الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

سعيد أبو معاش

الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

المؤلف:

سعيد أبو معاش


المحقق: عبدالرحيم مبارك
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ٣
ISBN: 978-964-444-775-4
الصفحات: ٦٠٣

رئاب ، قال : حدّثنا أبو عبد الله عليه‌السلام حديثا طويلا عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قال في آخره : ثمّ يقع التدابر في الاختلاف بين أمراء العرب والعجم ، فلا يزالون يختلفون إلى أن يصير الأمر إلى رجل من ولد أبي سفيان ـ إلى أن قال عليه‌السلام ـ ثمّ يظهر أمير الأمرة وقاتل الكفرة ، السلطان المأمول ، الّذي تحير في غيبته العقول ، وهو التاسع من ولدك يا حسين ، يظهر بين الركنين ، يظهر على الثقلين ، ولا يترك في الأرض الأدنين ، طوبى للمؤمنين الّذين أدركوا زمانه ولحقوا أوانه ، وشهدوا أيّامه ، ولاقوا أقوامه (١).

٣٧٨ ـ روى الشيخ الطوسيّ ، بإسناده عن الأصبغ بن نباتة ، قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في حديث له حتّى انتهى إلى مسجد الكوفة ، وكان مبنيّا بخزف ودنان وطين ، فقال : ويل لمن هدمك ، وويل لمن سهّل هدمك ، وويل لبانيك بالمطبوخ ، المغيّر قبلة نوح ، طوبى لمن شهد هدمك مع قائم أهل بيتي ، اولئك خيار الأمّة مع أبرار العترة (٢).

٣٧٩ ـ روى الطوسي بإسناده عن الحسن بن زيد بن عليّ ، قال : سألت أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادق عليهما‌السلام عن سنّ جدّنا عليّ بن الحسين عليه‌السلام فقال : أخبرني أبي ، عن أبيه عليّ بن الحسين عليهم‌السلام قال : كنت امشي خلف عمّي الحسن وأبي الحسين عليهما‌السلام في بعض طرقات المدينة في العامّ الّذي قبض فيه عمّي الحسن عليه‌السلام ، وأنا يومئذ غلام لم أراهق أو كدت ، فلقيهما جابر بن عبد الله وأنس بن مالك الأنصاريّان في جماعة من قريش والأنصار ، فما تمالك جابر بن عبد الله حتّى أكبّ على أيديهما وأرجلهما يقبّلهما ، فقال رجل من قريش كان نسيبا لمروان : أتصنع هذا يا أبا عبد الله وأنت في سنّك هذا وموضعك من صحبة رسول الله ، وكان جابر قد شهد بدرا ، فقال له : إليك عنّي ، فلو علمت يا أخا قريش من فضلهما ومكانهما ما أعلم لقبّلت ما تحت أقدامهما من التراب.

ثمّ أقبل جابر على أنس بن مالك فقال : يا أبا حمزة ، أخبرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيهما بأمر ما ظننته أنّه يكون في بشر ، قال له أنس : وبما ذا أخبرك يا أبا عبد الله؟

قال عليّ بن الحسين : فانطلق الحسن والحسين عليهم‌السلام ووقفت أنا أسمع محاورة

__________________

(١) الغيبة لابن شاذان ؛ وعنه : كشف الأستار للنوري ٢٢١.

(٢) الغيبة للطوسيّ ٢٨٣ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٣٣٢.

٢٠١

القوم ، فأنشأ جابر يحدّث ، قال : بينما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم في المسجد وقد حفّ من حوله ، إذ قال لي : يا جابر ادع لي حسنا وحسينا ، وكان شديد الكلف بهما ، فانطلقت فدعوتهما وأقبلت أحمل هذا مرّة وهذا أخرى حتّى جئته بهما ، فقال لي وأنا اعرف السرور في وجهه لمّا رأى من محبّتي لهما وتكريمي إيّاهما : أتحبّهما يا جابر؟

فقلت : وما يمنعني من ذلك فداك أبي وأمّي وأنا أعرف مكانهما منك؟

قال : أفلا أخبرك عن فضلهما؟

قلت : بلى بأبي أنت وأمّي.

قال : إنّ الله تعالى لمّا أحب أن يخلقني ، خلقني نطفة بيضاء فأودعها صلب أبي آدم عليه‌السلام ، فلم يزل ينقلها من صلب طاهر إلى رحم طاهر ، إلى نوح وإبراهيم عليهم‌السلام ، ثمّ كذلك إلى عبد المطّلب ، فلم يصبني من دنس الجاهليّة ، ثمّ افترقت تلك النطفة شطرين إلى عبد الله وأبي طالب ، فولدني أبي فختم الله بي النبوّة ، (وولد أبو طالب عليّا) فختمت به الوصيّة ، ثمّ اجتمعت النطفتان منّي ومن عليّ ، فولدتا الجهر والجهير الحسنان ، فختم بهما أسباط النبوّة وجعل ذرّيّتي منهما ، وأمرني بفتح مدينة ـ أو قال مدائن ـ الكفر. ومن ذرّيّة هذا ـ وأشار إلى الحسين عليه‌السلام ـ رجل يخرج في آخر الزمان يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا ، فهما طاهران مطهّران ، وهما سيّدا شباب أهل الجنة ، طوبى لمن أحبّهما وأباهما وأمّهما ، وويل لمن حاربهم وأبغضهم (١).

٣٨٠ ـ روى النعمانيّ بإسناده عن أبي بصير ، عن كامل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إنّ قائمنا إذا قام ، دعا الناس إلى امر جديد ، كما دعا إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإنّ الإسلام بدأ غريبا ، وسيعود غريبا كما بدأ ، فطوبى للغرباء (٢).

كلام للشيخ الصدوق في معنى الحديث

قال الشيخ الصدوق رحمه‌الله : حال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قبل النبوّة حال قائمنا وصاحب زماننا عليه‌السلام في

__________________

(١) أمالي الطوسيّ ٢ / ١١٣ ـ ١١٤ ؛ بحار الأنوار ٢٢ / ١١٠ ـ ١١٢.

(٢) الغيبة للنعمانيّ ٣٢٠ ح ١ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٣٦٦.

٢٠٢

وقتنا هذا ، وذلك أنّه لم يعرف خبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك الوقت إلّا الأحبار والرهبان والّذين قد انتهى إليهم العلم به ، فكان الإسلام غريبا فيهم ، وكان الواحد منهم إذا سأل الله تبارك وتعالى بتعجيل فرج نبيّه وإظهار أمره ، سخر منه أهل الجهل والضلال وقالوا له : متى يخرج هذا النبيّ الّذي تزعمون أنّه نبيّ السيف ، وأنّ دعوته تبلغ المشرق والمغرب ، وأنّه ينقاد له ملوك الأرض كما يقول الجهّال في وقتنا هذا : متى يخرج هذا المهديّ الّذي تزعمون أنّه لا بدّ من خروجه وظهوره ، وينكره قوم ويقرّ به آخرون ، وقد قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الإسلام بدئ غريبا وسيعود غريبا كما بدئ ، فطوبى للغرباء ، فقد عاد الإسلام كما قال عليه‌السلام غريبا في هذا الزمان كما بدأ وسيقوى بظهور وليّ الله وحجّته كما قوي بظهور نبي الله ورسوله ، وتقرّ بذلك أعين المنتظرين له والقائلين بإمامته كما قرّت أعين المنتظرين لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والعارفين به بعد ظهوره ، وان الله عزوجل لينجز لأوليائه ما وعدهم ، ويعلى كلمته ويتمّ نوره ولو كره المشركون (١).

__________________

(١) كمال الدّين ١ / ٢٠٠.

٢٠٣

سورة إبراهيم

الآية الاولى قوله عزوجل : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)(١).

٣٨١ ـ الشّيخ الصدوق بإسناده عن مثنّى الحنّاط ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : أيّام الله عزوجل ثلاثة : يوم يقوم القائم عليه‌السلام ، ويوم الكرّة ، ويوم القيامة (٢).

٣٨٢ ـ وعنه بإسناده عن مثنّى الحناط ، عن جعفر بن محمّد ، عن ابيه عليهما‌السلام مثله.

سعد ابن عبد الله ، بإسناده عن مثنّى الحناط ، عن الصادق عليه‌السلام أيضا مثله (٣).

٣٨٣ ـ وروى الحافظ رجب البرسيّ عن عمّار ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في كتاب الواحدة ، في حديث طويل قد بيّن فيه مناقب نفسه القدسيّة ، وجاء فيه قوله : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) قال : الغيب : هو الرجعة ويوم القيامة ويوم القائم وهي أيّام آل محمّد ، وإليها الاشارة بقوله : (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) فالرجعة لهم ، ويوم القيامة لهم ، ويوم القائم لهم ، وحكمه اليهم ، ومعوّل للمؤمنين فيه عليهم (٤).

__________________

(١) إبراهيم : ٥.

(٢) معاني الأخبار ٣٦٥ ؛ الخصال ١٠٨.

(٣) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٥٧٦ ح ٣ ؛ بحار الأنوار ٥٣ / ٦٣.

(٤) مشارق أنوار اليقين ١٥٩.

٢٠٤

٣٨٤ ـ روى القمّيّ في قوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) قال : أيّام الله ثلاثة : يوم القائم ، يوم الموت ، ويوم القيامة (١).

الآية الثانية قوله تعالى : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ)(٢).

٣٨٥ ـ روي عن مسعدة قال : كنت عند الصادق عليه‌السلام إذ أتاه شيخ كبير قد انحنى متّكئا على عصاه ، فسلّم ، فرد أبو عبد الله عليه‌السلام الجواب ، ثمّ قال : يا ابن رسول الله ناولني يدك أقبّلها ، فأعطاه يده ، فقبّلها ثمّ بكى ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : وما يبكيك يا شيخ؟ قال : جعلت فداك أقمت على قائمكم منذ مائة سنة أقول هذا الشهر وهذه السنة ، وقد كبر سنّي ودقّ عظمي واقترب أجلي ولا أرى ما أحبّ ، أراكم معتلّين مقتّلين مشرّدين ، وأرى عدوّكم يطيرون بالأجنحة ، فكيف لا أبكي؟ فدمعت عينا أبي عبد الله عليه‌السلام ، ثمّ قال : يا شيخ إن أبقاك الله حتّى ترى قائمنا ، كنت معنا في السنام الاعلى ، وإن حلّت بك المنيّة ، جئت يوم القيامة مع ثقل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن ثقله ، فقال عليه‌السلام : إنّي مخلّف فيكم الثقلين ، فتمسكوا بهما لن تضلوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي.

فقال الشيخ : لا أبالي بعد ما سمعت هذا الخبر.

قال : يا شيخ ، إنّ قائمنا يخرج من صلب الحسن [العسكريّ] ، والحسن يخرج من صلب عليّ ، وعليّ يخرج من صلب محمّد ، ومحمّد يخرج من صلب عليّ ، وعليّ يخرج من صلب ابني هذا ـ وأشار إلى موسى عليه‌السلام ـ وهذا خرج من صلبي ، نحن اثنا عشر كلنا معصومون ، مطهّرون.

فقال الشيخ : يا سيّدي بعضكم أفضل من بعض؟ قال : لا ، نحن في الفضل سواء ، ولكنّ بعضنا أعلم من بعض ، ثمّ قال : يا شيخ ، والله لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد ، لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج قائمنا أهل البيت. ألا وإنّ شيعتنا يقعون في فتنة وحيرة في غيبته ، هناك يثبّت الله على هداه المخلصين ، اللهمّ أعنهم على ذلك (٣).

__________________

(١) تفسير القمّيّ ١ / ٣٦٧ ؛ بحار الأنوار ٥٣ / ٦٣.

(٢) إبراهيم : ٢٧.

(٣) كفاية الأثر ١٦٠ ؛ إرشاد القلوب ٤٠٥ ؛ بحار الأنوار ٢٦ / ٤٠٨.

٢٠٥

٣٨٦ ـ روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أقرب ما يكون العبد من الله جلّ ذكره وأرضى ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجّة الله جلّ وعزّ ولم يظهر لهم ولم يعلموا مكانه ، وهم في ذلك يعلمون أنّه لم تبطل حجّة الله جلّ ذكره ولا ميثاقه ، فعندها فتوقّعوا الفرج صباحا ومساء ، فإنّ أشدّ ما يكون غضب الله على أعدائه إذا افتقدوا حجّته ولم يظهر لكم ، وقد علم أنّ أولياءه لا يرتابون ، ولو علم أنّهم يرتابون ما غيّب حجّته عنهم طرفة عين ، ولا يكون ذلك إلّا على رأس شرار الناس (١).

الآية الثالثة قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ)(٢).

المهديّ عليه‌السلام من نعم الله تعالى

٣٨٧ ـ روى ابن شهرآشوب عن الصادق والباقر عليهما‌السلام في قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) : نعمة الله : رسوله إذ يخبر أمّته بمن يرشدهم من الأئمّة ، فأحلّوهم دار البوار ، ذلك معنى قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لا ترجعنّ بعدي كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعض (٣).

الآية الرابعة قوله تعالى : (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ)(٤).

٣٨٨ ـ محمّد بن يعقوب ، بإسناده عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : والله للّذي صنعه الحسن بن عليّ عليه‌السلام كان خيرا لهذه الأمّة مما طلعت عليه الشمس ، فو الله لقد نزلت هذه الآية : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ)(٥) إنّما هي طاعة الإمام ، وطلبوا القتال ، فلمّا كتب عليهم القتال مع الحسين عليه‌السلام قالوا : ربّنا لم كتبت علينا القتال لو لا أخّرتنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتّبع الرّسل أرادوا تأخير ذلك إلى القائم عليه‌السلام (٦).

__________________

(١) الكافي ١ / ٣٣٣ ح ١ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٩٤ و ٩٥.

(٢) إبراهيم : ٢٨.

(٣) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٤ / ٢٨٤.

(٤) إبراهيم : ٤٤.

(٥) النساء : ٧٧.

(٦) المحجّة ١٠٩.

٢٠٦

الآية الخامسة قوله تعالى : (وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ)(١).

٣٨٩ ـ العيّاشيّ : بإسناده عن سعد بن عمر ، عن غير واحد ممّن حضر أبا عبد الله ، ورجل يقول قد ثبت دار صالح ودار عيسى بن عليّ ذكر دور العباسيين ، فقال رجل : أراناها الله خرابا أو خرّبها بأيدينا ، فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : لا تقل هكذا ، بل يكون مساكن القائم وأصحابه ، اما سمعت الله عزوجل يقول : (وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ)(٢).

الآية السادسة قوله تعالى : (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ)(٣).

٣٩٠ ـ العيّاشيّ ، بإسناده عن جميل بن درّاج ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) وإنّ مكر بني العبّاس بالقائم عليه‌السلام لتزول منه قلوب الرجال (٤).

٣٩١ ـ الشيخ في مجالسه ، بإسناده عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : اتّقوا الله وعليكم بالطاعة لأئمّتكم ، قولوا ما يقولون ، واصمتوا عمّا صمتوا ، فإنّكم في سلطان من قال الله تعالى : (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) فاتّقوا الله فإنّكم في هدنة ، صلّوا في عشائرهم واشهدوا جنائزهم ، وأدّوا الأمانة إليهم ، وعليكم بحجّ هذا البيت فأدمنوه ، فإنّ في إدمانكم الحجّ دفع مكاره الدنيا عنكم ، وأهوال يوم القيامة (٥).

__________________

(١) إبراهيم : ٤٥.

(٢) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢٣٥ ح ٤٩ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٣٤٧.

(٣) إبراهيم : ٤٦.

(٤) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢٣٥ ح ٥٠ ؛ المحجّة ١١١.

(٥) أمالي الطوسيّ ٢ / ٢٨٠ ؛ تفسير البرهان ٢ / ٣٢١ ح ٤.

٢٠٧

سورة الحجر

الآية الاولى قوله تعالى : (وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ* وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ)(١).

رجم الشيطان في عهد المهديّ عليه‌السلام

٣٩٢ ـ روى الصدوق رحمه‌الله بإسناده عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنيّ ، قال : سمعت أبا الحسن عليّ بن محمّد العسكريّ عليهم‌السلام يقول : معنى الرجيم أنّه مرجوم باللعن ، مطرود من مواضع الخير ، لا يذكره مؤمن إلّا لعنه ، وإنّ في علم الله السابق أنّه إذا خرج القائم عليه‌السلام لا يبقى مؤمن في زمانه إلّا رجمه بالحجارة ، كما كان قبل ذلك مرجوما باللعن (٢).

الآية الثانية قوله تعالى : (قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ* إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ)(٣).

الوقت المعلوم يوم قيام القائم عليه‌السلام

٣٩٣ ـ أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ ، بإسناده عن وهب بن جميع مولى اسحاق بن

__________________

(١) الحجر : ١٦ و ١٧.

(٢) معاني الأخبار ١٣٩ ح ١ ؛ بحار الأنوار ٦٣ / ٢٤٢.

(٣) الحجر : ٣٧ و ٣٨.

٢٠٨

عمار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن ابليس ، قوله : (رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ* قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ* إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) أيّ يوم هو؟ قال : يا وهب ، أتحسب أنّه يوم يبعث الله تعالى الناس؟ لا ، ولكنّ الله عزوجل أنظره إلى يوم يبعث الله عزوجل قائمنا ، فإذا بعث الله عزوجل قائمنا ، فيأخذ بناصيته ويضرب عنقه ، فذلك يوم الوقت المعلوم (١).

٣٩٤ ـ وروى اسحاق بن عمار قال : سألته ـ يعني زين العابدين عليه‌السلام ـ عن إنظار الله تعالى ابليس وقتا معلوما ذكره في كتابه ، قال : (فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ* إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) قال عليه‌السلام : الوقت المعلوم يوم قيام القائم عليه‌السلام ، فإذا بعثه الله كان في مسجد الكوفة وجاء إبليس حتّى يجثو على ركبتيه ، فيقول : يا ويلاه من هذا اليوم ، فيأخذ بناصيته فيضرب عنقه ، فذلك يوم الوقت المعلوم منتهى أجله (٢).

٣٩٥ ـ روى الشيخ الصدوق بإسناده عن الحسين بن خالد قال :

قال عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام : لا دين لمن لا ورع له ، ولا إيمان لمن لا تقيّة له ، إنّ أكرمكم عند الله أعملكم بالتقيّة ، فقيل له : يا ابن رسول الله إلى متى؟ قال : (إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) وهو يوم خروج قائمنا أهل البيت ، فمن ترك التقيّة قبل خروج قائمنا فليس منّا ، فقيل له : يا ابن رسول الله ، ومن القائم منكم أهل البيت؟ قال : الرابع من ولدي ، ابن سيّدة الإماء ، يطهّر الله به الأرض من كلّ جور ، ويقدّسها من كلّ ظلم ، وهو الّذي يشكّ الناس في ولادته ، وهو صاحب الغيبة قبل خروجه ، فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره ، ووضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد احدا ، وهو الّذي تطوى له الأرض ولا يكون له ظلّ ، وهو الّذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض بالدعاء إليه يقول : ألا إنّ حجّة الله قد ظهر عند بيت الله فاتّبعوه ، فإنّ الحقّ معه وفيه. وهو قول الله عزوجل : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ)(٣).

الآية الثالثة قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ* وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ)(٤).

__________________

(١) دلائل الإمامة ٤٤٠ ؛ بحار الأنوار ٦٣ / ٢٢١.

(٢) بحار الأنوار ٥٢ / ٣٧٦ ؛ منتخب الأنوار المضيئة ٢٠٣ ف ١٢.

(٣) كمال الدّين ١ / ٣٧١ ح ٥ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٣٢١.

(٤) الحجر : ٧٥ و ٧٦.

٢٠٩

المهديّ عليه‌السلام من المتوسّمين

٣٩٦ ـ روى ابن شاذان ، بإسناده من طريق العامّة عن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : يا عليّ أنا نذير أمّتي ، وأنت هاديها ، والحسن قائدها ، والحسين سائقها ، وعليّ بن الحسين جامعها ، ومحمّد بن عليّ عارفها ، وجعفر بن محمّد كاتبها ، وموسى بن جعفر محصيها ، وعليّ بن موسى معبّرها ومنجيها وطارد مبغضيها ومدني مؤمنيها ، ومحمّد بن عليّ قائمها وسائقها ، وعليّ بن محمّد سائرها وعالمها ، والحسن بن عليّ مناديها ومعطيها ، والقائم الخلف ساقيها ومناشدها : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) يا عبد الله (١).

٣٩٧ ـ روى جابر عن الباقر عليه‌السلام قال : كأنّي انظر إلى القائم عليه‌السلام وأصحابه في نجف الكوفة كأنّ على رءوسهم الطير ، فنيت أزوادهم وخلقت ثيابهم (منتكبين قسيّهم) قد أثّر السجود بجباههم ، ليوث بالنهار ، ورهبان بالليل ، كأنّ قلوبهم زبر الحديد ، يعطى الرجل منهم قوّة أربعين رجلا ، (ويعطيهم صاحبهم التوسّم) لا يقتل أحد منهم إلّا كافرا أو منافقا ، فقد وصفهم الله بالتوسّم في كتابه : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ)(٢).

٣٩٨ ـ روى ابن شهرآشوب مرسلا ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) : فذلك السبيل المقيم الوصيّ بعد النبيّ (٣).

٣٩٩ ـ روى الشيخ الصدوق بإسناده عن أبان بن تغلب ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إذا قام القائم ، لم يقم بين يديه أحد من خلق الرحمن إلّا عرفه صالح هو أم طالح ، لأن فيه آية للمتوسّمين ، وهي بسبيل مقيم (٤).

٤٠٠ ـ روى الشيخ المفيد بإسناده عن عبد الله بن عجلان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إذا قام قائم آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، حكم بين الناس بحكم داود عليه‌السلام ، لا يحتاج إلى بيّنة ، يلهمه الله

__________________

(١) مائة منقبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام لابن شاذان ٢٤ المنقبة ٦ ؛ بحار الأنوار ٣٦ / ٢٧٠.

(٢) إثبات الهداة ٣ / ٥٨٥ ح ٧٩١ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٣٨٦.

(٣) مناقب آل أبي طالب ٤ / ٢٨٤ ؛ بحار الأنوار ٢٤ / ١٢٧.

(٤) كمال الدّين ٢ / ٦٧١ ح ٢٠ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٣٢٥.

٢١٠

تعالى فيحكم بعلمه ، ويخبر كلّ قوم بما استبطنوه ، ويعرف وليّه من عدوّه بالتوسّم ، قال الله سبحانه : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ* وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ)(١).

__________________

(١) الإرشاد للمفيد ٣٦٥ ؛ كشف الغمّة ٣ / ٢٥٦.

٢١١

سورة النحل

الآية الاولى قوله تعالى : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ)(١).

أمر الله هو ظهور المهديّ عليه‌السلام

٤٠١ ـ الشّيخ الصدوق ، بإسناده عن أبان بن تغلب ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إنّ أوّل من يبايع القائم عليه‌السلام جبرئيل عليه‌السلام ، ينزل في صورة طير أبيض فيبايعه ، ثمّ يضع رجلا على بيت الله الحرام ورجلا على بيت المقدس ، ثمّ ينادي بصوت ذلق طلق يسمع الخلائق : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ)(٢).

٤٠٢ ـ محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في الغيبة ، بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) قال : هو أمرنا أمر الله عزوجل فلا يستعجل به ، ويؤيّده بثلاثة أجناد : بالملائكة وبالمؤمنين وبالرعب ، وخروجه كخروج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك قوله عزوجل : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ)(٣)(٤).

__________________

(١) النحل : ١.

(٢) كمال الدّين ٢ / ٦٧١ ح ١٨ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٢٨٥.

(٣) الأنفال : ٥.

(٤) الغيبة للنعمانيّ ١٩٨ ح ٩ ؛ حلية الأبرار ٢ / ٦٢٦.

٢١٢

٤٠٣ ـ أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ ، بإسناده عن أبان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا اراد الله قيام القائم عليه‌السلام ، بعث جبرئيل في صورة طاير أبيض ، فيضع إحدى رجليه على الكعبة والأخرى على بيت المقدس ، ثمّ ينادي بأعلى صوته : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) قال : فيحضر القائم عليه‌السلام فيصلّي عند مقام إبراهيم عليه‌السلام ركعتين ، ثمّ ينصرف وحواليه أصحابه ، وهم ثلاثمائة عشر رجلا ، إنّ فيهم لمن يسري من فراشه ليلا ، فيخرج ومعه الحجر فيلقيه فتعشب الأرض (١).

٤٠٤ ـ عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) قال : هو أمرنا أمر الله يستعجل به ، يؤيّده ثلاثة أجناد : الملائكة والمؤمنون والرعب ، وخروجه عليه‌السلام كخروج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك قوله تعالى : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِ)(٢).

٤٠٥ ـ العيّاشيّ ، بإسناده عن هشام بن سالم ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قوله تعالى (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) حتّى يأتي ذلك الوقت ، وقال : إنّ الله إذا أخبر أنّ شيئا كائن ، فكأنّه قد كان (٣).

٤٠٦ ـ وبالإسناد عن جابر ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه‌السلام قال : مثل من خرج منّا أهل البيت قبل قيام القائم عليه‌السلام ، مثل فرخ طار ووقع في كوة فتلاعبت به الصبيان (٤).

٤٠٧ ـ النعمانيّ ، بالإسناد عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام أنّه قال : اسكنوا ما سكنت السماوات والأرض ، أي لا تخرجوا على أحد فإنّ أمركم ليس به خفاء ، ألا إنّها آية من الله عزوجل ليست من الناس ، ألا إنّها أضوأ من الشمس لا يخفى على برّ ولا فاجر ، أتعرفون الصبح؟ فإنّه كالصبح ليس به خفاء (٥).

٤٠٨ ـ وبالإسناد عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال ذات يوم : ألا أخبركم بما لا يقبل الله عزوجل من العباد عملا إلّا به؟

__________________

(١) دلائل الإمامة ٢٥٢.

(٢) بحار الأنوار ٥٢ / ١٣٩.

(٣) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢٥٤ ح ٢.

(٤) بحار الأنوار ٥٢ / ١٣٩.

(٥) الغيبة للنعمانيّ ٢٠٠ ح ١٧ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١٥٠.

٢١٣

فقلت : بلى ، فقال : شهادة أن إله إلّا الله ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، والإقرار بما أمر الله والولاية لنا ، والبراءة من أعدائنا يعني أئمّة خاصّة والتسليم لهم ، والورع والاجتهاد ، والطمأنينة والانتظار للقائم.

ثمّ قال : إنّ لنا دولة يجيء الله بها إذا شاء.

ثمّ قال : من سرّه أن يكون من أصحاب القائم ، فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر ، فإن مات وقام القائم بعده ، كان له من الأجر مثل أجر من أدركه ، فجدّوا وانتظروا ، هنيئا لكم أيّتها العصابة المرحومة (١).

٤٠٩ ـ الكلينيّ بإسناده عن زرارة ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : اعرف امامك ، فإنّك إذا عرفته ، لم يضرّك تقدم هذا الأمر أو تأخّر (٢).

٤١٠ ـ ابن أبي الخطّاب ، عن البزنطيّ ، قال : سألت الرضا عليه‌السلام عن مسألة للرؤيا ، فأمسك ثمّ قال : إنّا لو أعطيناكم ما تريدون ، لكان شرّا لكم ، وأخذ برقبة صاحب هذا الأمر قال : وقال : وأنتم بالعراق ترون أعمال هؤلاء الفراعنة وما أمهل لهم ، فعليكم بتقوى الله ولا تغرّنّكم الدنيا ، ولا تغترّوا بمن أمهل له فكأنّ الأمر قد وصل إليكم (٣).

٤١١ ـ الكلينيّ ، عن إسحاق بن يعقوب : أنّه خرج إليه على يد محمّد بن عثمان العمريّ : أمّا ظهور الفرج ، فإنّه إلى الله ، وكذب الوقّاتون (٤).

٤١٢ ـ روي الكلينيّ عن عليّ بن يقطين ، قال : قال لي أبو الحسن عليه‌السلام : يا عليّ إنّ الشيعة تربّى بالأماني منذ مائتي سنة. وقال يقطين لابنه عليّ : ما بالنا قيل لنا فكان ، وقيل لكم فلم يكن ، فقال له عليّ : إنّ الّذي قيل لكم ولنا من مخرج واحد ، غير انّ أمركم حضركم فأعطيتم محضه ، وكان كما قيل لكم ، وانّ أمرنا لم يحضر ، فعللنا بالأماني ، ولو قيل لنا : إنّ هذا لا يكون إلى مائتي سنة أو ثلاثمائة سنة ، لقست القلوب ، ولرجعت عامة الناس عن الإسلام ، ولكن قالوا ، ما أسرعه وما أقربه؟! تألّفا لقلوب الناس وتقريبا

__________________

(١) بحار الأنوار ٥٢ / ١٤٠.

(٢) نفس المصدر ٥٢ / ١٤١.

(٣) نفس المصدر ٥٢ / ١١٠.

(٤) نفس المصدر ٥٢ / ١١١.

٢١٤

للفرج (١).

٤١٣ ـ عن عبد الرحمن بن كثير ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام إذ دخل عليه مهزم الأسديّ ، فقال : أخبرني ـ جعلت فداك ـ متى هذا الأمر الّذي تنتظرونه فقد طال ، فقال : يا مهزم كذّب الوقّاتون ، وهلك المستعجلون ونجا المسلّمون ، وإلينا يصيرون (٢).

٤١٤ ـ الكلينيّ ، بإسناده عن الفضيل بن يسار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ)(٣).

فقال : يا فضيل اعرف إمامك ، فإنّك إذا عرفت إمامك ، لم يضرّك تقدّم هذا الأمر أو تأخّر ، ومن عرف إمامه ثمّ مات قبل أن يقوم صاحب هذا الأمر ، كان بمنزلة من كان قاعدا في عسكره ، لا بل بمنزلة من كان قاعدا تحت لوائه ، قال : ورواه بعض أصحابنا : بمنزلة من استشهد مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤).

٤١٥ ـ الكلينيّ ، بإسناده عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام جعلت فداك متى الفرج؟ فقال : يا ابا بصير. أنت ممّن يريد الدنيا؟! من عرف هذا الأمر فقد فرّج عنه بانتظاره (٥).

٤١٦ ـ تفسير النعمانيّ : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أبا الحسن حقيق على الله أن يدخل أهل الضلال الجنة ، وإنّما عنى بهذا المؤمنين الّذين قاموا في زمن الفتنة على الائتمام بالإمام الخفيّ المكان ، المستور عن الأعيان ، فهم بإمامته مقرّون ، وبعروته مستمسكون ولخروجه منتظرون ، موقنون غير شاكّين ، صابرون مسلّمون ، وإنّما ضلّوا عن مكان إمامهم وعن معرفة شخصه.

يدّل على ذلك : أنّ الله تعالى إذا حجب عن عباده عين الشمس الّتي جعلها دليلا على أوقات الصلاة ، فموسّع عليهم تأخير المؤقّت ليتبيّن لهم الوقت بظهورها ، ويستيقنوا أنّها قد زالت ، فكذلك المنتظر لخروج الإمام عليه‌السلام ، المتمسّك بإمامته موسّع عليه جميع فرائض

__________________

(١) الكافي ١ / ٣٦٩.

(٢) بحار الأنوار ٥٢ / ١٠٣.

(٣) الإسراء : ٧٣.

(٤) بحار الأنوار ٥٢ / ١٤٢.

(٥) نفس المصدر.

٢١٥

الله الواجبة عليه ، مقبولة منه بحدودها ، غير خارج عن معنى ما فرض عليه ، فهو صابر محتسب لا تضرّه غيبة امامه (١).

٤١٧ ـ نهج البلاغة : ومن كلام لمولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : الزموا الأرض ، واصبروا على البلاء ، ولا تحرّكوا بأيديكم وسيوفكم ، وهوى ألسنتكم ، ولا تستعجلوا بما لم يعجّله الله لكم ، فإنّه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة ربّه ، وحقّ رسوله وأهل بيته ، مات شهيدا أوقع أجره على الله ، واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله ، وقامت النيّة مقام إصلاته السيف ، فانّ لكلّ شيء مدّة وأجلا (٢).

٤١٨ ـ وعن يحيى ابن العلاء ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كلّ مؤمن شهيد ، وإن مات على فراشه فهو شهيد ، وهو كمن مات في عسكر القائم عليه‌السلام ، ثمّ قال : أيحبس نفسه على الله ثمّ لا يدخل الجنة؟! (٣).

الآية الثانية قوله تعالى : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ)(٤).

٤١٩ ـ روى النعمانيّ بإسناده عن الخشّاب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «مثل أهل بيتي مثل نجوم السماء ، كلّما غاب نجم طلع نجم ، حتّى إذا طلع نجم منها ، طلع فرمقتموه بالأعين وأشرتم إليه بالأصابع أتاه ملك الموت فذهب به ، ثمّ لبثتم في ذلك سبتا من دهركم ، واستوت بنو عبد المطلب ولم يدر أيّ من أيّ ، فعند ذلك يبدو نجمكم ، فاحمدوا الله واقبلوه» (٥).

٤٢٠ ـ الكلينيّ بإسناده عن معروف بن خرّبوذ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إنّما نجومكم كنجوم السماء ، كلّما غاب نجم طلع نجم ، حتّى إذا أشرتم بأصابعكم وملتم بحواجبكم ، غيّب الله عنكم نجمكم ، واستوت بنو عبد المطّلب ، فلم يعرف أيّ من أيّ ، فإذا طلع نجمكم فاحمدوا ربّكم (٦).

٤٢١ ـ وعن معروف بن خرّبوذ ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أخبرني عنكم ، قال : نحن

__________________

(١) بحار الأنوار ٥٢ / ١٤٤.

(٢) نفس المصدر.

(٣) نفس المصدر.

(٤) النحل : ١٦.

(٥) الغيبة للنعمانيّ ١٥٥ ح ١٥ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٢٢.

(٦) الكافي ١ / ٣٣٨ ح ٨ ؛ دلائل الإمامة ٢٩٢.

٢١٦

بمنزلة النجوم إذا خفى نجم بدا نجم ، مأمن وأمان ، وسلم وإسلام ، وفاتح ومفتاح ، حتّى إذا استوى بنو عبد المطّلب فلم يدر أيّ من أيّ أظهر الله عزوجل صاحبكم ، فاحمدوا الله عزوجل ، وهو يخيّر الصعب على الذلول ، فقلت : جعلت فداك فأيّهما يختار؟ قال : يختار الصعب على الذلول (١).

٤٢٢ ـ روى الشيخ الصدوق رحمه‌الله بإسناده عن أبي الصباح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ الله تبارك وتعالى لم يدع الأرض إلّا فيها عالم يعلم الزيادة والنقصان ، فإذا زاد المؤمنون شيئا ردّهم ، وإذا نقصوا شيئا أكمله لهم ، ولو لا ذلك لالتبست على المؤمنين أمورهم (٢).

٤٢٣ ـ روي بالإسناد عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إنّ الله عزوجل لم يدع الأرض بغير عالم ، ولو لا ذلك لما عرف الحقّ من الباطل (٣).

٤٢٤ ـ وروى بالإسناد عن عبد الأعلى بن أعين ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : ما ترك الله الأرض بغير عالم ينقص ما زادوا ، ويزيد ما نقصوا ، ولو لا ذلك لاختلط على الناس أمورهم (٤).

٤٢٥ ـ روى النعمانيّ بإسناد يرفعه إلى أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : يأتي على الناس زمان يصيبهم فيها سبطة يأرز العلم فيها كما تأرز الحيّة في جحرها ، فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم نجم ، قلت : فما السبطة؟ قال : الفترة ، قلت : فكيف نصنع فيما بين ذلك؟ فقال : كونوا على ما أنتم عليه حتّى يطلع الله لكم نجمكم (٥).

٤٢٦ ـ ومن خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام قال فيها : الحمد لله الناشر في الخلق فضله ، والباسط (فيها) بالجود يده ؛ نحمده في جميع أموره ، ونستعينه على رعاية حقوقه ، ونشهد أن لا إله غيره ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، أرسله بأمره صادعا ، وبذكره ناطقا ، فأدّى أمينا ، ومضى رشيدا ، وخلّف فينا راية الحقّ ، من تقدّمها مرق ، ومن تخلّف عنها زهق ، ومن لزمها لحق ، دليلها مكيث الكلام ، بطيء القيام ، سريع إذا

__________________

(١) كمال الدّين ١ / ٣٢٩ ح ١٣.

(٢) نفس المصدر ١ / ٢٠٣.

(٣) نفس المصدر ١ / ٢٠٣.

(٤) نفس المصدر ١ / ٢٠٤.

(٥) الغيبة للنعمانيّ ١٥٩ ح ٦ ؛ كمال الدّين ٢ / ٣٤٩ ح ٤١.

٢١٧

قام ، فإذا أنتم ألنتم له رقابكم ، وأشرتم إليه بأصابعكم ، جاءه الموت فذهب به ، فلبثتم بعده ما شاء الله حتّى يطلع الله لكم من يجمعكم ويضمّ نشركم ، فلا تطمعوا في غير مقبل ، ولا تيأسوا من مدبر ، فإنّ المدبر عسى أن تزلّ به إحدى قائمتيه وتثبت الأخرى ، فترجعا حتّى تثبتا جميعا.

ألا إنّ مثل آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله كمثل نجوم السماء ، إذا خوى نجم طلع نجم ، فكأنّكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع ، وأراكم ما كنتم تأملون (١).

الآية الثالثة (إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ)(٢).

وجوب الإيمان بالرجعة

٤٢٧ ـ روى القمي بإسناده عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت ابا جعفر عليه‌السلام يقول في قوله تعالى : (فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) قال : يعني أنّهم لا يؤمنون بالرجعة أنها حقّ (٣).

الآية الرابعة قوله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ* فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)(٤).

خروج المهديّ عليه‌السلام هو أمر الله

٤٢٨ ـ روى القمّيّ بإسناده عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام (بعد أن أورد تفسير عدّة آيات من سورة النحل) قال عليه‌السلام : وقوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ) من العذاب والموت وخروج القائم (كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) وقوله : (فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ

__________________

(١) نهج البلاغة (صبحي الصالح) ١٤٥ ـ ١٤٦ ، الخطبة ١٠٠.

(٢) النحل : ٢٢.

(٣) تفسير القمّي ١ / ٣٨٣ ؛ بحار الأنوار ٥٣ / ١١٨.

(٤) النحل : ٣٣ و ٣٤.

٢١٨

يَسْتَهْزِؤُنَ) من العذاب في الرجعة (١).

الآية الخامسة قوله تعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)(٢).

في رجعة الشيعة مع المهديّ عليه‌السلام

٤٢٩ ـ محمّد بن يعقوب ، بإسناده عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : قوله تبارك وتعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) قال : فقال لي : يا أبا بصير ، ما تقول في هذه الآية؟ قال ، قلت : إنّ المشركين يزعمون ويحلفون لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ الله لا يبعث الموتى. قال : فقال : تبّا لمن قال هذا ، سلهم هل كان المشركون يحلفون بالله أم باللات والعزى؟ قال : قلت : جعلت فداك فاوجدنيه. قال : فقال : يا أبا بصير ، لو قد قام قائمنا بعث الله إليه قوما من شيعتنا قباع سيوفهم على عواتقهم ، فيبلغ ذلك قوما من شيعتنا لم يموتوا ، فيقولون بعث فلان وفلان من قبورهم وهم مع القائم عليه‌السلام ، فيبلغ ذلك قوما من عدوّنا ، فيقولون : يا معشر الشيعة ما أكذبكم؟ هذه دولتكم وأنتم تقولون فيها الكذب ، لا والله ما عاش هؤلاء ولا يعيشون إلى يوم القيامة ، قال : فحكى الله قولهم فقال : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ)(٣).

٤٣٠ ـ العيّاشيّ ، بإسناده عن سيرين ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام إذ قال : ما يقول الناس في هذه الآية : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ)؟ قال : يقولون : لا قيامة ولا بعث ولا نشور. فقال : كذبوا والله إنّما ذلك إذا قام القائم عليه‌السلام وكرّ معه المكرّون ، فقال أهل خلافكم : قد ظهرت دولتكم يا معشر الشيعة ، وهذا من كذبكم تقولون رجع فلان وفلان وفلان ، لا والله لا يبعث الله من يموت ، ألا ترى أنّهم قالوا : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) كان المشركون أشدّ تعظيما باللات والعزى من أن يقسموا

__________________

(١) تفسير القمّي ١ / ٣٨٤ ؛ تفسير الصافي ٢ / ١٣٤.

(٢) النحل : ٣٨.

(٣) روضة الكافي ٥٠ ح ١٤ ؛ سعد السعود ١١٦.

٢١٩

بغيرها ، فقال الله عزوجل : (بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ* لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ* إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)(١).

٤٣١ ـ روى عليّ بن إبراهيم عن بعض رجاله رفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : ما تقول الناس فيها؟ قال : يقولون نزلت في الكفار ، فقال : إنّ الكفار كانوا لا يحلفون بالله ، وإنّما نزلت في قوم من أمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله قيل لهم ترجعون بعد الموت قبل القيامة ، فيحلفون أنّهم لا يرجعون ، فردّ الله عليهم : (لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ) يعني في الرجعة يردّهم فيقتلهم ويشفى صدور المؤمنين منهم (٢).

الآية السادسة قوله تعالى : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ* أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ)(٣).

٤٣٢ ـ العيّاشيّ ، عن إبراهيم بن عمر ، عمّن سمع أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إنّ عهد نبيّ الله صار عند عليّ بن الحسين عليه‌السلام ، ثمّ صار عند محمّد بن عليّ ، ثمّ يفعل الله ما يشاء ، فالزم هؤلاء فإذا خرج رجل منهم معه ثلاثمائة رجل ومعه راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عامدا إلى المدينة حتّى يمر بالبيداء فيقول : هذا مكان القوم الّذين خسف بهم ، وهي الآية الّتي قال الله : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ)(٤).

٤٣٣ ـ العيّاشيّ : عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، سئل عن قول الله : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ) قال : هم أعداء الله ، وهم يمسخون ويقذفون ويسيحون في الأرض (٥).

٤٣٤ ـ عنه : بإسناده عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث طويل ، قال له : وإيّاك وشذّاذا من آل محمّد عليهم‌السلام فإنّ لآل محمّد على راية ، ولغيرهم على راية ، فالزم

__________________

(١) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢٥٩ ح ٢٨ ؛ بحار الأنوار ٥٣ / ٧١.

(٢) تفسير القمّيّ ١ / ٣٨٥ ؛ تفسير الصافي ٣ / ١٣٥.

(٣) النحل : ٤٥ و ٤٦.

(٤) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢٦١ ح ٣٤ ؛ تفسير البرهان ٢ / ٣٧٢.

(٥) تفسير العيّاشي ٢ / ٢٦١ ح ٣٥.

٢٢٠