيء وارتقبته أرقبه رقوبا ورقبة ورقبانا بالكسر فيهما إذا رصدته.

(الْبَطْشَةَ الْكُبْرى) البطش : السطوة والأخذ بالقوة والعنف. وقد بطش به يبطش ويبطش بطشا. قيل : المراد بها يوم بدر.

(أَنْ أَدُّوا) أي : سلموهم إلي وأرسلوهم معي ، مأخوذ من أدّت الناقة إذا رجّعت الحنين في جوفها.

(وَأَنْ لا تَعْلُوا) أي : ترتفعوا. أو لا تتكبروا.

(وَإِنِّي عُذْتُ) أي : لذت من العياذة أي : استجرت به والتجأت إليه.

(وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً) : فيه وجهان :

أحدهما أنه الساكن قال الأعشى :

يمشين رهوا فلا الأعجاز خاذلة

ولا الصدور على الأعجاز تتكل

أي : يمشين ساكنا على هينة.

والثاني أن الرهو : الفجوة الواسعة ، وعن بعض العرب أنه رأى جملا فالجا (١) فقال : سبحان الله رهو بين سنامين ، أي : اتركه مفتوحا على حاله منفرجا.

(وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ) : النعمة بالفتح من التنعم وبالكسر من الإنعام وقرئ فاكهين (٢) وفكهين. نعمة : تنعم أو نضارة عيش ولذاذته.

(وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ) يقال : نشرهم وأنشرهم إذا بعثهم.

(يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً) : قد تقدم أن لفظة المولى مشتركة بين محامل عديدة ، أي : لا يغني مولى عن مولى كان من قرابة أو غيرها عن أي مولى كان.

(أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) : على سبيل التهكم.

(مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ) السندس : رقيق الحرير. والإستبرق : غليظه.

(كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) الحميم : الماء الحار ، والمهل والزقوم قد تقدم في الصافات.

__________________

(١) الفالج : البعير ذو السنامين.

(٢) فاكهين : قراءة متواترة من القراءات العشر ، وأما فكهين ؛ فشاذة نسبت إلى الحسن وأبي رجاء.

١٤٣

سورة الجاثية

(وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) الإفك : الكذب ، والآثم : الكثير الإثم.

(ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً) أصر الرجل على الشيء إذا أقام عليه ، وأصله من إصرار الحمار على العانة وهو أن ينحني عليها صارا أذنيه غير راجع عنها إذا ضمها إلى رأسه مادته من الدوام على الشيء.

(مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ) الوراء هاهنا بمعنى : الأمام وقد تقدم في الكهف.

(اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ) الاجتراح : الاكتساب ومنه الجوارح ؛ ففلان جارحة أهله أي : كاسبهم وقد تقدم.

(وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا) في تفسيرها أقوال : نموت ويحيى أولادنا ، أو يموت بعض ويحيى بعض أو يصيبنا الأمران ، أو يكون من باب التقديم والتأخير والتقدير : نحيى ونموت وليس وراء ذلك حياة. وقرئ نحيى بضم النون.

(وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً) أي : باركة مستوفزة على الرّكب ، وقرئ جاذية.

والجذو أشد استيفازا من الجثو ، لأن الجاذي هو الذي يجلس على رءوس أصابعه ، وعن ابن عباس جاثية : مجتمعة ، وعن قتادة : جماعات ـ من الجثوة ـ وجمعها جثي.

(هذا كِتابُنا يَنْطِقُ) أي : يشهد.

(إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي : نستكتب الملائكة أعمالكم.

(يُسْتَعْتَبُونَ) أي : يطلب منهم العتبى أن يعتبوا ربهم أي : يرضوه.

١٤٤

سورة الأحقاف

(أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) (١) أي : بقية من علم من علوم الأولين. من قولهم : سمنت الناقة على أثارة من شحم ، أي : على بقية شحم كانت بها ، وقرئ أثرة وقرئ بالحركات الثلاث في الهمزة مع سكون الثاء.

(بِما تُفِيضُونَ فِيهِ) أي : بما تندفعون فيه من القدح في وحي الله تعالى والطعن فيه.

(ما كُنْتُ بِدْعاً) البدع بمعنى : البديع ، كالخف بمعنى الخفيف. وقرئ بدعا (٢) ـ بفتح الدال ـ أي : ذا بدع ومعناه ما كنت مخترعا أمرا لم أسبق إليه ، ومن ذلك البدعة الحدث في الدين بعد الإكمال.

(حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ) قيل : الأشد أن يبلغ الأربعين ، وقيل : ثلاث وثلاثون سنة وقرئ : فصله وفصاله كالفطم والفطام.

(إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ) : جمع حقف وهو رمل مستطيل مرتفع فيه انحناء من احقوقف الشيء إذا اعوج ، وكانت عاد أصحاب عمد يسكنون بين رمال مشرفين على البحر بأرض يقال لها : الشّحر من بلاد اليمن ، وقيل : بين عمان ومهره.

(فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً) أي : سحابا يعرض في الأفق ومثله الحبيّ والعنان إذا حبا ، وعنّ إذا عرض.

(فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ) لو لا بمعنى : هلّا.

(فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ) : أهل الجد والثبات كنوح وإبراهيم ويعقوب ويوسف وأيوب وعيسى ، والمعنى كل نبي ابتلي وصبر على الابتلاء.

__________________

(١) أثارة مصدر بمعنى : البقية من الشيء.

(٢) نسبت هذه القراءة إلى عكرمة وأبي حيوة وابن أبي عبلة جمع بدعة ، أي : ذا بدع.

١٤٥

سورة القتال سورة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم

(كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) التكفير : التغطية.

(وَأَصْلَحَ بالَهُمْ) : حالهم.

(حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ) : أكثرتم قتلهم وأعظمتموه مأخوذ من الشيء الثخين.

(فَشُدُّوا الْوَثاقَ) أي : الأسر ، والوثاق ـ بالفتح والكسر ـ اسم ما يوثق به.

(حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها) الأوزار للحرب : الآلات التي تقوم بها كالسلاح والكراع قال الأعشى :

وأعددت للحرب أوزارها

رماحا طوالا وخيلا ذكورا

وقيل أوزارها : آثامها. يعني حتى يترك أهل الحرب وهم المشركون شركهم بأن يسلموا.

(عَرَّفَها لَهُمْ) فيه أقوال : قيل طيبها وقيل عرّفها أي : بينها ، وقيل : حددها وأفرزها عن غيرها مأخوذ من العرفة وهي الحد ، وكذلك الأرفة الحد أيضا.

(فَتَعْساً لَهُمْ) أي : عثورا وانحطاطا ، وهو نقيض لعّا قال الأعشى : فالتعس أولى بها من أن أقول لعا. أي العثور أولى بها من الانتعاش.

(دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ) التدمير : الهلاك.

(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) : المولى هاهنا الناصر لا المالك بدليل قوله تعالى : (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ) [الأنعام ـ ٦٢].

(مَثَلُ الْجَنَّةِ) المثل هاهنا بمعنى : الصفة.

(غَيْرِ آسِنٍ) الآسن : المتغير وقد تقدم تصريفه.

(ما ذا قالَ آنِفاً) قال الزجاج : هو من استأنفت الشيء إذا ابتدأته ، والمعنى قال في أول وقت يقرب منا.

(فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) أي : علاماتها.

(أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ) الأضغان : الحقود.

(بِسِيماهُمْ) : بعلامتهم.

(فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) أي : في أسلوبه ، وهو قولهم : ما لنا من الثواب إن أطعنا : ولا يقولون : ما علينا إن عصينا من العقاب.

١٤٦

(وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ) (١) : مادته من الوتر وهو الانفراد ومنه وترت الرجل إذا قتلت له قتيلا ينفرد به ، ومنه قول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : " من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله" أي أفرد عنهما.

(فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا) الإحفاء : المبالغة في الشيء ، يقال : أحفى في المسألة إذا لم يترك شيئا من الإلحاح. ومنه أحفى شاربه إذا استأصله والمعنى : لو سألكم جميع أموالكم بخلتم.

__________________

(١) يتركم أي : ينتقصكم في أعمالكم.

١٤٧

سورة الفتح

(إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) : يريد فتح مكة ، نزلت مرجع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن مكة عام الحديبية عدة له وجيء بالماضي جزما بالوقوع على عادة إخبار رب العزة ، والفتح : الظفر بالبلد عنوة أو صلحا بحرب أو غير حرب لأنه متعلق بما لم يظفر به فإذا ظفر به فقد فتح ما كان معلقا بينه وبينه ، وقيل : فتح الحديبية وهو مرجوح ، وقيل : غير ذلك ، وقيل فتحنا أي : قضينا لك قضاء بينا على أهل مكة أن تدخلها أنت وقومك من قابل لتطوفوا بالبيت من الفتاحة وهي الحكومة.

(ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) فإن قيل : هل من فرق بين السوء والسوء؟ قلت : هما كالكرّة والكرّة والضّعف والضعف إلا أن المفتوح غلب في أن يضاف إليه ما يراد ذمه من كل شيء وأما المضموم فجرى مجرى الشر الذي هو نقيض الخير.

(فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ) : من عره إذا ألقاه بما يكرهه.

(لَوْ تَزَيَّلُوا) أي : تفرقوا وتميز بعضهم عن بعض ، من أزاله يزيله وقرئ لو تزايلوا (١).

(حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ) : الأنفة.

(فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ) السكينة : الوقار.

(وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى) : هي بسم الله الرحمن الرحيم ، ومحمد رسول الله (٢).

(أَخْرَجَ شَطْأَهُ) يقال : أشطأ الزرع إذا فرّخ وقرئ شطاه بالتخفيف وشطأه بالتحريك وشطوه بقلبها واوا (٣).

(فَآزَرَهُ) : من المؤازرة : وهي المعاونة.

(لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) : يجوز أن يراد به : الزّراع ، يسمى كافرا لستره البذر في الأرض ، ويجوز أن يراد بالكفار : الجاحدين. والله تعالى أعلم.

__________________

(١) تزايلوا : قراءة أبي حيوة.

(٢) روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : " كلمة التقوى : هي قول لا إله إلا الله" ، وقاله ابن عباس ، قال مجاهد : الإخلاص ، وقال الزهري : قول : بسم الله الرحمن الرحيم.

(٣) قرأ ابن كثير وابن ذكوان : شطأه ، وقرأ أنس ونصر بن عاصم وابن وثّاب : شطاه على وزن عصاه. وقرأ الجحدري وابن أبي إسحاق : شطه.

١٤٨

سورة الحجرات

(مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ) الحجرة : الرقعة من الأرض يحجر عليها بحائط ، وحظيرة الإبل تسمى حجرة وهي فعلة بمعنى : مفعولة كالغرفة والقبصة ، وجمعها : حجرات بضمتين والحجرات بضم الجيم ، والحجرات بتسكينها ـ وقرئ بهن جميعا (١) ، والمراد : حجرات نساء النبي.

(حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) فاء : رجع ، ومنه فيء الظل.

(لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ) : لفظة قوم تطلق على جمع من الرجال ليس فيهم امرأة ، وإن وجدت امرأة كانت على سبيل التبع كقوله تعالى : (إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) [نوح : ١].

(وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) اللمز : العيب ، وأصله الإشارة بالعين ونحوها ، وقد لمزه يلمزه ويلمزه ، وقرئ بهما ، ورجل لماز ولمزة ، ويقال : لمزه إذا دفعه.

(وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ) التنابز : التداعي بالألقاب ، والنبز بالتحريك : اللقب والجمع : الأنباز ، والنبز بالتسكين المصدر.

(وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) الغيبة : أن تذكر أخاك بما يكره ، فإن كان فيه فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه فقد بهته.

(وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً) : جمع شعب ، وهو الطبقة الأولى من النسب التي عليه العرب وهو الشعب والقبيلة والعمارة والبطن والفخذ والفصيلة ، فالشعب وجمعه : شعوب يجمع القبائل ، والقبيلة تجمع العمائر ، والعمائر تجمع البطون ، والبطون تجمع الأفخاذ ، والأفخاذ ، تجمع الفصائل. فخزيمة شعب ، وكنانة قبيلة ، وقريش عمارة ، وقصي بطن ، وهاشم فخذ ، والعباس فصيلة.

(لا يَلِتْكُمْ) أي : لا ينقصكم. من ألته السلطان حقه أشد الألت ، وهي لغة غطفان وأسد وأهل الحجاز يقولون : يلت ، وقرئ باللغتين ، وحكى الأصمعي عن أم هشام السلولية أنها قالت : الحمد لله الذي لا يصلت ولا يلات ولا تصمه الأصوات.

(يَمُنُّونَ عَلَيْكَ) : المن : العطاء أو المنّة : النعمة ، ومنّ في العطاء : إذا ذكره على سبيل الترفع ، فكأنه يقتطع النعمة بما بيديه من الترفع. والله أعلم.

__________________

(١) قرأ الجمهور الحجرات ، وقرأ أبو جعفر الحجرات بفتح الجيم.

١٤٩

سورة ق

(ق) قيل : أقسم باسم الجبل المحيط بالأرض ، وقيل بالحرف.

(فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ) يقولون مرج الخاتم في إصبعي بالكسر أي : قلق ، مثل جرج ، ومرجت أمانات الناس فسدت ، ومرج الدين الأمر : اختلط واضطرب ، ومنه الهرج والمرج ، قيل : إنما سكن المرج لأجل الهرج فأمر مريج : مختلط.

(ما لَها مِنْ فُرُوجٍ) : جمع فرج أي : ما لها من فتوق ؛ يريد أنها ملساء سليمة من العيوب لا فتق فيها ولا صدع ولا خلل.

(مِنْ كُلِّ زَوْجٍ) أي : صنف. بهيج : يبتهج بحسنه.

(وَحَبَّ الْحَصِيدِ) : فعيل بمعنى مفعول أي : حبّ ما يحصد.

(باسِقاتٍ) : طوالا ، وقرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم باصقات بإبدال السين صادا لأجل القاف (١).

(نَضِيدٌ) بمعنى : منضود وقد تقدم الفرق بين المنظوم والمنضود.

(حَبْلِ الْوَرِيدِ) الحبل : العرق المستطيل بالعاتق. والوريد : العرق ، وهما وريدان يكتنفان العنق وسمي وريدا لأن الروح يرده والمعنى : أنه أقرب إلى الإنسان من كل قريب.

(وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) القعيد بمعنى : القاعد مثل الجليس بمعنى : الجالس.

(رَقِيبٌ عَتِيدٌ) : العتيد : الحاضر.

(ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ) أي : تميل. تقول حاد عن الشيء يحيد حيودا وحيدودة.

(فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) أي : قوي.

(هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ) أي : مهيأ لجهنم فهو حاضر.

(فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ) أي : فتشوا وبحثوا.

(هَلْ مِنْ مَحِيصٍ) تقول : حاص عنه محيصا ومحاصا وحيوصا وحياصا إذا عدل عنه وحاد.

(لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) أي : عقل.

(وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ) أي : تعب وفتور.

__________________

(١) هذه قراءة غير صحيحة الإسناد ، بل ثبت في الصحيح والسنن عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قرأ بالسين وبه قرأ الجمهور.

١٥٠

سورة الذاريات

(وَالذَّارِياتِ) : الرياح ، لأنها تذر التراب وغيره.

(فَالْحامِلاتِ وِقْراً) : السحاب ، لأنها تحمل المطر ، وقرئ وقرا ووقرا.

(فَالْجارِياتِ يُسْراً) : الفلك ، ومعنى يسر أي : سيرا ذا سهولة.

(فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً) : الملائكة ، لأنها تقسم الأمطار والأرزاق وغيرها.

(وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ) الحبك : الطرائق مثل حبك الرمل والماء إذا ضربته الريح قال زهير يصف غديرا :

مكلل بأصول النجم ينسجه ريح

خريق لضاحى مائة حبك

وقيل : حبكها نجومها ، والمعنى أنها يزينها كما يزين الموشى بطرائق الوشي ـ وقيل حبكها : صفاقها وإحكامها.

(إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ) : تارة يقولون عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : شاعر ، وتارة ساحر ، وتارة كاهن ، وتارة مجنون ، وتارة يقولون أساطير الأولين.

(قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ) : الكذابون.

(فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ) الصّرّة : الصيحة والصّرّة : الشدة ، والصّرّة : الجماعة ، وصرة القيظ : شدته.

(السَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ) أي : بقوة.

(ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ) : الذنوب في الأصل : الدلو المملوءة ، ثم استعمل في النصيب ، لأن السقاة يقتسمون الماء فيكون لهذا ذنوب ولهذا ذنوب ، قال الشاعر :

لكم ذنوب ولنا ذنوب

فإن أبيتم قلنا القليب

١٥١

سورة الطور

(وَالطُّورِ) : الجبل الذي كلم الله تعالى موسى عليه وهو بمدين.

(فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ) الرق : الصحيفة ، وقيل : الجلد الذي يكتب فيه.

(وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) قيل : الضّراح الذي في السماء ، وقيل : الكعبة.

(وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ) : السماء.

(وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) : المملوء ، وقيل المسجور : الموقد عليه بالنار لما روي أن الله عزوجل يجعل يوم القيامة من البحار كلها نارا يسجر بها نار جهنم ، وسأل علي يهوديا أين موضع النار من كتابكم؟ قال : في البحر قال علي : ما أراه إلا صدق.

(يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً) : تضطرب وتجيء وتذهب ، وقيل المور : تحرك في تموج وهو الشيء يتردد.

(يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) الدّعّ : الدفع العنيف ، وذلك أن خزنة النار تدفعهم على وجوههم وتزج في أقفيتهم ، وقرئ يوم يدعون من الدعاء (١) ، وهي قراءة منسوبة إلى زيد بن علي ، يقال لهم : هلموا إلى النار.

(يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً) أي : يتعاطون.

(كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ) أي : مخزون لأنه إذا كان رطبا كان أحسن نضارة مما لم يكن في الصّدف.

(مُشْفِقِينَ) : أرقاء القلوب من خشية الله.

(عَذابَ السَّمُومِ) : الريح الحارة التي تدخل في المسام ، قال أبو عبيدة : الحرور بالليل وقد تكون بالنهار والسموم بالنهار وقد تكون بالليل ، وقيل : الحرور بالليل ، والسموم بالنهار.

(أم هم المسيطرون) أي : هم الذين يسطرون الأشياء ليدبروا الأمور. وقرئ بالصاد.

(فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ) أي : لزمهم مغرم ثقيل فدحهم.

(هُمُ الْمَكِيدُونَ) أي : الذين يرجع عليهم كيدهم ويحيق بهم مكرهم.

__________________

(١) نسبها أبو حيان في البحر إلى علي وأبي رجاء والسلمي وزيد بن علي.

١٥٢

والمغلوب في الكيد من كاديته فكدته.

(كِسْفاً) الكسف : القطعة وقد تقدم فإنك بأعيننا : مثل ، أي : بحيث نراك ونكلؤك.

(وَإِدْبارَ النُّجُومِ) : إذا أدبرت آخر الليل ، وقرئ بالفتح (١) أي : في أعقاب النجوم وآثارها إذا غربت.

__________________

(١) نسب أبو حيان في البحر قراءة وأدبار النجوم بفتح الهمزة إلى سالم بن أبي الجعد والمنهال ابن عمرو ويعقوب.

١٥٣

سورة والنجم

(وَالنَّجْمِ) النجم : الثريا ، وهو اسم غالب لها ـ ومن أمثالهم" إذا طلع النجم عشاء ابتغى الراعي كساء" ، وقيل : نجم الرجم ، وقيل : نجم القرآن ، من نجومه ، وقد نزل منجّما في عشرين سنة.

(إِذا هَوى) : إذا نزل ، وقيل المراد بالنجم : النبات إذا ذبل فسقط على الأرض.

(ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى) أي : حصافة في عقله ودينه.

(فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ) أي : مقدار قوسين عربيين ، والقاب والقيب ، والقاد والقيد والقيس : المقدار. وقد جاء بالتقدير بالقوس والرمح والسوط والذراع والباع والخطوة والشبر والفتر والأصبع.

(أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى) : كان كل واحد من المجادلين يمري ما عند صاحبه ، من مرى الناقة ، وقرئ أفتمرونه (١) أي : أفتغلبونه من المراء من ماريته فمريته ، ولما فيه من معنى الغلبة عدّى بعلى ، كما تقول : غلبته على كذا وقيل :

أفتمرونه : أفتجحدونه ، وأنشدوا :

لئن هجرت أخا صدق ومكرمة

لقد مريت أخا ما كان يمريكا

يقال : مريته حقه إذا جحدته.

(سِدْرَةِ الْمُنْتَهى) : شجرة نبق في السماء السابعة عن يمين العرش ، ثمرها كقلال هجر وورقها كآذان الفيلة ، تنبع من أصلها الأنهار التي ذكرها الله تعالى في كتابه ، يسير الراكب في ظلها سبعين عاما لا يقطعها ، والمنتهى : موضع الانتهاء عندها.

(جَنَّةُ الْمَأْوى) هي التي تصير إليها أرواح المتقين.

(اللَّاتَ وَالْعُزَّى ومَناةَ) : هذه أسماء أصنام كانت للعرب. فاللات لثقيف ، وسميت اللات لأنهم كانوا يلتوون عليها أي : يطوفون بها ، وقيل : كان رجل يلت عندها السمن بالسويق ويطعمه الحاج. والعزى كانت لغطفان ؛ وهي سمرة فبعث لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خالد بن الوليد فقطعها فخرجت منها شيطانة ناشرة شعرها داعية ويلها واضعة يدها على رأسها فجعل يضربها بالسيف حتى قتلها ، وهو يقول : " يا عزّ كفرانك لا سبحانك إني رأيت الله قد أهانك" ، فرجع فأخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : " تلك

__________________

(١) قرأ حمزة والكسائي وخلف ويعقوب : (أفتمرونه) على معنى : أفتجحدونه ، وقراءة الجمهور : أفتمارونه أي : أتجادلونه وتدافعونه.

١٥٤

العزى ولن تعبد أبدا" ومناة صخرة كانت لهذيل وخزاعة ، وعن ابن عباس لثقيف. وقرئ مناءة (١) كأنها سميت بذلك لأن دماء النسائك تمنى عندها أي : تراق ، وقيل : اشتقاقها من النوء لأنهم كانوا يستمطرون عندها.

(قِسْمَةٌ ضِيزى) : من ضازه يضيزه إذا ضامه والأصل : ضوزى ، وقرئ ضئزى بالهمز (٢) من ضازه وقرئ ضيزى بفتح الضاد (٣).

(إِلَّا اللَّمَمَ) : الصغائر من الذنوب ، وعن أبي سعيد الخدري : " هي النظرة والغمزة والقبلة" وعن الكلبي : " كل ذنب لم يذكر الله عليه حدا ولا عقابا".

(وَأَكْدى) أكدى الرجل : إذا أعطى القليل ثم قطعه. وأصله أكدى الحافر إذا وصل إلى الكدية وهي الأرض الصلبة.

(إِذا تُمْنى) أي : تراق في الرحم يقال : أمنى وامتنى.

(أَغْنى وَأَقْنى) أي : صار المال قنية له.

(رَبُّ الشِّعْرى) : هما شعريان : العبور وهي المعبودة ، وسميت عبورا لأنها عبرت المجرة ، والثانية : الغميصاء. كأن على أعينها الغمص لشدة بكائها على مفارقة أختها سهيل لكونها لم تعبر إليها المجرة.

(أَهْلَكَ عاداً الْأُولى) : قوم نوح ، وعادا الأخرى إرم.

(وَالْمُؤْتَفِكَةَ) : القرى التي ائتفكت بأهلها أي : انقلبت بهم وهم قوم لوط. قلبها جبريل بجناحه.

(تَتَمارى) : تشكك.

(هذا نَذِيرٌ) : إشارة إلى القرآن وقيل : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(أَزِفَتِ الْآزِفَةُ) أي : قربت الموصوفة بالقرب من قوله : اقتربت الساعة.

(لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ) أي : مبينة أمرها متى تقوم ، وقيل : الكاشفة مصدر بمعنى الكشف كالعاقبة.

(سامِدُونَ) قيل : شامخون ، وقيل : لاهون لاعبون ، وقال بعضهم لجاريته : اسمدي لنا أي : غني لنا.

__________________

(١) هي قراءة ابن كثير المكي.

(٢) قرأ ابن كثير : ضئزى.

(٣) قرأ زيد بن علي : ضيزى بفتح الضاد وسكون الياء.

١٥٥

سورة القمر

(ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ) : وهو موضع الازدجار.

(مِنَ الْأَجْداثِ) : هي القبور.

(مُهْطِعِينَ) : مسرعين مادّي أعناقهم.

(بِماءٍ مُنْهَمِرٍ) أي : منصب.

(ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ) : أراد السفينة ، ودسر : جمع دسار وهو السفينة (١).

(رِيحاً صَرْصَراً) أي : باردة.

(أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) : منقلع عن مغارسه.

(كَذَّابٌ أَشِرٌ) الأشر : البطر.

(كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ) الهشيم : الشجر اليابس ، والمحتظر : الذي يصنع الحظيرة ليقي الإبل البرد والريح.

(فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) الضلال : الخطايا ، والسّعر : جمع سعير وقيل السّعر : الجنون ، من قولهم ناقة مسعورة.

__________________

(١) الدسر : المسامير.

١٥٦

سورة الرحمن عزوجل

(وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ) النجم : من النبات ما لا ساق له ، والشجر ما له ساق.

(وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ) العصف : ورق الزرع ، وقيل : التبن. والريحان : وهو اللب ، وقيل : الريحان الذي يشم.

(مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ) المارج : اللهب بلا دخان ، وقيل : المختلط بسواد النار من مرج الشيء إذا اختلط.

(بَيْنَهُما بَرْزَخٌ) أي : حاجز.

(لا يَبْغِيانِ) أي : لا يتجاوزان حدهما.

(يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) قيل المرجان : الخرز الأحمر المسمى بالسبد ، وقيل المرجان : صغار اللؤلؤ. فإن قيل فهو لا يخرج إلا من الملح. قيل : العرب من شأنهم أن ينسبوا أمرا إلى اثنين أو إلى جماعة والمقصود واحد. ألا ترى إلى قوله تعالى : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) [الرحمن ـ ٣٣] والرسل إنما هم من الإنس. وذهب بعضهم إلى أن اللؤلؤ إنما يكون من المطر ، لأن السمكة تفتح صدفتها لتلقى القطر وهي في البحر ، فصح أن اللؤلؤ من مجموع العذب والملح.

(يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ) الشواظ : الخالص من النار ، والنحاس : الدخان وأنشدوا :

يضيء كضوء سراج السليط

لم يجعل الله فيه نحاسا

وقيل : الصّفر المذاب يصب على رءوسهم.

(وَرْدَةً كَالدِّهانِ) الدهان : دردي الزيت. وهو جمع دهن ، أو اسم ما يدهن به كالحزام والإدام وقيل كالأديم الأحمر. أي : تصير السماء كذلك.

(حَمِيمٍ آنٍ) أي : حار.

(ذَواتا أَفْنانٍ) أي : أغصان وهي التي تثمر وتجنى ويحصل منها الظل.

(قاصِراتُ الطَّرْفِ) أي : أن طرفهن مقصور على أزواجهن. لا ينظرن غير الأزواج.

١٥٧

(لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ) : لم يجامعهن.

(مُدْهامَّتانِ) أي : سوداوتان من كثرة الشجر فيهما.

(فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ) : النضخ أكثر من النضح.

(عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ) الرفرف : ضرب من البسط ، وقيل : الوسادة : ويقال لكل ثوب قصير : رفرف. وقيل لأطراف البسط ، وفضول الفسطاط : رفرف ، ورفارف السحاب : هدبه.

والعبقري : منسوب إلى عبقر تزعم العرب أنه بلد للجن ، فما أعجبهم نسبوه إلى عبقر ، أي : إلى صنعة الجن. والله أعلم.

١٥٨

سورة الواقعة

(إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) المراد : القيامة ، كقولك : كانت الكائنة ، وحدثت الحادثة.

(لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ) أي : نفس كاذبة.

(إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا) أي : تحركت تحركا شديدا.

(وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا) : فتتت حتى تعود كالسويق.

(هَباءً مُنْبَثًّا) الهباء : ما يبث من ضوء الشمس في البيت.

(فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) : هم الذين يتناولون كتبهم بأيمانهم ، (وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) : هم الذين يتناولون كتبهم بشمالهم.

(ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ) الثلّة : الأمة من الناس الكثيرة. قال الشاعر :

وجاءت إليهم ثلة خندفية

بجيش كتيار من السيل مزبد

وهي من الثلّ وهو الكسر. كما أن الأمّة من الأمّ وهو الشج. فكأنها كسرت من الأمم وقطعت منهم ، وأما الثلة ـ بالفتح ـ فالكثير من الضأن. ولا يقال للكثير من المعز. ويقال لما خرج من البئر : ثلّة.

(عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ) أي : مشبكة بالذهب والدر والياقوت قد دوخل بعضها في بعض.

(فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ) المخضود : ما لا شوك فيه. والسدر : شجر النبق ، وقيل المخضود : الشجر الذي تنثني أغصانه لكثرة حمله ، من قولهم : خضد الغصن إذا ثناه.

(وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) الطلح : شجر الموز.

(عُرُباً) : جمع عروب وهي المتحببة إلى زوجها الحسنة التبعل.

(أَتْراباً) : المستويات في السن قيل : اشتقاقه من لعبهم في التراب في حال الصغر.

(يَحْمُومٍ) اليحموم : الدخان.

(شُرْبَ الْهِيمِ) : هي الإبل التي بها الهيام : وهو داء يشرب منه ولا يروى ، جمع أهيم وهيماء ، والهيام ـ بالضم ـ : أشد العطش ، ويطلق على الجنون ، وعلى داء يأخذ الإبل فتهيم في الأرض ولا ترعى. يقال : ناقة هيماء ، والهيماء : المفازة التي لا

١٥٩

ماء فيها ، والهيام ـ بالفتح ـ : الرمل الذي لا يتماسك من كثرة لينه ، والجمع : هيم ، والهيام ـ بالكسر ـ : الإبل العطاش الواحد : هيمان. وناقة هيماء.

(لَجَعَلْناهُ حُطاماً) الحطام : الفتات وهو ما صار هشيما.

(تَفَكَّهُونَ) : تتعجبون ، وقيل : تندمون على تعبكم.

(مِنَ الْمُزْنِ) واحده : مزنة ، قيل : هو السحاب الأبيض خاصة. وهو أعذب الماء.

(وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ) المقوين : الذين ينزلون القوا : وهو القفر ، وقيل : الذين خلت بطونهم ومزاودهم من الطعام ، من قولهم : أقويت منذ ثلاثة أيام أي : لم آكل.

(بِمَواقِعِ النُّجُومِ) أي : بمساقطها ، وقيل : بمنازلها ومسايرها. وقيل : أوقات وقوع نجوم القرآن ، أي : أوقات نزولها.

(فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ) أي : مصون.

(أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ) أي : متهاونون به.

(إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ) الحلقوم : الحلق.

(غَيْرَ مَدِينِينَ) أي : غير مربوبين ، من دان السلطان للرعية إذا ساسهم.

١٦٠