الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

سعيد أبو معاش

الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

المؤلف:

سعيد أبو معاش


المحقق: عبدالرحيم مبارك
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ٣
ISBN: 978-964-444-775-4
الصفحات: ٦٠٣

عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(١).

المهديّ عليه‌السلام يضع الأغلال والآصار عن المؤمنين

٢٢٦ ـ روى ثقة الإسلام الكلينيّ رحمه‌الله ، بإسناده عن أبي عبيدة الحذّاء ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الاستطاعة وقول الناس ، قال : وتلا هذه الآية : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ* إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ)(٢) يا أبا عبيدة ، الناس مختلفون في إصابة القول ، وكلّهم هالك. قال : قلت : قوله : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) قال عليه‌السلام : هم شيعتنا ، ولرحمته خلقهم وهو قوله : (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) يقول عزوجل لطاعة الإمام الرحمة الّتي يقول : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) يقول : علم الامام ووسع علمه الّذي هو من علمه : (كُلَّ شَيْءٍ) هو شيعتنا ، ثمّ قال : (فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) يعني ولاية الامام وطاعته ، ثمّ قال : (يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) يعني النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والوصيّ ، والقائم عليهما‌السلام : (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) إذا قام و (يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ) والمنكر من أنكر فضل الإمام وجحده ، (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ) أخذ العلم من أهله (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) والخبائث قول من خالف ، (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ) وهي الذنوب الّتي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الإمام (وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) والأغلال ما كانوا يقولون ممّا لم يكونوا أمروا به من ترك فضل الإمام ، فلمّا عرفوا فضل الإمام وضع عنهم إصرهم ، والإصر : الذنب وهي الآصار.

ثمّ نسبهم فقال : (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ) يعني بالامام (وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) يعني الّذين اجتنبوا الجبت والطاغوت أن يعبدوها ، والجبت والطاغوت : فلان وفلان ، والعبادة : طاعة الناس لهم ، ثمّ قال : وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل ، ثمّ جزاهم ، فقال : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) والامام يبشّرهم بقيام القائم عليه‌السلام وبظهوره وبقتل اعدائهم وبالنجاة في الآخرة والورود على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) الأعراف : ١٥٧.

(٢) هود : ١١٨ و ١١٩.

١٤١

والصادقين على الحوض (١).

الآية العاشرة قوله تعالى : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)(٢).

٢٢٧ ـ روى أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ في كتابه ، بإسناده عن المفضّل بن عمر ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إذا ظهر القائم عليه‌السلام من ظهر هذا البيت ، بعث الله معه سبعة وعشرين رجلا ، منهم أربعة عشر رجلا من قوم موسى ، وهم الّذين قال الله تعالى : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) وأصحاب الكهف سبعة ، والمقداد ، وجابر الانصاري ، ومؤمن آل فرعون ، ويوشع بن نون وصيّ موسى (٣).

٢٢٨ ـ وروى ابن الفارسيّ في كتابه : قال : قال الصادق عليه‌السلام : يخرج للقائم عليه‌السلام من ظهر الكعبة سبعة وعشرون رجلا ، خمسة عشر من قوم موسى الّذين كانوا يهدون بالحقّ وبه يعدلون ، وسبعة من أصحاب الكهف ، ويوشع بن نون ، وسلمان ، وأبو دجانة الأنصاريّ ، والمقداد بن الأسود ، ومالك الأشتر ، فيكونون بين يديه أنصارا وحكّاما (٤).

٢٢٩ ـ والّذي رواه العيّاشيّ في تفسيره : بإسناده عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا قام قائم آل محمّد عليه‌السلام استخرج من ظهر الكعبة سبعة وعشرين رجلا ، خمسة عشر من قوم موسى الّذين يقضون بالحقّ وبه يعدلون ، وسبعة من أصحاب الكهف ، ويوشع وصيّ موسى ، ومؤمن آل فرعون ، وسلمان الفارسيّ ، وأبا دجانة الأنصاريّ ، ومالك الأشتر (٥).

الآية الحادية عشر قوله تعالى (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ)(٦).

٢٣٠ ـ روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدس‌سره بإسناده عن بكير بن أعين ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : لأيّ علّة وضع الحجر في الركن الّذي هو فيه ولم يوضع في غيره ، ولايّ

__________________

(١) الكافي ١ / ٤٢٩ ح ٨٣ ؛ وسائل الشيعة ١٨ / ٤٥ ب ٧ ح ١٦.

(٢) الأعراف : ١٥٩.

(٣) دلائل الإمامة ٢٤٧ ؛ المحجّة ٢٠ ، ٧٦ و ٧٧.

(٤) روضة الواعظين ٢٢٨.

(٥) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٣٢ خ ٩٠ ؛ إعلام الورى ٤٣٣.

(٦) الأعراف : ١٧٢.

١٤٢

علّة يقبّل ، ولأيّ علّة أخرج من الجنّة؟ ولأيّ علّة وضع الميثاق والعهد فيه ولم يوضع في غيره؟ وكيف السبب في ذلك؟ تخبرني جعلني الله فداك ، فإنّ تفكري فيه لعجب. قال : فقال : سألت وأعضلت في المسألة واستقصيت فافهم الجواب ، وفرّغ قلبك وأصغ سمعك ، أخبرك إن شاء الله.

إنّ الله تبارك وتعالى وضع الحجر الاسود ، وهي جوهرة أخرجت من الجنّة إلى آدم عليه‌السلام ، فوضعت في ذلك الركن لعلّة الميثاق ، وذلك انّه لمّا أخذ من بني آدم من ظهورهم ذريّتهم حين أخذ الله عليهم الميثاق في ذلك المكان ، وفي ذلك المكان تراءى لهم ، ومن ذلك المكان يهبط الطير على القائم عليه‌السلام ، فأوّل من يبايعه ذلك الطائر ، وهو والله جبرئيل عليه‌السلام ، وإلى ذلك المقام يسند القائم ظهره ، وهو الحجّة والدليل على القائم ، وهو الشاهد لمن وافاه في ذلك المكان ، والشاهد على من أدّى الميثاق والعهد الّذي أخذ الله عزوجل على العباد (١).

الآية الثانية عشرة قوله تعالى : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)(٢).

المهديّ عليه‌السلام هو الهادي إلى الحقّ والشاهد على الناس

٢٣١ ـ روى ابن شهرآشوب عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) قال : هم الأئمّة ، وإنّ الله تعالى جعل على عهدة الأمّة شهداء قال : وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم ، وقال في النبيّ : (لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ) ، وفي عليّ عليه‌السلام : (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) ، وفي الأئمّة : وتكونوا شهداء ، آل محمد يكونون شهداء على الناس بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣).

الآية الثالثة عشرة قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌ

__________________

(١) الكافي ٤ / ١٨٤ ح ٣ ؛ علل الشرائع ٤٩٢ ب ١٦٤ ح ١.

(٢) الأعراف : ١٨١.

(٣) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٤ / ٤٠٠.

١٤٣

عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)(١).

مثل القائم عليه‌السلام كمثل الساعة

٢٣٢ ـ روى الشيخ الصدوق أعلى الله مقامه بإسناده عن عبد السلام بن صالح الهرويّ ، قال : سمعت دعبل بن عليّ الخزاعيّ يقول : أنشدت مولاي الرضا عليّ بن موسى عليهما‌السلام قصيدتي الّتي أوّلها :

مدارس آيات خلت من تلاوة

ومنزل وحي مقفر العرصات

فلمّا انتهيت إلى قولي :

خروج إمام لا محالة خارج

يقوم على اسم الله بالبركات

يميّز فينا كلّ حق وباطل

ويجزي على النعماء والنقمات

بكى الرضا عليه‌السلام بكاء شديدا ، ثمّ رفع رأسه إليّ فقال ليّ : يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين ، فهل تدري من هذا الإمام ومتى يقوم؟ ... (إلى أن قال) : وأمّا متى فإخبار عن الوقت ، فقد حدّثني أبي ، عن آبائه عليهم‌السلام ، أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قيل له : يا رسول الله ، متى يخرج القائم من ذريتك؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : مثله مثل الساعة الّتي (لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً)(٢).

٢٣٣ ـ روى أبو المفضل الشيبانيّ ، بإسناده عن الكميت بن أبي المستهلّ ، قال : دخلت على سيّدي أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهما‌السلام فقلت : يا ابن رسول الله ، إنّي قد قلت فيكم ابياتا ، أفتأذن لي في انشادها؟ فقال : إنّها أيّام البيض ، قلت : فهو فيكم خاصّة ، قال : هات ، فأنشأت اقول :

أضحكني الدهر وأبكاني

والدهر ذو صرف وألوان

لتسعة بالطفّ قد غودروا

صاروا جميعا رهن أكفان

فبكى عليه‌السلام وبكى أبو عبد الله عليه‌السلام ، وسمعت جارية تبكي من وراء الخباء ، فلمّا بلغت

__________________

(١) الأعراف : ١٨٧.

(٢) عيون أخبار الرضا ٢ / ٢٦٥ ح ٣٥ ؛ كمال الدّين ٢ / ٣٧٢ ح ٦.

١٤٤

إلى قولي :

وستّة لا يتجازى بهم

بنو عقيل خير فرسان

ثمّ عليّ الخير مولاهم

ذكرهم هيّج أحزاني

فبكى ثمّ قال عليه‌السلام : ما من رجل ذكرنا أو ذكرنا عنده يخرج من عينيه ماء ولو مثل جناح البعوضة ، إلّا بنى الله له بيتا في الجنة ، وجعل ذلك الدمع حجابا بينه وبين النار ، فلمّا بلغت إلى قولي :

من كان مسرورا بما مسّكم

أو شامتا يوما من الآن؟

فقد ذللتم بعد عزّ فما

أدفع ضيما حين يغشاني

أخذ بيدي ثمّ قال : اللهم اغفر للكميت ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ، فلمّا بلغت إلى قولي :

متى يقوم الحقّ فيكم متى

يقوم مهديّكم الثاني؟

قال : سريعا إن شاء الله سريعا ، ثمّ قال : يا أبا المستهلّ إنّ قائمنا هو التاسع من ولد الحسين عليه‌السلام لأنّ الأئمّة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اثنا عشر ، الثاني عشر هو القائم عليه‌السلام. قلت : يا سيّدي فمن هؤلاء الاثنا عشر؟ قال : أوّلهم عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، وبعده الحسن والحسين عليهما‌السلام ، وبعد الحسين عليّ بن الحسين عليه‌السلام وأنا ، ثمّ بعدي هذا ـ ووضع يده على كتف جعفر ... قلت : فمن بعد هذا؟ قال : ابنه موسى ، وبعد موسى ابنه عليّ ، وبعد عليّ ابنه محمّد ، وبعد محمّد ابنه عليّ ، وبعد عليّ ابنه الحسن ، وهو أبو القائم الّذي يخرج فيملأ الدنيا قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، ويشفي صدور شيعتنا. قلت : فمتى يخرج يا ابن رسول الله؟ قال : لقد سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذلك ، فقال : إنّما مثله كمثل الساعة (لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً)(١).

٢٣٤ ـ روى بالإسناد عن أحمد بن محمّد بن المنذر بن الجيفر ، قال : قال الحسن بن عليّ صلوات الله عليهما : سألت جدّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الأئمّة بعده ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله الائمّة بعدي عدد نقباء بني إسرائيل : اثنا عشر ، أعطاهم الله علمي وفهمي ، وأنت منهم يا حسن.

__________________

(١) كفاية الأثر ٢٤٨ ـ ٢٥٠.

١٤٥

قلت : يا رسول الله فمتى يخرج قائمنا أهل البيت؟ قال : إنّما مثله كمثل الساعة (ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً)(١).

النهي عن التوقيت

٢٣٥ ـ روى النعمانيّ بإسناده عن محمّد بن مسلم ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا محمّد ، من أخبرك عنا توقيتا فلا تهابنّ أن تكذّبه ، فإنّا لا نوقّت لأحد وقتا (٢).

٢٣٦ ـ روى الفضل بن شاذان بإسناده عن منذر الجوّاز ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : كذب الموقّتون ، ما وقّتنا فيما مضى ، ولا نوقّت فيما يستقبل (٣).

٢٣٧ ـ روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال :

سألته عن القائم عليه‌السلام فقال : كذب الوقّاتون ، إنّا أهل بيت لا نوقّت (٤).

٢٣٨ ـ وروى ثقة الإسلام بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام ، إذ دخل عليه مهزم فقال له : جعلت فداك ، أخبرني عن هذا الأمر الّذي ننتظر ، متى هذا؟ فقال : يا مهزم كذب الوقّاتون ، وهلك المستعجلون ، ونجا المسلّمون (٥).

__________________

(١) كفاية الأثر ٢٢ و ٢٣ ؛ بحار الأنوار ٣٦ / ٣٤١.

(٢) الغيبة للنعمانيّ ٢٨٩ ح ٣.

(٣) بشارة الإسلام ٢٨٢ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١٠٣.

(٤) الكافي ١ / ٣٦٨ ح ٣ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١١٧.

(٥) الكافي ١ / ٣٦٨ ح ٢ ؛ الإمامة والتبصرة ٩٥ ب ٢٣ ح ٨٧.

١٤٦

سورة الأنفال

الآية الاولى قوله تعالى : (وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ)(١).

٢٣٩ ـ العيّاشيّ : عن جابر قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن تفسير هذه الآية في قول الله عزوجل (وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ) : قال أبو جعفر عليه‌السلام تفسيرها في الباطن يريد الله ، فإنّه شيء يريده ولم يفعله بعد ، وأمّا قوله : (يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) فإنّه يعني يحقّ حقّ آل محمّد ، وأمّا قوله : (بِكَلِماتِهِ) قال : كلماته في الباطن ، عليّ هو كلمة الله في الباطن ، وأمّا قوله : (وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ) فهم بنو أميّة ، هم الكافرون يقطع الله دابرهم ، وأمّا قوله : (لِيُحِقَّ الْحَقَ) فإنّه يعني ليحقّ حقّ آل محمّد عليهم‌السلام حين يقوم القائم عليه‌السلام ، وأمّا قوله : (وَيُبْطِلَ الْباطِلَ) يعني القائم عليه‌السلام ، فإذا قام يبطل باطل بني أميّة ، وذلك قوله : (لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ)(٢).

الآية الثانية قوله تعالى (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)(٣).

__________________

(١) الأنفال : ٧.

(٢) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٥٠ ح ٢٤ ؛ نور الثقلين ٢ / ١٣٦ ح ٢٨.

(٣) الأنفال : ٣٣.

١٤٧

المهديّ عليه‌السلام أمان لاهل الأرض والسماء

٢٤٠ ـ روى الشيخ الصدوق رحمه‌الله بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفيّ ، قال : قلت لأبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهم‌السلام لأيّ شيء يحتاج إلى النبيّ والإمام؟ فقال عليه‌السلام : لبقاء العالم على صلاحه ، وذلك أنّ الله عزوجل يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيها نبيّ أو إمام ، قال الله عزوجل : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ). وقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : النجوم أمان لأهل السموات ، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض ، فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يكرهون ، وإذا ذهب أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يكرهون. يعني بأهل بيته الائمّة الّذين قرن الله عزوجل طاعتهم بطاعته فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)(١).

وهم المعصومون المطهّرون الّذين لا يذنبون ولا يعصون ، وهم المؤيّدون الموفّقون المسدّدون ، بهم يرزق الله عباده ، وبهم تعمر بلاده ، وبهم ينزل القطر من السماء ، وبهم يخرج بركات الأرض ، وبهم يمهل أهل المعاصي ولا تعجل عليهم بالعقوبة والعذاب ، لا يفارقهم روح القدس ولا يفارقونه ، ولا يفارقون القرآن ولا يفارقهم ، صلوات الله عليهم أجمعين (٢).

كلام للشيخ الصدوق

قال الشيخ الصدوق رضى الله عنه : وتصديق قولنا إنّ الإمام يحتاج إليه لبقاء العالم على صلاحه أنّه ما عذب الله عزوجل أمّة إلّا وأمر نبيّها بالخروج من بين أظهرهم ، كما قال الله عزوجل في قصة نوح عليه‌السلام : (حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ)(٣).

وأمره الله عزوجل أن يعتزل عنهم مع أهل الإيمان به ولا يبقى مختلطا بهم ، وقال عزوجل : (وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ)(٤).

__________________

(١) النساء : ٥٩.

(٢) علل الشرائع ١٢٣ ب ١٠٣ ح ١ ؛ بحار الأنوار ٢٣ / ١٩.

(٣) هود : ٤٠.

(٤) هود : ٣٧.

١٤٨

وكذلك قال عزوجل في قصّة لوط عليه‌السلام : (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ)(١).

فأمره الله عزوجل بالخروج من بين أظهرهم قبل أن ينزل العذاب بهم ، لأنّه لم يكن جلّ وعزّ لينزل عليهم ونبيّه لوط عليه‌السلام بين أظهرهم ، وهكذا أمر الله عزوجل كلّ نبيّ أراد هلاك أمّته أن يعتزلها ، كما قال إبراهيم عليه‌السلام مخوّفا بذلك قومه : (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا* فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ)(٢).

أهلك الله عزوجل الّذين كانوا آذوه وعنتوه وألقوه في الجحيم ، وجعلهم الأسفلين ، ونجّاه ولوطا كما قال الله تعالى : (وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ)(٣).

ووهب الله جلّت عظمته لابراهيم إسحاق ويعقوب ، كما قال عزوجل : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ)(٤) وقال الله عزوجل لنبيّه محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ)(٥).

وفي حديث هشام مع عمرو بن عبيد حجّة في الانتفاع بالحجة الغائب عليه‌السلام ، وذلك انّ القلب غائب عن سائر الجوارح لا يرى بالعين ولا يشم بالأنف ولا يذاق بالفم ولا يلمس باليد ، وهو مدبّر لهذه الجوارح مع غيبته عنها وبقاؤها على صلاحها ، ولو لم يكن القلب لا نفسد تدبير الجوارح ولم تستقم أمورها فاحتيج إلى القلب لبقاء الجوارح على صلاحها كما احتيج إلى الإمام لبقاء العالم على صلاحه ، ولا قوّة إلّا بالله. وكما يعلم مكان القلب من الجسد بالخبر ، فكذلك يعلم مكان الحجّة الغائب عليه‌السلام بالخبر ، وهو ما ورد عن الأئمّة عليهم‌السلام من الاخبار في كونه بمكّة وخروجه منها في وقت ظهوره ، ولسنا نعني بالقلب المضغة الّتي من اللحم ، لأنّ بها لا يقع الانتفاع للجوارح ، وإنّما نعني بالقلب اللطيفة الّتي جعلها الله عزوجل في هذه المضغة لا تدرك بالبصر وان كشف عن تلك المضغة ، ولا تلمس ولا تذاق ولا توجد إلّا بالعلم بها لحصول التمييز واستقامة التدبير من الجوارح ،

__________________

(١) هود : ٨٤.

(٢) مريم : ٤٨ و ٤٩.

(٣) الأنبياء : ٧٢.

(٤) الأنبياء : ٧٢.

(٥) الأنفال : ٣٣.

١٤٩

والحجّة بتلك اللطيفة على الجوارح قائمة ما وجدت ، والتكليف لها لازم ما بقيت ، فإذا عدمت تلك اللطيفة انفسد تدبير الجوارح. فكما يجوز أن يحتجّ الله عزوجل بهذه اللطيفة الغائبة عن الحواس ، على الجوارح ، فكذلك جائز أن يحتجّ عزوجل على جميع الخلق بحجّة غائب عنهم ، وبه يدفع عنهم ، وبه يرزقهم ، وبه ينزل عليهم الغيث ، ولا قوة إلّا بالله (١).

الآية الثالثة قوله تعالى : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)(٢).

٢٤١ ـ قال المفضّل (في حديث طويل له عن الامام الصادق عليه‌السلام :) يا مولاي فما تأويل قوله تعالى : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)(٣)؟

قال عليه‌السلام هو قوله تعالى : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) ، فو الله يا مفضل ليرفع عن الملل والاديان الاختلاف ، ويكون الدّين كلّه واحدا كما قال جلّ ذكره : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ)(٤).

وقال الله : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ)(٥).

وفي الحديث نفسه :

قال المفضل : يا مولاي فقوله : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) ما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ظهر على الدّين كلّه؟ قال : يا مفضل لو كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ظهر على الدّين كلّه ، ما كانت مجوسيّة ولا يهوديّة ولا صابئيّة ولا نصرانيّة ، ولا فرقة ولا خلاف ولا شكّ ولا شرك ولا عبدة أصنام ، ولا أوثان ، ولا اللّات والعزّى ، ولا عبدة الشمس والقمر ، ولا النجوم ، ولا النار ولا الحجارة ، وإنّما قوله : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) في هذا اليوم وهذا المهديّ وهذه الرجعة ، وهو قوله : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ).

فقال المفضل : أشهد أنّكم من علم الله علمتم ، وبسلطانه وبقدرته قدرتم ، وبحكمه

__________________

(١) كمال الدّين ١ / ٢٠٩ ـ ٢١٠.

(٢) الأنفال : ٣٩.

(٣) التوبة : ٣٣ ؛ الصفّ : ٩.

(٤) آل عمران : ١٩.

(٥) آل عمران : ٣٥.

١٥٠

نطقتم ، وبأمره تعلمون ... الحديث (١).

٢٤٢ ـ روى الشيخ هاشم بن سليمان في كتاب «المحجّة» قال : روى محمّد بن مسلم قال : قلت للباقر صلى‌الله‌عليه‌وآله : تأويل قوله تعالى في الأنفال : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ). قال : لم يجيء تأويل هذه الآية ، فإذا جاء تأويلها يقتل المشركون حتّى يوحّدوا الله عزوجل ، وحتّى لا يكون شرك ، وذلك في قيام قائمنا (٢).

٢٤٣ ـ محمّد بن يعقوب : عن محمّد بن مسلم ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : قوله الله عزوجل : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) فقال : لم يجئ تأويل هذه الآية بعد ، إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رخّص لهم لحاجته وحاجة أصحابه ، فلو جاء تأويلها لم يقبل منهم ، ولكنّهم يقتلون حتّى يوحّدوا الله عزوجل ، وحتّى لا يكون شرك (٣).

٢٤٤ ـ العيّاشيّ بإسناده عن زرارة : قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام سئل عن قوله تعالى : (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً)(٤) ، (حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) فقال : إنّه لم يجئ تأويل هذه الآية ، ولو قدم قام قائمنا عليه‌السلام بعد ، سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية ، وليبلغنّ دين محمّد ما بلغ الليل ، حتّى لا يكونن شرك على ظهر الأرض كما قال الله (٥).

٢٤٥ ـ الطبرسيّ في مجمع البيان في قوله تعالى (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) قال : روى زرارة وغيره عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : لم يجئ تأويل هذه الآية ، ولو قد قام قائمنا بعد ، سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية ، ليبلغنّ دين محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ما بلغ الليل حتّى لا يكون مشرك على وجه الأرض (٦).

٢٤٦ ـ العيّاشيّ بإسناده عن عبد الأعلى الحلبيّ ، قال : قال : أبو جعفر عليه‌السلام : يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب ، ثمّ أومأ بيده إلى ناحية ذي طوى ، حتّى إذا كان قبل خروجه بليلتين انتهى المولى الّذي يكون بين يديه حتّى يلقى بعض أصحابه ،

__________________

(١) الهداية الكبرى ٧٤ ـ ٨٢ ؛ مختصر بصائر الدرجات ١٧٨ ـ ١٧٩.

(٢) المحجّة ٧٨.

(٣) روضة الكافي ٢٠١ ؛ المحجّة ٧٨.

(٤) التوبة : ٣٦.

(٥) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٥٦ ح ٤٨ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٥٥.

(٦) تفسير مجمع البيان ٤ / ٥٤٣ ، ذيل الآية.

١٥١

فيقول : كم أنتم هاهنا؟ فيقولون : نحو من أربعين رجلا ، فيقول : كيف أنتم لو قد رأيتم صاحبكم؟ فيقولون : والله لو يأوي بنا الجبال لأويناها معه ، ثمّ يأتيهم من القابلة فيقول لهم : أشيروا إلى ذوي أسنانكم وأخياركم عشرة ، فيشيرون له إليهم ، فينطلق بهم حتّى يأتون صاحبهم ، ويعدهم إلى الليلة الّتي تليها.

ثمّ قال أبو جعفر عليه‌السلام : والله لكأنّي انظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر ، ثمّ ينشد الله حقّه ، ثمّ يقول : يا أيّها الناس من يحاجّني في الله فأنا أولى الناس بالله ، ومن يحاجّني في آدم فأنا أولى بآدم عليه‌السلام ، يا أيّها الناس من يحاجّني في نوح ، فأنا أولى الناس بنوح عليه‌السلام ، يا أيّها الناس من يحاجّني في موسى فأنا أولى الناس بموسى عليه‌السلام ، يا أيّها الناس من يحاجّني في عيسى ، فأنا أولى الناس بعيسى عليه‌السلام ، يا أيّها الناس من يحاجّني في محمّد ، فأنا أولى الناس بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، يا أيّها الناس من يحاجّني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله.

ثمّ ينتهي إلى المقام فيصلّي عنده ركعتين ثمّ ينشد الله حقّه.

قال أبو جعفر عليه‌السلام : هو والله المضطرّ في كتاب الله ، وهو قول الله : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ)(١) وجبرئيل على الميزاب في صورة طائر أبيض ، فيكون أوّل خلق الله يبايعه جبرئيل ، ويبايعه الثلاثمائة والبضعة عشر رجلا ... (الحديث وفي نهايته) : ثمّ يرجع إلى الكوفة فيبعث الثلاثمائة والبضعة عشر رجلا إلى الآفاق كلّها ، فيمسح بين أكتافهم وعلى صدورهم فلا يتعايون في قضاء ، ولا تبقى في الأرض قرية إلّا نودي فيها شهادة أن لا إلا إلّا الله وحده لا شريك له وأنّ محمّدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو قوله : (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) ولا يقبل صاحب هذا الأمر الجزية كما قبلها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو قول الله : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ).

قال أبو جعفر عليه‌السلام : يقاتلون والله حتّى يوحّد الله ولا يشرك به شيئا ، وحتّى تخرج العجوز الضعيفة من المشرق تريد المغرب ولا ينهاها أحد ، ويخرج الله من الأرض بذرها ، وينزل من السماء قطرها ، ويخرج الناس خراجهم على رقابهم إلى المهديّ عليه‌السلام ، ويوسّع

__________________

(١) النمل : ٦٢.

١٥٢

الله على شيعتنا ، ولو لا ما ينجز لهم من السعادة لبغوا فتنة ، فبينا صاحب هذا الأمر قد حكم ببعض الأحكام ، يتكلّم ببعض السنن ، إذ خرجت خارجة من المسجد يريدون الخروج عليه ، فيقول لأصحابه انطلقوا فتلحقوا بهم في التمارين ، فيأتون بهم أسرى ليأمر بهم فيذبحون ، وهو آخر خارجة تخرج على قائم آل محمّد عليه‌السلام (١).

الآية الرابعة قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(٢).

المهديّ عليه‌السلام أولى في كتاب الله

٢٤٧ ـ روى محمّد بن عبد الله بن المطّلب الشيبانيّ بإسناده عن اسماعيل بن عبد الله قال : قال الحسين بن عليّ عليه‌السلام : لمّا أنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن تأويلها ، فقال : والله ما عني بها غيركم ، وأنتم اولو الأرحام ، فإذا متّ فأبوك عليّ أولى بي وبمكاني ، فإذا مضى أبوك فأخوك الحسن أولى به ، فإذا مضى الحسن فأنت أولى به. قلت : يا رسول الله فمن بعدي أولى بي؟ فقال : ابنك عليّ أولى بك من بعدك ، فإذا مضى ، فابنه محمّد أولى به من بعده ، فإذا مضى محمّد ، فابنه جعفر أولى به بمكانه من بعده ، فإذا مضى جعفر ، فابنه موسى أولى به من بعده ، فإذا مضى موسى ، فابنه عليّ أولى به من بعده ، فإذا مضى عليّ ، فابنه محمّد أولى به من بعده ، فإذا مضى محمّد ، فابنه عليّ أولى به من بعده ، فإذا مضى عليّ ، فابنه الحسن أولى به من بعده ، فإذا مضى الحسن وقعت الغيبة في التاسع من ولدك ، فهذه الأئمّة التسعة من صلبك ، أعطاهم الله علمي وفهمي ، طينتهم من طينتي ، ما لقوم يؤذونني فيهم؟ لا أنالهم الله شفاعتي (٣).

__________________

(١) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٥٦ ـ ٦١ ح ٤٩ ؛ الغيبة للنعمانيّ ١٨١ ح ٣٠.

(٢) الأنفال : ٧٥.

(٣) كفاية الأثر ٢٣ و ٢٤.

١٥٣

سورة التوبة

الآية الاولى قوله تعالى : (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ)(١).

٢٤٨ ـ العيّاشيّ عن جابر ، عن جعفر بن محمّد وأبي جعفر عليهم‌السلام في قوله عزوجل : (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) قال : خروج القائم عليه‌السلام ، و «أذان» دعوته إلى نفسه (٢).

الآية الثانية قوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)(٣).

حتميّة التمحيص

٢٤٩ ـ محمّد الحميريّ بإسناده عن إبراهيم بن عمر اليمانيّ ، عن رجل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنّه قال : لتمخضنّ يا معشر الشيعة شيعة آل محمّد كمخيض الكحل في العين ،

__________________

(١) التوبة : ٣.

(٢) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٧٦ ح ١٥ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٥٥.

(٣) التوبة : ١٦.

١٥٤

لأنّ صاحب الكحل يعلم متى يقع في العين ، ولا يعلم متى يذهب ، فيصبح أحدكم وهو يرى أنّه على شريعة من أمرنا ، فيمسي وقد خرج منها ، ويمسي وهو على شريعة من أمرنا ، فيصبح وقد خرج منها (١).

٢٥٠ ـ محمّد الحميريّ بإسناده عن الربيع بن محمّد المسلّي ، قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : والله لتكسرنّ كسر الزجاج وإنّ الزجاج يعاد فيعود كما كان ، والله لتكسرنّ كسر الفخّار ، وإنّ الفخّار لا يعود كما كان ، والله لتمحصنّ ، والله لتغربلنّ كما يغربل الزؤان من القمح (٢).

٢٥١ ـ عن محمّد بن الفضيل ، عن أبيه ، عن منصور ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا منصور إنّ هذا الأمر لا يأتيكم إلّا بعد إياس ، لا والله حتّى تميّزوا ، لا والله حتّى تمحّصوا ، لا والله حتّى يشقى من يشقى ، ويسعد من يسعد (٣).

٢٥٢ ـ عن عبد الرحمن بن سيابة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كيف أنتم إذا بقيتم بلا إمام هدى ولا علم ، يبرأ بعضكم من بعض ، فعند ذلك تميّزون وتمحّصون وتغربلون ، وعند ذلك اختلاف السنين وأمارة من أوّل النهار ، وقتل وقطع في آخر النهار (٤).

٢٥٣ ـ عن محمّد بن منصور ، عن أبيه قال : كنّا عند أبي عبد الله جماعة نتحدّث ، فالتفت إلينا فقال : في أيّ شيء أنتم؟ أيهات أيهات ، لا والله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى تغربلوا ، لا والله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى تميّزوا ، والله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم إلّا بعد إياس ، لا والله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى يشقى من شقي ، ويسعد من سعد.

وروي عن محمّد بن منصور الصيقل عن أبيه ، عن الباقر عليه‌السلام مثله (٥).

٢٥٤ ـ وعن ابن شاذان ، عن البزنطيّ ، قال : قال أبو الحسن عليه‌السلام : أما والله لا يكون الّذي تمدّون إليه أعينكم حتّى تميّزوا وتمحّصوا ، وحتّى لا يبقى منكم إلا الأندر ثمّ تلا : (أَمْ

__________________

(١) الغيبة للطوسيّ ٢٢١ ؛ الغيبة للنعمانيّ ١١٠.

(٢) بحار الأنوار ٥٢ / ١٠١.

(٣) نفس المصدر ٥٢ / ١١١.

(٤) نفس المصدر ٥٢ / ١١٢.

(٥) الغيبة للطوسيّ ٢١٨ ؛ الغيبة للنعمانيّ ١١١.

١٥٥

حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا).

وفي رواية ابن عيسى ، عن البزنطي مثله وزاد فيه : وتمحّصوا ثمّ يذهب من كلّ عشرة شيء ولا يبقى (١).

٢٥٥ ـ سعد بن عبد الله ، بإسناده عن عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليه‌السلام قال : إذا فقد الخامس من ولد السابع ، فالله الله في أديانكم ، لا يزلّنّكم عنها شيء ، يا بني إنّه لا بدّ لصاحب هذا الأمر من غيبة ، حتّى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به ، إنّما هي محنة من الله امتحن الله بها خلقه (٢).

٢٥٦ ـ روي عن جابر الجعفيّ ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : متى يكون فرجكم؟ فقال : هيهات هيهات ، لا يكون فرجنا حتّى تغربلوا ثمّ تغربلوا ثمّ تغربلوا ، قالها ثلاثا ، حتّى يذهب الكدر ويبقى الصفو (٣).

٢٥٧ ـ وبالإسناد عن إبراهيم بن هليل قال : قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : جعلت فداك ، مات أبي على هذا الأمر ، وقد بلغت من السنين ما قد ترى أموت ولا تخبرني بشيء؟! فقال : يا أبا اسحاق أنت تعجل! فقلت : إي والله أعجل ، وما لي لا أعجل وقد بلغت من السنّ ما ترى؟ فقال : أما والله يا أبا اسحاق ما يكون ذلك حتّى تميزوا وتمحّصوا ، وحتّى لا يبقى منكم إلّا الأقلّ ، ثمّ صعّر كفه (٤). معنى صعّر كفه : أي أمالها تهاونا بالناس.

٢٥٨ ـ وبالإسناد عن صفوان بن يحيى قال : قال أبو الحسن الرضا عليه‌السلام : والله ما يكون ما تمدّون أعينكم إليه حتّى تمحّصوا وتميّزوا ، وحتّى لا يبقى منكم إلّا الأندر فالأندر (٥).

٢٥٩ ـ وعن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه سمعه يقول : ويل لطغاة العرب ، من شرّ قد اقترب ، قلت : جعلت فداك ، كم مع القائم من العرب؟ قال : شيء يسير ، فقلت : والله إنّ من يصف هذا الأمر منهم لكثير. فقال : لا بدّ للناس من أن يمحّصوا ويميّزوا ، ويغربلوا ويخرج في الغربال خلق كثير (٦).

__________________

(١) بحار الأنوار ٥٢ / ٢٥.

(٢) نفس المصدر ٥٢ / ١١٣.

(٣) نفس المصدر ٥٢ / ١١٣.

(٤) نفس المصدر ٥٢ / ١١٣.

(٥) نفس المصدر ٥٢ / ١١٤.

(٦) نفس المصدر ٥٢ / ١١٤.

١٥٦

٢٦٠ ـ وعن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ عليه‌السلام يقول : والله لتميّزنّ ، والله لتمحّصنّ ، والله لتغربلنّ ، كما يغربل الزؤان من القمح (١).

٢٦١ ـ ابن عقدة بإسناده عن عميرة بنت نفيل ، قالت : سمعت الحسن بن عليّ عليه‌السلام يقول : لا يكون الأمر الّذي تنتظرون حتّى يبرأ بعضكم من بعض ، ويتفل بعضكم في وجوه بعض ، وحتّى يلعن بعضكم بعضا ، وحتّى يسمّي بعضكم بعضا كذّابين (٢).

الآية الثالثة قوله تعالى : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ)(٣).

النواصب يعطون الجزية في زمان المهديّ عليه‌السلام

٢٦٢ ـ روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدس‌سره بإسناده عن سلام بن المستنير ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يحدّث : إذا قام القائم عرض الإيمان على كلّ ناصب ، فإن دخل فيه بحقيقة وإلّا ضرب عنقه أو يؤدّي الجزية كما يؤدّيها اليوم أهل الذمّة ، ويشدّ على وسطه الهميان ، ويخرجهم من الأمصار إلى السواد (٤).

الآية الرابعة قوله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ)(٥).

المهديّ عليه‌السلام نور الله في الأرض

٢٦٣ ـ روى العلّامة أحمد بن عليّ بن أبى طالب الطبرسيّ رحمه‌الله بإسناده عن علقمة بن محمّد الحضرميّ ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه‌السلام أنّه قال : حجّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من المدينة ... (في حديث طويل في خطبة الغدير قال فيها) : معاشر الناس ، النور من الله

__________________

(١) نفس المصدر ٥٢ / ١١٤.

(٢) نفس المصدر ٥٢ / ١١٤.

(٣) التوبة : ٢٩.

(٤) الكافي ٨ / ٢٢٧ ح ٢٨٨ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٣٧٥.

(٥) التوبة : ٣٢.

١٥٧

عزوجل فيّ مسلوك ، ثمّ في عليّ ، ثمّ في النسل منه إلى القائم المهديّ الّذي يأخذ بحقّ الله وبكلّ حقّ هو لنا ، لأنّ الله عزوجل قد جعلنا حجّة على المقصّرين والمعاندين والمخالفين والخائنين والآثمين والظالمين من جميع العالمين ، ألا إنّ خاتم الائمّة منّا القائم المهديّ ، ألا إنّه الظاهر على الدّين. ألا إنّه المنتقم من الظالمين. ألا إنّه فاتح الحصون وهادمها. ألا إنّه قاتل كلّ قبيلة من أهل الشرك. ألا إنّه مدرك بكلّ ثار لأولياء الله. ألا إنّه الناصر لدين الله. ألا إنّه الغرّاف في بحر عميق. ألا إنّه يسمّ كلّ ذي فضل بفضله ، وكلّ ذي جهل بجهله. ألا إنّه خيرة الله ومختاره. ألا إنّه وارث كلّ علم والمحيط به. ألا إنّه المخبر عن ربّه عزوجل والمنبّه بأمر إيمانه. ألا إنّه الرشيد السديد. ألا إنّه المفوّض إليه. ألا إنّه قد بشّر به من سلف بين يديه. ألا إنّه الباقي حجّة ولا حجّة بعده ، ولا حقّ إلّا معه ، ولا نور إلّا عنده. ألا إنّه لا غالب له ولا منصور عليه. ألا وإنّه وليّ الله في أرضه ، وحكمه في خلقه ، وأمينه في سرّه وعلانيته. ألا إنّ الحلال والحرام أكثر من أن أحصيها وأعرفهما ، فآمر بالحلال وأنهى عن الحرام في مقام واحد ، فأمرت أن آخذ البيعة منكم والصفقة لكم بقبول ما جئت به عن الله عزوجل في عليّ أمير المؤمنين والأئمّة من بعده ، الّذين هم منّي ومنه ، أئمّة قائمة منهم المهديّ إلى يوم القيامة الّذي يقضي بالحقّ (١).

الآية الخامسة قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)(٢).

ظهور الإسلام على الأديان كلّها في زمن المهديّ عليه‌السلام

٢٦٤ ـ الشّيخ الصدوق بإسناده عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : في قوله الله عزوجل : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) فقال : والله ما نزل تأويلها بعد ، ولا ينزل تأويلها حتّى يخرج القائم عليه‌السلام ، فإذا خرج القائم عليه‌السلام لم يبق كافر بالله العظيم ولا مشرك بالإمامة إلّا كره خروجه ، حتّى لو أنّ

__________________

(١) الاحتجاج ١ / ٦١ ؛ الصراط المستقيم ١ / ٣٠٢ ب ٩.

(٢) التوبة : ٣٣.

١٥٨

كافرا أو مشركا كان في بطن صخرة ، لقالت : يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله (١).

٢٦٥ ـ العيّاشيّ : بإسناده عن سماعة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) قال : إذا خرج القائم عليه‌السلام لم يبق مشرك بالله العظيم ولا كافر إلّا كره خروجه (٢).

٢٦٦ ـ محمّد بن العباس عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل في كتابه : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) ، فقال : والله ما نزل تأويلها بعد ، قلت : جعلت فداك ، ومتى ينزل تأويلها؟ قال : حتّى يقوم القائم عليه‌السلام ، ان شاء الله تعالى ، فإذا خرج القائم عليه‌السلام لم يبق كافر ولا مشرك إلّا كره خروجه ، حتّى لو أنّ كافرا أو مشركا في بطن صخرة ، لقالت الصخرة : يا مؤمن في بطني كافر أو مشرك فاقتله ، فيجيئه فيقتله (٣).

٢٦٧ ـ محمّد بن العباس بإسناده عن عباية بن ربعي : أنّه سمع أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) أظهر ذلك بعد؟ كلّا والّذي نفسي بيده ، حتّى لا تبقى قرية إلّا ونودي فيها بشهادة أن لا إله الّا الله وأنّ محمّدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بكرة وعشيّا (٤).

٢٦٨ ـ عنه ، بإسناده عن مجاهد ، عن ابن عبّاس في قوله عزوجل : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) قال : لا يكون ذلك حتّى لا يبقى يهوديّ ولا نصرانيّ ولا صاحب ملّة إلّا صار إلى الإسلام ، حتّى تأمن الشاة والذئب والبقرة والأسد والإنسان والحيّة ، وحتّى لا تقرض الفأرة جرابا ، وحتّى توضع الجزية ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ، وهو قوله تعالى : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) وذلك يكون عند قيام القائم عليه‌السلام (٥).

٢٦٩ ـ محمّد بن يعقوب ، بإسناده عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الماضي عليه‌السلام ، قلت : : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِ) قال : هو أمر الله ورسوله بالولاية

__________________

(١) كمال الدّين ٢ / ٦٧٠ ؛ بحار الأنوار ٥٣ / ٤.

(٢) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٨٧ ح ٥٢ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٣٢٤.

(٣) تأويل الآيات الظاهرة ٢ / ٦٦٨ ح ٧ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٥٨.

(٤) تأويل الآيات ٢ / ٦٨٩ ح ٨ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٦٠.

(٥) تأويل الآيات ٢ / ٦٨٩ ح ٩ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٦١.

١٥٩

لوصيّه ، والولاية هي دين الحقّ ، قلت : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)؟ قال : يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم عليه‌السلام (١).

٢٧٠ ـ أبو عليّ الطبرسيّ : قال أبو جعفر عليه‌السلام : إنّ ذلك يكون عند خروج المهديّ من آل محمّد صلوات الله عليه ، فلا يبقى أحد إلّا أقرّ بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢).

٢٧١ ـ روى الثقة الصدوق الفضل بن شاذان في كتاب إثبات الرجعة ، بإسناده عن محمّد بن حمران ، عن الصادق عليه‌السلام قال : إنّ القائم منّا منصور بالرعب ، مؤيّد بالنصر ، تطوى له الأرض ، وتظهر له الكنوز كلّها ، ويظهر الله به دينه على الدّين كلّه ولو كره المشركون ، ثمّ ذكر جملة من علاماته ثمّ قال : ـ فعند ذلك خروج قائمنا (٣).

٢٧٢ ـ عليّ بن إبراهيم في تفسيره في الآية : إنّها نزلت في القائم من آل محمّد عليه‌السلام ، وهو الّذي ذكرناه ممّا تأويله بعد تنزيله ، وهو الإمام الّذي يظهره الله على الدّين كلّه ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما (٤).

٢٧٣ ـ العيّاشيّ بإسناده عن أبي المقدام ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله الله : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) : يكون أن لا يبقى أحد إلّا أقرّ بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله (٥).

٢٧٤ ـ ويؤيّده ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب ، بإسناده عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الماضي عليه‌السلام ، قال : سألته عن هذه الآية ، قلت : (وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ) قال : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ) : ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام (وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ)(٦) الإمامة ، لقوله عزوجل : (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا)(٧).

والنور هو الامام.

قلت له : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِ) قال : هو الّذي أمر الله رسوله بالولاية لوصيّه ، والولاية هي دين الحقّ.

قلت : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) قال : على جميع الأديان عند قيام القائم ، لقول الله

__________________

(١) الكافي ١ / ٤٣٢.

(٢) تفسير مجمع البيان ٣ / ٢٥ ، ذيل الآية.

(٣) إثبات الهداة ٣ / ٥٧٠ ح ٦٤٦ ؛ كشف الأستار ٢٢٢.

(٤) تفسير القمّيّ ١ / ٢٨٩ ؛ بحار الأنوار ٥١ / ٥٠.

(٥) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٨٧ ح ٥٠.

(٦) الصفّ : ٨.

(٧) التغابن : ١٠.

١٦٠