الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

سعيد أبو معاش

الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

المؤلف:

سعيد أبو معاش


المحقق: عبدالرحيم مبارك
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ٣
ISBN: 978-964-444-775-4
الصفحات: ٦٠٣

فيراها من بين الخافقين بإذن الله عزوجل ، بعد طلوع الشمس من مغربها ، فعند ذلك ترفع التوبة فلا توبة تقبل ، ولا عمل يرفع (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً)(١).

ثمّ قال عليه‌السلام : لا تسألوني عمّا يكون بعد ذلك فإنّه عهد إليّ حبيبي عليه‌السلام أن لا اخبر به غير عترتي.

فقال النزال بن سبرة لصعصعة : ما عنى أمير المؤمنين بهذا القول؟

فقال صعصعة : يا ابن سبرة إنّ الّذي يصلّي خلفه عيسى ابن مريم هو الثاني عشر من العترة ، التاسع من ولد الحسين بن عليّ ، وهو الشمس الطالعة من مغربها ، يظهر عند الركن والمقام يطهّر الأرض ، ويضع ميزان العدل فلا يظلم أحد أحدا ، فأخبر أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّ حبيبه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عهد إليه ألّا يخبر بما يكون بعد ذلك غير عترته الأئمّة صلوات الله عليهم أجمعين (٢).

٩١٠ ـ غيبة الشيخ ، بإسناده عن عامر بن واثلة ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عشر قبل الساعة لا بدّ منها : السفيانيّ والدجّال والدّخان والدابّة وخروج القائم وطلوع الشمس من مغربها ، ونزول عيسى عليه‌السلام ، وخسف بالمشرق ، وخسف بجزيرة العرب ، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر (٣).

٩١١ ـ غيبة الشيخ ، بإسناده عن عليّ بن محمّد الأوديّ ، عن أبيه ، عن جدّه ، قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام بين يدي القائم موت أحمر وموت أبيض وجراد في غير حينه أحمر كألوان الدم ، فأمّا الموت الأحمر فالسيف ، وأمّا الموت الأبيض فالطاعون (٤).

٩١٢ ـ روى النعمانيّ في الغيبة بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت له : جعلت فداك ، متى خروج القائم عليه‌السلام؟ فقال : يا أبا محمّد إنّا أهل بيت لا نوقّت ، وقد قال محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله كذب الوقّاتون ، يا أبا محمّد إنّ قدّام هذا الأمر خمس علامات : أوّلهنّ النداء في

__________________

(١) الأنعام : ١٥٨.

(٢) كمال الدّين ٢ / ٥٢٥ ـ ٥٢٨ ح ١ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١٩٢ ـ ١٩٥.

(٣) الغيبة للطوسيّ ٢٦٧ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٢٠٩.

(٤) الغيبة للطوسيّ ٢٦٧ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٢١١.

٤٦١

شهر رمضان ، وخروج السفيانيّ ، وخروج الخراسانيّ ، وقتل النفس الزكيّة ، وخسف بالبيداء.

ثمّ قال : يا أبا محمّد إنّه لا بدّ أن يكون قدّام الطاعونان : الطاعون الأبيض والطاعون الأحمر.

قلت : جعلت فداك ، أيّ شيء الطاعون الأبيض وأيّ شيء الطاعون الأحمر؟

قال : الطاعون الأبيض الجارف ، والطاعون الأحمر السيف ، ولا يخرج القائم حتّى ينادى باسمه من جوف السماء في ليلة ثلاث وعشرين في شهر رمضان ليلة جمعة.

قلت : بم ينادى؟ قال : باسمه واسم أبيه : «ألا إنّ فلان بن فلان قائم آل محمّد ، فاسمعوا له وأطيعوه» ، فلا يبقى شيء خلق الله فيه الروح إلّا سمع الصيحة فتوقظ النائم ، ويخرج إلى صحن داره ، وتخرج العذراء من خدرها ، ويخرج القائم ممّا يسمع ، وهي صيحة جبرئيل عليه‌السلام (١).

٩١٣ ـ روى البرسيّ بالإسناد عن علقمة بن قيس ، قال : خطبنا أمير المؤمنين عليه‌السلام على منبر الكوفة خطبة اللؤلؤة فقال فيما قال في آخرها : وإنّي ظاعن عن قريب ، ومنطلق إلى المغيب ، فارتقبوا الفتنة الامويّة ، والمملكة الكسرويّة ، وإماتة ما أحياه الله ، وإحياء ما أماته الله ، واتّخذوا صوامعكم بيوتكم ، وعضّوا على مثل جمر الغضا ، واذكروا الله كثيرا ، فذكره أكبر لو كنتم تعلمون.

ثمّ قال : وتبنى مدينة يقال لها الزوراء ، بين دجلة ودجيل والفرات ، فلو رأيتموها مشيّدة بالجصّ والآجر ، مزخرفة بالذهب والفضّة ، واللازورد والمرمر والرخام ، وأبواب العاج ، والخيم ، والقباب ، والستارات ، وقد عليت بالساج والعرعر والصنوبر والشب ، وشيّدت بالقصور ، وتوالت عليها ملك بني شيصبان أربعة وعشرون ملكا ، فيهم السفّاح ، والمقلاص ، والجموح ، والخدوع ، والمظفّر ، والمؤنّث ، والنظار ، والكبش ، والمهتور ، والعثار ، والمصطلم ، والمستصعب ، والعلّام ، والرهبانيّ ، والخليع ، والسيار ، والمترف ، والكديد ، والأكثب ، والمسرف ، والأكلب ، والوسيم ، والصيلام ، والعينوق.

__________________

(١) الغيبة للنعمانيّ ٢٨٩ ـ ٢٩٠ ح ٦ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١١٩.

٤٦٢

وتعمل القبّة الغبراء ، ذات الفلاة الحمراء ، وفي عقبها قائم الحقّ يسفر عن وجهه بين الأقاليم ، كالقمر المضيئ بين الكواكب الدّريّة.

ألا وإنّ لخروجه علامات عشرة : أوّلها طلوع الكوكب ذي الذنب ، ويقارب من الحادي ، ويقع فيه هرج ومرج وشغب ، وتلك علامات الخصب.

ومن العلامة إلى العلامة عجب ، فإذا انقضت العلامات العشرة إذ ذاك ، ظهر القمر الأزهر ، وتمّت كلمة الإخلاص لله على التوحيد (١).

٩١٤ ـ روي في التهذيب عن سالم أبي خديجة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سأله رجل وأنا أسمع فقال : إنّي أصلّي الفجر ثمّ أذكر الله بكلّما اريد أن أذكره ممّا يجب عليّ ، فاريد أن أضع جنبي فأنام قبل طلوع الشمس فأكره ذلك ، قال : ولم؟ قال : أكره أن تطلع الشمس من غير مطلعها ، قال : ليس بذلك خفاء ، انظر من حيث يطلع الفجر ، فمن ثمّ تطلع الشمس ، ليس عليك من حرج أن تنام إذا كنت قد ذكرت الله (٢).

٩١٥ ـ وروي في كتاب سرور أهل الإيمان عن السيّد عليّ بن عبد الحميد ، بإسناده عن جابر عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : الزم الأرض ولا تحرّك يدا ولا رجلا حتّى ترى علامات أذكرها لك ، وما أراك تدرك ذلك : اختلاف بين العباد ، ومناد ينادي من السماء ، وخسف في قرية من قرى الشام بالجابية ، ونزول الترك الجزيرة ، ونزول الروم الرملة ، واختلاف كثير عند ذلك في كلّ أرض حتّى تخرب الشام ويكون سبب ذلك اجتماع ثلاث رايات فيه : راية الأصهب ، وراية الأبقع ، وراية السفيانيّ (٣).

__________________

(١) مشارق أنوار اليقين ١٦٤ ـ ١٦٦.

(٢) التهذيب ١ / ٢٢٧.

(٣) بحار الأنوار ٥٢ / ٦٢٩.

٤٦٣

سورة الفتح

الآية الاولى قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)(١).

البيعة للقائم عليه‌السلام

٩١٦ ـ روى المفضّل بن عمر في حديث ظهور الإمام الحجّة عليه‌السلام ، قال الصادق عليه‌السلام : يا مفضّل يسند القائم عليه‌السلام ظهره إلى الحرم ، ويمدّ يده فترى بيضاء من غير سوء ، ويقول : هذه يد الله ، وعن الله ، وبأمر الله ، ثمّ يتلو هذه الآية : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ) الآية.

فيكون أوّل من يقبّل يده جبرئيل عليه‌السلام ، ثمّ يبايعه وتبايعه الملائكة ونجباء الجنّ ، ثمّ النقباء ، ويصبح الناس بمكّة فيقولون : من هذا الرجل الّذي بجانب الكعبة؟ وما هذا الخلق الّذين معه؟ وما هذه الآية رأيناها الليلة ولم تر مثلها؟ ـ الحديث (٢).

٩١٧ ـ أسند المفيد في إرشاده إلى الصادق عليه‌السلام : ينادى باسم القائم في ليلة ثلاث وعشرين ، ويقوم في يوم عاشورا يوم السبت بين الركن والمقام ، جبرئيل عن يمينه ينادي : «البيعة لله تعالى» فتصير إليه شيعته من أطراف الأرض ، تطوى لهم طيّا حتّى

__________________

(١) الفتح : ١٠.

(٢) بحار الأنوار ٥٣ / ٨.

٤٦٤

يبايعوه فيملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما (١).

٩١٨ ـ روى النعمانيّ بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : يقوم القائم عليه‌السلام في وتر من السنين ، تسع ، واحدة ، ثلاث ، خمس ـ إلى أن قال عليه‌السلام : ـ واختلف أهل الشرق وأهل الغرب نعم وأهل القبلة ، ويلقى الناس جهد شديد ممّا يمرّ بهم من الخوف ـ فلا يزالون بتلك الحالة حتّى ينادي مناد من السماء ، فإذا نادى فالنفر النفر. فو الله لكأنّي انظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس ... الحديث (٢).

٩١٩ ـ روى السيّد الجليل ابن طاوس أعلى الله مقامه فيما ذكره نعيم بإسناده عن نوف البكاليّ ، قال : في راية المهديّ مكتوب : البيعة لله (٣).

٩٢٠ ـ روى السيّد ابن طاوس رحمه‌الله بإسناده عن الأصبغ بن نباتة ، قال : خطب أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام خطبة ، فذكر المهديّ وخروج من يخرج معه وأسمائهم ، فقال له أبو خالد الكابليّ : صفه لنا يا أمير المؤمنين.

فقال عليّ عليه‌السلام : ألا إنّه أشبه الناس خلقا وخلقا وحسنا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ألا أدلّكم على رجاله وعددهم؟ قلنا : بلى يا رسول الله.

قال عليه‌السلام : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أوّلهم من البصرة ، وآخرهم من اليمامة ؛ وجعل عليّ عليه‌السلام يعدّد رجال المهديّ ، والناس يكتبون ، فقال : رجلان من البصرة ... في حديث طويل في آخره : ورجل من اليمامة.

قال عليه الصلاة والسلام : أحصاهم لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا بعدد أصحاب بدر يجمعهم الله من مشرقها إلى مغربها في أقلّ ممّا يتمّ الرجل عشاءه عند بيت الله الحرام ، فبينا أهل مكّة كذلك فيقولون أهل مكّة : قد كبسنا السفيانيّ ، فيشرفون أهل مكّة. فينظرون إلى قوم حول بيت الله الحرام ، وقد انجلى عنهم الظلام ولاح لهم الصبح وصاح بعضهم ببعض النجاح ، وأشرف الناس ينظرون وقرّاؤهم يفكّرون.

قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : كأنّي انظر إليهم والزيّ واحد ، والقدّ واحد ، والحسن واحد ،

__________________

(١) الإرشاد للمفيد ٣٦١ و ٣٦٢.

(٢) الغيبة للنعماني ٢٦٢ ـ ٢٦٣ خ ٢٢.

(٣) التشريف بالمنن ١٧١.

٤٦٥

والجمال واحد ، واللباس واحد ، كأنّما يطلبون شيئا ضاع منهم ، فهم متحيّرون في أمرهم ، حتّى يخرج إليهم من تحت ستارة الكعبة في آخرها رجل أشبه الناس برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خلقا وحسنا وجمالا ، فيقولون : أنت المهديّ؟ فيخرجهم ويقول : أنا المهديّ ، فيقول : بايعوا على أربعين خصلة واشترطوا عشر خصال.

قال الأحنف : بأبينا وما تلك الخصال؟

فقال أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام : يبايعون على أن لا يسرقوا ، ولا يزنوا ، ولا يقتلوا ، ولا ينتهكوا حريما ، ولا يشتموا مسلما ، ولا يهجموا منزلا ، ولا يضربوا أحدا إلّا بالحقّ ، ولا يركبوا الخيل الهماليج ، ولا يتمنطقوا بالذهب ، ولا يلبسوا الخزّ ، ولا يلبسوا الحرير ، ولا يلبسوا النعال الصرارة ، ولا يخرّبوا مسجدا ، ولا يقطعوا طريقا ، ولا يظلموا يتيما ، ولا يخيفوا سبيلا ، ولا يحبسوا بكرا ، ولا يأكلوا مال اليتيم ، ولا يفسقوا بغلام ، ولا يشربوا الخمر ، ولا يخونوا أمانة ، ولا يخلفوا العهد ، ولا يكبسوا طعام من برّ أو شعير ، ولا يقتلوا مستأمنا ، ولا يتّبعوا منهزما ، ولا يسفكوا دما ، ولا يجهزوا على جريح ، ويلبسون الخشن من الثياب ، ويوسّدون التراب على الخدود ، ويأكلون الشعير ، ويرضون بالقليل ، ويجاهدون في الله حقّ جهاده ، ويشمّون الطيب ، ويكرهون النجاسة ؛ ويشرط لهم على نفسه : أن لا يتّخذ حاجبا ، ويمشي حيث يمشون ، ويكون من حيث يريدون ، ويرضى بالقليل ، ويملأ الأرض بعون الله عدلا كما ملئت جورا ، يعبد الله حقّ عبادته ، يفتح له خراسان ، ويطيعه أهل اليمن ، وتقبل الجيوش أمامه من اليمن فرسان همدان وخولان ، وجدّه يمدّه بالأوس والخزرج ، ويشدّ عضده بسليمان ، على مقدّمته عقيل ، وعلى ساقته الحارث ، ويكثر الله جمعه بهم ، ويشدّ ظهره بمضر ، يسيرون أمامه الفتن ، وتحالفه بجيلة وثقيف ونخع وعلاف ، ... الحديث (١).

الآية الثانية قوله تعالى : (لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً)(٢).

٩٢١ ـ الشيخ الصدوق بإسناده عن محمّد بن أبي عمير ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قلت له : ما بال أمير المؤمنين عليه‌السلام لم يقاتل فلانا وفلانا؟ قال : لآية في كتاب الله

__________________

(١) التشريف بالمنن ٢٩٤ ـ ٢٩٥.

(٢) الفتح : ٢٥.

٤٦٦

عزوجل : (لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً).

قال : قلت : وما يعني بتزايلهم؟

قال : ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين ، وكذلك القائم عليه‌السلام لن يظهر أبدا حتّى تخرج ودائع الله عزوجل ، فإذا خرجت ظهر على من ظهر من أعداء الله فقتلهم (١).

٩٢٢ ـ عنه بإسناده عن إبراهيم الكرخيّ ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام وقال له رجل : أصلحك الله ألم يكن عليّ عليه‌السلام قويّا في دين الله؟ قال : بلى ، قال : فكيف ظهر عليه القوم ، وكيف لم يدفعهم ، وما منعه من ذلك؟ قال : آية في كتاب الله عزوجل منعته. قال : قلت : وأيّة آية؟ قال قوله : (لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) إنّه كان لله عزوجل ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين ومنافقين ، فلم يكن عليّ عليه‌السلام ليقتل الآباء حتّى يخرج الودائع ، فلمّا خرج الودائع ظهر على من ظهر فقاتله ، وكذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبدا حتّى تظهر ودائع الله عزوجل ، فإذا ظهرت ظهر على من ظهر فقتله (٢).

٩٢٣ ـ وروى عليّ بن إبراهيم بإسناده عن الكرخيّ ، قال : قال رجل لأبي عبد الله عليه‌السلام : ألم يكن عليّ قويّا في بدنه قويّا بأمر الله؟ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : بلى.

قال : فما منعه أن يدفع أو يمتنع؟ قال : سألت فافهم الجواب ، منع عليّا من ذلك آية من كتاب الله ، فقال : وأيّ آية؟ فقرأ : (لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) إنّه كان لله ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين ومنافقين ، فلم يكن عليّ عليه‌السلام ليقتل الآباء حتّى تخرج الودائع ، فلمّا خرج ظهر على من ظهر وقتله ، وكذلك قائمنا أهل البيت لم يظهر أبدا حتّى تخرج ودائع الله ، فإذا خرجت ظهر على من ظهر فقتله (٣).

الآية الثالثة قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)(٤).

٩٢٤ ـ عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه‌السلام ، قال : هو الإمام الّذي يظهره على الدّين كلّه ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، وهذا ممّا

__________________

(١) تفسير البرهان ٤ / ١٩٨ ح ١.

(٢) تفسير البرهان ٤ / ١٩٨ ح ٢.

(٣) تفسير القمّي ٢ / ٣١٦ ـ ٣١٧.

(٤) الفتح : ٢٨.

٤٦٧

ذكرنا أنّ تأويله بعد تنزيله (١).

٩٢٥ ـ وروى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الماضي عليه‌السلام ، قال : قلت : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِ) قال : هو الّذي أمر رسوله بالوصيّة ، والولاية هي دين الحقّ.

قلت : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) قال : يظهر على جميع الأديان عند قيام القائم ، يقول الله : والله متمّ ولاية القائم ولو كره الكافرون بولاية عليّ عليه‌السلام (٢).

__________________

(١) تفسير القمّي ٢ / ٣١٧.

(٢) تفسير البرهان ٤ / ٢٠٠ ح ٣.

٤٦٨

سورة ق

الآية الاولى قوله عزوجل : (يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ)(١).

٩٢٦ ـ روى عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه‌السلام ، قال : قال : ينادي المنادي صيحة القائم واسم أبيه عليهما‌السلام ، قوله : (يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) قال : باسم القائم عليه‌السلام من السماء ، وذلك يوم الخروج (٢).

٩٢٧ ـ وعن عليّ بن إبراهيم : قوله : (يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) قال : صيحة القائم من السماء ، وذلك يوم الخروج (٣).

٩٢٨ ـ ثمّ قال عليّ بن إبراهيم بإسناده عن جميل بن درّاج ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) قال : هي الرجعة.

(يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً)(٤) قال ، قال : في الرجعة.

قلت : (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ* يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) قال : هي الرجعة (٥).

__________________

(١) سورة ق : ٤٢.

(٢) تفسير القمّي ٢ / ٣٢٧.

(٣) نفس المصدر.

(٤) سورة ق : ٤٤.

(٥) نفس المصدر.

٤٦٩

٩٢٩ ـ روى الشيخ النعمانيّ رحمه‌الله بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما‌السلام أنّه قال : إذا رأيتم نارا من قبل المشرق شبه الهرديّ العظيم تطلع ثلاثة أيّام أو سبعة أيّام ، فتوقّعوا فرج آل محمّد عليهم‌السلام إن شاء الله عزوجل إنّ الله عزيز حكيم.

ثمّ قال : الصيحة لا تكون إلّا في شهر رمضان شهر الله ، الصيحة فيه هي صيحة جبرئيل عليه‌السلام إلى هذا الخلق.

ثمّ قال : ينادي مناد من السماء باسم القائم عليه‌السلام ، فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب ، لا يبقى راقد إلّا استيقظ ، ولا قائم إلّا قعد ، ولا قاعد إلّا قام على رجليه فزعا من ذلك الصوت ، فرحم الله من اعتبر بذلك الصوت فأجاب ، فإنّ الصوت الأوّل هو صوت جبرئيل الروح الأمين عليه‌السلام.

ثمّ قال عليه‌السلام : يكون الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين ، لا تشكّوا في ذلك ، واسمعوا وأطيعوا ، وفي آخر النهار صوت الملعون إبليس ينادي : ألا إنّ فلانا قتل مظلوما ، ليشكّك الناس ويفتنهم ، فكم في ذلك اليوم من شاكّ متحيّر قد هوى في النار ، فإذا سمعتم الصوت في شهر رمضان فلا تشكّوا فيه أنّه صوت جبرئيل ، وعلامة ذلك أنّه ينادي باسم القائم واسم أبيه حتّى تسمعه العذراء في خدرها ، فتحرّض أباها وأخاها على الخروج.

وقال : لا بدّ من هذين الصوتين قبل خروج القائم عليه‌السلام : صوت من السماء وهو صوت جبرئيل باسم صاحب هذا الأمر واسم أبيه ، والصوت الثاني من الأرض ، وهو صوت إبليس اللعين ينادي باسم فلان أنّه قتل مظلوما ، يريد بذلك الفتنة ، فاتّبعوا الصوت الأوّل ، وإيّاكم والأخير أن تفتنوا به .. الحديث (١).

__________________

(١) الغيبة للنعمانيّ ٢٥٣ ح ١٣.

٤٧٠

سورة الذاريات

الآية الاولى قوله تعالى : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ)(١).

٩٣٠ ـ غيبة الشيخ : روى بالإسناد عن ابن عبّاس في قول الله :

(وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) قال :

قيام القائم عليه‌السلام ، ومثله : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً)(٢) قال : أصحاب القائم يجمعهم الله في يوم واحد (٣).

٩٣١ ـ غيبة الشيخ : روى بالإسناد عن إسحاق بن عبد الله بن عليّ بن الحسين في هذه الآية : (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) قال : قيام القائم من آل محمّد ، وفيه نزلت : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً)(٤) قال : نزلت في المهديّ (٥).

__________________

(١) الذاريات : ٢٢.

(٢) البقرة : ١٤٨.

(٣) الغيبة للطوسيّ ١١٠.

(٤) النور : ٥٥.

(٥) الغيبة للطوسي ١١٠.

٤٧١

٩٣٢ ـ غيبة الشيخ : روى بالإسناد عن الكلبيّ ، عن أبي صالح عن ابن عبّاس في قوله تعالى : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) قال : هو خروج المهديّ (١).

٩٣٣ ـ روى السيّد عليّ بن عبد الحميد في كتاب «الأنوار المضيئة» بإسناده عن محمّد بن أحمد الأياديّ يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قال : المستضعفون في الأرض المذكورون في الكتاب الّذين يجعلهم الله أئمّة نحن أهل البيت يبعث الله مهديّهم فيعزّهم ويذلّ عدوّهم.

وبالإسناد يرفعه إلى ابن عبّاس في قوله تعالى : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) قال : هو خروج المهديّ (٢).

__________________

(١) نفس المصدر.

(٢) بحار الأنوار ٥١ / ٦٣.

٤٧٢

سورة الطور

الآية الاولى قوله تعالى : (وَالطُّورِ* وَكِتابٍ مَسْطُورٍ* فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ)(١).

عهد من الله ورسوله وأمير المؤمنين للمهدي عليه‌السلام

٩٣٤ ـ روى أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ بإسناده عن محمّد بن عليّ الهمدانيّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : الليلة الّتي يقوم فيها قائم آل محمّد عليه‌السلام ينزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين عليه‌السلام وجبرائيل عليه‌السلام على حراء فيقول له جبرائيل :

أجب ، فيخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رقّا من حجزة ازاره فيدفعه إلى عليّ عليه‌السلام ، فيقول له :

اكتب :

«بسم الله الرحمن الرحيم ـ هذا عهد من الله ومن رسوله ومن عليّ بن أبي طالب لفلان بن فلان باسمه واسم أبيه» وذلك قوله عزوجل في كتابه :

(وَالطُّورِ* وَكِتابٍ مَسْطُورٍ* فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ) وهو الكتاب الّذي أخرجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من حجزة إزاره.

قلت : (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) وهو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟

قال : نعم المملي رسول الله والكاتب عليّ عليه‌السلام (٢).

__________________

(١) الطور : ١ ـ ٣.

(٢) دلائل الإمامة ٢٥٦.

٤٧٣

سورة القمر

الآية الاولى قوله تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)(١).

٩٣٥ ـ روى الشيخ الصدوق رحمه‌الله بإسناده عن أبي الحسن عليّ بن موسى بن أحمد بن إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال : وجدت في كتاب أبي رضى الله عنه بإسناده عن عليّ بن إبراهيم بن مهزيار في حديث طويل في تشرّفه بخدمة صاحب الزمان عليه‌السلام في غيبته ، جاء فيه قوله عليه‌السلام :

يا ابن مهزيار كيف خلّفت اخوانك في العراق؟

قلت : في ضنك عيش وهناة ، قد تواترت عليهم سيوف بني الشيصبان.

فقال : قاتلهم الله أنّى يؤفكون ، كأنّي بالقوم قد قتلوا في ديارهم وأخذهم أمر ربّهم ليلا ونهارا.

فقلت : متى يكون ذلك يا ابن رسول الله؟

قال : إذا حيل بينكم وبين سبيل الكعبة بأقوام لا خلاق لهم والله ورسوله منهم براء ، وظهرت الحمرة في السماء ثلاثا ، فيها أعمدة كأعمدة اللجين تتلألأ نورا ، ويخرج السروسي من أرمنية وآذربيجان يريد وراء الري الجبل الأسود المتلاحم بالجبل الأحمر ،

__________________

(١) القمر : ١.

٤٧٤

لزيق جبل طالقان ، فيكون بينه وبين المروزيّ وقعة صيلمانيّة يشيب فيها الصغير ، ويهرم منها الكبير ، ويظهر القتل بينهما ، فعندها توقّعوا خروجه إلى الزوراء ، فلا يلبث بها حتّى يوافي باهات ، ثمّ يوافي واسط العراق ، فيقيم بها سنة أو دونها ، ثمّ يخرج إلى كوفان ، فيكون بينهم وقعة من النجف إلى الحيرة إلى الغريّ ، وقعة شديدة تذهل منها العقول ، فعندها يكون بوار الفئتين ، وعلى الله حصاد الباقين.

ثمّ تلا قوله تعالى : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.* .. أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ)(١).

فقلت : سيّدي يا ابن رسول الله ، ما الأمر؟

قال : نحن أمر الله وجنوده.

قلت : سيّدي يا ابن رسول الله ، حان الوقت؟

قال : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)(٢).

٩٣٦ ـ وروى عليّ بن إبراهيم القمّي في تفسير قوله تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) قال : خروج القائم عليه‌السلام (٣).

٩٣٧ ـ وفي رواية المفضّل بن عمر عن الصادق عليه‌السلام ، قال : سألت سيّدي أبا عبد الله الصادق عليه‌السلام : هل للمأمول المنتظر المهديّ عليه‌السلام وقت مؤقّت تعلمه الناس؟

فقال : حاش لله أن يوقّت له وقتا.

قال : قلت مولاي ولم ذلك؟

قال : لأنّه الساعة الّتي قال الله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)(٤).

قوله : (وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) ولم يقل انّها عند أحد دونه.

وقوله : (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ* يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا

__________________

(١) يونس : ٢٤.

(٢) كمال الدّين ٢ / ٤٦٥ ح ٢٣.

(٣) تفسير القمّيّ ٢ / ٣٤٠ بحار الأنوار ١٧ / ٣٥١.

(٤) الأعراف : ١٨٧.

٤٧٥

مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ).

قلت : يا مولاي ما معنى يمارون؟

قال : يقولون : متى ولد؟ ومن رآه؟ وأين هو؟ ومتى يظهر؟ كلّ ذلك استعجالا لأمره وشكّا في قضائه وقدرته ، اولئك الّذين خسروا أنفسهم في الدنيا والآخرة ، وإنّ للكافرين لشرّ مآب ـ الحديث ـ (١).

الآية الثانية قوله تعالى : (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ)(٢).

٩٣٨ ـ روي النعمانيّ بإسناده عن عبد الله بن سنان ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فسمعت رجلا من همدان يقول : إنّ هؤلاء العامّة يعيّرونا ويقولون لنا : انّكم تزعمون أنّ مناديا ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر.

وكان عليه‌السلام متّكئا فغضب وجلس ، ثمّ قال : لا ترووه عنّي وارووه عن أبي ولا حرج عليكم في ذلك ، أشهد أنّي قد سمعت أبي عليه‌السلام يقول : والله إنّ ذلك في كتاب الله عزوجل لبيّن ، حيث يقول : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ)(٣) فلا يبقى في الأرض يومئذ أحد إلّا خضع وذلّت رقبته لها ، فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء : «ألا إنّ الحقّ في عليّ بن أبي طالب وشيعته».

قال : فإذا كان من الغد ، صعد إبليس في الهواء حتّى يتوارى عن أهل الأرض ثمّ ينادي : ألا إنّ الحقّ في عثمان بن عفّان وشيعته فإنّه قتل مظلوما ، فاطلبوا بدمه ، قال عليه‌السلام : فيثبّت الله الّذين آمنوا بالقول الثابت على الحقّ وهو النداء الأوّل ويرتاب الّذين في قلوبهم مرض والمرض والله عداوتنا ، فعند ذلك يتبرّءون منّا ويتناولونا ويقولون إنّ المنادي الأوّل سحر من سحر أهل هذا البيت. ثمّ تلا أبو عبد الله عليه‌السلام قول الله عزوجل : (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ)(٤).

__________________

(١) المحجّة ٢٠٤ ـ ٢٠٥ ؛ بحار الأنوار ٥٣ / ٢.

(٢) القمر : ٢.

(٣) الشعراء : ٤.

(٤) الغيبة للنعمانيّ ٢٦٠ ـ ٢٦١ ح ١٩.

٤٧٦

سورة الرحمن

الآية الاولى قوله تعالى : (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ)(١).

٩٣٩ ـ روى الشيخ المفيد بإسناده عن معاوية بن عمّار الدهني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله تعالى : (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) فقال : يا معاوية ما يقولون في هذا؟

قلت : يزعمون إنّ الله تبارك وتعالى يعرف المجرمين بسيماهم في القيامة ، فيأمر بهم فيؤخذ بنواصيهم وأقدامهم فيلقون في النار.

فقال لي : وكيف يحتاج الجبّار تبارك وتعالى إلى معرفة الخلق بسيماهم وهو خلقهم؟

قلت : فما ذاك ، جعلت فداك؟

فقال : ذلك لو قام قائمنا أعطاه الله السيماء ، فيأمر بالكافر فيؤخذ بالنواصي والأقدام ثمّ يخبط بالسيف خبطا (٢).

٩٤٠ ـ وروى المفيد بإسناده عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : إنّا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان وبحقيقة النفاق (٣).

__________________

(١) الرحمن : ٤١.

(٢) الاختصاص للمفيد ٣٠٤.

(٣) الاختصاص ٢٧٨.

٤٧٧

٩٤١ ـ وروى المفيد أيضا بإسناده عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : إنّ الله أخذ ميثاق شيعتنا من صلب آدم فنحن نعرف بذلك حبّ المحبّ وإن أظهر خلاف ذلك بلسانه ، ونعرف بغض المبغض وإن أظهر حبّنا أهل البيت (١).

٩٤٢ ـ وروى النعمانيّ بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ) قال : الله يعرفهم ولكن انزلت في القائم عليه‌السلام ، يعرفهم بسيماهم فيخبطهم بالسيف هو وأصحابه خبطا (٢).

الآية الثانية قوله تعالى : (وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ* فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ)(٣).

٩٤٣ ـ روى النعمانيّ رحمه‌الله بإسناده عن كعب الأحبار أنّه قال : إذا كان يوم القيامة حشر الخلق على أربعة أصناف : صنف ركبان ، وصنف على أقدامهم يمشون ، وصنف مكبّون ، وصنف على وجوههم ، صمّ بكم عمي فهم لا يعقلون ، ولا يكلّمون ، ولا يؤذن لهم فيعتذرون ، اولئك الّذين تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون.

فقيل له : يا كعب من هؤلاء الّذين يحشرون على وجوههم وهذه الحالة حالهم؟

فقال كعب : اولئك كانوا في الضلال والارتداد والنكث ، فبئس ما قدّمت لهم أنفسهم إذا لقوا الله بحرب خليفتهم ، ووصي نبيّهم ، وعالمهم وفاضلهم وحامل اللواء ، ووليّ الحوض ، والمرتجى والرجا دون هذا العالم ، وهو العلم الّذي لا يجهل ، والحجّة الّتي من زال عنها عطب ، وفي النار هوى.

ذاك عليّ وربّ الكعبة أعلمهم علما ، وأقدمهم سلما ، وأوفرهم حلما.

عجب كعب ممّن قدّم على عليّ غيره ، ومن يشكّ في القائم المهديّ الّذي يبدّل الأرض غير الأرض ، وبه عيسى ابن مريم يحتجّ على نصارى الروم والصين ، إنّ القائم المهديّ من نسل عليّ أشبه الناس بعيسى ابن مريم خلقا وخلقا وسيماء وهيئة ، يعطيه الله جلّ وعزّ ما أعطى الأنبياء ، ويزيده ويفضّله.

__________________

(١) الاختصاص ٢٧٨.

(٢) الغيبة للنعمانيّ ١٢٧.

(٣) الواقعة : ٤١.

٤٧٨

إنّ القائم من ولد عليّ له غيبة كغيبة يوسف ، ورجعة كرجعة عيسى ابن مريم ، ثمّ يظهر بعد غيبته مع طلوع النجم الأحمر وخراب الزوراء ـ وهي الريّ ـ وخسف المزوّرة ـ وهي بغداد ـ وخروج السفيانيّ ، وحرب ولد العبّاس مع فتيان أرمنيّة وآذربيجان.

تلك حرب يقتل فيها الوف والوف ، كلّ يقبض على سيفه محلّى تخفق عليه رايات سود ، تلك حرب يستبشر فيها الموت الأحمر والطاعون الأكبر (١).

__________________

(١) الغيبة للنعمانيّ ٧٤ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٢٢٥.

٤٧٩

سورة الحديد

الآية الاولى قوله سبحانه : (وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ)(١).

٩٤٤ ـ روى محمّد بن إبراهيم النعمانيّ بإسناده عن رجل من أصحاب أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليه‌السلام ، قال : سمعته يقول : نزلت هذه الآية في سورة الحديد (وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) من أهل زمان الغيبة. ثمّ قال : «اعلموا أنّ الله يحيي الأرض بعد موتها قد بيّنا لكم الآيات لعلّكم تعقلون» وقال : إنّ الأمد أمد الغيبة (٢).

٩٤٥ ـ الشيخ الصدوق ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : نزلت هذه الآية في القائم. (٣)

٩٤٦ ـ الشيخ المفيد بإسناده عن أبي عبد الله عليه‌السلام : نزلت هذه الآية : (وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ) فتأويل هذه الآية جار في زمان الغيبة وأيّامها دون غيرهم ، والأمد أمد الغيبة (٤).

الآية الثانية قوله عزوجل : (اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ

__________________

(١) الحديد : ١٦.

(٢) عنه : المحجّة ٢١٩.

(٣) كمال الدّين ٢ / ٦٦٨.

(٤) المحجّة ٢٢٠.

٤٨٠