سعيد أبو معاش
المحقق: عبدالرحيم مبارك
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ٣
ISBN: 978-964-444-775-4
الصفحات: ٦٠٣
خيرا يا أمير المؤمنين عن الإسلام أفضل الجزاء ، فلقد أدّيت وأبلغت ونصحت.
ثمّ ركب وركب أمير المؤمنين عليهالسلام ، ثمّ برز إلى القتال ثمّ دعا بشربة من ماء ، فقيل : ما معنا ماء ، فقام إليه رجل من الأنصار وسقاه شربة من لبن فشربه ، ثمّ قال : هكذا عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة لبن ، ثمّ حمل على القوم فقتل ثمانية عشر نفسا ، فخرج إليه رجلان من أهل الشام فطعناه وقتل رحمهالله.
فلمّا كان في الليل طاف أمير المؤمنين عليهالسلام في القتلى فوجد عمّارا ملقى بين القتلى ، فجعل رأسه على فخذه ثمّ بكى عليه ، وأنشأ يقول :
ألا أيّها الموت الّذي ليس تاركي |
|
أرحني فقد أفنيت كلّ خليل |
أيا موت كم هذا التفرّق عنوة |
|
فلست تبقي خلّة لخليل |
أراك بصيرا بالذين احبّهم |
|
كأنّك تمضي نحوهم بدليل (١) |
٩٨٩ ـ روى البحرانيّ بإسناده عن عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهالسلام ، قال : قلت له تأويل قول الله عزوجل : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) فقال : إذا فقدتم إمامكم فلم تروه ، فما ذا تصنعون؟ (٢).
٩٩٠ ـ روى عليّ بن إبراهيم بإسناده عن فضالة بن أيّوب ، قال : سأل الرضا عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) فقال عليهالسلام : ماؤكم أبوابكم أي الأئمّة ، والأئمّة أبواب الله بينه وبين خلقه (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) يعني بعلم الإمام (٣).
٩٩١ ـ محمّد بن يعقوب ، بإسناده عن عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهالسلام ، في قول الله عزوجل : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) قال : إذا غاب عنكم إمامكم ، فمن يأتيكم بإمام جديد (٤).
٩٩٢ ـ روى الشيخ الصدوق ، بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، في قول الله عزوجل : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) قال : هذه نزلت في
__________________
(١) كفاية الأثر ١٢٠ ـ ١٢٤ ؛ المحجّة ٢٢٨ ـ ٢٣٠.
(٢) المحجّة ٢٣٠.
(٣) تفسير القمّيّ ٢ / ٣٧٩.
(٤) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٧٠٨ ـ ٧٠٩ ح ١٥.
القائم عليهالسلام يقول : إن أصبح إمامكم غائبا عنكم لا تدرون أين هو ، فمن يأتيكم بإمام ظاهر يأتيكم بأخبار السماء والأرض وحلال الله جلّ وعزّ وحرامه ، ثمّ قال : والله ما جاء تأويل الآية ، ولا بدّ أن يجيء تأويلها (١).
__________________
(١) بحار الأنوار ٥١ / ٥٢.
سورة القلم
الآية الاولى قوله تعالى : (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ)(١).
٩٩٣ ـ روى العلّامة الكراجكيّ رحمهالله في «كنز الفوائد» بإسناده عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله : (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) يعني تكذيبه بقائم آل محمّد عليهمالسلام إذ يقول له : لسنا نعرفك ولست من ولد فاطمة ، كما قال المشركون لمحمّد صلىاللهعليهوآله (٢).
__________________
(١) القلم : ١٥.
(٢) تأويل الآيات ٢ / ٧٧١ ـ ٧٧٢ ح ١.
سورة المعارج
الآية الاولى قوله تعالى : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ* لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ* مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ)(١).
٩٩٤ ـ روى محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في كتاب «الغيبة» بإسناده عن جابر ، قال : قال أبو جعفر عليهالسلام كيف تقرءون هذه السورة؟ قال : قلت : وأيّ سورة؟ قال : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) فقال : ليس هو سأل سائل بعذاب واقع ، وإنّما هو : سأل سائل بعذاب واقع (كذا) ، وهذه نار تقع بالثوية ثمّ تمضي إلى كناسة بني أسد ، ثمّ تمضي إلى ثقيف ، فلا تدع وترا لآل محمّد إلّا أحرقته (٢).
٩٩٥ ـ وعنه أيضا بإسناده عن صالح بن سهل ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عزوجل : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) فقال : تأويلها فيما يجيء عذاب يرتفع في الثوية ، يعني نار تنتهي إلى كناسة بني أسد حتّى تمرّ بثقيف ، لا تدع وترا لآل محمّد إلّا أحرقته ، وذلك قبل خروج القائم عليهالسلام (٣).
٩٩٦ ـ روى عليّ بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) قال :
__________________
(١) المعارج : ١ ـ ٣.
(٢) الغيبة للنعمانيّ ٢٧٢.
(٣) نفس المصدر.
سئل أبو جعفر عليهالسلام عن معنى هذا فقال : نار تخرج من المغرب ، وملك يسوقها من خلفها ، حتّى يأتي من جهة دار بني سعد بن همام عند مسجدهم ، فلا تدع دارا لبني اميّة إلّا أحرقتها وأهلها ، ولا تدع دارا فيها وتر لآل محمّد إلّا أحرقتها ، وذلك المهديّ عليهالسلام (١).
الآية الثانية قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ)(٢).
٩٩٧ ـ روى ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكلينيّ قدسسره بإسناده عن عاصم بن حميد ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : (وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) قال : بخروج القائم عليهالسلام (٣).
الآية الثالثة قوله عزوجل : (خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ)(٤).
٩٩٨ ـ روى شرف الدّين النجفيّ رحمهالله بإسناده عن يحيى بن ميسر ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله عزوجل : (خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) قال : يعني يوم خروج القائم عليهالسلام (٥).
__________________
(١) تفسير القمّيّ ٢ / ٣٨٥.
(٢) المعارج : ٢٦.
(٣) روضة الكافي ٢٨٧.
(٤) المعارج : ٤٤.
(٥) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٧٢٦ ح ٧.
سورة الجنّ
الآية الاولى قوله تعالى : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً)(١).
٩٩٩ ـ روى محمّد بن يعقوب رحمهالله بإسناده عن محمّد بن الفضل ، عن أبي الحسن عليهالسلام في قوله : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) قال : هم الأوصياء (٢).
١٠٠٠ ـ وروى عليّ بن ابراهيم بإسناده عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال : المساجد الأئمّة (٣).
١٠٠١ ـ محمّد بن العباس بإسناده عن عيسى بن داود النجار ، عن الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام في قوله عزوجل : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) قال : سمعت أبي جعفر بن محمّد عليهالسلام يقول : هم الأوصياء الأئمّة منا واحد فواحد فلا تدعوا إلى غيرهم فتكونوا كمن دعا مع الله أحدا ـ الحديث (٤).
الآية الثانية قوله تعالى : (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً)(٥).
__________________
(١) الجنّ : ١٨.
(٢) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٧٢٩ ح ٧.
(٣) تفسير القمّيّ ٢ / ٣٩٠.
(٤) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٧٢٩.
(٥) الجنّ : ٢٤.
١٠٠٢ ـ قال عليّ بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى : (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ) قال : القائم وأمير المؤمنين عليهماالسلام (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً)(١).
الآية الثالثة قوله تعالى : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ)(٢).
الإمام المهديّ عليهالسلام ينبئ بالغيب عن الله عزوجل
١٠٠٣ ـ وعن عليّ بن إبراهيم في قوله : (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ) يعني رسول الله صلىاللهعليهوآله يدعوه كناية عن الله (كادُوا) يعني قريشا (يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً)(٣) أي أيدا ، قوله : (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً) قال : قال : هو قول أمير المؤمنين عليهالسلام لزفر : والله يا ابن صهّاك ، لو لا عهد من رسول الله وكتاب من الله سبق لعلمت أيّنا أضعف ناصرا وأقلّ عددا ، قال : قال : فلمّا أخبرهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما يكون في الرجعة ، قالوا : متى يكون هذا؟
قال الله : قل يا محمّد : (إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً) قوله : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً)(٤) قال : قال : يخبر الله ورسوله الّذي يرتضيه ممّا كان قبله من الأخبار وما يكون بعده من أخبار القائم عليهالسلام والرجعة والقيامة (٥).
١٠٠٤ ـ غيبة الشيخ : روى جماعة عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين الشيخ الصدوق ، قال : حدّثني أبو محمّد الحسن بن أحمد المكتّب ، قال : كنت بمدينة السلام في السنة الّتي توفّي فيها الشيخ أبو الحسن عليّ بن محمّد السمريّ قدّس الله روحه ، فحضرته قبل وفاته بأيّام ، فأخرج إلى الناس توقيعا نسخته :
«بسم الله الرحمن الرحيم ـ يا عليّ بن محمّد السمريّ ، أعظم الله أجر إخوانك فيك ، فإنّك ميّت ما بينك وبين ستّة أيّام ، فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد
__________________
(١) تفسير القمّيّ ٢ / ٣٩١.
(٢) الجنّ : ٢٦.
(٣) الجنّ : ١٩.
(٤) الجن : ٢٧.
(٥) تفسير القمّيّ ٢ / ٣٩١.
وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامّة ، فلا ظهور إلّا بعد إذن الله تعالى ذكره ، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جورا ، وسيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة ، ألا فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفيانيّ والصيحة فهو كذّاب مفتر ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم».
قال : فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده ، فلمّا كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه ، فقيل له : من وصيّك من بعدك؟
فقال : لله أمر هو بالغه ، وقضى ، فهذا آخر كلام سمع منه رضي الله عنه وأرضاه (١).
١٠٠٥ ـ روى العلّامة الطبرسيّ بإسناده عن زيد بن وهب الجهنيّ ، قال :
لمّا طعن الحسن بن عليّ عليهماالسلام بالمدائن أتيته وهو متوجّع ، فقلت : ما ترى يا ابن رسول الله فإنّ الناس متحيّرون؟
فقال عليهالسلام : أرى والله أنّ معاوية خير لي من هؤلاء يزعمون أنّهم لي شيعة ، ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي ، وأخذوا مالي ، والله لئن آخذ من معاوية عهدا أحقن به دمي وأومن به في أهلي ، خير من أن يقتلوني فيضيع أهل بيتي وأهلي.
والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتّى يدفعوني إليه سلما!
والله لئن اسالمه وأنا عزيز ، خير من أن يقتلني وأنا أسير ، أو يمنّ عليّ فيكون سنّة على بني هاشم آخر الدهر لمعاوية لا يزال يمنّ بها وعقبه على الحيّ منّا والميّت.
قال : قلت : تترك يا ابن رسول الله شيعتك كالغنم ليس لها راع؟
قال : وما أصنع يا أخا جهينة ، إنّي والله أعلم بأمر قد أدّى به إلى ثقاته ، إنّ أمير المؤمنين عليهالسلام قال لي ذات يوم وقد رآني فرحا : يا حسن أتفرح؟ كيف بك إذا رأيت أباك قتيلا؟ كيف بك إذا ولي هذا الأمر بنو اميّة ، وأميرها الرحب البلعوم ، الواسع الأعفاج ، يأكل ولا يشبع ، يموت وليس له في السماء ناصر ، ولا في الأرض عاذر ، ثمّ يستولي على غربها وشرقها ، يدين له العباد ويطول ملكه ، يستنّ بسنن أهل البدع والضلال ، ويميت الحقّ وسنّة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، يقسّم المال في أهل ولايته ، ويمنعه من هو أحقّ به ، ويذلّ في
__________________
(١) الغيبة للطوسيّ ٢٤٢ ـ ٢٤٣.
ملكه المؤمن ، ويقوى في سلطانه الفاسق ، ويجعل المال بين أنصاره دولا ، ويتّخذ عباد الله خولا ، يدرس في سلطانه الحقّ ، ويظهر الباطل ، ويقتل من ناواه على الحقّ ، ويدين من والاه على الباطل ، فكذلك حتّى يبعث الله رجلا في آخر الزمان وكلب من الدهر وجهل من الناس ، يؤيّده الله بملائكته ، ويعصم أنصاره ، وينصره بآياته ، ويظهره على أهل الأرض حتّى يدينوا طوعا وكرها ، يملأ الأرض قسطا وعدلا ونورا وبرهانا ، يدين له عرض البلاد وطولها ، لا يبقى كافر إلّا آمن به ، ولا طالح إلّا صلح ، وتصطلح في ملكه السباع ، وتخرج الأرض نبتها ، وتنزل السماء بركتها ، وتظهر له الكنوز ، يملك ما بين الخافقين أربعين يوما ، فطوبى لمن أدرك أيّامه وسمع كلامه (١).
١٠٠٦ ـ روى أبو الفرج الأصبهانيّ بإسناده عن الشعبيّ ، عن سفيان بن أبي ليلى ، قال : أتيت الحسن بن عليّ حين بايع معاوية ، فوجدته بفناء داره وعنده رهط ، فقلت : السلام عليك يا مذلّ المؤمنين ، فقال : عليك السلام يا سفيان ، انزل ، فنزلت فعقلت راحلتي ، ثمّ أتيته فجلست إليه ، فقال : كيف قلت يا سفيان؟ فقلت : السلام عليك يا مذلّ المؤمنين! فقال : ما جرّ هذا منك إلينا؟ فقال : أنت والله ، بأبي أنت وامّي ، أذللت رقابنا حين أعطيت هذا الطاغية البيعة ، وسلّمت الأمر إلى اللعين ابن اللعين ابن آكلة الأكباد ، ومعك مائة ألف ، كلّهم يموت دونك ، وقد جمع الله لك أمر الناس.
فقال : يا سفيان ، إنّا أهل بيت إذا علمنا الحقّ تمسّكنا به ، وإنّي سمعت عليّا يقول :
سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : لا تذهب الليالي والأيّام حتّى يجتمع أمر هذه الأمّة على رجل واسع السرم ، ضخم البلعوم ، يأكل ولا يشبع ، لا ينظر الله إليه ، ولا يموت حتّى لا يكون له في السماء عاذر ولا في الأرض ناصر ، وانّه لمعاوية ، وإنّي عرفت أنّ الله بالغ أمره.
ثمّ أذّن المؤذّن ، فقمنا على حالب يحلب ناقة ، فتناول الإناء فشرب قائما ثمّ سقاني ، فخرجنا نمشي إلى المسجد ، فقال لي :
ما جاءنا بك يا سفيان؟ قلت : حبّكم والّذي بعث محمّدا بالهدى ودين الحقّ. قال :
فأبشر يا سفيان ، فإنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : يرد عليّ الحوض أهل بيتي ومن
__________________
(١) الاحتجاج ٢ / ٢٩٠ ؛ بحار الأنوار ٤٤ / ٢٠ ؛ منن الرحمن ٢ / ٤٢.
أحبّهم من أمّتي كهاتين ـ يعني السبّابتين ـ ولو شئت لقلت :
هاتين يعني السبّابة والوسطى ، إحداهما تفضل على الاخرى. فأبشر يا سفيان فإنّ الدنيا تسع البرّ والفاجر حتّى يبعث الله إمام الحقّ من آل محمّد صلىاللهعليهوآله (١).
١٠٠٧ ـ أخبر الإمام المهديّ صلىاللهعليهوآله عليّ بن زياد أنّه يموت سنة ثمانين فمات فيها فبعث له كفنا (٢).
١٠٠٨ ـ عن بدر غلام أحمد بن الحسن ، قال : لمّا مات يزيد بن عبد الملك أوصى إليّ أن أدفع الشهري والسمند والسيف والمنطقة إلى مولاه ، فقوّمتها في نفسي بسبعمائة دينار ، ولم أطّلع أحدا ، فإذا الكتاب من العراق : وجّه بالسبعمائة دينار الّتي لنا قبلك عن الشهري والسمند والسيف والمنطقة (٣).
١٠٠٩ ـ عن أبي القاسم ، قال : حججت في السنة الّتي أمرت القرامطة فيها بردّ الحجر إلى مكانه ، فكان أكبر همّي مشاهدة من يضعه ، فمرضت في الطريق ، فاستنبت معروف بن هشام ، وأعطيته رقعة أسأله فيها عن مدّة عمري.
قال معروف : فكلّما وضعه شخص لم يستقرّ ، فوضعه شاب أسمر فاستقرّ ، وانصرف فتبعته اخراه وهو يمشي ولم ألحقه ، فالتفت إليّ وقال : هات الرقعة ، فناولته إيّاها فقال : ـ من غير أن ينظر فيها ـ لا عليه من هذه العلّة بأس ، وسيكون ما لا بدّ منه بعد ثلاثين سنة ، فكان كما قال (٤).
١٠١٠ ـ قال أبو محمّد الدعجليّ : رأيته عليهالسلام بالموقف ، فقال : يوشك أن تذهب عينك هذه بعد أربعين يوما ، فبعد الأربعين خرج فيها قرحة فذهبت (٥).
١٠١١ ـ حمل أحمد بن إسحاق إلى العسكريّ عليهالسلام جرابا فيه صرر ، فالتفت عليهالسلام إلى ابنه وقال : هذه هدايا موالينا ، فقال الغلام : لا تصلح لأنّ فيها حلالا وحراما ، فأخرجت ، ففرّق بينها وأعلم بكميّة كلّ صرّة قبل فتحها (٦).
__________________
(١) مقاتل الطالبيّين ٤٣ ـ ٤٤ ؛ بحار الأنوار ٤٤ / ٥٩.
(٢) الصراط المستقيم ٢ / ٢١١.
(٣) نفس المصدر.
(٤) الصراط المستقيم ٢ / ٢١٣.
(٥) الصراط المستقيم ٢ / ٢١٣.
(٦) نفس المصدر.
١٠١٢ ـ أخبر الإمام عليهالسلام الأسترآباديّ بأنّ معه خرقة خضرة فيها ثلاثون دينارا منها واحد شاميّ ، فقال : هاتها ، فأخرجها فكانت كما قال (١).
١٠١٣ ـ قال العمريّ : أنفذ إليّ رجل مالا فردّه ، وقال : أخرج حقّ ولد عمّك منه ، وهو أربعمائة ، فتعجّب الرجل ، وحسب فوجد ذلك فيه ، ثمّ قبله عليهالسلام (٢).
١٠١٤ ـ وروى عليّ بن إبراهيم في تفسير قوله : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً)(٣) قال : يخبر الله رسوله الّذي يرتضيه بما كان قبله من الأخبار ، وما يكون بعده من أخبار القائم عليهالسلام ، والرجعة ، والقيامة (٤).
__________________
(١) نفس المصدر.
(٢) نفس المصدر.
(٣) الجنّ : ٢٧.
(٤) تفسير القمّيّ ٢ / ٣٩١ ؛ تفسير الصافي ٥ / ٢٣٨.
سورة المدّثّر
الآية الاولى قوله تعالى : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ)(١).
١٠١٥ ـ روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن معلّى بن خنيس ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : إنّ عليّا عليهالسلام كان عندكم فأتى بني ديوان فاشترى ثلاثة أثواب بدينار ، القميص إلى فوق الكعب ، والإزار إلى نصف الساق ، والرداء من بين يديه إلى ثدييه ، ومن خلفه إلى أليتيه ، ثمّ رفع يده إلى السماء فلم يزل يحمد الله على ما كساه حتّى دخل المنزل.
ثمّ قال : هذا اللباس والّذي ينبغي للمسلمين أن يلبسوه ، قال أبو عبد الله عليهالسلام : ولكن لا يقدرون أن يلبسوا هذا اليوم ، ولو فعلنا لقالوا مجنون ، ولقالوا : مراء ، والله تعالى يقول : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) قال : وثيابك ارفعها ولا تجرّها ، وإذا قام قائمنا كان على هذا اللباس (٢).
الآية الثانية قوله تعالى : (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ* فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ* عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ)(٣).
١٠١٦ ـ محمّد بن يعقوب ، بإسناده عن المفضّل بن عمر : عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله عزوجل : (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ) قال : إنّ منّا إماما مظفّرا مستترا ، فإذا أراد الله عزوجل
__________________
(١) المدثّر : ٤.
(٢) تفسير البرهان ٤ / ٣٦٩ ح ٢.
(٣) المدّثّر : ٨ ـ ١٠.
إظهار أمره ، نكت في قلبه نكتة فظهر فقام بأمر الله تعالى (١).
٢ ـ الشيخ المفيد ، عن محمّد بن يعقوب رحمهالله بإسناده عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : انّه سئل عن قول الله عزوجل : (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ) قال : إنّ منّا إماما يكون مستترا ، فإذا أراد الله إظهار أمره ، نكت في قلبه نكتة فنهض فقام بأمر الله عزوجل.
وفي حديث آخر عنه عليهالسلام قال : إذا نقر في اذن القائم عليهالسلام ، اذن له في القيام (٢).
٣ ـ وروى بإسناده عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : قوله عزوجل : (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ) قال : الناقور هو النداء من السماء : ألا إنّ وليّكم الله وفلان بن فلان القائم بالحقّ ، ينادي به جبرئيل في ثلاث ساعات من ذلك اليوم (فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ* عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) يعني بالكافرين المرجئة الّذين كفروا بنعمة الله وبولاية عليّ بن أبي طالب عليهالسلام (٣).
٤ ـ الشيخ الصدوق بإسناده عن المفضّل بن عمر ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن تفسير جابر؟ قال : لا تحدّث به السفلة فيذيعوه ، أما تقرأ في كتاب الله عزوجل : (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ) إنّ منّا إماما مستترا ، فإذا أراد الله عزوجل إظهار أمره ، نكت في قلبه نكتة فظهر وأمر بأمر الله عزوجل (٤).
الآية الثالثة قوله تعالى : (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً)(٥).
١٠١٧ ـ شرف الدّين النجفيّ في الحديث السابق ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : قوله تعالى : (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً) قال : فالنار هو القائم عليهالسلام الّذي قد أنار ضوؤه وخروجه لأهل المشرق والمغرب ، والملائكة هم الّذين يملكون علم آل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين.
وقوله : (وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) قال : يعني المرجئة.
__________________
(١) الكافي ١ / ٣٤٣.
(٢) تفسير البرهان ٤ / ٤٠٠ ح ٢.
(٣) نفس المصدر ٤ / ٤٠٠ ح ٣.
(٤) كمال الدّين ٢ / ٣٤٩.
(٥) المدّثّر : ٣١.
وقوله : (لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) قال عليهالسلام : هم الشيعة وهم أهل الكتاب ، وهم الّذين اوتوا الكتاب والحكم والنبوّة.
وقوله تعالى : (وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) أي لا يشكّ الشيعة وهم أهل الكتاب في شيء من أمر القائم عليهالسلام.
وقوله : (وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) قال : يعني اليوم قبل خروج القائم عليهالسلام من شاء قبل الحق وتقدّم إليه ، ومن شاء تأخّر عنه.
وقوله : (وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) قال عليهالسلام : يعني بيوم الدّين خروج القائم عليهالسلام.
ثمّ قال الله تعالى : (كَلَّا بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ) قال : هي دولة القائم عليهالسلام ... الحديث (١).
الآية الرابعة قوله تعالى : (وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ)(٢).
١٠١٨ ـ روى فرات الكوفيّ ، عن أبي القاسم العلويّ معنعنا عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ)(٣) قال : نحن وشيعتنا ، وقال أبو جعفر : همّ شيعتنا أهل البيت (فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) يعني لم يكونوا من شيعة عليّ بن أبي طالب ؛ (وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ) فذاك يوم القائم عليهالسلام ؛ وهو يوم الدّين. (وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ) يوم القائم (فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) فما ينفعهم شفاعة مخلوق ولن يشفع لهم رسول الله يوم القيامة (٤).
__________________
(١) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٧٣٤ ـ ٧٣٥ ح ٦.
(٢) المدّثّر : ٤٨.
(٣) المدّثّر : ٣٨.
(٤) تفسير فرات الكوفي ٥١٤ ح ٦٧٣.
سورة الإنسان
الآية الاولى قوله تعالى : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً)(١).
إشاءة الأئمّة عليهمالسلام من إشاءة الله عزوجل
١٠١٩ ـ جاء كامل المدنيّ يسأل العسكريّ عن مقالة المفوّضة ، قال : فلمّا وصلت قلت في نفسي : أرى انّه لن يدخل الجنّة إلّا أهل المعرفة ممّن عرف معرفتي ، فخرج فتى إلينا ابن أربع سنين ونحوها ، فقال مبتدئا باسمي : جئت تسأل عن أنّه هل يدخل الجنّة إلّا من قال بمقالتك؟ قلت : نعم ، قال : إذا يقلّ داخلها ، والله ليدخلنّها قوم يقال لهم الحقّية يحلفون بحقّ عليّ ولا يعرفون حقّه ، وجئت تسأل عن مقالة المفوّضة ، كذبوا بل قلوبنا أوعية لمشيئة الله ، قال : فنظر إليّ العسكريّ عليهالسلام وقال : ما جلوسك وقد أنبأك بحاجتك الحجّة من بعدي. وأسند ذلك جعفر بن محمّد إلى محمّد بن أحمد الأنصاريّ ، قال أبو نعيم : وحدّثني كامل بذلك ، ورواه أيضا أحمد بن عليّ برجاله إلى أبي نعيم (٢).
١٠٢٠ ـ روى سعد بن عبد الله بإسناده عن أبي الحسن الثالث عليهالسلام ، قال : انّ الله تبارك وتعالى جعل قلوب الأئمّة موردا لإرادته ، وإذا شاء شيئا شاؤه وهو قوله : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ)(٣).
__________________
(١) المدّثّر : ٣٠.
(٢) الصراط المستقيم ٢ / ٢١٠.
(٣) تفسير البرهان ٤ / ٤١٦ ح ١.
سورة النازعات
الآية الاولى قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها)(١).
١٠٢١ ـ وبالإسناد عن المفضّل بن عمر ، قال : سألت سيّدي الصادق عليهالسلام : هل للمأمور المنتظر المهديّ عليهالسلام من وقت مؤقت يعلمه الناس؟
فقال : حاش لله أن يوقّت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا.
قلت : يا سيّدي ولم ذاك؟
قال : لأنّه هو الساعة الّتي قال الله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(٢) الآية ، وهو الساعة الّتي قال الله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) وقال : (عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ)(٣) ولم يقل أنّها عند أحد ، وقال : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها)(٤) وقال : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)(٥) وقال : (ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) (٦) (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ* أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي
__________________
(١) النازعات : ٤٢.
(٢) الأعراف : ١٨٧.
(٣) لقمان : ٣٤ ؛ الزخرف : ٦١.
(٤) سورة محمّد : ١٨.
(٥) القمر : ١.
(٦) الأحزاب : ٦٣.
السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ)(١).
قلت : فما معنى يمارون؟
قال : يقولون متى ولد؟ ومن رأى؟ وأين يكون؟ ومتى يظهر؟ وكلّ ذلك استعجالا لأمر الله ، وشكّا في قضائه ، ودخولا في قدرته ، اولئك الّذين خسروا الدنيا ، وإنّ للكافرين لشرّ مآب ... (٢).
١٠٢٢ ـ النعمانيّ : عن الرضا عليهالسلام ، قيل له : متى يقوم القائم؟ قال : أمّا متى فإخبار عن الوقت ، ولقد حدّثني أبي عن أبيه ، عن آبائه عن ، عليّ عليهمالسلام : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قيل له : متى يخرج القائم من ذرّيتك؟ فقال ، مثله مثل الساعة لا يجلّيها لوقتها إلّا هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلّا بغتة (٣).
١٠٢٣ ـ المحجّة فيما نزل في القائم الحجّة عليهالسلام : محمّد بن العبّاس : بإسناده عن زرارة بن أعين ، قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً)(٤) قال : هي ساعة القائم عليهالسلام تأتيهم بغتة (٥).
١٠٢٤ ـ محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في كتاب الغيبة ، بإسناده عن أبي الصامت ، قال : قال أبو عبد الله جعفر بن محمّد عليهماالسلام : الليل اثنتا عشرة ساعة ، والنهار اثنتا عشرة ساعة ، والشهور اثنا عشر شهرا ، والأئمّة اثنا عشر إماما ، والنقباء اثنا عشر نقيبا ، وانّ عليّا عليهالسلام ساعة من اثنى عشرة ساعة ، وهو قول الله عزوجل : (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً)(٦)(٧).
__________________
(١) الشورى : ١٧ و ١٨.
(٢) مرّ الحديث بتمامه في سورة الأعراف ، الآية ١٨٦ ، فراجع.
(٣) كتاب النوادر للمولى محسن الكاشاني : ١٧٢.
(٤) الزخرف : ٦٦.
(٥) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٥٧١ ح ٤٦ ؛ المحجّة ١٠١.
(٦) الفرقان : ١١.
(٧) الغيبة للنعمانيّ ٨٤ ح ١٣.
سورة التكوير
الآية الاولى قوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ* الْجَوارِ الْكُنَّسِ)(١).
١٠٢٥ ـ روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن امّ هانئ ، قالت : لقيت أبا جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فسألته عن هذه الآية : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ) فقال : امام يخنس في زمانه عند انقضاء من علمه سنة ستّين ومائتين ، ثمّ يبدو كالشهاب الوقّاد في ظلمة الليل ، فإن أدركت ذلك قرّت عيناك (٢).
١٠٢٦ ـ وروى الكلينيّ أيضا بإسناده عن محمّد بن إسحاق ، عن امّ هاني ، قالت : سألت أبا جعفر محمّد بن عليّ عليهماالسلام عن قول الله عزوجل : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ* الْجَوارِ الْكُنَّسِ) قالت ، فقال : إمام يخنس سنة ستين ومائتين ، ثمّ يظهر كالشهاب يتوقّد في الليلة الظلماء ، وإذا (فإن) أدركت زمانه قرّت عينك (٣).
تفسير للمجلسيّ
قال البيضاوي : «بالخنّس» بالكواكب الرواجع من خنس إذا تأخّر ، وهي ما سوى
__________________
(١) التكوير : ١٥.
(٢) الكافي ١ / ٣٤١ ح ٢٢.
(٣) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٧٧٠ ح ١٦.
التزيّن من السيارات ، الجوار «الكنس» أي السيارات الّتي تختفي تحت ضوء الشمس ، من كنس الوحش إذا دخل كناسته ـ انتهى (١).
١٠٢٧ ـ روى محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في كتاب الغيبة ، بإسناده عن امّ هاني ، قالت : قلت لأبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهالسلام : ما معنى قول الله عزوجل : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ) فقال لي : يا امّ هاني ، إمام يخنس نفسه حتّى ينقطع عن الناس علمه سنة ستّين ومائتين ، ثمّ يبدو كالشهاب الثاقب الواقد في الليلة الظلماء ، فان أدركت ذلك الزمان قرّت عينك (٢).
قال مؤلّف هذا الكتاب : سنة ستّين ومائتين سنة وفاة أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ أبي القائم عليهماالسلام.
مولد المهديّ عليهالسلام برواية ابن حمزة
١٠٢٨ ـ روى الفقيه عماد الدّين أبو جعفر محمّد بن عليّ الطوسي المعروف بابن حمزة ، بإسناده عن حكيمة بنت محمّد عليهالسلام في حديث طويل ، قالت :
دخلت على أبي محمّد صلوات الله عليه ، فلمّا أردت الانصراف قال : بيّتي الليلة عندنا ، فانّه سيولد الليلة المولود الكريم على الله عزوجل ، الّذي يحيي الله عزوجل به الأرض بعد موتها ، قلت : ممّن يا سيّدي ، ولست أرى بنرجس شيئا من الحبل؟ قال : من نرجس لا من غيرها.
قالت : فقمت إليها فقلّبتها ظهرا وبطنا ، فلم أر بها أثر حبل ، فعدت إليه ، فأخبرته بما فعلته ، فتبسّم ، ثمّ قال : إذا كان وقت الفجر يظهر بها الحبل ، لأنّ مثلها مثل امّ موسى لم يظهر بها الحبل ، ولم يعلم به أحد إلى وقت ولادتها ، لأنّ فرعون كان يشقّ بطون الحبلى في طلب موسى ، وهذا نظير موسى صلوات الله عليهما.
قالت حكيمة : فعدت إليها وأخبرتها. قالت : وسألتها عن حالها ، فقالت : يا مولاتي ، ما أرى بي شيئا من هذا.
قالت حكيمة : فلم أزل أرقبها إلى وقت طلوع الفجر ، وهي نائمة بين يدي تتقلّب
__________________
(١) بحار الأنوار ٥١ / ٥١.
(٢) الغيبة للنعمانيّ ٧٥.
جنبا إلى جنب ، حتّى إذا كان آخر الليل ، وقت طلوع الفجر ، وثبت فزعة ، فضممتها إلى صدري وسمّيت عليها ، فقلت لها : ما حالك؟ قالت : ظهر بي الأمر الّذي أخبرك مولاي.
فصاح أبو محمّد عليهالسلام : اقرئي عليها : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) فأقبلت أقرأ عليها كما أمرني ، فأجابني الجنين من بطنها يقرأ بمثل ما أقرأ وسلّم عليّ.
قالت حكيمة : ففزعت لما سمعت ، فصاح بي أبو محمّد صلوات الله عليه : لا تعجبي من أمر الله ، إنّ الله ينطقنا بالحكمة صغارا ، ويجعلنا حججا في أرضه كبارا ، فلم يستتمّ الكلام حتّى غيّبت عنّي نرجس ، فلم أرها ، كأنّما ضرب بيني وبينها حجاب ، فعدوت نحو أبي محمّد صلوات الله عليه وأنا صارخة ، فقال لي : ارجعي يا عمّة فإنّك ستجدينها في مكانها.
قالت : فرجعت ، فلم ألبث حتّى انكشف الغطاء الّذي بيني وبينها ، وإذا أنا بها وعليها من أثر النور ما غشي بصري ، وإذا بالصبي ساجد بوجهه ، جاث على ركبتيه ، رافع سبّابتيه نحو السماء ، وهو يقول : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأنّ أبي أمير المؤمنين ، ثمّ عدّ إماما إماما إلى أن بلغ إلى نفسه ، ثمّ صلّى عليهم ، ثمّ قال صلوات الله عليه : اللهمّ أنجز لي ما ودعتني ، وتمّم لي أمري ، وثبّت وطأتي ، واملأ الأرض بي عدلا وقسطا ، فصاح بي أبو محمّد وقال : يا عمّة تناوليه وهاتيه ، فتناولته وأتيت به نحوه ، فلمّا مثّلته بين يدي أبيه ، وهو على يدي ، سلّم على أبيه ، فتناوله منّي والطير يرفرف على رأسه ـ الحديث (١).
__________________
(١) الثاقب في المناقب ٢٠١ ح ١٧٨.