الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

سعيد أبو معاش

الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

المؤلف:

سعيد أبو معاش


المحقق: عبدالرحيم مبارك
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ٣
ISBN: 978-964-444-775-4
الصفحات: ٦٠٣

سورة الانشقاق

الآية الاولى قوله تعالى : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ)(١).

١٠٢٩ ـ الشيخ الصدوق رحمه‌الله بإسناده عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إنّ للقائم منّا غيبة يطول أمدها ، فقلت له : ولم ذاك يا ابن رسول الله؟ قال عليه‌السلام : لأنّ الله عزوجل أبى إلّا أن يجري فيه سنن الأنبياء عليهم‌السلام في غيباتهم وإنّه لا بدّ له يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم ، قال الله عزوجل : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) أي على سنن من كان قبلكم (٢).

١٠٣٠ ـ روى السيّد ابن طاوس رحمه‌الله عن نعيم بإسناده عن أبي هريرة ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ستأخذ امّتي أخذ الامم قبلها شبرا بشبر ، فقال رجل : كما فعلت فارس والروم؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وهل الناس إلّا أولئك؟ (٣).

١٠٣١ ـ وروى أيضا من كتاب الفتن للسليليّ ، بإسناده عن أبي هريرة ، أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لا تقوم الساعة حتّى تأخذ امّتي مأخذ الامم والقرون الماضية قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع ، فقال رجل : يا رسول الله كما فعلت فارس والروم؟ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وهل الناس

__________________

(١) الانشقاق : ١٩.

(٢) كمال الدّين ٢ / ٤٨٠ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٩٠.

(٣) التشريف بالمنن ٢٠١ ب ٢٠٣.

٥٢١

إلّا اولئك؟ (١).

١٠٣٢ ـ ورواه السليليّ بطريق آخر : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لتتبعنّ سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع ، حتّى لو دخلوا جحر ضبّ لاتّبعتموهم ... الحديث (٢).

١٠٣٣ ـ روى السيّد ابن طاوس رحمه‌الله عن زكريّا بإسناده عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ليأتينّ على امّتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ، حتّى لو كان من أتى امّه علانية لكان في امّتي من يصنع ذلك ، وإنّ بني إسرائيل تفرّقت على ثنتين وسبعين فرقة ، وإنّ امّتي ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة ، كلّهم في النار إلّا ملّة واحدة ... الحديث (٣).

١٠٣٤ ـ وروى السيّد ابن طاوس فيما ذكره زكريّا في كتاب الفتن ، بإسناده عن كثير بن عبد الله عن أبيه ، عن جدّه قال : كنّا قعودا حول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في مسجده بالمدينة ، فقال : لتسلكنّ سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل ، ولتأخذنّ بمثل أخذهم ، إن شبرا فشبر ، وإن ذراعا فذراع ، وإن باعا فباع ، حتّى لو دخلوا جحر ضبّ دخلتم فيه (٤).

١٠٣٥ ـ محمّد بن يعقوب : بإسناده عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) قال : يا زرارة أو لم تركب هذه الامّة بعد نبيّنا طبقا عن طبق في أمر فلان وفلان وفلان؟ (٥).

١٠٣٦ ـ الطبرسيّ في الاحتجاج : عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قوله : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) أي لتسلكن سبيل من كان قبلكم من الأمم في الغدر بالأوصياء بعد الأنبياء (٦).

__________________

(١) التشريف بالمنن ٢٦٢ ب ٤٩.

(٢) نفس المصدر.

(٣) نفس المصدر ٣٠٩ ب ٧.

(٤) نفس المصدر ٣١٣ ب ١٣.

(٥) تفسير البرهان ٤ / ٤٤٤ ح ٧.

(٦) نفس المصدر ٤ / ٤٤٤ ح ١١.

٥٢٢

سورة البروج

الآية الاولى قوله تعالى : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ)(١).

١٠٣٧ ـ المفيد في كتاب الاختصاص : بإسناده عن الأصبغ بن نباتة ، قال : سمعت ابن عبّاس يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ذكر الله عزوجل عبادة ، وذكري عبادة ، وذكر عليّ عبادة ، وذكر الأئمّة من ولده عبادة ، والّذي بعثني بالنبوّة وجعلني خير البريّة ، إنّ وصيّي لأفضل الأوصياء ، وإنّه لحجّة الله على عباده وخليفته على خلقه ، ومن ولده الأئمّة الهداة بعدي ، بهم يحبس الله العذاب عن أهل الأرض ، وبهم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه ، وبهم يمسك الجبال أن تميد بهم ، وبهم يسقي خلقه الغيث ، وبهم يخرج النبات ، اولئك أولياء الله حقّا وخلفاؤه صدقا ، عدّتهم عدّة الشهور وهي اثنا عشر شهرا ، وعدّتهم عدّة نقباء موسى بن عمران ، ثمّ تلا هذه الآية : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ). ثمّ قال : أتقدر يا ابن عبّاس إنّ الله يقسم بالسماء ذات البروج ويعني به السماء وبروجها؟ قلت : يا رسول الله فما ذاك؟ قال : فأمّا السماء فأنا ، وأمّا البروج فالأئمّة بعدي ، أوّلهم عليّ وآخرهم المهديّ عليه‌السلام (٢).

الآية الثانية قوله تعالى : (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً* وَأَكِيدُ كَيْداً* فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ

__________________

(١) البروج : ١.

(٢) الاختصاص ٢٤٤.

٥٢٣

أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً)(١).

١٠٣٨ ـ عليّ بن إبراهيم بإسناده عن ابن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير في قوله : (فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ) قال عليه‌السلام : ما له قوّة يقوى بها على خالقه ، ولا ناصر من الله ينصره إن أراد به سوءا.

قلت : (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً)؟

قال : كادوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكادوا عليّا عليه‌السلام ، وكادوا فاطمة عليها‌السلام ، فقال الله يا محمّد : (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ) ـ يا محمّد ـ (أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) لوقت بعث القائم عليه‌السلام ، فينتقم له من الجبابرة والطواغيت من قريش وبني اميّة وسائر الناس (٢).

__________________

(١) البروج : ١٥ ـ ١٧.

(٢) تفسير القمّيّ ٢ / ٤١٦.

٥٢٤

سورة الغاشية

الآية الاولى قوله تعالى : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ* وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ* عامِلَةٌ ناصِبَةٌ)(١).

١٠٣٩ ـ محمّد بن يعقوب بإسناده عن سهل ، عن محمّد ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ)؟ قال عليه‌السلام : يغشاهم القائم عليه‌السلام بالسيف ، قال : قلت : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ)؟ قال : خاشعة لا تطيق الامتناع ، قال : قلت : (عامِلَةٌ)؟ قال : عملت بغير ما أنزل الله ، قال : قلت : (ناصِبَةٌ)؟ قال : نصبت غير ولاة الإمام ، قال : قلت : (تَصْلى ناراً حامِيَةً)؟ قال : تصلى نار الحرب في الدنيا على عهد القائم عليه‌السلام ، وفي الآخرة نار جهنّم (٢).

__________________

(١) الغاشية : ١ ـ ٣.

(٢) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٧٨٧ ح ٣.

٥٢٥

سورة الفجر

الآية الاولى قوله تعالى : (وَالْفَجْرِ* وَلَيالٍ عَشْرٍ* وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ* وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ)(١).

١٠٤٠ ـ شرف الدّين النجفيّ رحمه‌الله بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قوله عزوجل : (وَالْفَجْرِ) الفجر هو القائم عليه‌السلام ، (وَلَيالٍ عَشْرٍ) الأئمّة عليهم‌السلام من الحسن إلى الحسن ، (وَالشَّفْعِ) أمير المؤمنين وفاطمة عليهما‌السلام ، (وَالْوَتْرِ) هو الله وحده لا شريك له ، (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) هي دولة حبتر ، فهي تسري إلى دولة القائم عليه‌السلام (٢).

الآية الثانية قوله سبحانه : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا)(٣).

١٠٤١ ـ روى الثقة الصفّار خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام تسمّى المخزون ، وجاء فيها :

وتخرج لهم الأرض كنوزها ، ويقول القائم عليه‌السلام ، كلوا هنيئا بما أسلفتم في الأيّام الخالية ، فالمسلمون يومئذ أهل صواب للدين أذن لهم في الكلام ، فيومئذ تأويل هذه الآية : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا)(٤).

__________________

(١) الفجر : ١ ـ ٤.

(٢) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٧٩٢ ح ١.

(٣) الفجر : ٢٢.

(٤) تفسير البرهان ٤ / ٤٦٧ ح ١١.

٥٢٦

سورة الشمس

الآية الاولى قوله تعالى : (وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها)(١).

١٠٤٢ ـ روى شرف الدّين النجفيّ في حديث له بإسناده عن الحلبيّ ، ورواه أيضا عليّ بن الحكم ، عن المفضّل أبي العبّاس ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) الشمس أمير المؤمنين ، «وضحاها» قيام القائم لأنّ الله سبحانه قال : (وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى)(٢). (وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) الحسن والحسين. (وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها) قال : هو قيام القائم ... الحديث (٣).

__________________

(١) الشمس : ٣.

(٢) طه : ٥٩.

(٣) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٨٠٣ ح ١.

٥٢٧

سورة الليل

الآية الاولى قوله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى * وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى)(١).

١٠٤٣ ـ وبالإسناد عن محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) قال : الليل في هذا الموضع : فلان ، غشى أمير المؤمنين عليه‌السلام في دولته الّتي جرت له عليه ، وأمر أمير المؤمنين عليه‌السلام أن يصبر في دولتهم حتّى تنقضي.

قال : (وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) قال : النهار هو القائم منّا أهل البيت عليهم‌السلام ، إذا قام غلب دولة الباطل ، والقرآن ضرب فيه الأمثال للناس ، وخاطب نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله به ونحن ، فليس يعلمه غيرنا (٢).

الآية الثانية قوله تعالى : (فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى)(٣).

١٠٤٤ ـ روى شرف الدّين النجفيّ في معنى السورة ، قال : جاء مرفوعا عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) قال : دولة إبليس لعنه الله إلى يوم القيامة ، وهو يوم قيام القائم عليه‌السلام (وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) وهو القائم إذا قام.

وقوله : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى) أعطى نفسه الحقّ واتّقى الباطل.

__________________

(١) الليل : ١ و ٢.

(٢) تفسير القمّيّ ٢ / ٤٢٥.

(٣) الليل : ١٤.

٥٢٨

(فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) أي الجنّة.

(وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى) يعني بنفسه عن الحقّ ، واستغنى بالباطل عن الحقّ.

(وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى) بولاية عليّ بن أبي طالب والأئمّة عليهم‌السلام من بعده.

(فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) يعني النار.

وأمّا قوله : (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) يعني أنّ عليّا عليه‌السلام هو الهدى.

(وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى * فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى) قال : القائم عليه‌السلام إذا قام للغضب فيقتل من كلّ الف تسعمائة وتسع وتسعين.

(لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى) قال : هو عدوّ آل محمّد عليهم‌السلام.

(وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى) قال : ذاك أمير المؤمنين عليه‌السلام وشيعته (١).

__________________

(١) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٨٠٧ ـ ٨٠٨ ح ١.

٥٢٩

سورة الضحى

الآية الاولى قوله تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)(١).

فضل تعليم الشيعة في غيبة الإمام المهديّ عليه‌السلام

١٠٤٥ ـ روى العلّامة أبو منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ قدس‌سره ، بإسناده عن أبي يعقوب يوسف بن محمّد بن زياد وأبي الحسن عليّ بن محمّد بن سيّار ـ وكانا من الشيعة الإماميّة ـ قالا : حدّثنا أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما‌السلام ، قال : حدّثني أبي ، عن آبائه عليهم‌السلام ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : أشدّ من يتم اليتيم الّذي انقطع من امّه وأبيه يتم يتيم انقطع عن إمامه ولا يقدر على الوصول إليه ، ولا يدري كيف حكمه فيما يبتلى به من شرائع دينه ، ألا فمن كان من شيعتنا عالما بعلومنا ، وهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره ، ألا فمن هداه وأرشده وعلّمه شريعتنا كان معنا في الرفيق (الرفيع) الأعلى.

١٠٤٦ ـ وبهذا الإسناد عن أبي محمّد الحسن العسكريّ عليهما‌السلام قال : قال عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : من كان من شيعتنا عالما بشريعتنا فأخرج ضعفاء شيعتنا من ظلمة جهلهم إلى

__________________

(١) الضحى : ٩.

٥٣٠

نور العلم الّذي حبوناه به ، جاء يوم القيامة على رأسه تاج من نور يضيء لجميع أهل العرصات ، وحلّة لا تقوّم لأقلّ سلك منها الدنيا بحذافيرها ، ثمّ ينادي مناد : يا عباد الله هذا عالم من تلامذة بعض علماء آل محمّد ، ألا فمن أخرجه في الدنيا من حيرة جهله ، فليتشبّث بنوره ليخرجه من حيرة ظلمة هذه العرصات إلى نزهة الجنان ، فيخرج كلّ من كان علمه في الدنيا خيرا ، أو فتح عن قلبه من الجهل قفلا ، أو أوضح له عن شبهة (١).

١٠٤٧ ـ وبهذا الإسناد عن أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما‌السلام ، قال : قال الحسن ابن عليّ عليهما‌السلام : فضل كافل يتيم آل محمّد المنقطع عن مواليه ، الناشب في رتبة الجهل ، يخرجه من جهله ويوضّح له ما اشتبه عليه ، على فضل كافل يتيم يطعمه ويسقيه كفضل الشمس على السماء (٢).

١٠٤٨ ـ وبهذا الإسناد عن أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما‌السلام ، قال : قال الحسين بن عليّ عليهما‌السلام : من كفل لنا يتيما قطعته عنّا محنتنا باستتارنا ، فواساه من علومنا الّتي سقطت إليه حتّى أرشده وهداه ، قال الله عزوجل : أيّها العبد الكريم المواسي لأخيه ، أنا أولى بالكرم منك ، اجعلوا له يا ملائكتي في الجنان بعدد كلّ حرف علّمه ألف ألف قصر ، وضمّوا إليها ما يليق بها من سائر النعيم (٣).

١٠٤٩ ـ وبهذا الإسناد عنه عليه‌السلام ، قال : قال محمّد بن عليّ الباقر عليهما‌السلام : العالم كمن معه شمعة تضيء للناس ، فكلّ من أبصر بشمعته دعا بخير ، كذلك العالم معه شمعة تزيل ظلمة الجهل والحيرة ، فكلّ من أضاءت له فخرج بها من حيرة ، أو نجا بها من جهل ، فهو من عتقائه من النار ، والله يعوّضه عن ذلك بكلّ شعرة لمن أعتقه ما هو أفضل له من الصدقة بمائة ألف قنطار على الوجه الّذي أمر الله عزوجل به ، بل تلك الصدقة وبال على صاحبها ، لكن يعطيه الله ما هو أفضل من مائة الف ركعة يصلّيها من بين يدي الكعبة (٤).

١٠٥٠ ـ وبهذا الإسناد عنه عليه‌السلام ، قال : قال جعفر بن محمّد الصادق عليهما‌السلام : علماء شيعتنا مرابطون في الثغر الّذي يلي إبليس وعفاريته ، يمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا وعن أن يتسلّط عليهم إبليس وشيعته والنواصب ، ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا ، كان

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) ـ الاحتجاج ١ / ٦ ـ ١٣.

٥٣١

أفضل ممّن جاهد الروم والترك والخزر الف الف مرّة لأنّه يدفع عن أديان محبّينا وذلك يدفع عن أبدانهم (١).

١٠٥١ ـ وعنه عليه‌السلام بالإسناد المتقدّم ، قال : قال موسى بن جعفر عليهما‌السلام : فقيه واحد ينقذ يتيما من أيتامنا المنقطعين عنّا وعن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه ، أشدّ على إبليس من ألف عابد (وفي نسخة : الف الف عابد) لأنّ العابد همّه ذات نفسه فقط ، وهذا همّه مع ذات نفسه ذوات عباد الله وإمائه لينقذهم من يد إبليس ومردته ، فلذلك هو أفضل عند الله من ألف عابد وألف ألف عابدة (٢).

١٠٥٢ ـ وعنه عليه‌السلام ، قال : قال عليّ بن موسى الرضا عليهما‌السلام : يقال للعابد يوم القيامة : نعم الرجل كنت همّتك ذات نفسك وكفيت مئونتك فادخل الجنّة ، ألا إنّ الفقيه من أفاض على الناس خيره ، وأنقذهم من أعدائهم ، ووفّر عليهم نعم جنان الله تعالى ، وحصّل لهم رضوان الله تعالى ، ويقال للفقيه : يا أيّها الكافل لأيتام آل محمّد ، الهادي لضعفاء محبّيهم ومواليهم ، قف حتّى تشفع لكلّ من أخذ عنك أو تعلّم منك ، فيقف فيدخل الجنّة معه فئاما وفئاما وفئاما ـ حتّى قال عشرا ـ وهم الّذين أخذوا عنه علومه ، وأخذوا عمّن أخذ عنه ، وعمّن أخذ عنه إلى يوم القيامة ، فانظروا كم صرف ما بين المنزلتين (٣).

١٠٥٣ ـ وعنه عليه‌السلام ، قال : قال محمّد بن عليّ الجواد عليهما‌السلام : من تكفّل بأيتام آل محمّد المنقطعين عن إمامهم ، المتحيّرين في جهلهم ، الأسارى في أيدي شياطينهم وفي أيدي النواصب من أعدائنا ، فاستنقذهم منهم ، وأخرجهم من حيرتهم ، وقهر الشياطين بردّ وساوسهم ، وقهر الناصبين بحجج ربّهم ودلائل أئمّتهم ، ليحفظوا عهد الله على العباد بأفضل الموانع ، بأكثر من فضل السماء على الأرض والعرش والكرسيّ والحجب على السماء ، وفضلهم على العباد كفضل القمر ليلة البدر على أخفى كوكب في السماء (٤).

١٠٥٤ ـ وعنه عليه‌السلام ، قال : قال عليّ بن محمّد عليهما‌السلام : لو لا من يبقى بعد غيبة قائمكم عليه‌السلام من العلماء الداعين إليه ، والدالّين عليه ، والذابّين عن دينه بحجج الله ، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته ومن فخاخ النواصب ، لما بقى أحد إلّا ارتدّ عن دين الله ،

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) ـ الاحتجاج ١ / ٦ ـ ١٣.

٥٣٢

ولكنّهم الّذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكّانها ، اولئك هم الأفضلون عند الله عزوجل (١).

١٠٥٥ ـ وعن الإمام الحسن بن عليّ العسكريّ عليه‌السلام قال : يأتي علماء شيعتنا القوّامون بضعفاء محبّينا وأهل ولايتنا يوم القيامة والأنوار تسطع من تيجانهم ، على رأس كلّ واحد منهم تاج بهاء ، قد انبثّت تلك الأنوار في عرصات القيامة ودورها مسيرة ثلاثمائة الف سنة ، فشعاع تيجانهم ينبثّ فيها كلّها ، فلا يبقى هناك يتيم قد كفلوه ومن ظلمة الجهل علّموه ، ومن حيرة التيه أخرجوه إلّا تعلّق بشعبة من أنوارهم ، فرفعتهم إلى العلوّ حتّى تحاذى بهم فوق الجنان ، ثمّ ينزلهم على منازلهم المعدّة في جوار استاديهم ومعلّميهم ، وبحضرة أئمّتهم الّذين كانوا إليهم يدعون ، ولا يبقى ناصب من النواصب يصيبه من شعاع تلك التيجان إلّا عميت عينه وأصمّت اذنه وأخرس لسانه وتحوّل عليه أشدّ من لهب النيران ، فيحملهم حتّى يدفعهم إلى الزبانية فيدعّونهم إلى سواء الجحيم (٢).

١٠٥٦ ـ وقال أيضا أبو محمّد الحسن العسكريّ عليهما‌السلام : إنّ محبّي آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله مساكين ، مواساتهم أفضل من مواساة مساكين الفقراء ، وهم الّذين سكنت جوارحهم وضعفت قواهم من مقاتلة أعداء الله الّذين يعيّرونهم بدينهم ويسفّهون أحلامهم ، ألا فمن قوّاهم بفقهه وعلمه حتّى أزال مسكنتهم ، ثمّ يسلّطهم على الأعداء الظاهرين النواصب ، وعلى الأعداء الباطنين إبليس ومردته حتّى يهزموهم عن دين الله يذودوهم عن أولياء آل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، حوّل الله تعالى تلك المسكنة إلى شياطينهم فأعجزهم عن إضلالهم ، قضى الله تعالى بذلك قضاء حقّا على لسان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣).

١٠٥٧ ـ وقال أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما‌السلام : قال عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : من قوّى مسكينا في دينه ضعيفا في معرفته ، على ناصب مخالف فأفحمه ، لقّنه الله تعالى يوم يدلى في قبره أن يقول : الله ربّي ، ومحمّد نبيّي ، وعليّ وليّي ، والكعبة قبلتي ، والقرآن بهجتي وعدّتي ، والمؤمنون إخواني. فيقول الله : أدليت بالحجّة فوجبت لك أعالي درجات الجنّة ، فيتحوّل عليه قبره أنزه رياض الجنّة (٤).

__________________

(١ و ٢ و ٣) ـ الاحتجاج ١ / ٦ ـ ١٣.

(٤) الاحتجاج ١ / ٦ ـ ١٣.

٥٣٣

١٠٥٨ ـ وقال أبو محمّد عليه‌السلام : قالت فاطمة عليها‌السلام وقد اختصم إليها امرأتان فتنازعتا في شيء من أمر الدّين ، إحداهما معاندة والاخرى مؤمنة ، ففتحت على المؤمنة حجّتها فاستظهرت على المعاندة ، ففرحت فرحا شديدا ، فقالت فاطمة : إنّ فرح الملائكة باستظهارك عليها أشدّ عليها من فرحك ، وإنّ حزن الشيطان ومردته بحزنها عنك أشدّ من حزنها ، وانّ الله عزوجل قال للملائكة : أوجبوا لفاطمة بما فتحت على هذه المسكينة الأسيرة من الجنان ألف ألف ضعف ممّا كنت أعددت لها ، واجعلوا هذه سنّة في كلّ من يفتح على أسير مسكين فيغلب معاندا مثل ألف ألف ما كان له معدّا من الجنان (١).

١٠٥٩ ـ وقال أبو محمّد عليهما‌السلام : قال الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام وقد حمل إليه رجل هدية فقال له : أيّما أحبّ إليك أن أردّ عليك بدلها عشرين ضعفا ـ يعني عشرين ألف درهم ـ أو أفتح لك بابا من العلم تقهر فلانا الناصبيّ في قريتك ، تنقذ به ضعفاء أهل قريتك؟ إن أحسنت الاختيار جمعت لك الأمرين ، وان أسأت الاختيار خيّرتك لتأخذ أيّهما شئت. فقال : يا ابن رسول الله فثوابي في قهري ذلك الناصب واستنقاذي لاولئك الضعفاء من يده قدره عشرون ألف درهم؟ قال : بل أكثر من الدنيا عشرين ألف ألف مرّة. قال : يا ابن رسول الله فكيف أختار الأدون بل أختار الأفضل ، الكلمة الّتي أقهر بها عدوّ الله وأذوده عن أوليائه.

فقال الحسن بن عليّ عليهما‌السلام : قد أحسنت الاختيار ، وعلّمه الكلمة وأعطاه عشرين ألف درهم ، فذهب فأفحم الرجل ، فاتّصل خبره به ، فقال له حين حضر معه : يا عبد الله ما ربح أحد مثل ربحك ، ولا اكتسب أحد من الأودّاء مثل ما اكتسبت مودّة الله أوّلا ومودّة محمّد وعليّ ثانيا ، ومودّة الطيّبين من آلهما ثالثا ، ومودّة ملائكة الله تعالى المقرّبين رابعا ، ومودّة إخوانك المؤمنين خامسا ، واكتسبت بعدد كلّ مؤمن وكافر ما هو أفضل من الدنيا ألف مرّة ، فهنيئا لك هنيئا (٢).

١٠٦٠ ـ وقال أبو محمّد عليهما‌السلام : قال جعفر بن محمّد عليهما‌السلام : من كان همّه في كسر النواصب عن المساكين من شيعتنا الموالين حميّة لنا أهل البيت ، يكسرهم عنهم ، ويكشف عن

__________________

(١ و ٢) ـ الاحتجاج ١ / ٦ ـ ١٣.

٥٣٤

مخازيهم ، ويبيّن عوارهم ، ويفخّم أمر محمّد وآله ، جعل الله تعالى همّة أملاك الجنان في بناء قصوره ودوره ، يستعمل بكلّ حرف من حروف حججه على أعداء الله أكثر من عدد أهل الدنيا أملاكا ، قوّة كلّ واحد يفضل عن حمل السماوات والأرضين ، فكم من بناء وكم من نعمة وكم من قصور لا يعرف قدرها إلّا ربّ العالمين (١).

١٠٦١ ـ وقال أبو محمّد عليهما‌السلام : قال عليّ بن موسى الرضا عليهما‌السلام : أفضل ما يقدّمه العالم من محبّينا وموالينا أمامه ليوم فقره وفاقته وذلّه ومسكنته أن يغيث في الدنيا مسكينا من محبّينا من يد ناصب عدوّ لله ولرسوله ، يقوم من قبره والملائكة صفوف من شفير قبره إلى موضع محلّه من جنان الله ، فيحملونه على أجنحتهم يقولون له : مرحبا طوباك طوباك يا دافع الكلاب عن الأبرار ، ويا أيّها المتعصّب للأئمّة الأخيار (٢).

١٠٦٢ ـ وقال أبو محمّد عليهما‌السلام لبعض تلامذته ـ لمّا اجتمع إليه قوم من مواليه والمحبّين لآل محمّد رسول الله بحضرته ، وقالوا : يا ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إنّ لنا جارا من النصّاب يؤذينا ويحتجّ علينا في تفضيل الأوّل والثاني والثالث على أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ويورد علينا حججا لا ندري كيف الجواب عنها والخروج منها.

قال : مرّ بهؤلاء إذا كانوا مجتمعين يتكلّمون فتستمع عليهم ، فسيستدعون منك الكلام ، فتكلّم وأفحم صاحبهم واكسر عربه ، وفلّ حدّه ، ولا تبق له باقية.

فذهب الرجل وحضر الموضع وحضروا وكلّم الرجل فأفحمه وصيّره لا يدري في السماء هو أو في الأرض.

قالوا : ووقع علينا من الفرح والسرور ما لا يعلمه إلّا الله تعالى ، وعلى الرجل والمتعصّبين له من الغمّ والحزن مثل ما لحقنا من السرور.

فلمّا رجعنا إلى الإمام ، قال لنا : إنّ الّذين في السماوات لحقهم من الفرح والطرب بكسر هذا العدوّ لله كان أكثر ممّا كان بحضرتكم ، والّذي كان بحضرة إبليس وعتاة مردته من الشياطين من الحزن والغمّ أشدّ ممّا كان بحضرتهم ، ولقد صلّى على هذا العبد الكاسر

__________________

(١ و ٢) ـ الاحتجاج ١ / ٦ ـ ١٣.

٥٣٥

له ملائكة السماء والحجب والعرش والكرسي ، وقابلها الله تعالى بالإجابة ، فأكرم إيابه وعظّم ثوابه ، ولقد لعنت تلك الأملاك عدوّ الله المكسورة ، وقابلها الله بالإجابة فشدّد حسابه وأطال عذابه (١).

__________________

(١) الاحتجاج ١ / ٦ ـ ١٣.

٥٣٦

سورة القدر

الآية الاولى قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)(١).

مقدّرات السنة تتنزّل على أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام

١٠٦٣ ـ محمّد بن العبّاس رحمه‌الله بإسناده عن أبي يحيى الصنعانيّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سمعته يقول : قال لي أبي محمّد عليه‌السلام : قرأ عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) وعنده الحسن والحسين عليهما‌السلام ، فقال له الحسين : يا أبتاه كأنّ بها من فيك حلاوة ، فقال له : يا ابن رسول الله وابني ، إنّي أعلم فيها ما لا تعلم ، انّها لمّا انزلت بعث إليّ جدّك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقرأها عليّ ، ثمّ ضرب على كتفي الأيمن وقال : يا أخي ووصيّي ووليّي على امّتي بعدي وحرب أعدائي إلى يوم يبعثون ، هذه السورة لك من بعدي ولولدك من بعدك ، إنّ جبرئيل أخي عليه‌السلام من الملائكة أحدث إليّ أحداث امّتي في سنتها ، والله وإنّه ليحدث ذلك إليك كأحداث النبوّة ، ولها نور ساطع في قلبك وقلوب أوصيائك إلى مطلع فجر القائم عليه‌السلام (٢).

__________________

(١) القدر : ١ ـ ٥.

(٢) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٨٢٠ ـ ٨٢١ ح ٩.

٥٣٧

١٠٦٤ ـ روى الشيخ الصدوق رحمه‌الله بإسناده عن أبي جعفر الثاني ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام : أنّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لأصحابه : آمنوا بليلة القدر ، إنّها تكون لعليّ بن أبي طالب وولده الأحد عشر من بعده (١).

١٠٦٥ ـ روى الثقة الصفّار رحمه‌الله بإسناده عن داود بن فرقد ، قال : سألته عن قول الله عزوجل : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) قال : نزل فيها ما يكون من السنة الى السنة من موت أو مولد ، قلت له : الى من؟ فقال : إلى من عسى أن يكون؟ إنّ الناس في تلك الليلة في صلاة ودعاء ومسئلة ، وصاحب هذا الأمر في شغل تنزّل الملائكة اليه بأمور السنة من غروب الشمس الى طلوعها من كل أمر ، سلام هي له الى أن يطلع الفجر (٢).

١٠٦٦ ـ وروى بالإسناد عن عبد الله بن سنان ، قال : سألته من النصف من شعبان ، فقال : ما عندي فيه شيء ، ولكن إذا كانت ليلة تسع عشر من شهر رمضان قسّم فيها الأرزاق ، وكتب فيها الآجال ، وخرج فيها صكاك الحاجّ ، واطلع الله إلى عباده فغفر الله لهم إلّا شارب الخمر ، فإذا كانت ليلة ثلاثة وعشرين فيها يرق كل أمر حكيم ، ثم ينهي ذلك ويمضي. قال : قلت : الى من؟ قال : الى صاحبكم ، ولو لا ذلك لم يعلم (٣).

١٠٦٧ ـ روى بالإسناد عن ابن أبي عمير ، عمّن رواه عن هشام ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : قول الله تعالى في كتابه : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ)(٤).

قال : تلك ليلة القدر يكتب فيها وفد الحاجّ وما يكون فيها من طاعة أو معصية أو موت أو حياة ، ويحدث الله في الليل والنهار ما يشاء ، ثمّ يلقيه إلى صاحب الأرض.

قال الحرث بن المغيرة البصري : قلت : ومن صاحب الأرض.

قال صاحبكم (٥).

١٠٦٨ ـ وروى بالإسناد عن أبي الهذيل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال ، قال : يا أبا الهذيل إنا لا يخفى علينا ليلة القدر ، إنّ الملائكة يطوفون بنا فيها (٦).

__________________

(١) كمال الدّين ١ / ٢٨٠ ـ ٢٨١ ح ٣٠.

(٢) بصائر الدرجات ٢٤٠ ح ٢.

(٣) نفس المصدر ح ٣.

(٤) الدخان : ٤.

(٥) بصائر الدرجات ٢٤١ ح ٤.

(٦) بصائر الدرجات ٢٤١ ح ٥.

٥٣٨

١٠٦٩ ـ وروى بإسناده عن بريدة ، قال :

كنت جالسا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّ عليه‌السلام معه ، إذ قال : يا عليّ ألم أشهدك معي سبعة مواطن : الموطن الخامس ليلة القدر خصّصنا ببركتها ليست لغيرنا (١).

١٠٧٠ ـ وروى بالإسناد عن الحسن بن العبّاس بن الحريش ، قال : عرضت هذا الكتاب على أبي جعفر عليه‌السلام فأقرّ به قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام :

قال عليّ عليه‌السلام في صبح أوّل ليلة القدر الّتي كانت بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : سلوني فو الله لأخبرنّكم بما يكون إلى ثلاثمائة وستين يوما ، من الذرّ فما دونها فما فوقها ، ثمّ لأخبرنّكم بشيء من ذلك لا بتكلّف ولا برأي ولا بادّعاء في علم إلّا من علم الله وتعليمه ، والله لا يسألني أهل التوراة ولا أهل الانجيل ولا أهل الزبور ولا أهل الفرقان ، إلّا فرّقت بين كلّ أهل كتاب بحكم ما في كتابهم.

قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أرأيت ما تعلمونه في ليلة القدر ، هل تمضي تلك السنة وبقي منه شيء لم تتكلّموا به؟ قال لا والّذي نفسي بيده ، لو أنّه فيما علمنا في تلك السنة : أن أنصتوا لأعدائكم ، لنصتنا ، فالنصت أشدّ من الكلام (٢).

١٠٧١ ـ وروى بالإسناد عن عمر بن يزيد ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أرأيت من لم يقرّ بما يأتكم في ليلة القدر كما ذكر ولم يجحده؟

قال : أما إذا قامت عليه الحجّة من يثق به في علمنا فلم يثق به ، فهو كافر ، وأمّا من لم يسمع ذلك ، فهو في عذر حتى يسمع.

ثمّ قال عليه‌السلام : يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين (٣).

١٠٧٢ ـ وروى الثقة الصفّار رحمه‌الله بإسناده عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : لمّا قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هبط جبرئيل ومعه الملائكة والروح الّذين كانوا يهبطون في ليلة القدر ، قال : ففتح لأمير المؤمنين عليه‌السلام بصره ، فرآهم في منتهى السماوات إلى الأرض يغسلون النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله معه ويصلّون معه عليه ويحفرون له ، والله ما حفر له غيرهم ، حتّى إذا

__________________

(١) نفس المصدر ٢٤٢ ح ٩.

(٢) نفس المصدر ٢٤٢ ـ ٢٤٣ ح ١٢.

(٣) بصائر الدرجات ٢٤٤ ح ١٥.

٥٣٩

وضع في قبره نزلوا مع من نزل فوضعوه ، فتكلّم وفتح لأمير المؤمنين عليه‌السلام سمعه ، فسمعه يوصيهم به فبكى ، وسمعهم يقولون : لا نألوه جهدا ، وإنّما هو صاحبنا بعدك إلّا أنّه ليس يعايننا ببصره بعد مرّتنا هذه.

حتّى إذا مات أمير المؤمنين عليه‌السلام رأى الحسن والحسين مثل ذلك الّذي رأى ، ورأيا النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أيضا يعين الملائكة مثل الّذي صنعوه بالنّبيّ ، حتى إذا مات الحسن رأى منه الحسين مثل ذلك ، ورأى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّا عليه‌السلام يعينان الملائكة ، حتّى إذا مات الحسين رأى عليّ بن الحسين منه مثل ذلك ، ورأى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّا والحسن يعينون الملائكة ، حتى إذا مات عليّ بن الحسين رأى محمّد بن عليّ عليه‌السلام مثل ذلك ، ورأى جعفر مثل ذلك ورأى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّا عليه‌السلام والحسن والحسين وعليّ بن الحسين يعينون الملائكة ، حتى إذا مات جعفر ، رأى موسى منه مثل ذلك ، هكذا يجري إلى آخرها (١).

١٠٧٣ ـ روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدس‌سره بإسناده ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال :

قال الله عزوجل في ليلة القدر : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) يقول : ينزل فيها كل أمر حكيم ، والمحكم ليس بشيئين ، إنّما هو شيء واحد ، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف ، فحكمه من حكم الله عزوجل ، ومن حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنّه مصيب ، فقد حكم بحكم الطاغوت ، إنّه لينزل في ليلة القدر إلى وليّ الأمر تفسير الأمور سنة سنة ، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا ، وفي أمر الناس بكذا وكذا ، وإنّه ليحدث لوليّ الأمر سوى ذلك كل يوم علم الله عزوجل الخاصّ والمكنون العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلك السنة من الأمر ، ثمّ قرأ : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(٢).

١٠٧٤ ـ روى عليّ بن إبراهيم القمّي في قوله : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) قال : فهو القرآن أنزل إلى البيت المعمور في ليلة القدر جملة واحدة ، وعلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في طول ثلاث وعشرين سنة.

(وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) ومعنى ليلة القدر أنّ الله يقدّر فيها الآجال والأرزاق وكلّ

__________________

(١) نفس المصدر ٢٤٥ ح ١٧.

(٢) الكافي ١ / ٢٤٨ ح ٣.

٥٤٠