الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

سعيد أبو معاش

الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

المؤلف:

سعيد أبو معاش


المحقق: عبدالرحيم مبارك
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ٣
ISBN: 978-964-444-775-4
الصفحات: ٦٠٣

هؤلاء أبدا ، وإيّاك ومن ذكرت لك ، فإذا خرج رجل منهم معه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ومعه راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عامدا إلى المدينة حتّى يمر بالبيداء ، حتّى يقول هذا مكان القوم الّذين خسف بهم ، وهي الآية الّتي قال الله عزوجل : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ)(١).

الآية السابعة قوله تعالى : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ)(٢).

المهديّ عليه‌السلام يوحى إليه كما أوحي إلى مريم

٤٣٥ ـ وعن أبي الجارود ، قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام : جعلت فداك أخبرني عن صاحب هذا الأمر قال : يمسي من اخوف الناس ويصبح من آمن الناس ، يوحى إليه هذا الأمر ليله ونهاره ، قال : قلت يوحى إليه يا أبا جعفر؟ قال : يا أبا جارود ، إنّه ليس وحي النبوّة ، ولكنّه يوحى إليه كوحيه إلى مريم بنت عمران ، وإلى أمّ موسى ، وإلى النحل ، يا ابا الجارود ، إنّ قائم آل محمّد لأكرم عند الله من مريم بنت عمران وأمّ موسى والنحل! (٣)

٤٣٦ ـ وعن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته متى يقوم قائمكم؟ قال : يا أبا الجارود لا تدركون ، فقلت : أهل زمانه؟ فقال : ولن تدرك أهل زمانه ، يقوم قائمنا بالحقّ بعد أياس من الشيعة ، يدعو الناس ثلاثا فلا يجيبه أحد ، فإذا كان اليوم الرابع تعلّق بأستار الكعبة فقال : يا ربّ انصرني ، ودعوته لا تسقط ، فيقول تبارك وتعالى للملائكة الّذين نصروا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم بدر ولم يحطّوا سروجهم ولم يضعوا أسلحتهم ، فيبايعونه ، ثمّ يبايعه من الناس ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، يسير إلى المدينة فيسير الناس حتّى يرضى الله عزوجل ، فيقتل الفا وخمسمائة قرشيّ ليس فيهم إلّا فرخ زنية! ثمّ يدخل المسجد فينقض الحائط حتّى يضعه إلى الأرض ، ثمّ يخرج الأزرق وزريق لعنهما الله غضين

__________________

(١) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢٦١ ح ٣٤ باختلاف أوّله.

(٢) النحل : ٦٨.

(٣) إثبات الهداة ٣ / ٥٨٥ ح ٧٩٨ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٣٨٩.

٢٢١

طريّين يكلّمهما فيجيبانه ، فيرتاب عند ذلك المبطلون ، فيقولون ، يكلّم الموتى ، فيقتل منهم خمسمائة مرتاب في جوف المسجد ، ثمّ يحرقهما بالحطب الّذي جمعاه ليحرقا به عليّا وفاطمة والحسن والحسين ، وذلك الحطب عندنا نتوارثه! ويهدم قصر المدينة ، ويسير إلى الكوفة فيخرج منها ستّة عشر ألفا من البتريّة شاكين في السلاح ، قرّاء القرآن ، فقهاء في الدّين ، قد قرحوا جباههم وسمّروا ساماتهم ، وعمّهم النفاق ، وكلّهم يقولون ، يا ابن فاطمة ارجع لا حاجة لنا فيك ، فيضع السيف فيهم على ظهر عشيّة الاثنين من العصر إلى العشاء ، فيقتلهم أسرع من جزر جزور فلا يفوت منهم رجل ، ولا يصاب من أصحابه أحد ، دماؤهم قربان إلى الله ، ثمّ يدخل الكوفة فيقتل مقاتليها حتّى يرضى الله.

قال : فلم أعقل المعنى ، فمكثت قليلا ثمّ قلت : جعلت فداك وما يدريه ـ جعلت فداك ـ متى يرضى الله عزوجل؟ قال : يا أبا الجارود ، إنّ الله أوحى إلى أمّ موسى ، وهو خير من أم موسى ، وأوحى الله إلى النحل ، وهو خير من النحل! فعقلت المذهب؟ فقال لي : أعقلت المذهب؟ قلت : نعم.

فقال : إنّ القائم ليملك ثلاثمائة وتسع سنين كما لبث أصحاب الكهف في كهفهم ، يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا ، ويفتح الله عليه شرق الأرض وغربها ، يقتل الناس حتّى لا يرى إلّا دين محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، يسير بسيرة سليمان بن داود ، يدعو الشمس والقمر فيجيبانه ، وتطوى له الأرض ، فيوحى الله إليه فيعمل بأمر الله (١).

__________________

(١) دلائل الإمامة ٢٤١ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٢٩١.

٢٢٢

سورة الإسراء

الآية الاولى قوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(١).

النصّ على المهديّ في إسراء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

٤٣٧ ـ روى العيّاشيّ بإسناده عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من قرأ سورة بني اسرائيل في كلّ ليلة جمعة ، لم يمت حتّى يدرك القائم ويكون من أصحابه (٢).

٤٣٨ ـ روى هشام الدستوائيّ نقلا عن ابن شمر ، عن جابر الجعفيّ ، عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، أنّه كان يحدّث أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه‌السلام بمكّة عند الحجر ، ويقول : سمعت أبي يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إنّ الله عزوجل أوحى إليّ ليلة أسرى بي ، قال : يا محمّد أتحبّ أن ترى أسماء الأئمّة من أهل بيتك؟ قلت : نعم ، قال : تقدّم أمامك ، فتقدّمت فإذا : عليّ ، والحسن ، والحسين ، وعليّ بن الحسين ، ومحمّد بن عليّ ، وجعفر بن محمّد ، وموسى بن جعفر ، وعليّ بن موسى ، ومحمّد بن عليّ ، وعليّ بن محمّد ، والحسن بن عليّ ، والحجّة القائم كأنّه كوكب درّيّ في وسطهم ، فقلت : يا ربّ من

__________________

(١) الإسراء : ١.

(٢) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢٧٦ ح ١ ؛ تفسير الصافي ٣ / ٢٢٩.

٢٢٣

هؤلاء؟

فقال : هؤلاء الأئمّة ... الحديث (١).

٤٣٩ ـ روى الشيخ الصدوق رحمه‌الله بإسناده عن عبد السلام بن صالح الهرويّ ، عن عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما خلق الله خلقا أفضل منّي ولا أكرم عليه منّي. قال عليّ عليه‌السلام : فقلت ، يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرئيل؟ فقال عليه‌السلام يا عليّ إنّ الله تبارك وتعالى فضّل أنبياءه المرسلين على الملائكة المقرّبين ، وفضّلني على جميع النبيّين والمرسلين ، والفضل بعدي لك يا عليّ وللائمّة من بعدك ، فإنّ الملائكة لخدّامنا وخدّام محبّينا ، يا عليّ الّذين يحملون العرش ومن حوله يسبّحون بحمد ربّهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا.

يا عليّ لو لا نحن ما خلق الله آدم ولا حوّاء ، ولا الجنّة ولا النار ، ولا السماء ولا الأرض ، وكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى التوحيد ومعرفة ربّنا عزوجل وتسبيحه وتقديسه وتهليله ، لأنّ أوّل ما خلق الله عزوجل أرواحنا ، فأنطقنا بتوحيده وتمجيده ، ثمّ خلق الملائكة ، فلمّا شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمورنا ، فسبّحنا لتعلم الملائكة أنّا خلق مخلوقون ، وأنّه منزّه عن صفاتنا ، فسبّحت الملائكة لتسبيحنا ، ونزّهته عن صفاتنا. فلمّا شاهدوا عظم شأننا ، هلّلنا لتعلم الملائكة أن لا إله إلّا الله ، وأنّا عبيد ولسنا بآلهة يجب أن نعبد معه أو دونه ، فقالوا : لا إله إلّا الله. فلمّا شاهدوا اكبر محلّنا كبّرنا الله لتعلم الملائكة أنّ الله أكبر من أن ينال ، وأنّه عظيم المحل. فلمّا شاهدوا ما جعل الله لنا من العزّة والقوة ، قلنا : لا حول ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم ، لتعلم الملائكة أن لا حول ولا قوّة إلّا بالله ، فقالت الملائكة : لا حول ولا قوّة إلّا بالله. فلمّا شاهدوا ما أنعم الله به علينا وأوجبه لنا من فرض الطاعة ، قلنا : الحمد لله ، لتعلم الملائكة ما يحقّ الله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه ، فقالت الملائكة : الحمد لله ، فبنا اهتدوا إلى معرفة

__________________

(١) الغيبة للنعمانيّ ١٠٨.

٢٢٤

(توحيد) الله تعالى وتسبيحه وتهليله وتحميده.

ثمّ أنّ الله تعالى خلق آدم عليه‌السلام وأودعنا صلبه ، وأمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا وإكراما ، وكان سجودهم لله عزوجل عبوديّة ولآدم إكراما وطاعة لكوننا في صلبه ، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلّهم أجمعون.

وإنّه لمّا عرج بي إلى السماء أذّن جبرئيل مثنى مثنى ، وأقام مثنى مثنى ، ثمّ قال : تقدم يا محمّد ، فقلت : يا جبرئيل أتقدّم عليك؟ فقال : نعم ، لأنّ الله تبارك وتعالى اسمه فضّل أنبياءه على ملائكته أجمعين ، وفضّلك خاصّة ، فتقدّمت وصلّيت بهم ولا فخر.

فلمّا انتهينا إلى حجب النور ، قال لي جبرئيل عليه‌السلام : تقدّم يا محمّد ، وتخلّف عني ، فقلت : يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تفارقني؟ فقال : يا محمّد إنّ هذا انتهاء حدّي الّذي وضعه الله عزوجل لي في هذا المكان ، فإن تجاوزته احترقت أجنحتي لتعدّي حدود ربّي جلّ جلاله ، فزخّ بي زخّة في النور حيث انتهيت إلى حيث ما شاء الله عزوجل من ملكوته ، فنوديت : يا محمّد ، فقلت : لبّيك ربّي وسعديك ، تباركت وتعاليت.

فنوديت : يا محمّد أنت عبدي وأنّا ربّك فايّاي فاعبد ، وعليّ فتوكّل ، فإنّك نوري في عبادي ، ورسولي إلى خلقي ، وحجّتي في بريّتي ، لمن تبعك خلقت جنّتي ، ولمن خالفك خلقت ناري ، ولأوصيائك أوجبت كرامتي ، ولشيعتك أوجبت ثوابي.

فقلت : يا ربّ ومن أوصيائي؟

فنوديت : يا محمّد ، إنّ اوصياءك المكتوبون على ساق العرش ، فنظرت وأنا بين يدي ربّي إلى ساق العرش ، فرأيت اثنى عشر نورا ، في كلّ نور سطر أخضر مكتوب عليه اسم كلّ وصيّ من أوصيائي ، أوّلهم عليّ بن أبي طالب وآخرهم مهديّ أمّتي.

فقلت : يا ربّ أهؤلاء أوصيائي من بعدي؟

فنوديت : يا محمّد ، هؤلاء أوليائي وأحبّائي وأصفيائي وحججي بعدك على بريّتي ، وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك ، وعزّتي وجلالي لأظهرنّ بهم ديني ، ولأعلينّ بهم كلمتي ، ولأطهّرنّ الأرض بآخرهم من أعدائي ، ولأملّكنه مشارق الأرض ومغاربها ، ولأسخرنّ له الرياح ، ولأذللنّ له الرقاب الصعاب ، ولأرقينّه في الأسباب ،

٢٢٥

ولأنصرنّه بجندي ، ولأمدّنّه بملائكتي حتّى يعلن دعوتي ، ويجمع الخلق على توحيدي ، ثمّ لأديمنّ ملكه ، ولأداولنّ الأيّام بين أوليائي إلى يوم القيامة ، والحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة على نبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين وسلّم تسليما (١).

٤٤٠ ـ روى العلّامة الحمويني ـ من علماء العامّة ـ بسنده عن أبي سلمى راعي إبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ليلة أسري بي إلى السماء قال لي الجليل جلّ جلاله : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) قلت : «والمؤمنون» قال : صدقت يا محمّد ، من خلّفت في أمّتك؟

قلت : خيرها ، قال : عليّ بن أبي طالب؟ قلت : نعم يا ربّ.

قال : يا محمّد ، إنّي اطّلعت على الأرض اطّلاعة فاخترتك منها ، فشققت لك اسما من أسمائي ، فلا أذكر إلّا ذكرت معي ، فأنا المحمود وأنت محمّد ، ثمّ اطّلعت الثانية ، فاخترت منها عليّا وشققت له اسما من أسمائي ، فأنا الأعلى وهو عليّ.

يا محمّد إنّي خلقتك وخلقت عليّا وفاطمة والحسن والحسين والائمّة من ولده من شبح نوري ، وعرضت ولايتكم على أهل السموات والأرض ، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ، ومن جحدها كان عندي من الكافرين.

يا محمّد لو أنّ عبدا من عبيدي عبدني حتّى ينقطع أو يصير كالشنّ البالي ، ثمّ أتاني جاحدا لولايتكم ما غفرت له حتّى يقرّ بولايتكم ، يا محمّد أتحبّ أن تراهم؟

قلت : نعم ، يا ربّ.

فقال لي : التفت عن يمين العرش ، فالتفتّ فإذا أنا بعليّ وفاطمة والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ وجعفر بن محمّد وموسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمّد بن عليّ وعليّ بن محمّد والحسن بن عليّ والمهديّ في ضحضاح من نور قياما يصلّون ، وهو في وسطهم يعني المهديّ ، كأنّه كوكب درّيّ.

وقال : يا محمّد هؤلاء الحجج ، وهو الثائر من عترتك ، وعزّتي وجلالي ، إنّه الحجّة الواجبة لأوليائي ، والمنتقم من أعدائي (٢).

__________________

(١) كمال الدّين ١ / ٢٥٤ ـ ٢٥٦ ح ١.

(٢) فرائد السمطين ٢ / ٧٧ ح ٥٧١.

٢٢٦

٤٤١ ـ روى الشيخ الصدوق أعلى الله مكانه بإسناده عن الأصبغ بن نباتة ، عن عبد الله بن عبّاس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لمّا عرج بي إلى السماء السابعة ، ومنها إلى سدرة المنتهى ، ومن السدرة إلى حجب النور ، ناداني ربّي جلّ جلاله : يا محمّد أنت عبدي وأنا ربّك ، فلي فاخضع ، وإيّاي فاعبد ، وعليّ فتوكّل ، وبي فثق ، فإنّي قد رضيت بك عبدا وحبيبا ورسولا ونبيّا ، وبأخيك عليّ خليفة وبابا ، فهو حجّتي على عبادي ، وإمام لخلقي ، به يعرف أوليائي من أعدائي ، وبه يميّز حزب الشيطان من حزبي ، وبه يقام ديني وتحفظ حدودي وتنفّذ أحكامي ، وبك وبه وبالأئمّة من ولده أرحم عبادي وإمائي ، وبالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي ، وبه أطهّر الأرض من أعدائي وأورثها أوليائي ، وبه أجعل كلمة الّذين كفروا بي السفلى وكلمتي العليا ، وبه أحيي عبادي وبلادي بعلمي ، وله (به) أظهر الكنوز والذخائر بمشيئتي ، وإيّاه أظهر على الأسرار والضمائر بإرادتي ، وأمدّه بملائكتي لنؤيده على إنفاذ أمري وإعلان ديني ، ذلك وليّي حقا ومهديّ عبادي صدقا (١).

٤٤٢ ـ روى الشيخ المفيد بالإسناد عن علقمة ابن قيس قال : خطبنا أمير المؤمنين عليه‌السلام على منبر الكوفة خطبة اللؤلؤة ، فقال فيما قال في آخرها :

نعم إنّه لعهد عهده إليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ الأمر يملكه اثنا عشر إماما ، تسعة من صلب الحسين ، ولقد قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : لمّا عرج بي إلى السماء ، نظرت إلى ساق العرض فإذا مكتوب عليه :

لا إله إلّا الله ، محمّد رسول الله ، أيّدته بعليّ ونصرته بعليّ ، ورأيت اثنى عشر نورا ، فقلت : يا ربّ أنوار من هذه؟ فنوديت : يا محمّد ، هذه الأنوار الأئمّة من ذرّيتك ، قلت : يا رسول الله أفلا تسمّيهم لي؟ قال : نعم ، أنت الإمام والخليفة بعدي ، تقضي ديني وتنجز عداتي ، وبعدك ابناك الحسن والحسين ، وبعد الحسين ابنه عليّ زين العابدين ، وبعد عليّ ابنه محمّد يدعى الباقر ، وبعد محمّد ابنه جعفر يدعى بالصادق ، وبعد جعفر موسى يدعى بالكاظم ، وبعد موسى ابنه عليّ يدعى بالرضا ، وبعد عليّ ابنه محمّد يدعى بالزكي ، وبعد

__________________

(١) أمالي الصدوق ٥٠٤ ؛ بحار الأنوار ١٨ / ٣٤١.

٢٢٧

محمّد ابنه عليّ يدعى بالنقيّ ، وبعده ابنه الحسن يدعى بالأمين ، والقائم من ولد الحسن سميّي وأشبه الناس بي ، يملؤها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما (١).

٤٤٣ ـ روى العيّاشيّ بإسناده عن أبي ثابت مولى أبي ذر ، عن أم سلمة ، قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لمّا أسري بي إلى السماء ، نظرت فإذا مكتوب على العرش : لا إله إلّا الله ، محمّد رسول الله ، أيّدته بعليّ ونصرته بعليّ ، رأيت أنوار عليّ وفاطمة والحسن والحسين وأنوار عليّ بن الحسين ، ومحمّد بن عليّ ، وجعفر بن محمّد ، وموسى بن جعفر ، وعليّ بن موسى ، ومحمّد بن عليّ ، وعليّ بن محمّد ، والحسن بن عليّ ، ورأيت نور الحجّة يتلألأ من بينهم كأنّه كوكب درّيّ.

فقلت : يا ربّ من هذا ومن هؤلاء؟ فنوديت : يا محمّد ، هذا نور عليّ وفاطمة ، وهذا نور سبطيك الحسن والحسين ، وهذه أنوار الأئمّة بعدك من ولد الحسين ، مطهّرون معصومون ، وهذا الحجّة الّذي يملأ الدنيا قسطا وعدلا (٢).

الآية الثانية قوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً* فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً* ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً* إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً)(٣).

العباد المبعوثون في زمان المهديّ عليه‌السلام في الكرّة

٤٤٤ ـ العيّاشيّ بإسناده عن حمران ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : كان يقول : (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) ثمّ قال : هو القائم وأصحابه أولي بأس شديد (٤).

٤٤٥ ـ أبو جعفر محمّد بن جعفر الطبريّ ، في مسند فاطمة عليها‌السلام ، قال : روى أبو عبد الله محمّد بن سهل الجلوديّ ، بإسناده عن عليّ بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي ، قال : خرجت

__________________

(١) كفاية الأثر ٢١٣ ـ ٢١٤ ؛ بحار الأنوار ٣٦ / ٣٥٤.

(٢) كفاية الأثر ٢٥ ؛ بحار الأنوار ٣٦ / ٢١٧.

(٣) الإسراء : ٤ ـ ٧.

(٤) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢٨١ ح ٢١ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٥٦.

٢٢٨

في بعض السنين حاجّا ، إذ دخلت المدينة وأقمت بها أياما أسأل واستبحث عن صاحب الزمان عليه‌السلام ، فما عرفت له خبرا ولا وقعت لي عليه عين ، فاغتممت غمّا شديدا وخشيت أن يفوتني ما أمّلته من طلب صاحب الزمان عليه‌السلام ، فخرجت حتّى أتيت مكّة ، فقضيت حجّتي وأقمت بها أسبوعا ، كل ذلك أطلب ، فبينا أنا أفكّر إذ انكشف لي باب الكعبة ، فإذا أنا بانسان كأنّه غصن بان متّزر ببردة متّشح بأخرى ، قد كشف عطف بردته على عاتقه ، فارتاح قلبي وبادرت لقصده ، فانثنى عليّ وقال : من اين الرجل؟ قلت : من العراق ، قال : من أيّ العراق؟ قلت : من الأهواز ، فقال : أتعرف ابن الخصيب؟ قلت : نعم ، قال : رحمه‌الله ، فما كان أطول ليلته وأكثر تبتّله وأغزر دمعته ، قال : فأين المهزيار؟ قلت : أنا هو ، قال : حيّاك الله بالسلام أبا الحسن ، ثمّ صافحني وعانقني وقال : يا أبا الحسن ، ما فعلت العلامة الّتي بينك وبين الماضي أبي محمّد نضّر الله وجهه؟ قلت : معي ، وأدخلت يدي إلى جيبي وأخرجت خاتما عليه محمّد وعليّ ، فلمّا قرأه استعبر حتّى بلّ طمره الّذي كان على يده ، وقال : يرحمك الله أبا محمّد إنّك زين الأمّة شرّفك الله بالإمامة وتوّجك بتاج العلم والمعرفة ، فإنّا اليكم صائرون ، ثمّ صافحني وعانقني ، ثمّ قال : ما الّذي تريد يا أبا الحسن؟

قلت : الإمام المحجوب عن العالم.

قال : وما هو محجوب عنكم ، ولكن حجبه سوء أعمالكم ، قم صر إلى رحلك وكن على أهبة من لقائه ، فإذا انحطّت الجوزاء وأزهرت نجوم السماء ، فها أنا لك بين الركن والصفا ، فطابت نفسي وتيقّنت أنّ الله فضّلني.

فما زلت أرقب الوقت حتّى حان ، وخرجت إلى مطيتي واستويت على ظهرها ، فإذا أنا بصاحبي ينادي : إليّ يا أبا الحسن ، فخرجت فلحقت به ، فحيّاني بالسلام وقال : سر بنا يا أخ ، فما زال يهبط واديا ويرقى في ذروة جبل ، إلى أن علقنا على الطائف ، فقال : يا أبا الحسن ، انزل بنا نصلّي باقي صلاة الليل ، فنزل فصلّى بنا الفجر ركعتين ، قلت : فالركعتين الاوليين؟

قال : هما من صلاة الليل واوتر فيهما والقنوت ، وكلّ صلاة جائزة ، وقال : سر بنا يا أخ. فلم يزل يهبط واديا ويرقى ذروة جبل ، حتّى أشرفنا على واد عظيم مثل الكافور ،

٢٢٩

فامد عيني ، فإذا بيت من الشّعر يتوقّد نورا.

قال : المح هل ترى شيئا؟

قلت : أرى بيتا من الشعر.

فقال : الأمل والحظّ في الوادي ، واتبعت الأثر حتّى إذا صرنا بوسط الوادي نزل عن راحلته وخلّاها ونزلت من مطيّتي وقال لي دعها ، قلت : فإن تاهت؟

فقال : إنّ هذا واد لا يدخله إلّا مؤمن ، ولا يخرج منه إلّا مؤمن ، ثمّ سبقني ودخل الخبا ، وخرج إليّ مسرعا وقال : أبشر فقد أذن لك بالدخول.

فدخلت ، فإذا البيت يسطع من جانبه النور ، فسلّمت عليه بالامامة.

فقال : يا أبا الحسن كنّا نتوقّعك ليلا ونهارا ، فما الّذي أبطأ بك علينا؟

قلت : يا سيّدي لم أجد من يدلّني إلى الآن.

قال لي : لم تجد أحدا يدلّك ، ثمّ نكت باصبعه في الأرض ثمّ قال : لا ولكنّكم كثّرتم الأموال ، وتجبّرتم على ضعفاء المؤمنين ، وقطعتم الرحم الّذي بينكم ، فأيّ عذر لكم الآن.

قلت : التوبة التوبة ، الإقالة الإقالة.

ثمّ قال : يا ابن المهزيار ، لو لا استغفار بعضكم لبعض ، لهلك من عليها إلّا خواصّ الشيعة الّتي تشبه أقوالهم أفعالهم ، ثمّ قال : يا ابن المهزيار : ومدّ يده ، ألا أنبئك بالخبر ، إنّه إذا قعد الصبيّ وتحرّك المغربيّ وسار العمانيّ وبويع السفيانيّ ، يؤذن لوليّ الله ، فأخرج بين الصفا والمروة في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا سواء ، فأجئ إلى الكوفة وأهدم مسجدها وأبنيه على بنائه الأوّل ، وأهدم ما حوله من بناء الجبابرة ، وأحجّ بالناس حجّة الإسلام ، وأجيء إلى يثرب ، فاهدم الحجرة وأخرج من بها وهما طريّان ، فآمر بهما تجاه البقيع ، وآمر بخشبتين يصلبان عليهما فتورق من تحتهما ، فيفتنن الناس بهما أشدّ من الفتنة الاولى ، فينادي مناد من السماء ، يا سماء أبيدي ويا أرض خذي ، فيومئذ لا يبقى على وجه الأرض إلّا مؤمن قد أخلص قلبه للإيمان.

قلت : يا سيّدي ، ما يكون بعد ذلك؟

٢٣٠

قال : الكرّة الكرّة ، الرجعة الرجعة ، ثمّ تلا هذه الآية : (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً)(١).

٤٤٦ ـ روى عليّ بن إبراهيم رحمه‌الله في تفسيره قوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ) أي أعلمناهم ، ثمّ انقطعت مخاطبة بني اسرائيل ، وخاطب أمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله (لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) يعني فلانا وفلانا وأصحابهما ونقضهم العهد (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) يعني ما ادّعوه من الخلافة (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما) يعني يوم الجمل (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) يعني أمير المؤمنين صلوات الله عليه وأصحابه (فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ) أي طلبوكم وقتلوكم (وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً) يعني يتمّ ويكون (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ) يعني لبني أمّية على آل محمّد (وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) من الحسين بن عليّ عليه‌السلام وأصحابه وسبوا نساء آل محمّد (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) يعني القائم صلوات الله عليه وأصحابه (لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ) يعني تسودّ وجوهكم (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) يعني رسول الله وأصحابه (وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً) أي يعلو عليكم فيقتلوكم ، ثمّ عطف على آل محمّد عليه وعليهم‌السلام فقال : (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ) أي ينصركم على عدوّكم ، ثمّ خاطب بني أميّة فقال : (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا) يعني إن عدتم بالسفيانيّ ، عدنا بالقائم من آل محمّد صلوات الله عليه (٢).

٤٤٧ ـ العيّاشيّ : بإسناده عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمّد ، عن ابيه ، عن جدّه عليهم‌السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في خطبته : يا أيّها الناس سلوني قبل أن تفقدوني ، فإن بين جوانحي علما جما ، فسلوني قبل أن تبقر برجلها فتنة شرقيّة تطأ في خطامها ، ملعون ناعقها ومولاها وقائدها وسائقها والمتحرّز فيها ، فكم عندها من رافعة ذيلها يدعو بويلها دخله أو حولها لا مأوى يكنّها ، ولا أحد يرحمها ، فإذا استدار الفلك قلتم مات أو هلك ، وأيّ واد سلك ، فعندها توقّعوا الفرج ، وهو تأويل الآية : (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ

__________________

(١) دلائل الإمامة ٢٩٦ ؛ المحجّة ١٢٣ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١٢.

(٢) تفسير القمّيّ ٢ / ١٤ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٤٥.

٢٣١

وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً).

والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، ليعيش إذ ذاك ملوك ناعمين ، ولا يخرج الرجل منهم من الدنيا حتّى يولد لصلبه ألف ذكر ، آمنين من كلّ بدعة وآفة والتنزيل عاملين بكتاب الله وسنة رسوله قد اضمحلّت عنهم الآيات والشبهات (١).

سلمان من أنصار المهديّ عليه‌السلام في الكرّة

٤٤٨ ـ روى الطبريّ بإسناده من طريق العامّة عن زاذان ، عن سلمان ، قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله تعالى لم يبعث نبيّا ولا رسولا إلّا جعل له اثنى عشر نقيبا ـ إلى أن ذكر أسماء النقباء الاثني عشر ـ فقال : ثمّ ابنه محمّد بن الحسن المهديّ القائم بأمر الله. ثمّ قال : يا سلمان إنّك مدركه ، ومن كان مثلك ومن تولّاه هذه المعرفة ، فشكرت الله وقلت : وإنّي مؤجّل إلى عهده؟ فقرأ قوله تعالى : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً). قال سلمان : فاشتد بكائي وشوقي ، وقلت : يا رسول الله أبعهد منك؟ فقال : اي والله الّذي أرسلني بالحقّ ، منّي ومن عليّ وفاطمة والحسن والحسين والتسعة ، وكلّ من هو منّا ومعنا ومضام فينا ، اي والله وليحضرنّ إبليس له وجنوده ، وكلّ من محض الإيمان محضا ، ومحض الكفر محضا ، حتّى يؤخذ له بالقصاص والأوتار ولا يظلم ربّك أحدا ، وذلك تأويل هذه الآية : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ)(٢). قال : فقمت من بين يديه وما أبالي لقيت الموت أو لقيني (٣).

٤٤٩ ـ روى القمّيّ في قوله تعالى : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) يعني القائم صلوات الله عليه وأصحابه (٤).

__________________

(١) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢٨٢ ح ٢٢ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٥٧.

(٢) القصص : ٥.

(٣) دلائل الإمامة ٢٣٧ ؛ بحار الأنوار ٢٥ / ٦.

(٤) تفسير القمّيّ ٢ / ١٤.

٢٣٢

٤٥٠ ـ عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه‌السلام ، قال : (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ) أي ينصركم على عدوّكم ، ثمّ خاطب بني أميّة ، فقال : (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا) يعني عدتم (بالسفيانيّ ، عدنا بالقائم من آل محمّد عليه‌السلام : (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) أي حبسا يحصرون فيها (١).

الآية الثالثة قوله تعالى : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً)(٢).

٤٥١ ـ وروى الصدوق بالإسناد عن سدير الصيرفي قال : دخلت أنا والمفضّل بن عمر وأبو بصير وأبان بن تغلب ، على مولانا أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليه‌السلام ، فرأيناه جالسا على التراب وعليه مسح خيبريّ مطوّق بلا جيب ، مقصر الكمّين ، وهو يبكي بكاء الواله الثكلى ، ذات الكبد الحرى ، قد نال الحزن من وجنتيه ، وشاع التغيّر في عارضيه ، وأبلى الدموع محجريه ، وهو يقول : سيّدي ، غيبتك نفت رقادي ، وضيقت عليّ مهادي ، وأسرت منّي راحة فؤادي ، سيّدي غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الأبد ، وفقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد ، فما أحسّ بدمعة ترقى من عيني ، وأنين يفتر من صدري عن دوارج الرزايا وسوالف البلايا ، إلّا مثّل لعيني عن غوابر أعمّها وأفظعها ، وبواقي أشدّها وأنكرها ، ونوائب مخلوطة بغضبك ، ونوازل معجونة بسخطك.

قال سدير : فاستطارت عقولنا ولها ، وتصدّعت قلوبنا جزعا من ذلك الخطب الهائل والحادث الغائل ، وظننّا أنّه سمة لمكروهه قارعة أو حلّت به من الدهر بائقة.

فقلنا : لا أبكى الله ـ يا بن خير الورى ـ عينيك. من أيّ حادثة تستنزف دمعتك ، وتستمطر عيونك؟ وأيّة حالة حتّمت عليك هذا المأتم؟

قال : فزفر الصادق عليه‌السلام زفرة انتفخ منها جوفه ، واشتدّ منها خوفه ، وقال : ويلكم إنّي نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم ؛ وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا ، وعلم ما كان وما يكون الى يوم القيامة ، الّذي خصّ الله تقدّس اسمه به محمّدا والائمّة من بعده عليه وعليهم‌السلام ، وتأمّلت فيه مولد قائمنا وغيبته وإبطاءه وطول

__________________

(١) تفسير القمّيّ ٢ / ١٤ ؛ المحجّة ١٢٦.

(٢) الإسراء : ١٣.

٢٣٣

عمره ، وبلوى المؤمنين به من بعده في ذلك الزمان ، وتولّد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته وارتداد أكثرهم عن دينهم ، وخلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم ، الّتي قال الله تقدّس ذكره : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ)(١) يعني الولاية ، فأخذتني الرّقة ، واستولت عليّ الاحزان.

فقلنا : يا ابن رسول الله ، كرّمنا وشرّفنا بإشراكك إيّانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك.

قال : إنّ الله تبارك وتعالى أدار في القائم منّا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل : قدّر مولده تقدير مولد موسى عليه‌السلام ، وقدّر غيبته تقدير غيبة عيسى عليه‌السلام ، وقدّر إبطاءه تقدير ابطاء نوح عليه‌السلام ، وجعل من بعد ذلك عمر العبد الصالح ، أعني الخضر دليلا على عمره.

فقلت : اكشف لنا يا ابن رسول الله عن وجوه هذا المعاني.

قال : أمّا مولد موسى ، فإنّ فرعون لمّا وقف على أنّ زوال ملكه على يده ، أمر باحضار الكهنة ، فدلّوه على نسبه ، وأنّه يكون من بني اسرائيل ، ولم يزل يأمر اصحابه بشقّ بطون الحوامل من نساء بني اسرائيل حتّى قتل في طلبه نيّفا وعشرين ألف مولود ، وتعذّر عليه الوصول إلى قتل موسى لحفظ الله تبارك وتعالى ايّاه.

كذلك بنو أميّة وبنو العباس ، لمّا وقفوا على أنّ زوال ملكهم والأمراء والجبابرة منهم على يد القائم منّا ، ناصبونا العداوة ، ووضعوا سيوفهم في قتل آل بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإبادة نسله ، طمعا منهم في الوصول الى قتل القائم عليه‌السلام ، ويأبى الله أن يكشف أمره لواحد من الظلمة الى أن يتم نوره ولو كره المشركون.

وأمّا غيبة عيسى عليه‌السلام ، فإنّ اليهود والنصارى اتّفقت على أنّه قتل ، وكذّبهم الله عزوجل بقوله : (وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ)(٢) كذلك غيبة القائم عليه‌السلام فإنّ الامّة تنكرها لطولها ، فمن قائل بغير هدى بأنّه لم يولد ، وقائل يقول : إنّه ولد ومات ، وقائل يكفر بقوله انّ حادي عشرنا كان عقيما ، وقائل يمرق بقوله : إنّه يتعدّى إلى ثالث عشر فصاعدا ، وقائل يعصي الله عزوجل بقوله : إنّ روح القائم عليه‌السلام ينطق في هيكل غيره.

__________________

(١) الإسراء : ١٣.

(٢) النساء : ١٥٧.

٢٣٤

وأمّا إبطاء نوح عليه‌السلام فإنّه لمّا استنزل العقوبة على قومه من السماء ، بعث الله عزوجل جبرئيل الروح الأمين بسبعة نويات فقال : يا نبيّ الله ، إنّ الله تبارك وتعالى يقول لك : إنّ هؤلاء خلائقي وعبادي ، ولست أبيدهم بصاعقة من الصواعق الّا بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجّة ، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك ، فأنّي مثيبك عليه ، واغرس هذا النوى ، فإنّ لك في نباتها وبلوغها وادراكها اذا أثمرت الفرج والخلاص ، فبشّر بذلك من تبعك من المؤمنين.

فلمّا نبتت الاشجار وتأزّرت وتسوّقت وتغصّنت وأثمرت ، وزها الثمر عليها بعد زمن طويل ، استنجز من الله سبحانه وتعالى العدّة ، فأمره الله تبارك وتعالى أن يغرس من نوى تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد ، ويؤكّد الحجّة على قومه ، فأخبر بذلك الطوائف الّتي آمنت به ، فارتدّ منهم ثلاث مائة رجل ، وقالوا : لو كان ما يدعيه نوح حقّا ، لما وقع في وعد ربه خلف.

ثمّ إنّ الله تبارك وتعالى لم يزل يأمره عند كلّ مرّة أن يغرسها تارة بعد أخرى ، إلى أن غرسها سبع مرّات ، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتدّ منهم طائفة ، إلى أن عاد إلى نيّف وسبعين رجلا. فأوحى الله عزوجل عند ذلك إليه وقال : يا نوح الآن أسفر الصبح عن الليل لعينك حين صرّح الحق عن محضه ، وصفى الأمر للايمان من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة.

فلو أنّي أهلكت الكفار ، وأبقيت من قد ارتدّ من الطوائف الّتي كانت آمنت بك لمّا كنت صدّقت وعدي السابق للمؤمنين الّذين أخلصوا التوحيد من قومك ، واعتصموا بحبل نبوّتك ، بأن أستخلفهم في الأرض وأمكّن لهم دينهم ، وأبدل خوفهم بالأمن لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشكّ من قلوبهم.

وكيف يكون الاستخلاف والتمكين وبدل الخوف بالأمن منّي لهم ، مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الّذين ارتدّوا ، وخبث طينتهم ، وسوء سرائرهم الّتي كانت نتائج النفاق وسنوح الضلالة ، فلو أنّهم تسنّموا منّي من الملك الّذي أوتي المؤمنين وقت الاستخلاف اذا أهلكت أعداءهم ، لنشقوا روائح صفاته ، ولاستحكمت سرائر نفاقهم ، وتأبّد حبال

٢٣٥

ضلالة قلوبهم ، وكاشفوا إخوانهم بالعداوة ، وحاربوهم على طلب الرئاسة والتفرّد بالأمر والنهي ، وكيف يكون التمكين في الدّين وانتشار الأمر في المؤمنين مع إثارة الفتن وايقاع الحروب كلّا : (اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا)(١).

قال الصادق عليه‌السلام : وكذلك القائم عليه‌السلام تمتدّ أيّام غيبته ليصرح الحق عن محضه ، وليصفو الإيمان من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة ، من الشيعة الّذين يخشى عليهم النفاق اذا أحسّوا بالاستخلاف والتمكين والأمن المنتشر في عهد القائم عليه‌السلام.

قال المفضل : فقلت : يا ابن رسول الله ، إنّ النواصب تزعم أنّ هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ.

قال : لا يهدي الله قلوب الناصبة ، متى كان الدّين الّذي ارتضاه الله ورسوله متمكّنا بانتشار الأمن في الأمّة ، وذهاب الخوف من قلوبها ، وارتفاع الشكّ من صدورها في عهد أحد من هؤلاء وفي عهد عليّ عليه‌السلام ، مع ارتداد المسلمين والفتن الّتي كانت تثور في أيامهم ، والحروب الّتي كانت تنشب بين الكفّار وبينهم ، ثمّ تلا الصادق عليه‌السلام : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا)(٢).

وأمّا العبد الصالح الخضر عليه‌السلام : فإنّ الله تبارك وتعالى ما طوّل عمره لنبوّة قدّرها له ، ولا لكتاب ينزّله عليه ، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء ، ولا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها ، ولا لطاعة يفرضها له. بلى ، إنّ الله تبارك وتعالى لمّا كان في سابق علمه أن يقدّر من عمر القائم عليه‌السلام في أيّام غيبته ما يقدّر ، وعلم ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر في الطول ، طوّل عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك ، إلّا لعلّة الاستدلال به على عمر القائم عليه‌السلام ، وليقطع بذلك حجّة المعاندين ، لئلّا يكون للناس على الله حجّة (٣).

الآية الرابعة قوله تعالى (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ

__________________

(١) اقتباس من الآية ٣٧ من سورة هود : وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا.

(٢) يوسف : ١١٠.

(٣) كمال الدّين ٢ / ٣٥٣ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٢١٩.

٢٣٦

جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً)(١).

المهديّ عليه‌السلام هو وليّ دم الحسين عليه‌السلام المظلوم

٤٥٢ ـ أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه في كامل الزيارات ، بإسناده عن محمّد بن سنان ، عن رجل ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله تعالى : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً).

قال : ذلك قائم آل بيت محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، يخرج فيقتل بدم الحسين عليه‌السلام ، فلو قتل أهل الأرض لم يكن مسرفا ، وقوله : (فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) أي لم يكن ليصنع شيئا فيكون مسرفا ، ثمّ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يقتل والله ذراري قتلة الحسين عليه‌السلام لفعال آبائهم (٢).

٤٥٣ ـ الشّيخ الصدوق ، بإسناده عن عبد السلام بن صالح الهرويّ ، قال : قلت لأبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام : يا ابن رسول الله ، ما تقول في حديث روي عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : إذا قام القائم عليه‌السلام قتل ذراري قتلة الحسين عليه‌السلام بفعال آبائهم ، فقال عليه‌السلام : هو كذلك ، فقلت : فقول الله عزوجل : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)(٣) فما معناه؟ قال : صدق الله في جميع أقواله ، ولكن ذراري قتلة الحسين يرضون بفعال آبائهم ويفتخرون بها ، ومن رضي شيئا كان كمن أتاه ، ولو أنّ رجلا قتل في المشرق فرضي بقتله رجل في المغرب ، لكان الراضي عند الله عزوجل شريك القاتل ، فإنّما يقتلهم القائم عليه‌السلام إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم. قال : فقلت له : بأيّ شيء يبدأ القائم منكم إذا قام؟ قال : يبدأ ببني شيبة ، فيقطع أيديهم لأنّهم سرّاق بيت الله عزوجل (٤).

٤٥٤ ـ العيّاشيّ ، بإسناده عن سلام بن المستنير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) قال : هو الحسين بن عليّ عليهما‌السلام ، قتل مظلوما ونحن أولياؤه ، والقائم عليه‌السلام منّا إذا قام طلب بثأر الحسين عليه‌السلام ، فيقتل حتّى يقال قد اسرف في القتل ، قال : المقتول الحسين عليه‌السلام ، ووليّه القائم عليه‌السلام والاسراف في

__________________

(١) الإسراء : ٣٣.

(٢) كامل الزيارات ٦٣ ح ٥ ؛ بحار الأنوار ٤٥ / ٢٩٨.

(٣) الأنعام : ١٦٤.

(٤) عيون أخبار الرضا ٢ / ١٥١.

٢٣٧

القتل أن يقتل غير قاتليه : (إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) فإنّه لا يذهب من الدنيا حتّى ينتصر رجل من آل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما (١).

٤٥٥ ـ وعنه ، بإسناده عن حمران ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : يا ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله زعم ولد الحسن عليه‌السلام أنّ القائم منهم وأنّهم أصحاب الأمر ، ويزعم ولد ابن الحنفيّة مثل ذلك ، فقال ، رحم الله عمّي الحسن عليه‌السلام ، لقد غمد أربعين ألف سيف حين أصيب أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وأسلمها إلى معاوية ، ومحمّد بن عليّ سبعين ألف سيف قاتله ، ولو خطر عليهم خطر ، ما خرجوا منها حتّى يموتوا جميعا ، وخرج الحسين صلوات الله فعرض نفسه على الله في سبعين رجلا ، من أحقّ بدمه منّا ، نحن والله أصحاب الأمر ، وفينا القائم عليه‌السلام ، ومنّا السفّاح والمنصور ، وقد قال الله : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً) نحن أولياء الحسين بن عليّ عليهما‌السلام وعلى دينه (٢).

٤٥٦ ـ شرف الدّين النجفيّ ، قال : روى بعض الثقات بإسناده عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن قول الله عزوجل : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً) قال : نزلت في الحسين عليه‌السلام ، ولو قتل وليّه أهل الأرض به ما كان مسرفا ، ووليّه القائم عليه‌السلام (٣).

٤٥٧ ـ روى فرات الكوفيّ عن جعفر بن محمّد الفزاريّ معنعنا عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً) قال : الحسين : (فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) قال : سمّى الله المهديّ المنصور كما سمّى أحمد محمّدا ، وكما سمّى عيسى المسيح عليه‌السلام (٤).

٤٥٨ ـ وروى الطوسيّ بإسناده عن الفضيل بن الزبير ، قال : سمعت زيد بن عليّ عليه‌السلام يقول : هذا المنتظر من ولد الحسين بن عليّ في ذريّة الحسين وفي عقب الحسين عليه‌السلام ، وهو المظلوم الّذي قال الله تعالى : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً) قال : وليّه

__________________

(١) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢٩٠ ح ٦٧ ؛ بحار الأنوار ٤٤ / ٢١٨.

(٢) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢٩١ ح ٦٩.

(٣) تأويل الآيات الظاهرة ١ / ٢٨٠ ح ١٠.

(٤) تفسير فرات ١٢٢ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٣٠.

٢٣٨

رجل من ذرّيّته من عقبه ، ثمّ قرأ (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ)(١).

(سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) قال : سلطانه حجّته على جميع من خلق الله تعالى ، حتّى يكون له الحجّة على الناس ، ولا يكون لأحد عليه حجّة (٢).

الآية الخامسة قوله تعالى : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً)(٣).

٤٥٩ ـ الكلينيّ ، بإسناده عن الفضيل بن يسار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) فقال : يا فضيل اعرف إمامك ، فإنّك إذا عرفت إمامك لم يضرّك تقدّم هذا الأمر أو تأخّر ، ومن عرف إمامه ثمّ مات قبل أن يقوم صاحب هذا الأمر ، كان بمنزلة من كان قاعدا في عسكره ، لا بل بمنزلة من كان قاعدا تحت لوائه. قال : رواه بعض أصحابنا : بمنزلة من استشهد مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤).

٤٦٠ ـ الكلينيّ ، بإسناده عن عمرو بن أبان ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : اعرف العلامة ، فإذا عرفت ، لم يضرّك تقدّم هذا الأمر أم تأخّر ، إنّ الله تعالى يقول : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) فمن عرف إمامه ، كان كمن كان في فسطاط المنتظر (٥).

٤٦١ ـ روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن عبد الله بن سنان ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) قال : إمامهم الّذي بين أظهرهم ، وهو قائم أهل زمانه.

٤٦٢ ـ الكلينيّ ، بإسناده عن زرارة ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : اعرف إمامك ، فإنّك إذا عرفته ، لم يضرّك تقدّم هذا الأمر أو تأخّر (٦).

٤٦٣ ـ الكلينيّ ، بإسناده عن اسماعيل بن محمّد الخزاعيّ ، قال : سأل أبو بصير أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا أسمع فقال : أتراني أدرك القائم عليه‌السلام؟ فقال : يا أبا بصير لست تعرف إمامك؟ فقال : بلى والله ، وأنت هو ، فتناول يده وقال : والله ما تبالي يا أبا بصير أن لا تكون محتبيا

__________________

(١) الزخرف : ٢٨.

(٢) الغيبة للطوسي ١١٥ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٣٥.

(٣) الإسراء : ٧١.

(٤) الكافي ١ / ٣٧١ ح ٢ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١٤١.

(٥) الكافي ١ / ٣٧٢ ح ٧.

(٦) بحار الأنوار ٥٢ / ١٤١.

٢٣٩

بسيفك في ظلّ رواق القائم عليه‌السلام (١).

٤٦٤ ـ الكلينيّ ، بإسناده عن الفضيل بن يسار ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : من مات وليس له إمام ، مات ميتة جاهليّة ، ومن مات وهو عارف لإمامه ، لم يضرّه تقدّم هذا الأمر أو تأخّر ، ومن مات وهو عارف لإمامه ، كان كمن هو مع القائم في فسطاطه (٢).

٤٦٥ ـ وروى النعمانيّ بإسناده عن حمران بن أعين ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله ، وفيه : اعرف إمامك وفي آخره : كان في فسطاط القائم عليه‌السلام (٣).

الآية السادسة قوله تعالى : (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً)(٤).

٤٦٦ ـ محمّد بن يعقوب رحمه‌الله بإسناده عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) قال : إذا قام القائم عليه‌السلام ذهبت دولة الباطل (٥).

٤٦٧ ـ وبهذا الإسناد عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ* إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) قال : هو أمير المؤمنين عليه‌السلام (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ)(٦) قال : عند خروج القائم عليه‌السلام.

وفي قوله عزوجل (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ)(٧).

قال : اختلفوا كما اختلفت هذه الأمّة في الكتاب ، وسيختلفون في الكتاب الّذي مع القائم الّذي يأتيهم به ، حتّى ينكره ناس كثير ، فيقدّمهم فيضرب أعناقهم. وأمّا قوله تعالى : (وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)(٨).

قال : لو لا ما تقدّم فيهم من الله عزّ ذكره ، ما أبقى القائم منهم واحدا.

وفي قوله عزوجل : (وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ)(٩).

قال : بخروج القائم ، وقوله عزوجل : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ)(١٠).

__________________

(١) الكافي ١ / ٣٧١ ح ٤ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١٤٢.

(٢) الكافي ١ / ٣٧١ ح ٥ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١٤٢.

(٣) بحار الأنوار ٥٢ / ١٤٢.

(٤) الإسراء : ٨١.

(٥) روضة الكافي ٢٨٧ ؛ المحجّة ١٣٠.

(٦) ص : ٨٦ ـ ٨٨.

(٧) هود : ١١٠.

(٨) الشورى : ٢١.

(٩) المعارج : ٢٦.

(١٠) الأنعام : ٢٣.

٢٤٠