الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

سعيد أبو معاش

الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

المؤلف:

سعيد أبو معاش


المحقق: عبدالرحيم مبارك
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ٣
ISBN: 978-964-444-775-4
الصفحات: ٦٠٣

٧٨٨ ـ روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ* إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) قال : هو أمير المؤمنين عليه‌السلام (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) قال : عند خروج القائم عليه‌السلام (١).

__________________

(١) الكافي ٨ / ٢٨٧ ح ٤٣٢ ؛ ينابيع المودّة ٤٢٧ ب ٧١.

٤٠١

سورة الزمر

الآية الاولى قوله تعالى : (فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)(١).

٧٨٩ ـ روى ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب قدس‌سره بإسناده عن أبي عبيدة الحذاء ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الاستطاعة وقول الناس ، فقال : وتلا هذه الآية : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) ـ يا با عبيدة الناس مختلفون في إصابة القول وكلّهم هالك ، قال : قلت : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) قال : هم شيعتنا ولرحمته خلقهم ، وهو قوله : (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) يقول : لطاعة الإمام ، والرحمة الّتي يقول : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) هو شيعتنا ، قال : (فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) يعني ولاية غير الإمام ، ثمّ قال : (يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ)(٢) يعني النبيّ والوصي والقائم يأمرهم بالمعروف إذا قام وينهاهم عن المنكر والمنكر ، من أنكر فضل الإمام وجحده.

(وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ) أخذ العلم من أهله ، (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) قول من خالف (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ) وهي الذنوب الّتي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الإمام (وَالْأَغْلالَ) الّتي كانوا يقولون ممّا لم يكونوا أمروا به من ترك فضل الإمام وضع عنهم إصرهم ، والإصر الذنب وهي الآصار.

__________________

(١) الزمر : ١٧.

(٢) الأعراف : ١٥٧.

٤٠٢

ثمّ نسبهم فقال للذين آمنوا بالإمام (وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(١) يعني الّذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها ، والجبت والطاغوت فلان وفلان وفلان ، والعبادة طاعة الناس لهم ، ثمّ قال : (وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ).

ثمّ جزاهم فقال : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) والإمام يبشّرهم بقيام القائم وظهوره وقتل أعدائهم وبالنجاة في الآخرة ، والورود على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وآله الصادقين على الحوض (٢).

الآية الثانية قوله تعالى : (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)(٣).

٧٩٠ ـ عليّ بن إبراهيم رحمه‌الله بإسناده عن صباح المدائني ، قال : حدّثنا المفضّل ابن عمر أنّه سمع أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في قوله : (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها) قال : ربّ الأرض يعني إمام الأرض ، قلت : فإذا خرج يكون ما ذا؟ قال : إذا يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ويجتزون بنور الإمام (٤).

٧٩١ ـ أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ بإسناده عن المفضّل بن عمر الجعفي ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إنّ قائمنا إذا قام أشرقت الأرض بنور ربّها واستغنى العباد عن ضوء الشمس وصار الليل والنهار واحدا ، وذهبت الظلمة ، وعاش الرجل في زمانه ألف سنة ، يولد له في كلّ سنة غلام لا يولد له جارية ، يكسوه الثوب فيطول عليه كلّما طال ، ويكون (يتلوّن) عليه أيّ لون شاء (٥).

الآية الثالثة قوله تعالى : (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ)(٦).

٧٩٢ ـ روى العلّامة المجلسي بإسناده عن المفضّل بن عمر ، قال : سألت سيّدي الصادق عليه‌السلام : هل للمأمور المنتظر المهديّ عليه‌السلام من وقت مؤقّت يعلم الناس؟ فقال : حاش

__________________

(١) الأعراف : ١٥٧.

(٢) الكافي ١ / ٤٢٩ ح ٨٣ ؛ بحار الأنوار ٢٤ / ٣٥٣.

(٣) الزمر : ٦٩.

(٤) تفسير القمّيّ ٢ / ٢٥٣.

(٥) دلائل الإمامة ٢٤١ و ٢٦٠ ؛ روضة الواعظين ٢ / ٢٦٤.

(٦) الزمر : ٧٤.

٤٠٣

لله أن يوقّت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا ـ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة ـ إلى أن قال : قال المفضّل : يا سيّدي فمن أين يظهر وكيف يظهر؟ قال : يا مفضّل يظهر وحده ، ويأتي البيت وحده ، ويلج الكعبة وحده ، ويجنّ عليه الليل وحده ، فإذا نامت العيون وغسق الليل ، نزل إليه جبرئيل وميكائيل عليهما‌السلام ، والملائكة صفوفا ، فيقول له جبرئيل : يا سيّدي قولك مقبول ، وأمرك جائز ، فيمسح عليه‌السلام يده على وجهه ويقول : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ). ويقف بين الركن والمقام ... الخ الحديث (١).

__________________

(١) بحار الأنوار ٥٣ / ٧.

٤٠٤

سورة غافر

الآية الاولى قوله تعالى : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ)(١).

٧٩٣ ـ روى العلّامة الطبرسيّ رحمه‌الله عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ رحمه‌الله ، قال : حدّثني محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقانيّ ، قال : كنت عند الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح رضى الله عنه مع جماعة منهم عليّ بن عيسى القصريّ ، فقام إليه رجل فقال له : اريد أن أسألك عن شيء ، فقال له : سل عمّا بدا لك.

فقال الرجل : أخبرني عن الحسين بن عليّ عليه‌السلام أهو وليّ الله؟ قال : نعم.

قال : أخبرني عن قاتله لعنه الله أهو عدوّ الله؟ قال : نعم.

قال الرجل : فهل يجوز أن يسلّط الله عزوجل عدوّه على وليّه؟!

فقال أبو القاسم قدّس الله روحه : افهم عنّي ما أقول لك ، اعلم أنّ الله تعالى لا يخاطب الناس بمشاهدة العيان ، ولا يشافههم بالكلام ، ولكنّه ـ جلّت عظمته ـ يبعث إليهم من أجناسهم وأصنافهم بشرا مثلهم ، ولو بعث إليهم رسلا من غير صنفهم وصورهم لنفروا عنهم ، ولم يقبلوا منهم ، فلمّا جاءوهم وكانوا من جنسهم يأكلون الطعام ويمشون في

__________________

(١) غافر : ٥١.

٤٠٥

الأسواق ، قالوا لهم : أنتم بشر مثلنا لا نقبل منكم حتّى تأتونا بشيء نعجز من أن نأتي بمثله ، فنعلم انّكم مخصوصون دوننا بما لا نقدر عليه ، فجعل الله عزوجل لهم المعجزات الّتي يعجز الخلق عنها.

فمنهم : من جاء بالطوفان بعد الإعذار والإنذار ، فغرق جميع من طغى وتمرّد.

ومنهم : من القي في النار فكانت بردا وسلاما.

ومنهم : من أخرج من الحجر الصلب الناقة ، وأجرى من ضرعها لبنا.

ومنهم : من فلق له البحر وفجّر له من العيون ، وجعل له العصا اليابسة ثعبانا تلقف ما يأفكون.

ومنهم : من أبرأ الأكمه والأبرص وأحيا الموتى بإذن الله ، وأنبأهم بما يأكلون وما يدّخرون في بيوتهم.

ومنهم : من انشقّ له القمر وكلّمته البهائم ، مثل البعير والذئب وغير ذلك.

فلمّا أتوا بمثل ذلك وعجز الخلق من اممهم عن أن يأتوا بمثله ، كان من تقدير الله جلّ جلاله ولطفه بعباده وحكمته ، أن جعل أنبياءه مع هذه المعجزات في حال غالبين واخرى مغلوبين ، وفي حال قاهرين واخرى مقهورين ، ولو جعلهم الله في جميع أحوالهم غالبين وقاهرين ، ولم يبتلهم ولم يمتحنهم ، لاتّخذهم الناس آلهة من دون الله عزوجل ، ولما عرف فضل صبرهم على البلاء والمحن والاختبار ، ولكنّه جعل أحوالهم في ذلك كأحوال غيرهم ، ليكونوا في حال المحنة والبلوى صابرين ، وفي حال العافية والظهور على الأعداء شاكرين ، ويكونوا في جميع أحوالهم متواضعين غير شامخين ولا متجبّرين ، وليعلم العباد أنّ لهم عليهم‌السلام إلها هو خالقهم ومدبّرهم فيعبدوه ويطيعوا رسله ، وتكون حجّة الله ثابتة على من تجاوز الحدّ فيهم ، وادّعى لهم الربوبية ، أو عاند وخالف ، وعصى وجحد ، بما أتت به الأنبياء والرسل ، وليهلك من هلك عن بيّنة ، ويحيى من حيّ عن بيّنة.

قال محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رحمه‌الله : فعدت إلى الشيخ أبي القاسم الحسين ابن روح رحمه‌الله في الغد وأنا أقول في نفسي : أتراه ذكر لنا ما ذكر يوم أمس من عند نفسه؟ فابتدأني وقال : يا محمّد بن إبراهيم لئن أخّر من السماء فتختطفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان

٤٠٦

سحيق أحبّ إليّ من أن أقول في دين الله برأيي ومن عند نفسي ، بل ذلك عن الأصل ، ومسموع من الحجّة صلوات الله عليه وسلامه (١).

٧٩٤ ـ روى عليّ بن إبراهيم القمّي بإسناده عن جميل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت :

قول الله تبارك وتعالى : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) قال :

ذلك والله في الرجعة ، أما علمت أنّ أنبياء كثيرة لم ينصروا في الدنيا وقتلوا ، والأئمّة بعدهم قتلوا ولم ينصروا ، ذلك في الرجعة (٢).

__________________

(١) الاحتجاج للطبرسيّ ٢ / ٢٨٤ ـ ٢٨٩.

(٢) تفسير القمّيّ ٢ / ٢٥٨ ؛ بحار الأنوار ١١ / ٢٧.

٤٠٧

سورة فصّلت

الآية الاولى قوله تعالى : (لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا)(١).

٧٩٥ ـ محمّد بن إبراهيم النعمانيّ رحمه‌الله في الغيبة بإسناده عن أبي بصير ، قال :

قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : قول الله عزوجل : (عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ما هو عذاب خزي الدنيا؟ فقال :

وأيّ خزي أخزى يا أبا بصير من أن يكون الرجل في بيته وحجاله على اخوانه وسط عياله ، أن شقّ أهله الجيوب عليه وصرخوا ، فيقول الناس ما هذا؟ فيقال مسخ فلان الساعة ، فقلت :

قبل قيام القائم عليه‌السلام أو بعده؟ فقال : لا ، بل قبله (٢).

الآية الثانية قوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)(٣).

__________________

(١) فصّلت : ١٦.

(٢) الغيبة للنعمانيّ ١٤٣.

(٣) فصّلت : ٣٠.

٤٠٨

الشيعة الثابتون على القول بالامامة

٧٩٦ ـ روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدس‌سره بإسناده عن محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : استقاموا على الأئمّة واحدا بعد واحد ، تتنزّل عليهم الملائكة ألّا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنّة الّتي كنتم توعدون (١).

٧٩٧ ـ سعد بن عبد الله القمّيّ بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهم‌السلام في قول الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا) قال : هم الأئمّة عليهم‌السلام تجري فيمن استقام من شيعتنا وسلّم لأمرنا وكتم حديثنا عند عدوّنا ، وتستقبلهم الملائكة بالبشرى من الله بالجنّة ، وقد ـ والله ـ مضى أقوام على مثل ما أنتم عليه من الّذين استقاموا لأمرنا وكتموا حديثنا ولم يذيعوه عند عدوّنا ولم يشكّوا فيه كما شككتم ، واستقبلهم الملائكة بالبشرى من الله بالجنّة (٢).

٧٩٨ ـ محمّد بن العبّاس بإسناده عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) يقول : استكملوا طاعة الله وطاعة رسوله وولاية آل محمّد عليهم‌السلام (ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) يوم القيامة (أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) فاولئك الّذين اذا فزعوا يوم القيامة حين يبعثون ، فتلقتهم الملائكة ويقولون لهم : لا تخافوا ولا تحزنوا نحن كنّا معكم في الحياة الدنيا لا نفارقكم حتّى تدخلوا الجنة (وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)(٣).

٧٩٩ ـ عنه ، بإسناده عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) الآية ، قال : استقاموا على الأئمّة واحدا بعد واحد (٤).

الآية الثالثة قوله تعالى : (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)(٥).

__________________

(١) الكافي ١ / ٤٢٠ ح ٤٠.

(٢) تفسير البرهان ٤ / ١١٠ ح ٨.

(٣) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٥٣٦ ـ ٥٣٧ ح ٨.

(٤) نفس المصدر ٢ / ٥٣٧ ح ٩.

(٥) فصّلت : ٣٤.

٤٠٩

٨٠٠ ـ روى محمّد بن العبّاس رحمه‌الله بإسناده عن سورة بن كليب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : لمّا نزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : امرت بالتقيّة ، فسار بها عشرا حتّى امر أن يصدع بما أمر. ثمّ أمر بها عليّ ، فسار بها حتّى أمر أن يصدع بها ، ثمّ أمر الأئمّة بعضهم بعضا فساروا بها ، فإذا قام قائمنا سقطت التقيّة وجرّد السيف ولم يأخذ من الناس ولم يعطهم إلّا السيف (١).

الآية الرابعة قوله عزوجل : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ)(٢).

٨٠١ ـ روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن عاصم بن حميد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ) قال : اختلفوا كما اختلفت هذه الامّة في الكتاب ، وسيختلفون في الكتاب الّذي مع القائم الّذي يأتيهم به حتّى ينكره ناس كثير ، فيقدّمهم فيضرب أعناقهم (٣).

الآية الخامسة قوله تعالى : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)(٤).

٨٠٢ ـ روى ثقة الإسلام الكلينيّ والنعمانيّ بإسنادهما عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن قول الله عزوجل : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ) قال : يريهم في أنفسهم المسخ ، ويريهم في الآفاق انتقاض الآفاق عليهم ، فيرون قدرة الله عزوجل في أنفسهم وفي الآفاق. قلت له : حتّى يتبيّن لهم أنّه الحقّ ، قال : خروج القائم ، هو الحقّ من عند الله عزوجل ، يراه الخلق لا بدّ منه (٥).

٨٠٣ ـ روى المفيد رحمه‌الله بإسناده عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام في قوله عزوجل : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ) قال : الفتن في الآفاق ، والمسخ في أعداء الحقّ (٦).

__________________

(١) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٥٣٩ ـ ٥٤٠ ح ١٣.

(٢) فصّلت : ٤٥.

(٣) الكافي ٨ / ٢٨٧ ح ٤٣٢ ؛ بحار الأنوار ٢٤ / ٣١٣١.

(٤) فصّلت : ٥٣.

(٥) الكافي ٨ / ٣٨١ ح ٥٧٥٧ ؛ الغيبة للنعمانيّ ٢٦٩ ح ٤٠.

(٦) الإرشاد للمفيد ٣٥٩ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٢٢١.

٤١٠

سورة الشورى

الآية الاولى قوله تعالى : (حم* عسق)(١).

٨٠٤ ـ روى عليّ بن إبراهيم القمّيّ رحمه‌الله بإسناده عن يحيى بن ميسرة الخثعميّ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : (حم* عسق) عدد سنّي القائم ، قال : و (ق) جبل محيط بالدنيا من زمرّد أخضر ، وخضرة السماء من ذلك الجبل ، وعلم كلّ شيء في (عسق) (٢).

٨٠٥ ـ وروى محمّد بن العبّاس بإسناده عن الكلبيّ ، عن أبي صالح ، عن ابن عبّاس ، قال : (حم) اسم من أسماء الله عزوجل ، و (عسق) علم على تفسير كلّ جماعة ونفاق كلّ فرقة (٣).

٨٠٦ ـ تأويل آخر بحذف الإسناد عن السكونيّ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : حم : حتم ، وعين ، عذاب ، وسين : سنون كسنيّ يوسف عليه‌السلام ، وقاف : قذف ومسخ يكون في آخر الزمان منه بالسفيانيّ وأصحابه وناس من كلب ، ثلاثون ألف يخرجون معه ، وذلك حين يخرج القائم عليه‌السلام بمكّة وهو مهدي هذه الامّة (٤).

الآية الثانية قوله تعالى : (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ* يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ

__________________

(١) الشورى : ١.

(٢) تفسير القمّي ٢ / ٢٦٧.

(٣) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٥٤٢ ح ٢.

(٤) نفس المصدر ٢ / ٥٤٢ ح ٣.

٤١١

بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ)(١).

٨٠٧ ـ روى بالإسناد عن المفضّل بن عمر ، قال : قال أبو عبد الله الصادق عليه‌السلام : يا مفضّل كيف يقرأ أهل العراق هذه الآية : (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُ).

فقلت : يقرءون : (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُ) فقال : ويحك أتدري ما هي؟

فقلت : الله ورسوله وابن رسوله أعلم.

فقال : ما هي والله إلّا قيام القائم (٢).

٨٠٨ ـ وفي رواية المفضّل بن عمر عن الصادق عليه‌السلام قال : سألت سيّدي الصادق عليه‌السلام : هل للمأمور المنتظر المهديّ عليه‌السلام من وقت موقّت يعلمه الناس؟ فقال : حاش لله أن يوقّت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا. قلت : يا سيّدي ولم ذاك؟ قال : لأنّه هو الساعة الّتي قال الله تعالى : (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) (٣) (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) قلت : فما معنى يمارون؟ قال : يقولون : متى ولد؟ ومن رأى؟ وأين يكون؟ ومتى يظهر؟ وكلّ ذلك استعجالا لأمر الله وشكّا في قضائه ، ودخولا في قدرته (٤).

الآية الثالثة قوله تعالى : (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ)(٥).

٨٠٩ ـ روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدس‌سره بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ) قال : معرفة أمير المؤمنين عليه‌السلام والأئمّة عليهم‌السلام ، (نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ) قال : نزيده منها ، قال : يستوفي نصيبه من دولتهم.

__________________

(١) الشورى : ١٧ و ١٨.

(٢) المحجّة ١٩١ ؛ بحار الأنوار ٥٣ / ٢.

(٣) الأحزاب : ٦٣.

(٤) بحار الأنوار ٥٣ / ٢ ؛ الصراط المستقيم ٢ / ٢٥٨.

(٥) الشورى : ٢٠.

٤١٢

(وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) قال : ليس له في دولة الحقّ مع القائم نصيب (١).

الآية الرابعة قوله تعالى : (وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)(٢).

٨١٠ ـ روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال :

أمّا قوله : (وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) قال : لو لا ما تقدّم فيهم من أمر الله عزوجل ما أبقى القائم منهم واحدا (٣).

الآية الخامسة قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)(٤).

المهديّ عليه‌السلام ممّن نزلت فيه آية المودّة

٨١١ ـ روى العلّامة البيّاضيّ قال : وأسند الثعلبيّ في تفسير : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) إلى أنس قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : نحن ولد عبد المطّلب سادة أهل الجنّة ، وذكر نفسه وخمسة سمّاهم من أهل بيته (٥).

٨١٢ ـ وروى محمّد بن يعقوب بإسناده عن عبد الله بن عجلان ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال : هم الأئمّة عليهم‌السلام (٦).

٨١٣ ـ روى محمّد بن العبّاس بإسناده عن الحسن بن زيد ، عن أبيه ، عن جدّه عليهم‌السلام ، قال : خطب الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام حين قتل عليّ عليه‌السلام ثمّ قال : وأنا من أهل بيت من افترض الله مودّتهم على كلّ مسلم ، حيث يقول : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) فاقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت (٧).

٨١٤ ـ وعنه بإسناده عن عبد الملك بن عمير ، عن الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما في قوله عزوجل : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال : وأمّا القرابة الّتي

__________________

(١) الكافي ١ / ٤٣٥ ؛ بحار الأنوار ٢٤ / ٣٤٩.

(٢) الشورى : ٢٢.

(٣) روضة الكافي ٢٨٧ ؛ بحار الأنوار ٢٤ / ٣١٣.

(٤) الشورى : ٢٣.

(٥) الصراط المستقيم ٢ / ٢٤٢.

(٦) تفسير البرهان ٤ / ١٢١ ح ١.

(٧) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٥٤٥ ح ٨.

٤١٣

أمر الله بصلتها ، وعظّم من حقّها ، وجعل الخير فيها ، قرابتنا أهل البيت الّذي أوجب الله حقّنا على كلّ مسلم (١).

٨١٥ ـ روى أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ بإسناده عن عبد الله بن عجلان ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال : هم الأئمّة الّذين لا يأكلون الصدقة ولا تحلّ لهم (٢).

٨١٦ ـ قال : وروى زاذان عن عليّ عليه‌السلام ، قال : فينا نزل آية ، لا يحفظ مودّتنا إلّا كلّ مؤمن ، ثمّ قرأ هذه الآية (٣).

٨١٧ ـ ومن صحيح البخاريّ في الجزء السادس في تفسير الآية ، روى بإسناده عن عبد الملك بن ميسرة ، قال : سمعت طاوسا ، عن ابن عبّاس أنّه سأل عن قوله (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال سعيد بن جبير :

قربى آل محمّد صلوات الله عليهم (٤).

٨١٨ ـ روى الثعلبيّ بإسناده عن أبي الديلم ، قال : لمّا جىء بعليّ بن الحسين صلوات الله عليه أسيرا قائما على درج دمشق ، قام رجل من أهل الشام فقال : الحمد لله الّذي قتلكم واستأصل شأفتكم وقطع قرن الفتنة!

فقال له عليّ بن الحسين صلوات الله عليه : أقرأت القرآن؟ قال : قال : نعم ، قال : أقرأت آل حم؟ قال :

قرأت القرآن ولم أقرأ آل حم ، قال : قرأت : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال : لأنتم هم؟ قال : نعم (٥).

٨١٩ ـ روى مسلم في صحيحه في الجزء الخامس في تفسير قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال : وسئل ابن عبّاس عن هذه الآية ، فقال : قربى آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله (٦).

__________________

(١) نفس المصدر ٢ / ٥٤٥ ح ٩.

(٢) تفسير البرهان ٤ / ١٢٤ ح ١٣.

(٣) نفس المصدر ٤ / ١٢٥ ح ٢٢.

(٤) صحيح البخاري ٦ / ٣٧.

(٥) عنه : العمدة ٥١ ف ٩ ح ٤٦.

(٦) عنه : العمدة ٤٩ ف ٩ ح ٤٠.

٤١٤

٨٢٠ ـ روى موفّق بن أحمد الخوارزميّ ، عن مقاتل والكعبيّ : لمّا نزلت هذه الآية (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قالوا : هل رأيتم أعجب من هذا ، يسفّه أحلامنا ويشتم آلهتنا ويرى قتلنا ويطمع أن نحبّه؟! فنزل : (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ)(١) أي ليس لي من ذلك أجر ، لأنّ منفعة المودّة تعود إليكم ، وهو ثواب الله تعالى ورضاه (٢).

قوله تعالى : (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً)(٣).

٨٢١ ـ روى ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب رحمه‌الله بإسناده عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى : (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) قال : الاقتراف التسليم لنا والصدق علينا وأن لا يكذب علينا (٤).

٨٢٢ ـ روى سعد بن عبد الله بإسناده عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في الآية ، قال : الاقتراف للحسنة هو التسليم لنا والصدق علينا. (٥)

٨٢٣ ـ روى الشيخ في أماليه بإسناده ، عن الحسن عليه‌السلام في خطبة له ، قال : فيما أنزل الله على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً) واقتراف الحسنة مودّتنا (٦).

الآية السادسة قوله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ)(٧).

٨٢٤ ـ روى العلّامة البحرانيّ قدس‌سره بإسناده عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) قال : من توالى الأوصياء من آل محمّد واتّبع آثارهم ، فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيّين والمؤمنين الأوّلين حتّى ولايتهم إلى آدم عليه‌السلام ، وهو قول الله عزوجل : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها)(٨) يدخله الجنّة وهو قول الله عزوجل : (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ)(٩) يقول : أجر المودّة الّذي لم أسألكم

__________________

(١) سبأ : ٤٧.

(٢) المناقب للخوارزميّ ٢٧٥ ح ٢٥٥.

(٣) الشورى : ٢٣.

(٤) تفسير البرهان ٤ / ١٢٢ ح ٧.

(٥) نفس المصدر ٤ / ١٢٢ ح ٧.

(٦) أمالي الطوسي ٢٦٩ ـ ٢٧٠ خ ٥٠١.

(٧) الشورى : ٢٤.

(٨) القصص : ٨٤.

(٩) سبأ : ٤٧.

٤١٥

غيره فهو لكم تهتدون به وتنجون من عذاب يوم القيامة ، وقل لأعداء الله أولياء الشيطان أهل التكذيب والإنكار (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ)(١) يقول متكلّفا أن أسألكم ما لستم بأهله ، فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض : أما يكفي محمّدا أن يكون قهرنا عشرين سنة حتّى يريد أن يحمل أهل بيته على رقابنا ، ولئن قتل محمّد أو مات لننزعنّها من أهل بيته لا نعيدها فيهم أبدا ، وأراد الله عزّ ذكره أن يعلم نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله الّذي أخفوا في صدورهم وأسرّوا به ، فقال في كتابه عزوجل : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ) يقول : لو شئت حبست عنك الوحي فلم تكلّم بفضل أهل بيتك ولا بمودّتهم ، وقد قال الله عزوجل : (وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ)(٢) يقول الحقّ لأهل بيتك الولاية انّه عليم بذات الصدور ، ويقول : بما ألقوه في صدورهم من العداوة لأهل بيتك والظلم بعدك وهو قول الله عزوجل : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ)(٣) ... الخ الحديث (٤).

٨٢٥ ـ روى القمّي بإسناده عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : في قول الله عزوجل : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) يعني في أهل بيته ، قال : جاءت الأنصار إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : انّا قد آوينا ونصرنا ، فخذ طائفة من أموالنا استعن بها على ما أنابك ، فأنزل الله : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) ـ يعني على النبوّة ـ (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) أي في أهل بيته ، ثمّ قال : ألا ترى أنّ الرجل يكون له صديق وفي ذلك شيء على أهل بيته فلم يسلم صدره ، فأراد الله أن لا يكون في نفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شيء على امّته ففرض عليهم المودّة ، فإن أخذوا أخذوا مفروضا ، وان تركوا تركوا مفروضا ، قال : فانصرفوا من عنده وبعضهم يقول : أعرضنا عليه أموالنا فقال : قاتلوا عن أهل بيتي من بعدي ، وقال : طائفة ما قال هذا رسول الله من الله وجحدوا وقالوا كما حكى الله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) فقال الله (فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ) قال : لو افتريت ؛ ويمحو الله الباطل يعني يبطله (وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) يعني بالأئمّة والقائم من آل محمّد (إِنَّهُ عَلِيمٌ

__________________

(١) ص : ٨٦.

(٢) الشورى : ٢٤.

(٣) الأنبياء : ٣.

(٤) تفسير البرهان / ١٢٢ : ٤ ح ٥.

٤١٦

بِذاتِ الصُّدُورِ)(١).

الآية السابعة قوله تعالى : (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ)(٢).

٨٢٦ ـ روى محمّد بن العبّاس رحمه‌الله بإسناده عن جابر الجعفيّ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) قال : ذلك القائم عليه‌السلام إذا قام انتصر من بني اميّة ومن المكذّبين والنصاب (٣).

الآية الثامنة قوله تعالى : (وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ)(٤).

٨٢٧ ـ روى محمّد بن العبّاس رحمه‌الله بإسناده عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : قوله عزوجل : (خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ) يعني إلى القائم عليه‌السلام (٥).

٨٢٨ ـ وروى عليّ بن إبراهيم بإسناده عن أبي حمزة الثماليّ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : سمعته يقول : (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ) يعني القائم وأصحابه (فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) والقائم إذا قام انتصر من بني اميّة ومن المكذّبين والنصّاب هو وأصحابه ، وهو قول الله تبارك وتعالى : (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)(٦).

__________________

(١) تفسير القمّيّ ٢ / ٢٧٥ ؛ بحار الأنوار ٢٣ / ٢٣٧.

(٢) الشورى : ٤١.

(٣) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٥٤٩ ـ ٥٥٠ ح ١٨.

(٤) الشورى : ٤٥.

(٥) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٥٥٠ ح ٢٠.

(٦) تفسير البرهان ٤ / ١٢٩ ح ٤.

٤١٧

سورة الزخرف

الآية الاولى قوله تعالى : (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ)(١)

٨٢٩ ـ روى العلّامة المجلسي رحمه‌الله بإسناده عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : يا ابن رسول الله ، إنّ قوما يقولون : إنّ الله تبارك وتعالى جعل الإمامة في عقب الحسن والحسين.

قال : كذبوا والله ، أو لم يسمعوا الله تعالى ذكره يقول : (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) فهل جعلها إلّا في عقب الحسين عليه‌السلام؟ ثمّ قال : يا جابر إنّ الأئمّة هم الّذين نصّ عليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالإمامة ، وهم الّذين قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا اسري بي إلى السماء وجدت أساميهم مكتوبة على ساق العرش بالنور اثنى عشر اسما ، منهم عليّ وسبطاه ، وعليّ ومحمّد وجعفر وموسى وعليّ ومحمّد وعليّ والحسن والحجّة القائم ، فهذه الأئمّة من أهل بيت الصفوة والطهارة ، والله لا يدّعيه أحد غيرنا إلّا حشره الله تبارك وتعالى مع إبليس وجنوده.

ثمّ تنفّس عليه‌السلام الصعداء وقال : لا رعى الله حقّ هذه الامّة فإنّها لم ترع حقّ نبيّها ، أما والله لو تركوا الحقّ على أهله لما اختلف في الله تعالى اثنان.

__________________

(١) الزخرف : ٢٨.

٤١٨

ثمّ أنشأ عليه‌السلام يقول :

إنّ اليهود لحبّهم لنبيّهم

أمنوا بوائق حادث الأزمان

والمؤمنون بحبّ آل محمّد

يرمون في الآفاق بالنيران

قلت : يا سيّدي أليس هذا الأمر لكم؟ قال : نعم.

قلت : فلم قعدتم عن حقّكم ودعواكم ، وقد قال الله تبارك وتعالى : (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ)(١) ، قال : فما بال أمير المؤمنين عليه‌السلام قعد عن حقّه حيث لم يجد ناصرا؟ أو لم تسمع الله تعالى يقول في قصّة لوط : (قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ)(٢) ، ويقول في حكاية عن نوح : (فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ)(٣) ، ويقول في قصّة موسى : (رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ)(٤) ، فإذا كان النبيّ هكذا فالوصيّ أعذر.

يا جابر مثل الإمام مثل الكعبة إذ يؤتى ولا يأتي (٥).

٨٣٠ ـ الشيخ الصدوق بإسناده عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) قال : هي الإمامة جعلها الله عزوجل في عقب الحسين عليه‌السلام باقية إلى يوم القيامة (٦).

٨٣١ ـ الشيخ الصدوق بإسناده من طريق العامّة عن أبي هريرة ، قال : سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن قوله عزوجل : (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) قال : جعلها الأئمّة في عقب الحسين ، يخرج من صلبه تسعة من الأئمّة ومنهم مهدي هذه الامّة. ثمّ قال : لو أنّ رجلا ظعن بين الركن والمقام ثمّ لقى الله مبغضا لأهل بيتي دخل النار (٧).

٨٣٢ ـ وعنه رفعه إلى هشام بن سالم ، قال : قلت للصادق عليه‌السلام : الحسن أفضل أم الحسين؟

فقال : الحسن أفضل من الحسين.

قلت : وكيف صارت من بعد الحسين في عقبه دون ولد الحسن؟

__________________

(١) الحجّ : ٧٨.

(٢) هود : ٨٠.

(٣) القمر : ١٠.

(٤) المائدة : ٢٥.

(٥) بحار الأنوار ٣٦ / ٣٥٧ ـ ٣٥٨ ؛ تفسير البرهان ٤ / ١٣٩ ـ ١٤٠.

(٦) تفسير البرهان ٤ / ١٣٨ ح ١.

(٧) تفسير البرهان ٤ / ١٤٠ ح ٩.

٤١٩

فقال : انّ الله تبارك وتعالى أحبّ أن يجعل سنّة موسى وهارون جارية في الحسن والحسين عليهما‌السلام ، ألا ترى أنّهما كانا شريكين في النبوّة كما كان الحسن والحسين شريكين في الإمامة ، جعل النبوّة في ولد هارون ولم يجعلها في ولد موسى وان كان موسى أفضل من هارون.

قلت : فهل يكون إمامان في وقت واحد؟

قال : لا إلّا أن يكون أحدهما صامتا مأموما لصاحبه ، والآخر ناطقا إماما لصاحبه ، فإمّا أن يكونا إمامين ناطقين فلا.

قال : قلت : فهل تكون الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين؟

قال : لا ، إنّما هي جارية في عقب الحسين ، كما قال الله عزوجل : (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) ثمّ هي جارية في الأعقاب وأعقاب الأعقاب إلى يوم القيامة (١).

٨٣٣ ـ روى الشيخ الصدوق بإسناده عن المفضّل بن عمر ، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما‌السلام ، قال : سألته عن قول الله عزوجل : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ) ما هذه الكلمات؟ قال : هي الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه فتاب الله عليه ، وهو أنّه قال : «أسألك بحقّ محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين إلّا تبت عليّ» فتاب الله عليه إنّه هو التوّاب الرحيم.

فقلت له : يا ابن رسول الله ، فما يعني عزوجل بقوله «فأتمّهنّ»؟

قال : فأتمّهنّ إلى القائم اثنى عشر إماما ، تسعة من ولد الحسين عليه‌السلام.

قال المفضّل فقلت : يا ابن رسول الله فأخبرني عن قول الله عزوجل : (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) قال : يعني بذلك الإمامة جعلها الله تعالى في عقب الحسين إلى يوم القيامة.

قال : فقلت له : يا ابن رسول الله فكيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون ولد الحسن عليهما‌السلام وهما جميعا ولدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسبطاه وسيّدا شباب أهل الجنّة؟

فقال عليه‌السلام : إنّ موسى وهارون كانا نبيّين مرسلين وأخوين ، فجعل الله عزوجل النبوّة في صلب هارون دون صلب موسى عليهما‌السلام ، ولم يكن لأحد أن يقول لم فعل الله ذلك؟ وإنّ

__________________

(١) تفسير البرهان ٤ / ١٣٨ ح ٤.

٤٢٠