الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

سعيد أبو معاش

الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

المؤلف:

سعيد أبو معاش


المحقق: عبدالرحيم مبارك
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ٣
ISBN: 978-964-444-775-4
الصفحات: ٦٠٣

الحقّ في آل محمّد ، فعند ذلك يظهر المهديّ على أفواه الناس ، ويشربون حبّه ، فلا يكون لهم ذكر غيره (١).

٦١٢ ـ وروى السيّد ابن طاوس عن نعيم ، بسنده عن سلمة بن أبي سلمة ، عن شهر بن حوشب ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «في المحرم ينادي مناد من السماء : ألا إنّ صفوة الله من خلقه فلان فاسمعوا له وأطيعوا ، في سنة الصوت والمعمعة» (٢).

٦١٣ ـ وروى بإسناده عن الزهري ، قال : إذا التقى السفيانيّ والمهديّ للقتال يومئذ يسمع صوت من السماء : ألا إنّ أولياء الله أصحاب فلان ، يعني : المهديّ. قال الزهري : قالت أسماء بنت عميس : إنّ أمارة ذلك أنّ كفّا من السماء مدلّاة ينظر إليها الناس (٣).

٦١٤ ـ وروى بإسناده عن الزهريّ ، قال : يخرج المهديّ من مكّة بعد الخسف في ثلاثمائة وأربعة عشر رجلا عدّة أهل بدر ، فيلتقي هو وصاحب جيش السفيانيّ ، وأصحاب المهديّ يومئذ جنّتهم البراذع ، وقال : إنّه يسمع يومئذ صوت من السماء ، مناديا ينادي : ألا إنّ أولياء الله أصحاب فلان ـ يعني المهديّ ـ فتكون الدبرة على أصحاب السفيانيّ فيقتلون ، لا يبقى منهم إلّا الشريد ، فيهربون إلى السفيانيّ فيخبرونه ، ويخرج المهديّ إلى الشام ، ويتلقّى السفيانيّ المهديّ ببيعته ، ويتسارع الناس إليه من كلّ وجه ، ويملأ الأرض عدلا (٤).

الآية الثانية قوله عزوجل : (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ)(٥).

٦١٥ ـ روى النعمانيّ بإسناده عن المفضّل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة يقول فيها : (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ)(٦).

الآية الثالثة قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ* ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ* ما

__________________

(١) نفس المصدر ١٢٩ ، ب ١١٣.

(٢) نفس المصدر ١٣٢ ب ١٢٠.

(٣) نفس المصدر ١٣٣ ب ١٢٥.

(٤) التشريف بالمنن ١٤٠ ب ١٣٦.

(٥) الشعراء : ٢١.

(٦) الغيبة للنعمانيّ ١٧٤ ـ ١٧٥ ح ١١ و ١٢.

٣٢١

أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ)(١).

٦١٦ ـ روى محمّد بن العبّاس بإسناده عن معلّى بن خنيس ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله عزوجل : (أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ* ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ) قال : خروج القائم عليه‌السلام ، (ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ) قال : هم بنو اميّة الّذين متّعوا في دنياهم (٢).

الآية الرابعة قوله تعالى : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)(٣).

٦١٧ ـ الشيخ الصدوق ، بإسناده عن الحسين بن خالد ، عن عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أحبّ أن يتمسّك بديني ويركب سفينة النجاة بعدي ، فليقتدي بعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، وليعاد عدوّه ، وليوال وليه ، فإنّه (خليفتي) ووصيّي ، وخليفتي على أمّتي في حياتي وبعد وفاتي ، وهو أمير (إمام) كلّ مسلم ، وأمير كلّ مؤمن بعدي ، قوله قولي ، وأمره أمري ، ونهيه نهيي ، وتابعه تابعي ، وناصره ناصري ، وخاذله خاذلي.

ثمّ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من فارق عليّا بعدي ، لم يرني ولم أره يوم القيامة ، ومن خالف عليّا حرّم الله عليه الجنّة وجعل مأواه النار وبئس المصير ، ومن خذل عليّا خذله الله يوم يعرض عليه ، ومن نصر عليّا نصره الله يوم يلقاه ، ولقّنه حجته عند المنازلة (المسائلة).

ثمّ قال صلوات الله عليه وآله : والحسن والحسين إماما أمتي بعد أبيهما ، وسيّدا شباب أهل الجنّة ، وأمّهما سيّدة نساء العالمين ، وأبوهما سيّد الوصيّين ، ومن ولد الحسين تسعة أئمّة ، تاسعهم القائم عليه‌السلام من ولدي ، طاعتهم طاعتي ، ومعصيتهم معصيتي ، إلى الله أشكو المنكرين لفضلهم ، والمضيّعين لحقّهم (لحرمتهم) بعدي ، وكفى بالله وليّا ، وكفى بالله نصيرا (وناصرا) لعترتي وأئمّة أمّتي ، ومنتقما من الجاحدين لحقّهم (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)(٤).

٦١٨ ـ روى الشيخ الصدوق بإسناده عن هشام بن سالم ، عن الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : القائم من ولدي اسمه اسمي ، وكنيته

__________________

(١) الشعراء : ٢٠٥ ـ ٢٠٧.

(٢) تأويل الآيات الظاهرة ١ / ٣٩٢ ـ ٣٩٣ ح ١٨.

(٣) الشعراء : ٢٧٧.

(٤) كمال الدّين ١ / ٢٦٠ ؛ المحجّة ١٦٢.

٣٢٢

كنيتي ، وشمائله شمائلي ، وسنّته سنتي ، يقيم الناس على ملّتي وشريعتي ، ويدعوهم إلى كتاب ربّي عزوجل ، من أطاعه فقد أطاعني ، ومن عصاه فقد عصاني ، ومن أنكره في غيبته فقد أنكرني ، ومن كذّبه فقد كذّبني ، ومن صدّقه فقد صدّقني ، إلى الله أشكو المكذّبين لي في أمره ، والجاحدين لقولي في شأنه ، والمضلّين لأمّتي عن طريقته ، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)(١).

__________________

(١) نفس المصدر ٢ / ٤١١ ح ٦.

٣٢٣

سورة النمل

الآية الاولى قوله عزوجل : (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ)(١).

٦١٩ ـ روى العلّامة عليّ بن إبراهيم القمّي ؛ في الآية الكريمة ، قال :

أعطي داود وسليمان ما لم يعط أحدا من انبياء الله من الآيات ، علّمهما منطق الطير ، وألان لهما الحديد والصفر من غير نار ، وجعلت الجبال يسبّحن مع داود ، وأنزل الله عليه الزبور فيه توحيد وتمجيد ودعاء وأخبار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأمير المؤمنين عليه‌السلام ، والأئمّة عليهم‌السلام ، من ذرّيتهما عليهما‌السلام ، وأخبار الرجعة ، والقائم عليه‌السلام ، لقوله : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ)(٢)(٣).

الآية الثانية قوله عزوجل : (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ)(٤).

٦٢٠ ـ روى العلّامة ابن شهرآشوب ؛ عن ابن عبّاس في قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى) قال : هم أهل بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عليّ بن أبي طالب وفاطمة ،

__________________

(١) النمل : ٥٩.

(٢) الأنبياء : ١٠٥.

(٣) تفسير القمّي ٢ / ١٢٦.

(٤) النمل : ٥٩.

٣٢٤

والحسن والحسين عليهم‌السلام وأولادهم إلى يوم القيامة ، هم صفوة الله وخيرته من خلقه (١).

الآية الثالثة قوله عزوجل : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ)(٢).

٦٢١ ـ روى النعمانيّ رحمه‌الله بإسناده عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ) ، قال : نزلت في القائم عليه‌السلام ، وكان جبرئيل عليه‌السلام على الميزاب في صورة طير أبيض ، فيكون أوّل خلق الله مبايعة له ـ أعني جبرئيل ـ ويبايعه الناس الثلاثمائة وثلاثة عشر ، فمن كان ابتلي بالمسير ، وافى تلك الساعة ، ومن (لم يبتل بالمسير) فقد من فراشه ، وهو قول أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام : «المفقودون من فرشهم» وهو قول الله عزوجل : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً)(٣) قال : الخيرات الولاية لنا أهل البيت (٤).

٦٢٢ ـ وروى محمّد بن عليّ بن إبراهيم بن هاشم في كتاب «علل الأشياء» في قوله تعالى : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ) ، قال ، قال الصادق عليه‌السلام : هو والله القائم إذا قام في الكعبة وصلّى ركعتين ودعا الله ، فهذا ممّا لم يكن بعد ، وسيكون إن شاء الله (٥).

٦٢٣ ـ روى محمّد بن العبّاس بإسناده عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إنّ القائم إذا خرج ، دخل المسجد الحرام فيستقبل الكعبة ويجعل ظهره إلى المقام ثمّ يصلّي ركعتين ، ثمّ يقوم فيقول :

يا أيّها الناس أنا أولى الناس بآدم ، يا أيّها الناس أنا أولى الناس بإبراهيم ، يا أيّها الناس أنا أولى الناس بإسماعيل ، يا أيّها الناس أنا أولى الناس بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ يرفع يديه إلى السماء فيدعو ويتضرّع حتّى يقع على وجهه ، وهو قوله عزوجل : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ)(٦).

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٨٠.

(٢) النمل : ٦٢.

(٣) البقرة : ١٤٨.

(٤) الغيبة للنعمانيّ ٣١٤ ح ٦ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٣٦٩.

(٥) إثبات الهداة ٣ / ٥٧٦ ح ٧٣٠.

(٦) تأويل الآيات الظاهرة ١ / ٤٠٢ ـ ٤٠٣ ح ٥.

٣٢٥

٦٢٤ ـ وبالإسناد عن ابن عبد الحميد ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ) ، قال : هذا نزلت في القائم عليه‌السلام إذا خرج تعمّم وصلّى عند المقام وتضرّع إلى ربّه ، فلا تردّ له راية أبدا (١).

٦٢٥ ـ وفي تفسير عليّ بن إبراهيم في قوله تعالى : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ) روى بإسناده عن صالح بن عقبة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : نزلت في القائم عليه‌السلام ، هو والله المضطرّ إذا صلّى في المقام ركعتين ودعا الله فأجابه ، ويكشف السوء ويجعله خليفة في الأرض (٢).

٦٢٦ ـ روى محمّد بن إبراهيم النعمانيّ بإسناده عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه‌السلام ، أنّه قال : يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب ـ وأومى بيده إلى ناحية ذي طوى ـ حتّى إذا كان قبل خروجه ، انتهى المولى الّذي معه حتّى يلقى بعض أصحابه ، فيقول : كم أنتم هاهنا؟ فيقولون : نحوا من أربعين رجلا ، فيقول : كيف أنتم إذا رأيتم صاحبكم؟ فيقولون : والله لو ناوى الجبال لناويناها معه ، ثمّ يأتيهم من القابلة فيقول : أشيروا إلى رؤسائكم وأخياركم عشرة ، فيشيرون له إليهم ، فينطلق بهم حتّى يلقوا صاحبهم ويعدهم الليلة الّتي تليها.

ثمّ قال أبو جعفر عليه‌السلام : والله لكأنّي انظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر ، فينشد الله حقّه ، ثمّ يقول : يا أيّها الناس من يحاجّني في الله فأنا أولى الناس بالله ، أيّها الناس من يحاجّني في آدم فأنا أولى الناس بآدم ، أيّها الناس من يحاجّني في نوح فأنا أولى الناس بنوح ، أيّها الناس من يحاجّني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم ، أيّها الناس من يحاجّني في موسى فأنا أولى الناس بموسى ، أيّها الناس من يحاجّني بعيسى فأنا أولى الناس بعيسى ، أيّها الناس من يحاجّني بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله فأنا أولى الناس بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أيّها الناس من يحاجّني بكتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله ، ثمّ ينتهي إلى المقام فيصلّي عنده ركعتين وينشد الله حقّه.

ثمّ قال أبو جعفر عليه‌السلام : وهو والله المضطرّ الّذي يقول : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ

__________________

(١) نفس المصدر ١ / ٤٠٣ ح ٦.

(٢) تفسير القمّي ٢ / ١٢٩.

٣٢٦

وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ) فيه نزلت (١).

٦٢٧ ـ روى عليّ بن إبراهيم بإسناده عن صالح بن عقبة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : نزلت في القائم من آل محمّد عليهم‌السلام ، هو والله المضطرّ إذا صلّى في المقام ركعتين ودعا الله فأجابه ، ويكشف السوء ويجعله خليفة في الأرض (٢).

٦٢٨ ـ عليّ بن إبراهيم بإسناده عن أبي خالد الكابليّ ، قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : والله لكأنّي انظر إلى القائم عليه‌السلام وقد أسند ظهره الى الحجر ، ثمّ ينشد الله حقّه ، ثمّ يقول : يا أيّها الناس من يحاجّني في الله فأنا أولى بالله ، أيّها الناس من يحاجّني في آدم فأنا أولى بآدم عليه‌السلام ، يا أيّها الناس من يحاجّني في نوح فأنا أولى بنوح عليه‌السلام ، أيّها الناس من يحاجّني في إبراهيم فأنا أولى بإبراهيم عليه‌السلام ، يا أيّها الناس من يحاجّني في موسى فأنا أولى بموسى عليه‌السلام ، أيّها الناس من يحاجّني في عيسى فأنا أولى بعيسى عليه‌السلام ، أيّها الناس من يحاجّني في رسول الله (محمّد) فأنا أولى برسول الله (بمحمّد) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أيّها الناس من يحاجّني في كتاب الله فأنا أولى بكتاب الله. ثمّ ينتهي إلى المقام فيصلّي ركعتين وينشد الله حقه.

ثمّ قال أبو جعفر عليه‌السلام : هو ـ والله ـ المضطرّ في كتاب الله في قوله : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ) فيكون أوّل من يبايعه جبريل ، ثمّ الثلاثمائة والثلاثة عشر رجلا ، فمن كان ابتلي بالمسير وافى ، ومن لم يبتل بالمسير فقد من فراشه ، وهو قول أمير المؤمنين عليه‌السلام : «هم المفقودون من فرشهم» وذلك قول الله : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً)(٣) قال : الخيرات الولاية (٤).

الآية الرابعة قوله عزوجل : (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ)(٥).

__________________

(١) الغيبة للنعمانيّ ٩٥ ؛ تفسير العيّاشي ٢ / ٥٦ ح ٤٩.

(٢) تفسير القمّي ٢ / ١٢٩.

(٣) البقرة : ١٤٨.

(٤) تفسير القمّي ٢ / ١٢٩.

(٥) النمل : ٨٢.

٣٢٧

خروج دابّة الأرض في آخر الزمان

٦٢٩ ـ روى القمّيّ في تفسيره ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : قال رجل لعمّار بن ياسر : يا أبا اليقظان آية في كتاب الله قد أفسدت قلبي وشكّكتني ، قال عمّار : وأيّ آية هي؟ قال : قول الله : (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ) الآية ، فأيّ دابّة هي؟ قال عمّار : والله ما أجلس ولا آكل ولا أشرب حتّى اريكها ، فجاء عمّار مع الرجل إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو يأكل تمرا وزبدا ، فقال له : يا أبا اليقظان هلمّ ، فجلس عمّار وأقبل يأكل معه ، فتعجّب الرجل منه ، فلمّا قام عمّار قال له الرجل : سبحان الله يا أبا اليقظان ، حلفت أنّك لا تأكل ولا تشرب ولا تجلس حتّى ترينيها؟ قال عمّار : قد أريتكها إن كنت تعقل! (١).

٦٣٠ ـ عن تأويل ما نزل من القرآن في النبيّ وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله لمحمّد بن العبّاس ، بإسناده عن الأصبغ بن نباتة ، قال : دخلت على أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو يأكل خبزا وخلّا وزيتا ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، قال الله عزوجل : (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ) فما هذه الدابّة؟ قال : هي دابّة تأكل خبزا وخلّا وزيتا (٢).

٦٣١ ـ روى عليّ بن إبراهيم القمّي في تفسيره للآية ، بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : انتهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو نائم في المسجد ، قد جمع رملا ووضع رأسه عليه ، فحرّكه برجله ثمّ قال له : قم يا دابّة الله ، فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله أيسمّي بعضنا بعضا بهذا الاسم؟ قال : لا والله ، ما هو إلّا له خاصة ، وهو الدابة الّتي ذكر الله في كتابه : (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ).

ثمّ قال : يا عليّ ، إذا كان آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورة ، ومعك ميسم تسم به أعداءك. فقال رجل لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّ الناس يقولون هذه الدابّة إنّما تكلمهم؟ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : كلمهم الله في نار جهنّم ، إنّما هو يكلّمهم من الكلام.

__________________

(١) تفسير القمّي ٢ / ١٣١.

(٢) تأويل الآيات الظاهرة ١ / ٤٠٤ ح ٩.

٣٢٨

والدليل على أنّ هذا في الرجعة قوله : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ* حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(١) قال : الآيات أمير المؤمنين والأئمّة عليهم‌السلام. فقال الرجل لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّ العامّة تزعم أنّ قوله : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) ، عنى يوم القيامة. فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : أفيحشر الله من كلّ امّة فوجا ويدع الباقين؟ لا ولكنّه في الرجعة ، وأمّا آية القيامة فهي : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً)(٢)(٣).

٦٣٢ ـ روى الصفّار رحمه‌الله بإسناده عن الأصبغ بن نباتة ، قال : قال لي معاوية : يا معشر الشيعة ، تزعمون أنّ عليا دابّة الأرض؟ فقلت : نحن نقول اليهود تقوله ، قال : فأرسل إلى رأس الجالوت ، فقال : ويحك تجدون دابّة الأرض عندكم؟ فقال : نعم ، فقال : وما هي؟ فقال : رجل ، فقال : أتدري ما اسمه؟ قال : نعم ، اسمه ايليا ، قال : فالتفت إليّ فقال : ويحك يا أصبغ ، ما أقرب ايليا من عليّا! (٤).

٦٣٣ ـ روى السيّد ابن طاوس ؛ عن نعيم ، بسنده عن عبد الله عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : خروج الدابّة بعد طلوع الشمس ، فإذا خرجت قتلت الدابّة إبليس وهو ساجد ، ويتمتّع المؤمنون في الأرض بعد ذلك أربعين سنة ، لا يتمنّون شيئا إلّا أعطوه ووجدوه ، فلا جور ولا ظلم ، وقد أسلم الأشياء لربّ العالمين طوعا وكرها ، والمؤمنون طوعا والكفّار كرها ، والسبع والطير كرها ، حتّى أنّ السبع لا يؤذي دابّة ولا طيرا ، ويلد المؤمن فلا يموت حتّى يتمّ أربعين سنة بعد خروج دابة الأرض ، ثمّ يعود فيهم الموت ، فيمكثون بذلك ما شاء الله ، ثمّ يسرع الموت في المؤمنين ، فلا يبقى مؤمن ، فيقول الكافر : قد كنّا مرعوبين من المؤمنين ، فلم يبق منهم أحد ، وليس يقبل منّا توبة ، فما لنا لا نتهارج ، فيتهارجون في الطريق تهارج البهائم ، ثمّ يقوم أحدهم بامّه واخته وابنته ، فينكح في وسط الطريق ، يقوم عنها واحد وينزل عليها آخر لا ينكر ولا يغيّر ، فأفضلهم يومئذ من يقول : لو تنحّيتم عن الطريق كان أحسن ، فيكونون كذلك حتّى لا يبقى أحد من أولاد النكاح ، ويكون جميع

__________________

(١) النمل : ٨٣ و ٨٤.

(٢) الكهف : ٤٧.

(٣) تفسير القمّيّ ٢ / ١٣٠ ؛ بحار الأنوار ٣٩ / ٢٤٣.

(٤) مختصر بصائر الدرجات ٢٠٨ و ٢٠٩.

٣٢٩

أهل الأرض أولاد السفاح ، فيمكثون بذلك ما شاء الله ، ثمّ يعقم الله أرحام النساء ثلاثين سنة فلا تلد امرأة ، ولا يكون في الأرض طفل ، يكونون كلّهم أولاد الزنا ، شرار الناس ، وعليهم تقوم الساعة (١).

٦٣٤ ـ وروى السيّد ابن طاوس ؛ عن نعيم في حديث عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : تخرج الدابّة معها عصا موسى وخاتم سليمان ، فتجلو وجه المؤمن بالعصا ، وتخطم أنف الكافر بالخاتم (٢).

٦٣٥ ـ روى الثقة الصفّار بإسناده عن أبي الصامت الحلوانيّ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في حديث طويل جاء فيه : أنا قسيم الجنّة والنار ، لا يدخلها داخل إلّا على أحد قسمين ، ولقد اعطيت الستّ : علم المنايا والبلايا ، والوصايا ، والأنساب ، وفصل الخطاب ، وانّي لصاحب الكرّات ودولة الدول ، وانّي لصاحب العصا والميسم ، والدابّة الّتي تكلّم الناس (٣).

٦٣٦ ـ روى ابن حمّاد عن ابن شوذب ، قال : قال عمر : لا تخرج الدابّة حتّى لا يبقى في الأرض مؤمن ، واقرءوا إن شئتم : (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ ...)(٤).

٦٣٧ ـ روى الحافظ الديلميّ بإسناده عن حلس بن المعتمر ، عن سلمان مرفوعا : «مثل امّتي ومثل الدابة الّتي تخرج كمثل حيّز بني ورفعت حيطانه وسدّت أبوابه ، وطرح فيه من الوحوش كلّها ، ثمّ جيء بالأسد فطرح وسطها ، فانذعرت وأقبلت إلى النفق تلمسه من كلّ جانب ، كذلك امّتي عند خروج الدابّة ، لا يفرّ منها أحد إلّا مثّلت بين عينيه ، ولها سلطان من ربّنا عظيم» (٥).

٦٣٨ ـ روى الحافظ الطيالسيّ بإسناده عن أبي سريحة ، قال : ذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الدابّة فقال : «لها ثلاث خرجات من الدهر ، فتخرج في أقصى البادية ، ولا يدخل ذكرها القرية يعني مكّة ، ثمّ تكمن زمانا طويلا ، ثمّ تخرج خرجة اخرى دون ذلك ، فيعلو ذكرها أهل

__________________

(١) التشريف بالمنن ٢١٢ ب ٢١٢ ؛ وأخرجه الحاكم في المستدرك ٤ / ٥٢١ ـ ٥٢٢.

(٢) التشريف بالمنن ٢١٠ ب ٢٠٩.

(٣) بصائر الدرجات ١٩٩ ح ١.

(٤) الفتن لابن حمّاد ١٨٧ (نقلا عن معجم أحاديث المهديّ).

(٥) الفردوس ٤ / ١٣٠ ح ٦٤٠٤.

٣٣٠

البادية ، ويدخل ذكرها القرية يعني مكّة. قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثمّ بينما الناس في أعظم المساجد على الله حرمة وخيرها وأكرمها المسجد الحرام ، لم يرعهم إلّا وهي وترغو بين الركن والمقام تنفض عن رأسها التراب ، فارفض الناس معها شتّى وقعا ، وثبت عصابة من المؤمنين وعرفوا أنّهم لن يعجزوا الله ، فبدأت بهم فجلت وجوههم حتّى تجعلها كأنّها الكوكب الدرّيّ ، وولّت في الأرض لا يدركها طالب ، ولا ينجو منها هارب ، حتّى أنّ الرجل ليتعوّذ منها بالصلاة ، فتأتيه من خلفه فتقول : يا فلان يا فلان الآن تصلّي؟ فيقبل عليها فتسمه في وجهه ثمّ تنطلق. ويشترك الناس في الأموال ، ويصطحبون في الأمصار ، يعرف المؤمن من الكافر ، حتّى أنّ المؤمن يقول : يا كافر اقضني حقّي ، وحتّى أنّ الكافر يقول : يا مؤمن اقضني حقّي (١).

٦٣٩ ـ روى ابن أبي شيبة ، عن أبي الطفيل ، عن حذيفة ، قال : تخرج الدابّة مرّتين قبل يوم القيامة ، حتّى يضرب فيها رجال ، ثمّ تخرج الثالثة عند أعظم مساجدكم ، فتأتي القوم وهم مجتمعون عند رجل ، فتقول ما يجمعكم عند عدوّ الله ، فيبتدرون ، فتسم الكافر ، حتّى أنّ الرجلين ليتبايعان فيقول هذا : خذ يا مؤمن ، ويقول هذا : خذ يا كافر (٢).

٦٤٠ ـ روى الطيالسيّ بإسناده عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تخرج الدابّة ومعها خاتم سليمان عليه‌السلام فتجلو وجه المؤمن بالعصا وتخطم أنف الكافر بالخاتم ، حتّى أنّ أهل الخوان ليجتمعون ، فيقول هذا : يا مؤمن وهذا : يا كافر (٣).

٦٤١ ـ وروى الداني عن عبد الله بن خالد بن معان ، قال ـ ولم يسنده إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : لتخرجنّ الدابة حتّى تدخل على الناس في بيوتهم ، فتخبرهم بأعمالهم ، حتّى تقول أنت من أهل الجنّة وأنت من أهل النار ، في وجوههم (٤).

٦٤٢ ـ وروى الداني أيضا بإسناده عن ابن جريح قال : حدّثت عن أنس بن مالك قال في دابة الأرض ـ ولم يسنده إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ فيها من كلّ امّة سيماء ، وإنّ سيماها من هذه

__________________

(١) مسند الطيالسي ١٤٤ ح ١٠٦٩.

(٢) مصنّف ابن أبي شيبة ١٥ / ٦٦ ح ١٩١٣٢.

(٣) مسند الطيالسي ٣٣٤ ح ٢٥٦٤.

(٤) سنن الداني ١٤٥ (نقلا عن معجم أحاديث المهديّ).

٣٣١

الامّة أنّها تتكلّم بلسان عربيّ مبين (١).

٦٤٣ ـ روى ابن حمّاد بإسناده عن ابن عمر ـ ولم يسنده إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال : تخرج الدابّة ليلة جمع ، يسيرون إلى جمع ، فتخرج الدابّة فلا تدع منافقا إلّا خطمته (٢).

٦٤٤ ـ وروى أحمد بن حنبل بإسناده عن أبي امامة ، يرفعه إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : تخرج الدابّة فتسم الناس على خراطيمهم ، ثمّ يعمّرون فيكم حتّى يشتري الرجل البعير ، فيقول ممّن اشتريته؟ فيقول : اشتريته من أحد المخطمين (٣).

٦٤٥ ـ وروى الداني بإسناده عن العلاء بن زياد ، أنّ عبد الله بن عمرو قال ـ ولم يسنده إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لا تقوم الساعة حتّى يجتمع أهل البيت على الاناء الواحد ، فيعرفوا مؤمنيهم من كافريهم ، قالوا : كيف ذلك؟ قال : إنّ الدابّة تخرج حين تخرج ـ وهي دابّة الأرض ـ فتمسح كلّ إنسان على مسجده ، فأمّا المؤمن فتكون نكتة بيضاء فتفشو في وجهه حتّى يبيض لها وجهه ، وأمّا الكافر فتكون نكتة سوداء فتفشوا في وجهه حتّى يسودّ لها وجهه ، حتّى أنّهم يتبايعون في أسواقهم ، يقول هذا : كيف تبيع هذا يا مؤمن؟ ويقول هذا : كيف تأخذ هذا يا كافر؟ فما يردّ بعضهم على بعض (٤).

بيان :

يظهر من أحاديث الشيعة الواردة في تفسير قوله تعالى : (أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ) أنّ ذلك يكون بعد المهديّ عليه‌السلام في الرجعة ، وتذكر بعض الروايات أنّ الدابة الموعودة بالآية هي عليّ عليه‌السلام ، وأنّه يخرج بأحسن صورة خلافا للروايات المتقدّمة من مصادر إخواننا السنّة ، الّتي يصرّح بعضها بأنّ الدابّة تتكلّم بلسان عربيّ مبين ، وبعضها ينفي أن يكون عليّا هو الدابّة الموعودة ، وبعضها يقول أنّه عليه‌السلام صاحب الدابّة وإليك نماذج منها :

٦٤٦ ـ روى العلّامة عليّ بن إبراهيم القمّي بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : انتهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو نائم في المسجد ، قد جمع رملا

__________________

(١) نفس المصدر.

(٢) الفتن لابن حمّاد ١٨٧.

(٣) مسند أحمد بن حنبل ٥ / ٢٦٨.

(٤) سنن الداني ١٤٥.

٣٣٢

ووضع رأسه عليه ، فحرّكه برجله ، ثمّ قال : قم يا دابة الأرض ، فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله ، أيسمّي بعضنا بعضا بهذا الاسم؟ فقال : لا والله ما هو إلّا له خاصّة ، وهو الدابّة الّتي ذكر الله في كتابه (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ). ثمّ قال : يا عليّ ، إذا كان آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورة ومعك ميسم تسم به أعداءك (١).

الآية الخامسة قوله عزوجل : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ)(٢).

٦٤٧ ـ روى عليّ بن إبراهيم القمّي بإسناده عن حمّاد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : ما يقول الناس في هذه الآية : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً)؟ قلت : يقولون أنّها في القيامة ، قال : ليس كما يقولون ، إنّ ذلك في الرجعة ، أيحشر الله في القيامة من كلّ امّة فوجا ويدع الباقين؟ إنّما آية القيامة قوله : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً)(٣).

٦٤٨ ـ وروى القمّي بإسناده عن المفضّل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) قال : ليس أحد من المؤمنين قتل إلّا يرجع حتّى يموت ، ولا يرجع إلّا من محض الإيمان محضا ومن محض الكفر محضا (٤).

٦٤٩ ـ روى سعد بإسناده عن محمّد بن الطيار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) فقال : ليس أحد من المؤمنين قتل إلّا سيرجع حتّى يموت ، ولا أحد من المؤمنين مات إلّا سيرجع حتّى يقتل (٥).

٦٥٠ ـ سعد ، بإسناده عن أبي بصير ، قال : قال لي أبي جعفر عليه‌السلام : ينكر أهل العراق الرجعة؟ قلت : نعم ، قال : أما يقرءون القرآن : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً)(٦).

الآية السادسة قوله عزوجل : (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)(٧).

__________________

(١) تفسير القمّي ٢ / ١٣٠.

(٢) النمل : ٨٣.

(٣) تفسير القمّيّ ١ / ٢٤.

(٤) تفسير القمّيّ ٢ / ١٣١.

(٥) بحار الأنوار ٥٣ / ٤٠.

(٦) نفس المصدر ٥٣ / ٤٠.

(٧) النمل : ٩٣.

٣٣٣

٦٥١ ـ روى القمّي عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً)(١) : وسيريكم في آخر الزمان آيات ، منها دابّة في الأرض ، والدجّال ونزول عيسى بن مريم عليه‌السلام وطلوع الشمس من مغربها (٢).

__________________

(١) الأنعام : ٣٧.

(٢) تفسير القمّيّ ١ / ١٩٨.

٣٣٤

سورة القصص

الآية الاولى قوله عزوجل : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ)(١).

٦٥٢ ـ روي من طريق العامة عن زاذان ، عن سلمان قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله تعالى لم يبعث نبيّا ولا رسولا إلّا جعل له اثني عشر نقيبا (ثمّ ذكر أسماء الأئمّة ، إلى أن قال) ثمّ ابنه محمّد بن الحسن المهديّ القائم بأمر الله ثمّ قال : يا سلمان ... وذلك تأويل هذه الآية : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) قال : فقمت من بين يديه وما ابالي لقيت الموت أو لقيني (٢).

٦٥٣ ـ روى الشيخ الطوسيّ بإسناده عن محمّد بن عليّ بن الحسين ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) قال : هم آل محمّد ، يبعث الله مهديهم بعد جهدهم ،

__________________

(١) القصص : ٥ و ٦.

(٢) دلائل الإمامة ٢٣٧.

٣٣٥

فيعزّهم ويذلّ عدوّهم (١).

٦٥٤ ـ روى السيّد عليّ بن عبد الحميد في كتاب الأنوار المضيئة ، بإسناده عن محمّد بن أحمد الأيادي ، يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قال : المستضعفون في الأرض المذكورون في الكتاب الّذين يجعلهم الله أئمّة : نحن أهل البيت ، يبعث الله مهديّهم فيعزّهم ويذلّ عدوّهم (٢).

٦٥٥ ـ الشيباني : روى عن الباقر والصادق عليهما‌السلام أنّ فرعون وهامان هنا هما شخصان من جبابرة قريش ، يحييهما الله تعالى عند قيام القائم من آل محمّد عليه‌السلام في آخر الزمان فينتقم منهما بما أسلفا (٣).

٦٥٦ ـ عليّ بن إبراهيم بعد قوله : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً) ـ إلى قوله ـ (إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) قال : فأخبر الله نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله بما لقى موسى وأصحابه من فرعون من القتل والظلم ليكون تعزية له فيما يصيبه في أهل بيته من امّته ، ثمّ بشّره بعد تعزيته أنّه يتفضّل عليهم بعد ذلك ويجعلهم خلفاء في الأرض وأئمّة على امّته ، ويردّهم إلى الدنيا مع أعدائهم حتّى ينتصفوا منهم (٤).

٦٥٧ ـ وروى الشيخ الصدوق ؛ بإسناده عن المفضّل بن عمر ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نظر إلى عليّ والحسن والحسين عليهم‌السلام فبكى وقال : أنتم المستضعفون بعدي ، قال المفضّل : فقلت له : ما معنى ذلك يا ابن رسول الله؟ قال : معناه أنّكم الأئمّة بعدي ، إنّ الله عزوجل يقول : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) فهذه الآية جارية فينا إلى يوم القيامة (٥).

٦٥٨ ـ محمّد بن العبّاس ، بإسناده عن ربيعة بن ناجد ، قال : سمعت عليّا في هذه الآية وقرأها ، قوله عزوجل : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ) وقال : لتعطفنّ هذه الدنيا على أهل البيت كما تعطف الضروس على ولدها (٦).

__________________

(١) بحار الأنوار ٥١ / ٥٤.

(٢) نفس المصدر ٥١ / ٦٣.

(٣) تفسير البرهان ٣ / ٢٢٠ ح ١.

(٤) تفسير البرهان ٣ / ٢٢٠ ح ٢.

(٥) معاني الأخبار ٧٩ ح ١ ؛ بحار الأنوار ٢٤ / ١٦٨.

(٦) تأويل الآيات الظاهرة ١ / ٤١٣ ـ ٤١٤ ح ١.

٣٣٦

٦٥٩ ـ وقال : بإسناده عن أبي صالح ، عن عليّ عليه‌السلام ، كذا قال في قوله عزوجل : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، لتعطفنّ علينا هذه الدنيا كما تعطف الضروس على ولدها.

والضروس الناقة يموت ولدها أو يذبح ويحشى جلده ، فتدنو منه فتعطف عليه (١).

٦٦٠ ـ الشيباني في كشف نهج البيان ، روى في أخبارنا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام أنّ هذه الآية مخصوصة بصاحب الأمر الّذي يظهر في آخر الزمان ويبيد الجبابرة والفراعنة ، ويملك الأرض شرقا وغربا ، فيملأها عدلا كما ملئت جورا (٢).

٦٦١ ـ روى أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ في مسند فاطمة عليها‌السلام بإسناده عن زادان ، عن سلمان ، قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الله تبارك وتعالى لم يبعث نبيّا ولا رسولا إلّا جعل له اثنى عشر نقيبا ، فقلت : يا رسول الله لقد عرفت هذا من أهل الكتابين ، فقال : يا سلمان هل علمت من نقبائي ومن الاثنا عشر الذين اختارهم الله للأمّة من بعدي؟ فقلت : الله ورسوله أعلم.

فقال : يا سلمان ، خلقني الله من صفوة نوره ودعاني فأطعته ، وخلق من نوري عليّا عليه‌السلام ودعاه فأطاعه ، وخلق منّي ومن نور عليّ فاطمة عليها‌السلام فدعاها فأطاعته ، وخلق مني ومن عليّ وفاطمة الحسن عليه‌السلام فدعاه فأطاعه وخلق منّي ومن عليّ وفاطمة الحسين عليه‌السلام فدعاه فأطاعه.

ثمّ سمّانا بخمسة أسماء من أسمائه ، فالله المحمود وأنا محمّد ، والله العليّ فهذا عليّ ، والله الفاطر فهذه فاطمة ، والله ذو الاحسان وهذا الحسن ، والله المحسن وهذا الحسين ، ثمّ خلق منّا ومن نور الحسين تسعة أئمّة ، فدعاهم فأطاعوه قبل أن يخلق الله سماء مبنيّة ولا أرضا مدحيّة ولا ملكا ولا بشرا دوننا نورا ، وكنّا نسبّح الله ونسمع له ونطيع.

قال سلمان : فقلت : يا رسول الله بأبي أنت وأمّي ، فما لمن عرف هؤلاء؟

فقال : يا سلمان ، من عرفهم حق معرفتهم واقتدى بهم ووالى وليّهم وتبرّأ من عدوّهم ، فهو والله منّا ، يرد حيث نرد ويسكن حيث نسكن. فقلت : يا رسول الله فهل يمكن إيمان

__________________

(١) تأويل الآيات الظاهرة ١ / ٤١٤ ح ٢.

(٢) تفسير البرهان ٣ / ٢٢٠ ح ١٢ ؛ المحجّة ١٦٨.

٣٣٧

بهم بغير معرفة بأسمائهم وانسابهم؟ فقال : لا يا سلمان ، فقلت : يا رسول الله فأنّى لي بهم وقد عرفت إلى الحسين عليه‌السلام؟

قال : ثمّ سيّد العابدين عليّ بن الحسين عليه‌السلام ، ثمّ ابنه محمّد بن عليّ عليه‌السلام باقر علم الأوّلين والآخرين ، من النبيّين والمرسلين ، ثمّ ابنه جعفر بن محمّد لسان الله الصادق عليه‌السلام ، ثمّ ابنه موسى بن جعفر عليه‌السلام الكاظم غيظه في سبيل الله عزوجل ، ثمّ ابنه عليّ بن موسى الرضا لأمر الله عليه‌السلام ، ثمّ ابنه محمّد بن عليّ عليه‌السلام المختار من خلق الله ، ثمّ ابنه عليّ بن محمّد الهادي إلى الله ، ثمّ الحسن بن عليّ عليه‌السلام الصامت الأمين لسرّ الله ، ثمّ ابنه محمّد بن الحسن الهادي المهديّ عليه‌السلام الناطق القائم بحقّ الله (بأمر الله).

ثمّ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا سلمان إنّك مدركه ومن كان مثلك ومن تولّاه بحقيقة المعرفة.

قال سلمان : فشكرت الله كثيرا ، ثمّ قلت : يا رسول الله وإني مؤجّل إلى عهده؟

قال : يا سلمان اقرأ ، فقرأ قوله تعالى : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً* ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً)(١).

قال سلمان : فاشتدّ بكائي وشوقي ، ثمّ قلت : يا رسول الله أبعهد منك؟

فقال : اي والله الّذي أرسل محمّدا بالحقّ منّي ومن عليّ وفاطمة والحسن والحسين والتسعة ، وكلّ من هو منا ومعنا ومضام فينا ، أي والله يا سلمان ، ليحضرنّ إبليس له وجنوده وكلّ من محض الإيمان محضا ومحض الكفر محضا ، حتى يؤخذ بالقصاص والأوتار ولا يظلم ربّك أحدا ، ويحقّ تأويل هذه الآية : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ).

قال سلمان : فقمت من بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما يبالي سلمان متى لقي الموت أو الموت لقاه (٢).

__________________

(١) الإسراء : ٥ و ٦.

(٢) دلائل الإمامة ٢٣٧.

٣٣٨

الإمام المهديّ عليه‌السلام يقرأ الآية عند مولده الشريف

٦٦٢ ـ روى الشيخ الصدوق رحمه‌الله بإسناده عن حكيمة بنت محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام قالت : بعث إليّ أبو محمّد الحسن بن عليّ عليهما‌السلام ، فقال : يا عمّة اجعلي إفطارك هذه الليلة عندنا ، فإنّها ليلة النصف من شعبان ، فإنّ الله تبارك وتعالى سيظهر في هذه الليلة الحجّة ، وهو حجّته في أرضه.

قالت : فقلت له : ومن امّه؟

قال لي : نرجس ، قلت له : جعلني الله فداك ما بها أثر!

فقال : هو ما أقول لك.

قالت : فجئت فلمّا سلّمت وجلست جاءت تنزع خفيّ وقالت لي : يا سيّدتي وسيّدة أهلي كيف أمسيت؟ فقلت : بل أنت سيّدتي وسيّدة أهلي ، قالت : فأنكرت قولي وقالت : ما هذا يا عمّة؟ قالت : فقلت لها : يا بنيّة إنّ الله تعالى سيهب لك في ليلتك هذه غلاما سيّدا في الدنيا والآخرة ، قالت : فخجلت واستحيت.

فلمّا أن فرغت من صلاة العشاء الآخرة ، أفطرت وأخذت مضجعي فرقدت ، فلمّا أن كان في جوف الليل قمت إلى الصلاة ، ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادث ، ثمّ جلست معقّبة ، ثمّ اضطجعت ثمّ انتبهت فزعة وهي راقدة ، ثمّ قامت فصلّت ونامت.

قالت حكيمة : وخرجت أتفقّد الفجر ، فإذا أنا بالفجر الأوّل كذنب السرحان ، وهي نائمة ، فدخلني الشكوك ، فصاح بي أبو محمّد عليه‌السلام من المجلس ، فقال : لا تعجلي يا عمّة فهاك ـ الأمر قد قرب ، قالت : فجلست وقرأت الم السجدة ويس ، فبينما أنا كذلك ، إذ انتبهت فزعة ، فوثبت إليها فقلت : اسم الله عليك ، ثمّ قلت لها : أتحسّين شيئا؟ قالت : نعم يا عمّة ، فقلت لها : اجمعي نفسك واجمعي قلبك فهو ما قلت لك ، قالت : فأخذتني فترة وأخذتها فترة ، فانتبهت بحسّ سيّدي ، فكشفت الثوب عنه فإذا أنا به عليه‌السلام ساجدا يتلقّى الأرض بمساجده ، فضممته إليّ ، فإذا أنا به نظيف متنظّف ، فصاح بي أبو محمّد عليه‌السلام : هلمّي إليّ ابني يا عمّة ، فجئت به إليه ، فوضع يديه تحت أليتيه وظهره ، ووضع قدمه على صدره ، ثمّ أدلى بلسانه في فيه وأمرّ يده على عينيه وسمعه ومفاصله ، ثمّ قال : تكلّم يا بنيّ.

٣٣٩

فقال : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ صلّى على أمير المؤمنين عليه‌السلام وعلى الأئمّة عليهم‌السلام إلى أن وقف على أبيه ، ثمّ أحجم.

ثمّ قال أبو محمّد عليه‌السلام : يا عمّة اذهبي به إلى امّه ليسلّم عليها وائتني به ، فذهبت به فسلّم عليها ، ورددته فوضعته في المجلس ، ثمّ قال : يا عمّة إذا كان يوم السابع فأتينا.

قالت حكيمة : فلمّا أصبحت جئت لاسلّم على أبي محمّد عليه‌السلام وكشفت الستر لأتفقّد سيّدي ، فلم أره ، فقلت : جعلت فداك ما فعل سيّدي؟ فقال : يا عمّة استودعناه الّذي استودعته أمّ موسى ، موسى عليه‌السلام.

قالت حكيمة : فلمّا كان في اليوم السابع جئت فسلّمت وجلست ، فقال : هلمّي إليّ ابني ، فجئت سيّدي عليه‌السلام وهو في الخرقة ففعل به كفعلته الاولى ، ثمّ أدلى لسانه في فيه كأنّه يغذّيه لبنا أو عسلا ، ثمّ قال : تكلّم يا بنيّ.

فقال : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وثنّى بالصلاة على محمّد وعلى أمير المؤمنين وعلى الأئمّة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين ، حتّى وقف على أبيه عليه‌السلام ، ثمّ تلا هذه الآية :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) قال موسى ـ راوي الحديث ـ.

فسألت عقبة الخادم عن هذه ، فقالت : صدقت حكيمة (١).

٦٦٣ ـ روى العلّامة البيّاضي ؛ قال : قالت حكيمة : قرأت على امّه نرجس وقت ولادته التوحيد ، والقدر ، وآية الكرسي ، فأجابني من بطنها بقراءتي ، ثمّ وضعته ساجدا إلى القبلة ، فأخذه أبوه وقال : انطق بإذن الله ، فتعوّذ وسمّى وقرأ : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ) الآيتين ، وصلّى على محمّد وعليّ وفاطمة والأئمّة واحدا واحدا باسمه إلى آخرهم ، وكان مكتوبا على ذراعه الأيمن : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً)(٢) ... الحديث (٣).

__________________

(١) كمال الدّين ٢ / ٤٢٤ ـ ٤٢٦ ح ١.

(٢) الإسراء : ٨١.

(٣) الصراط المستقيم ٢ / ٢٠٩ ـ ٢١٠.

٣٤٠