الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

سعيد أبو معاش

الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

المؤلف:

سعيد أبو معاش


المحقق: عبدالرحيم مبارك
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ٣
ISBN: 978-964-444-775-4
الصفحات: ٦٠٣

الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) قلت : (وَالْمُؤْمِنُونَ) قال : صدقت يا محمّد ، من خلّفت في أمّتك؟ قلت : خيرها ، قال : عليّ بن أبي طالب؟ قلت : نعم يا ربّ.

قال : يا محمّد إنّي اطّلعت على الأرض اطلاعة فاخترتك منها ، فشققت لك اسما من أسمائي ، فلا أذكر إلّا ذكرت معي ، فأنا المحمود وأنت محمّد ، ثمّ اطّلعت الثانية فاخترت منها عليّا وشققت له اسما من أسمائي ، فأنا الأعلى وهو عليّ.

يا محمّد ، إنّي خلقتك وخلقت عليّا وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ولده من شبح نوري ، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات وأهل الأرض ، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ، ومن جحدها كان عندي من الكافرين.

يا محمّد لو أنّ عبدا من عبيدي عبدني حتّى ينقطع أو يصير كالشنّ ، البالي ثمّ أتاني جاحدا لولايتكم ، ما غفرت له حتّى يقرّ بولايتكم.

يا محمّد أتحبّ أن تراهم؟ قلت : نعم يا ربّ.

فقال لي : التفت عن يمين العرش ، فالتفتّ فإذا أنا بعليّ ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، وعليّ بن الحسين ، ومحمّد بن عليّ ، وجعفر بن محمّد ، وموسى بن جعفر ، وعليّ بن موسى ، ومحمّد بن عليّ ، وعليّ بن محمّد ، والحسن بن عليّ ، والمهديّ في ضحضاح من نور قياما يصلّون ، وهو في وسطهم ـ يعني المهديّ ـ كأنّه كوكب درّيّ. وقال : يا محمّد هؤلاء الحجج ، وهو الثائر من عترتك ، وعزّتي وجلالي إنّه الحجّة الواجبة لأوليائي ، والمنتقم من أعدائي (١).

__________________

(١) فرائد السمطين ٢ / ٣١٩ ح ٥٧١.

٦١

سورة آل عمران

الآية الاولى قوله تعالى : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ)(١).

فضل التقيّة في عصر الغيبة

ـ المظفر العلويّ : بإسناده عن عمّار الساباطيّ قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : العبادة مع الإمام منكم المستتر في السرّ في دولة الباطل أفضل ، أم العبادة في ظهور الحق ودولته مع الإمام الظاهر منكم؟ فقال : يا عمّار الصدقة في السرّ ـ والله ـ أفضل من الصدقة في العلانية ، وكذلك عبادتكم في السّر مع إمامكم المستتر في دولة الباطل أفضل ، لخوفكم من عدوّكم في دولة الباطل وحال الهدنة ، ممّن يعبد الله في ظهور الحقّ مع الإمام الظاهر في دولة الحق ، وليس العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل العبادة مثل العبادة مع الأمن في دولة الحقّ.

اعلموا أنّ من صلّى منكم صلاة فريضة وحدانا مستترا بها من عدوّه في وقتها ، فأتمها ، كتب الله عزوجل له بها خمسة وعشرين صلاة فريضة وحدانيّة ، ومن صلّى منكم

__________________

(١) آل عمران : ٢٨.

٦٢

صلاة نافلة في وقتها فأتمها ، كتب الله عزوجل له بها عشر صلوات نوافل ، ومن عمل منكم حسنة ، كتب الله بها عشرين حسنة ، ويضاعف الله تعالى حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله ، ودان الله بالتقيّة على دينه ، وعلى إمامه وعلى نفسه ، وأمسك من لسانه ، أضعافا مضاعفة كثيرة ، إنّ الله عزوجل كريم. قال : قلت : جعلت فداك قد رغّبتني في العمل ، وحثثتني عليه ، ولكنّي أحبّ أن أعلم : كيف صرنا نحن اليوم أفضل أعمالا من أصحاب الإمام منكم الظاهر في دولة الحقّ ، ونحن وهم على دين واحد ، وهو دين الله عزوجل؟ فقال : انّكم سبقتموهم إلى الدخول في دين الله وإلى الصلاة والصوم والحجّ وإلى كلّ فقه وخير ، وإلى عبادة الله سرّا من عدوّكم مع الإمام المستتر ، مطيعون له ، صابرون معه ، منتظرون لدولة الحق ، خائفون على إمامكم وعلى أنفسكم من الملوك ، تنظرون إلى حقّ إمامكم وحقّكم في أيدي الظلمة ، وقد منعوكم ذلك واضطرّوكم إلى جذب الدنيا وطلب المعاش ، مع الصبر على دينكم ، وعبادتكم وطاعة ربكم والخوف من عدوّكم ، فبذلك ضاعف الله أعمالكم ، فهنيئا لكم هنيئا. قال : فقلت : جعلت فداك ، فما نتمنّى إذا أن نكون من أصحاب القائم عليه‌السلام في ظهور الحق؟ ونحن اليوم في إمامتك وطاعتك أفضل أعمالا من أعمال أصحاب دولة الحق؟

فقال : سبحان الله ، أما تحبّون أن يظهر الله عزوجل الحقّ والعدل في البلاد ، ويحسن حال عامّة الناس ، ويجمع الله الكلمة ، ويؤلّف بين القلوب المختلفة ، ولا يعصى الله في أرضه ، ويقام حدود الله في خلقه ، ويردّ الحقّ إلى أهله ، فيظهره حتّى لا يستخفي بشيء من الحق مخافة أحد من الخلق؟

أما والله يا عمّار ، لا يموت منكم ميّت على الحال الّتي أنتم عليها ، إلّا كان أفضل عند الله عزوجل من كثير ممّن شهد بدرا وأحدا فأبشروا (١).

٥٧ ـ روي المفيد في الاختصاص بإسناده عن الحسن بن أحمد ، عن أحمد بن هلال ، عن امية ابن عليّ ، عن رجل قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ايّما أفضل نحن أو أصحاب القائم عليه‌السلام؟ قال : فقال لي : أنتم أفضل من أصحاب القائم ، وذلك أنّكم تمسون

__________________

(١) الكافي ١ / ٣٣٤ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١٢٧.

٦٣

وتصبحون خائفين على إمامكم وعلى أنفسكم من أئمّة الجور ، إن صليتم فصلاتكم في تقيّة ، وإن صمتم فصيامكم في تقيّة ، وإن حججتم فحجّكم في تقيّة ، وإن شهدتم لم تقبل شهادتكم ، وعدّد أشياء من نحو هذا مثل هذه ، فقلت : فما تتمنّى القائم عليه‌السلام إذا كان على هذا؟ قال : فقال لي : سبحان الله ، أما تحبّ أن يظهر العدل ويأمن السبل وينصف المظلوم؟! (١).

الآية الثانية قوله تعالى : (فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ)(٢).

انّ الجفنة الّتي أنزلت على فاطمة عليها‌السلام من مواريث المهديّ عليه‌السلام

٥٨ ـ روى العيّاشيّ بإسناده عن نجم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنّه قال : إنّ فاطمة عليها‌السلام ضمنت لعليّ عليه‌السلام عمل البيت والعجين والخبز وقمّ البيت ، وضمن لها عليّ عليه‌السلام ما كان خلف الباب ، من نقل الحطب ، وأن يجيء بالطعام ، فقال لها يوما : يا فاطمة هل عندك شيء؟ قالت : لا والّذي عظّم حقك ما كان عندنا منذ ثلاثة أيّام شيء نقريك به ، قال : أفلا أخبرتيني؟ قالت : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهاني أن اسألك شيئا ، فقال : لا تسألي ابن عمك شيئا ، إن جاءك بشيء عفوا وإلّا فلا تسأليه ، قال : فخرج الامام عليه‌السلام فلقي رجلا فاستقرض منه دينارا ، ثمّ أقبل به وقد أمسى فلقي مقداد بن الأسود ، فقال للمقداد ، ما أخرجك في هذه الساعة؟ قال : الجوع ، والّذي عظّم حقك يا أمير المؤمنين. قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حيّ؟ قال : ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حيّ ، قال : فهو أخرجني فقد استقرضت دينارا وسأوثرك به ، فدفعه إليه. فأقبل فوجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جالسا وفاطمة تصلّي وبينهما شيء مغطّى ، فلمّا فرغت أحضرت ذلك الشيء فإذا جفنة من خبز ولحم ، قال : يا فاطمة أنّى لك هذا؟ قالت : (هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ).

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا أحدّثك بمثلك ومثلها؟ قال : بلى. قال : مثل زكريّا إذا دخل

__________________

(١) الاختصاص ٢٠ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١٤٤.

(٢) آل عمران : ٣٧.

٦٤

على مريم المحراب فوجد عندها رزقا ، قال يا مريم أنّى لك هذا قالت هو من عند الله ، إنّ الله يرزق من يشاء بغير حساب ، فأكلوا منها شهرا ، وهي الجفنة الّتي يأكل منها القائم عليه‌السلام ، وهي عندنا (١).

الآية الثالثة قوله سبحانه : (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ)(٢).

المهديّ عليه‌السلام يكلّم الناس في المهد

٥٩ ـ روى الطبريّ في تفسيره عن ابن زيد يقول في قوله : (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ) قال : قد كلّمهم عيسى في المهد ، وسيكلّمهم إذا قتل الدجّال وهو يومئذ كهل (٣).

٦٠ ـ روى العلّامة البيّاضي رحمه‌الله قال : قالت حكيمة : قرأت على أمّه نرجس وقت ولادته التوحيد ، والقدر ، وآية الكرسي ، فأجابني من بطنها بقراءتي ، ثمّ وضعته ساجدا إلى القبلة فأخذه أبوه وقال : انطق بإذن الله ، فتعوّذ وسمّى وقرأ : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ)(٤) الآيتين ، وصلّى على محمّد وعليّ وفاطمة والأئمّة واحدا واحدا باسمه إلى آخرهم ، وكان مكتوبا على ذراعه الأيمن : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) قالت حكيمة : دخلت بعد ولادته بأربعين يوما فإذا هو يمشي ، فلم أر أفصح من لغته (٥).

٦١ ـ نسيم ومارية قالتا : لمّا سقط من بطن أمّه ، سقط جاثيا رافعا سبّابته إلى السماء قائلا كلّما يعطس : الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله ، زعم الظالمون أنّ حجّة الله داحضة (٦).

٦٢ ـ قال طريف عن نضر الخادم : دخل على الإمام وهو في المهد فقال : أنا خاتم

__________________

(١) تفسير العيّاشيّ ١ / ١١٩ ح ٤١ ؛ بحار الأنوار ١٤ / ١٩٧.

(٢) آل عمران : ٤٦.

(٣) تفسير الطبريّ ٣ / ١٨٨.

(٤) القصص : ٥ و ٦.

(٥) الصراط المستقيم ٢ / ٢٠٩ ـ ٢١٠.

(٦) الصراط المستقيم ٢ / ٢١٠.

٦٥

الأوصياء ، وبي يدفع الله البلاء عن أهلي وشيعتي (١).

٦٣ ـ حمل أحمد بن اسحاق إلى العسكريّ عليه‌السلام جرابا فيه صرر ، فالتفت عليه‌السلام إلى ابنه وقال : هذه هدايا موالينا ، فقال الغلام : لا تصلح ، لأنّ فيها حلالا وحراما ، فأخرجت ، ففرّق بينها وأعلم بكميّة كلّ صرّة قبل فتحها (٢).

٦٤ ـ أسند العلّامة البيّاضي رحمه‌الله إلى أحمد بن اسحاق قال : دخلت على العسكريّ عليه‌السلام أريد أن أسأله عن الخلف من بعده ، فابتدأني : إنّ الله لا يخلي الأرض منذ خلق آدم عليه‌السلام ولا يخليها إلى أن تقوم الساعة من حجّة له على خلقه ، قلت : ومن الخليفة بعدك؟ فأسرع ودخل البيت وخرج وعلى عاتقه غلام ، وقال : لو لا كرامتك على الله وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا ، إنّه سميّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكنيّه ، مثله في هذه الامّة كالخضر وذي القرنين ، ليغيبنّ غيبة لا ينجو من الهلكة فيها إلّا من ثبّته الله على القول بإمامته ، ووفّقه للدعاء بتعجيل فرجه ، ويرجع من هذا الأمر أكثر القائلين به ، هذا سرّ الله فخذ واكتمه وكن من الشاكرين ، تكن معنا في علّيين. فقلت : هل من علامة؟ فنطق الغلام فقال : أنا بقيّة الله في أرضه ، والمنتقم من أعدائه (٣).

٦٥ ـ وقال إسماعيل بن عليّ : دخلت على العسكريّ في المرض الّذي مات فيه ، فقال لخادمه : ادخل البيت فإنّك ترى صبيّا ساجدا فائتني به ، فدخلت فوجدته ساجدا رافعا سبّابته إلى السماء ، فسلّمت فأوجز في صلاته ، فقلت : سيّدي يأمرك بالخروج ، فجاءت أمّه فأخرجته إليه ، فقال : أبشر أنت صاحب الزمان المهديّ ، حجّة الله في أرضه ، وأنت وصيّي ، وأنت (م ح م د) وعدّ آباءه إلى عليّ عليه‌السلام ثمّ قال : أنت خاتم الأئمّة الطاهرين (٤).

٦٦ ـ وذكر الشيخ البيّاضيّ قال : وأسند الشيخ أبو جعفر إلى محمّد بن عليّ ، إلى محمّد بن عبد الله المطهريّ قال : قصدت حكيمة أسألها عن الحجّة فقالت : لمّا حضرت نرجس الولادة ، قال الحسن العسكريّ عليه‌السلام : اقرئي عليها : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ) فقرأت ، فجاوبني الجنين

__________________

(١) الصراط المستقيم ٢ / ٢١٠.

(٢) نفس المصدر ٢ / ٢١٣.

(٣) نفس المصدر ٢ / ٢٣١ ـ ٢٣٢.

(٤) الصراط المستقيم ٢ / ٣٢٢.

٦٦

بمثل قراءتي ، وسلّم عليّ ففزعت ، فقال أبو محمّد عليه‌السلام : لا تعجبين من أمر الله ، إنّه منطقنا بالحكمة صغارا ، ويجعلنا حجّة في الأرض كبارا. (الحديث) (١)

الآية الرابعة قوله تعالى : (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)(٢).

عيسى عليه‌السلام يصلّي خلف المهديّ عليه‌السلام

٦٧ ـ روي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : ينزل عيسى بن مريم عليه‌السلام عند انفجار الصبح ما بين مهرودين ، وهما ثوبان أصفران من الزعفران ، أبيض الجسم ، أصهب الرأس ، أفرق الشعر ، كأنّ رأسه يقطر دهنا ، بيده حربة ، يكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويهلك الدجال ، ويقبض أموال القائم عليه‌السلام ، ويمشي خلفه أهل الكهف ، وهو الوزير الأيمن للقائم عليه‌السلام وحاجبه ونائبه ، ويبسط في المغرب والمشرق الأمن من كرامة الحجّة بن الحسن صلوات الله عليهما ، حتّى يرتع الأسد مع الغنم ، والنمر مع البقر ، والذئب والغنم ، وتلعب الصبيان بالحيّات ... الحديث (٣).

٦٨ ـ المهديّ الّذي ينزل عليه عيسى ابن مريم ويصلّي خلفه عيسى عليه‌السلام (٤).

٦٩ ـ روي عن أبي سعيد الخدريّ ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : منّا الّذي يصلّي عيسى ابن مريم خلفه (٥).

٧٠ ـ روى الشافعيّ قال : أخبرنا نقيب النقباء فخر آل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبو الحسن عليّ بن محمّد بن ابراهيم الحسنيّ ، وبإسناده عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : فيلتفت المهديّ وقد نزل عيسى عليه‌السلام كأنما يقطر من شعره الماء ، فيقول المهديّ : تقدّم صلّ بالناس ، فيقول عيسى : إنّما أقيمت الصلاة لك ، فيصلّي عيسى خلف رجل من ولدي ، فإذا

__________________

(١) نفس المصدر ٢ / ٢٣٤.

(٢) آل عمران : ٥٥.

(٣) حلية الأبرار ٢ / ٦٢٠ ب ٣٤ ؛ غاية المرام ٦٩٧ ب ١٤١ ح ٣٨٠.

(٤) الفتن لابن حمّاد ١٠٣ ؛ عقد الدرر ٢٣٠ ب ١٠ ؛ تفسير البرهان ١٦٠ ح ٧ و ٨.

(٥) البيان للشافعيّ ٥٠٠ ب ٧ ؛ عقد الدرر ٢٥ ب ١.

٦٧

صلّيت قام عيسى حتّى جلس في المقام فيبايعه ، فيمكث أربعين سنة (١).

٧١ ـ أتى يهوديّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقام بين يديه يحدّ النظر إليه ، فقال : يا يهوديّ ما حاجتك؟ قال : أنت أفضل من موسى بن عمران النبيّ الّذي كلّمه الله وأنزل عليه التوراة والعصا ، وفلق له البحر ، وأظلّه بالغمام؟ فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّه يكره للعبد أن يزكّي نفسه ، ولكنّي أقول إنّ آدم عليه‌السلام ، لمّا أصاب الخطيئة ، كانت توبته أن قال : اللهم إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لمّا غفرت لي ، فغفرها الله له ، وإنّ نوحا لمّا ركب في السفينة وخاف الغرق قال : اللهمّ إنّي أسألك بحق محمّد وآل محمّد لمّا أنجيتني من الغرق ، فنجّاه الله عنه ، وإنّ إبراهيم عليه‌السلام لمّا ألقي في النار قال : اللهم إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لمّا أنجيتني منها ، فجعلها الله عليه بردا وسلاما ، وإنّ موسى عليه‌السلام لمّا ألقى عصاه وأوجس في نفسه خيفة قال : اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لمّا آمنتني ، فقال الله جل جلاله : لا تخف إنّك أنت الأعلى ، يا يهودي ، إنّ موسى لو أدركني ثمّ لم يؤمن بي وبنبوّتي ، ما نفعه إيمانه شيئا ، ولا نفعته النبوّة ، يا يهوديّ ومن ذرّيتي المهديّ ، إذا خرج نزل عيسى ابن مريم لنصرته فقدّمه وصلّى خلفه (٢).

٧٢ ـ النعمانيّ بإسناده عن كعب الأحبار أنّه قال في حديث طويل : «ومن نسل عليّ القائم المهديّ الّذي يبدّل الأرض غير الأرض ، وبه يحتجّ عيسى ابن مريم على نصارى الروم والصين ، إنّ القائم المهديّ من نسل عليّ أشبه الناس بعيسى ابن مريم خلقا وخلقا وسمتا وهيبة ، يعطيه الله جلّ وعزّ ما أعطى الأنبياء ويزيده ويفضّله ، إنّ القائم من ولد عليّ عليه‌السلام له غيبة كغيبة يوسف ، ورجعة كرجعة عيسى ابن مريم ، ثمّ يظهر بعد غيبته مع طلوع النجم الأحمر ، وخراب الزوراء وهي الريّ ، وخسف المزوّرة وهي بغداد ، وخروج السفياني ، وحرب ولد العباس مع فتيان أرمينية وآذربيجان ، تلك حرب يقتل فيها الوف وألوف ، كلّ يقبض على سيف محلّى تخفق عليه رايات سود ، تلك حرب يشوبها الموت

__________________

(١) البيان ٤٩٧ ب ٧ ؛ عقد الدرر ١٧ ب ١.

(٢) أمالي الصدوق ١٨١ المجلس ٣٩ ح ٤ ؛ بحار الأنوار ١٤ / ٣٤٩.

٦٨

الأحمر والطاعون الأغبر (١).

٧٣ ـ روى ابن حماد بإسناده عن المشايخ ، عن كعب قال : ـ ولم يسنده إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لمّا رأى عيسى بن مريم قلّة من معه ، شكى إلى الله تعالى ، فقال الله (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَ) وليس من رفعت عندي يموت ، وإنّي باعثك على الأعور الدجّال فتقتله ، ثمّ تعيش بعد ذلك أربعة وعشرين سنة ، ثمّ اتوفّاك ميتة الحقّ (٢).

٧٤ ـ روي من طريق العامّة في كتاب الرائق من أزهار الحدائق ، بإسناده عن أبي سعيد الخدريّ ، عن جابر بن عبد الله الانصاري ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في خطبة له طويلة جدا فيها علامات آخر الزمان ، وإخبار بمغيّبات كثيرة. منها دولة بني أميّة وبني العباس وأحوال الدجّال والسفيانيّ ، إلى أن قال : المهديّ من ذرّيّتي ، يظهر بين الركن والمقام ، وعليه قميص إبراهيم ، وحلّة اسماعيل ، وفي رجله نعل شيث ، والدليل عليه قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : عيسى ابن مريم ينزل من السماء ، ويكون مع المهديّ من ذريّتي ، فإذا ظهر فاعرفوه ، فإنّه مربوع القامة ، حلك سواد الشعر ، ينظر من عين ملك الموت ، يقف على باب الحرم فيصيح بأصحابه صيحة ، فيجمع الله تعالى عسكره في ليلة واحدة ، وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من أقاصي الأرض ، ثمّ ذكر تفصيلهم وأماكنهم وبلادهم ، إلى أن قال : فيتقدّم المهديّ من ذرّيّتي ، فيصلّي إلى قبلة جدّه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويسيرون جميعا إلى أن يأتوا بيت المقدس ، ثمّ ذكر الحرب بينه وبين الدجّال ، وذكر أنّهم يقتلون عسكر الدجال من أوّله إلى آخره ، وتبقى الدنيا عامرة ، ويقوم بالقسط والعدل ، إلى أن قال : ثمّ يموت عيسى ، ويبقى المنتظر المهديّ من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيسير في الدنيا وسيفه على عاتقه ، ويقتل اليهود والنصارى وأهل البدع (٣).

٧٥ ـ روي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ـ مرسلا ـ في قصة الدجّال قال : ألا وإنّ أكثر أتباعه أولاد الزنا ، لابسو التيجان ، ألا وهم اليهود عليهم لعنة الله ، يأكل ويشرب ، له حمار أحمر ، طوله ستّون خطوة مدّ بصره ، أعور اليمين ، وإنّ ربّكم عزوجل

__________________

(١) الغيبة للنعمانيّ ١٤٦ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٢٢٥.

(٢) الفتن لابن حمّاد ١٦٣.

(٣) المجموع الرائق ؛ وعنه : إثبات الهداة ٣ : ٨٥٧ ح ٨٠٤.

٦٩

ليس بأعور ، صمد لا يطعم ، فيشمل البلاد البلاء ، ويقيم الدجّال أربعين يوما. أوّل يوم كسنة ، والثاني كأقلّ ، فلا تزال تصغر وتقصر ، حتّى تكون آخر أيامه كليلة يوم من أيّامكم هذه ، يطأ الأرض كلّها إلّا مكّة والمدينة وبيت المقدس. ويدخل المهديّ عليه‌السلام بيت المقدس ، ويصلّي بالناس إماما ، فإذا كان يوم الجمعة وقد أقيمت الصلاة ، نزل عيسى ابن مريم عليه‌السلام ، بثوبين مشرقين حمر ، كأنّما يقطر رأسه الدهن ، رجل الشعر ، صبيح الوجه ، أشبه خلق الله عزوجل بأبيكم إبراهيم خليل الرحمن عليه‌السلام ، فيلتفت المهديّ ، فينظر عيسى عليه‌السلام ، فيقول لعيسى : يا ابن البتول ، صلّ بالناس ، فيقول : لك اقيمت الصلاة ، فيتقدّم المهديّ عليه‌السلام فيصلّي بالناس ، ويصلّي عيسى عليه‌السلام خلفه ويبايعه (١).

٧٦ ـ روى أبان ، عن سليم بن قيس قال : أقبلنا من صفّين مع أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، فنزل العسكر قريبا من دير نصرانيّ ، إذ خرج علينا من الدير شيخ كبير جميل حسن الوجه ، حسن الهيئة والسمت ، ومعه كتاب في يده ، حتّى أتى أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، فسلّم عليه بالخلافة ، فقال له عليّ عليه‌السلام : مرحبا يا أخي شمعون بن حمون ، كيف حالك رحمك الله ، فقال : بخير يا أمير المؤمنين وسيّد المسلمين ووصيّ رسول ربّ العالمين ، إنّي من نسل حواري أخيك عيسى ابن مريم عليه‌السلام ، وفي رواية أخرى : أنا من نسل حواري أخيك عيسى ابن مريم صلوات الله عليه ـ من نسل شمعون بن يوحنا ، وكان أفضل حواري عيسى ابن مريم الاثني عشر وأحبّهم إليه وآثرهم عنده ، وإليه أوصى عيسى ، وإليه دفع كتبه وعلمه وحكمته ، فلم يزل أهل بيته على دينه متمسّكين بملّته لم يكفروا ولم يبدّلوا ولم يغيّروا ، وتلك الكتب عندي إملاء عيسى ابن مريم ، وخط أبينا بيده ، وفيه كلّ شيء يفعل الناس من بعده ، ملك ملك وما يملك ، وما يكون في زمان كلّ ملك منهم ، حتّى يبعث الله رجلا من العرب ومن ولد اسماعيل بن إبراهيم خليل الله من أرض تدعى تهامة ، من قرية يقال لها مكّة ، يقال له أحمد الأنجل العينين المقرون الحاجبين ، صاحب الناقة والحمار والقضيب والتاج ـ يعني العمامة ـ له اثنا عشر اسما ، ثمّ ذكر مبعثه ومولده وهجرته ، ومن يقاتله ومن ينصره ومن يعاديه وكم يعيش ، وما تلقى

__________________

(١) عقد الدرر ٢٧٤ و ٢٧٥ ب ١٢ ف ٢.

٧٠

أمّته بعده إلى أن ينزل عيسى ابن مريم من السماء ، فذكر في الكتاب ثلاثة عشر رجلا من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله صلّى الله عليهم ، هم خير من خلق الله ، وأحبّ من خلق الله إلى الله ، وانّ الله وليّ من والاهم ، وعدوّ من عاداهم ، من أطاعهم اهتدى. ومن عصاهم ضلّ ، طاعتهم لله طاعة ، ومعصيتهم لله معصية ، مكتوبة فيه أسماؤهم وأنسابهم ونعتهم ، وكم يعيش كل رجل منهم ، واحدا بعد واحد ، وكم رجل منهم يستتر بدينه ويكتمه من قومه ، ومن يظهر حتّى ينزل الله عيسى صلى الله عليه على آخرهم ، فيصلّي عيسى خلفه ويقول : إنّكم أئمّة لا ينبغي لأحد أن يتقدّمكم ، فيتقدّم فيصلّي بالناس وعيسى خلفه إلى الصفّ الأوّل ، أوّلهم وافضلهم وخيرهم ، له مثل أجورهم وأجور من أطاعهم واهتدى بهداهم.

وفي النسخة الأولى : وتسعة من ولد أصغرهما وهو الحسين واحدا بعد واحد ، آخرهم الّذي يصلّي عيسى بن مريم خلفه ، فيه تسمية كلّ من يملك منهم ، ومن يستتر بدينه ومن يظهر ، فأوّل من يظهر منهم يملأ جميع بلاد الله قسطا وعدلا ، ويملك ما بين المشرق والمغرب حتّى يظهره الله على الأديان كلّها (١).

٧٧ ـ روى الشيخ الصدوق رحمه‌الله بإسناده عن أبي سعيد عقيصا ، قال : لمّا صالح الحسن بن عليّ عليهما‌السلام معاوية بن أبي سفيان ، دخل عليه الناس ، فلامه بعضهم على بيعته ، فقال عليه‌السلام : ويحكم ما تدرون ما عملت ، والله الّذي عملت خير لشيعتي ممّا طلعت عليه الشمس أو غربت ، ألا تعلمون أنّني إمامكم مفترض الطاعة عليكم ، وأحد سيديّ شباب أهل الجنة بنصّ من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّ؟ قالوا : بلى.

قال : أما علمتم أنّ الخضر عليه‌السلام لمّا خرق السفينة وأقام الجدار وقتل الغلام ، كان ذلك سخطا لموسى بن عمران إذ خفي عليه وجه الحكمة في ذلك ، وكان ذلك عند الله تعالى ذكره حكمة وصوابا؟ أما علمتم إنّه ما منّا أحد إلّا ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلّا القائم الّذي يصلّي روح الله عيسى ابن مريم خلفه؟ فإنّ الله عزوجل يخفي ولادته ، ويغيّب شخصه لئلّا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج ، ذلك التاسع من ولد أخي الحسين

__________________

(١) سليم بن قيس ١٥٢ ـ ١٥٤ ؛ الغيبة للنعمانيّ ٧٤ ب ٤ ح ٩.

٧١

ابن سيّدة الاماء ، يطيل الله عمره في غيبته ، ثمّ يظهره بقدرته في صورة شابّ دون أربعين سنة ، وذلك ليعلم أنّ الله على كلّ شيء قدير (١).

٧٨ ـ روى الشيخ الصدوق رحمه‌الله بإسناده عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إنّ سنن الأنبياء عليهم‌السلام بما وقع بهم من الغيبات حادثة في القائم منّا أهل البيت ، حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة ، قال أبو بصير : يا ابن رسول الله ، ومن القائم منكم أهل البيت؟ فقال : يا أبا بصير ، هو الخامس من ولد ابني موسى ، ذلك ابن سيّدة الإماء ، يغيب غيبة يرتاب فيها المبطلون ، ثمّ يظهره الله عزوجل ، فيفتح الله على يده مشارق الأرض ومغاربها ، وينزل روح الله عيسى ابن مريم عليه‌السلام فيصلّي خلفه ، وتشرق الأرض بنور ربّها ، ولا تبقى في الأرض بقعة عبد فيها غير الله عزوجل إلا عبد الله فيها ، ويكون الدّين كلّه لله ولو كره المشركون (٢).

٧٩ ـ روى الشيخ الصدوق رحمه‌الله بإسناده عن أبي أيّوب المخزوميّ ، قال : ذكر أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه‌السلام سير الخلفاء الاثني عشر الراشدين (صلوات الله عليهم) ، فلمّا بلغ آخرهم قال : الثاني عشر الّذي يصلّي عيسى ابن مريم عليه‌السلام خلفه ، عليك بسنّته والقرآن الكريم (٣).

٨٠ ـ روى فرات الكوفي معنعنا عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال ـ في حديث له : ـ يا خيثمة سيأتي على الناس زمان ، لا يعرفون الله ما هو التوحيد ، حتّى يكون خروج الدجال ، وحتّى ينزل عيسى ابن مريم من السماء ، ويقتل الله الدجّال على يده ، ويصلّي بهم رجل منّا أهل البيت ، ألا ترى أنّ عيسى يصلي خلفنا وهو نبيّ ألا ونحن أفضل منه (٤).

الآية الخامسة قوله تعالى : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)(٥).

٨١ ـ روى العيّاشيّ عن عبد الأعلى الجبليّ (الحلبيّ ـ خ) قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : ـ

__________________

(١) كمال الدّين ١ / ٣١٥ ح ٢.

(٢) كمال الدّين ٢ / ٣٤٥ ح ٣١.

(٣) نفس المصدر ١ / ٣٣١ ح ١٧.

(٤) تفسير فرات ٤٤ ؛ بحار الأنوار ١٤ / ٣٤٨.

(٥) آل عمران : ٦٨.

٧٢

في حديث له ـ : والله لكأنّي انظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر ، ثمّ ينشد الله حقّه ثمّ يقول : يا أيّها الناس من يحاجّني في الله ، فأنا أولى الناس بالله ، ومن يحاجّني في آدم فأنا أولى الناس بآدم ، يا أيّها الناس من يحاجّني في نوح ، فأنا أولى الناس بنوح ، يا أيّها الناس من يحاجّني في ابراهيم ، فأنا أولى الناس بإبراهيم (١).

الآية السادسة قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ)(٢).

الرجعة في زمن المهديّ عليه‌السلام

٨٢ ـ روى النعمانيّ بإسناده عن اسماعيل بن جابر قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام يقول : (في حديث طويل له عن أنواع آيات القرآن يبلغ نحو ١٢٨ صفحة روى فيه مجموعة أسئلة لأمير المؤمنين عليه‌السلام عن آيات القرآن وأحكامه وجوابه عليها ، جاء فيها).

وأمّا الردّ على من أنكر الرجعة ، فيقول الله عزوجل : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ) أي إلى الدنيا وأمّا حشر الآخرة فقوله عزوجل : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) وقوله سبحانه : (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) ومثل قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) وهذا لا يكون إلا في الرجعة.

ومثله ما خاطب الله تعالى به الأئمّة ووعدهم من النصر والانتقام من أعدائهم ، فقال سبحانه : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ـ إلى قوله ـ (لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) وهذا إنّما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا.

ومثل قوله تعالى : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) وقوله سبحانه : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) أي رجعة

__________________

(١) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٥٦ ح ٤٩.

(٢) آل عمران : ٨١.

٧٣

الدنيا.

ومثله قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ).

وقوله عزوجل : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا) فردّهم الله تعالى بعد الموت إلى الدنيا (١).

الآية السابعة قوله تعالى : (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ)(٢).

الإسلام يعمّ الأرض في زمان المهديّ عليه‌السلام

٨٣ ـ روى العيّاشيّ رحمه‌الله بإسناده عن رفاعة بن موسى ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً) قال : إذا قام القائم عليه‌السلام لا تبقى أرض إلّا نودي فيها بشهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمّدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣).

٨٤ ـ وروى العيّاشيّ أيضا بإسناده عن ابن بكير قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن قوله : (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً) قال : أنزلت في القائم عليه‌السلام ، إذا خرج باليهود والنصارى والصابئين والزنادقة وأهل الردّة والكفار في شرق الأرض وغربها فعرض عليهم الإسلام ، فمن أسلم طوعا أمره بالصلاة والزكاة وما يؤمر به المسلم ويجب لله عليه ، ومن لم يسلم ضرب عنقه ، حتّى لا يبقى في المشارق والمغرب أحد إلّا وحّد الله ، قلت : جعلت فداك إنّ الخلق أكثر من ذلك ، فقال : إنّ الله إذا أراد أمرا قلّل الكثير وكثّر القليل (٤).

٨٥ ـ وعنه بإسناده عن عبد الأعلى الحلبيّ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام (في حديث طويل يذكر فيه أمر القائم عليه‌السلام إذا خرج) ، قال : ولا تبقى (أرض) في الأرض قرية إلّا نودي فيها بشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنّ محمّدا رسول الله وهو قوله تعالى : (وَلَهُ

__________________

(١) المحكم والمتشابه ٣.

(٢) آل عمران : ٨٣.

(٣) تفسير العيّاشيّ ١ / ١٨٣ ح ٨١ ؛ المحجّة ٥٠.

(٤) تفسير العيّاشيّ ١ / ١٨٣ ح ٨٢ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٣٤٠.

٧٤

أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) ولا يقبل صاحب هذا الأمر الجزية كما قبلها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو قول الله : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ). الحديث (١).

٨٦ ـ روى عليّ بن عقبة ، عن أبيه قال : (مرسلا) : إذا قام القائم عليه‌السلام حكم بالعدل ، وارتفع في أيّامه الجور ، وأمنت به السبل ، وأخرجت الأرض بركاتها ، وردّ كلّ حقّ إلى أهله ، ولم يبق أهل دين حتّى يظهروا الإسلام ويعترفوا بالايمان.

أما سمعت الله سبحانه يقول : (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) ، وحكم بين الناس بحكم داود ، وحكم محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فحينئذ تظهر الأرض كنوزها ، وتبدي بركاتها ، ولا يجد الرجل منكم يومئذ موضعا لصدقته ولبرّه ، لشمول الغنى جميع المؤمنين.

ثمّ قال : إنّ دولتنا آخر الدول ولم يبق أهل بيت لهم دولة إلّا ملكوا قبلنا ، لئلا يقولوا إذا رأوا سيرتنا : إذا ملكنا سرنا بمثل سيرة هؤلاء ، وهو قول الله تعالى : (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)(٢).

الآية الثامنة قوله تعالى : (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً)(٣)

ولاية المهديّ عليه‌السلام هي الحرم الآمن

٨٧ ـ روى الصدوق رحمه‌الله بإسناده عن أبي زهير بن شبيب بن أنس ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث عن محاجته عليه‌السلام أبا حنيفة ، جاء فيه : فقال أبو بكر الحضرميّ : جعلت فداك الجواب في المسألتين الأوّلتين؟ فقال عليه‌السلام : يا أبا بكر : سيروا فيها ليالي وأياما آمنين ، فقال : مع قائمنا أهل البيت ، وأما قوله : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) فمن بايعه ودخل معه ومسح على يده ودخل في عقد اصحابه كان آمنا. (الحديث) (٤).

الآية التاسعة قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ

__________________

(١) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٥٦ ـ ٦٠ ح ٤٩.

(٢) الإرشاد ٣٦٤ ؛ روضة الواعظين ٢ / ٢٦٥.

(٣) آل عمران : ٩٧.

(٤) علل الشرائع ٨٩ ب ٨١ ؛ بحار الأنوار ٢ / ٢٩٢.

٧٥

لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)(١).

يؤلّف الله بين القلوب بالمهديّ عليه‌السلام

٨٨ ـ روى عليّ بن حوشب ، قال : سمع مكحولا يحدّث عن عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه قال : قلت يا رسول الله ، المهديّ منّا أئمّة الهدى أم من غيرنا؟ قال : بل منّا ، بنا يختم الدّين كما بنا فتح ، وبنا يستنقذون من ضلالة الفتنة كما استنقذوا من ضلالة الشرك ، وبنا يؤلّف الله بين قلوبهم في الدّين بعد عداوة الفتنة ، كما ألّف الله بين قلوبهم ودينهم بعد عداوة الشرك (٢).

قوله تعالى : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(٣).

أصحاب المهديّ عليه‌السلام بعدد أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ببدر

٨٩ ـ روى النعمانيّ بإسناده عن الحارث الأعور الهمدانيّ ، قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام على المنبر : إذا هلك الخاطب ، وزاغ صاحب العصر ، وبقيت قلوب تتقلّب فمن مخصب ومجدب ، وقليل ما يكونون ، ثلاثمائة أو يزيدون ، تجاهد معهم عصابة جاهدت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم بدر لم تقتل ولم تمت (٤).

٩٠ ـ روى الحاكم بإسناده من طريق العامّة عن أبي الطفيل ، عن محمّد بن الحنفيّة ، قال : كنّا عند عليّ رضى الله عنه ، فسأله رجل عن المهديّ ، فقال عليّ رضى الله عنه : هيهات ، ثمّ عقد بيده سبعا ـ فقال : ذاك يخرج في آخر الزمان ، إذا قال الرجل الله الله قتل ، فيجمع الله تعالى له قوما قزع كقزع السحاب ، يؤلّف الله بين قلوبهم ، لا يستوحشون إلى أحد ، ولا يفرحون بأحد يدخل فيهم ، على عدّة أصحاب بدر ، لم يسبقهم الأولون ولا يدركهم الآخرون ، وعلى عدد أصحاب طالوت الّذين جاوزوا معه النهر (٥).

__________________

(١) آل عمران : ١٠٣.

(٢) الفتن لابن حمّاد ١٠٢ ؛ المعجم الأوسط للطبرانيّ ١ / ١٣٦ ح ١٥٧ باختلاف يسير.

(٣) آل عمران : ١٢٣.

(٤) الغيبة للنعمانيّ ١٩٥ ب ١١ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١٣٧.

(٥) المستدرك على الصحيحين ٤ / ٥٥٤ ؛ البرهان للمتّقي ١٤٤ ب ٦ ح ٨.

٧٦

٩١ ـ روي في عقد الدرر مرسلا عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام قال : تختلف ثلاث رايات ، راية بالمغرب ، ويل لمصر وما يحلّ بها منهم ، وراية بالجزيرة ، وراية بالشام ، تدوم الفتنة بينهم سنة.

إلى أن قال عليه‌السلام : فيجمع الله عزوجل أصحابه على عدد أهل بدر ، وعلى عدد أصحاب طالوت ، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، كأنّهم ليوث خرجوا من غابة ، قلوبهم مثل زبر الحديد ، لو همّوا بإزالة الجبال لأزالوها عن موضعها ، الزيّ واحد ، واللباس واحد ، كأنما آباؤهم أب واحد (١).

٩٢ ـ روى الطوسيّ بإسناده عن أبي الجارود قال : عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته متى يقوم قائمكم؟ قال : يا أبا الجارود لا تدركون ، فقلت : أهل زمانه. فقال : ولن تدرك أهل زمانه ، يقوم قائمنا بالحقّ بعد اياس من الشيعة ، يدعو الناس ثلاثا فلا يجيبه احد ، فإذا كان يوم الرابع تعلّق بأستار الكعبة ، فقال : يا ربّ انصرني ، ودعوته لا تسقط ، فيقول تبارك وتعالى للملائكة الّذين نصروا رسول الله يوم بدر ولم يحطّوا سروجهم ولم يضعوا أسلحتهم فيبايعونه ، ثمّ يبايعه من الناس ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، يسير إلى المدينة فيسير الناس حتّى يرضى الله عزوجل ، فيقتل الفا وخمسمائة قرشيّ ليس فيهم إلّا فرخ زنية. ثمّ يدخل المسجد فينقض الحائط حتّى يضعه إلى الأرض ، ثمّ يخرج الأزرق وزريق لعنهما الله غضّين طريّين يكلمهما فيجيبانه ، فيرتاب عند ذلك المبطلون ، فيقولون : يكلّم الموتى ، فيقتل منهم خمسمائة مرتاب في جوف المسجد ، ثمّ يحرقهما بالحطب الّذي جمعاه ليحرقا به عليا وفاطمة والحسن والحسين ، وذلك الحطب عندنا نتوارثه ، ويهدم قصر المدينة ، ويسير إلى الكوفة فيخرج منها ستة عشر ألفا من البتريّة شاكّين في السلاح ، قرّاء القرآن ، فقهاء في الدّين ، قد قرّحوا جباههم وسمروا ساماتهم وعمّهم النفاق ، وكلّهم يقولون : يا ابن فاطمة ارجع لا حاجة لنا فيك ، فيضع السيف فيهم على ظهر النجف عشيّة الاثنين من العصر إلى العشاء ، فيقتلهم أسرع من جزر جزور ، فلا يفوت منهم رجل ، ولا يصاب من اصحابه أحد ، دماؤهم قربان إلى الله.

__________________

(١) عقد الدرر ٩٠ ب ٤ ف ٢.

٧٧

ثمّ يدخل الكوفة فيقتل مقاتليها حتّى يرضى الله. قال : فلم أعقل المعنى ، فمكثت قليلا ثمّ قلت : جعلت فداك وما يدريه ـ جعلت فداك ـ متى يرضى الله عزوجل؟ قال : يا أبا الجارود ، إنّ الله أوحى إلى أمّ موسى ، وهو خير من أم موسى ، وأوحى الله إلى النحل ، وهو خير من النحل ، فعقلت المذهب ، فقال لي : أعقلت المذهب؟ قلت : نعم ، فقال : إنّ القائم ليملك ثلاثمائة وتسع سنين كما لبث أصحاب الكهف في كهفهم ، يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا ، ويفتح الله عليه شرق الأرض وغربها ، يقتل الناس حتّى لا يرى إلّا دين محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، يسير بسيرة سليمان بن داود ، يدعو الشمس والقمر فيجيبانه ، وتطوى له الأرض ، فيوحى الله إليه فيعمل بأمر الله (١).

٩٣ ـ روى الطوسي ؛ بإسناده عن جابر الجعفيّ قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : يبايع القائم بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيّف ، عدّة أهل بدر ، فيهم النجباء من أهل مصر ، والأبدال من أهل الشام ، والأخيار من أهل العراق ، فيقيم ما شاء الله أن يقيم (٢).

٩٤ ـ روى العلّامة المجلسيّ رحمه‌الله بإسناد يرفعه إلى أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إنّ القائم ينتظر من يوم ذي طوى في عدّة أهل بدر ، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، حتّى يسند ظهره إلى الحجر ، ويهزّ الراية المغلبة (٣).

٩٥ ـ روى ابن حماد ـ من طريق العامة ـ بسنده عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ثمّ يظهر المهديّ بمكّة عند العشاء ، ومعه راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقميصه وسيفه ، وعلامات ، ونور ، وبيان ، فإذا صلّى العشاء نادى بأعلى صوته يقول : أذكّركم الله أيّها الناس ، ومقامكم بين يدي ربّكم ، فقد اتّخذ الحجّة ، وبعث الانبياء ، وأنزل الكتاب ، وأمركم أن لا تشركوا به شيئا ، وأن تحافظوا على طاعته وطاعة رسوله ، وأن تحيوا ما أحيا القرآن ، وتميتوا ما أمات ، وتكونوا أعوانا على الهدى ، ووزرا على التقوى ، فإنّ الدنيا قد دنا فناؤها وزوالها ، وآذنت بالوداع ، فإنّي أدعوكم إلى الله ورسوله ، والعمل بكتابه ، وإماتة الباطل ، وإحياء سنّته.

__________________

(١) الغيبة للطوسيّ ٢٨٣ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٢٩١.

(٢) الغيبة للطوسيّ ٢٨٤ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٣٣٤.

(٣) بحار الأنوار ٥٢ / ٣٠٦.

٧٨

فيظهر في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدّة أهل بدر ، على غير ميعاد ، قزعا كقزع الخريف ، رهبان بالليل ، اسد بالنهار ، فيفتح الله للمهديّ أرض الحجاز ، ويستخرج من كان في السجن من بني هاشم ، وتنزل الرايات السود الكوفة ، فتبعث بالبيعة للمهديّ ، فيبعث المهديّ جنوده إلى الآفاق ، ويميت الجور وأهله ، وتستقيم له البلدان ، ويفتح الله على يده القسطنطينيّة (١).

الآية العاشرة قوله تعالى : (بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ)(٢).

ملائكة بدر ينصرون المهديّ عليه‌السلام

٩٦ ـ روى العيّاشيّ بإسناده عن ضريس بن عبد الملك ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إنّ الملائكة الّذين نصروا محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم بدر في الأرض ، ما صعدوا بعد ، ولا يصعدون حتّى ينصروا صاحب هذا الامر ، وهم خمسة آلاف (٣).

٩٧ ـ روى النعمانيّ بإسناده عن أبي الجارود ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : ليس منّا أهل البيت أحد يدفع ضيما ولا يدعو إلى حق إلّا صرعته البليّة ، حتّى تقوم عصابة شهدت بدرا ، ولا يوارى قتيلها ولا يداوى جريحها ، قلت : من عنى (أبو جعفر عليه‌السلام) بذلك؟ قال : الملائكة (٤).

٩٨ ـ روى النعمانيّ بإسناده عن أبي حمزة الثماليّ ، قال : قال لي أبو جعفر عليه‌السلام : يا ثابت كأنّي بقائم أهل بيتي قد أشرف على نجفكم هذا ـ وأومأ بيده إلى ناحية الكوفة ـ فإذا أشرف على نجفكم ، نشر راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإذا هو نشرها انحطّت عليه ملائكة بدر. قلت : وما راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : عمودها من عمد عرش الله ورحمته ، وسايرها من نصر الله ، لا يهوي بها إلى شيء إلّا أهلكه الله. قلت : فمخبوءة عندكم حتّى يقوم القائم عليه‌السلام

__________________

(١) الفتن لابن حمّاد ٩٠ ؛ عقد الدرر ١٤٥ ب ٧ ؛ البرهان ١٤١ ح ٣.

(٢) آل عمران : ١٢٥.

(٣) تفسير العيّاشيّ ١ / ١٩٧ ح ١٣٨ ؛ بحار الأنوار ١٩ / ٢٨٤.

(٤) الغيبة للنعمانيّ ١٩٥ ح ٣.

٧٩

أم يؤتى بها؟ قال : لا بل يؤتى بها ، قلت : من يأتيه بها؟ قال : جبرئيل عليه‌السلام (١).

٩٩ ـ روى الشيخ المفيد بإسناده عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام : كأنّي بالقائم على نجف الكوفة قد سار إليها من مكّة في خمسة آلاف من الملائكة ، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله ، والمؤمنون بين يديه ، وهو يفرّق الجنود في البلاد (٢).

الآية الحادية عشرة قوله تعالى : (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ)(٣).

دولة القائم عليه‌السلام دولة الله عزوجل

١٠٠ ـ العيّاشيّ : عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ) قال : ما زال منذ خلق الله آدم دولة لله ودولة لابليس ، فأين دولة الله ، إنّما هو قائم واحد (٤).

الآية الثانية عشرة قوله عزوجل : (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ)(٥).

١٠١ ـ روي عن سعيد بن جبير رحمه‌الله عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام إمام أمّتي وخليفتي عليهم بعدي ، ومن ولده القائم المنتظر الّذي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما ، والّذي بعثني بالحقّ بشيرا ، إنّ الثابتين على القول في زمان غيبته لأعزّ من الكبريت الأحمر.

فقام إليه جابر بن عبد الله الانصاريّ فقال : يا رسول الله وللقائم من ولدك غيبة؟ فقال : اي وربّي : (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ) يا جابر إنّ هذا الامر من أمر الله وسرّ من سر الله ، مطويّ عن عباده ، فإيّاك والشكّ في أمر الله فهو كفر (٦).

١٠٢ ـ عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه قال : حدّثني أبو محمّد الحسن بن أحمد المكتّب قال : كنت بمدينة السلام في السنة الّتي توفّي فيها الشيخ أبو الحسن عليّ بن محمّد السمريّ قدّس الله روحه ، فحضرته قبل وفاته بأيّام ، فأخرج إلى

__________________

(١) نفس المصدر ٣٠٨ ح ٣ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٣٢٦.

(٢) الإرشاد ٣٦٢ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٣٣٦ ـ ٣٣٧.

(٣) آل عمران : ١٤٠.

(٤) تفسير العيّاشيّ ١ / ١٩٩ ح ١٤٥ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٥٤.

(٥) آل عمران : ١٤١.

(٦) فرائد السمطين ٢ / ٣٣٥ ح ٥٥٩ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٧٣.

٨٠