الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

سعيد أبو معاش

الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة

المؤلف:

سعيد أبو معاش


المحقق: عبدالرحيم مبارك
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ٣
ISBN: 978-964-444-775-4
الصفحات: ٦٠٣

إِيمانِها خَيْراً) قال : يعني صفوتنا ونصرتنا ، قلت ، إنّما قدر الله عنه باللسان واليدين والقلب. قال : يا خيثمة ألم تكن نصرتنا باللسان كنصرتنا بالسيف ، ونصرتنا باليدين أفضل والقيام فيها. يا خيثمة إنّ القرآن نزل أثلاثا ، فثلث فينا ، وثلث في عدوّنا ، وثلث فرائض وأحكام ، ولو أنّ آية نزلت في قوم ، ثمّ ماتوا اولئك ، ماتت الآية ، إذا ما بقي من القرآن شيء. إنّ القرآن عربيّ من أوّله إلى آخره ، وآخره إلى أوّله ، ما قامت السماوات والأرض ، فلكلّ قوم آية يتلونها. يا خيثمة إنّ الإسلام بدأ غريبا ، وسيعود غريبا فطوبى للغرباء ، وهذا في أيدي الناس فكلّ على هذا. يا خيثمة سيأتي على الناس زمان لا يعرفون الله وما هو التوحيد ، حتّى يكون خروج الدجال ، وحتّى ينزل عيسى ابن مريم من السماء ، ويقتل الله الدجّال على يده ، ويصلّي بهم رجل منّا أهل البيت ، ألا ترى أنّ عيسى يصلّي خلفنا وهو نبيّ ، ألا ونحن أفضل منه (١).

١٧٣ ـ روى القمّيّ بإسناده عن حفص بن غياث ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سأل رجل عن حروب أمير المؤمنين عليه‌السلام وكان السائل من محبّينا ، فقال أبو جعفر عليه‌السلام : بعث الله محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله بخمسة أسياف ، ثلاثة منها شاهرة لا تغمد إلى أن تضع الحرب أوزارها ، ولن تضع الحرب أوزارها حتّى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت الشمس من مغربها آمن الناس كلّهم في ذلك اليوم ، فيومئذ : (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) وسيف منها ملفوف ، وسيف منها مغمود سلّه إلى غيرنا وحكمه إلينا ... (٢)

١٧٤ ـ روى العيّاشيّ بإسناده عن زرارة وحمران ومحمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام في قوله : (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها) قال : طلوع الشمس من المغرب ، وخروج الدابّة والدجّال ، والرجل يكون مصرّا ولم يعمل على الإيمان ثمّ تجيء الآيات فلا ينفعه إيمانه (٣).

١٧٥ ـ روى البرقي بإسناده عن عبد الله بن سليمان العامريّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : ما زالت الأرض ولله فيها حجّة يعرف الحلال والحرام ، ويدعو إلى سبيل الله ، ولا ينقطع

__________________

(١) تفسير فرات ١٣٩ ح ١٦٦ ؛ بحار الأنوار ٢٤ / ٣٢٨.

(٢) تفسير القمّيّ ٢ / ٣٢٠ ؛ بحار الأنوار ٧٨ / ١٦٦.

(٣) تفسير العيّاشيّ ١ / ٣٨٤ ح ١٢٨ ؛ تفسير الصافي ٢ / ١٧٣.

١٢١

الحجّة من الأرض إلّا أربعين يوما قبل يوم القيامة ، فإذا رفعت الحجّة اغلق باب التوبة ولم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أن ترفع الحجّة ، واولئك شرار من خلق الله ، وهم الّذين تقوم عليهم القيامة (١).

انتظار الفرج عبادة

القسم الثاني من الآية : قوله عزوجل : (قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ)(٢).

١٧٦ ـ النعمانيّ بالإسناد عن البزنطيّ ، قال : قلت للرضا عليه‌السلام : جعلت فداك إنّ أصحابنا رووا عن شهاب ، عن جدّك عليه‌السلام أنّه قال : أبي الله تبارك وتعالى أن يملّك أحدا ما ملّك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثا وعشرين سنة ، قال : إن كان أبو عبد الله عليه‌السلام قاله ، جاء كما قال. فقلت له : جعلت فداك فأيّ شيء تقول أنت؟ فقال : ما أحسن الصبر وانتظار الفرج ، أما سمعت قول العبد الصالح (وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ)(٣) و (فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ)(٤) فعليكم بالصبر ، فإنّه إنّما يجيء الفرج على اليأس ، وقد كان الّذين من قبلكم أصبر منكم.

وقد قال أبو جعفر عليه‌السلام : هي والله السنن القذّة بالقذّة ، ومشكاة بمشكاة ، ولا بدّ أن يكون فيكم ما كان في الّذين من قبلكم ، ولو كنتم على أمر واحد ، كنتم على غير سنة الّذين من قبلكم ، ولو أنّ العلماء وجدوا من يحدّثونهم ويكتم سرّهم ، لحدّثوا ولبثّوا الحكمة ، ولكن قد ابتلاهم الله عزوجل بالإذاعة ، وأنتم قوم تحبّونا بقلوبكم ويخالف ذلك فعلكم ، والله ما يستوي اختلاف أصحابك ، ولهذا أسر على صاحبكم ليقال مختلفين.

ما لكم لا تملكون أنفسكم وتصبرون حتّى يجيء الله تبارك وتعالى بالذي تريدون؟ إنّ هذا الامر ليس يجيء على ما تريد الناس ، إنّما هو أمر الله تبارك وتعالى وقضاؤه بالصبر ، وإنّما يعجل من يخاف الفوت .. الحديث (٥).

١٧٧ ـ المظفر العلويّ ، بإسناده عن محمّد الواسطيّ ، عن أبي الحسن ، عن آبائه عليهم‌السلام ،

__________________

(١) المحاسن للبرقيّ ٢٣٦ ح ٢٠٢ ؛ بحار الأنوار ٢٣ / ٤١.

(٢) الانعام : ١٥٨.

(٣) هود : ٩٣.

(٤) الأعراف : ٧١ ؛ يونس : ٢٠ ؛ يونس : ١٠٢.

(٥) بحار الأنوار ٥٢ / ١١٠.

١٢٢

أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أفضل أعمال أمّتي انتظار الفرج من الله عزوجل (١).

١٧٨ ـ وبالإسناد عن محمّد بن الفضيل ، عن الرضا عليه‌السلام قال : سألته عن شيء من الفرج ، فقال : أليس انتظار الفرج من الفرج؟ إنّ الله عزوجل يقول : (فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ)(٢).

١٧٩ ـ وعن العيّاشيّ ، بإسناده عن البزنطيّ ، قال : قال الرضا عليه‌السلام : ما أحسن الصبر وانتظار الفرج ، أما سمعت قول الله تعالى : (وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ) وقوله عزوجل : (فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) فعليكم بالصبر فإنّه إنّما يجيء الفرج على اليأس ، فقد كان الّذين من قبلكم أصبر منكم (٣).

١٨٠ ـ ابن عقدة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنّه قال ذات يوم : ألا أخبركم بما لا يقبل الله عزوجل من العباد عملا إلّا به؟ فقلت : بلى ، فقال : شهادة أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، والإقرار بما أمر الله ، والولاية لنا ، والبراءة من أعدائنا ، يعني أئمّة خاصّة والتسليم لهم ، والورع والاجتهاد ، والطمأنينة والانتظار للقائم ، ثمّ قال : إنّ لنا دولة يجيء الله بها إذا شاء.

ثمّ قال : من سرّه أن يكون من أصحاب القائم ، فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الاخلاق وهو منتظر ، فإن مات وقام القائم بعده ، كان له من الأجر مثل أجر من أدركه ، فجدّوا وانتظروا هنيئا لكم أيّتها العصابة المرحومة (٤).

١٨١ ـ الكلينيّ : بإسناده عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك متى الفرج؟ فقال : يا أبا بصير أنت ممّن يريد الدنيا؟ من عرف هذا الأمر فقد فرّج عنه بانتظاره (٥).

١٨٢ ـ وبالاسناد عن ابن أسباط ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : كفّوا ألسنتكم والزموا بيوتكم ، فإنّه يصيبكم أمر تخصّون به أبدا ، ولا يصيب العامّة ، ولا تزال

__________________

(١) نفس المصدر ٥٢ / ١٢٨.

(٢) تفسير العيّاشيّ ٢ / ١٥٩ ح ٦٢ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١٢٨.

(٣) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢٠ ح ٥٢ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١٢٩.

(٤) بحار الأنوار ٥٢ / ١٤٠.

(٥) نفس المصدر ، ١٤٢.

١٢٣

الزيديّة وقاء لكم (١).

١٨٣ ـ ابن عقدة بإسناده عن أبي المرهف ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : هلكت المحاضير ، قلت : وما المحاضير؟ قال : المستعجلون ، ونجا المقرّبون ، وثبت الحصن على أوتادها ، كونوا أحلاس بيوتكم ، فإنّ الفتنة على من أثارها ، وإنّهم لا يريدونكم بحاجة إلّا أتاهم الله بشاغل لأمر يعرض لهم (٢).

١٨٤ ـ ابن عقدة ، بإسناده عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : أوصني فقال : أوصيك بتقوى الله وان تلزم بيتك ، وتقعد في دهماء هؤلاء الناس ، وإيّاك والخوارج منّا ، فإنّهم ليسوا على شيء ولا إلى شيء.

واعلم أنّ لبني أميّة ملكا لا يستطيع الناس أن تردعه ، وأنّ لأهل الحق دولة إذا جاءت ، ولّاها الله لمن يشاء منّا أهل البيت ، من أدركها منكم كان عندنا في السنام الأعلى ، وإن قبضه الله قبل ذلك خار له.

واعلم أنّه لا تقوم عصابة تدفع ضيما أو تعزّ دينا ، إلّا صرعتهم البليّة ، حتّى تقوم عصابة شهدوا بدرا مع رسول الله ، لا يوارى قتيلهم ، ولا يرفع صريعهم ، ولا يداوى جريحهم ، قلت : من هم؟ قال : الملائكة (٣).

١٨٥ ـ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه قال في حديث له : والله لا ترون الّذي تنتظرون حتّى لا تدعون الله إلّا اشارة بأيديكم ، وإيماضا بحواجبكم ، وحتّى لا تملكون من الأرض إلّا مواضع أقدامكم ، وحتّى لا يكون موضع سلاحكم على ظهوركم ، فيومئذ لا ينصرني إلّا الله بملائكته ، ومن كتب على قلبه الإيمان.

والّذي نفس عليّ بيده ، لا تقوم عصابة تطلب لي أو لغيري حقا ، أو تدفع عنّا ضيما إلّا صرعتهم البليّة ، حتّى تقوم عصابة شهدت مع محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله بدرا ، لا يؤدّى قتيلهم ، ولا يداوى جريحهم ، ولا ينعش صريعهم (٤).

١٨٦ ـ ابن عقدة ، بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : قال لي أبي عليه‌السلام :

__________________

(١) نفس المصدر ١٣٩.

(٢) نفس المصدر ١٣٨.

(٣) بحار الأنوار ٥٢ / ١٣٦.

(٤) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢ / ١٣٣.

١٢٤

لا بدّلنا من آذربيجان لا يقوم لها شيء ، وإذا كان ذلك فكونوا أحلاس بيوتكم ، والبدوا ما لبدنا ، فإذا تحرّك متحرّكنا فاسعوا إليه ولو حبوا ، والله لكأنّي انظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس على كتاب جديد ، على العرب شديد ، وقال : ويل لطغاة العرب من شرّ قد اقترب (١).

١٨٧ ـ محمّد بن همام ، بإسناده يرفعه إلى أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : يأتي على الناس زمان يصيبهم فيها سبطة ، يأرز العلم فيها كما تأرز الحيّة في جحرها ، فبيناهم كذلك إذ طلع عليهم نجم ، قلت : فما السبطة؟ قال : الفترة ، قلت : فكيف نصنع فيما بين ذلك؟ قال : كونوا على ما أنتم عليه ، حتّى يطلع الله لكم نجمكم (٢).

١٨٨ ـ النعمانيّ بإسناده عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنّه سمعه يقول : لا تزالون تنتظرون حتّى تكونوا كالمعز المهزولة الّتي لا يبالي الجازر أين يضع يده منها ، ليس لكم شرف تشرفونه ، ولا سند تسندون إليه اموركم (٣).

١٨٩ ـ الكلينيّ بإسناده عن إبراهيم بن مهزم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ذكرنا عنده ملوك بني فلان ، فقال : إنّما هلك الناس من استعجالهم لهذا الامر ، إنّ الله لا يعجل لعجلة العباد ، إنّ لهذا الأمر غاية ينتهي إليها ، فلو قد بلغوها لم يستقدموا ساعة ولم يستأخروا (٤).

١٩٠ ـ دعوات الراونديّ : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : انتظار الفرج والصبر عبادة (٥).

١٩١ ـ في خبر الأعمش ، قال الصادق عليه‌السلام : من دين الائمّة الورع والعفّة والصلاح ـ إلى قوله : وانتظار الفرج بالصبر (٦).

١٩٢ ـ بالأسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أفضل أعمال أمّتي انتظار فرج الله عزوجل (٧).

١٩٣ ـ وبالإسناد عن سعيد بن مسلم ، عن عليّ بن الحسين ، عن أبيه ، عن عليّ عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من رضي عن الله بالقليل من الرزق ، رضي الله عنه بالقليل من

__________________

(١) الغيبة للنعمانيّ ١٠٢ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١٣٥.

(٢) الغيبة للنعمانيّ ٨٠ ـ ٨٣ ؛ الكافي ١ / ٣٤٠.

(٣) الغيبة للنعمانيّ ١٠١ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١١٠.

(٤) الكافي ١ / ٣٦٩ ؛ بحار الأنوار ٥٣ / ١١٨.

(٥) بحار الأنوار ٥٢ / ١٤٥.

(٦) بحار الأنوار ٥٢ / ١٢٢.

(٧) نفس المصدر.

١٢٥

العمل ، وانتظار الفرج عبادة (١).

١٩٤ ـ عن أبي حمزة الثماليّ ، عن أبي خالد الكابليّ ، عن عليّ بن الحسين عليهما‌السلام قال : تمتدّ الغيبة بوليّ الله ، الثاني عشر من أوصياء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة بعده ، يا أبا خالد إنّ أهل زمان غيبته ، القائلون بإمامته ، المنتظرون لظهوره أفضل أهل كلّ زمان ، لأنّ الله تعالى ذكره أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ، ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة ، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالسيف ، اولئك المخلصون حقّا ، وشيعتنا صدقا ، والدعاة إلى دين الله سرّا وجهرا. وقال عليه‌السلام : انتظار الفرج من أعظم الفرج (٢).

١٩٥ ـ المفيد ، بإسناده عن جابر قال : دخلنا على أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما‌السلام ونحن جماعة بعد ما قضينا نسكنا فودّعناه ، وقلنا له : أوصنا يا ابن رسول الله. فقال : ليعن قويّكم ضعيفكم ، وليعطف غنيّكم على فقيركم ، ولينصح الرجل أخاه كنصحه لنفسه ، واكتموا أسرارنا ، ولا تحملوا الناس على أعناقنا.

وانظروا أمرنا وما جاءكم عنا ، فان وجدتموه في القرآن موافقا فخذوا به ، وإن لم تجدوه موافقا فردّوه ، وان اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده ، وردّوه إلينا حتّى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا ، فإذا كنتم كما أوصيناكم ولم تعدوا إلى غيره ، فمات منكم ميّت قبل أن يخرج قائمنا ، كان شهيدا ، ومن أدرك قائمنا فقتل معه ، كان له أجر شهيدين ، ومن قتل بين يديه عدوّا لنا ، كان له أجر عشرين شهيدا.

١٩٦ ـ وبالإسناد عن صالح بن عقبة ، عن أبيه ، عن الباقر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أفضل العبادة انتظار الفرج.

١٩٧ ـ الأربعمائة : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : انتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح الله ، فإنّ أحبّ الأعمال إلى الله عزوجل انتظار الفرج (٣).

وقال عليه‌السلام : مزاولة قلع الجبال أيسر من مزاولة ملك مؤجل ، واستعينوا بالله واصبروا ،

__________________

(١) نفس المصدر.

(٢) كمال الدّين ١ / ٣١٩ ح ٢.

(٣) بحار الأنوار ٥٢ / ١٥٢ ح ١١.

١٢٦

إنّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين ، لا تعاجلوا الأمر قبل بلوغه فتندموا ، ولا يطولنّ عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم (١).

وقال عليه‌السلام : الآخذ بأمرنا معنا غدا في حظيرة القدس ، والمنتظر لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل الله (٢).

١٩٨ ـ وبالإسناد عن حمّاد بن عمرو ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : يا عليّ ، واعلم أنّ أعظم الناس يقينا قوم يكونون في آخر الزمان ، لم يلحقوا النبيّ وحجب عنهم الحجّة ، فآمنوا بسواد في بياض (٣).

١٩٩ ـ الهمدانيّ ، بإسناده عن عمرو بن ثابت قال : قال سيّد العابدين عليه‌السلام : من ثبت على ولايتنا في غيبة قائمنا ، أعطاه الله أجر ألف شهيد مثل شهداء بدر واحد.

دعوات الراونديّ : مثله ، وفيه : من مات على موالاتنا (٤).

٢٠٠ ـ بالإسناد عن السنديّ ، عن جدّه قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما تقول فيمن مات على هذا الأمر منتظرا له؟ قال : هو بمنزلة من كان مع القائم في فسطاطه ، ثمّ سكت هنيئة ثمّ قال : هو كمن كان مع رسول الله عليه‌السلام (٥).

٢٠١ ـ المحاسن : بإسناده عن علاء بن سيابة ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : من مات منكم على هذا الأمر منتظرا له ، كان كمن كان في فسطاط القائم عليه‌السلام (٦).

٢٠٢ ـ وبالإسناد عن أبي الجارود ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم وعنده جماعة من أصحابه : «اللهم لقّني إخواني» مرّتين ، فقال من حوله من أصحابه : أما نحن إخوانك يا رسول الله؟ فقال : لا ، إنّكم أصحابي ، وإخواني قوم في آخر الزمان آمنوا ولم يروني ، لقد عرّفنيهم الله بأسمائهم وأسماء آبائهم ، من قبل أن يخرجهم من أصلاب آبائهم وأرحام أمّهاتهم ، لأحدهم أشدّ بقيّة على دينه من خرط القتاد في الليلة الظلماء ، أو كالقابض على جمر الغضا ، اولئك مصابيح الدجى ، ينجيهم الله من

__________________

(١) الخصال للصدوق ٢ / ٦١٦ ـ ٦٢٢ ح ١٠.

(٢) بحار الأنوار ٥٢ / ١٢٣.

(٣) الكافي ١ / ٤٠٥.

(٤) بحار الأنوار ٥٢ / ١٢٥.

(٥) المحاسن للبرقي ١٧٢ ـ ١٧٤ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١٢٥.

(٦) بحار الأنوار ٥٢ / ١٢٥.

١٢٧

كل فتنة غبراء مظلمة (١).

٢٠٣ ـ المحاسن : بالإسناد عن عبد الحميد الواسطيّ ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أصلحك الله ، والله لقد تركنا أسواقنا انتظارا لهذا الأمر ، حتّى أوشك الرجل منا يسأل في يديه. فقال : يا عبد الحميد ، أترى من حبس نفسه على الله لا يجعل الله له مخرجا ، بلى والله ليجعلنّ الله له مخرجا ، رحم الله عبدا حبس نفسه علينا ، رحم الله عبدا أحيا أمرنا. قال : قلت : فإن متّ قبل أن أدرك القائم؟ فقال : القائل منكم : إن ادركت القائم من آل محمّد نصرته ، كالمقارع معه بسيفه ، والشهيد معه له شهادتان (٢).

٢٠٤ ـ المحاسن : بإسناده عن مالك بن أعين ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إنّ الميّت على هذا الأمر بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل الله (٣).

٢٠٥ ـ المحاسن : بإسناده عن الفيض بن المختار قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : من مات منكم وهو منتظر لهذا الأمر ، كمن هو مع القائم في فسطاطه ، قال : ثمّ مكث هنيئة ثمّ قال : لا بل كمن قارع معه بسيفه ، ثمّ قال : لا والله إلّا كمن استشهد مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤).

٢٠٦ ـ وبالإسناد عن الحسين بن أبي العلا ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : لمّا دخل سلمان رضى الله عنه الكوفة ، ونظر إليها ، ذكر ما يكون من بلائها ، حتّى ذكر ملك بني أميّة والّذين من بعدهم ، ثمّ قال : فإذا كان ذلك فالزموا أحلاس بيوتكم حتّى يظهر الطاهر بن الطاهر المطهّر ذو الغيبة الشريد الطريد (٥).

٢٠٧ ـ الفضل ، بإسناده عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : سيأتي قوم من بعدكم الرجل الواحد منهم له أجر خمسين منكم ، قالوا : يا رسول الله نحن كنا معك ببدر واحد وحنين ونزل فينا القرآن ، فقال : إنّكم لو تحمّلوا لما حمّلوا ، لم تصبروا صبرهم (٦).

٢٠٨ ـ المحاسن : بإسناده عن الحكم بن عيينة قال : لمّا قتل أمير المؤمنين عليه‌السلام الخوارج يوم النهروان ، قام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين طوبى لنا إذ شهدنا معك هذا الموقف ،

__________________

(١) بحار الأنوار ٥٢ / ١٢٣.

(٢) نفس المصدر ٥٢ / ١٢٦.

(٣) نفس المصدر ٥٢ / ١٢٦.

(٤) نفس المصدر ٥٢ / ١٢٦.

(٥) نفس المصدر ٥٢ / ١٢٦.

(٦) نفس المصدر ٥٢ / ١٣٠.

١٢٨

وقتلنا معك هؤلاء الخوارج ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : والّذي فلق الحبة وبرء النسمة ، لقد شهدنا في هذا الموقف اناس لم يخلق الله آباءهم ولا أجدادهم بعد ، فقال الرجل : وكيف يشهدنا قوم لم يخلقوا؟ قال : بلى ، قوم يكونون في آخر الزمان يشركوننا فيما نحن فيه ، ويسلّمون لنا ، فاولئك شركاؤنا فيما كنّا فيه حقّا حقّا (١).

٢٠٩ ـ المحاسن : عن السكونيّ ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم قال : أفضل عبادة المؤمن انتظار الفرج (٢).

٢١٠ ـ ابن عقدة ، بإسناده عن الحارث بن المغيرة قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : يكون فترة لا يعرف المسلمون امامهم فيها؟ فقال : يقال ذلك ، قلت : فكيف نصنع؟ قال : إذا كان ذلك ، فتمسّكوا بالأمر الأوّل حتّى يتبيّن لكم الآخر (٣).

٢١١ ـ وبهذا الاسناد عن منصور الصيقل ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إذا أصبحت وأمسيت يوما لا ترى فيه اماما من آل محمّد ، فأحبّ من كنت تحبّ وأبغض من كنت تبغض ، ووال من كنت توالي ، وانتظر الفرج صباحا ومساء (٤).

٢١٢ ـ النعمانيّ ، بإسناده في كتاب القرآن قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أبا الحسن حقيق على الله أن يدخل أهل الضلال الجنّة ، وإنّما عنى بهذا المؤمنين الّذين قاموا في زمن الفتنة على الائتمام بالإمام الخفيّ المكان ، المستور عن الأعيان ، فهم بإمامته مقرّون ، وبعروته مستمسكون ، ولخروجه منتظرون ، موقنون غير شاكّين ، صابرون مسلّمون ، وإنّما ضلّوا عن مكان إمامهم وعن معرفة شخصه ، يدلّ على ذلك أنّ الله تعالى إذا حجب عن عباده عين الشمس الّتي جعلها دليلا على أوقات الصلاة ، فموسّع عليهم تأخير الموقّت ليتبين لهم الوقت بظهورها ، ويستيقنوا أنّها قد زالت ، فكذلك المنتظر لخروج الإمام عليه‌السلام ، المتمسّك بإمامته موسّع عليه جميع فرائض الله الواجبة عليه ، مقبولة منه بحدودها ، غير خارج عن معنى ما فرض عليه ، فهو صابر محتسب لا تضرّه غيبة إمامة (٥).

__________________

(١) المحاسن للبرقي ٢٦٢ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١٣١.

(٢) بحار الأنوار ٥٢ / ١٣١.

(٣) نفس المصدر.

(٤) الكافي ١ / ٣٤٢ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١٣٢.

(٥) بحار الأنوار ٥٢ / ١٤٣ ـ ١٤٤.

١٢٩

سورة الأعراف

الآية الاولى قوله تعالى : (يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ)(١).

٢١٣ ـ روى الشيخ الصدوق رحمه‌الله ، بإسناده عن عبد السلام صالح الهرويّ ، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن عليّ عليهم‌السلام قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : والّذي بعثني بالحقّ بشيرا ، ليغيبن القائم من ولدي ، بعهد معهود إليه منّي ، حتّى يقول أكثر الناس : ما لله في آل محمّد حاجة ، ويشكّ آخرون في ولادته ، فمن أدرك زمانه فليتمسّك بدينه ، ولا يجعل للشيطان إليه سبيلا بشكّه ، فيزيله عن ملّتي ، ويخرجه عن ديني ، فقد أخرج أبويكم من الجنة من قبل ، وإنّ الله عزوجل جعل الشياطين أولياء للّذين لا يؤمنون (٢).

الآية الثانية قوله تعالى : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا

__________________

(١) الأعراف : ٢٧.

(٢) كمال الدّين ١ / ٥١ ؛ منتخب الأثر ٢٦٢ ف ٢ ب ٢٧ ح ١٧.

١٣٠

يَسْتَقْدِمُونَ)(١).

٢١٤ ـ روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدس‌سره بإسناده عن حمران ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام وذكر هؤلاء عنده وسوء حال الشيعة عندهم فقال : إنّي سرت مع أبي جعفر المنصور وهو في موكبه وهو على فرس ، وبين يديه خيل ، ومن خلفه خيل ، وأنا على حمار إلى جانبه ، فقال لي :

يا أبا عبد الله قد كان ينبغي لك ان تفرح بما أعطانا الله من القوّة وفتح لنا من العز ، ولا تخبر الناس أنّك أحقّ بهذا الأمر منّا وأهل بيتك ، فتغرينا بك وبهم ، قال : فقلت : ومن رفع هذا إليك عنّي فقد كذب. فقال لي : أتحلف على ما تقول؟ قال : فقلت : إنّ الناس سحرة ، يعني يحبّون أن يفسدوا قلبك عليّ ، فلا تمكّنهم من سمعك ، فإنّا إليك أحوج منك إلينا. فقال لي : تذكر يوم سألتك هل لنا ملك؟ فقلت : نعم ، طويل عريض شديد ، فلا تزالون في مهلة من أمركم وفسحة من دنياكم ، حتّى تصيبوا منا دما حراما في شهر حرام في بلد حرام ، فعرفت أنّه قد حفظ الحديث ، فقلت : لعلّ الله عزوجل أن يكفيك فإنّي لم أخصّك بهذا ، وإنّما هو حديث رويته ، ثمّ لعلّ غيرك من أهل بيتك يتولّى ذلك ، فسكت عني ، فلمّا رجعت إلى منزلي أتاني بعض موالينا فقال : جعلت فداك ، والله لقد رأيتك في موكب أبي جعفر وأنت على حمار وهو على فرس ، وقد أشرف عليك يكلّمك كأنّك تحته ، فقلت بيني وبين نفسي : هذا حجّة الله على الخلق وصاحب هذا الأمر الّذي يقتدى به ، وهذا الآخر يعمل بالجور ويقتل أولاد الأنبياء ويسفك الدماء في الأرض بما لا يحبّ الله ، وهو في موكبه وأنت على حمار ، فدخلني من ذلك شكّ حتّى خفت على ديني ونفسي. قال فقلت : لو رأيت من كان حولي وبين يديّ ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي من الملائكة ، لاحتقرته واحتقرت ما هو فيه ، فقال : الآن سكن قلبي. ثمّ قال : إلى متى هؤلاء يملكون ، أو متى الراحة منهم؟ فقلت : أليس تعلم أنّ لكلّ شيء مدّة؟ قال : بلى. فقلت : هل ينفعك علمك أنّ هذا الامر إذا جاء كان أسرع من طرفة العين؟ إنّك لو تعلم حالهم عند الله عزوجل وكيف هي ، كنت لهم أشد بغضا ، ولو جهدت أو جهد أهل الأرض أن

__________________

(١) الأعراف : ٣٤.

١٣١

يدخلوهم في أشدّ ممّا هم فيه من الإثم لم يقدروا ، فلا يستفزنّك الشيطان فإنّ العزّة لله ولرسوله وللمؤمنين ، ولكنّ المنافقين لا يعلمون ، ألا تعلم أنّ من انتظر أمرنا وصبر على ما يرى من الأذى والخوف ، هو غدا في زمرتنا؟ فإذا رأيت الحق قد مات وذهب أهله ، ورأيت الجور قد شمل البلاد ، ورأيت القرآن قد خلق وأحدث فيه ما ليس فيه ووجّه على الأهواء ، ورأيت الدّين قد انكفأ كما ينكفئ الماء ، ورأيت أهل الباطل قد استعملوا على أهل الحقّ ، ورأيت الشرّ ظاهرا لا ينهى عنه ويعذر أصحابه ، ورأيت الفسق قد ظهر ، واكتفى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، ورأيت المؤمن صامتا لا يقبل قوله ، ورأيت الفاسق يكذب ولا يردّ عليه كذبه وفريته ، ورأيت الصغير يستحقر (ب) الكبير ، ورأيت الأرحام قد تقطّعت ، ورأيت من يمتدح بالفسق يضحك منه ولا يردّ عليه قوله ، ورأيت الغلام يعطى ما تعطى المرأة ، ورأيت النساء يتزوجن النساء ، ورأيت الغناء قد كثر ، ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة الله فلا ينهى ولا يؤخذ على يديه ، ورأيت الناظر يتعوّذ بالله مما يرى المؤمن فيه من الاجتهاد ، ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع ، ورأيت الكافر فرحا لما يرى في المؤمن ، مرحا لما يرى في الأرض من الفساد ، ورأيت الخمور تشرب علانية ويجتمع عليها من لا يخاف الله عزوجل ، ورأيت الآمر بالمعروف ذليلا ، ورأيت الفاسق فيما لا يحبّ الله قويّا محمودا ، ورأيت أصحاب الآيات يحتقرون ويحتقر من يحبّهم ، ورأيت سبيل الخير منقطعا وسبيل الشر مسلوكا ، ورأيت بيت الله قد عطّل ويؤمر بتركه ، ورأيت الرجل يقول ما لا يفعله ، ورأيت الرجال يتسمّنون للرجال ، والنساء للنساء ، ورأيت الرجل معيشته من دبره ، ومعيشة المرأة من فرجها ، ورأيت النساء يتّخذن المجالس كما يتّخذها الرجال ، ورأيت التأنيث في ولد العباس قد ظهر ، وأظهروا الخضاب وامتشطوا كما تتمشط المرأة لزوجها ، وأعطوا الرجال الأموال على فروجهم ، وتنوفس في الرجل وتغاير عليه الرجال ، وكان صاحب المال أعزّ من المؤمن ، وكان الربا ظاهرا لا يغيّر ، وكان الزنا تمتدح به النساء ، ورأيت المرأة تصانع زوجها على نكاح الرجال ، ورأيت اكثر الناس وخير بيت من يساعد النساء على فسقهن ، ورأيت المؤمن محزونا محتقرا ذليلا ، ورأيت البدع والزنا قد ظهر ، ورأيت الناس يعتدّون بشاهد

١٣٢

الزور ، ورأيت الحرام يحلّل ، ورأيت الحلال يحرّم ، ورأيت الدّين بالرأي ، وعطّل الكتاب وأحكامه ، ورأيت الليل لا يستخفى به من الجرأة على الله ، ورأيت المؤمن لا يستطيع أن يذكر إلّا بقلبه ، ورأيت العظيم من المال ينفق في سخط الله عزوجل ، ورأيت الولاة يقرّبون أهل الكفر ويباعدون أهل الخير ، ورأيت الولاة يرتشون في الحكم ، ورأيت الولاية قبالة لمن زاد ، ورأيت ذوات الأرحام ينكحن ويكتفى بهنّ ، ورأيت الرجل يقتل على التهمة وعلى الظنّة ، ويتغاير على الرجل الذّكر فيبذل له نفسه وماله ، ورأيت الرجل يعيّر على إتيان النساء ، ورأيت الرجل يأكل من كسب امرأته من الفجور يعلم ذلك ويقيم عليه ، ورأيت المرأة تقهر زوجها وتعمل ما لا يشتهي وتنفق على زوجها ، ورأيت الرجل يكري امرأته وجاريته ويرضى بالدنيّ من الطعام والشراب ، ورأيت الأيمان بالله عزوجل كثيرة على الزور ، ورأيت القمار قد ظهر ، ورأيت الشراب يباع ظاهرا ليس له مانع ، ورأيت النساء يبذلن أنفسهن لأهل الكفر ، ورأيت الملاهي قد ظهرت يمرّ بها لا يمنعها أحد أحدا ولا يجترئ أحد على منعها ، ورأيت الشريف يستذلّه الّذي يخاف سلطانه ، ورأيت أقرب الناس من الولاة من يمتدح بشتمنا أهل البيت ، ورأيت من يحبّنا يزوّر ولا تقبل شهادته ، ورأيت الزور من القول يتنافس فيه ، ورأيت القرآن قد ثقل على الناس استماعه وخفّ على الناس استماع الباطل ، ورأيت الجار يكرم الجار خوفا من لسانه ، ورأيت الحدود قد عطّلت وعمل فيها بالأهواء ، ورأيت المساجد قد زخرفت ، ورأيت أصدق الناس عند الناس المفتري الكذب ، ورأيت الشرّ قد ظهر والسعي بالنميمة ، ورأيت البغي قد فشا ، ورأيت الغيبة تستملح ويبشّر بها الناس بعضهم بعضا ، ورأيت طلب الحجّ والجهاد لغير الله ، ورأيت السلطان يذلّ للكافر المؤمن ، ورأيت الخراب قد اديل من العمران ، ورأيت الرجل معيشته من بخس المكيال والميزان ، ورأيت سفك الدماء يستخفّ بها ، ورأيت الرجل يطلب الرئاسة لعرض الدنيا ويشهر نفسه بخبث اللسان ليتّقى وتسند إليه الأمور ، ورأيت الصلاة قد استخفّ بها ، ورأيت الرجل عنده المال الكثير ثمّ لم يزكّه منذ ملكه ، ورأيت الميت ينبش من قبره ويؤذى وتباع أكفانه ، ورأيت الهرج قد كثر ، ورأيت الرجل يمسى نشوان ويصبح سكران لا يهتمّ بما الناس فيه ، ورأيت البهائم تنكح ،

١٣٣

ورأيت البهائم يفرس بعضها بعضا ، ورأيت الرجل يخرج إلى مصلّاه ويرجع وليس عليه شيء من ثيابه ، ورأيت قلوب الناس قد قست وجمدت أعينهم وثقل الذكر عليهم ، ورأيت السحت قد ظهر يتنافس فيه ، ورأيت المصلّي إنّما يصلّي ليراه الناس ، ورأيت الفقيه يتفقّه لغير الدّين ، يطلب الدنيا والرئاسة ، ورأيت الناس مع من غلب ، ورأيت طالب الحلال يذمّ ويعيّر ، وطالب الحرام يمدح ويعظّم ، ورأيت الحرمين يعمل فيهما بما لا يحبّ الله ، لا يمنعهم مانع ولا يحول بينهم وبين العمل القبيح أحد ، ورأيت المعازف ظاهرة في الحرمين ، ورأيت الرجل يتكلّم بشيء من الحقّ ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، فيقوم إليه من ينصحه في نفسه ، فيقول هذا عنك موضوع ، ورأيت الناس ينظر بعضهم إلى بعض ويقتدون بأهل الشرور ، ورأيت مسلك الخير وطريقه خاليا لا يسلكه احد ، ورأيت الميّت يهزأ به فلا يفزع له أحد ، ورأيت كلّ عام يحدث فيه من الشرّ والبدعة أكثر مما كان ، ورأيت الخلق والمجالس لا يتابعون إلّا الأغنياء ، ورأيت المحتاج يعطى على الضحك به ويرحم لغير وجه الله ، ورأيت الآيات في السماء لا يفزع لها أحد ، ورأيت الناس يتسافدون كما يتسافد البهائم لا ينكر أحد منكرا تخوّفا من الناس ، ورأيت الرجل ينفق الكثير في غير طاعة الله ويمنع اليسير في طاعة الله ، ورأيت العقوق قد ظهر ، واستخف بالوالدين وكانا من أسوإ الناس حالا عند الولد ويفرح بأن يفتري عليهما ، ورأيت النساء وقد غلبن على الملك وغلبن على كلّ أمر يؤتى إلّا مالهن فيه هوى ، ورأيت ابن الرجل يفتري على أبيه ويدعو على والديه ويفرح بموتهما ، ورأيت الرجل إذا مر به يوم ولم يكسب فيه الذنب العظيم من فجور أو بخس مكيال أو ميزان أو غشيان حرام أو شرب مسكر كئيبا حزينا يحسب أنّ ذلك اليوم عليه وضيعة من عمره ، ورأيت السلطان يحتكر الطعام ، ورأيت أموال ذوي القربى تقسّم في الزور ويتقامر بها وتشرب بها الخمور ، ورأيت الخمر يتداوى بها وتوصف للمريض ويستشفى بها ، ورأيت الناس قد استووا في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وترك التديّن به ، ورأيت رياح المنافقين وأهل النفاق قائمة ، ورياح أهل الحق لا تحرّك ، ورأيت الأذان بالأجر والصلاة بالأجر ، ورأيت المساجد محتشية ممّن لا يخاف الله ، مجتمعون فيها للغيبة وأكل لحوم أهل الحقّ ،

١٣٤

ويتواصفون فيها شراب المسكر ، ورأيت السكران يصلّي بالناس وهو لا يعقل ولا يشان بالسكر ، وإذا سكر أكرم واتّقي وخيف وترك لا يعاقب ويعذر بسكره ، ورأيت من اكل اموال اليتامى يحمد بصلاحه ، ورأيت القضاة يقضون بخلاف ما أمر الله ، ورأيت الولاة يأتمنون الخونة للطمع ، ورأيت الميراث قد وضعته الولاة لأهل الفسوق والجرأة على الله يأخذون منهم ويخلّونهم وما يشتهون ، ورأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوى ولا يعمل القائل بما يأمر ، ورأيت الصلاة قد استخفّ بأوقاتها ، ورأيت الصدقة بالشفاعة لا يراد بها وجه الله وتعطى لطلب الناس ، ورأيت الناس همّهم بطونهم وفروجهم ، لا يبالون بما أكلوا وما نكحوا ، ورأيت الدنيا مقبلة عليهم ، ورأيت أعلام الحقّ قد درست ، فكن على حذر واطلب الى الله عزوجل النجاة ، واعلم أنّ الناس في سخط الله عزوجل وإنّما يمهلهم لأمر يراد بهم ، فكن مترقّبا واجتهد ليراك الله عزوجل في خلاف ما هم عليه ، فإن نزل بهم العذاب وكنت فيهم عجّلت إلى رحمة الله ، وإن أخرت ابتلوا وكنت قد خرجت ممّا هم فيه من الجرأة على الله عزوجل ، واعلم أنّ الله لا يضيع أجر المحسنين ، وأنّ رحمة الله قريب من المحسنين (١).

الآية الثالثة قوله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ)(٢).

٢١٥ ـ روى عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه‌السلام قال : فهو من الآيات الّتي تأويلها بعد تنزيلها ، قال : ذلك يوم القائم عليه‌السلام ويوم القيامة (يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ) أي تركوه : (قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا) قال : قال هذا يوم القيامة (أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ) أي بطل عنهم (ما كانُوا يَفْتَرُونَ)(٣).

الآية الرابعة قوله تعالى : (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ

__________________

(١) الكافي ٨ / ٣٧ ح ٧ ؛ بشارة الإسلام ١٢٥ ـ ١٣٠ ب ٧.

(٢) الأعراف : ٥٣.

(٣) تفسير القمّيّ ١ / ٢٣٣ ـ ٢٣٤ ؛ تفسير العيّاشيّ ١ / ٢٣٥.

١٣٥

غَيْرُهُ ..)(١).

وجه الشبه بين غيبة صالح عليه‌السلام وغيبة المهديّ عليه‌السلام

٢١٦ ـ روى الشيخ الصدوق رحمه‌الله بإسناده عن زيد الشحام ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إنّ صالحا عليه‌السلام غاب عن قومه زمانا ، وكان يوم غاب عنهم كهلا مبدوح البطن حسن الجسم ، وافر اللحية ، خميص البطن ، خفيف العارضين مجتمعا ، ربعة من الرجال ، فلمّا رجع الى قومه لم يعرفوه بصورته ، فرجع اليهم وهم على ثلاث طبقات : طبقة جاحدة لا ترجع أبدا ، وأخرى شاكّة فيه ، واخرى على يقين.

فبدأ عليه‌السلام حين رجع بالطبقة الشاكّة فقال لهم : أنا صالح ، فكذّبوه وشتموه وزجروه ، وقالوا : برىء الله منك ، إنّ صالحا كان في غير صورتك ، قال : فأتى الجحّاد فلم يسمعوا منه القول ونفروا منه أشدّ النفور ، ثمّ انطلق إلى الطبقة الثالثة وهم أهل اليقين فقال لهم : أنا صالح : فقالوا أخبرنا خبرا لا نشكّ فيك معه أنّك صالح ، فإنّا لا نمتري أنّ الله تبارك وتعالى الخالق ، ينقل ويحوّل في أيّ صورة شاء ، وقد أخبرنا وتدارسنا فيما بيننا بعلامات القائم إذا جاء ، وإنّما يصحّ عندنا إذا أتى الخبر من السماء.

فقال لهم صالح : أنا صالح الّذي أتيتكم بالنّاقة ، قالوا : صدقت وهي الّتي نتدارس ، فما علامتها؟ فقال : لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ، قالوا : آمنّا بالله وبما جئتنا به ، فعند ذلك قال الله تبارك وتعالى : (أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ) فقال أهل اليقين : (إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ* قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) «وهم الشكّاك والجحّاد» (إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ)(٢). قلت : هل كان فيهم ذلك اليوم عالم به؟ قال : الله أعدل من أن يترك الأرض بلا عالم يدلّ على الله عزوجل ، ولقد مكث القوم بعد خروج صالح سبعة أيّام على فترة لا يعرفون اماما ، غير أنّهم على ما في ايديهم من دين الله عزوجل كلمتهم واحدة ، فلمّا ظهر صالح عليه‌السلام اجتمعوا عليه ، وإنّما مثل القائم عليه‌السلام مثل صالح (٣).

__________________

(١) الأعراف : ٧٣.

(٢) الأعراف : ٧٥ و ٧٦.

(٣) كمال الدّين ١ / ١٣٦.

١٣٦

الآية الخامسة قوله تعالى : (قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)(١).

٢١٧ ـ روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدس‌سره بإسناده عن أبي خالد الكابليّ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : وجدنا في كتاب عليّ صلوات الله عليه في قوله تعالى : (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) أنا وأهل بيتي الّذين أورثنا الله الأرض ، ونحن المتّقون والأرض كلّها لنا ، فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها ، وليؤدّ خراجها إلى الإمام من أهل بيتي ، وله ما أكل منها ، فإن تركها أو أخربها وأخذها رجل من المسلمين من بعده ، فعمرها وأحياها ، فهو أحقّ بها من الّذي تركها ، يؤدّي خراجها إلى الإمام من أهل بيتي ، وله ما يأكل منها حتّى يظهر القائم عليه‌السلام من أهل بيتي بالسيف فيحويها ويمنعها منهم ويخرجهم كما حواها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومنعها ، إلّا ما كان في أيدي شيعتنا ، يقاطعهم على ما في أيديهم ، ويترك الأرض في أيديهم (٢).

الآية السادسة قوله تعالى : (فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ)(٣).

عصا موسى عليه‌السلام من مواريث المهديّ عليه‌السلام

٢١٨ ـ روى النعمانيّ بإسناده عن عبد الله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : عصا موسى قضيب آس من غرس الجنة أتاه بها جبرئيل عليه‌السلام لمّا توجه تلقاء مدين ، وهي وتابوت آدم في بحيرة طبرية ، ولن يبليا ولن يتغيّرا حتّى يخرجهما القائم عليه‌السلام إذا قام (٤).

٢١٩ ـ روى الصفّار بإسناده عن محمّد بن الفيض ، عن محمّد بن عليّ عليه‌السلام قال : كانت عصى موسى لآدم ، فصارت إلى شعيب ، ثمّ صارت إلى موسى بن عمران ، وإنّها لعندنا ، وإنّ عهدي بها آنفا ، وهي خضراء كهيئتها حين انتزعت من شجرها ، وإنّها لتنطق إذا استنطقت ، اعدّت لقائمنا ليصنع كما كان موسى يصنع بها ، إنّها لتروع وتلقف. قال : إنّ

__________________

(١) الأعراف : ١٢٨.

(٢) الكافي ١ / ٤٠٧ ح ١ ؛ تأويل الآيات الظاهرة ١ / ١٧٧ ح ١٥.

(٣) الأعراف : ١٠٧.

(٤) الغيبة للنعمانيّ ٢٣٨ ح ٢٧ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٣٥١.

١٣٧

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا أراد أن يقبضه أورث عليا علمه وسلاحه وما هناك ، ثمّ صار إلى الحسن والحسين ، ثمّ حين قتل الحسين استودعه أمّ سلمة ، ثمّ قبض بعد ذلك منها. قال : فقلت : ثمّ صار إلى عليّ بن الحسين (ثمّ صار إلى أبيك) ثمّ انتهى إليك؟ قال : نعم (١).

٢٢٠ ـ وبالإسناد عن عبد الله بن أبي يعفور قال : قال أبو عبد الله جعفر بن محمّد عليه‌السلام : ما من معجزة من معجزات الأنبياء والأوصياء إلّا ويظهر الله تبارك وتعالى مثلها في يد قائمنا ، لإتمام الحجّة على الأعداء (٢).

إنّ دولة آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله آخر الدول

٢٢١ ـ روى الطوسيّ رحمه‌الله بإسناده عن أبي صادق ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : دولتنا آخر الدول ، ولم يبق أهل بيت لهم دولة إلّا ملكوا قبلنا ، لئلّا يقولوا إذا رأوا سيرتنا : إذا ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء ، وهو قول الله عزوجل (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)(٣).

٢٢٢ ـ روى العيّاشيّ ، بإسناده عن عمّار الساباطيّ ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) قال : فما كان لله فهو لرسوله ، وما كان لرسول الله فهو للإمام بعد رسول الله عليهما‌السلام (٤).

الآية السابعة قوله تعالى (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ)(٥).

__________________

(١) بصائر الدرجات ١٨٣ ب ٤ ح ٣٦ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٣١٨.

(٢) إثبات الهداة ٣ / ٧٠٠ ح ١٣٧ ؛ أربعين الخاتون آبادي ٦٧ ح ١٣.

(٣) الغيبة للطوسيّ ٢٨٢ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٣٣٢.

(٤) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢٥ ح ٦٥ ؛ بحار الأنوار ١٠٠ / ٥٨.

(٥) الأعراف : ١٤٢.

١٣٨

الشبه بين غيبة المهديّ عليه‌السلام وغيبة موسى عليه‌السلام

٢٢٣ ـ الكليني : بإسناده عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : إنّ لهذا الأمر وقتا؟ فقال : كذب الوقّاتون ، إنّ موسى عليه‌السلام لمّا خرج وافدا إلى ربّه وواعدهم ثلاثين يوما ، فلمّا زاده الله تعالى الثلاثين عشرا ، قال له قومه : قد أخلفنا موسى فصنعوا ما صنعوا ، قال : فإذا حدّثناكم بحديث فجاء على ما حدّثناكم به فقولوا : صدق الله ، وإذا حدّثناكم بحديث فجاء على خلاف ما حدّثناكم به ، فقولوا : صدق الله ، تؤجروا مرتين (١).

٢٢٤ ـ الفضل بن شاذان ، عن محمّد بن الحنفيّة ، في حديث اختصرنا منه موضع الحاجّة أنّه قال : إنّ لبني فلان ملكا مؤجّلا ، حتّى إذا أمنوا واطمأنّوا ، وظنّوا أنّ ملكهم لا يزول ، صيح فيهم صيحة ، فلم يبق لهم راع يجمعهم ولا داع يسمعهم ، وذلك قول الله عزوجل : (حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). قلت : جعلت فداك ، هل لذلك وقت؟ قال : لا ، لأنّ علم الله غلب علم المؤقّتين ، إنّ الله وعد موسى ثلاثين ليلة وأتمّها بعشر لم يعلمها موسى ، ولم يعلمها بنو إسرائيل ، فلمّا جاز الوقت قالوا : غرّنا موسى ، فعبدوا العجل ، ولكن إذا كثرت الحاجة والفاقة ، وأنكر في الناس بعضهم بعضا ، فعند ذلك توقّعوا أمر الله صباحا ومساء (٢).

الآية الثامنة قوله تعالى : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ)(٣).

دلالة الآية على الرجعة

٢٢٥ ـ روى أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم بن حفص النعمانيّ في كتابه في تفسير القرآن ، بإسناده عن إسماعيل بن جابر قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام

__________________

(١) الكافي ١ / ٣٦٩ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١١٨.

(٢) الغيبة للنعمانيّ ١٥٦ و ٢٧٨ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١٠٤.

(٣) الأعراف : ١٥٥.

١٣٩

يقول (في حديث طويل له عن أنواع آيات القرآن ، روى فيه الإمام الصادق عليه‌السلام مجموعة أسئلة يجيب عنها أمير المؤمنين عليه‌السلام عن آيات القرآن وأحكامه ، جاء فيها) : وأمّا الردّ على من أنكر الرجعة ، فقول الله عزوجل : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ)(١) أي إلى الدنيا ، وأمّا معنى حشر الآخرة ، فقوله عزوجل : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً)(٢).

وقوله سبحانه : (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ)(٣) في الرجعة ، فأمّا في القيامة فهم يرجعون.

ومثل قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ)(٤) وهذا لا يكون إلّا في الرجعة.

ومثله ما خاطب الله به الأئمة ، ووعدهم من النصر والانتقام من أعدائهم ، فقال سبحانه : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ـ إلى قوله ـ (لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً)(٥) وهذا إنّما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا.

ومثل قوله تعالى : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ)(٦).

وقوله سبحانه : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ)(٧) أي رجعة الدنيا.

ومثل قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ)(٨).

وقوله عزوجل : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا) فردّهم الله تعالى بعد الموت إلى الدنيا (٩).

الآية التاسعة قوله تعالى : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً

__________________

(١) النمل : ٨٣.

(٢) الكهف : ٤٧.

(٣) الأنبياء : ٩٥.

(٤) آل عمران : ٨١.

(٥) النور : ٥٥.

(٦) القصص : ٥.

(٧) القصص : ٨٥.

(٨) البقرة : ٢٤٣.

(٩) المحكم والمتشابه ٣ ، والمتن في ص ١١٢ و ١١٣.

١٤٠