الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

سعيد أبو معاش

الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

المؤلف:

سعيد أبو معاش


المحقق: عبدالرحيم مبارك
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ٣
ISBN: 978-964-444-775-4
الصفحات: ٦٠٣

صورة ثانية لحديث المولد الشريف

٦٦٤ ـ روى المحدّث الجليل الشيخ حسين بن عبد الوهاب من علماء القرن الخامس قال : وقرأت في كتاب الوصايا وغيره بأنّ جماعة من الشيوخ العلماء ، منهم : علال الكلابيّ وموسى بن أحمد الفزاريّ وأحمد بن جعفر ومحمّد رووا بأسانيدهم ، أنّ حكيمة بنت أبي جعفر عمّة أبي محمّد عليه‌السلام قالت : وكنت أدعو الله له أن يرزقه ولدا فدعوت له كما كنت أدعو ، فقال عليه‌السلام : يا عمّة أما أنّه يولد في هذه الليلة ـ وكانت ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ـ المولود الّذي كنّا نتوقّعه ، فاجعلي إفطارك عندنا ، وكانت ليلة الجمعة.

قالت حكيمة : ممّن يكون هذا المولود يا سيّدي؟

فقال عليه‌السلام : من نرجس ، قالت : ولم يكن في الجواري أحبّ إليّ منها ولا أخفّ على قلبي ، وكنت إذا دخلت الدار تتلقّاني وتقبّل يدي وتنزع خفيّ بيدها ، فلمّا دخلت عليها فعلت بي ما كانت تفعل ، فانكببت على يدها فقبّلتها ومنعتها ممّا كانت تفعله ، فخاطبتني بالسيادة ، فخاطبتها بمثلها فأنكرت ذلك ، فقلت لها : لا تنكري ما فعلت ، فإنّ الله تعالى سيهب لك في ليلتنا هذه غلاما سيّدا في الدنيا والآخرة ، فاستحيت.

قالت حكيمة : فتعجّبت وقلت لأبي محمّد عليه‌السلام : لست أرى بها أثر الحمل ، فتبسّم عليه‌السلام وقال لي : إنّا معاشر الأوصياء لا نحمل في البطون ، ولكنّا نحمل في الجنوب ، وفي هذه الليلة مع الفجر يولد المولود الكريم على الله إن شاء الله تعالى.

قالت حكيمة : ونمت بالقرب من الجارية ، وبات أبو محمّد عليه‌السلام في صفّ ، فلمّا كان وقت الليل ، قمت إلى الصلاة والجارية نائمة ما بها أثر ولادة ، وأخذت في صلاتي ثمّ أوترت وأنا في الوتر ، فوقع في نفسي أنّ الفجر قد ظهر ، ودخل في قلبي شيء ، فصاح أبو محمّد عليه‌السلام من الصف : لم يطلع الفجر يا عمّة ، فأسرعت الصلاة ، وتحرّكت الجارية فدنوت منها وضممتها إليّ وسمّيت عليها ، ثمّ قلت لها : هل تحسّين؟

قالت : نعم ، فوقع عليّ سبات لم أتمالك معه أن نمت ، ووقع على الجارية مثل ذلك فنامت وهي قاعدة ، فلم تنتبه إلّا ويحسّ مولاي وسيّدي تحتها ، وإذا بصوت أبي

٣٤١

محمّد عليه‌السلام وهو يقول : يا عمّتاه هاتي ابني إليّ ، فكشفت عن مولاي عليه‌السلام وإذا هو ساجد وعلى ذراعه الأيمن مكتوب : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) فضممته إليّ فوجدته مفروغا منه مطهّر الختانة ، فحملته إلى أبي محمّد عليه‌السلام فأقعده على راحته اليسرى ، وجعل يده اليمنى على ظهره ، ثمّ أدخل السبّابة في فيه ، وأمرّ يده على عينيه وسمعه (صاهره) ثمّ قال : تكلّم يا بني.

فقال : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أنّ محمّدا رسول الله ، وأنّ أمير المؤمنين عليّا ولي الله ، ثمّ لم يزل يعدّ السادة الأوصياء إلى أن بلغ إلى نفسه ، ودعا لأوليائه على يديه بالفرج ثمّ صمت عليه‌السلام ، فقال أبو محمّد عليه‌السلام : اذهبي به إلى امّه ليسلّم عليها وردّيه إليّ ، فمضيت به ، وسلّم عليها ورددته ، ووقع بيني وبينه شيء كالحجاب ، فلم أر سيّدي ومولاي. فقلت لأبي محمّد عليه‌السلام : يا سيّدي أين مولانا؟ فقال : أخذه من هو أحقّ به منك ومنّا ، فلمّا كان في اليوم السابع جئت فسلّمت وجلست. فقال أبو محمّد عليه‌السلام : ائتني إليّ بابني ، فجيء بسيّدي وهو في ثياب صفر ، ففعل به كفعاله الاولى ، ثمّ قال له : تكلّم يا بني. فقال : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأثنى بالصلاة على محمّد وأمير المؤمنين والأئمّة : ووقف عليه‌السلام على أبيه ، ثمّ قرأ : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) فخرجت من عندهم ، ثمّ غدوت فافتقدته فلم أره ، فقلت لأبي محمّد عليه‌السلام : يا سيّدي ما فعلت بمولانا عليه‌السلام؟ فقال : يا عمّة استودعناه الّذي استودعته امّ موسى (١).

الآية الثانية قوله تعالى : (فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ) ؛ (فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ)(٢).

٦٦٥ ـ روى الشيخ الصدوق أعلى الله مقامه بإسناده عن محمّد بن مسلم الثقفي الطحّان ، قال : دخلت على أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه‌السلام وأنا اريد أن أسأله عن القائم من آل محمّد صلّى الله عليه وعليهم ، فقال لي مبتدأ : يا محمّد بن مسلم ، إنّ في القائم من

__________________

(١) عيون المعجزات ١٤٢ ـ ١٤٤ ؛ ورواه المؤرّخ المسعودي في إثبات الوصيّة ٢١٩ ـ ٢٢٠.

(٢) القصص : ١٨ و ٢١.

٣٤٢

آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله شبها من خمسة من الرسل : يونس بن متّى ويوسف بن يعقوب وموسى وعيسى ومحمّد صلوات الله عليهم.

فأمّا شبهه من يونس بن متّى ، فرجوعه من غيبته وهو شاب بعد كبر السنّ.

وأمّا شبهه من يوسف بن يعقوب عليهما‌السلام ، فالغيبة عن خاصّته وعامّته ، واختفاؤه من إخوته وإشكال أمره على أبيه يعقوب عليه‌السلام مع قرب المسافة بينه وبين أبيه وأهله وشيعته.

وأمّا شبهه من موسى عليه‌السلام ، فدوام خوفه ، وطول غيبته ، وخفاء ولادته وتعب شيعته من بعده ممّا لقوا من الأذى والهوان ، إلى أن أذن الله عزوجل في ظهوره ونصره وأيّده على عدوّه.

وأمّا شبهه من عيسى عليه‌السلام ، فاختلاف من اختلف فيه ، حتّى قالت طائفة منهم : ما ولد ، وقالت طائفة : مات ، وقالت طائفة : قتل وصلب.

وأمّا شبهه من جدّه المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فخروجه بالسيف وقتله أعداء الله وأعداء رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والجبّارين والطواغيت ، وأنّه ينصر بالسيف والرعب ، وأنّه لا تردّ له راية.

وإنّ من علامات خروجه : خروج السفيانيّ من الشام ، وخروج اليمانيّ (من اليمن) وصيحة من السماء في شهر رمضان ، ومناديا ينادي من السماء باسمه واسم أبيه (١).

٦٦٦ ـ روى النعمانيّ رحمه‌الله بإسناده عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا جعفر الباقر عليه‌السلام يقول : في صاحب هذا الأمر سنن من أربعة أنبياء : سنّة من موسى ، وسنّة من عيسى ، وسنّة من يوسف ، وسنّة من محمّد صلوات الله عليهم أجمعين ، فقلت : ما سنّة موسى؟ قال : خائف يترقّب ، قلت : وما سنّة عيسى؟ فقال : يقال فيه ما قيل في عيسى ، قلت : فما سنّة يوسف؟ قال : السجن والغيبة. قلت : وما سنّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : إذا قام ، سار بسيرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا أنّه يبيّن آثار محمّد ، ويضع السيف على عاتقه ثمانية أشهر هرجا هرجا ، حتّى يرضى الله ، قلت : فكيف يعلم رضا الله؟ قال : يلقي الله في قلبه الرحمة (٢).

٦٦٧ ـ روى الشيخ الصدوق رحمه‌الله بإسناده عن سعيد بن جبير ، قال : سمعت سيّد العابدين عليّ بن الحسين عليهما‌السلام يقول : في القائم منّا سنن من الأنبياء ، سنّة من أبينا آدم عليه‌السلام ، وسنّة

__________________

(١) كمال الدّين ١ / ٣٢٧ ح ٧ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٢١٧.

(٢) الغيبة للنعمانيّ ١٦٤ ح ٥.

٣٤٣

من نوح ، وسنّة من إبراهيم وسنّة من موسى ، وسنّة من عيسى ، وسنّة من أيّوب ، وسنّة من محمّد صلوات الله عليهم. فأمّا من آدم ونوح فطول العمر ، وأمّا من إبراهيم فخفاء الولادة واعتزال الناس ، وأمّا من موسى فالخوف والغيبة ، وأمّا من عيسى فاختلاف الناس فيه ، وأمّا من أيّوب فالفرج بعد البلوى ، وأمّا من محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله فالخروج بالسيف (١).

٦٦٨ ـ روى الشيخ الصدوق رحمه‌الله بإسناده عن عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين عليهم‌السلام قال : قال الحسين بن عليّ عليهما‌السلام : في التاسع من ولدي سنّة عن يوسف وسنّة من موسى بن عمران عليهما‌السلام ، وهو قائمنا أهل البيت يصلح الله تبارك وتعالى أمره في ليلة واحدة (٢).

٦٦٩ ـ روى السيّد عليّ بن عبد الحميد ؛ بسند يرفعه إلى سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : كأنّي بالقائم بين ذي طوى قائما على رجليه خائفا يترقّب على سنّة موسى حتّى يأتي المقام فيدعو (٣).

٦٧٠ ـ روى الشيخ الصدوق رحمه‌الله بإسناده عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سمعته يقول : في القائم عليه‌السلام سنّة من موسى بن عمران عليه‌السلام ، فقلت : وما سنّته من موسى بن عمران؟ قال : خفاء مولده وغيبته عن قومه ، فقلت : وكم غاب موسى عن أهله وقومه؟ فقال : ثماني وعشرين سنة (٤).

٦٧١ ـ روى الشيخ الصدوق رحمه‌الله بإسناده عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إنّ في صاحب هذا الأمر سننا من الأنبياء عليهم‌السلام ، سنّة من موسى بن عمران ، وسنّة من عيسى ، وسنّة من يوسف ، وسنّة من محمّد صلوات الله عليهم ، فأمّا سنّة من موسى بن عمران فخائف يترقّب وأمّا سنّة من عيسى فيقال فيه ما قيل في عيسى ، وأمّا سنّة من يوسف فالستر ، يجعل الله بينه وبين الخلق حجابا يرونه ولا يعرفونه ، وأمّا سنّة من محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله فيهتدي بهداه ويسير بسيرته (٥).

__________________

(١) كمال الدّين ١ / ٣٢١ ح ٣ ـ ٥ ؛ كشف الغمّة ٣ / ٣١٢.

(٢) كمال الدّين ١ / ٣١٧ ح ١ ؛ العدد القويّة ٧١ ح ١١٢.

(٣) منتخب الأنوار المضيئة ١٨٩ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٣٨٥.

(٤) كمال الدّين ١ / ١٥٢ ح ١٤.

(٥) كمال الدّين ٢ / ٣٥٠ ـ ٣٥١ ح ٤٦.

٣٤٤

٦٧٢ ـ وفيه مرسلا عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما‌السلام أنّه قال : في القائم سنّة من موسى ، وسنّة من يوسف ، وسنّة من عيسى ، وسنّة من محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأمّا سنّة موسى فخائف يترقّب ، وأمّا سنّة يوسف فإنّ إخوانه كانوا يبايعونه ويخاطبونه ولا يعرفونه ، وأمّا سنّة عيسى فالسياحة ، وأمّا سنّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله فالسيف (١).

٦٧٣ ـ روى الطبريّ بإسناده عن أبي بصير ، عن الصادق عليه‌السلام قال : يكون في امّتي ـ يعني القائم ـ سنّة من أربعة أنبياء : سنّة من موسى خائف يترقّب ، وسنّة من يوسف يعرفهم وهم له منكرون ، وسنّة من عيسى وما قتلوه وما صلبوه ، وسنّة من محمّد يقوم بالسيف (٢).

٦٧٤ ـ روى الشيخ الصدوق رحمه‌الله مرسلا عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو ، فإنّ موسى بن عمران عليه‌السلام خرج ليقتبس لأهله نارا ، فرجع إليهم وهو رسول نبيّ ، فأصلح الله تبارك وتعالى أمر عبده ونبيّه موسى عليه‌السلام في ليلة ، وهكذا يفعل الله تبارك وتعالى بالقائم الثاني عشر من الأئمّة عليهم‌السلام ، يصلح له أمره في ليلة كما أصلح أمر نبيّه موسى عليه‌السلام ، ويخرجه من الحيرة والغيبة إلى نور الفرج والظهور (٣).

الآية الثالثة قوله تعالى : (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ)(٤).

كلام للمحدّث الجليل الشيخ حسين بن عبد الوهاب

قال : عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه أخبر الامّة بخروج المهديّ خاتم الأئمّة عليه‌السلام الّذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، وأنّ عيسى عليه‌السلام ينزل عليه في وقت خروجه وظهوره ويصلّي خلفه ، وهذا خبر قد اتّفقت عليه الشيعة والعلماء وغير العلماء والسنّة والخاصّ والعامّ والشيوخ والاطفال ، لشهرة هذا الخبر ، نعم ووجوب الحكمة من الله في

__________________

(١) نفس المصدر ٢ / ٢٨.

(٢) دلائل الإقامة ٢٥١.

(٣) كمال الدّين ١ / ١٥١ ـ ١٥٢ ح ١٣ ؛ بحار الأنوار ١٣ / ٤٢.

(٤) القصص : ١٥.

٣٤٥

غيبة صاحب الزمان كوجوب الحكمة من الله بوجوب الغيبة من الحجج المتقدمة واستتارهم ، وما هذا الجحود الظاهر منه إلّا لقلّة تمييزهم وفهمهم وعلمهم بالشرائع المتقدمة ، وقد ألزمنا الله تعالى ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الإقرار بالقائم المنتظر المهديّ عليه‌السلام.

قال الله تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها)(١) إنّ الله سبحانه قد أخبر في قصّة موسى عليه‌السلام أنّه قد كانت له شيعة بأمره عارفون ، وبولايته متمسّكون ، ولدعوته منتظرون ، حيث يقول عزوجل : (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ).

ولمّا أخبر الله تعالى في كتابه أنّه قد كان لموسى عليه‌السلام شيعة من قبل أن تظهر دعوته ، وكانوا بأمره متمسّكين وإن لم يكونوا شاهدوا شخصه ، علمنا أنّ الحكمة من الله سبحانه ، واتفقت السنّة أهل العلم أنّ موسى عليه‌السلام أظهر دعوته بعد رجوعه من عند شعيب عليه‌السلام حين سار بأهله من بعد السنين الّتي كان يرعى فيها أغنام شعيب عليه‌السلام ، وكان دخوله المدينة حين وجد فيها الرجلين يقتتلان قبل مصيره إلى شعيب ، وكان القائل به وبنبوّته لم يكن يعرف شخصه ، وكان يفترض على نفسه طاعته وانتظار دعوته ، ولو لا أنّ الحجج الّذين تقدّموا شريعة موسى عليه‌السلام أخبروا بما يكون من ظهور موسى عليه‌السلام وقتله الفراعنة والجبابرة ، لما كان فرعون يقتل أولاد بني اسرائيل من طلب موسى عليه‌السلام وهو في حجره يربّيه ولا يعرفه ، ولو لم يكن في إخبارهم ما يكون من موسى عليه‌السلام من الحكمة التامّة ، لأمسكوا من ذلك حتّى يظهر عليه‌السلام ، وقد جاءت الروايات الكثيرة في حجج الله تعالى المتقدّمة في عصر آدم إلى زماننا هذا بأنّهم كان منهم المستخفون ومنهم المستعلنون ، ومن قبل كانت قصة ابراهيم عليه‌السلام مع النمرود كقصة موسى عليه‌السلام ، فإنّه بثّ أصحابه إلى طلبه ليقتله وهو كان في حال غيبته ، وكان له عليه‌السلام شيعة ينتظرون ظهوره ، وإذا جاز في حكمة الله تعالى غيبة حجّة شهرا فقد جازت الغيبة سنة ، واذا جازت سنة واحدة ، جازت سنين كثيرة على ما أوجبته حكمة الله تعالى واستقامة تدبيره.

ومن المخالفين من يقولون بظهور المهديّ عليه‌السلام ، إلّا انّهم يقولون إنّ الريب واقع عليهم

__________________

(١) محمّد : ٢٤.

٣٤٦

لزعمهم بقاءه من وقت وفاة أبيه الحسن الأخير عليه‌السلام إلى هذا الوقت ، فإنّهم لم يشاهدوا من عمره أكثر من مائة سنة إلّا وقد خرف وبطل وأشرف على الموت ، وما ذلك منهم الّا لقلّة فهمهم وقلّة إيمانهم بقدرة الله تعالى ، وجهلهم بما قصّه الله تعالى في محكم كتابه من قصة نوح عليه‌السلام وأنّه لبث في قومه الف سنة إلّا خمسين عاما ، فكذلك جائز في حكمته وقدرته أن يعمّر الخلف الصالح الهادي المهديّ حجّته البالغة وكلمته التامّة ورايته الباقية عليه‌السلام ما شاء وأراد على ما توجبه حكمته واستقامة أمره ، إلى أن يظهر امره ويتمّ به ما وعده الله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١).

الآية الرابعة قوله تعالى : (يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ)(٢).

٦٧٥ ـ روي عن هارون بن مسعدة بإسناده عن العالم عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله اختار من الأيّام يوم الجمعة ، ومن الليالي ليلة القدر ، ومن الشهور شهر رمضان ، واختارني وعليّا ، واختار من عليّ الحسن والحسين ، واختار منهما تسعة ، تاسعهم قائمهم ، وهو ظاهرهم وهو باطنهم (٣).

٦٧٦ ـ روى الشيخ الصدوق رحمه‌الله بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن آبائه صلوات الله عليهم ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله عزوجل اختار من الأيّام الجمعة ، ومن الشهور شهر رمضان ، ومن الليالي ليلة القدر ، واختارني على جميع الأنبياء ، واختار منّي عليّا وفضّله على جميع الأوصياء ، واختار من عليّ الحسن والحسين ، واختار من الحسين الأوصياء من ولده ، ينفون عن التنزيل وتحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل المضلّين ، تاسعهم قائمهم ، وهو ظاهرهم وهو باطنهم (٤).

٦٧٧ ـ روى أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي الشيخ الصدوق قدس‌سره بإسناده عن سليم بن قيس الهلالي ، قال : سمعت سلمان الفارسي رضى الله عنه يقول : كنت جالسا بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الّتي قبض فيها ، فدخلت فاطمة عليها‌السلام ، فلمّا رأت ما بأبيها من الضعف بكت حتّى جرت دموعها على خدّيها ، فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما يبكيك

__________________

(١) عيون المعجزات ١٤١ ـ ١٤٣.

(٢) القصص : ٦٨.

(٣) إثبات الوصيّة ٢٢٥.

(٤) كمال الدّين ١ / ٢٨١ ح ٣٢.

٣٤٧

يا فاطمة؟

قالت : يا رسول الله أخشى على نفسي وولدي الضيعة بعدك.

فاغرورقت عينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالبكاء ، ثمّ قال : يا فاطمة أما علمت إنّا أهل بيت اختار الله عزوجل لنا الآخرة على الدنيا ، وأنّه حتّم الفناء على جميع خلقه ، وأنّ الله تبارك وتعالى أطّلع إلى الأرض اطّلاعة فاختارني من خلقه فجعلني نبيّا ، ثمّ أطّلع إلى الأرض ثانية فاختار منها زوجك ، وأوحى إليّ أن ازوّجك إيّاه واتّخذه وليّا ووزيرا ، وأن أجعله خليفتي في امّتي ، فأبوك خير أنبياء الله ورسله ، وبعلك خير الأوصياء ، وأنت أوّل من يلحق بي من أهلي ، ثمّ أطلع إلى الأرض اطّلاعة ثالثة فاختارك وولديك ، فأنت سيّدة نساء أهل الجنّة ، وابناك حسن وحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ، وأبناء بعلك أوصيائي إلى يوم القيامة ، كلّهم هادون مهديّون ، وأوّل الأوصياء بعدي أخي عليّ ، ثمّ حسن ، ثمّ حسين ، ثمّ تسعة من ولد الحسين في درجتي ، وليس في الجنّة درجة أقرب إلى الله من درجتي ودرجة أبي إبراهيم ، أما تعلمين يا بنيّة أنّ من كرامة الله إيّاك أنّ زوجك خير امّتي ، وخير أهل بيتي ، أقدمهم سلما ، وأعظمهم حلما وأكثرهم علما.

فاستبشرت فاطمة عليها‌السلام وفرحت بما قال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

ثمّ قال : يا بنيّة ، إنّ لبعلك مناقب : إيمانه بالله ورسوله قبل كلّ أحد ، فلم يسبقه إلى ذلك أحد من امّتي ، وعلمه بكتاب الله عزوجل وسنّتي ، وليس أحد من امّتي يعلم جميع علمي غير عليّ عليه‌السلام ، وانّ الله عزوجل علّمني علما لا يعلمه غيري ، وعلّم ملائكته ورسله علما ، فكلّ ما علّمه ملائكته ورسوله فأنا أعلمه ، وأمرني الله أن اعلّمه إيّاه ففعلت ، فليس أحد من امّتي يعلم جميع علمي وفهمي وحكمتي غيره ، وإنّك يا بنيّة زوجته ، وابناه سبطاي حسن وحسين وهما سبطا امّتي ، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، فإنّ الله جلّ وعزّ آتاه الحكمة وفصل الخطاب.

يا بنيّة ، إنّا أهل بيت أعطانا الله عزوجل ستّ خصال لم يعطها أحدا من الأوّلين كان قبلكم ، ولم يعطها أحدا من الآخرين غيرنا ، نبيّنا سيّد الأنبياء والمرسلين وهو أبوك ، ووصيّنا سيّد الأوصياء وهو بعلك ، وشهيدنا سيّد الشهداء وهو حمزة بن عبد المطّلب عمّ

٣٤٨

أبيك.

قالت : يا رسول الله هو سيّد الشهداء الّذين قتلوا معه؟

قال : لا بل سيّد شهداء الأوّلين والآخرين ما خلا الأنبياء والأوصياء ، وجعفر ابن أبي طالب ذو الجناحين الطيّار في الجنّة مع الملائكة ، وابناك حسن وحسين سبطا امّتي وسيّدا شباب أهل الجنّة ، ومنّا والّذي نفسي بيده مهديّ هذه الامّة الّذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.

قالت : وأي هؤلاء الّذين سمّيتهم أفضل؟ قال : عليّ بعدي أفضل امّتي ، وحمزة وجعفر أفضل أهل بيتي بعد عليّ وبعدك وبعد ابنيّ وسبطيّ حسن وحسين ، وبعد الأوصياء من ولد ابني هذا ـ وأشار إلى الحسين ـ منهم المهديّ ؛ إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا.

ثمّ نظر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إليها وإلى بعلها وإلى ابنيها ، فقال : يا سلمان ، أشهد الله أنّي سلم لمن سالمهم ، وحرب لمن حاربهم ، أما إنّهم معي في الجنّة.

ثمّ أقبل على عليّ عليه‌السلام ، فقال : يا أخي أنت ستبقى بعدي ، وستلقى من قريش شدّة من تظاهرهم عليك وظلمهم لك ، فإن وجدت عليهم أعوانا فجاهدهم وقاتل من خالفك بمن وافقك ، وإن لم تجد أعوانا فاصبر ، وكفّ يدك ولا تلق بها إلى التهلكة ، فإنّك منّي بمنزلة هارون من موسى ، ولك بهارون اسوة حسنة إذا استضعفه قومه وكادوا يقتلونه ، فاصبر لظلم قريش إيّاك وتظاهرهم عليك ، فإنّك بمنزلة هارون ومن تبعه ، وهم بمنزلة العجل ومن تبعه.

يا عليّ إنّ الله تبارك وتعالى قد قضى الفرقة والاختلاف على هذه الامّة ، ولو شاء الله لجمعهم على الهدى حتّى لا يختلف اثنان من هذه الامّة ولا ينازع في شيء من أمره ولا يجحد المفضول لذي الفضل فضله ، ولو شاء لعجّل النقمة وكان منه التغيير حتّى يكذّب الظالم ويعلم الحقّ أين مصيره ، ولكنّه جعل الدنيا دار الأعمال وجعل الآخرة دار القرار (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى).

٣٤٩

فقال عليّ عليه‌السلام : الحمد لله شكرا على نعمائه وصبرا على بلائه (١).

قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(٢).

٦٧٨ ـ روى النعماني بإسناده عن إسماعيل بن جابر عن الصادق عليه‌السلام في حديث له يرويه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام جاء فيه : وأمّا الردّ على من أنكر الرجعة ، فقول الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) أي رجعة الدنيا ... الحديث (٣).

__________________

(١) كمال الدّين ١ / ٢٦٢ ح ١٠.

(٢) القصص : ٨٥.

(٣) تفسير النعمانيّ (المحكم والمتشابه) ٣ ، والمتن في ١١٢ ـ ١١٣.

٣٥٠

سورة العنكبوت

الآية الاولى قوله تعالى : (الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ)(١).

٦٧٩ ـ روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن معمّر بن خلّاد ، قال : سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول : (الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) ثمّ قال لي : ما الفتنة؟ فقلت : جعلت فداك ، الّذي عندنا أنّ الفتنة في الدّين ، ثمّ قال : يفتنون كما يفتن الذهب ، ثمّ قال : يخلصون كما يخلص الذهب (٢).

٦٨٠ ـ وروى النعمانيّ بإسناده عن ابن نباتة ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، أنّه قال : كونوا كالنحل في الطير ، ليس شيء من الطير إلّا وهو يستضعفها ، ولو علمت الطير ما في أجوافها من البركة ، لم يفعل بها ذلك ، خالطوا الناس بألسنتكم وأبدانكم وزايلوهم بقلوبكم وأعمالكم ، فو الّذي نفسي بيده ما ترون ما تحبّون حتّى يتفل بعضكم في وجوه بعض ، وحتّى يسمّي بعضكم بعضا كذّابين ، وحتّى لا يبقى منكم ـ أو قال : من شيعتي ـ كالكحل في العين والملح في الطعام ، وسأضرب لكم مثلا ، وهو مثل رجل كان له طعام فنقّاه وطيّبه ، ثمّ أدخله بيتا وتركه فيه ما شاء الله ، ثمّ عاد إليه فإذا هو قد أصابه السوس فأخرجه ونقّاه وطيّبه ثمّ أعاده إلى البيت فتركه ما شاء الله ، ثمّ عاد إليه فإذا هو قد أصاب طائفة منه

__________________

(١) العنكبوت : ١ و ٢.

(٢) بحار الأنوار ٥٢ / ١١٥.

٣٥١

السوس ، فأخرجه ونقّاه وطيّبه وأعاده ، ولم يزل كذلك حتّى بقيت منه رزمة كرزمة الأندر لا يضرّه السوس شيئا ، وكذلك أنتم تميّزون حتّى لا يبقى منكم إلّا عصابة لا تضرّها الفتنة شيئا (١).

بيان للمجلسيّ

قوله عليه‌السلام «كالنحل في الطير» أمر بالتقيّة ، أي لا تظهروا لهم ما في أجوافكم من دين الحقّ ، كما أنّ النحل لا يظهر ما في بطنها على الطيور وإلّا لأفنوها. و «الرّزمة» ـ بالكسر ـ ما شدّ في ثوب واحد ، «والأندر» البيدر (٢).

٦٨١ ـ روى الشيخ المفيد قدس‌سره بإسناده عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : لا يكون ما تمدّون إليه أعناقكم حتّى تميّزا وتمحّصوا ، فلا يبقى منكم إلّا القليل ، ثمّ قرأ : (الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) ثمّ قال : إنّ من علامات الفرج حدثا بين المسجدين ، ويقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر كبشا من العرب (٣).

الآية الثانية قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللهِ وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ)(٤).

٦٨٢ ـ قال عليّ بن إبراهيم في قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللهِ) قال : إذا آذاه إنسان أو أصابه ضرّ أو فاقة أو خوف من الظالمين دخل معهم في دينهم ، فرأى أنّ ما يفعلونه هو مثل عذاب الله الّذي لا ينقطع (وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ) يعني القائم (لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ) (٥).

__________________

(١) الغيبة للنعمانيّ ٢٠٩ و ٢١٠ ح ١٧ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١١٥.

(٢) بحار الأنوار ٥٢ / ١١٦.

(٣) الإرشاد للمفيد ٣٦٠.

(٤) العنكبوت : ١٠.

(٥) تفسير القمّيّ ٢ / ١٤٩.

٣٥٢

الآية الثالثة قوله سبحانه : (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ)(١).

٦٨٣ ـ روى محمّد بن العبّاس رحمة الله عليه بإسناده عن عليّ بن أسباط ، قال : سأل رجل أبا عبد الله عليه‌السلام عن هذه الآية : (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) قال : نحن هم ، فقال الرجل : جعلت فداك متى يقوم القائم؟ فقال : كلّنا قائم بأمر الله واحد بعد واحد حتّى يجئ صاحب السيف ، فإذا جاء كان الأمر غير هذا (٢).

٦٨٤ ـ وروى العلّامة شرف الدّين النجفي بإسناده عن عبد العزيز العبديّ ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) قال : هم الأئمّة من آل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين باقية دائمة في كلّ حين (٣).

٦٨٥ ـ عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام انه قرأ هذه الآية : (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) قال : يا محمّد ، والله ما قال بين دفّتي المصحف ، قلت : من هم جعلت فداك؟ قال : من عسى أن يكونوا غيرنا (٤).

٦٨٦ ـ وعن أبي الحسن الصيقل قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) قال : نحن وإيّانا عنى (٥).

٦٨٧ ـ وعنه ، بإسناده عن هارون بن حمزة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) قال : هم الأئمّة عليهم‌السلام خاصّة ، وما يعقلها إلّا العالمون ، فزعم أنّ من عرف الامام والآيات يعقل ذلك (٦).

٦٨٨ ـ عليّ بن ابراهيم في قوله تعالى : (وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا) يعني ما يجحد بأمير المؤمنين والأئمّة عليهم‌السلام (إِلَّا الظَّالِمُونَ)(٧).

__________________

(١) العنكبوت : ٤٩.

(٢) تأويل الآيات الظاهرة ١ / ٤٣٢ ح ١٣ ؛ بحار الأنوار ٢٣ / ١٨٩.

(٣) تأويل الآيات الظاهرة ١ / ٤٣٢ ح ١٤.

(٤) تفسير البرهان ٣ / ٢٥٥ ح ٧.

(٥) نفس المصدر ٣ / ٢٥٥ ح ٩.

(٦) نفس المصدر ٣ / ٢٥٥ ح ١٢.

(٧) تفسير القمّيّ ٢ / ١٥١.

٣٥٣

سورة الروم

الآية الاولى قوله عزوجل : (الم* غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ* فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ* بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)(١).

٦٨٩ ـ روى محمّد بن العبّاس بإسناده عن عباية ، عن عليّ عليه‌السلام ، قال : قوله عزوجل (الم* غُلِبَتِ الرُّومُ) هي فينا وفي بني أميّة (٢).

٦٩٠ ـ أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ في مسند فاطمة ، بإسناده عن يونس بن يعقوب ، عن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ) قال : في قبورهم بقيام القائم عليه‌السلام (٣).

__________________

(١) الروم : ١ ـ ٥.

(٢) تأويل الآيات الظاهرة ١ / ٤٣٤ ح ١.

(٣) دلائل الإمامة ٢٤٨.

٣٥٤

سورة لقمان

الآية الاولى قوله تعالى : (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً)(١).

الإمام الغائب هو نعمة الله الباطنة

٦٩١ ـ روى الشيخ الصدوق ؛ بإسناده عن أبي أحمد محمّد بن زياد الأزديّ ، قال :

سألت سيّدي موسى بن جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) ، فقال عليه‌السلام : النعمة الظاهرة الإمام الظاهر ، والباطنة الإمام الغائب. فقلت له : ويكون في الأئمّة من يغيب؟ قال :

نعم ، يغيب عن أبصار الناس شخصه ولا يغيب عن قلوب المؤمنين ذكره ، وهو الثاني عشر منّا ، يسهّل الله له كلّ عسير ، ويذلّل له كلّ صعب ، ويظهر له كنوز الأرض ، ويقرّب له كلّ بعيد ، ويبير به كلّ جبّار عنيد ، ويهلك على يده كلّ شيطان مريد.

ذلك ابن سيّدة الإماء ، الّذي تخفى على الناس ولادته ، ولا يحلّ لهم تسميته ، حتّى يظهره الله عزوجل فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما (٢).

الآية الثانية قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما

__________________

(١) لقمان : ٢٠.

(٢) كمال الدّين ٢ / ٣٦٨ ح ٦ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٣٢.

٣٥٥

تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)(١).

الإمام المهديّ عليه‌السلام يخبر بالغيب

٦٩٢ ـ روى الشيخ الطوسيّ بإسناده عن أبي الحسن عليّ بن أحمد الدلّال القمّي ، قال : دخلت على أبي جعفر محمّد بن عثمان رضى الله عنه يوما لاسلّم عليه ، فوجدته وبين يديه ساجة ونقّاش ينقش عليها ويكتب آيا من القرآن وأسماء الأئمّة عليهم‌السلام على حواشيها ، فقلت له : يا سيّدي ما هذه الساجة؟ فقال : هذه لقبري تكون فيه أوضع عليها (أو قال : أسند إليها) وقد عرفت منه ، وأنا في كلّ يوم أنزل فيه فأقرأ جزءا من القرآن فأصعد ، وأظنّه قال : فأخذ بيدي وأرانيه ـ فإذا كان يوم كذا وكذا من شهر كذا وكذا من سنة كذا وكذا ، صرت إلى الله عزوجل ودفنت فيه وهذه الساجة معي.

فلمّا خرجت من عنده أثبتّ ما ذكره ، ولم أزل مترقّبا به ذلك ، فما تأخّر الأمر حتّى اعتل أبو جعفر فمات في اليوم الّذي ذكره من الشهر الّذي قاله من السنة الّتي ذكرها ودفن فيه (٢).

٦٩٣ ـ قال أبو نصر هبة الله : وقد سمعت هذا الحديث من غير أبي عليّ وحدّثتني به أيضا أمّ كلثوم بنت أبي جعفر رضي الله عنها ، وأخبرني جماعة عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين ، قال : حدّثني محمّد بن عليّ بن الأسود القمّيّ : أنّ أبا جعفر العمريّ قدّس الله روحه حفر لنفسه قبرا وسوّاه بالساج ، فسألته عن ذلك فقال : للناس أسباب ، ثمّ سألته عن ذلك ، فقال : قد امرت أن أجمع أمري ، فمات بعد ذلك بشهرين رضي الله عنه وأرضاه (٣).

٦٩٤ ـ وروى محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه ، قال : حدّثني أبو محمّد الحسن بن أحمد المكتّب قال :

كنت بمدينة السلام في السنة الّتي توفّي فيها الشيخ أبو الحسن عليّ بن محمّد السمريّ قدّس الله روحه ، فحضرته قبل وفاته بأيّام ، فأخرج إلى الناس توقيعا نسخته :

__________________

(١) لقمان : ٣٤.

(٢) الغيبة للطوسيّ ٢٢٢.

(٣) نفس المصدر ٢٢٢ ـ ٢٢٣.

٣٥٦

«بسم الله الرحمن الرحيم ـ يا عليّ بن محمّد السمريّ أعظم الله أجر اخوانك فيك ، فإنّك ميّت ما بينك وبين ستّة أيّام ، فأجمع أمرك ، ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامّة فلا ظهور إلّا بعد إذن الله تعالى ذكره ، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جورا ، وسيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة ، ألا فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفيانيّ والصيحة فهو كذّاب مفتر ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم».

قال : فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده ، فلمّا كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه ، فقيل له : من وصيّك من بعدك؟ فقال : لله أمر هو بالغه ، وقضى ، فهذا آخر كلام سمع منه رضي الله عنه وأرضاه (١).

٦٩٥ ـ وكتب محمّد بن زياد الصيمريّ يسأل صاحب الزمان كفنا ، فورد : «إنّه يحتاج إليه سنة ثمانين أو إحدى وثمانين» فمات رحمه‌الله في الوقت الّذي حدّه وبعث إليه بالكفن قبل موته بشهر (٢).

٦٩٦ ـ روى المفيد والغضائريّ ، عن محمّد بن أحمد الصفوانيّ ، قال :

رأيت القاسم بن العلاء وقد عمّر مائة سنة وسبع عشرة سنة ، منها ثمانين سنة صحيح العينين ، لقي مولانا أبا الحسن وأبا محمّد العسكريّين عليهما‌السلام ، وحجب بعد الثمانين وردّت عليه عيناه قبل وفاته بسبعة أيّام ، وذلك أنّي كنت مقيما عنده بمدينة الران من أرض آذربيجان وكان لا ينقطع توقيعات مولانا صاحب الزمان عليه‌السلام على يد أبي جعفر محمّد بن عثمان العمريّ وبعده على يد أبي القاسم الحسين بن روح قدّس الله أرواحهما ، فانقطعت عنه المكاتبة نحوا من شهرين فقلق رحمه‌الله لذلك.

فبينا نحن عنده نأكل ، إذ دخل البوّاب مستبشرا فقال له : فيج العراق ـ لا يسمّى بغيره ـ فاستبشر القاسم وحوّل وجهه إلى القبلة فسجد ، ودخل كهل قصير يرى أثر الفيوج عليه ، وعليه جبّة مضرّبة ، وفي رجله نعل محامليّ ، وعلى كتفه مخلاة.

فقام القاسم فعانقه ووضع المخلاة عن عنقه ، ودعا بطست وماء فغسّل يده وأجلسه

__________________

(١) كمال الدّين ٢ / ٥١٦ ح ٤٤.

(٢) كمال الدّين ٢ / ٥٠١ ح ٢٦.

٣٥٧

إلى جانبه ، فأكلنا وغسّلنا أيدينا ، فقام الرجل فأخرج كتابا أفضل من النصف المدرج فناوله القاسم ، فأخذه وقبّله ودفعه إلى كاتب له يقال له : ابن أبي سلمة ، فأخذه أبو عبد الله ففضّه وقرأه حتّى أحسّ القاسم بنكاية ، فقال : يا با عبد الله خير ، فقال : خير ، فقال : ويحك خرج فيّ شيء؟ فقال أبو عبد الله : ما تكره فلا ، قال القاسم : فما هو؟ قال : نعي الشيخ إلى نفسه بعد ورود هذا الكتاب بأربعين يوما وقد حمل إليه سبعة أثواب ، فقال القاسم : في سلامة من ديني؟ فقال : في سلامة من دينك ، فضحك ؛ فقال : ما اؤمّل بعد هذا العمر؟

فقال الرجل الوارد ، فأخرج من مخلاته ثلاثة أزر وحبرة يمانية حمراء وعمامة وثوبين ومنديلا ، فأخذه القاسم ، وكان عنده قميص خلعه عليه مولانا الرضا أبو الحسن عليه‌السلام ، وكان له صديق يقال له عبد الرحمن بن محمّد السنيزيّ ، وكان شديد النصب ، وكان بينه وبين القاسم نضّر الله وجهه مودّة في امور الدنيا شديدة ، وكان القاسم يؤدّه ، وقد كان عبد الرحمن وافى إلى الدار لإصلاح بين أبي جعفر بن حمدون الهمدانيّ وبين ختنه ابن القاسم.

فقال القاسم لشيخين من مشايخنا المقيمين معه ، أحدهما يقال له : أبو حامد عمران بن المفلّس والآخر أبو عليّ بن جحدر : أن اقرءا هذا الكتاب عبد الرحمن بن محمّد فإنّي احبّ هدايته ، وأرجو أن يهديه الله بقراءة هذا الكتاب ، فقالا له : الله الله الله فإنّ هذا الكتاب لا يحتمل ما فيه خلق من الشيعة ، فكيف عبد الرحمن بن محمّد؟ فقال : أنا أعلم أنّي مفش لسرّ لا يجوز لي إعلانه ، لكن من محبّتي لعبد الرحمن بن محمّد وشهوتي أن يهديه الله عزوجل لهذا الأمر هو ذا أقرئه الكتاب.

فلمّا مرّ ذلك اليوم ـ وكان يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من رجب ـ دخل عبد الرحمن بن محمّد وسلّم عليه ، فأخرج القاسم الكتاب فقال له : اقرأ هذا الكتاب وانظر لنفسك ، فقرأ عبد الرحمن الكتاب ، فلمّا بلغ إلى موضع النعي رمى الكتاب عن يده ، وقال للقاسم : يا أبا محمّد ، اتّق الله فإنّك رجل فاضل في دينك ، متمكّن من عقلك ، والله عزوجل يقول : (وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ)(١) وقال : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً)(٢).

__________________

(١) لقمان : ٣٤.

(٢) الجنّ : ٢٦.

٣٥٨

فضحك القاسم وقال له : اتمّ الآية : (إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) ومولاي هو المرتضى من الرسول ، وقال : قد علمت أنّك تقول هذا ، ولكن أرّخ اليوم ، فإن أنا عشت بعد هذا اليوم المؤرّخ في هذا الكتاب ، فاعلم أنّي لست على شيء ، وإن أنا متّ فانظر لنفسك!

فورّخ عبد الرحمن اليوم وافترقوا ، وختم القاسم يوم السابع من ورود الكتاب ، واشتدّت به في ذلك اليوم العلّة ، واستند في فراشه إلى الحائط ، وكان ابنه الحسن بن القاسم مدمنا على شرب الخمر ، وكان متزوّجا إلى أبي جعفر بن حمدون الهمدانيّ ، وكان جالسا ورداؤه مستور على وجهه في ناحية من الدار وأبو حامد في ناحية ، وأبو عليّ بن جحدر وأنا وجماعة من أهل البلد نبكي ، إذا اتّكأ القاسم على يديه إلى خلف ، وجعل يقول : يا محمّد يا عليّ يا حسن يا حسين يا مواليّ كونوا شفعائي إلى الله عزوجل ، وقالها الثانية. وقالها الثالثة ، فلمّا بلغ في الثالثة : يا موسى يا عليّ ، تفرقعت أجفان عينيه كما يفرقع الصبيان شقائق النعمان ، وانتفخت حدقته ، وجعل يمسح بكمّه عينيه ، وخرج من عينيه شبيه بماء اللحم ، ثمّ مدّ طرفه إلى ابنه فقال : يا حسن إليّ يا با حامد إليّ يا با عليّ ، فاجتمعنا حوله ونظرنا إلى الحدقتين صحيحتين ، فقال له أبو حامد : تراني ، وجعل يده على كلّ واحد منّا.

وشاع الخبر في الناس والعامّة وأتاه الناس من العوام ينظرون إليه.

وركب القاضي إليه ، وهو أبو السائب عتبة بن عبيد الله المسعوديّ ، وهو قاضي القضاة ببغداد فدخل عليه ، فقال له : يا أبا محمّد ما هذا الّذي بيدي ، وأراه خاتما فصّه فيروزج فقرّبه منه ، فقال : عليه ثلاثة أسطر ، فتناوله القاسم رحمه‌الله فلم يمكنه قراءته ، فخرج الناس متعجّبين يتحدّثون بخبره.

إلى أن قال : فلمّا كان في يوم الأربعين وقد طلع الفجر ، مات القاسم ؛ ، فوافاه عبد الرحمن يعدو في الأسواق حافيا حاسرا وهو يصيح : وا سيّداه ، فاستعظم الناس ذلك منه ، وجعل الناس يقولون : ما الّذي تفعل بذلك؟ فقال : اسكتوا ، فقد رأيت ما لم تروه ، وتشيّع ورجع عمّا كان عليه ، ووقّف الكثير من ضياعه (١).

__________________

(١) بحار الأنوار ٥١ / ٣١٣ ـ ٣١٦.

٣٥٩

سورة السجدة

الآية الاولى قوله سبحانه : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)(١).

٦٩٧ ـ روى العلّامة البحرانيّ رحمه‌الله عن محمّد بن الحسن الشيباني في «كشف البيان» قال : روي عن جعفر الصادق عليه‌السلام في معنى الآية : إنّ الأدنى القحط والجدب ، والأكبر : خروج القائم المهديّ عليه‌السلام بالسيف في آخر الزمان (٢).

٦٩٨ ـ روى عليّ بن إبراهيم القمّيّ رحمه‌الله في قوله تعالى : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) الآية ، قال : العذاب الأدنى عذاب الرجعة بالسيف ، ومعنى قوله : (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) يعني فإنّهم يرجعون في الرجعة حتّى يعذّبوا (٣).

٦٩٩ ـ روى محمّد بن العبّاس بإسناده عن مفضّل بن عمر ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) قال : الأدنى غلاء السعر ، والأكبر المهديّ بالسيف (٤).

الآية الثانية قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً

__________________

(١) السجدة : ٢١.

(٢) المحجّة ١٧٣ ؛ تفسير البرهان ٣ / ٢٨٨.

(٣) تفسير القمّيّ ٢ / ١٧٠ ؛ بحار الأنوار ٥٣ / ٥٦.

(٤) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٤٤٤ ح ٦.

٣٦٠