الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

سعيد أبو معاش

الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

المؤلف:

سعيد أبو معاش


المحقق: عبدالرحيم مبارك
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ٣
ISBN: 978-964-444-775-4
الصفحات: ٦٠٣

المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (١).

الآية السابعة قوله تعالى : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)(٢).

٣٢٨ ـ روى الشيخ الصدوق ، بإسناده عن أبي بصير ، قال :

قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما‌السلام : يا أبا بصير طوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته ، والمطيعين له في ظهوره ، اولئك أولياء الله الّذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون (٣).

الآية الثامنة قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ* لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)(٤).

٣٢٩ ـ روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي عبيدة الحذّاء ، قال : سألت ابا جعفر عليه‌السلام ، عن الاستطاعة وقول الناس ، فقال : وتلا هذه الآية : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ* إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ)(٥).

يا أبا عبيدة الناس مختلفون في إصابة القول ، وكلهم هالك ، قال : قلت : قوله : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) قال : هم شيعتنا ، ولرحمته خلقهم ، وهو قوله : (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) يقول : لطاعة الامام الرحمة الّتي يقول : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) يقول : علم الإمام ، ووسع علمه الّذي هو من علمه كلّ شيء ، هم شيعتنا ، ثمّ قال : (فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) يعني ولاية غير الإمام وطاعته ، ثمّ قال : (يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) يعني النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله والوصيّ والقائم (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) إذا قام (وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ) والمنكر من أنكر فضل الإمام وجحده (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ) أخذ العلم من أهله : (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) والخبائث قول من خالف (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ) وهي الذنوب الّتي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الإمام (وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) والأغلال : ما كانوا يقولون ممّا لم يكونوا أمروا به من ترك فضل الإمام ، فلمّا عرفوا فضل الإمام وضع عنهم إصرهم ، والإصر الذنب ، وهي

__________________

(١) كمال الدين ٢ / ٣١٧ ح ٣ ؛ إعلام الورى ٣٨٤.

(٢) يونس : ٦٢.

(٣) كمال الدّين ٢ / ٣٥٧ ح ٥٤ ؛ المحجّة ٦٩.

(٤) يونس : ٦٣ و ٦٤.

(٥) هود : ١١٧ و ١١٨.

١٨١

الآصار ، ثمّ نسبهم فقال : (فَالَّذِينَ آمَنُوا) يعني بالامام (وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(١) يعني الّذين اجتنبوا الجبت والطاغوت أن يعبدوها ، والجبت والطاغوت فلان وفلان وفلان ، والعبادة : طاعة الناس لهم ، ثمّ قال : (أَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ)(٢) ثمّ جزاهم فقال : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) والإمام يبشّرهم بقيام القائم وبظهوره ، وبقتل اعدائهم وبالنجاة في الآخرة ، والورود على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وآله الصادقين على الحوض (٣).

الآية التاسعة قوله تعالى : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ)(٤).

المسخ الأعداء الله قبل ظهور المهديّ عليه‌السلام

٣٣٠ ـ روى النعمانيّ بإسناده عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : قول الله عزوجل : (عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) وفي الآخرة ، ما هو عذاب خزي الدنيا؟ فقال عليه‌السلام : وأيّ خزي أخزى يا أبا بصير من أن يكون الرجل في بيته وحجاله وعلى إخوانه وسط عياله ، إذ شق أهله الجيوب عليه وصرخوا ، فيقول الناس ما هذا؟ فقال : مسخ فلان الساعة ، فقلت : قبل قيام القائم عليه‌السلام أو بعده؟ قال : لا بل قبله (٥).

__________________

(١) الأعراف : ١٥٦ و ١٥٧. (فقرات من الآيتين).

(٢) الزمر : ٥٤.

(٣) الكافي ١ / ٤٢٩ ـ ٤٣٠ ح ٨٣ ؛ بحار الأنوار ٢٤ / ٣٥٣.

(٤) يونس : ٩٨.

(٥) الغيبة للنعمانيّ ٢٦٩ ح ٤١ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٢٤١.

١٨٢

سورة هود

الآية الاولى قوله تعالى : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)(١).

٣٣١ ـ محمّد بن إبراهيم النعمانيّ ، قال : بإسناده عن إسحاق بن عبد العزيز ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) قال : العذاب خروج القائم عليه‌السلام (٢) ، والأمّة المعدودة عدّة أهل بدر وأصحابه (٣).

٣٣٢ ـ محمّد بن يعقوب ، بإسناده عن أبي خالد ، عن أبي عبد الله أو أبي جعفر عليهما‌السلام في قول الله عزوجل : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً)(٤) قال : الخيرات الولاية ، وقوله تبارك وتعالى : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) يعني أصحاب القائم عليه‌السلام الثلاثمائة والبضعة عشر رجلا ، قال : وهم ـ والله ـ الأمّة المعدودة ، قال : يجتمعون والله في ساعة واحدة ، قزع كقزع الخريف (٥).

__________________

(١) هود : ٨.

(٢) العذاب في الآية هو العذاب النازل بأعداء الله تعالى ، المكذّبين لنبيّه وأوليائه. وقد وردت أحاديث وآثار جمّة بأنّ خلق المهديّ عليه‌السلام أشبه بخلق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّه رحيم بالمساكين ، وأنّ الجميع راضون في ولايته وحكمه حتّى الطير في السماء.

(٣) الغيبة للنعمانيّ ٢٤١ ح ٣٦ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٥٨.

(٤) البقرة : ١٤٨.

(٥) روضة الكافي ٣١٣.

١٨٣

٣٣٣ ـ عليّ بن إبراهيم ، بإسناده عن هشام بن عمّار ، عن أبيه ، وكان من أصحاب عليّ عليه‌السلام ، عن عليّ صلوات الله عليه ، في قوله تعالى : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ) قال : الأمّة المعدودة أصحاب القائم الثلاثمائة والبضعة عشر (١).

٣٣٤ ـ عليّ بن إبراهيم ، بإسناده عن أبي خالد الكابليّ ، في قوله تعالى (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) قال :

هم أصحاب القائم عليه‌السلام يجتمعون والله إليه في ساعة واحدة ، فإذا جاء إلى البيداء ، يخرج إليه جيش السفياني ، فيأمر الله الأرض فتأخذ أقدامهم ، وهو قوله : (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ* وَقالُوا آمَنَّا بِهِ) يعني بالقائم من آل محمّد عليهم‌السلام (وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) إلى قوله : (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ)(٢) يعني ألا يعذبوا (كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ) يعني من كان قبلهم من المكذّبين هلكوا (٣).

٣٣٥ ـ العيّاشيّ ، بإسناده عن ابان بن مسافر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) يعني عدّة كعدّة بدر (لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ) قال : العذاب (٤).

٣٣٦ ـ وعنه بإسناده عن عبد الأعلى الحلبيّ ، قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : أصحاب القائم عليه‌السلام الثلاثمائة والبضعة عشر رجلا هم والله الأمّة المعدودة الّتي قال في كتابه : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) قال : يجتمعون له في ساعة واحدة ، قزعا كقزع الخريف (٥).

٣٣٧ ـ وعنه بإسناده عن الحسين ، عن الخزّاز ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) قال : هو القائم وأصحابه (٦).

٣٣٨ ـ أبو عليّ الطبرسيّ في «مجمع البيان» : قيل أنّ الأمّة المعدودة هم أصحاب المهديّ في آخر الزمان ، ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا كعدّة أهل بدر ، يجتمعون في ساعة

__________________

(١) عنه : تفسير الصافي ٢ / ٤٣٣ ؛ المحجّة ١٠٢.

(٢) سبأ : ٥١ ـ ٥٤.

(٣) تفسير القمّي ٢ / ٢٠٥.

(٤) تفسير العيّاشيّ ٢ / ١٤٠ ح ٧.

(٥) تفسير العيّاشيّ ٢ / ١٤٠ ح ٨.

(٦) تفسير العيّاشيّ ٢ / ١٤٠ ح ٩ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٥٥.

١٨٤

واحدة كما يجتمع قزع الخريف ، قال : وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام (١).

٣٣٩ ـ قال شرف الدّين النجفيّ : ويؤيّده ما رواه محمّد بن جمهور ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، قال : روى بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) قال : العذاب هو القائم عليه‌السلام ، وهو عذاب على أعدائه ، والأمّة المعدودة هم الّذين يقومون معه بعدد أهل بدر (٢).

٣٤٠ ـ عليّ بن إبراهيم : في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) قال : قال إن متّعناهم في هذه الدنيا إلى خروج القائم عليه‌السلام ، فنردّهم ونعذّبهم (لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ) أن يقولوا : لم لا يقوم القائم عليه‌السلام ولا يخرج ، على حدّ الاستهزاء ، فقال الله : (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)(٣).

الآية الثانية قوله تعالى : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)(٤).

من علامات الظهور النداء من السماء

٣٤١ ـ روى الحميريّ بإسناده عن الحسن بن محبوب ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : لا بدّ من فتنة صماء صيلم تظهر فيها كلّ بطانة ووليجة ، وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي ، يبكي عليه أهل السماء وأهل الأرض ، ثمّ قال من بعد كلام طويل : كأنّي بهم شرّ ما كانوا وقد نودوا ثلاثة أصوات : الصوت الاول أزفت الآزفة يا معشر المؤمنين ، والصوت الثاني : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) ، والثالث : بدن يظهر فيرى في قرن الشمس يقول : إنّ الله قد بعث فلانا فاسمعوا وأطيعوا (٥).

الآية الثالثة قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ)(٦).

__________________

(١) تفسير مجمع البيان ٥ / ١٤٤ ، ذيل الآية.

(٢) تأويل الآيات الظاهرة ١ / ٢٢٣ ح ٣ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٥٨.

(٣) تفسير القمّي ١ / ٣٣٢ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٤٤.

(٤) هود : ١٨.

(٥) إثبات الوصيّة ٢٢٧ ؛ الغيبة للنعمانيّ ١٨٠ ح ٢٨.

(٦) هود : ٢٥.

١٨٥

شبه غيبة المهديّ عليه‌السلام بغيبة نوح عليه‌السلام

٣٤٢ ـ روى الشيخ الصدوق رحمه‌الله ، بإسناده عن عبد الله بن الفضل الهاشميّ ، قال : قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما‌السلام : لمّا أظهر الله تبارك وتعالى نبوّة نوح عليه‌السلام وأيقن الشيعة بالفرج ، اشتدّت البلوى وعظمت الفرية إلى أن آل الأمر إلى شدّة شديدة نالت الشيعة والوثوب على نوح بالضرب المبرّح ، حتّى مكث عليه‌السلام في بعض الأوقات مغشيّا عليه ثلاثة أيّام يجري الدم من أذنه ثمّ أفاق ، وذلك بعد ثلاثمائة سنة من مبعثه ، وهو في خلال ذلك يدعوهم ليلا ونهارا فيهربون ، ويدعوهم سرّا فلا يجيبون ، ويدعوهم علانية فيولّون ، فهمّ بعد ثلاثمائة سنة بالدعاء عليهم ، وجلس بعد صلاة الفجر للدعاء ، فهبط إليه وفد من السماء السابعة ، وهم ثلاثة أملاك فسلّموا عليه ، ثمّ قالوا له : يا نبيّ الله لنا حاجة ، قال : وما هي؟

قالوا : تؤخّر الدعاء على قومك ، فإنّها أوّل سطوة لله عزوجل في الأرض ، قال : قد أخّرت الدعاء عليهم ثلاثمائة سنة اخرى ، وعاد إليهم فصنع ما كان يصنع ، ويفعلون ما كانوا يفعلون ، حتّى إذا انقضت ثلاثمائة سنة أخرى ويئس من إيمانهم ، جلس في وقت ضحى النهار للدعاء فهبط عليه وفد من السماء السادسة وهم ثلاثة أملاك ، فسلّموا عليه ، وقالوا : نحن وفد من السماء السادسة ، خرجنا بكرة وجئناك ضحوة ، ثمّ سألوه مثل ما سأله وفد السماء السابعة ، فأجابهم إلى مثل ما أجاب اولئك إليه ، وعاد عليه‌السلام إلى قومه يدعوهم ، فلا يزيدهم دعاؤه إلّا فرارا ، حتّى انقضت ثلاثمائة سنة تتمّة تسعمائة سنة ، فصارت إليه الشيعة وشكوا ما ينالهم من العامة والطواغيت وسألوه الدعاء بالفرج ، فأجابهم إلى ذلك وصلّى ودعا ، فهبط جبرئيل عليه‌السلام فقال له : إنّ الله تبارك وتعالى أجاب دعوتك ، فقل للشيعة : يأكلوا التمر ويغرسوا النوى ويراعوه حتّى يثمر ، فإذا أثمر فرّجت عنهم ، فحمد الله وأثنى عليه وعرّفهم ذلك ، فاستبشروا به ، فأكلوا التمر وغرسوا النوى وراعوه حتّى أثمر ، ثمّ صاروا إلى نوح عليه‌السلام بالتمر ، وسألوه أن ينجز لهم الوعد ، فسأل الله عزوجل في ذلك ، فأوحى الله إليه : قل لهم : كلوا هذا التمر واغرسوا النوى ، فإذا أثمر فرّجت عنكم! فلمّا ظنّوا أن الخلف قد وقع عليهم ، ارتدّ منهم الثلث وثبت الثلثان ، فأكلوا

١٨٦

التمر وغرسوا النوى ، حتّى إذا أثمر أتوا به نوحا عليه‌السلام فأخبروه وسألوه أن ينجز لهم الوعد ، فسأل الله عزوجل في ذلك ، فأوحى الله إليه : قل لهم : كلوا هذا التمر واغرسوا النوى ، فارتدّ الثلث الآخر وبقي الثلث ، فأكلوا التمر وغرسوا النوى ، فلمّا أثمر أتوا به نوحا عليه‌السلام ثمّ قالوا له : لم يبق منّا إلّا القليل ونحن نتخوّف على أنفسنا بتأخّر الفرج أن نهلك ، فصلّى نوح عليه‌السلام ثمّ قال : يا ربّ لم يبق من أصحابي إلّا هذه العصابة ، وإنّي أخاف عليهم الهلاك إن تأخّر عنهم الفرج ، فأوحى الله عزوجل إليه : قد أجبت دعاءك فاصنع الفلك ، وكان بين إجابة الدعاء وبين الطوفان خمسون سنة (١).

الآية الرابعة قوله تعالى : (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ).

٣٤٣ ـ العيّاشيّ ، بإسناده عن صالح بن سعيد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قول الله : (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ)(٢) قال : قوة : القائم عليه‌السلام ، والركن الشديد : الثلاثمائة وثلاثة عشر أصحابه (٣).

٣٤٤ ـ الشّيخ الصدوق بإسناده عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ما كان قول لوط عليه‌السلام لقومه : (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) إلّا تمنّيا لقوّة القائم عليه‌السلام ، ولا الركن ذكر إلّا شدّة أصحابه ، فإنّ الرجل منهم ليعطى قوّة أربعين رجلا ، وإنّ قلبه لأشدّ من زبر الحديد ، ولو مرّوا بجبال الحديد لتدكدكت ، ولا يكفّون سيوفهم حتّى يرضى الله عزوجل (٤).

٣٤٥ ـ عليّ بن إبراهيم ، بإسناده عن صالح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : في قوله : (قُوَّةً) قال : القوّة القائم عليه‌السلام ، والركن الشديد ثلاثمائة وثلاثة عشر.

قال عليّ بن إبراهيم :

فقال جبرئيل ، لو علم ما له من القوة؟! فقال : من أنتم؟ فقال جبرئيل :

أنا جبرئيل ، فقال لوط : بما ذا أمرت؟ قال : بهلاكهم ، فسأله : الساعة؟

__________________

(١) كمال الدّين ١ / ١٣٣ و ١٣٤ ح ٢.

(٢) هود : ٨٠.

(٣) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢٥٦ ح ٥٥ ؛ بحار الأنوار ١٢ / ١٥٨.

(٤) كمال الدّين ٢ / ٦٧٣ ح ٢٦.

١٨٧

قال : (مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) فكسروا الباب ودخلوا البيت ، فضرب جبرئيل بجناحه على وجوههم فطمسها ، وهو قول الله عزوجل : (وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ)(١).

الآية الخامسة قول الله عزوجل : (بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(٢).

المهديّ عليه‌السلام بقيّة الله في الأرض

٣٤٦ ـ روى الشيخ الصدوق أعلى الله مقامه ، بإسناده عن محمّد بن مسلم الثقفيّ ، قال : سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه‌السلام يقول : القائم منا منصور بالرعب ، مؤيّد بالنصر ، تطوى له الأرض ، وتظهر له الكنوز ، يبلغ سلطانه المشرق والمغرب ، ويظهر الله عزوجل به دينه على الدّين كلّه ولو كره المشركون ، فلا يبقى في الأرض خراب إلّا قد عمر ، وينزل روح الله عيسى ابن مريم عليه‌السلام فيصلّي خلفه ، قال : قلت : يا ابن رسول الله متى يخرج قائمكم؟

قال : إذا تشبّه الرجال بالنساء ، والنساء بالرجال ، واكتفى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، وركب ذوات الفروج السروج ، وقبلت شهادات الزور ، وردّت شهادات العدول ، واستخفّ الناس بالدماء وارتكاب الزنا وأكل الربا ، واتّقي الأشرار مخافة ألسنتهم ، وخروج السفيانيّ من الشام ، واليمانيّ من اليمن ، وخسف بالبيداء ، وقتل غلام من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله بين الركن والمقام ، اسمه محمّد ابن الحسن النفس الزكيّة ، وجاءت صيحة من السماء بأنّ الحقّ فيه وفي شيعته ، فعند ذلك خروج قائمنا.

فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة ، واجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، وأوّل ما ينطق به هذه الآية : (بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ثمّ يقول : أنا بقيّة الله في أرضه ، وخليفته وحجّته عليكم ، فلا يسلّم عليه مسلّم إلّا قال : السلام عليك يا بقيّة الله في أرضه.

فإذا اجتمع إليه العقد ، وهو عشرة آلاف رجل ، خرج ، فلا يبقى في الأرض معبود دون الله عزوجل من صنم ووثن وغيره إلّا وقعت فيه نار فاحترق ، وذلك بعد غيبة طويلة ،

__________________

(١) تفسير القمّيّ ١ / ٣٣٦.

(٢) هود : ٨٦.

١٨٨

ليعلم الله من يطيعه بالغيب ويؤمن به (١).

٣٤٧ ـ روى فرات الكوفي معنعنا عن عمر بن ذاهب ، قال : قال رجل لجعفر بن محمّد عليه‌السلام : نسلّم على القائم بإمرة المؤمنين؟ قال : لا ، ذلك اسم سمّاه الله به أمير المؤمنين ، لا يسمّى به أحد قبله ولا بعده إلّا كافر ، قال : كيف نسلّم عليه؟ قال : تقول : السلام عليك يا بقيّة الله ، قال : ثمّ قرأ جعفر : (بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(٢).

٣٤٨ ـ وروى الصدوق رحمه‌الله ، بإسناده إلى أحمد بن اسحاق قال : دخلت على العسكري عليه‌السلام أريد أن أسأله عن الخلف من بعده ، فابتدأني : إنّ الله لا يخلي الأرض منذ خلق آدم عليه‌السلام ولا يخلها إلى أن تقوم الساعة من حجّة له على خلقه. قلت : ومن الخليفة بعدك؟ فأسرع ودخل البيت ، وخرج وعلى عاتقه غلام وقال : لو لا كرامتك على الله وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا ، إنّه سمّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكنيّه ، مثله في هذه الأمّة كالخضر وذي القرنين ، ليغيبنّ غيبة لا ينجو من الهلكة فيها إلّا من ثبّته الله على القول بإمامته ، ووفّقه الدعاء بتعجيل فرجه ، ويرجع من هذا الأمر أكثر القائلين به ، هذا سرّ الله فخذ واكتمه ، وكن من الشاكرين ، تكن معنا في علّيين. فقلت : هل من علامة؟ فنطق الغلام فقال : أنا بقية الله في أرضه والمنتقم من أعدائه (٣).

٣٤٩ ـ وروى الشيخ الصدوق رحمه‌الله بإسناده عن الصقر بن أبي دلف ، قال : لمّا حمل المتوكل سيّدنا أبا الحسن عليه‌السلام ، جئت لأسأل عن خبره ، قال :

فنظر إليّ حاجب المتوكل ، فأمر أن أدخل إليه ، فأدخلت إليه ، فقال :

يا صقر ما شأنك؟ قلت : خير أيّها الأستاذ ، فقال : اقعد ، قال صقر : فأخذني ما تقدّم وما تأخّر ، وقلت : أخطأت في المجيء ، قال : فوحى الناس عنده ثمّ قال : ما شأنك وفيم جئت؟ قلت : لخبر ما ، قال : لعلّك جئت تسأل عن خبر مولاك؟ فقلت له : ومن مولاي؟ مولاي أمير المؤمنين ، فقال : اسكت ، مولاك هو الحقّ ، لا تحتشمني فإنّي على مذهبك ، فقلت : الحمد لله ، فقال : أتحبّ أن تراه؟ فقلت : نعم ، فقال : اجلس حتّى يخرج صاحب

__________________

(١) كمال الدّين ١ / ٣٣١ ح ١٦ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١٩١.

(٢) تفسير فرات ٦٣ ؛ بحار الأنوار ٢٤ / ٢١١.

(٣) الصراط المستقيم ٢ / ٢٣١ ـ ٢٣٢.

١٨٩

البريد ، قال : فجلست ، فلمّا خرج ، قال لغلام له : خذ بيد الصقر ، فأدخله إلى الحجرة الّتي فيها العلويّ المحبوس وخلّ بينه وبينه.

قال : فأدخلني الحجرة وأومأ إلى بيت ، فدخلت فإذا هو عليه‌السلام جالس على صدر حصير وبحذاه قبر محفور ، قال : فسلّمت ، فرد عليّ السلام ، ثمّ أمرني بالجلوس فجلست ، ثمّ قال لي : يا صقر ما أتى بك؟ قلت : يا سيّدي جئت أتعرّف خبرك. قال : ثمّ نظرت إلى القبر وبكيت ، فنظر إليّ وقال : يا صقر لا عليك لن يصلوا إلينا بسوء ، فقلت : الحمد لله ، ثمّ قلت : يا سيّدي حديث يروى عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لا أعرف معناه قال : فما هو؟ قلت : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تعادوا الأيّام فتعاديكم ، ما معناه؟ فقال :

نعم ، الأيّام نحن ، بنا قامت السموات والأرض ، فالسبت : اسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والأحد أمير المؤمنين ، والاثنين الحسن والحسين ، والثلاثاء عليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ الباقر وجعفر بن محمّد الصادق ، والأربعاء موسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمّد بن عليّ وأنا ، والخميس ابني الحسن ، والجمعة ابن ابني ، وإليه تجتمع عصابة الحقّ ، وهو الّذي يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، فهذا معنى الأيّام. ولا تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الآخرة ، ثمّ قال عليه‌السلام ودّع واخرج فلا آمن عليك (١).

وفي رواية ـ إثبات الوصية ـ والجمعة ابنه ، وعليه تجتمع هذه الأمّة ، ثمّ قرأ : بسم الله الرحمن الرحيم (بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ثمّ قال : نحن بقيّة الله (٢).

الآية السادسة قوله تعالى : (وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ)(٣).

٣٥٠ ـ روى العيّاشيّ بإسناده عن البزنطيّ ، قال : قال الرضا عليه‌السلام : ما أحسن الصبر وانتظار الفرج ، أما سمعت قول الله تعالى : (وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ) وقوله عزوجل : (فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ)(٤) فعليكم بالصبر ، فإنّه إنّما يجيء الفرج على اليأس ، فقد كان الّذين من قبلكم أصبر منكم (٥).

__________________

(١) كمال الدّين ٢ / ٣٨٢ ح ٩.

(٢) إثبات الوصيّة ٢٢٥.

(٣) هود : ٩٣.

(٤) الأعراف : ٧١ ؛ يونس ٢٠ و ١٠٢.

(٥) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢٠ ح ٥٢ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١٢٩.

١٩٠

٣٥١ ـ نهج البلاغة : من كلام لمولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام : الزموا الأرض ، واصبروا على البلاء ، ولا تحرّكوا بأيديكم وسيوفكم ، وهوى ألسنتكم ، ولا تستعجلوا بما لم يعجّله الله لكم ، فإنّه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة ربّه ، وحقّ رسوله وأهل بيته ، مات شهيدا أوقع أجره على الله واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله ، وقامت النيّة مقام إصلاته بسيفه ، فانّ لكلّ شيء مدّة وأجلا (١).

٣٥٢ ـ روى العيّاشيّ بإسناده عن محمّد بن الفضيل ، عن الرضا عليه‌السلام قال : سألته عن انتظار الفرج فقال : أو ليس تعلم أنّ انتظار الفرج من الفرج؟ ثمّ قال : إنّ الله تبارك وتعالى يقول : (وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ)(٢).

الآية السابعة قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ)(٣).

٣٥٣ ـ محمّد بن يعقوب بإسناده عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ) قال : اختلفوا كما اختلفت هذه الأمّة في الكتاب ، وسيختلفون في الكتاب الّذي مع القائم عليه‌السلام الّذي يأتيهم به ، حتّى ينكره ناس كثير ، فيقدّمهم فيضرب أعناقهم (٤).

__________________

(١) بحار الأنوار ٥٢ / ١٤٤.

(٢) تفسير العيّاشيّ ٢ / ١٥٩ ح ٦٢ ؛ بحار الأنوار ١٢ / ٣٧٩.

(٣) هود : ١١٠.

(٤) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٥١٠ ح ١٣ ؛ تفسير الصافي ٢ / ٤٧٤.

١٩١

سورة يوسف

الآية الاولى قوله تعالى : (يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ)(١).

فضل انتظار ظهور المهديّ عليه‌السلام

٣٥٤ ـ روى الشيخ الصدوق رحمه‌الله بإسناده عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : حدّثني أبي ، عن جدّي ، عن آبائه عليهم‌السلام أن أمير المؤمنين عليه‌السلام علم أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه ودنياه ، جاء فيها : انتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح الله ، فإنّ أحبّ الأعمال إلى الله عزوجل انتظار الفرج ما دام عليه العبد المؤمن ، والمنتظر لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل الله (٢).

الآية الثانية قوله تعالى : (قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ* قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)(٣).

__________________

(١) يوسف : ٨٧.

(٢) كمال الدّين ٢ / ٦٤٥ ح ٦ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١٢٣.

(٣) يوسف : ٨٩ و ٩٠.

١٩٢

شبه غيبة المهديّ عليه‌السلام بيوسف عليه‌السلام

٣٥٥ ـ وبالإسناد عن سدير ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إنّ في القائم سنّة من يوسف ، قلت : كأنّك تذكر حيرة أو غيبة.

قال لي : وما تنكر من هذا هذه الأمّة أشباه الخنازير؟!

إنّ إخوة يوسف كانوا أسباطا أولاد أنبياء تاجروا يوسف وبايعوه وخاطبوه وهم أخوته وهو أخوهم ، فلم يعرفوه حتّى قال لهم يوسف عليه‌السلام : أنا يوسف ، فما تنكر هذه الأمّة الملعونة أن يكون الله عزوجل في وقت من الاوقات يريد أن يستر حجّته ، لقد كان يوسف إليه ملك مصر ، وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما ، فلو أراد الله عزوجل أن يعرّف مكانه لقدر على ذلك ، والله لقد سار يعقوب وولده عند البشارة تسعة أيّام من بدوهم إلى مصر ، وما تنكر هذه الأمّة أن يكون الله يفعل بحجّته ما فعل بيوسف أن يكون يسير في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه حتّى يأذن الله عزوجل أن يعرّفهم نفسه ، كما أذن ليوسف حين قال : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ* قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي)(١).

٣٥٦ ـ وبالإسناد عن محمّد بن مسلم ، قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام وأنا أريد أن أسأله عن القائم من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال لي مبتدئا : يا محمّد بن مسلم ، إنّ في القائم من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله شبها من خمسة من الرسل : يونس بن متى ، ويوسف بن يعقوب ، وموسى ، وعيسى ، ومحمّد صلوات الله عليهم.

فأمّا شبهه من يونس ، فرجوعه من غيبته وهو شابّ بعد كبر السن. وأمّا شبهه من يوسف بن يعقوب ، فالغيبة من خاصّته وعامّته واختفاؤه من إخوته وإشكال أمره على أبيه يعقوب عليه‌السلام مع قرب المسافة بينه وبين أبيه وأهله وشيعته.

وأمّا شبهه من موسى ، فدوام خوفه وطول غيبته وخفاء ولادته وتعب شيعته من بعده بما لقوا من الأذى والهوان إلى أن أذن الله عزوجل في ظهوره ونصره ، وأيّده على عدوّه.

وأمّا شبهه من عيسى فاختلاف من اختلف فيه ، حتّى قالت طائفة منهم : ما ولد ،

__________________

(١) كمال الدّين ١ / ١٤٤ ح ١١ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ١٤٢.

١٩٣

وقالت طائفة : مات ، وقالت طائفة : قتل وصلب.

وأمّا شبهه من جدّه المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فخروجه بالسيف وقتله أعداء الله وأعداء رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله والجبّارين والطواغيت ، وأنّه ينصر بالسيف والرعب ، وأنّه لا تردّ له راية ، وأنّ من علامات خروجه خروج السفيانيّ من الشام ، وخروج اليمانيّ ، وصيحة من السماء في شهر رمضان ، ومناد ينادي باسمه واسم أبيه (١).

٣٥٧ ـ وبالإسناد عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : في صاحب الأمر سنّة من موسى وسنّة من عيسى وسنّة من يوسف وسنّة من محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ فأمّا من موسى فخائف يترقّب ، وأمّا من عيسى فيقال فيه ما قيل في عيسى ، وأمّا من يوسف فالسجن والتقيّة ، وأمّا من محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله فالقيام بسيرته وتبيين آثاره ، ثمّ يضع سيفه على عاتقه ثمانية أشهر ، ولا يزال يقتل أعداء الله حتّى يرضى الله ، قلت : وكيف يعلم أنّ الله عزوجل قد رضي؟ قال : يلقي الله عزوجل في قلبه الرحمة (٢).

٣٥٨ ـ وبالإسناد عن ضريس الكناسيّ ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إنّ صاحب هذا الأمر فيه سنّة من يوسف : ابن أمة سوداء ، يصلح الله أمره في ليلة واحدة (٣).

٣٥٩ ـ وعن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : في القائم سنّة من موسى بن عمران عليه‌السلام ، فقلت : وما سنّة موسى بن عمران؟ قال : خفاء مولده وغيبته عن قومه ، فقلت : كم غاب موسى عن أهله وقومه؟ قال : ثماني وعشرين سنة (٤).

٣٦٠ ـ وبالإسناد عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : في صاحب هذا الأمر أربع سنن من أربعة أنبياء : سنّة من موسى ، وسنّة من عيسى ، وسنّة من يوسف ، وسنّة من محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

فأمّا من موسى فخائف يترقّب ، وأمّا من يوسف فالسجن ، وأمّا من عيسى فيقال : إنّه مات ، ولم يمت ، وأمّا من محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله فالسيف (٥).

__________________

(١) بحار الأنوار ٥١ / ٢١٧.

(٢) بحار الأنوار ٥١ / ٢١٨.

(٣) بحار الأنوار ٥١ / ٢١٨.

(٤) بحار الأنوار ٥١ / ٢١٦.

(٥) الإمامة والتبصرة لعليّ بن بابويه ٩٣ ـ ٩٤ ب ٢٣ ح ٨٤.

١٩٤

٣٦١ ـ وبالإسناد عن سعيد بن جبير ، قال : سمعت سيّد العابدين عليّ بن الحسين عليه‌السلام يقول : في القائم منّا سنن من سنن الأنبياء عليهم‌السلام : سنّة من آدم ، وسنّة من نوح ، وسنّة من إبراهيم ، وسنّة من موسى ، وسنّة من عيسى ، وسنّة من أيّوب ، وسنّة من محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ فأمّا من آدم ومن نوح فطول العمر ، وأمّا من إبراهيم فخفاء الولادة واعتزال الناس ، وأمّا من موسى فالخوف والغيبة ، وأمّا من عيسى فاختلاف الناس فيه ، وأمّا من أيّوب فالفرج بعد البلوى ، وأمّا من محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله فالخروج بالسيف (١).

٣٦٢ ـ أبو بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : في القائم شبه من يوسف ، قلت وما هو؟ قال : الحيرة والغيبة (٢).

٣٦٣ ـ النعمانيّ بإسناده عن يزيد الكناسيّ ، قال : سمعت أبا جعفر الباقر عليه‌السلام يقول : إنّ صاحب هذا الأمر فيه شبه من يوسف ، ابن أمة سوداء ، يصلح الله له أمره في ليلة (٣).

٣٦٤ ـ روى الشيخ الصدوق بإسناده عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قدم أعرابيّ على يوسف ليشتري منه طعاما فباعه ، فلمّا فرغ قال له يوسف : أين منزلك؟ قال له : بموضع كذا وكذا ، قال : فقال له : فإذا مررت بوادي كذا وكذا ، فقف فناد : يا يعقوب! يا يعقوب! فإنّه سيخرج إليك رجل عظيم جميل جسيم وسيم ، فقل له : لقيت رجلا بمصر وهو يقرئك السلام ويقول لك : إنّ وديعتك عند الله عزوجل لن تضيع ، قال : فمضى الأعرابي حتّى انتهى إلى الموضع ، فقال لغلمانه : احفظوا عليّ الإبل ، ثمّ نادى : يا يعقوب يا يعقوب! فخرج إليه رجل أعمى طويل جسيم جميل يتّقي الحائط بيده ، حتّى أقبل فقال له الرجل : أنت يعقوب؟ قال : نعم ، فأبلغه ما قال له يوسف ، قال : فسقط مغشيّا عليه ، ثمّ أفاق فقال : يا أعرابي ألك حاجة إلى الله عزوجل؟ فقال له : نعم إنّي رجل كثير المال ولي ابنة عمّ ليس يولد لي منها ، واحب أن تدعو الله أن يرزقني ولدا ، قال : فتوضّأ يعقوب وصلّى ركعتين ثمّ دعا الله عزوجل ، فرزق أربعة أبطن ، أو قال : ستّة أبطن ، في كلّ بطن اثنان. فكان يعقوب عليه‌السلام يعلم أنّ يوسف عليه‌السلام حيّ لم يمت ، وأنّ الله تعالى ذكره سيظهره له

__________________

(١) بحار الأنوار ٥١ / ٢١٧.

(٢) الغيبة للطوسيّ ١٠٣.

(٣) الغيبة للنعمانيّ ١٦٣ ح ٣ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٤١.

١٩٥

بعد غيبته ، وكان يقول لبنيه : (إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ). وكان أهله وأقرباؤه يفنّدونه على ذكره ليوسف ، حتّى أنّه لمّا وجد ريح يوسف قال : (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ* قالُوا تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ* فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ) (وهو يهودا ابنه وألقى قميص يوسف) (عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً* قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)(١).

الآية الثالثة قوله عزوجل : (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ)(٢).

٣٦٥ ـ روى الشيخ الصدوق رحمه‌الله عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سمعته يقول :

أتدري ما كان قميص يوسف عليه‌السلام؟ قال : قلت لا. قال : إنّ إبراهيم عليه‌السلام لمّا أوقدت له النار ، أتاه جبرئيل عليه‌السلام بثوب من ثياب الجنّة فألبسه إيّاه ، فلم يضرّه حرّ ولا برد ، فلمّا حضر إبراهيم الموت ، جعله في تميمة وعلّقه على إسحاق ، وعلّقه إسحاق على يعقوب ، فلمّا ولد يوسف علّقه عليه وكان في عضده حتّى كان من أمره ما كان ، فلمّا أخرجه يوسف بمصر من التميمة وجد يعقوب عليه‌السلام ريحه ، وهو قوله تعالى حكاية عنه : (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ). فهو ذلك القميص الّذي أنزل من الجنّة.

قلت : جعلت فداك فإلى من صار هذا القميص؟ قال : إلى أهله ، وهو مع قائمنا إذا خرج ، ثمّ قال : كلّ نبيّ ورث علما أو غيره فقد انتهى إلى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣).

٣٦٦ ـ ذكر العلّامة البيّاضيّ في صفة المهديّ عليه‌السلام قال : وفي رواية المفضّل : يخرج وعليه قميص يوسف ، فيشمّ المؤمنون رائحته شرقا وغربا ، وهو الّذي شمّ رائحته يعقوب في قوله : (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ)(٤).

الآية الرابعة قوله تعالى : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ)(٥).

__________________

(١) كمال الدّين ١ / ١٤١ ـ ١٤٢.

(٢) يوسف : ٩٤.

(٣) كمال الدّين ١ / ١٤٢ ـ ١٤٣ ح ١٠.

(٤) الصراط المستقيم ٢ / ٢٥٣.

(٥) يوسف : ١١٠.

١٩٦

ظهور المهديّ عليه‌السلام بعد اليأس

٣٦٧ ـ وبالإسناد عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : جاء رجل إلى أمير المؤمنين فشكا إليه طول دولة الجور ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : والله ما تأملون حتّى يهلك المبطلون ، ويضمحلّ الجاهلون ويأمن المتّقون وقليل ما يكون حتّى يكون لأحدكم موضع قدمه ، وحتّى يكونوا على الناس أهون من الميتة عند صاحبها. فبينا انتم كذلك ، إذ جاء نصر الله والفتح ، وهو قوله عزوجل في كتابه : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا)(١).

__________________

(١) دلائل الإمامة ٢٥١ ؛ المحجّة ١٠٧.

١٩٧

سورة الرعد

الآية الاولى قوله تعالى : (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ)(١).

٣٦٨ ـ روى العيّاشيّ بإسناده عن حنان بن سدير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : سمعته يقول في قول الله تبارك وتعالى : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا المنذر وعليّ الهادي ، وكلّ إمام هاد للقرن الّذي هو فيه (٢).

٣٦٩ ـ روى الصفّار رحمه‌الله من كتاب لخطب أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ثمّ ذكر الخطبة بطولها ، جاء فيها : أيّها الناس سلوني قبل أن تفقدوني ، لأنا أعرف بطرق السماء أعلم من العالم بطرق الأرض ، أنا يعسوب المؤمنين وغاية السابقين ولسان المتّقين وخاتم الوصيّين ووارث النبيّين وخليفة ربّ العالمين ، أنا قسيم النار وخازن الجنان صاحب الحوض وصاحب الأعراف ، فليس منّا أهل البيت إمام إلّا وهو عارف بجميع أهل ولايته ، ذلك قول الله تبارك وتعالى : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ)(٣).

٣٧٠ ـ روى القميّ بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال : المنذر رسول

__________________

(١) الرعد : ٧.

(٢) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢٠٤ ح ٧ ؛ بحار الأنوار ٢٣ / ٣.

(٣) مختصر بصائر الدرجات ١٩٨ ؛ تفسير الصافي ٣ / ٥٩.

١٩٨

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والهادي أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وبعده الأئمّة عليهم‌السلام وهو قوله : (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) أي في كلّ زمان إمام هاد مبين (١).

الآية الثانية قوله تعالى : (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ)(٢).

٣٧١ ـ محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في الغيبة ، بإسناده عن الأصبغ بن نباتة ، قال : سمعت عليّا عليه‌السلام يقول : إنّ بين يدي القائم عليه‌السلام سنين خدّاعة ، يكذب فيها الصادق ، ويصدق فيها الكاذب ، ويقرب فيها الماحل ، وفي حديث : وينطق فيها الرويبضة ، فقلت : وما الرويبضة وما الماحل؟ قال : أو ما تقرءون القرآن قوله : (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) قال : يريد المكر ، فقلت : وما الماحل؟ قال : يريد المكّار (٣).

الآية الثالثة قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ)(٤).

طوبى للمؤمنين بالمهديّ عليه‌السلام في غيبته

٣٧٢ ـ الشّيخ الصدوق ، بإسناده عن أبي بصير ، قال : قال الصادق عليه‌السلام : طوبى لمن تمسّك بأمرنا في غيبة قائمنا ، فلم يزغ قلبه بعد الهداية ، فقلت له : جعلت فداك ، وما طوبى؟ قال : شجرة في الجنة ، أصلها في دار عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، وليس من مؤمن إلّا وفي داره غصن من أغصانها ، وذلك قول الله عزوجل : (طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ)(٥).

٣٧٣ ـ عن رفاعة ابن موسى ، ومعاوية بن وهب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو مقتد به قبل قيامه ، يتولّى وليه ، ويتبرّأ من عدوّه ، ويتولّى الأئمّة الهادية من قبله ، اولئك رفقائي وذوو ودّي ومودّتي ، وأكرم أمّتي عليّ ، قال رفاعة : وأكرم خلق الله عليّ (٦).

٣٧٤ ـ وبالإسناد عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنّه قال : يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم ، فيا طوبى للثابتين على أمرنا في ذلك الزمان ، إنّ أدنى ما يكون لهم من

__________________

(١) تفسير القمّي ١ / ٣٥٩ تفسير البرهان ٢ / ٢٨١.

(٢) الرعد : ١٣.

(٣) تفسير النعمانيّ ٢٧٨ ح ٦٢ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٢٤٥.

(٤) الرعد : ٢٩.

(٥) كمال الدّين ٢ / ٣٥٨ ح ٥٥ ؛ معاني الأخبار ١١٢ ح ١.

(٦) كمال الدّين ٢ / ٣٥٨ ح ٥٥.

١٩٩

الثواب أن يناديهم الباري عزوجل : عبادي آمنتم بسرّي ، وصدّقتم بغيبي ، فأبشروا بحسن الثواب منّي ، فأنتم عبادي وإمائي حقّا ، منكم أتقبّل ، وعنكم أعفو ، ولكم أغفر ، وبكم أسقي عبادي الغيث ، وأدفع عنهم البلاء ، ولولاكم لأنزلت عليهم عذابي ، قال جابر :

فقلت : يا ابن رسول الله فما افضل ما يستعمله المؤمن في ذلك الزمان؟

قال : حفظ اللسان ولزوم البيت! (١)

٣٧٥ ـ روى الشيخ الصدوق رحمه‌الله بإسناده عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو يأتمّ به في غيبته قبل قيامه ، ويتولّى أولياءه ويعادي أعداءه ، ذلك من رفقائي وذوي مودّتي ، وأكرم أمّتي عليّ يوم القيامة (٢).

٣٧٦ ـ روى النعمانيّ بإسناده عن عبيد الله بن العلاء ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليهما‌السلام ، أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام حدّث عن أشياء تكون بعده إلى قيام القائم ، فقال الحسين عليه‌السلام : يا امير المؤمنين متى يطهّر الله الأرض من الظالمين؟ فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا يطهّر الله الأرض من الظالمين حتّى يسفك الدم الحرام ـ ثمّ ذكر أمر بني أميّة وبني العباس في حديث طويل ـ ثمّ قال : إذا قام القائم بخراسان ، وغلب على أرض كوفان وملتان ، وجاز جزيرة بني كوان ، وقام منّا قائم بجيلان وأجابته الآبر والديلمان ، وظهرت لولدي رايات الترك متفرّقات في الأقطار والجنبات ، وكانوا بين هنات وهنات ، إذا خربت البصرة ، وقام أمير الأمرة بمصر ـ فحكى عليه‌السلام حكاية طويلة ـ ثمّ قال : إذا جهّزت الألوف وصفّت الصفوف وقتل الكبش الخروف ، هناك يقوم الآخر ، ويثور الثائر ، ويهلك الكافر ، ثمّ يقوم القائم المأمول ، والإمام المجهول ، له الشرف والفضل ، وهو من ولدك يا حسين ، لا ابن مثله يظهر بين الركنين ، في دريسين باليين ، يظهر على الثقلين ، ولا يترك في الأرض دمين ، طوبى لمن أدرك زمانه ولحق أوانه ، وشهد أيّامه (٣).

٣٧٧ ـ روى النوري قال : وأخرج أبو محمّد الفضل بن شاذان النيسابوريّ المتوفّى في حياة أبي محمّد العسكريّ والد الحجّة عليهما‌السلام في كتابه في الغيبة ، بإسناده عن الحسن بن

__________________

(١) نفس المصدر ١ / ٣٣٠ ح ١٥ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١٤٥.

(٢) نفس المصدر ١ / ٢٨٦ ح ٢ و ٣.

(٣) الغيبة للنعمانيّ ٢٧٤ ح ٥٥ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٢٣٥.

٢٠٠