الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

سعيد أبو معاش

الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

المؤلف:

سعيد أبو معاش


المحقق: عبدالرحيم مبارك
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ٣
ISBN: 978-964-444-775-4
الصفحات: ٦٠٣

نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ...) إلى آخر الآية ، فالمشكاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والمصباح الوصيّ والأوصياء عليهم‌السلام ، والزجاجة فاطمة ، والشجرة المباركة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والكوكب الدرّيّ القائم المنتظر عليه‌السلام الّذي يملأ الأرض عدلا (١).

الآية الثانية قوله سبحانه : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)(٢).

٥٦٦ ـ روى الشيخ الصدوق ؛ بإسناده عن عبد الله بن عجلان ، قال : ذكرنا خروج القائم عليه‌السلام عند أبي عبد الله عليه‌السلام ، فقلت له : كيف لنا أن نعلم ذلك؟ فقال عليه‌السلام : يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب : طاعة معروفة (٣).

الآية الثالثة قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)(٤).

أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام هم المستضعفون في الأرض

٥٦٧ ـ محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في الغيبة : بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في معنى قوله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) قال : نزلت في القائم وأصحابه (٥).

٥٦٨ ـ محمّد بن العبّاس ، بإسناده عن عبد الله بن سنان ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) قال : نزلت في عليّ بن أبي طالب والأئمّة من ولده عليهم‌السلام ،

__________________

(١) تفسير النعمانيّ (المحكم والمتشابه) ٤ ، والمتن في ص ٢٠ و ٢١.

(٢) النور : ٥٣.

(٣) كمال الدّين ٢ / ٦٥٤ ح ٢٢ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٣٠٥.

(٤) النور : ٥٥.

(٥) الغيبة للنعمانيّ ١٢٦ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٥٨.

٣٠١

(وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ) قال : عنى به ظهور القائم عليه‌السلام (١).

٥٦٩ ـ عنه ، بإسناده عن إسحاق بن عبد الله ، عن عليّ بن الحسين عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) : قال : قوله : (إِنَّهُ لَحَقٌ) قيام القائم عليه‌السلام وفيه نزلت هذه الآية (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) قال : نزلت في المهديّ عليه‌السلام (٢).

٥٧٠ ـ الخزّاز القمّي ، بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : دخل جندل بن جنادة بن جبير على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : يا رسول الله أخبرني عمّا ليس لله ، وعمّا ليس عند الله ، وعمّا لا يعلمه الله؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أمّا ما ليس لله ، فليس لله شريك ، وأمّا ما ليس عند الله ، فليس عند الله ظلم للعباد ، وأمّا ما لا يعلمه الله ، فذلك قولكم يا معشر اليهود أنّ عزيز ابن الله ، والله لا يعلم له ولدا. فقال جندل : أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّك محمّد رسول الله حقّا ، ثمّ قال : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنّي رأيت البارحة في النوم موسى بن عمران عليه‌السلام ، فقال لي : يا جندل أسلم على يد محمّد واستمسك بالأوصياء من بعده ، فقلت : أسلمت ، ورزقني الله ذلك ، فأخبرني عن الأوصياء بعدك لأتمسّك بهم؟

فقال : يا جندل أوصيائي من بعدي بعدد نقباء بني إسرائيل.

فقال : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنّهم كانوا اثنى عشر ، هكذا وجدناهم في التوراة.

قال : نعم ، الأئمّة بعدي اثنا عشر.

فقال : يا رسول الله كلّهم في زمن واحد؟

قال : لا ، ولكن خلف بعد خلف ، وإنّك لن تدرك منهم إلّا ثلاثة : أوّلهم سيّد الأوصياء بعدي أبو الأئمّة عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، ثمّ ابناه الحسن والحسين عليهما‌السلام ، فاستمسك بهم من بعدي ولا يغرنّك جهل الجاهلين ، فإذا أوقت ولادة ابنه عليّ بن الحسين سيّد العابدين عليه‌السلام

__________________

(١) تأويل الآيات الظاهرة ١ / ٣٦٩ ح ٢١.

(٢) تأويل الآيات الظاهرة ١ / ٣٦٩ ح ٢٢ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٥٤.

٣٠٢

يقضي الله عليك ويكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه.

فقال : يا رسول الله هكذا وجدت في التوراة : إليانقطوا (١) شبّرا وشبيرا ، فلم أعرف أسماءهم ، فكم بعد الحسين من الأوصياء ، وما أسماءهم؟

فقال : تسعة من صلب الحسين ، والمهديّ منهم ، فاذا انقضت مدّة الحسين عليه‌السلام قام بالأمر من بعده عليّ ابنه ، ويلقّب زين العابدين عليه‌السلام ، فإذا انقضت مدّة علي قام بالأمر من بعده محمّد ابنه يدعى بالباقر عليه‌السلام ، فإذا انقضت مدّة محمّد قام بالأمر بعده ابنه جعفر يدعى بالصادق عليه‌السلام ، فإذا انقضت مدّة جعفر قام بالأمر ابنه موسى ويدعى بالكاظم عليه‌السلام ، ثمّ إذا انقضت مدّة موسى قام بالأمر من بعده عليّ ابنه يدعى بالرضا عليه‌السلام ، فإذا انقضت مدّة عليّ قام بالأمر بعده محمّد ابنه يدعى بالزكيّ عليه‌السلام ، فإذا انقضت مدّة محمّد قام بالأمر بعده ابنه عليّ يدعى بالنقي عليه‌السلام ، فإذا انقضت مدّة عليّ قام بالأمر من بعده ابنه الحسن يدعى بالأمين عليه‌السلام ، ثمّ يغيب عنهم إمامهم.

قال : يا رسول الله هو الحسن يغيب عنهم؟

قال : لا ، ولكن ابنه.

قال : يا رسول الله فما اسمه؟

قال : لا يسمّى حتّى يظهر.

فقال جندل : يا رسول الله وجدنا ذكرهم في التوراة ، وقد بشّرنا موسى بن عمران عليه‌السلام بك وبالأوصياء من ذرّيّتك.

ثمّ تلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً).

فقال جندل : يا رسول الله فما خوفهم؟

قال : يا جندل في زمن كلّ واحد منهم سلطان يعتريه ويؤذيه ، فإذا عجّل الله خروج قائمنا يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، ثمّ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : طوبى للصابرين

__________________

(١) بقطو (خ ه).

٣٠٣

في غيبته ، طوبى للمقيمين على محبّتهم ، أولئك من وصفهم الله في كتابه فقال : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) ثمّ قال : (أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

قال ابن الأصقع :

ثمّ عاش جندل إلى أيّام الحسين بن عليّ عليه‌السلام ثمّ خرج إلى الطائف ، فحدّثني نعيم بن أبي قيس قال : دخلت عليه بالطائف وهو عليل ، ثمّ دعا بشربة من لبن ، فقال : هكذا عهد لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة من لبن ، ثمّ مات ودفن بالطائف بالموضع المعروف بالكورا رحمه‌الله (١).

٥٧١ ـ أبو عليّ الطبرسيّ في تفسير الآية ، قال : المرويّ عن أهل البيت عليهم‌السلام أنّها في المهديّ من آل محمّد عليهم‌السلام (٢).

٥٧٢ ـ وروى العيّاشيّ بإسناده عن عليّ بن الحسين عليهما‌السلام ، أنّه قرأ الآية وقال : هم والله شيعتنا أهل البيت ، يفعل الله ذلك بهم على يدي رجل منّا ، وهو مهدي هذه الامّة ، وهو الّذي قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد ، لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يأتي رجل من عترتي اسمه اسمي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا (٣).

وروي مثل ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام (٤).

٥٧٣ ـ قال السيّد شرف الدّين : فعلى هذا يكون المراد ب «الّذين آمنوا وعملوا الصالحات» النبيّ وأهل بيته صلوات الله عليهم ، وتضمّنت الآية البشارة لهم بالاستخلاف والتمكّن في البلاد وارتفاع الخوف عنهم عند قيام القائم المهديّ عليه‌السلام منهم ، ويكون المراد بقوله تعالى : (كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) هو أن جعل الصالح للخلافة خليفة ، مثل آدم وإبراهيم وداود وسليمان وموسى وعيسى صلوات الله عليهم أجمعين ، تبقى دائمة في كلّ آن وكلّ حين (٥).

٥٧٤ ـ من كتاب الواحدة : روى عن محمّد بن الحسن بن عبد الله الأطروش ، عن جعفر

__________________

(١) كفاية الأثر ٥٦ ـ ٦١ ؛ تفسير البرهان ٣ / ١٤٦.

(٢) تفسير مجمع البيان ٧ / ١٥٢ ؛ تفسير البرهان ٣ / ١٤٦.

(٣) تفسير العيّاشي ٢ / ١٣٦.

(٤) تفسير مجمع البيان ٧ / ١٥٢.

(٥) تأويل الآيات الظاهرة ١ / ٣٦٩ ـ ٣٧٠.

٣٠٤

بن محمّد البجليّ ، عن البرقيّ ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام :

إنّ الله تبارك وتعالى أحد واحد ، تفرّد في وحدانيته ، ثمّ تكلّم بكلمة فصارت نورا ، ثمّ خلق من ذلك النور محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وخلقني وذرّيّتي ، ثمّ تكلّم بكلمة فصارت روحا ، فأسكنه الله في ذلك النور ، وأسكنه في أبداننا ، فنحن روح الله وكلماته ، فبنا احتجّ على خلقه ، فما زلنا في ظلّة خضراء ، حيث لا شمس ولا قمر ولا ليل ولا نهار ، ولا عين تطرف ، نعبده ونقدّسه ونسبّحه ، وذلك قبل أن يخلق الخلق ، وأخذ ميثاق الأنبياء بالإيمان والنصرة لنا ، وذلك قوله عزوجل :

(وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ)(١) ، يعني لتؤمننّ بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ولتنصرنّ وصيّه وسينصرونه جميعا.

وإنّ الله أخذ ميثاقي مع ميثاق محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله بالنصرة بعضنا لبعض ، فقد نصرت محمّدا وجاهدت بين يديه ، وقتلت عدوّه ، ووفيت لله بما أخذ عليّ من الميثاق والعهد ، والنصرة لمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله .... إلى أن يصل إلى قوله : أنا أمين الله وخازنه ، وعيبة سرّه وحجابه ووجهه وصراطه وميزانه ، وأنا الحاشر إلى الله ، وأنا كلمة الله الّتي يجمع بها المفترق ويفرّق بها المجتمع.

وأنا أسماء الله الحسنى ، وأمثاله العليا ، وآياته الكبرى ، وأنا صاحب الجنّة والنار ، اسكن أهل الجنّة الجنّة ، واسكن أهل النار النار ، وإليّ تزويج أهل الجنّة ، وإليّ عذاب أهل النار ، وإليّ إياب الخلق ، وأنا الإياب الّذي يئوب إليه كلّ شيء بعد القضاء ، وإليّ حساب الخلق جميعا ، وأنا صاحب الهبات ، وأنا المؤذّن على الأعراف ، وأنا بارز الشمس ، أنا دابة الأرض ، وأنا قسيم النار ، وأنا خازن الجنان وصاحب الأعراف.

وأنا أمير المؤمنين ، ويعسوب المتّقين ، وآية السابقين ، ولسان الناطقين ، وخاتم الوصيين ، ووارث النبيين ، وخليفة ربّ العالمين ، وصراط ربّي المستقيم ، وفسطاطه

__________________

(١) آل عمران : ٨١.

٣٠٥

والحجّة على أهل السماوات والأرضين ، وما فيهما وما بينهما ، وأنا الّذي احتجّ الله به عليكم في ابتداء خلقكم ، وأنا الشاهد يوم الدّين ، وأنا الّذي علمت علم المنايا والبلايا والقضايا ، وفصل الخطاب والأنساب ، واستحفظت آيات النبيين المستخفين المستحفظين.

وأنا صاحب العصا والميسم ، وأنا الّذي سخّرت لي السحاب والرعد والبرق والظلم والأنوار ، والرياح والجبال والبحار ، والنجوم والشمس والقمر ، أنا القرن الحديد ، وأنا فاروق الامّة ، وأنا الهادي ، وأنا الّذي أحصيت كلّ شيء عددا بعلم الله الّذي أودعنيه ، وبسرّه الّذي أسرّه إلى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وأسرّه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إليّ ، وأنا الّذي أنحلني ربّي اسمه وكلمته وحكمته وعلمه وفهمه.

يا معشر الناس ، اسألوني قبل أن تفقدوني ، اللهمّ إنّي اشهدك وأستعديك عليهم ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العلي العظيم ، والحمد لله متّبعين أمره (١).

٥٧٥ ـ روى الحاكم الحسكانيّ في «شواهد التنزيل» بإسناده عن أبي صادق ، عن حنش : أنّ عليا عليه‌السلام قال : إنّي اقسم بالذي فلق الحبّة وبرأ النسمة وأنزل الكتاب على محمّد صدقا وعدلا ، ليعطفنّ عليكم هذه الآية : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) الآية. (٢)

٥٧٦ ـ وروى فرات بن إبراهيم بإسناده عن السدّي ، عن ابن عبّاس في قوله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) إلى آخر الآية ، قال : نزلت في آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣).

٥٧٧ ـ وروى فرات بإسناده عن القاسم بن عوف ، قال : سمعت عبد الله بن محمّد يقول : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) الآية : قال : هي لنا أهل البيت (٤).

٥٧٨ ـ وروى ثقة الإسلام الكلينيّ قدس‌سره بإسناده عن عبد الله بن سنان ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله جلّ جلاله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ

__________________

(١) تفسير البرهان ٣ / ١٥٠ ح ٩ ؛ بحار الأنوار (والمتن منه) ٥٣ / ٤٦.

(٢) شواهد التنزيل ١ / ٤١٢.

(٣) تفسير فرات ٢٨٩ ح ٣٩٠.

(٤) نفس المصدر ٢٨٩ ح ٣٩١.

٣٠٦

لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) قال عليه‌السلام : هم الأئمّة عليهم‌السلام (١).

٥٧٩ ـ وعنه بإسناده عن سدير الصيرفي ، قال : دخلت أنا والمفضّل بن عمر ، وأبو بصير ، وأبان بن تغلب ، على مولانا أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليه‌السلام ، فرأيناه جالسا على التراب وعليه مسح خيبري مطوّق بلا جيب ، مقصّر الكمّين ، وهو يبكي بكاء الواله الثكلى ذات الكبد الحرّاء ، قد بان الحزن من وجنتيه ، وشاع التغيير في عارضيه ، وأبلى الدموع محجريه وهو يقول : سيّدي غيبتك نفت رقادي ، وضيّقت عليّ مهادي ، وابتزّت منّي راحة فؤادي ، سيّدي غيبتك وصلت مصابي بفجائع الأبد ، وفقد الواحد بعد الواحد يفنى الجمع والعدد ، فما أحسّ بدمعة ترقى من عيني ، وأنين يفتر من صدري ، من دوارج الرزايا ، وسوالف البلايا ، إلّا ما لقيني عن غوائل أعظمها وأقطعها ، وبواقي أشدّها وأنكرها ، ونوائب مخلوطة بغضبك ، ونوازل معجونة بسخطك.

قال سدير : فاستطارت عقولنا ولها ، وتصدّعت قلوبنا جزعا ، من الخطب الهائل ، والحادث الغائل ، وظننّا انّه أسمت لمكروهة قارعة ، أو حلّت من الدهر بائقة ، فقلنا : لا أبكى الله ـ يا ابن خير الورى ـ عينيك ، من أيّ حادثة تسترقي دمعتك ، وتستمطر عبرتك ، وأيّة حالة حتّمت عليك هذا المأتم؟

قال : فزفر الصادق عليه‌السلام زفرة انتفخ منها جوفه ، واشتدّ منها خوفه ، وقال : ويلكم نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم ، وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، الّذي خصّ الله به محمّدا والأئمّة من بعده عليهم‌السلام ، وتأمّلت فيه مولد غائبنا وغيبته ، وابطاءه وطول عمره ، وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان ، وتولّد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته ، وارتداد أكثرهم عن دينهم ، وخلعهم من ربقة الإسلام عن أعناقهم ، الّذي قال الله جلّ ذكره : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ)(٢) يعني الولاية ، فأخذتني الرقة واستولت عليّ الأحزان.

فقلنا : يا ابن رسول الله كرّمنا وفضّلنا بإشراكك إيّانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك.

__________________

(١) الكافي ١ / ١٩٣ ح ٤ ؛ تفسير الصافي ٣ / ٤٤٣.

(٢) الإسراء : ١٣.

٣٠٧

قال : إنّ الله تبارك وتعالى أدار في القائم منّا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل ، قدّر مولده تقدير مولد موسى ، وقدّر غيبته تقدير غيبة عيسى ، وقدّم إبطاءه بتقدير إبطاء نوح عليهم‌السلام ، وجعل له من بعد ذلك عمر العبد الصالح الخضر عليه‌السلام دليلا على عمره.

فقلنا : اكشف لنا يا ابن رسول الله عن وجوه هذه المعاني.

قال عليه‌السلام : أمّا مولد موسى عليه‌السلام ، فإنّ فرعون لمّا وقف على أن زوال ملكه على يده ، أمر بإحضار الكهنة ، فدلّوه على نسبه ، وأنّه يكون من بني إسرائيل ، ولم يزل يأمر أصحابه بشقّ بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل ، حتّى قتل في طلبه نيّفا وعشرين ألفا مولودا ، وتعذّر إليه الوصول إلى قتل موسى بحفظ الله تبارك وتعالى إيّاه ، كذلك بنو اميّة وبنو العبّاس ، لمّا وقفوا على أنّ زوال ملك الامراء والجبابرة منهم على يد القائم منّا ، ناصبونا العداوة ، ووضعوا سيوفهم في قتل آل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإبادة نسله طلبا (طمعا خ) منهم في الوصول إلى قتل القائم ، ويأبى الله عزوجل أن يكشف أمره لواحد من الظلمة ، إلّا أن يتمّ نوره ولو كره المشركون.

وأمّا غيبة عيسى عليه‌السلام ، فإنّ اليهود والنصارى اتّفقت على أنّه قتل ، فكذّبهم الله عزّ ذكره ، يقول عزوجل : (وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ)(١) كذلك غيبة القائم عليه‌السلام فإنّ الامّة ستنكرها لطولها ، فمن قائل بغير هدى بأنّه لم يولد ، وقائل يقول انّه ولد ومات ، وقائل يكفر بقوله أنّ حادي عشرنا كان عقيما ، وقائل يمرق بقوله أنّه يتعدّى إلى ثالث عشر ، وما عدا ، وقائل يعصي الله عزوجل بقوله أنّ روح القائم تنطق في هيكل غيره.

وأمّا إبطاء نوح عليه‌السلام ، فإنّه لمّا استنزل العقوبة على قومه من السماء ، بعث الله تبارك وتعالى جبرئيل الروح الأمين معه سبع نوايات ، فقال : يا نبيّ الله ، إنّ الله تبارك وتعالى يقول لك : إنّ هؤلاء خلائقي وعبادي ، لست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلّا بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجّة ، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك ، فإنّي مثيبك عليه ، واغرس هذا النوى ، فإنّ لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص ؛ فبشّر بذلك من اتّبعك من المؤمنين.

__________________

(١) النساء : ١٥٧.

٣٠٨

فلمّا نبتت الأشجار وتأزّرت وتشرفّت (وتشوّقت خ) واعتصبت ، وزهر الثمر عليها بعد زمن طويل ، استنجز من الله سبحانه وتعالى العدة ، فأمره الله تبارك وتعالى أن يغرس نوى تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد ، ويؤكّد الحجّة على قومه ، فأخبر بذلك الطوائف الّتي آمنت به ، فارتدّ منهم ثلاثمائة رجل ، وقالوا : لو كان ما يدّعيه نوح حقّا ، لما وقع في وعد ربّه خلف ، ثمّ إنّ الله تبارك وتعالى لم يزل يأمره عند كلّ مرّة بأن يغرسها مرّة بعد اخرى ، إلى أن غرسها سبع مرّات ، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتدّ منهم طائفة بعد طائفة ، إلى أن عاد إلى نيّف وسبعين رجلا ، فأوحى الله تبارك وتعالى عند ذلك إليه ، وقال : يا نوح الآن أسفر الصبح عن الليل بعينك ، حين صرّح الحقّ عن محضه ، وصفى من الكدر بارتداد من كانت طينته خبيثة فلو أنّي أهلكت الكفّار وأبقيت من قد ارتدّ من الطوائف الّتي كانت آمنت بك ، لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الّذين أخلصوا التوحيد من قومك ، واعتصموا بحبل نبوّتك ، فإنّي أستخلفهم في الأرض وأمكّن لهم دينهم ، وابدّل خوفهم بالأمن ، لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشرك من قلوبهم ، وكيف يكون الاستخلاف والتمكين وبذل الأمن منّي لهم مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الّذين ارتدّوا وخبث طينتهم وسوء سرائرهم الّتي كانت نتائج النفاق وشيوخ الضلالة ، فلو أنّهم تنسّموا من الملك الّذي اوتي المؤمنين وقت الاستخلاف إذا أهلكت أعدائهم ، لنشقوا روائح صفاته ، ولاستحكمت سرائر نفاقهم ، وتأبّد خبالة ضلالة قلوبهم ، ولكاشفوا اخوانهم بالعداوة ، وحاربوهم على طلب الرئاسة ، والتفرّد بالأمر والنهي ، وكيف يمكن التمكين في الدّين وانتشار الأمر في المؤمنين مع إثارة الفتن وإيقاع الحروب ، كلّا فاصنع الفلك بأعيننا ووحينا. قال الصادق عليه‌السلام : وكذلك القائم عليه‌السلام ، فإنّه يمتدّ أيّام غيبته ليصرح الحقّ عن محضه ، ويصفو الإيمان من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة من الشيعة الّذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسّوا بالاستخلاف والتمكين والأمر المنتشر في عهد القائم عليه‌السلام.

قال المفضّل : فقلت : يا ابن رسول الله ، فإنّ هذه النواصب تزعم أنّ هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ عليه‌السلام.

٣٠٩

فقال : لا يهدي الله قلوب الناصبة ، متى كان الدّين الّذي ارتضاه الله ورسوله متمكّنا بانتشار الأمر في الامّة وذهاب الخوف من قلوبها ، وارتفاع الشكّ من صدورها في عهد واحد من هؤلاء وفي عهد عليّ عليه‌السلام مع ارتداد المسلمين والفتن الّتي كانت من الكفّار. ثمّ تلا الصادق عليه‌السلام : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا)(١). وأمّا العبد الصالح الخضر عليه‌السلام ، فإنّ الله تبارك وتعالى ما طوّل عمره لنبوّة قدرها له ، ولا لكتاب ينزل عليه ، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء ، ولا لأمّة يلزمهم عباده الاقتداء بها ، ولا لطاعة يفرضها له ، بلى إنّ الله تبارك وتعالى لمّا كان في سابق علمه أن يقدّر من عمر القائم عليه‌السلام في أيّام غيبته ما يقدّر ، علم ما يكون من إنكار عباده مقدار ذلك العمر في الطول ، طوّل عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك ، إلّا لعلّة الاستدلال به على عمر القائم عليه‌السلام ، ولينقطع بذلك حجّة المعاندين ، لئلّا يكون للناس على الله حجّة (٢).

٥٨٠ ـ روى الطبرسيّ في حديث عن أمير المؤمنين عليه‌السلام يذكر فيه من تقدّم عليه ، فقال عليه‌السلام : مثل ما أتوه من الاستيلاء على أمر الامّة كلّ ذلك ليتمّ النظرة الّتي أوجبها الله تبارك وتعالى لعدوّه إبليس إلى أن يبلغ الكتاب أجله ، ويحقّ القول على الكافرين ، ويقترب الوعد الحقّ الّذي بينه الله في كتابه بقوله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) وذلك إذا لم يبق من الإسلام إلّا اسمه ، ومن القرآن إلّا رسمه ، وغاب صاحب الأمر بإيضاح العذر له في ذلك ، لاشتمال الفتنة على القلوب ، حتّى يكون أقرب الناس اليه أشدّ عداوة له ، وعند ذلك يؤيّده الله بجنود لم يروها ، ويظهر دين نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله على يديه على الدّين كلّه ولو كره المشركون (٣).

٥٨١ ـ روى العلّامة المجلسيّ رضوان الله عليه ، قال : روى الصفوانيّ في كتابه عن صفوان : أنّه لمّا طلب المنصور أبا عبد الله عليه‌السلام ، توضّأ وصلّى ركعتين ثمّ سجد سجدة الشكر وقال : اللهمّ إنّك وعدتنا على لسان نبيّك محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ووعدك الحقّ ، أنّك تبدلنا من بعد

__________________

(١) يوسف : ١١٠.

(٢) تفسير البرهان ٣ / ١٤٧ ـ ١٤٩ ح ٨.

(٣) الاحتجاج ١ / ٣٨٢.

٣١٠

خوفنا أمنا ، اللهمّ فأنجز لنا ما وعدتنا إنّك لا تخلف الميعاد. قال : قلت له : يا سيّدي فأين وعد الله لكم؟ فقال عليه‌السلام : قول الله عزوجل : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ) الآية.

وروي أنّه تلي بحضرته عليه‌السلام : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا)(١) الآية ، فهملتا عيناه عليه‌السلام وقال : نحن والله المستضعفون (٢).

٥٨٢ ـ روى النعمانيّ ؛ عن يونس بن ظبيان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إذا كان ليلة الجمعة أهبط الربّ تعالى ملكا إلى السماء الدنيا ، فإذا طلع الفجر جلس ذلك الملك على العرش فوق البيت المعمور ، ونصب لمحمّد وعليّ والحسن والحسين : منابر من نور ، فيصعدون عليها وتجمع لهم الملائكة والنبيّون والمؤمنون ، وتفتح أبواب السماء ، فإذا زالت الشمس قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا ربّ ميعادك الّذي وعدت به في كتابك ، وهو هذه الآية : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) ثمّ يقول الملائكة والنبيّون مثل ذلك ، ثمّ يخرّ محمّد وعليّ والحسن والحسين سجّدا ، ثمّ يقولون : يا ربّ اغضب ، فإنّه قد هتك حريمك ، وقتل أصفياؤك ، واذلّ عبادك الصالحون ، فيفعل الله ما يشاء ، وذلك يوم معلوم (٣).

٥٨٣ ـ روى العلّامة الطبرسيّ رحمة الله عليه ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنّه قال : لم يجئ تأويل هذه الآية ، ولو قام قائمنا بعد ، سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية ، وليبلغنّ دين محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ما بلغ الليل ، حتّى لا يكون مشرك على ظهر الأرض ، كما قال الله تعالى : (يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً)(٤).

٥٨٤ ـ روى الطوسيّ رحمه‌الله بإسناده عن إسحاق بن عبد الله بن عليّ بن الحسين ، في هذه الآية : (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ)(٥) قال : قيام القائم عليه‌السلام من آل

__________________

(١) القصص : ٥.

(٢) بحار الأنوار ٥١ / ٦٤.

(٣) الغيبة للنعماني ٢٧٦ ح ٥٦ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٢٩٧.

(٤) تفسير مجمع البيان ٢ / ٤٣.

(٥) الذاريات : ٢٣.

٣١١

محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ قال : وفيه نزلت : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) قال : نزلت في المهديّ عليه‌السلام (١).

٥٨٥ ـ روى عليّ بن إبراهيم القمّي في تفسيره لهذه الآية ، قال : نزلت في القائم من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢).

__________________

(١) الغيبة للطوسيّ ١١٠ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٥٣.

(٢) تفسير القمّي ١ / ١٤ ؛ تفسير الصافي ٣ / ٤٤٤.

٣١٢

سورة الفرقان

الآية الاولى قوله تعالى : (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً)(١).

٥٨٦ ـ محمّد بن إبراهيم النعمانيّ ، في كتاب الغيبة بإسناده عن أبي الصامت ، قال :

قال أبو عبد الله جعفر بن محمّد عليه‌السلام : الليل اثنتا عشرة ساعة ، والنهار اثنتا عشرة ساعة ، والشهور اثنا عشر شهرا ، والأئمّة اثنا عشر إماما ، والنقباء اثنا عشر نقيبا ، وانّ عليا عليه‌السلام ساعة من اثنى عشرة ساعة ، وهو قول الله عزوجل : (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً)(٢).

٥٨٧ ـ عنه ، بإسناده عن المفضّل بن عمر ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما معنى قول الله عزوجل : (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً)(٣).

فقال لي :

إنّ الله خلق السنة اثنى عشر شهرا ، وجعل الليل اثنتى عشرة ساعة ، وجعل النهار اثنى عشرة ساعة ، ومنّا اثنى عشر محدّثا ، وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام ساعة من تلك الساعات (٤).

__________________

(١) الفرقان : ١١.

(٢) الغيبة للنعمانيّ ٤٠ ؛ المحجّة ١٥٣.

(٣) الغيبة للنعمانيّ ٤٠ ؛ المحجّة ١٥٣.

(٤) الغيبة للنعماني ٤٠.

٣١٣

٥٨٨ ـ عليّ بن إبراهيم بإسناده عن أبي الصامت ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام :

إنّ الليل والنهار اثنتا عشرة ساعة ، وانّ عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام أشرف ساعة من اثنتى عشرة ساعة ، وهو قول الله تعالى : (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً)(١).

أقول : ينصّ الحديث الشريف على أنّ الإمام المهديّ عليه‌السلام هو أحد الساعات ، وأنّ المكذّب به سيصلى سعيرا حسب الوعد الإلهيّ الّذي لا يتخلّف.

الآية الثانية قوله تعالى : (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً)(٢).

٥٨٩ ـ روى محمّد بن العبّاس بإسناده عن عليّ بن أسباط ، قال : روى أصحابنا في قول الله عزوجل : (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ) قال : إنّ الملك للرحمن اليوم وقبل اليوم وبعد اليوم ، ولكن إذا قام القائم عليه‌السلام ، لم يعبد إلّا الله عزوجل (٣).

الآية الثالثة قوله سبحانه : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً)(٤).

٥٩٠ ـ روى ابن شهرآشوب ؛ عن ابن عبّاس ، وابن مسعود ، وجابر والبراء ، وأنس ، وام سلمة ، والسدي ، وابن سيرين ، في قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً) قالوا : قال الإمام الباقر عليه‌السلام : هو محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ، (وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً) القائم في آخر الزمان ، لأنّه لم يجتمع نسب وسبب في الصحابة والقرابة إلّا له ، فلأجل ذلك استحقّ الميراث بالنسب والسبب (٥).

الآية الرابعة قوله سبحانه : (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً* وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً* وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً* إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً)(٦).

٥٩١ ـ روى فرات بن إبراهيم الكوفيّ ، عن محمّد بن القاسم بن عبيد معنعنا ، عن أبي

__________________

(١) تفسير القمّي ٢ / ١١٢.

(٢) الفرقان : ٢٦.

(٣) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٣٧٢ ، ح ٤.

(٤) الفرقان : ٥٤.

(٥) مناقب آل أبي طالب ٢ / ١٨١.

(٦) الفرقان : ٦٣ ـ ٦٦.

٣١٤

عبد الله عليه‌السلام في قوله تبارك وتعالى : (الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) ـ إلى قوله : ـ (حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً) ثلاث عشرة آية ، قال :

هم الأوصياء يمشون على الأرض هونا ، فإذا قام القائم عرفوا كلّ نصب عليه ، فإن أقرّ بالإسلام وهي الولاية ، وإلّا ضربت عنقه ، أو أقرّ بالجزية فأدّاها كما يؤدّي أهل الذمّة (١).

__________________

(١) تفسير فرات ٢٩٢ ـ ٢٩٣ ح ٣٩٥.

٣١٥

سورة الشعراء

الآية الاولى قوله عزوجل : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ)(١).

بعض علامات الظهور

٥٩٢ ـ وأسند إلى أبي جعفر عليه‌السلام : آيتان تكونان قبل القائم كسوف الشمس في نصف الشهر ، والقمر في آخره ، فتعجّب السامع ، فقال : أنا أعلم بما قلت ، إنّهما آيتان لم تكونا منذ هبط آدم عليه‌السلام (٢).

٥٩٣ ـ روى عليّ بن إبراهيم في تفسيره ، بإسناده عن هشام ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ضع رقابهم ، يعني بني اميّة ، وهي الصيحة من السماء باسم صاحب الأمر عليه‌السلام (٣).

٥٩٤ ـ روى النعمانيّ بإسناده عن داود الدّجاجيّ ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه‌السلام قال : سئل أمير المؤمنين عليه‌السلام عن قوله تعالى : (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ)(٤) فقال : انتظروا الفرج من ثلاث ، فقيل : يا أمير المؤمنين وما هنّ؟ فقال : اختلاف أهل الشام بينهم ، والرايات السود من خراسان ، والفزعة في شهر رمضان ، فقيل : وما الفزعة في شهر رمضان؟ فقال :

أو ما سمعتم قول الله عزوجل في القرآن : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ

__________________

(١) الشعراء : ٤.

(٢) الإرشاد ٣٥٩ باختصار بعض ألفاظه.

(٣) نفس المصدر.

(٤) مريم : ٣٧.

٣١٦

لَها خاضِعِينَ) هي آية تخرج الفتاة من خدرها ، وتوقظ النائم ، وتفزع اليقظان (١).

٥٩٥ ـ محمّد بن يعقوب ، بإسناده عن عمر بن حنظلة ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : خمس علامات قبل قيام القائم عليه‌السلام : الصيحة ، والسفيانيّ ، والخسف ، وقتل النفس الزكيّة ، واليمانيّ ، فقلت : جعلت فداك ، فإن خرج أحد أهل بيتك قبل هذه العلامات ، أنخرج معه؟ قال : لا ، قال : فلمّا كان من الغد ، تلوت هذه الآية : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) فقلت له : أهي الصيحة؟ فقال : أما لو كانت ، خضعت أعناق أعداء الله عزوجل (٢).

٥٩٦ ـ محمّد بن ابراهيم النعمانيّ بإسناده عن عبد الله بن سنان ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام ، فسمعت رجلا من همدان يقول : إنّ العامّة يعيّرونا ويقولون لنا : انّكم تزعمون أنّ مناديا ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر ، وكان متكيا فغضب وجلس ، ثمّ قال : لا ترووه عنّي وارووه عن أبي ولا حرج عليكم في ذلك ، أشهد أنّي قد سمعت أبي عليه‌السلام يقول : والله إنّ ذلك في كتاب الله عزوجل لبيّن ، حيث يقول : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) ولا يبقى في الأرض يومئذ أحد إلّا خضع وذلّت رقبته لها ، فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء : ألا إنّ الحقّ في عليّ بن أبي طالب وشيعته ، فإذا كان من الغد صعد إبليس في الهواء حتّى يتوارى عن أهل الأرض ، ثمّ ينادي : ألا إنّ الحقّ في عثمان بن عفّان وشيعته فإنّه قتل مظلوما ، فاطلبوا بدمه ، قال : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ)(٣) على الحقّ وهو النداء الأوّل ، ويرتاب يومئذ الّذين في قلوبهم مرض ، والمرض ـ والله ـ عداوتنا ، فعند ذلك يتبرّءون منّا ويتناولونا ، فيقولون : إنّ المنادي الأوّل سحر من سحر أهل هذا البيت ، ثمّ تلا أبو عبد الله عليه‌السلام : (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ)(٤).

وعنه بإسناده عن عبد الصمد بن بشير مثله سواء بلفظه (٥).

__________________

(١) الغيبة للنعمانيّ ٢٥١ ح ٨.

(٢) روضة الكافي ٣١٠.

(٣) ابراهيم : ٢٧.

(٤) القمر : ٢.

(٥) الغيبة للنعمانيّ ٢٦٠ ـ ٢٦١ ح ١٩.

٣١٧

٥٩٧ ـ وروى نعيم بإسناده عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : ينادي مناد من السماء : ألا إنّ الحقّ في آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وينادي مناد من الأرض : ألا إنّ الحقّ في آل عيسى ـ أو قال : العبّاس ، أنا أشكّ فيه ـ وإنّما الصوت الأسفل من الشيطان يلبّس على الناس (١).

٥٩٨ ـ وروى النعمانيّ بإسناده عن فضيل بن محمّد مولى محمّد بن راشد الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : أما إنّ النداء من السماء باسم القائم في كتاب الله لبيّن ، فقلت : وأين هو أصلحك الله؟ فقال : في (طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) قوله : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) قال : إذا اصبحوا سمعوا الصوت أصبحوا وكأنّما على رءوسهم الطير (٢).

٥٩٩ ـ وروى السيّد ابن طاوس عن نعيم بإسناده عن عليّ عليه‌السلام قال : بعد الخسف ينادي مناد من السماء : إنّ الحقّ في آل محمّد ، في أوّل النهار ، ثمّ ينادي مناد في آخر النهار : إنّ الحقّ في ولد عيسى ، وذلك نخوة من الشيطان (٣).

٦٠٠ ـ محمّد بن العبّاس بإسناده عن طريق العامة ، عن الكلبيّ ، عن أبي صالح ، عن ابن عبّاس في قوله عزوجل : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) قال : هي نزلت فينا وفي بني اميّة ، يكون لنا دولة تذلّ أعناقهم لنا بعد صعوبة ، وهوان بعد عزّ (٤).

٦٠١ ـ وعنه ، بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : سألته عن قول الله عزوجل : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) قال : نزلت في قائم آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ينادى باسمه من السماء (٥).

٦٠٢ ـ وروي بالإسناد عن أبي الورد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً) قال : النداء من السماء باسم رجل وأبيه (٦).

٦٠٣ ـ روى الشيخ المفيد ؛ بإسناده عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول في

__________________

(١) الفتن لابن حماد ٩٢ ؛ التشريف بالمنن ١٣٠ ب ١١٧ ح ١٤٠.

(٢) الغيبة للنعماني ٢٦٣ ح ٢٣.

(٣) التشريف بالمنن ١٣٣ ب ١٢٣ ح ١٤٨.

(٤) تأويل الآيات الظاهرة ١ / ٣٨٦ ح ١.

(٥) تأويل الآيات الظاهرة ١ / ٣٨٦ ح ٢.

(٦) المحجّة ١٦٠.

٣١٨

قوله تعالى شأنه : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) قال : سيفعل الله ذلك لهم ، قلت : ومن هم؟ قال : بنو اميّة وشيعتهم ، قلت : وما الآية؟ قال : ركود الشمس ما بين زوال الشمس إلى وقت العصر ، وخروج صدر الرجل ووجه في عين الشمس يعرف بحسبه ونسبه ، وذلك في زمان السفياني ، وعندها يكون بواره وبوار قومه (١).

٦٠٤ ـ روى الطوسي ؛ بإسناده عن الحسن بن زياد الصيقل ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمّد عليهما‌السلام يقول : إنّ القائم لا يقوم حتّى ينادي مناد من السماء يسمع الفتاة في خدرها ويسمع أهل المشرق والمغرب ، وفيه نزلت هذه الآية : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ)(٢).

٦٠٥ ـ روى الشيخ الصدوق بإسناده عن الحسين بن خالد ، قال : قال عليّ بن موسى الرضا عليهما‌السلام : لا دين لمن لا ورع له ، ولا إيمان لمن لا تقيّة له ، إنّ أكرمكم عند الله أعملكم بالتقيّة ، فقيل له : يا ابن رسول الله إلى متى؟ قال : إلى يوم الوقت المعلوم ، وهو يوم خروج قائمنا أهل البيت ، فمن ترك التقيّة قبل خروج قائمنا فليس منّا.

فقيل له : يا ابن رسول الله ومن القائم منكم أهل البيت؟

قال : الرابع من ولدي ، ابن سيّدة الإماء ، يطهّر الله به الأرض من كلّ جور ، ويقدّسها من كلّ ظلم. (وهو) الّذي يشكّ الناس في ولادته ، وهو صاحب الغيبة قبل خروجه ، فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره ، ووضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد أحدا. وهو الّذي تطوى له الأرض ، ولا يكون له ظلّ. وهو الّذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض بالدعاء إليه يقول : ألا إنّ حجّة الله قد ظهر عند بيت الله فاتّبعوه ، فانّ الحقّ معه وفيه. وهو قول الله عزوجل : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ)(٣).

٦٠٦ ـ روى العلّامة الطبرسيّ رحمه‌الله عن أبي حمزة الثمالي في هذه الآية : أنّها صوت يسمع

__________________

(١) الإرشاد ٣٥٩ ؛ إعلام الورى ٤٢٨.

(٢) الغيبة للطوسيّ ١١٠ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٢٨٥.

(٣) كمال الدّين ٣٧١ ح ٥.

٣١٩

من السماء في النصف من شهر رمضان وتخرج له العوائق من البيوت (١).

٦٠٧ ـ روى السيّد ابن طاوس رحمه‌الله عن ابن مسعود ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : إذا كانت صيحة في رمضان ، فانّها تكون معمعة في شوّال ، وتميّز القبائل في ذي القعدة ، وتسفك الدماء في ذي الحجّة ، والمحرّم وما المحرّم؟ يقولها ثلاثا ، هيهات هيهات ، يقتل الناس فيها هرجا هرجا. قلنا : وما الصيحة يا رسول الله؟ قال : هدّة في النصف من رمضان يوم جمعة ضحى ، وذلك إذا وافق شهر رمضان ليلة الجمعة ، فتكون هدّة توقظ النائم ، وتقعد القائم ، وتخرج العواتق من خدورهنّ في ليلة جمعة ، فإذا صلّيتم الفجر من يوم الجمعة ، فادخلوا بيوتكم وأغلقوا أبوابكم ، وسدّوا كواكم ، ودثّروا أنفسكم ، وسدّوا آذانكم ، فإذا أحسستم بالصيحة ، فخرّوا لله سجّدا وقولوا : «سبحان القدّوس ربّنا القدّوس» فإنّه من فعل ذلك نجا ومن لم يفعل هلك (٢).

٦٠٨ ـ وروى السيّد ابن طاوس ؛ عن شهر بن حوشب ، قال : بلغني أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يكون في رمضان صوت ، وشوال مهمهة (معمعة) ، وفي ذي القعدة تتحارب القبائل ، وفي ذي الحجّة ينتهب الحاج ، وفي المحرّم ينادي مناد من السماء : ألا إنّ صفوة الله من خلقه فلان ، فاسمعوا له وأطيعوا (٣).

٦٠٩ ـ وروى السيّد عن نعيم في كتاب الفتن بسنده عن كثير بن مرّة الحضرمي ، قال : آية الحدثان في رمضان علامة في السماء يكون بعدها اختلاف الناس ، فإن أدركتها فأكثر من الطعام ما استطعت (٤).

٦١٠ ـ وروى السيّد عن نعيم بسنده عن سعيد بن المسيّب ، قال : تكون بالشام فتنة كلّما سكنت من جانب ، طمّت من جانب ، فلا تتناهى حتّى ينادي مناد من السماء : إنّ أميركم فلان (٥).

٦١١ ـ وروى السيّد رحمه‌الله عن نعيم بسنده عن عليّ عليه‌السلام ، قال : إذا نادى مناد من السماء إنّ

__________________

(١) تفسير مجمع البيان ٤ / ١٨٤ ؛ عقد الدرر ١٠١ ب ٤ ف ٣.

(٢) الملاحم والفتن ١٠٠ ب ٦٠ ح ٧٢.

(٣) التشريف بالمنن ١٠٦ ب ٦٨.

(٤) التشريف بالمنن ١٠٦ ب ٧٠.

(٥) نفس المصدر ١١٠ ، ب ٧٧.

٣٢٠