الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

سعيد أبو معاش

الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

المؤلف:

سعيد أبو معاش


المحقق: عبدالرحيم مبارك
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ٣
ISBN: 978-964-444-775-4
الصفحات: ٦٠٣

خيرا يا أمير المؤمنين عن الإسلام أفضل الجزاء ، فلقد أدّيت وأبلغت ونصحت.

ثمّ ركب وركب أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ثمّ برز إلى القتال ثمّ دعا بشربة من ماء ، فقيل : ما معنا ماء ، فقام إليه رجل من الأنصار وسقاه شربة من لبن فشربه ، ثمّ قال : هكذا عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة لبن ، ثمّ حمل على القوم فقتل ثمانية عشر نفسا ، فخرج إليه رجلان من أهل الشام فطعناه وقتل رحمه‌الله.

فلمّا كان في الليل طاف أمير المؤمنين عليه‌السلام في القتلى فوجد عمّارا ملقى بين القتلى ، فجعل رأسه على فخذه ثمّ بكى عليه ، وأنشأ يقول :

ألا أيّها الموت الّذي ليس تاركي

أرحني فقد أفنيت كلّ خليل

أيا موت كم هذا التفرّق عنوة

فلست تبقي خلّة لخليل

أراك بصيرا بالذين احبّهم

كأنّك تمضي نحوهم بدليل (١)

٩٨٩ ـ روى البحرانيّ بإسناده عن عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليه‌السلام ، قال : قلت له تأويل قول الله عزوجل : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) فقال : إذا فقدتم إمامكم فلم تروه ، فما ذا تصنعون؟ (٢).

٩٩٠ ـ روى عليّ بن إبراهيم بإسناده عن فضالة بن أيّوب ، قال : سأل الرضا عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) فقال عليه‌السلام : ماؤكم أبوابكم أي الأئمّة ، والأئمّة أبواب الله بينه وبين خلقه (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) يعني بعلم الإمام (٣).

٩٩١ ـ محمّد بن يعقوب ، بإسناده عن عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليه‌السلام ، في قول الله عزوجل : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) قال : إذا غاب عنكم إمامكم ، فمن يأتيكم بإمام جديد (٤).

٩٩٢ ـ روى الشيخ الصدوق ، بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، في قول الله عزوجل : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) قال : هذه نزلت في

__________________

(١) كفاية الأثر ١٢٠ ـ ١٢٤ ؛ المحجّة ٢٢٨ ـ ٢٣٠.

(٢) المحجّة ٢٣٠.

(٣) تفسير القمّيّ ٢ / ٣٧٩.

(٤) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٧٠٨ ـ ٧٠٩ ح ١٥.

٥٠١

القائم عليه‌السلام يقول : إن أصبح إمامكم غائبا عنكم لا تدرون أين هو ، فمن يأتيكم بإمام ظاهر يأتيكم بأخبار السماء والأرض وحلال الله جلّ وعزّ وحرامه ، ثمّ قال : والله ما جاء تأويل الآية ، ولا بدّ أن يجيء تأويلها (١).

__________________

(١) بحار الأنوار ٥١ / ٥٢.

٥٠٢

سورة القلم

الآية الاولى قوله تعالى : (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ)(١).

٩٩٣ ـ روى العلّامة الكراجكيّ رحمه‌الله في «كنز الفوائد» بإسناده عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) يعني تكذيبه بقائم آل محمّد عليهم‌السلام إذ يقول له : لسنا نعرفك ولست من ولد فاطمة ، كما قال المشركون لمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢).

__________________

(١) القلم : ١٥.

(٢) تأويل الآيات ٢ / ٧٧١ ـ ٧٧٢ ح ١.

٥٠٣

سورة المعارج

الآية الاولى قوله تعالى : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ* لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ* مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ)(١).

٩٩٤ ـ روى محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في كتاب «الغيبة» بإسناده عن جابر ، قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام كيف تقرءون هذه السورة؟ قال : قلت : وأيّ سورة؟ قال : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) فقال : ليس هو سأل سائل بعذاب واقع ، وإنّما هو : سأل سائل بعذاب واقع (كذا) ، وهذه نار تقع بالثوية ثمّ تمضي إلى كناسة بني أسد ، ثمّ تمضي إلى ثقيف ، فلا تدع وترا لآل محمّد إلّا أحرقته (٢).

٩٩٥ ـ وعنه أيضا بإسناده عن صالح بن سهل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) فقال : تأويلها فيما يجيء عذاب يرتفع في الثوية ، يعني نار تنتهي إلى كناسة بني أسد حتّى تمرّ بثقيف ، لا تدع وترا لآل محمّد إلّا أحرقته ، وذلك قبل خروج القائم عليه‌السلام (٣).

٩٩٦ ـ روى عليّ بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) قال :

__________________

(١) المعارج : ١ ـ ٣.

(٢) الغيبة للنعمانيّ ٢٧٢.

(٣) نفس المصدر.

٥٠٤

سئل أبو جعفر عليه‌السلام عن معنى هذا فقال : نار تخرج من المغرب ، وملك يسوقها من خلفها ، حتّى يأتي من جهة دار بني سعد بن همام عند مسجدهم ، فلا تدع دارا لبني اميّة إلّا أحرقتها وأهلها ، ولا تدع دارا فيها وتر لآل محمّد إلّا أحرقتها ، وذلك المهديّ عليه‌السلام (١).

الآية الثانية قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ)(٢).

٩٩٧ ـ روى ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكلينيّ قدس‌سره بإسناده عن عاصم بن حميد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) قال : بخروج القائم عليه‌السلام (٣).

الآية الثالثة قوله عزوجل : (خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ)(٤).

٩٩٨ ـ روى شرف الدّين النجفيّ رحمه‌الله بإسناده عن يحيى بن ميسر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) قال : يعني يوم خروج القائم عليه‌السلام (٥).

__________________

(١) تفسير القمّيّ ٢ / ٣٨٥.

(٢) المعارج : ٢٦.

(٣) روضة الكافي ٢٨٧.

(٤) المعارج : ٤٤.

(٥) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٧٢٦ ح ٧.

٥٠٥

سورة الجنّ

الآية الاولى قوله تعالى : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً)(١).

٩٩٩ ـ روى محمّد بن يعقوب رحمه‌الله بإسناده عن محمّد بن الفضل ، عن أبي الحسن عليه‌السلام في قوله : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) قال : هم الأوصياء (٢).

١٠٠٠ ـ وروى عليّ بن ابراهيم بإسناده عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : المساجد الأئمّة (٣).

١٠٠١ ـ محمّد بن العباس بإسناده عن عيسى بن داود النجار ، عن الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) قال : سمعت أبي جعفر بن محمّد عليه‌السلام يقول : هم الأوصياء الأئمّة منا واحد فواحد فلا تدعوا إلى غيرهم فتكونوا كمن دعا مع الله أحدا ـ الحديث (٤).

الآية الثانية قوله تعالى : (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً)(٥).

__________________

(١) الجنّ : ١٨.

(٢) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٧٢٩ ح ٧.

(٣) تفسير القمّيّ ٢ / ٣٩٠.

(٤) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٧٢٩.

(٥) الجنّ : ٢٤.

٥٠٦

١٠٠٢ ـ قال عليّ بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى : (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ) قال : القائم وأمير المؤمنين عليهما‌السلام (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً)(١).

الآية الثالثة قوله تعالى : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ)(٢).

الإمام المهديّ عليه‌السلام ينبئ بالغيب عن الله عزوجل

١٠٠٣ ـ وعن عليّ بن إبراهيم في قوله : (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ) يعني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يدعوه كناية عن الله (كادُوا) يعني قريشا (يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً)(٣) أي أيدا ، قوله : (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً) قال : قال : هو قول أمير المؤمنين عليه‌السلام لزفر : والله يا ابن صهّاك ، لو لا عهد من رسول الله وكتاب من الله سبق لعلمت أيّنا أضعف ناصرا وأقلّ عددا ، قال : قال : فلمّا أخبرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما يكون في الرجعة ، قالوا : متى يكون هذا؟

قال الله : قل يا محمّد : (إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً) قوله : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً)(٤) قال : قال : يخبر الله ورسوله الّذي يرتضيه ممّا كان قبله من الأخبار وما يكون بعده من أخبار القائم عليه‌السلام والرجعة والقيامة (٥).

١٠٠٤ ـ غيبة الشيخ : روى جماعة عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين الشيخ الصدوق ، قال : حدّثني أبو محمّد الحسن بن أحمد المكتّب ، قال : كنت بمدينة السلام في السنة الّتي توفّي فيها الشيخ أبو الحسن عليّ بن محمّد السمريّ قدّس الله روحه ، فحضرته قبل وفاته بأيّام ، فأخرج إلى الناس توقيعا نسخته :

«بسم الله الرحمن الرحيم ـ يا عليّ بن محمّد السمريّ ، أعظم الله أجر إخوانك فيك ، فإنّك ميّت ما بينك وبين ستّة أيّام ، فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد

__________________

(١) تفسير القمّيّ ٢ / ٣٩١.

(٢) الجنّ : ٢٦.

(٣) الجنّ : ١٩.

(٤) الجن : ٢٧.

(٥) تفسير القمّيّ ٢ / ٣٩١.

٥٠٧

وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامّة ، فلا ظهور إلّا بعد إذن الله تعالى ذكره ، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جورا ، وسيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة ، ألا فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفيانيّ والصيحة فهو كذّاب مفتر ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم».

قال : فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده ، فلمّا كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه ، فقيل له : من وصيّك من بعدك؟

فقال : لله أمر هو بالغه ، وقضى ، فهذا آخر كلام سمع منه رضي الله عنه وأرضاه (١).

١٠٠٥ ـ روى العلّامة الطبرسيّ بإسناده عن زيد بن وهب الجهنيّ ، قال :

لمّا طعن الحسن بن عليّ عليهما‌السلام بالمدائن أتيته وهو متوجّع ، فقلت : ما ترى يا ابن رسول الله فإنّ الناس متحيّرون؟

فقال عليه‌السلام : أرى والله أنّ معاوية خير لي من هؤلاء يزعمون أنّهم لي شيعة ، ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي ، وأخذوا مالي ، والله لئن آخذ من معاوية عهدا أحقن به دمي وأومن به في أهلي ، خير من أن يقتلوني فيضيع أهل بيتي وأهلي.

والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتّى يدفعوني إليه سلما!

والله لئن اسالمه وأنا عزيز ، خير من أن يقتلني وأنا أسير ، أو يمنّ عليّ فيكون سنّة على بني هاشم آخر الدهر لمعاوية لا يزال يمنّ بها وعقبه على الحيّ منّا والميّت.

قال : قلت : تترك يا ابن رسول الله شيعتك كالغنم ليس لها راع؟

قال : وما أصنع يا أخا جهينة ، إنّي والله أعلم بأمر قد أدّى به إلى ثقاته ، إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام قال لي ذات يوم وقد رآني فرحا : يا حسن أتفرح؟ كيف بك إذا رأيت أباك قتيلا؟ كيف بك إذا ولي هذا الأمر بنو اميّة ، وأميرها الرحب البلعوم ، الواسع الأعفاج ، يأكل ولا يشبع ، يموت وليس له في السماء ناصر ، ولا في الأرض عاذر ، ثمّ يستولي على غربها وشرقها ، يدين له العباد ويطول ملكه ، يستنّ بسنن أهل البدع والضلال ، ويميت الحقّ وسنّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقسّم المال في أهل ولايته ، ويمنعه من هو أحقّ به ، ويذلّ في

__________________

(١) الغيبة للطوسيّ ٢٤٢ ـ ٢٤٣.

٥٠٨

ملكه المؤمن ، ويقوى في سلطانه الفاسق ، ويجعل المال بين أنصاره دولا ، ويتّخذ عباد الله خولا ، يدرس في سلطانه الحقّ ، ويظهر الباطل ، ويقتل من ناواه على الحقّ ، ويدين من والاه على الباطل ، فكذلك حتّى يبعث الله رجلا في آخر الزمان وكلب من الدهر وجهل من الناس ، يؤيّده الله بملائكته ، ويعصم أنصاره ، وينصره بآياته ، ويظهره على أهل الأرض حتّى يدينوا طوعا وكرها ، يملأ الأرض قسطا وعدلا ونورا وبرهانا ، يدين له عرض البلاد وطولها ، لا يبقى كافر إلّا آمن به ، ولا طالح إلّا صلح ، وتصطلح في ملكه السباع ، وتخرج الأرض نبتها ، وتنزل السماء بركتها ، وتظهر له الكنوز ، يملك ما بين الخافقين أربعين يوما ، فطوبى لمن أدرك أيّامه وسمع كلامه (١).

١٠٠٦ ـ روى أبو الفرج الأصبهانيّ بإسناده عن الشعبيّ ، عن سفيان بن أبي ليلى ، قال : أتيت الحسن بن عليّ حين بايع معاوية ، فوجدته بفناء داره وعنده رهط ، فقلت : السلام عليك يا مذلّ المؤمنين ، فقال : عليك السلام يا سفيان ، انزل ، فنزلت فعقلت راحلتي ، ثمّ أتيته فجلست إليه ، فقال : كيف قلت يا سفيان؟ فقلت : السلام عليك يا مذلّ المؤمنين! فقال : ما جرّ هذا منك إلينا؟ فقال : أنت والله ، بأبي أنت وامّي ، أذللت رقابنا حين أعطيت هذا الطاغية البيعة ، وسلّمت الأمر إلى اللعين ابن اللعين ابن آكلة الأكباد ، ومعك مائة ألف ، كلّهم يموت دونك ، وقد جمع الله لك أمر الناس.

فقال : يا سفيان ، إنّا أهل بيت إذا علمنا الحقّ تمسّكنا به ، وإنّي سمعت عليّا يقول :

سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : لا تذهب الليالي والأيّام حتّى يجتمع أمر هذه الأمّة على رجل واسع السرم ، ضخم البلعوم ، يأكل ولا يشبع ، لا ينظر الله إليه ، ولا يموت حتّى لا يكون له في السماء عاذر ولا في الأرض ناصر ، وانّه لمعاوية ، وإنّي عرفت أنّ الله بالغ أمره.

ثمّ أذّن المؤذّن ، فقمنا على حالب يحلب ناقة ، فتناول الإناء فشرب قائما ثمّ سقاني ، فخرجنا نمشي إلى المسجد ، فقال لي :

ما جاءنا بك يا سفيان؟ قلت : حبّكم والّذي بعث محمّدا بالهدى ودين الحقّ. قال :

فأبشر يا سفيان ، فإنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : يرد عليّ الحوض أهل بيتي ومن

__________________

(١) الاحتجاج ٢ / ٢٩٠ ؛ بحار الأنوار ٤٤ / ٢٠ ؛ منن الرحمن ٢ / ٤٢.

٥٠٩

أحبّهم من أمّتي كهاتين ـ يعني السبّابتين ـ ولو شئت لقلت :

هاتين يعني السبّابة والوسطى ، إحداهما تفضل على الاخرى. فأبشر يا سفيان فإنّ الدنيا تسع البرّ والفاجر حتّى يبعث الله إمام الحقّ من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله (١).

١٠٠٧ ـ أخبر الإمام المهديّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّ بن زياد أنّه يموت سنة ثمانين فمات فيها فبعث له كفنا (٢).

١٠٠٨ ـ عن بدر غلام أحمد بن الحسن ، قال : لمّا مات يزيد بن عبد الملك أوصى إليّ أن أدفع الشهري والسمند والسيف والمنطقة إلى مولاه ، فقوّمتها في نفسي بسبعمائة دينار ، ولم أطّلع أحدا ، فإذا الكتاب من العراق : وجّه بالسبعمائة دينار الّتي لنا قبلك عن الشهري والسمند والسيف والمنطقة (٣).

١٠٠٩ ـ عن أبي القاسم ، قال : حججت في السنة الّتي أمرت القرامطة فيها بردّ الحجر إلى مكانه ، فكان أكبر همّي مشاهدة من يضعه ، فمرضت في الطريق ، فاستنبت معروف بن هشام ، وأعطيته رقعة أسأله فيها عن مدّة عمري.

قال معروف : فكلّما وضعه شخص لم يستقرّ ، فوضعه شاب أسمر فاستقرّ ، وانصرف فتبعته اخراه وهو يمشي ولم ألحقه ، فالتفت إليّ وقال : هات الرقعة ، فناولته إيّاها فقال : ـ من غير أن ينظر فيها ـ لا عليه من هذه العلّة بأس ، وسيكون ما لا بدّ منه بعد ثلاثين سنة ، فكان كما قال (٤).

١٠١٠ ـ قال أبو محمّد الدعجليّ : رأيته عليه‌السلام بالموقف ، فقال : يوشك أن تذهب عينك هذه بعد أربعين يوما ، فبعد الأربعين خرج فيها قرحة فذهبت (٥).

١٠١١ ـ حمل أحمد بن إسحاق إلى العسكريّ عليه‌السلام جرابا فيه صرر ، فالتفت عليه‌السلام إلى ابنه وقال : هذه هدايا موالينا ، فقال الغلام : لا تصلح لأنّ فيها حلالا وحراما ، فأخرجت ، ففرّق بينها وأعلم بكميّة كلّ صرّة قبل فتحها (٦).

__________________

(١) مقاتل الطالبيّين ٤٣ ـ ٤٤ ؛ بحار الأنوار ٤٤ / ٥٩.

(٢) الصراط المستقيم ٢ / ٢١١.

(٣) نفس المصدر.

(٤) الصراط المستقيم ٢ / ٢١٣.

(٥) الصراط المستقيم ٢ / ٢١٣.

(٦) نفس المصدر.

٥١٠

١٠١٢ ـ أخبر الإمام عليه‌السلام الأسترآباديّ بأنّ معه خرقة خضرة فيها ثلاثون دينارا منها واحد شاميّ ، فقال : هاتها ، فأخرجها فكانت كما قال (١).

١٠١٣ ـ قال العمريّ : أنفذ إليّ رجل مالا فردّه ، وقال : أخرج حقّ ولد عمّك منه ، وهو أربعمائة ، فتعجّب الرجل ، وحسب فوجد ذلك فيه ، ثمّ قبله عليه‌السلام (٢).

١٠١٤ ـ وروى عليّ بن إبراهيم في تفسير قوله : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً)(٣) قال : يخبر الله رسوله الّذي يرتضيه بما كان قبله من الأخبار ، وما يكون بعده من أخبار القائم عليه‌السلام ، والرجعة ، والقيامة (٤).

__________________

(١) نفس المصدر.

(٢) نفس المصدر.

(٣) الجنّ : ٢٧.

(٤) تفسير القمّيّ ٢ / ٣٩١ ؛ تفسير الصافي ٥ / ٢٣٨.

٥١١

سورة المدّثّر

الآية الاولى قوله تعالى : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ)(١).

١٠١٥ ـ روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدس‌سره بإسناده عن معلّى بن خنيس ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إنّ عليّا عليه‌السلام كان عندكم فأتى بني ديوان فاشترى ثلاثة أثواب بدينار ، القميص إلى فوق الكعب ، والإزار إلى نصف الساق ، والرداء من بين يديه إلى ثدييه ، ومن خلفه إلى أليتيه ، ثمّ رفع يده إلى السماء فلم يزل يحمد الله على ما كساه حتّى دخل المنزل.

ثمّ قال : هذا اللباس والّذي ينبغي للمسلمين أن يلبسوه ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ولكن لا يقدرون أن يلبسوا هذا اليوم ، ولو فعلنا لقالوا مجنون ، ولقالوا : مراء ، والله تعالى يقول : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) قال : وثيابك ارفعها ولا تجرّها ، وإذا قام قائمنا كان على هذا اللباس (٢).

الآية الثانية قوله تعالى : (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ* فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ* عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ)(٣).

١٠١٦ ـ محمّد بن يعقوب ، بإسناده عن المفضّل بن عمر : عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله عزوجل : (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ) قال : إنّ منّا إماما مظفّرا مستترا ، فإذا أراد الله عزوجل

__________________

(١) المدثّر : ٤.

(٢) تفسير البرهان ٤ / ٣٦٩ ح ٢.

(٣) المدّثّر : ٨ ـ ١٠.

٥١٢

إظهار أمره ، نكت في قلبه نكتة فظهر فقام بأمر الله تعالى (١).

٢ ـ الشيخ المفيد ، عن محمّد بن يعقوب رحمه‌الله بإسناده عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : انّه سئل عن قول الله عزوجل : (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ) قال : إنّ منّا إماما يكون مستترا ، فإذا أراد الله إظهار أمره ، نكت في قلبه نكتة فنهض فقام بأمر الله عزوجل.

وفي حديث آخر عنه عليه‌السلام قال : إذا نقر في اذن القائم عليه‌السلام ، اذن له في القيام (٢).

٣ ـ وروى بإسناده عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : قوله عزوجل : (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ) قال : الناقور هو النداء من السماء : ألا إنّ وليّكم الله وفلان بن فلان القائم بالحقّ ، ينادي به جبرئيل في ثلاث ساعات من ذلك اليوم (فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ* عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) يعني بالكافرين المرجئة الّذين كفروا بنعمة الله وبولاية عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام (٣).

٤ ـ الشيخ الصدوق بإسناده عن المفضّل بن عمر ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن تفسير جابر؟ قال : لا تحدّث به السفلة فيذيعوه ، أما تقرأ في كتاب الله عزوجل : (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ) إنّ منّا إماما مستترا ، فإذا أراد الله عزوجل إظهار أمره ، نكت في قلبه نكتة فظهر وأمر بأمر الله عزوجل (٤).

الآية الثالثة قوله تعالى : (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً)(٥).

١٠١٧ ـ شرف الدّين النجفيّ في الحديث السابق ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : قوله تعالى : (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً) قال : فالنار هو القائم عليه‌السلام الّذي قد أنار ضوؤه وخروجه لأهل المشرق والمغرب ، والملائكة هم الّذين يملكون علم آل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين.

وقوله : (وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) قال : يعني المرجئة.

__________________

(١) الكافي ١ / ٣٤٣.

(٢) تفسير البرهان ٤ / ٤٠٠ ح ٢.

(٣) نفس المصدر ٤ / ٤٠٠ ح ٣.

(٤) كمال الدّين ٢ / ٣٤٩.

(٥) المدّثّر : ٣١.

٥١٣

وقوله : (لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) قال عليه‌السلام : هم الشيعة وهم أهل الكتاب ، وهم الّذين اوتوا الكتاب والحكم والنبوّة.

وقوله تعالى : (وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) أي لا يشكّ الشيعة وهم أهل الكتاب في شيء من أمر القائم عليه‌السلام.

وقوله : (وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) قال : يعني اليوم قبل خروج القائم عليه‌السلام من شاء قبل الحق وتقدّم إليه ، ومن شاء تأخّر عنه.

وقوله : (وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) قال عليه‌السلام : يعني بيوم الدّين خروج القائم عليه‌السلام.

ثمّ قال الله تعالى : (كَلَّا بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ) قال : هي دولة القائم عليه‌السلام ... الحديث (١).

الآية الرابعة قوله تعالى : (وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ)(٢).

١٠١٨ ـ روى فرات الكوفيّ ، عن أبي القاسم العلويّ معنعنا عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ)(٣) قال : نحن وشيعتنا ، وقال أبو جعفر : همّ شيعتنا أهل البيت (فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) يعني لم يكونوا من شيعة عليّ بن أبي طالب ؛ (وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ) فذاك يوم القائم عليه‌السلام ؛ وهو يوم الدّين. (وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ) يوم القائم (فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) فما ينفعهم شفاعة مخلوق ولن يشفع لهم رسول الله يوم القيامة (٤).

__________________

(١) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٧٣٤ ـ ٧٣٥ ح ٦.

(٢) المدّثّر : ٤٨.

(٣) المدّثّر : ٣٨.

(٤) تفسير فرات الكوفي ٥١٤ ح ٦٧٣.

٥١٤

سورة الإنسان

الآية الاولى قوله تعالى : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً)(١).

إشاءة الأئمّة عليهم‌السلام من إشاءة الله عزوجل

١٠١٩ ـ جاء كامل المدنيّ يسأل العسكريّ عن مقالة المفوّضة ، قال : فلمّا وصلت قلت في نفسي : أرى انّه لن يدخل الجنّة إلّا أهل المعرفة ممّن عرف معرفتي ، فخرج فتى إلينا ابن أربع سنين ونحوها ، فقال مبتدئا باسمي : جئت تسأل عن أنّه هل يدخل الجنّة إلّا من قال بمقالتك؟ قلت : نعم ، قال : إذا يقلّ داخلها ، والله ليدخلنّها قوم يقال لهم الحقّية يحلفون بحقّ عليّ ولا يعرفون حقّه ، وجئت تسأل عن مقالة المفوّضة ، كذبوا بل قلوبنا أوعية لمشيئة الله ، قال : فنظر إليّ العسكريّ عليه‌السلام وقال : ما جلوسك وقد أنبأك بحاجتك الحجّة من بعدي. وأسند ذلك جعفر بن محمّد إلى محمّد بن أحمد الأنصاريّ ، قال أبو نعيم : وحدّثني كامل بذلك ، ورواه أيضا أحمد بن عليّ برجاله إلى أبي نعيم (٢).

١٠٢٠ ـ روى سعد بن عبد الله بإسناده عن أبي الحسن الثالث عليه‌السلام ، قال : انّ الله تبارك وتعالى جعل قلوب الأئمّة موردا لإرادته ، وإذا شاء شيئا شاؤه وهو قوله : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ)(٣).

__________________

(١) المدّثّر : ٣٠.

(٢) الصراط المستقيم ٢ / ٢١٠.

(٣) تفسير البرهان ٤ / ٤١٦ ح ١.

٥١٥

سورة النازعات

الآية الاولى قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها)(١).

١٠٢١ ـ وبالإسناد عن المفضّل بن عمر ، قال : سألت سيّدي الصادق عليه‌السلام : هل للمأمور المنتظر المهديّ عليه‌السلام من وقت مؤقت يعلمه الناس؟

فقال : حاش لله أن يوقّت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا.

قلت : يا سيّدي ولم ذاك؟

قال : لأنّه هو الساعة الّتي قال الله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(٢) الآية ، وهو الساعة الّتي قال الله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) وقال : (عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ)(٣) ولم يقل أنّها عند أحد ، وقال : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها)(٤) وقال : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)(٥) وقال : (ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) (٦) (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ* أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي

__________________

(١) النازعات : ٤٢.

(٢) الأعراف : ١٨٧.

(٣) لقمان : ٣٤ ؛ الزخرف : ٦١.

(٤) سورة محمّد : ١٨.

(٥) القمر : ١.

(٦) الأحزاب : ٦٣.

٥١٦

السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ)(١).

قلت : فما معنى يمارون؟

قال : يقولون متى ولد؟ ومن رأى؟ وأين يكون؟ ومتى يظهر؟ وكلّ ذلك استعجالا لأمر الله ، وشكّا في قضائه ، ودخولا في قدرته ، اولئك الّذين خسروا الدنيا ، وإنّ للكافرين لشرّ مآب ... (٢).

١٠٢٢ ـ النعمانيّ : عن الرضا عليه‌السلام ، قيل له : متى يقوم القائم؟ قال : أمّا متى فإخبار عن الوقت ، ولقد حدّثني أبي عن أبيه ، عن آبائه عن ، عليّ عليهم‌السلام : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قيل له : متى يخرج القائم من ذرّيتك؟ فقال ، مثله مثل الساعة لا يجلّيها لوقتها إلّا هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلّا بغتة (٣).

١٠٢٣ ـ المحجّة فيما نزل في القائم الحجّة عليه‌السلام : محمّد بن العبّاس : بإسناده عن زرارة بن أعين ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً)(٤) قال : هي ساعة القائم عليه‌السلام تأتيهم بغتة (٥).

١٠٢٤ ـ محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في كتاب الغيبة ، بإسناده عن أبي الصامت ، قال : قال أبو عبد الله جعفر بن محمّد عليهما‌السلام : الليل اثنتا عشرة ساعة ، والنهار اثنتا عشرة ساعة ، والشهور اثنا عشر شهرا ، والأئمّة اثنا عشر إماما ، والنقباء اثنا عشر نقيبا ، وانّ عليّا عليه‌السلام ساعة من اثنى عشرة ساعة ، وهو قول الله عزوجل : (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً)(٦)(٧).

__________________

(١) الشورى : ١٧ و ١٨.

(٢) مرّ الحديث بتمامه في سورة الأعراف ، الآية ١٨٦ ، فراجع.

(٣) كتاب النوادر للمولى محسن الكاشاني : ١٧٢.

(٤) الزخرف : ٦٦.

(٥) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٥٧١ ح ٤٦ ؛ المحجّة ١٠١.

(٦) الفرقان : ١١.

(٧) الغيبة للنعمانيّ ٨٤ ح ١٣.

٥١٧

سورة التكوير

الآية الاولى قوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ* الْجَوارِ الْكُنَّسِ)(١).

١٠٢٥ ـ روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدس‌سره بإسناده عن امّ هانئ ، قالت : لقيت أبا جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، فسألته عن هذه الآية : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ) فقال : امام يخنس في زمانه عند انقضاء من علمه سنة ستّين ومائتين ، ثمّ يبدو كالشهاب الوقّاد في ظلمة الليل ، فإن أدركت ذلك قرّت عيناك (٢).

١٠٢٦ ـ وروى الكلينيّ أيضا بإسناده عن محمّد بن إسحاق ، عن امّ هاني ، قالت : سألت أبا جعفر محمّد بن عليّ عليهما‌السلام عن قول الله عزوجل : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ* الْجَوارِ الْكُنَّسِ) قالت ، فقال : إمام يخنس سنة ستين ومائتين ، ثمّ يظهر كالشهاب يتوقّد في الليلة الظلماء ، وإذا (فإن) أدركت زمانه قرّت عينك (٣).

تفسير للمجلسيّ

قال البيضاوي : «بالخنّس» بالكواكب الرواجع من خنس إذا تأخّر ، وهي ما سوى

__________________

(١) التكوير : ١٥.

(٢) الكافي ١ / ٣٤١ ح ٢٢.

(٣) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٧٧٠ ح ١٦.

٥١٨

التزيّن من السيارات ، الجوار «الكنس» أي السيارات الّتي تختفي تحت ضوء الشمس ، من كنس الوحش إذا دخل كناسته ـ انتهى (١).

١٠٢٧ ـ روى محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في كتاب الغيبة ، بإسناده عن امّ هاني ، قالت : قلت لأبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه‌السلام : ما معنى قول الله عزوجل : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ) فقال لي : يا امّ هاني ، إمام يخنس نفسه حتّى ينقطع عن الناس علمه سنة ستّين ومائتين ، ثمّ يبدو كالشهاب الثاقب الواقد في الليلة الظلماء ، فان أدركت ذلك الزمان قرّت عينك (٢).

قال مؤلّف هذا الكتاب : سنة ستّين ومائتين سنة وفاة أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ أبي القائم عليهما‌السلام.

مولد المهديّ عليه‌السلام برواية ابن حمزة

١٠٢٨ ـ روى الفقيه عماد الدّين أبو جعفر محمّد بن عليّ الطوسي المعروف بابن حمزة ، بإسناده عن حكيمة بنت محمّد عليه‌السلام في حديث طويل ، قالت :

دخلت على أبي محمّد صلوات الله عليه ، فلمّا أردت الانصراف قال : بيّتي الليلة عندنا ، فانّه سيولد الليلة المولود الكريم على الله عزوجل ، الّذي يحيي الله عزوجل به الأرض بعد موتها ، قلت : ممّن يا سيّدي ، ولست أرى بنرجس شيئا من الحبل؟ قال : من نرجس لا من غيرها.

قالت : فقمت إليها فقلّبتها ظهرا وبطنا ، فلم أر بها أثر حبل ، فعدت إليه ، فأخبرته بما فعلته ، فتبسّم ، ثمّ قال : إذا كان وقت الفجر يظهر بها الحبل ، لأنّ مثلها مثل امّ موسى لم يظهر بها الحبل ، ولم يعلم به أحد إلى وقت ولادتها ، لأنّ فرعون كان يشقّ بطون الحبلى في طلب موسى ، وهذا نظير موسى صلوات الله عليهما.

قالت حكيمة : فعدت إليها وأخبرتها. قالت : وسألتها عن حالها ، فقالت : يا مولاتي ، ما أرى بي شيئا من هذا.

قالت حكيمة : فلم أزل أرقبها إلى وقت طلوع الفجر ، وهي نائمة بين يدي تتقلّب

__________________

(١) بحار الأنوار ٥١ / ٥١.

(٢) الغيبة للنعمانيّ ٧٥.

٥١٩

جنبا إلى جنب ، حتّى إذا كان آخر الليل ، وقت طلوع الفجر ، وثبت فزعة ، فضممتها إلى صدري وسمّيت عليها ، فقلت لها : ما حالك؟ قالت : ظهر بي الأمر الّذي أخبرك مولاي.

فصاح أبو محمّد عليه‌السلام : اقرئي عليها : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) فأقبلت أقرأ عليها كما أمرني ، فأجابني الجنين من بطنها يقرأ بمثل ما أقرأ وسلّم عليّ.

قالت حكيمة : ففزعت لما سمعت ، فصاح بي أبو محمّد صلوات الله عليه : لا تعجبي من أمر الله ، إنّ الله ينطقنا بالحكمة صغارا ، ويجعلنا حججا في أرضه كبارا ، فلم يستتمّ الكلام حتّى غيّبت عنّي نرجس ، فلم أرها ، كأنّما ضرب بيني وبينها حجاب ، فعدوت نحو أبي محمّد صلوات الله عليه وأنا صارخة ، فقال لي : ارجعي يا عمّة فإنّك ستجدينها في مكانها.

قالت : فرجعت ، فلم ألبث حتّى انكشف الغطاء الّذي بيني وبينها ، وإذا أنا بها وعليها من أثر النور ما غشي بصري ، وإذا بالصبي ساجد بوجهه ، جاث على ركبتيه ، رافع سبّابتيه نحو السماء ، وهو يقول : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ جدّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّ أبي أمير المؤمنين ، ثمّ عدّ إماما إماما إلى أن بلغ إلى نفسه ، ثمّ صلّى عليهم ، ثمّ قال صلوات الله عليه : اللهمّ أنجز لي ما ودعتني ، وتمّم لي أمري ، وثبّت وطأتي ، واملأ الأرض بي عدلا وقسطا ، فصاح بي أبو محمّد وقال : يا عمّة تناوليه وهاتيه ، فتناولته وأتيت به نحوه ، فلمّا مثّلته بين يدي أبيه ، وهو على يدي ، سلّم على أبيه ، فتناوله منّي والطير يرفرف على رأسه ـ الحديث (١).

__________________

(١) الثاقب في المناقب ٢٠١ ح ١٧٨.

٥٢٠