الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

سعيد أبو معاش

الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

المؤلف:

سعيد أبو معاش


المحقق: عبدالرحيم مبارك
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ٣
ISBN: 978-964-444-775-4
الصفحات: ٦٠٣

عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) فقال عليه‌السلام : استقاموا على الأئمّة واحدا بعد واحد تتنزّل عليهم الملائكة ألّا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنّة الّتي كنتم توعدون (١).

__________________

(١) الكافي ١ / ٤٢٠ ح ٤٠.

٤٤١

سورة محمّد

الآية الاولى قوله سبحانه : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ)(١).

٨٥٩ ـ روى شرف الدّين مرفوعا عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عيسى ، عن محمّد الحلبي ، قال : قرأ أبو عبد الله عليه‌السلام : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) وسلطتم وملكتم (أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ)(٢) ثمّ قال : نزلت هذه الآية في بني عمّنا بني عبّاس وبني اميّة.

ثمّ قرأ : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) عن الوحي ، ثمّ قرأ : (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ) بعد ولاية عليّ (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ).

ثمّ قرأ : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا) بولاية عليّ عليه‌السلام (زادَهُمْ هُدىً) حيث عرّفهم الأئمّة من بعده والقائم عليه‌السلام من بعده (وآتاهم تقواهم) أمانا من النار (٣).

الآية الثانية قوله تعالى : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها)(٤).

__________________

(١) محمّد : ١٧.

(٢) محمّد : ٢٢.

(٣) تأويل الآيات ٢ / ٥٨٥ ؛ بحار الأنوار ٢٤ / ٣٢٠.

(٤) محمّد : ١٨.

٤٤٢

أشراط الساعة

٨٦٠ ـ روى عليّ بن إبراهيم بإسناده من طريق العامّة ، عن عطاء بن أبي رياح ، عن عبد الله بن عبّاس ، قال : حججنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حجّة الوداع ، فأخذ بحلقة باب الكعبة ، ثمّ أقبل بوجهه فقال : ألا أخبركم بأشراط الساعة؟ وكان أدنى الناس يومئذ سلمان رحمة الله عليه ، فقالوا : بلى يا رسول الله ، فقال : من أشراط الساعة إضاعة الصلاة واتّباع الشهوات والميل إلى الأهواء وتعظيم أصحاب المال ، وبيع الدّين بالدنيا ، فعندها يذاب قلب المؤمن في جوفه كما يذاب الملح بالماء ممّا يرى من المنكر فلا يستطيع أن يغيّره.

قال : قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال : اي والّذي نفسي بيده يا سلمان ، إنّ عنده أمراء جورة ، ووزراء فسقة ، وعرفاء ظلمة ، وامناء خونة ، فقال سلمان : وإنّ ذلك لكائن يا رسول الله؟

فقال : اي والّذي نفسي بيده يا سلمان ، إنّ عندها يكون المنكر معروفا والمعروف منكرا ويؤتمن الخائن ، ويخون الأمين ويصدّق الكاذب ويكذّب الصادق. قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟ قال : اي والّذي نفسي بيده ، فعندها يكون امارة النساء ومشاورة الإماء وقعود الصبيان على المنابر ، ويكون الكذب ظرفا (طرفا ـ خ) ، والزكاة مغرما ، والفيء مغنما ، ويجفو الرجل والديه ، ويبرّ صديقه ، ويطلع الكوكب المذنّب ، قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال : اي والّذي نفسي بيده يا سلمان ، وعندها تشارك المرأة زوجها في التجارة ، ويكون المطر قيظا ، وتغيظ الكرام غيظا ، ويحتقر الرجل المعسر ، فعندها لا تقارب الأسواق إلّا إذا قال هذا لم أبع شيئا ، وقال هذا : لم أربح ، فلا ترى إلّا ذامّا لله.

فقال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال : اي والّذي نفسي بيده يا سلمان ، فعندها تليهم أقوام إن تكلّموا قتلوهم ، وإن سكتوا استباحوهم ، ليستأثرون بفيئهم ، وليطؤن حرمتهم ، وليسفكنّ دمائهم ، ولتملأنّ قلوبهم دغلا ورعبا ، فلا تراهم إلّا وجلين خائفين مرعوبين مرهوبين.

قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

٤٤٣

قال : اي والّذي نفسي بيده يا سلمان ، إنّ عندها يؤتى بشيء من المشرق وشيء من المغرب يلون امّتي ، فالويل لضعفاء امّتي منهم ، فالويل لهم من الله ، لا يرحمون صغيرا ولا يوقّرون كبيرا ولا يتجاوزون عن مسيء ، جثّتهم جثّة الآدميّين ، وقلوبهم قلوب الشياطين.

قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال : اي والّذي نفسي بيده يا سلمان ، وعندها يكتفي الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، ويغار على الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها ، وتشبّه الرجال بالنساء ، والنساء بالرجال ، ويركبن ذوات الفروج السروج ، فعليهنّ من امّتي لعنة الله.

قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال : اي والّذي نفسي بيده يا سلمان ، إنّ عندها تزخرف المساجد كما تزخرف البيع والكنائس ، وتحلّى المصاحف ، وتطوّل المنارات ، وتكثر الصفوف بقلوب متباغضة وألسن مختلفة.

قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال : اي والّذي نفسي بيده يا سلمان ، إنّ عندها تحلّى ذكور امّتي بالذهب ، ويلبسون الحرير والديباج ، ويتّخذون جلود النمور صفاقا.

قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال : اي والّذي نفسي بيده يا سلمان ، وإنّ عندها يظهر الربا ، ويتعاملون بالعينة والرشا ، ويوضع الدّين وترفع الدنيا.

قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال : اي والّذي نفسي بيده يا سلمان ، وعندها يكثر الطلاق ، فلا يقام لله حدّ ، ولن يضرّ الله شيء. قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال : أي والّذي نفسي بيده يا سلمان ، وعندها تظهر القينات والمعازف ، ويليهم شرار امّتي.

قال سلمان : وانّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال : اي والّذي نفسي بيده يا سلمان ، وعندها تحجّ أغنياء امّتي للنزهة ، وتحجّ

٤٤٤

أوساطها للتجارة ، وتحجّ فقراؤها للرياء والسمعة ، فعندها يكون أقوام يتعلّمون القرآن لغير الله ، فيتّخذونه مزامير ، ويكون أقوام يتفقّهون لغير الله ، وتكثر أولاد الزنا ، يتغنّون بالقرآن ويتهافتون بالدنيا.

قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال : اي والّذي نفسي بيده يا سلمان ، ذلك إذا انتهكت المحارم واكتسبت المآثم ، وتسلّط الأشرار على الأخيار ، ويفشو الكذب ، وتظهر اللجاجة ، ويغشي العاقل (وفي نسخة : ويفشو الفاقة) ويتباهون في اللباس ، ويمطرون في غير أوان المطر ، ويستحسنون الكوبة والمعازف ، وينكرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، حتّى يكون المؤمن في ذلك الزمان أذلّ من الامّة ، ويظهر قرّائهم وعبّادهم فيما بينهم التلاوم ، فاولئك يدعون في ملكوت السماوات الأرجاس الأنجاس.

قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال : اي والّذي نفسي بيده يا سلمان ، فعندها لا يخشى الغنيّ إلّا الفقر ، حتّى إنّ السائل يسأل فيما بين الجمعتين لا يصيب أحدا يضع في كفّه شيئا.

قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال : اي والّذي نفسي بيده يا سلمان ، وعندها يتكلّم الرويبضة.

قال سلمان : وما الرويبضة يا رسول الله؟ فداك أبي وامّي.

قال : يتكلّم في أمر العامة من لم يكن يتكلّم ، فلم يلبثوا إلّا قليلا حتّى تخور الأرض ، فلا يظنّ كلّ قوم إلّا أنّها خارت في ناحيتهم ، فيمكثون ما شاء الله ، ثمّ يمكثون في مكثهم فتلقي لهم الأرض أفلاذ كبدها ، قال : ذهب وفضّة ، ثمّ أومى بيده إلى الأساطين فقال : مثل هذا ، فيومئذ لا ينفع ذهب ولا فضّة ، وهذا معنى قوله : (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها)(١).

٨٦١ ـ روى النعمانيّ بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنّه قال : إذا رأيتم نارا من المشرق شبه الهردي (٢) العظيم تطلع ثلاثة أيّام أو سبعة أيّام فتوقّعوا فرج آل محمّد عليهم‌السلام

__________________

(١) تفسير القمّيّ ٢ / ٣٠٢ ـ ٣٠٧ ؛ تفسير البرهان ٤ / ١٨٣ ح ١.

(٢) الهرديّ : المصبوغ بالهرد وهو الكركم الأصفر وطين أحمر ؛ يعني نارا تشبه الهرديّ من حيث لونها الأصفر أو الأحمر.

٤٤٥

إن شاء الله عزوجل ، إنّ الله عزيز حكيم.

ثمّ قال : الصيحة لا تكون إلّا في شهر رمضان شهر الله ، وهي صيحة جبرئيل إلى هذا الخلق.

ثمّ قال : ينادي مناد من السماء باسم القائم عليه‌السلام ، فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب لا يبقى راقد إلّا استيقظ ، ولا قائم إلّا قعد ، ولا قاعد إلّا قام على رجليه فزعا من ذلك الصوت ، فرحم الله من اعتبر بذلك الصوت فأجاب ، فإنّ الصوت الأوّل هو صوت جبرئيل الروح الأمين.

وقال عليه‌السلام : الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين ، فلا تشكّوا في ذلك واسمعوا وأطيعوا ، وفي آخر النهار صوت إبليس اللعين ينادي : ألا انّ فلانا قتل مظلوما ، ليشكّك الناس ويفتنهم ، فكم ذلك اليوم من شاكّ متحيّر قد هوى في النار. وإذا سمعتم الصوت في شهر رمضان فلا تشكّوا أنّه صوت جبرئيل ، وعلامة ذلك أنّه ينادي باسم القائم واسم أبيه حتّى تسمعه العذراء في خدرها فتحرّض أباها وأخاها على الخروج.

وقال عليه‌السلام : لا بدّ من هذين الصوتين قبل خروج القائم عليه‌السلام : صوت من السماء وهو صوت جبرئيل ، وصوت من الأرض فهو صوت إبليس اللعين ، ينادي باسم فلان أنّه قتل مظلوما يريد الفتنة ، فاتّبعوا الصوت الأوّل ، وإيّاكم والأخير أن تفتتنوا به.

وقال عليه‌السلام : لا يقوم القائم إلّا على خوف شديد من الناس ، وزلازل ، وفتنة ، وبلاء يصيب الناس ، وطاعون قبل ذلك ، وسيف قاطع بين العرب ، واختلاف شديد بين الناس ، وتشتيت في دينهم ، وتغيير في حالهم ، حتّى يتمنّى المتمنّي الموت صباحا ومساء ، من عظم ما يرى من كلب الناس وأكل بعضهم بعضا.

فخروجه عليه‌السلام إذا خرج يكون عند اليأس والقنوط من أن يروا فرجا ، فيا طوبى لمن أدركه وكان من أنصاره ، والويل لمن ناواه وخالفه ، وخالف أمره ، وكان من أعدائه.

وقال عليه‌السلام : يقوم بأمر جديد ، وكتاب جديد ، وسنّة جديدة ، وقضاء جديد ، على العرب شديد ، وليس شأنه إلّا القتل ، لا يستبقي أحدا ، ولا يأخذه في الله لومة لائم.

٤٤٦

ثمّ قال عليه‌السلام : إذا اختلف بنو فلان فيما بينهم ، فعند ذلك فانتظروا الفرج ، وليس فرجكم إلّا في اختلاف بني فلان ، فإذا اختلفوا فتوقّعوا الصيحة في شهر رمضان بخروج القائم ؛ إنّ الله يفعل ما يشاء ، ولن يخرج القائم ولا ترون ما تحبّون حتّى يختلف بنو فلان فيما بينهم ، فإذا كان ذلك طمع الناس فيهم واختلفت الكلمة وخرج السفياني.

وقال : لا بدّ لبني فلان أن يملكوا ، فإذا ملكوا ثمّ اختلفوا تفرّق ملكهم وتشتّت أمرهم حتّى يخرج عليهم الخراسانيّ والسفيانيّ ، هذا من المشرق وهذا المغرب ، يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان : هذا من هنا ، وهذا من هنا ، حتّى يكون هلاك بني فلان على أيديهما ، أما إنّهما لا يبقون منهم أحدا.

ثمّ قال عليه‌السلام : خروج السفيانيّ واليمانيّ والخراسانيّ في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد ، ونظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضا ، فيكون اليأس من كلّ وجه ، ويل لمن ناواهم.

وليس في الرايات أهدى من راية اليمانيّ هي راية هدى لأنّه يدعو إلى صاحبكم ، فإذا خرج اليماني حرّم بيع السلاح على الناس وكلّ مسلم ، وإذا خرج اليماني فانهض إليه ، فانّ رايته راية هدى ، ولا يحلّ لمسلم أن يلتوي عليه ، فمن فعل فهو من أهل النار ، لأنّه يدعو إلى الحقّ وإلى طريق مستقيم.

ثمّ قال لي : إنّ ذهاب ملك بني فلان كقصع الفخار ، وكرجل كانت في يده فخارة وهو يمشي إذ سقطت من يده وهو ساه عنها فانكسرت ، فقال حين سقطت : هاه ـ شبه الفزع ، فذهاب ملكهم هكذا أغفل ما كانوا عن ذهابه. وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام على منبر الكوفة : إنّ الله عزوجل ذكره قدّر فيما قدّر وقضى بأنّه كائن لا بدّ منه ، أخذ بني اميّة بالسيف جهرة ، وأن أخذ بني فلان بغتة.

وقال عليه‌السلام : لا بدّ من رحى تطحن ، فإذا قامت على قطبها وثبتت على ساقها ، بعث الله عليها عبدا عسفا خاملا أصله ، يكون النصر معه ، أصحابه الطويلة شعورهم ، أصحاب السبال ، سود ثيابهم ، أصحاب رايات سود ، ويل لمن ناواهم يقتلونهم هرجا.

والله لكأنّي انظر إليهم وإلى أفعالهم ، وما يلقى من الفجّار منهم والأعراب الجفاة

٤٤٧

يسلّطهم الله عليهم بلا رحمة ، فيقتلونهم هرجا على مدينتهم بشاطئ الفرات البرية والبحرية جزاء بما عملوا ، وما ربّك بظلّام للعبيد (١).

٨٦٢ ـ روى الطيالسيّ بإسناده عن قتادة ، عن أنس قال : حديثا سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يحدّثكموه أحد سمعه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعدي ، سمعته يقول : إنّ من أشراط الساعة أن يرفع العلم ، ويظهر الجهل ، ويشرب الخمر ، ويظهر الزنا ، ويقلّ الرجال ويكثر النساء ، حتّى يكون في خمسين امرأة القيّم الواحد (٢).

٨٦٣ ـ روى العلّامة ابن ميثم البحرانيّ مرسلا عن عليّ عليه‌السلام من خطبة خطبها عليه‌السلام في البصرة بعد ما فتحها ، روي أنّه لما فرغ من حرب الجمل أمر مناديا ينادي في أهل البصرة أنّ الصلاة جامعة لثلاثة أيّام من غد إن شاء الله ، ولا عذر لمن تخلّف إلّا من حجّة أو علّة ، فلا تجعلوا على أنفسكم سبيلا ، فلمّا كان في اليوم الّذي اجتمعوا فيه ، خرج فصلّى في الناس الغداة في المسجد الجامع ، فلمّا قضى صلاته قام فأسند ظهره إلى حائط القبلة عن يمين المصلّى فخطب الناس ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله وصلّى على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله واستغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ، ثمّ قال : يا أهل المؤتفكة ائتفكت بأهلها ثلاثا وعلى الله تمام الرابعة.

يا جند المرأة وأعوان البهيمة ، رغا فأجبتم ، وعقر فهربتم (فانهزمتم) ، أخلاقكم دقاق ، وماؤكم زعاق ، بلادكم أنتن بلاد الله تربة ، وأبعدها من السماء ، بها تسعة أعشار الشرّ ، المحتبس فيها بذنبه ، والخارج منها بعفو الله ، كأنّي انظر إلى قريتكم هذه وقد طبّقها الماء حتّى ما يرى منها إلّا شرف المسجد كأنّه جؤجؤ طير في لجّة بحر.

فقام إليه الأحنف بن قيس فقال : يا أمير المؤمنين ومتى يكون ذلك؟

قال : يا أبا بحر ، إنّك لن تدرك ذلك الزمان ، وإنّ بينك وبينه لقرونا ، ولكن ليبلّغ الشاهد منكم الغائب عنكم لكي يبلّغوا إخوانهم إذا هم بلغوا البصرة قد تحوّلت أخصاصها دورا وآجامها قصورا ، فالهرب الهرب فانّه لا بصيرة لكم يومئذ.

__________________

(١) الغيبة للنعمانيّ ٢٥٣ ـ ٢٥٧ ح ١٣ ؛ بحار الأنوار ٥٢ ـ ٢٣٠.

(٢) مسند الطيالسيّ ٢٦٦ ح ١٩٨٤.

٤٤٨

ثمّ التفت عن يمينه فقال : كم بينكم وبين الأبلة؟

فقال له المنذر بن الجارود : فداك أبي وامّي أربعة فراسخ.

قال له : صدقت ، فو الّذي بعث محمّدا وأكرمه بالنبوّة وخصّه بالرسالة وعجّل بروحه إلى الجنّة ، لقد سمعت منه كما تسمعون منّي أن قال : يا عليّ هل علمت أنّ بين الّتي تسمّى البصرة والّتي تسمّى الأبلة أربعة فراسخ ، وقد يكون في الّتي تسمّى الأبلة موضع أصحاب العشور ، يقتل في ذلك الموضع من امّتي سبعون ألفا ، شهيدهم يومئذ بمنزلة شهداء بدر.

فقال له المنذر : يا أمير المؤمنين ومن يقتلهم فداك أبي وامّي؟

قال : يقتلهم إخوان الجنّ ، وهم جيل كأنّهم الشياطين سود ألوانهم ، منتنة أرواحهم ، شديد كلبهم ، قليل سلبهم ، طوبى لمن قتلهم وطوبى لمن قتلوه ، ينفر لجهادهم في ذلك الزمان قوم فهم أذلّة عند المتكبّرين من أهل ذلك الزمان ، مجهولون في الأرض ، معروفون في السماء ، تبكي السماء عليهم وسكّانها والأرض وسكّانها ، ثمّ هملت عيناه بالبكاء ثمّ قال : ويحك يا بصرة من جيش لا هرج له ولا حسّ.

قال له المنذر : يا أمير المؤمنين وما الّذي يصيبهم من قبل الغرق ممّا ذكرت ، وما الويح ، وما الويل؟

فقال : هما بابان ، فالويح باب الرحمة ، والويل باب العذاب ، يا ابن الجارود نعم ، ثارات عظيمة ، منها عصبة يقتل بعضها بعضا ، ومنها فتنة تكون بها خراب منازل وخراب ديار وانتهاك أموال ، وقتل رجال وسبي نساء يذبحن ذبحا ، يا ويل أمرهنّ ، حديث عجب ، منها أن يستحلّ بها الدجّال الأكبر الأعور الممسوح العين اليمنى والاخرى كأنّها ممزوجة بالدم ، لكأنّها في الحمرة علقة ، ناتئ الحدقة كهيئة حبّة العنب الطافية على الماء ، فيتبعه من أهلها عدّة من قتل بالأبلة من الشهداء ، أنا جيلهم في صدورهم ، يقتل من يقتل ، ويهرب من يهرب ، ثمّ رجف ، ثمّ قذف ، ثمّ خسف ، ثمّ مسخ ، ثمّ الجوع الأغبر ، ثمّ الموت الأحمر وهو الغرق.

يا منذر ، إنّ للبصرة ثلاثة أسماء سوى البصرة في الزبر الأوّل لا يعلمها إلّا العلماء ، منها الخريبة ، ومنها تدمر ، ومنها المؤتفكة.

٤٤٩

يا منذر ، والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لو أشاء لأخبرتكم بخراب العرصات عرصة عرصة ، ومتى تخرب ومتى تعمر بعد خرابها إلى يوم القيامة ، وانّ عندي من ذلك علما جمّا ، وان تسألوني تجدوني به عالما لا أخطئ منه علما (١).

٨٦٤ ـ وروى السيّد ابن طاوس رحمه‌الله من كتاب ثواب الأعمال ، بالإسناد عن حذيفة بن اليمان ، عن جابر الأنصاريّ ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنّه كان ذات يوم جالسا بين أصحابه إذ هبط عليه جبرئيل عليه‌السلام ، فقال له : السلام يقرئك السلام ، ويخصّك بالتحيّة والإكرام بالإسلام.

فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أخي جبرئيل وما الإسلام؟

قال : هي الخمسة الأنهر : سيحون وجيحون والفراتان ونيل مصر ، وقد جعلت هذه الخمسة الأنهر لك ولأهل بيتك وشيعتك ، ويقول : وعزّتي وجلالي كلّ من شرب منها قطرة واحدة ، وقام الخلائق للحساب يوم الحساب لن ادخل الجنّة أحدا إلّا من رضيت عنه وجعلته من مائها في حل ، فعند ذلك تهلّل وجه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : يا أخي لوجه ربّي الحمد والشكر.

فقال له جبرئيل : ابشّرك يا رسول الله بالقائم من ولدك ، لا يظهر حتّى يملك الكفّار الخمسة الأنهر ، فعند ذلك ينصر الله أهل بيتك على أهل الضلال ، ولم يرفع لهم راية أبدا إلى يوم القيامة ، فسجد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله شكرا لله ، وأخبر المسلمين ، وقال لهم : بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ.

فسئل عن ذلك فقال : هي الخمسة الأنهر الّتي جعلها الله لنا أهل البيت ، وهي : سيحون وجيحون والفراتان ونيل مصر ، إذا ملكت الكفّار الخمسة الأنهر ، ملك الإسلام شرقا وغربا ، وذلك الوقت ينصر الله أهل بيتي على أهل الضلال ، ولم يرفع الله لهم راية أبدا إلى يوم القيامة (٢).

٨٦٥ ـ روى في إرشاد القلوب مرسلا ، قال : صلّى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من غلس ، فنادى رجل : متى الساعة يا رسول الله؟ فزجره ، حتّى إذا أسفرنا رفع طرفه إلى السماء فقال :

__________________

(١) شرح نهج البلاغة لابن ميثم البحرانيّ ١ / ٢٨٩ ـ ٢٩٠ الخطبة ١٣.

(٢) التشريف بالمنن ٣٦٨.

٤٥٠

تبارك خالقها وواضعها وممهّدها ومحلّيها بالنبات ، ثمّ قال : أيّها السائل عن الساعة ، تكون عند خبث الامراء ، ومداهنة القرّاء ، ونفاق العلماء ، وإذا صدّقت امّتي بالنجوم وكذّبت بالقدر ، ذلك حين يتّخذون الأمانة مغنما ، والصدقة مغرما ، والفاحشة إباحة ، والعبادة تكبّرا واستطالة على الناس (١).

٨٦٦ ـ رواه الطبرانيّ بإسناده عن عوف بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كيف أنت يا عوف إذا افترقت هذه الامّة على ثلاث وسبعين فرقة ، واحدة في الجنّة وسائرهنّ في النار. قلت : ومتى ذلك يا رسول الله؟ قال : إذا كثرت الشرط وغلبت الإماء ، وقعدت الحملان على المنابر ، واتّخذ القرآن مزامير ، وزخرفت المساجد ورفعت المنابر ، واتّخذ الفيء دولا ، والزكاة مغرما ، والأمانة مغنما ، وتفقّه في الدّين لغير الله ، وأطاع الرجل امرأته وعقّ امّه وأقصى أباه ، ولعن آخر هذه الامّة أوّلها ، وساد القبيلة فاسقهم ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، وأكرم الرجل اتّقاء شرّه ، فيومئذ يكون ذلك ، ويفزع الناس يومئذ إلى الشام يعصمهم من عدوّهم. قلت : وهل يفتح الشام؟ قال : نعم وشيكا ، ثمّ تقع الفتن بعد فتحها ، ثمّ تجىء فتنة غبراء مظلمة ، ثمّ يتبع الفتن بعضها بعضا ، حتّى يخرج رجل من أهل بيتي يقال له المهديّ ، فإن أدركته فاتّبعه وكن من الشاكرين (٢).

٨٦٧ ـ روى الطيالسيّ بإسناده عن حذيفة بن أسيد الغفاري من أهل الصفّة ، قال : اطّلع علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن نتذاكر الساعة ، فقال : انّ الساعة لا تقوم حتّى يكون عشر آيات : الدخان والدجّال والدابّة وطلوع الشمس من مغربها ، وثلاثة خسوف : خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، ونزول عيسى ابن مريم ، وفتح يأجوج ومأجوج ، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر.

٨٦٨ ـ روى عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : بعثت أنا والساعة كهاتين (٣).

٨٦٩ ـ روى الحافظ جلال الدّين السيوطيّ في الآية الكريمة ، قال : أخرج عبد ابن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله : (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) قال : دنت الساعة (٤).

__________________

(١) إرشاد القلوب ١ / ٦٧.

(٢) المعجم الكبير للطبرانيّ ١٨ / ٥١ ح ٩١.

(٣) مسند أحمد ٣ / ١٢٣ ـ ١٢٤.

(٤) تفسير الدرّ المنثور ٦ / ٥٠ ـ ٥١.

٤٥١

٨٧٠ ـ قال : وأخرج البخاريّ عن سهل بن مسعود رضى الله عنه ، قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : باصبعيه هكذا ، الوسطى والّتي تليها : بعثت أنا والساعة كهاتين (١).

٨٧١ ـ وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاريّ ومسلم وابن مردويه عن أنس ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إنّ من أشراط الساعة أن يرفع العلم ، ويظهر الجهل ، ويشرب الخمر ، ويظهر الزنا ويقلّ الرجال ويكثر النساء حتّى يكون على خمسين امرأة قيّم واحد (٢).

٨٧٢ ـ وأخرج البخاري عن أبي هريرة : أنّ أعرابيا سأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : متى الساعة؟ فقال : إذا ضيّعت الأمانة فانتظر الساعة ، قال : يا رسول الله وكيف إضاعتها؟ قال : إذا وسدّ الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة (٣).

٨٧٣ ـ وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة ، قال : أتى رجل فقال : يا رسول الله متى الساعة؟ فقال : ما السائل بأعلم من المسئول. قال : فلو علمتنا أشراطها. قال : تقارب الأسواق ، قلت : وما تقارب الأسواق؟ قال : أن يشكو الناس بعضهم إلى بعض قلّة أصابتهم ، ويكثر ولد البغي وتفشو الغيبة ، ويعظم ربّ المال ، وترتفع أصوات الفسّاق في المساجد ، ويظهر أهل المنكر ، ويظهر البناء (٤).

٨٧٤ ـ وأخرج ابن مردويه والديلميّ عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أشراط الساعة سوء الجوار وقطيعة الأرحام ، وأن يعطّل السيف من الجهاد ، وأن ينتحل الدنيا بالدين (٥).

٨٧٥ ـ وأخرج أحمد عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لن تذهب الدنيا حتّى تصير للكع بن لكع (٦).

٨٧٦ ـ وأخرج أحمد والبخاريّ وابن ماجة عن عمرو بن تغلب ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إنّ من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما نعالهم الشعر ، وانّ من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما عراض الوجوه كأنّ وجوههم المجان المطرقة (٧).

٨٧٧ ـ وأخرج أحمد والبخاريّ ومسلم وابن ماجة عن ابن مسعود رضى الله عنه قال : سمعت

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥ و ٦ و ٧) ـ تفسير الدرّ المنثور ٦ / ٥٠ ـ ٥١.

٤٥٢

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : يكون بين يديّ أيّام فيرفع فيها العلم ، وينزل فيها الجهل ويكثر فيها الهرج (١).

٨٧٨ ـ وأخرج عبد الرزاق في المصنّف عن عبد الله بن ربيب الجنديّ ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أبا الوليد ، يا عبادة بن الصامت إذا رأيت الصدقة كتمت وغلت ، واستؤجر في الغزو وعمر الخراب ، وخرب العامر ، والرجل يتمرّس بأمانته كما يتمرّس البعير بالشجرة فانّك والساعة كهاتين ، وأشار باصبعه السبابة والّتي تليها (٢).

٨٧٩ ـ وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن أنس ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لا تقوم الساعة حتّى يتباهى الناس في المساجد (٣).

٨٨٠ ـ وأخرج أحمد والترمذيّ عن أنس : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لا تقوم الساعة حتّى يتقارب الزمان فيكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة كاليوم واليوم كالساعة والساعة كالضرمة بالنار (٤).

٨٨١ ـ وأخرج البخاريّ ومسلم عن أبي هريرة ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لا تقوم الساعة حتّى يقتتل فئتان عظيمتان يكون بينهما مقتلة عظيمة ، دعواهما واحدة ، وحتّى يبعث دجّالون كذّابون قريب من ثلاثين ، كلّهم يزعم أنّه رسول الله ، وحتّى يقبض العلم وتكثر الزلازل ، ويتقارب الزمان ، وتظهر الفتن ، ويكثر الهرج وهو القتل ، وحتّى يكثر فيكم المال فيفيض حتّى يهمّ ربّ المال من يقبل صدقته ، وهو يعرضه فيقول الّذي يعرضه عليه : لا ارب لي به ، وحتّى يتطاول الناس في البنيان ، وحتّى يمرّ الرجل بقبر الرجل فيقول : يا ليتني مكانه ، وحتّى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون ، وذلك حين (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً)(٥) ، ولتقومنّ الساعة وقد نشر الرجلان ثوبا بينهما ، فلا يتبايعان ولا يطويانه ، ولتقومنّ الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ، ولتقومنّ الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقى به ، ولتقومنّ الساعة وقد رفعت أكلته إلى فيه فلا يطعمها (٦).

__________________

(١) تفسير الدرّ المنثور ٦ / ٥٠ ـ ٥١.

(٢ و ٣ و ٤) ـ تفسير الدرّ المنثور ٦ / ٥١.

(٥) الأنعام : ١٥٨.

(٦) تفسير الدرّ المنثور ٦ / ٥١.

٤٥٣

٨٨٢ ـ وأخرج الحاكم وصحّحه عن عبد الله بن عمرو ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : إنّ الله لا يحبّ الفاحش ولا المتفحّش ، والّذي نفس محمّد بيده لا تقوم الساعة حتّى يظهر الفحش والتفحّش وسوء الجوار وقطيعة الأرحام ، وحتّى يخوّن الأمين ويؤتمن الخائن ، ثمّ قال : إنّما مثل المؤمن مثل النخلة وقعت فأكلت طيبا ولم تفسد ولم تكسر ، ومثل المؤمن كمثل القطعة الذهب الأحمر ادخلت النار فنفخ عليها ولم تتغيّر ووزنت فلم تنقص (١).

٨٨٣ ـ وأخرج أحمد عن أبي هريرة ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : سيكون في امّتي دجّالون كذّابون يأتونكم ببدع من الحديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم ، فإيّاكم وإيّاهم لا يفتنونكم (٢).

٨٨٤ ـ وأخرج أحمد عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ أيّام الدجّال سنين خدّاعة يكذّب فيها الصادق ، ويصدّق فيها الكاذب ، ويخوّن فيها الأمين ، ويؤتمن فيها الخائن ، ويتكلّم فيها الرويبضة ، قيل : وما الرويبضة؟ قال : الفاسق يتكلّم في أمر العامّة (٣).

٨٨٥ ـ وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال : كان يقال : من اقتراب الساعة موت الفجأة (٤).

٨٨٦ ـ وعن أبي سعيد رضى الله عنه عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لا تقوم الساعة حتّى لا يحجّ البيت (٥).

٨٨٧ ـ وأخرج الحاكم وصحّحه عن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : ستكون فتنة تحصل الناس منها كما يحصل الذهب في المعدن ، فلا تسبّوا أهل الشام وسبّوا ظلمتهم ، فإنّ فيهم الأبدال ، وسيرسل الله سيبا من السماء فيغرقهم ، حتّى لو قاتلهم الثعالب غلبتهم ، ثمّ يبعث الله عند ذلك رجلا من عترة الرسول عليه الصلاة والسلام في اثنى عشر ألفا إن قلّوا ، أو خمسة عشر ألفا إن كثروا ، أمارتهم أن علامتهم أمت أمت ، على ثلاث رايات يقاتلهم أهل سبع رايات ، ليس من صاحب راية إلّا وهو يطمع في الملك ، فيقتلون ويهزمون ، ثمّ يظهر الهاشميّ فيردّ الله على الناس ألفتهم ونعمتهم فيكونون على ذلك حتّى يخرج الدجّال (٦).

__________________

(١ ـ ٢) ـ تفسير الدرّ المنثور ٦ / ٥١.

(٣) نفس المصدر ٦ / ٥٢.

(٤ ـ ٥) ـ نفس المصدر ٦ / ٥٥.

(٦) المستدرك على الصحيحين ٤ / ٥٥٣.

٤٥٤

٨٨٨ ـ وأخرج الحاكم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ينزل بامّتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم حتّى تضيق عليهم الأرض ، فيبعث الله رجلا من عترتي فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض ، لا تدّخر الأرض من بذرها شيئا إلّا أخرجته ، ولا السماء شيئا من قطرها إلّا صبّته ، يعيش فيهم سبع سنين أو ثمان أو تسع (١).

٨٨٩ ـ وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضى الله عنه ، قال : حدّثني رجل من أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ المهديّ لا يخرج حتّى يقتل النفس الزكيّة ، فإذا قتلت النفس الزكيّة غضب عليهم من في السماء ومن في الأرض ، فأتى الناس المهديّ فزفّوه كما تزفّ العروس إلى زوجها ليلة عرسها. وهو يملأ الأرض قسطا وعدلا ، وتخرج الأرض نباتها ، وتمطر السماء مطرها ، وتنعم امّتي في ولايته نعمة لا تنعمها قطّ (٢).

٨٩٠ ـ وأخرج ابن أبي شيبة والبخاريّ وابن مردويه عن أنس : أنّ عبد الله بن سلام قال : يا رسول الله ما أوّل أشراط الساعة؟ قال : نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب (٣).

٨٩١ ـ روى العلّامة القندوزيّ عن الإمام جعفر الصادق ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليّ سلام الله عليهم في حديث طويل في وصيّته يذكر فيها أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يا عليّ أعجب الناس إيمانا وأعظمهم يقينا قوم يكونون في آخر الزمان ، لم يلحقوا النبيّ وحجبت عنهم الحجّة ، فآمنوا بسواد على بياض. أي بالأحاديث الّتي كتبت على القرطاس (٤).

٨٩٢ ـ روى الحافظ أبو نعيم بإسناده عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أشراط الساعة سوء الجوار ، وقطيعة الأرحام ، وتعطيل السيف من الجهاد ، وأن تختل الدنيا بالدين (٥).

٨٩٣ ـ روى الخطيب البغداديّ بإسناده عن أبي الأسود الدؤلي ، قال :

قال عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : سمعت حبيبي محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :

__________________

(١) نفس المصدر ٤ / ٤٦٥.

(٢) مصنّف ابن أبي شيبة ١٥ / ١٩٩ ح ١٩٤٩٩.

(٣) الدرّ المنثور ٢ / ٦٢.

(٤) ينابيع المودّة ٤٩٤ ب ٩٤.

(٥) ذكر أخبار اصبهان ١ / ٢٧٤.

٤٥٥

سيكون لبني عمّي مدينة من قبل المشرق ، بين دجلة ودجيل وقطربل والصراة ، يشيّد فيها بالخشب والآجر والجصّ والذهب ، يسكنها شرار خلق الله وجبابرة امّتي ، أما إنّ هلاكها على يد السفيانيّ ، كأنّي بها والله قد صارت خاوية على عروشها (١).

٨٩٤ ـ روى البخاريّ بإسناده عن امّ الحرير ، قالت : سمعت مولاي يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ من اقتراب الساعة هلاك العرب (٢).

٨٩٥ ـ روى الشيخ الطوسيّ بإسناده عن عبد الله بن الهذيل ، قال :

لا تقوم الساعة حتّى يجتمع كلّ مؤمن بالكوفة (٣).

٨٩٦ ـ روى محمّد بن عليّ العلويّ بإسناده عن أبي سعيد الخدري ، قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يملك المهديّ تسعا أو عشرا ، أسعد الناس به أهل الكوفة (٤).

٨٩٧ ـ روى الشيخ الصدوق بإسناده عن الحسن بن عبد الله بن محمّد بن العبّاس الرازي التميميّ قال : حدّثني سيّدي عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام ، قال : حدّثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدّثني أبي جعفر بن محمّد ، قال : حدّثني أبي محمّد بن عليّ قال :

حدّثني أبي عليّ بن الحسين ، قال : حدّثني أبي الحسين بن عليّ ، قال : حدّثني أبي عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله :

لا تقوم الساعة حتّى يقوم قائم للحقّ منّا ، وذلك حين يأذن الله عزوجل له ، ومن تبعه نجا ومن تخلّف عنه هلك ، الله الله عباد الله فأتوه ولو حبوا على الثلج ، فإنّه خليفة الله عزوجل (٥).

٨٩٨ ـ روى السّيد الأجل ابن طاوس رحمه‌الله ، قال : «لا يخرج المهديّ حتّى يكفر بالله جهرة (٦).

٨٩٩ ـ روى الطيالسيّ بإسناده عن النعمان بن بشير ، قال : صحبنا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فسمعناه يقول : إنّ بين الساعة فتن كأنّها قطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ،

__________________

(١) تاريخ بغداد ١ / ٣٨.

(٢) التاريخ الكبير للبخاري ٤ / ٣٤٤ ـ ٣٤٥ رقم ٣٠٧٢.

(٣) الغيبة للطوسيّ ٢٧٣.

(٤) فضل الكوفة ٢٥ ـ ٢٦ ح ٣ (نقلا عن معجم أحاديث الإمام المهدي).

(٥) عيون الأخبار ٢ / ٥٩ ـ ٦٠.

(٦) الملاحم والفتن ٧٨.

٤٥٦

ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا ، يبيع أقوام فيها خلاقهم بعرض من الدنيا قليل (١).

٩٠٠ ـ أمالي الشجريّ : روى بإسناده عن حصين بن مخارق ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن عليّ عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بعثت بين جاهليتين ، لاخراهما شرّ من اولاهما (٢).

٩٠١ ـ روى الشيخ الصدوق قدس‌سره بإسناده عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : سيأتي على امّتي زمان ، لا يبقى من القرآن إلّا رسمه ، ولا من الإسلام إلّا اسمه ، يسمّون به وهم أبعد الناس منه ، مساجدهم عامرة ، وهي خراب من الهدى ، فقهاء ذلك الزمان شرّ فقهاء تحت ظلّ السماء ، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود! (٣).

٩٠٢ ـ روى النعمانيّ رحمه‌الله بإسناده عن الأصبغ بن نباتة ، قال : سمعت عليّا عليه‌السلام يقول : انّ بين يدي القائم سنين خدّاعة ، يكذّب فيها الصادق ، ويصدّق فيها الكاذب ، ويقرّب فيها الماحل ـ وفي حديث : وينطق فيها الرويبضة ـ فقلت : وما الرويبضة وما الماحل؟ قال : أو ما تقرءون القرآن؟ قوله (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ)(٤) قال : يريد المكر ، فقلت : وما الماحل؟ قال : يريد المكّار (٥).

٩٠٣ ـ أخرج أبو محمّد الفضل بن شاذان في كتابه في الغيبة ، بإسناده عن الحسن بن رئاب عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديثا طويلا عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال في آخره : ثمّ يقع التدابر والاختلاف بين امراء العرب والعجم ، فلا يزالون يختلفون إلى أن يصير الأمر إلى رجل من ولد سفيان ... ثمّ قال عليه‌السلام : ثمّ يظهر أمير الأمرة وقاتل الكفرة السلطان المأمول ، الّذي تحير في غيبته العقول ، وهو التاسع من ولدك يا حسين ، يظهر بين الركنين ، يظهر على الثقلين ، ولا يترك في الأرض الأدنين (دمين) طوبى للمؤمنين الّذين أدركوا زمانه ولحقوا أوانه ، وشهدوا أيّامه ، ولاقوا أقوامه (٦).

٩٠٤ ـ روى العلّامة البياضيّ رحمه‌الله عن عجائب البلدان مرسلا عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام

__________________

(١) مسند الطيالسي ١٠٨ ح ٨٠٣.

(٢) أمالي الشجري ٢ / ٢٧٧ (نقلا عن معجم أحاديث المهديّ).

(٣) ثواب الأعمال ٣٠١ ح ٤ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١٩٠.

(٤) الرعد : ١٣.

(٥) الغيبة للنعمانيّ ٢٧٨ ح ٦٢.

(٦) كشف الأستار للنوريّ ٢٢١.

٤٥٧

أنّ عليّا عليه‌السلام ، قال : إذا وقعت النار في حجازكم ، وجرى الماء بنجفكم ، فتوقّعوا ظهور قائمكم (١).

٩٠٥ ـ روى الحافظ رجب البرسيّ مرسلا ، قال : ومن خطبة له عليه‌السلام تسمّى التطنجيّة ، ظاهرها أنيق ، وباطنها عميق ، فليحذر قارئها من سوء ظنّه ، فإنّ فيها من تنزيه الخالق ما لا يطيقه أحد من الخلائق ، فقال فيها : يا جابر إذا صاح الناقوس ، وكبس الكابوس ، وتكلّم الجاموس ، فعند ذلك عجائب وأيّ عجائب ، إذا أنارت النار ببصرى ، وظهرت الراية العثمانيّة بوادي سوداء ، واضطربت البصرة وغلب بعضهم بعضا ، وصبا كلّ قوم إلى قوم ، وتحرّكت عساكر خراسان ، ونبع شعيب بن صالح التميميّ من بطن الطالقان ، وبويع لسعيد السوسيّ بخوزستان ، وعقدت الراية لعماليق كردان ، وتغلّبت العرب على بلاد الأرمن والسقلاب ، وأذعن هرقل بقسطنطينة لبطارقة سينان ، فتوقّعوا ظهور مكلّم موسى من الشجرة على الطور ، فيظهر هذا ظاهر مكشوف ، ومعاين موصوف ... ثمّ بكى صلوات الله عليه وقال : واها للامم ، أما شاهدت رايات بني عتبة مع بني كنام السائرين أثلاثا ، المرتكبين جيلا جيلا مع خوف شديد ، وبؤس عتيد ، ألا وهو الوقت الّذي وعدتم به ، لأحملنّهم على نجائب ، تحفّهم مراكب الأفلاك ، كأنّي بالمنافقين يقولون : نصّ عليّ على نفسه بالربّانية ، ألا فاشهدوا شهادة أسألكم بها عند الحاجة إليها ، إنّ عليا نور مخلوق ، وعبد مرزوق ، ومن قال غير هذا فعليه لعنة الله ولعنة اللاعنين. ثمّ نزل وهو يقول : تحصّنت بذي الملك والملكوت ، واعتصمت بذي العزّة والجبروت ، وامتنعت بذي القدرة والملكوت ، من كلّ ما أخاف وأحذر ، أيّها الناس ما ذكر أحدكم هذه الكلمات عند نازلة أو شدّة إلّا وأزاحها الله عنه (٢).

٩٠٦ ـ روى الشيخ الطوسيّ رحمه‌الله بإسناده عن عباية بن ربعي الآمديّ ، قال : سمعت أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : كيف أنتم إذا بقيتم بلا إمام هدى ، ولا علم يرى ، يبرأ بعضكم من بعض (٣).

__________________

(١) الصراط المستقيم ٢ / ٢٥٨.

(٢) مشارق أنوار اليقين ١٦٦ ـ ١٧٠.

(٣) الغيبة للطوسيّ ٢٠٧.

٤٥٨

٩٠٧ ـ روى ابن حمّاد عمّن حدّثه عن عليّ عليه‌السلام ، قال : لا يخرج المهديّ حتّى يبصق بعضكم في وجه بعض (١).

٩٠٨ ـ روى الشيخ الصدوق رحمه‌الله بإسناده عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم ، قالا : سمعنا أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لا يكون هذا الأمر حتّى يذهب ثلث الناس.

فقيل له : إذا ذهب الثلث فما يبقى؟ فقال عليه‌السلام : أما ترضون أن تكونوا الثلث الباقي (٢).

٩٠٩ ـ روى الشيخ الصدوق بإسناده عن الضحّاك بن مزاحم ، عن النزال بن سبرة ، قال : خطبنا عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : سلوني أيّها الناس قبل أن تفقدوني ـ ثلاثا ـ فقام إليه صعصعة بن صوحان ، فقال : يا أمير المؤمنين متى يخرج الدجّال؟ فقال له عليّ عليه‌السلام : اقعد فقد سمع الله كلامك وعلم ما أردت ، والله ما المسئول عنه بأعلم من السائل ، ولكن لذلك علامات وهيئات يتبع بعضها بعضا كحذو النعل بالنعل ، وإن شئت أنبأتك بها. قال : نعم يا أمير المؤمنين. فقال عليه‌السلام : احفظ ، فإنّ علامة ذلك إذا أمات الناس الصلاة ، وأضاعوا الأمانة ، واستحلّوا الكذب ، وأكلوا الربا ، وأخذوا الرشا ، وشيّدوا البنيان ، وباعوا الدّين بالدنيا ، واستعملوا السفهاء ، وشاوروا النساء ، وقطعوا الأرحام ، واتّبعوا الأهواء ، واستخفّوا بالدماء.

وكان الحلم ضعفا ، والظلم فخرا ، وكانت الامراء فجرة ، والوزراء ظلمة ، والعرفاء خونة ، والقرّاء فسقة ، وظهرت شهادات الزور ، واستعلن الفجور ، وقول البهتان ، والإثم والطغيان.

وحلّيت المصاحف ، وزخرفت المساجد ، وطوّلت المنار ، وأكرم الأشرار ، وازدحمت الصفوف ، واختلفت الأهواء ، ونقضت العقود ، واقترب الموعود ، وشارك النساء أزواجهنّ في التجارة حرصا على الدنيا ، وعلت أصوات الفسّاق واستمع منهم ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، واتّقي الفاجر مخافة شرّه ، وصدّق الكاذب ، واؤتمن الخائن ، واتّخذت القيان والمعازف ، ولعن آخر هذه الامّة أوّلها ، وركب ذوات الفروج السروج ، وتشبّه النساء بالرجال ، والرجال بالنساء ، وشهد شاهد من غير أن يستشهد ، وشهد الآخر قضاء لذمام

__________________

(١) الفتن لابن حمّاد ٩١ (عن معجم أحاديث المهديّ).

(٢) كمال الدّين ٢ / ٦٥٥ ح ٢٩.

٤٥٩

بغير حقّ عرفه ، وتفقّه لغير الدّين ، وآثروا عمل الدنيا على الآخرة ، ولبسوا جلود الظأن على قلوب الذئاب ، وقلوبهم أنتن من الجيف ، وأمرّ من الصبر ، فعند ذلك الوحا الوحا ، العجل العجل ، خير المساكن يومئذ بيت المقدس ، ليأتينّ على الناس زمان يتمنّى أحدهم أنّه من سكّانه.

فقام إليه الأصبغ بن نباتة فقال : يا أمير المؤمنين من الدجّال؟

فقال : إنّ الدجّال صائد بن الصائد ، فالشقي من صدّقه ، والسعيد من كذّبه ، يخرج من بلدة يقال لها أصبهان ، من قرية تعرف باليهودية ، عينه اليمنى ممسوحة ، والاخرى في جبهته تضيء كأنّها كوكب الصبح ، فيها علقة كأنّها ممزوجة بالدم ، بين عينيه مكتوب «كافر» يقرؤه كلّ كاتب وامّي.

يغوص البحار ، وتسير معه الشمس ، بين يديه جبل من دخّان ، وخلفه جبل أبيض ، يري الناس أنّه طعام ، يخرج في قحط شديد ، تحته حمار أبيض خطوة حماره ميل ، تطوى له الأرض منهلا منهلا ، لا يمرّ بماء إلّا غار إلى يوم القيامة.

ينادي بأعلى صوته يسمع ما بين الخافقين من الجنّ والإنس والشياطين ، يقول : إليّ أوليائي ، أنا الّذي خلق فسوّى ، وقدّر فهدى ، أنا ربّكم الأعلى ؛ وكذب عدو الله إنّه أعور يطعم الطعام ، ويمشي في الأسواق ، وانّ ربّكم عزوجل ليس بأعور ، ولا يطعم ولا يمشي ولا يزول ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

ألا وانّ أكثر أشياعه يومئذ أولاد الزنا وأصحاب الطيالسة الخضر ، يقتله الله عزوجل بالشام على عقبة تعرف بعقبة أفيق ، لثلاث ساعات من يوم الجمعة ، على يدي من يصلّي المسيح عيسى ابن مريم خلفه.

ألا إنّ بعد ذلك الطامّة الكبرى. قلنا : وما ذلك يا أمير المؤمنين؟

قال : خروج دابّة من الأرض ، من عند الصفا ، معها خاتم سليمان بن داود ، وعصى موسى عليهما‌السلام ، تضع الخاتم على وجه كلّ مؤمن ، فيطبع فيه : «هذا مؤمن حقّا» ، وتضعه على وجه كلّ كافر فيكتب فيه : «هذا كافر حقّا» حتّى إنّ المؤمن لينادي : الويل لك يا كافر ، وإنّ الكافر ينادي : طوبى لك يا مؤمن ، وددت أنّي اليوم مثلك فأفوز فوزا ، ثمّ ترفع الدابة رأسها ،

٤٦٠