الترجمان عن غريب القرآن

أبي المحاسن عبدالباقي بن عبدالمجيد القرشي اليماني

الترجمان عن غريب القرآن

المؤلف:

أبي المحاسن عبدالباقي بن عبدالمجيد القرشي اليماني


المحقق: الدكتور يحيى مراد
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-3996-7
الصفحات: ٢٤٠

سورة لقمان

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) اللهو : كل باطل ألهى عن الخير نحو : لسمر بالأساطير ، والتحدث بالخرافات ، والغناء ، وتعلم الموسيقى. نزلت في النضر بن الحارث ؛ وكان يتجر إلى فارس فيشتري كتب الأعاجم فيحدث بها قريشا ويقول لهم : إن كان محمد يحدثكم عن عاد وثمود ، فأنا أحدثكم بحديث رستم وبهرام والأكاسرة وملوك الحيرة ، فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن (١).

(كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً) : الوقر بالفتح الثقل وبالكسر الحمل وأكثر ما تستعمل في البغل والحمار والوسق في حمل البعير.

(بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) : يجوز أن تكون الجملة وهي : ترونها مستأنفة فلا محل لها من الإعراب ويكون استشهادا برؤيتهم لها غير معمودة ، ويحتمل أن تكون صفة للعمد ويكون التقدير بغير عمد مرئية والمعنى : أنه عمدها بعمد لا ترى. وهي إمساكها بقدرته.

(وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) : اختلف فيه (٢) ، فقيل : نبي ، وقيل : حكيم وقيل : هو لقمان بن باعوراء ابن أخت أيوب عليه‌السلام أو ابن خالته ، وقيل : من أولاد آزر ، وعاش ألف سنة وأدرك داود عليه‌السلام ، وقيل : كان راعيا أسود يحتطب لمولاه ، وقيل كان يفتي قبل ظهور داود فلما ظهر امتنع من الفتوى.

(إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ) : الضمير راجع إلى الإشارة. والإحسان من الولد إلى الوالد قرئ برفعها ونصبها وأنث المثقال لإضافته إلى الحبة كما قالوا. كما شرقت صدر القناة من الدم.

__________________

(١) أخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي الصهباء قال : سألت عبد الله بن مسعود عن قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) قال : هو والله الغناء ، وسئل ابن عباس عن لهو الحديث فقال : هو الغناء وأشباهه.

(٢) ورد عن ابن عباس ـ رضي الله تعالى عنهما ـ أنه كان راعيا ، وأكثر أهل العلم على أنه كان في زمن داود عليه‌السلام ولم يكن نبيا وكان حبشيا روي ذلك عن ابن عباس ومجاهد وأخرج ذلك ابن مردويه عن أبي هريرة مرفوعا.

١٢١

(وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ) التصعير : التمييل للخد ، والصّعر والصّيد داء يلوى منه العنق ، ثم استعير لمن يفعل ذلك تكبرا.

(وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) المرح : شدة الفرح والنشاط. وقد مرح بالكسر فهو مرح ومريح بالتشديد.

(كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) المختال : الذي به الخيلاء ، وهو العجب والكبرياء.

(بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) : تقدم في البقرة.

(كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ) الختر : الغدر يقال : ختره فهو ختار.

١٢٢

سورة السجدة

(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) : التدبير في الأمر (١) : أن ينظر فيما يؤول إليه عاقبته.

(ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ) : عرج في الدرجة يعرج بالضم عروجا أي : ارتقى ، وعرج أيضا إذا أصابه شيء في رجله فخمع ومشى مشية العرجان وليس بخلقة ؛ فإن كان خلقه قلت عرج بالكسر يعرج عرجا ، والعرجان : مشية الأعرج.

(تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) : التجافي : الارتفاع. والمضاجع : جمع مضجع وهو ما ينام عليه كالفرش وغيرها من مواضع النوم.

(إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ) : تقدم ذكره في الكهف.

__________________

(١) قال ابن عباس : ينزل القضاء والقدر.

١٢٣

سورة الأحزاب

(زاغَتِ الْأَبْصارُ) زاغ البصر أي : مال وكلّ" وزاغ عن الطريق" : مال ، وزاغت الشمس : مالت.

(وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ) (١) : جمع حنجرة وفيه لغة حنجور وهو الحلقوم.

(يا أَهْلَ يَثْرِبَ) : اسم المدينة ، وقيل : أرض وقعت المدينة فيها ؛ وأما يثرب فاسم مكان كان للعمالقة.

(إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ) : أي ذات خلل .. يقال : عور المكان عورا إذا بدا فيه خلل يخاف منه.

(هَلُمَّ إِلَيْنا) : هلم اسم فعل بمعنى : تعال. الخليل. أصله : لمّ من قولهم : لمّ الله شعثه أي : جمعه ، كأنه أراد لمّ نفسك إلينا والهاء للتنبيه وإنما حذفت ألفها لكثرة الاستعمال وجعلا اسما واحدا يستوي فيه الواحد والجمع والتأنيث في لغة أهل الحجاز لقوله تعالى : " والقائلين لإخوانهم هلم إلينا" وأهل نجد يصرفونها فيقولون : هلم وهلما وهلموا وهلممن وهلمّي ، والأول أفصح. وقد تدخل عليه النون الثقيلة فتقول : هلمنّ ، وللمرأة هلمن بكسر الميم ، وهلمّان للمؤنث والمذكر جميعا وهلمّنّ يا رجال بضم الميم وهلممنان يا نسوة.

(سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ) أي : بالغوا في إيذائكم ، ومنه خطيب مسلق وسلقت البقل والبيض إذا أنضجتهما.

(أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) : فيها لغتان أسوة (٢) ، إسوة مثل : قدوة وقدوة. وهو ما يتأسى به أي : يقتدى به يقال : " لا تأتس بمن ليس لك بأسوة" وتأسى به تعزى.

(قَضى نَحْبَهُ) النحب : النذر ، والنحب : الوقت ، والنحب : الموت وقضى نحبه أي : مات.

(وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) : كفى على قسمين تارة بمعنى : حسب فتدخل الباء زائدة على فاعلها ومفعولها كقوله تعالى : (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) وكقول الشاعر :

وكفى بنا فضلا على من

غيرنا حب النبي محمد إيانا

__________________

(١) بلغت القلوب الحناجر : أي خافت خوفا شديدا.

(٢) قرأ عاصم أسوة والباقون إسوة.

١٢٤

والقسم الثاني بمعنى : وقى كالآية.

(مِنْ صَياصِيهِمْ) : من حصونهم ، والصياصي : قرون البقر ، والصيصة أيضا : شوكة الديك ، والشوكة التي يصلح بها الحائك السّداة واللّحمة.

(وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى) : هي القديمة ، ويقال لها : الجاهلية الجهلاء ؛ وهو الزمن الذي ولد فيه إبراهيم عليه‌السلام. كانت المرأة تلبس الدرع اللؤلؤ وتمشي وسط الطريق لتعرض نفسها ، وقيل : ما بين آدم ونوح. وقيل : بين إدريس ونوح ، وقيل : زمن داود وسليمان والجاهلية الأخرى ما بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم. ويجوز أن الجاهلية جاهلية الكفر قبل الإسلام ، والأخرى جاهلية الفسوق في الإسلام. وكأن المعنى" لا تحدثن بالتبرج جاهلية في الإسلام شبه جاهلية الكفر" ويعضده ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال لأبي الدرداء" إن فيك جاهلية" فقال جاهلية كفر أو جاهلية إسلام فقال : بل جاهلية كفر".

(وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) قرئ : خاتم بفتح التاء وكسرها ؛ فمن فتح أراد : الطابع بفتح الباء ومن كسر أراد : الطابع بكسرها وهو الفاعل.

(تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَ) : قرئ بهمز وبغير همز أي : تؤخر.

(وَتُؤْوِي) أي : تضم والمعنى تمسك من تشاء وتطلق من تشاء.

(وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ) : أمره الله تعالى بالاقتصار عليهن وهن اللواتي مات عنهن : عائشة بنت أبي بكر ، وحفصة بنت عمر ، وأم حبيبة بنت أبي سفيان ، وسودة بنت زمعة ، وأم سلمة بنت أبي أمية ، وصفية بنت حييّ ، وميمونة بنت الحارث الهلالية ، وزينب بنت جحش الأسدية ، وجويرية بنت الحارث المصطلقية.

(غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ) تقول : أنى الشيء يأني أنى أي : حان وأدرك. وفي الحاشية وأناه يؤنيه أنيا : حبسه وأخره. ويقال أنى الحميم : انتهى حره ومنه حميم آن والاسم منه الأناء على فعال بالفتح ، وقيل وقته ، وقيل : هؤلاء قوم كانوا يتحينون طعام النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عند نضجه.

(أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ) أي : أجدر وأولى.

(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ) الأمانة : الطاعة والانقياد لأوامر الله تعالى ونواهيه.

١٢٥

سورة سبأ

(لا يَعْزُبُ عَنْهُ) أي : يبعد. من قولهم : روض عزيب أي : بعيد من الناس.

(مِثْقالُ ذَرَّةٍ) : مقداره زنة نملة.

(سابِغاتٍ) السابغات : الدروع واحدها : سابغة.

(وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) السرد : نسج الدروع. والتقدير : أن تكون المسامير نسبة الدرع لا غلاظا بصنعها ولا دقاقا.

(وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ) القطر : النحاس المذاب.

(مَحارِيبَ) : المجالس المصونة ، وتطلق المحاريب على غابات الأسد. وقيل : الغرفة العالية في البيت واحدها : محراب لأنه يحارب عنها ، وسمي محراب المسجد محرابا لأن الإمام يحارب السلطان فيه.

(وَتَماثِيلَ) : يعني صور الملائكة والنبيين والصالحين كانت تعمل في المساجد من نحاس وزجاج ورخام ليراها الناس.

(وَجِفانٍ كَالْجَوابِ) الجوابى : الحياض الكبار. قال الشاعر (١)

تروح على آل المحلق جفنة

كجابية الشيخ العراقي تفهق

واشتقاق المادة من جبا الماء في الحوض إذا اجتمع. قيل : كان يقعد على الجفنة ألف رجل ، وقرئ بحذف الياء اكتفاء بالكسرة (٢).

(راسِياتٍ) : لا تنزل عن الأثافى (٣).

(دَابَّةُ الْأَرْضِ) : الأرضة (٤) ، وهي التي يقال لها : السرفة.

(مِنْسَأَتَهُ) أي : عصاه لأنه ينسأ بها أي : يطرد بها.

(فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ) : اختلف في العرم فقيل : الوادي ، وقيل العرم

__________________

(١) البيت للأعشى من قصيدة له مدح بها المحلق.

(٢) قرأ بإثبات الياء وصلا ورش وأبو عمرو ، وقرأ بإثباتها في الحالين ابن كثير ويعقوب ، وقرأ قالون وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف وأبو جعفر بحذفها في الحالين.

(٣) راسيات أي : ثابتات على الأثافي.

(٤) الأرضة : دويبة صغيرة لا تكاد ترى بالعين المجردة.

١٢٦

جمع عرمة وهي الحجارة المركومة والمراد المسنّاة (١) التي عقدوها سكرا (٢) ، وقيل العرم : المطر الشديد. وقيل العرم الجرذ الذي نقب السد وقرئ العرم بسكون الراء (٣).

(خَمْطٍ وَأَثْلٍ) : نبتان تأكلهما البهائم ، والسدر : العسل وقيل الخمط : شجر الأراك ، وقيل : كل شجر ذي شوك.

(الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها) : هي قرى الشام.

(وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ) مزقت الشيء أمزقه مزقا : خرقته ، ومزقته تمزيقا إذا قطعته ومزقته ، والممزق كالتمزيق.

(وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) أنى بمعنى : كيف ، والتناوش : التناول قال ابن السكيت : يقال للرجل إذا تناول رجلا ليأخذ برأسه : ناشه ينوشه نوشا ومنه المناوشة في القتال ، ورجل نئوش أي : ذو بطش ، والانتياش مثل التناوش. ومعنى الآية أي : أنى لهم تناول الإيمان في الآخرة وقد كفروا به في الدنيا. ولك أن تهمز الواو وقرئ بهما (٤) ، وقيل التناوش تناول لسهولة الشيء القريب.

__________________

(١) المسناة : الجسر ، وقال الهروي : الضفيرة تبنى للسيل ترده سميت مسناة لأن فيها مفاتح الماء.

(٢) السّكر : كل شيء حاجز بين شيئين.

(٣) قراءة عروة بن الورد.

(٤) قرأ أبو عمرو وشعبة وحمزة والكسائي وخلف : التناؤش ، والباقون بلا همز.

١٢٧

سورة الملائكة" فاطر"

(هذا عَذْبٌ فُراتٌ) الفرات : الماء العذب الذي يكسر العطش ، يقال : ماء فرات ومياه فرات ، اسم نهر الكوفة ، والفراتان الفرات ودجيل.

(سائِغٌ شَرابُهُ) السائغ : السهل الانحدار لعذوبته.

(وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) الأجاج : الذي يحرق بملوحته.

(حِلْيَةً تَلْبَسُونَها) : يريد به اللؤلؤ.

(ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) : لفافة النواة وهي القشرة الرقيقة الملتفة عليها.

(وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ) واحدها : جدّة وهي الطريقة.

(بِيضٌ وَحُمْرٌ) أي : ألوانها مختلفة تخالف لون الجبل ومنه قولهم : " كساء مجدد" إذا كانت ألوانه مختلفة ، ويقال للحمار الذي في ظهره خط فخالف للونه جدّة.

(وَغَرابِيبُ سُودٌ) التقدير : سود غرابيب ، وأضمر المؤكد لدلالة الثاني عليه وهي سود المتأخرة ؛ لأن القاعدة في كلامهم من حق التأكيد أن يتبع المؤكد كقولهم : أصفر فاقع ، وأبيض يقق ، وأسود حالك ، وأحمر قاني ، ونظيره قول الشاعر :

والمؤمن العائدات الطير والتقدير والمؤمن الطير العائدات.

ويفعل ذلك لزيادة التأكيد حيث يدل على المعنى الواحد من طريقي الإظهار والإضمار جميعا.

(وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ) اللغوب : التعب. لغب يلغب بالضم لغوبا ، ولغب بالكسر يلغب لغبة ، ورجل لغب بالتسكين : ضعيف بيّن اللغابة.

١٢٨

سورة يس

(فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ) الأذقان جمع ذقن وهو مجتمع اللحيين ، والأقماح : رفع الرأس وغض البصر يقال : أقمحه الغلّ إذا ترك رأسه مرفوعا من ضيقه.

(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ) : اضرب هاهنا بمعنى بيّن وصف.

(فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ) أي : قوينا ، يقال المطر يعزز الأرض : إذا لبدها وشددها وتعزز لحم الناقة ، وقرئ بالتخفيف (١) من : عزه يعزه إذا غلبه ، أي : فغلبنا وقهرنا بثالث وهو شمعون.

(إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ) : أي تشاء منا بكم ، وعادة الجهال أن يتيمنوا بما يميلون إليه ويتشاءموا بما تنفر طباعهم عنه وذلك أنهم كرهوا دينهم ونفروا عنه.

(قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ) : وقرئ طيركم ، أي : سبب شؤمكم معكم.

(وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى) : هو حبيب بن إسرائيل النجار ؛ وكان ينحت الأصنام وهو ممن آمن برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كما آمن به تبّع الأكبر وورقة بن نوفل.

(نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) : سلخت جلد الشاة أسلخ وأسلخ سلخا : إذا أظهرته عن اللحم وسلخت المرأة : إذا نزعت درعها ، استعير لإزالة الضوء وكشفه.

(كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) العرجون : أصل العذق الذي يعوجّ ويبقى على أصل النخلة يابسا ، والغرض من تشبيه الهلال به اصفراره ودقته وانحناؤه ، والغرض تشبيه الهيئة بالهيئة ووزنه فعلول عند الأكثر وعند الفراء فعلون اشتقه من الانعراج.

والقديم : المحول ، وقيل : أقل مدة الموصوف بالقدم الحول. فعلى هذا لو قال كل عبد لي قديم فهو حر عتق من مضى عليه حول.

(فَلا صَرِيخَ لَهُمْ) الصريخ : صوت المستصرخ ، والصريخ : الصارخ أيضا.

(وَهُمْ يَخِصِّمُونَ) يقال : خصمت فلانا فخصمته أخصمه بالكسر ولا يقال بالضم وهو شاذ في الاستعمال ، وقرئ يخصمون أراد : يختصمون ، والخصم بكسر

__________________

(١) قرأ شعبة عن عاصم بالتخفيف ، والباقون بالتشديد.

١٢٩

الصاد الشديد الخصومة والخصم بالضم.

(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) الصور : القرن ، قال الكلبي : ما أدري ما الصور ، وقال غيره : هو جمع صورة مثل : بسرة وبسر أي : ينفخ في صور الموتى الأرواح ، والصور لغة فيها.

(مِنَ الْأَجْداثِ) : جمع جدث وهو القبر ، وقرئ بالفاء ؛ لأن العرب تبدل الفاء ثاء والثاء فاء فقالوا : ثوم وفوم.

(يَنْسِلُونَ) يعدون أي : يخرج بعضهم إثر بعض. من نسل الثوب ، قرئ بضم السين وكسرها.

(وَامْتازُوا الْيَوْمَ) يقال : مازه وانماز وامتاز أي : اعتزلوا عن كل خير.

(جِبِلًّا كَثِيراً) : قرئ بضمتين ، وضمة وسكون ، وضمتين وتشديدة ، وكسرتين (١) ، وكسرة (٢) وسكون وكسرتين وتشديدة. وهذه لغات في معنى الخلق.

(مُضِيًّا) : قرأ بالحركات الثلاث.

(رَكُوبُهُمْ) : وركوبهم كالحلوب والحلوبة ، وقيل : الركوبة جمع. وقرئ ركوبهم أي : ذو ركوبهم.

(وَهِيَ رَمِيمٌ) : اسم لما بلي من العظام غير صفة كالرّمة والرّفات.

(مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً) : من أمثالهم : " في كل شجر نار" واستمجد المرخ والعفار يقطع الرجل منهما غصنين مثل : السواكين وهما خضراوان يقطر منهما الماء فيسحق المرخ وهو ذكر على العفار وهو أنثى فتنقدح النار ، وعن العرب" كل شجرة فيها نار إلا العنّاب" ولذلك تتخذ منه مدقّات القصارين.

__________________

(١) قرأ جبلا : بضمتين : ابن كثير وحمزة والكسائي ، ورويس ، وخلف ، وجبلا : بكسرتين : نافع وعاصم وأبو جعفر. وجبلا : أبو عمرو ، وابن عامر ، وجبلّا : روح.

(٢) جبلا : قراءة شاذة ، محكية عن حماد بن سلمة.

١٣٠

سورة الصافات

(وَالصَّافَّاتِ صَفًّا) : الملائكة صافّة أقدامها في العبادة وأجنحتها في الهواء.

(فَالزَّاجِراتِ زَجْراً) : السحاب ، الملائكة ، والتاليات : مثله.

(وَرَبُّ الْمَشارِقِ) : لأن الشمس لها ثلاثمائة وستون مشرقا وكذلك المغارب ، ولا تطلع ولا تغرب في واحد يومين.

(بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) الزينة : اسم يزان به كالليقة اسم لما يلاق به.

(مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ) المارد : الخارج عن الطاعة.

(دُحُوراً) الدحور : الطرد. وقرئ بفتح الدال على أنه جاء مجيء القبول والولوع.

(مِنْ طِينٍ لازِبٍ) اللازب : اللاصق.

(وَأَنْتُمْ داخِرُونَ) أي : صاغرون.

(زَجْرَةٌ واحِدَةٌ) الزجرة : الصيحة ، منه زجر الراعي الإبل أو الغنم إذا صاح عليها قال الراجز :

زجر أبي عروة السباع

إذا أشفق أن يختلطن بالغنم

أبو عروة هذا هو العباس بن عبد المطلب وكان صيّتا.

(وَأَزْواجَهُمْ) : نظراؤهم وأقرانهم.

(لا فِيها غَوْلٌ) : الغول من غاله يغوله غولا : إذا أهلكه ، ومن الغول التي كانت في تكاذيب العرب. ومن أمثالهم" الغضب غول الحلم".

(يُنْزَفُونَ) : من نزف الشارب إذا ذهب عقله ، ويقال للمطعون : نزف فمات إذا خرج دمه كله ، وأنزف القوم : إذا فرغ شرابهم ، ونزفت القوم : فرّغت شربهم ، ومثله أقشع السحاب وقشعته الريح. والمعنى : " ليس في خمر الآخرة فساد من أنواع الفساد كالمغص والخمار والصداع والعربدة واللغو والتأثيم وغير ذلك".

(قاصِراتُ الطَّرْفِ) : قصرت أبصارهن على أزواجهن لا ينظرن غيرهم.

(عِينٌ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) العين : ذوات الأعين النّجل ، والبيض المكنون : بيض النعام في الأداحي التي تبيض فيها ، ولونها بياض بصفرة وهو أحسن الألوان.

(أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً) النزل : الرزق المهيّأ للنازل بالمكان.

١٣١

(الزَّقُّومِ) : شجر منتن مر يقال لحمله (١).

(رُؤُسُ الشَّياطِينِ) : ينبت بتهامة ، وقيل الزقوم : طعام الجاهلية فيه تمر وزبد والزقم : أكله. قال ابن عباس لما أنزل الله تعالى (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ) [الدخان : ٤٣] قال أبو جهل" الزبد بالتمر" فأنزل الله تعالى (إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ).

(عَلَيْها لَشَوْباً) (٢) : قرئ بالضم والفتح ، وهو اسم ما تشاب به أي : تخلط.

والحميم : الحار.

(يُهْرَعُونَ) : هرع الرجل يهرع إذا أسرع ، والمهروع : المجنون الذي يصرع ، وأهرع الرجل إذا كان يرعد من غضب أو حمى أو فزع أو غير ذلك.

(فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ) راغ الثعلب يروغ روغا ، والاسم : الرواغ إذا ذهب في خفية.

(فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ) الجحيم : النار الشديدة الوقود ، وقيل : كل نار على نار وجمر على جمر.

(فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) فلما أسلما : أخلصا من التسليم ، وتله : صرعه على شقه فوقع أحد جنبيه على الأرض.

(أَتَدْعُونَ بَعْلاً) : اسم صنم كان لهم قيل : كان من ذهب طوله عشرون ذراعا وله أربعة أوجه ، فتنوا به حتى أخدموه أربع مائة سادن وجعلوهم أنبياء ؛ لأن الشيطان كان يدخل في جوفه ويتكلم بكلامه ، والسدنة يحفظونه فيجعلونه شريعة ويعلمونها الناس وبه سميت بعل بك ، والبكّ : الملك ، وقيل البعل : الرب بلغة اليمن يقال من بعل هذه الدار أي : من ربها.

(أَبَقَ) : سمي هربه من قومه بغير إذن : إباقا على طريقة المجاز ، والمساهمة : المقارعة ، والمدحض : المغلوب.

__________________

(١) الحمل : الطلع.

(٢) الشوب : الشراب الممزوج بماء شديد الحرارة.

١٣٢

(وَهُوَ مُلِيمٌ) : داخل في الملامة يقال رب لائم مليم ، وقرئ مليم (١) بفتح الميم كما جاء مشيب في مشوب.

(فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ) النبذ : الإلقاء ، والعراء : المكان الخالي من الشجر ؛ كأن اشتقاقه من العري.

(شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ) اليقطين : ما لا ساق له من النبات كالبطيخ والقثاء والمراد به هاهنا الدباء. قلت وأهل اللغة يقولون : الشجر ماله ساق والنجم ما لا ساق له ، والقرآن نطق بالشجر وهو مما لا ساق له ، وقيل للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنك تحب القرع قال : " هي شجرة أخي يونس" وقيل هي التين ، وقيل : شجرة الموز تغطى بورقها وأكل من ثمارها.

(وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً) : أراد الملائكة مأخوذ من الاجتنان فمن خبث من الجنّة كان شيطانا ومن طهر كان ملكا.

(بِفاتِنِينَ) أي : مفسدين.

(إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ) : صلى النار يصلاها تصلية إذا غشته : ومنه صليت بالنار إذا لينتها.

(بِساحَتِهِمْ) ساحة الدار : فناؤها.

__________________

(١) لم ينسبها في البحر لأحد ـ ومليم بفتح الميم اسم مفعول من لام.

١٣٣

سورة ص

(وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) لا : هي المشبهة بليس زيدت عليها تاء التأنيث كما زيدت على رب وثم للتوكيد وتغير بذلك حكمها حيث لم يدخل إلا على الأحيان ، ولا يقترن بها إلا الاسم أو الخبر ، وامتنع بروزهما جميعا معها. هذا مذهب الخليل وسيبويه ، وعند الأخفش : إنها التي لنفي الجنس زيدت عليها التاء وخصت بنفي الأحيان وحين منصوب بها والمناص : المنجى.

(فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ) : ملة عيسى ـ عليه‌السلام لأن النصارى يدعونها وهي مثلثة غير موحدة ، أو في ملة قريش التي أدركنا عليها آباءنا.

(إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ) : افتعال وكذب.

(جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ) الجند : الأعوان والأنصار ، وفلان جند الجنود. وفي الحديث" الأرواح جنود مجندة" والشام خمسة أجناد دمشق وحمص وقيسرون وأردن وفلسطين كل واحد منهما جند بإسكان النون وضم الجيم ، وما مزيد فيها معنى الاستعظام كما في قول امرئ القيس : " وحديث على ما قصره" إلا أنه على سبيل الهزء والتهكم.

(ذُو الْأَوْتادِ) : اختلف فيه ؛ فقيل : استعارة لثبات ملكه وعزة ، وقيل : يشبح المعذب بين الأوتاد. وقيل كان له أوتاد وحبال يلعب بها بين يديه.

(ما لَها مِنْ فَواقٍ) : الفواق : مقدار ما بين حلبتي الحالب ورضعتي الراضع : وقرئ بالضم.

(عَجِّلْ لَنا قِطَّنا) أي : لجائزتنا لأن القطّ : الصك أو الكتاب بالجائزة واشتقاقه من القط وهو القطع ؛ لأن الجائزة قطعة من القرطاس.

(ذَا الْأَيْدِ) الأيد : القوة يقال فلان ذو أيد وذو آد. وأياد كل شيء ما يتقوى به.

(أَوَّابٌ) : رجاع إلى مرضات الله تعالى.

(وَلا تُشْطِطْ) أي : لا تبتعد عن الحق.

(سَواءِ الصِّراطِ) : وسطه.

(هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً) النعجة : الأنثى من الضأن ، والمراد به :

١٣٤

الكناية عن المرأة الجميلة.

(وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ) أي : غلبني. من قولهم : " من عز بر" أي : من غلب أخذ السلب ، وعزني في الخطاب : نقول عزه يعزه عزا بالفتح : غلبه ، وعز الشيء يعز عزا : إذا قل ، وعز الشيء يعز عزا ، إذا صار عزيزا بعد ذل.

(الصَّافِناتُ) التقدير : الخيل الصافنات والصفون : أن يقف الفرس على ثلاث قوائم ويثني طرف سنبكه ، ولا يكون إلا في العراب الخلّص. ألا ترى قول من قال :

ألف الصفون فما يزال كأنه

مما يقوم على الثلاث كسيرا

(فَطَفِقَ) أي : جعل.

(رُخاءً) الرخاء : الريح اللينة.

(فِي الْأَصْفادِ) الأصفاد : الأغلال ، وفرقوا بين صفده وأصفده. فالأول بمعنى : قيده ، والثاني بمعنى : أعطاه ؛ والصفد يكون من حديد أو من قدّ.

(بِنُصْبٍ) : والنّصب كالرّشد والرّشد وقرئ بنصب بضمتين : التعب.

(ضِغْثاً) : الحزمة الصغيرة من الحشيش أو الريحان أو غير ذلك.

(الْمُصْطَفَيْنَ) : المختارين ، والأخيار جمع : خير أو خير مثل : ميّت وميت.

(حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ) : الغساق : صديد أهل النار. وقيل : الحميم يحرق بحرّه والغساق يحرق ببرده قيل : لو قطرت منه قطرة في المشرق لأنتنت أهل المغرب.

(هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ) الفوج : الجمع ، مقتحم : اقتحم الشيء إذا دخل فيه وارتكب الشدة فيه ، والقحمة : الشدة.

(لا مَرْحَباً بِهِمْ) : دعاء عليهم. تقول لمن يدعوا له : مرحبا أي : أتيت رحبا من البلاد.

(ضِعْفاً) الضعف : أن يزاد عليه مثل عذابه.

١٣٥

سورة الزمر

(يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ) أي : يغشى هذا مكان هذا من تكوير العمامة لأن التكوير : اللف واللي ، ومنه كور العمامة يقال : كارها وكورها.

(ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) : الإبل والبقر والضأن والمعز ذكور وإناث ، والزوج : اسم لواحد معه آخر فإذا تفرد فهو فرد.

(فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ) : البطن والرحم والمشيمة ، وقيل : الصّلب والرحم والبطن.

(فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ) أي : أدخل المطر في الأرض كما تدخل اللؤلؤة في السلك ، والسلك الخيط الذي ينظم فيه الخرز ، فاتخذ له مسالك في الأرض كالعروق في الأجساد.

(مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ) أي : أخرج به زرعا ألوانه من حمرة وخضرة وصفرة وبياض.

(ثُمَّ يَهِيجُ) : الهيجان : تمام الجفاف.

(ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً) أي : فتاتا ودريسا.

(مُتَشابِهاً مَثانِيَ) : التشابه في المعاني الدالة على الصحة والإحكام والبناء على الحق والصدق وتناسب ألفاظه في التخير والإصابة ، والمثاني : جمع مثنى بمعنى مردد ومكرر لما ثنى من قصصه وأخباره.

(تَقْشَعِرُّ) الاقشعرار : تقبض الجلد تقبّضا شديدا ، ركّب من حروف القشع زيدت عليه الراء ليكون رباعيا دالا على زائد في المعنى.

(مُتَشاكِسُونَ) التشاكس والتشاحن : الاختلاف ، ورجل شكس بالتسكين : صعب الخلق ، وقوم شكس مثل : قوم صدق ـ وحكى الفراء شكس وهو القياس.

(اشْمَأَزَّتْ) أي : انقبضت. تقول اشمأز الرجل اشمئزازا.

(ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ) التخويل : مختص بالتفضيل يقال : خوله إذا أعطاه على غير جزاء.

(فِي جَنْبِ اللهِ) الجنب : الناحية في الأصل. تقول : أنا في جنب فلان وناحيته

١٣٦

وفلان لين الجانب والجنب ثم قالوا فرط في جانبه أي : في حقه ، والمراد في طاعة الله وعبادته.

(فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ) تقول صعق الرجل صعقة وتصعاقا أي : غشي عليه والمراد في الآية مات.

(زُمَراً) : جماعة.

(حَافِّينَ) : محدقين من حف به إذا أحدق.

١٣٧

سورة المؤمن" غافر"

(وَقابِلِ التَّوْبِ) التوب والأوب : الرجوع وهما أخوان.

(ذِي الطَّوْلِ) الطّول : الفضل والزيادة يقال : طال عليه وتطول عليه.

(لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَ) الدحض والدحض : المكان الزلق تقول دحضت رجله إذا زلقت ، ودحضت الشمس : زالت.

(يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ) المقت : أشد البغض.

(أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) : أراد خلقهم أمواتا أولا وأماتهم عند انقضاء آجالهم وبالإحياء بين الحياة الأولى في الدنيا وإحياء للبعث وناهيك تفسيرا قوله تعالى : (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ).

(وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ) الآزفة : القيامة ، سميت لأزوفها أي : لقربها تقول أزف الترحل يأزف أزفا أي : قرب ، وأزف الرجل أي : عجل.

(يَوْمَ التَّنادِ) أي : يوم المناداة يريد به : (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ) ويجوز أن يكون تصايحهم بالويل والثبور ، وقرئ بالتشديد وهو من ند البعير إذا هرب كفر المرء من أخيه.

(ابْنِ لِي صَرْحاً) الصرح : القصر ، وقيل : البناء الظاهر الذي لا يخفى على الناظر ، اشتقوه من صرح الشيء إذا ظهر.

(أَسْبابَ السَّماواتِ) : طرقها وأبوابها.

(وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ) معناه : رجع إليهم ما هموا به من المكر للمسلمين ، وحاق به الشيء يحيق أي : أحاط به.

(النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها) : عرضهم على النار : تعذيبهم ، من قولهم : عرض بنو فلان على السيف ، ويجوز أن يراد : يعرض النار عليهم عرضهم على النار ، فيكون من باب عرضت الناقة على الحوض يريدون عرض الحوض عليها.

(ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) : من سجر التنور إذا ملأه بالوقود ، والمعنى : يسجرون بالنار مملوءة بها أجوافهم. والله أعلم.

١٣٨

سورة فصلت

(وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ) الأكنة : جمع كنان وهو الغطاء.

(أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) الممنون : المقطوع ، وقيل : من المنة.

(ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) : والأصل في هذا من قولهم استوى إلى مكان كذا إذا توجه إليه توجها لا يلوي على غيره وهو من الاستواء الذي هو ضد الاعوجاج.

(فَقَضاهُنَ) أي : صنعهن ومنه قول الشاعر :

وعليهما مسرودتان قضاهما داود

أو صنع السوابغ تبع

(رِيحاً صَرْصَراً) : الريح الصّرصر : القاصفة التي تصرصر ، أي : تصوّت في هبوبها. وقيل : الباردة التي تحرق بشدة بردها.

(الْعَذابِ الْهُونِ) : الهون : الهوان.

(فَهُمْ يُوزَعُونَ) : يحبس أولهم على آخرهم ، تستوقف سوابقهم حتى يلحق تواليهم ، وهي عبارة عن كثرة أهل النار.

(وَلِيٌّ حَمِيمٌ) الحميم : الخالص في الصداقة.

(وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) سئمت من الشيء أسأم سأما وسآمة : إذا مليته ، ورجل سئوم.

(تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً) أي : هامدة استعارة لها حالة قحوطها.

(اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) استعارة لها خصبها. فالأولى استعارة لها بحال الخاضع الذليل والثانية لها بحال المختال في ثيابه.

(يُلْحِدُونَ) : تقدم في الحج ذكر الإلحاد وما فيه من الكلام.

(مِنْ أَكْمامِها) واحد الأكمام : كم بكسر الكاف وهو وعاء الثمرة كجفّ الطلعة ويطلق على وعاء التنور وجمعه : كمام وأكمام وأكاميم.

(فِي الْآفاقِ) الآفاق : جمع أفق وأفق وهي النواحي ، ورجل أفقيّ ـ بفتح الهمزة والفاء ـ إذا كان من آفاق الأرض.

١٣٩

سورة الشورى

(لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى) : مكة. والتقدير : أهل أم القرى.

(لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) : الساعة مؤوّلة بالبعث فلذلك قيل : قريب. أو لعل مجيء الساعة.

(مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ) : سمي ما يعمله العامل مما يبغي به الفائدة حرثا على المجاز.

(وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ) : السفن. واحدتها : جارية نسب إلى فعلها. وقرئ بغير ياء.

(إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) القربى : مصدر كالزّلفى والبشرى بمعنى : القرابة.

(كَالْأَعْلامِ) الأعلام : هي الجبال واحدها : علم.

(فَيَظْلَلْنَ) أي : يقمن من قولك ظل زيد يفعل كذا إذا أقام عليه.

(أَوْ يُوبِقْهُنَ) أي : يهلكهن. تقول : أوبقه يوبقه إيباقا.

(وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) الشورى ـ بضم الشين ـ : الاجتماع لقدح الرأي (١) كأن كل واحد منهم يشير إلى الآخر أي : يومئ إليه ، ويقال لهما : المشورة بضم الشين.

(وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) : سمى الثانية سيئة على حكم المقابلة.

__________________

(١) قدح الرأي أي : إبداؤه.

١٤٠