تقريب القرآن إلى الأذهان - ج ٥

آية الله السيد محمد الشيرازي

تقريب القرآن إلى الأذهان - ج ٥

المؤلف:

آية الله السيد محمد الشيرازي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٦٨

(٧٧)

سورة المرسلات

مكيّة / آياتها (٥١)

سميت هذه السورة بهذا الاسم لاشتمالها على لفظة «المرسلات» ، وهي كسائر السور المكية تعالج قضايا العقيدة في أصولها ، وحيث ختمت سورة «الإنسان» بذكر القيامة ، افتتحت هذه السورة بمثل ذلك.

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (١)

[١] (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) نشرع في السورة باسم الله الذي هو الإله بالحق ، وما دونه باطل ، الرحمن الرحيم الذي يعطي كل شيء خلقه ، ويهديه إلى مصالحه ، ويهيئ له المستقبل الحسن ، فإن «الرحمن» وما من قبيله من الصفات لا بد وأن يراد بها نتائج هذه الصفات لاستحالة أمثالها في حقه تعالى بمعناها الجاري في حقنا.

٥٨١

وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً (١) فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً (٢) وَالنَّاشِراتِ نَشْراً (٣) فَالْفارِقاتِ فَرْقاً (٤) فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً (٥) عُذْراً أَوْ نُذْراً (٦) إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ (٧) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (٨)

____________________________________

[٢] (وَالْمُرْسَلاتِ) أي قسما بالملائكة التي أرسلت إرسالا ـ إلى الأرض ـ (عُرْفاً) أي في حال كونهم كعرف الفرس في تواليه وتتابعه ، وهو شعرها النابت على رقبتها.

[٣] (فَالْعاصِفاتِ) أي ثم قسما بالملائكة التي تعصف عصف الرياح في امتثال أمره سبحانه (عَصْفاً) مصدر تأكيدي.

[٤] (وَ) قسما ب (النَّاشِراتِ) أي الملائكة التي تنشر الكتب وتبسطها ، أو تنشر الآجال والأرزاق وما أمر الله بنشره (نَشْراً) مصدر تأكيدي ، وأن الإتيان ب «الواو» للتفنن الذي هو من أنواع البلاغة.

[٥] (فَالْفارِقاتِ) أي قسما بالملائكة التي تفرق بين الأشياء بأمر الله سبحانه (فَرْقاً) مصدر تأكيدي.

[٦] فقسما بالملائكة الملقيات (ذِكْراً) أي تلقي الذكر إلى الأنبياء عليهم‌السلام من قبل الله سبحانه.

[٧] (عُذْراً أَوْ نُذْراً) أي لأجل إعذار الله سبحانه ، وإنذاره للبشر على كفرهم وعصيانهم.

[٨] قسما بهؤلاء الطوائف من الملائكة (إِنَّ ما تُوعَدُونَ) من أحوال القيامة والجنة والنار (لَواقِعٌ) أي يقع لا محالة فلا خلف فيه.

[٩] ثم بين علامة القيامة بقوله : (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) أي ذهب نورها

٥٨٢

وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ (٩) وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ (١٠) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (١١) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (١٢) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (١٣) وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ (١٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥)

____________________________________

حتى صارت بلا ضياء أو نور.

[١٠] (وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ) ، أي شقت وصدعت فصار فيها فروج وشقوق ، لاختلال نظام المدارات.

[١١] (وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ) أي قلعت من أماكنها ، وصارت كالهباء سائرة في الفضاء.

[١٢] (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) أي جمعت لوقتها في القيامة لتشهد على الأمم ، وهو من الوقت ، وإنما تبدل الواو همزة لكراهة ضم الواو ـ كما قالوا ـ

[١٣] (لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ) هذا حكاية عن الحال ، أي أن الحالة تقتضي أن يقال فيها : لأي يوم أجلت وأخرت الرسل؟ ولماذا يراد جمعهم وهذا تعظيم لليوم وتعجيب من هوله.

[١٤] ويأتي الجواب (لِيَوْمِ الْفَصْلِ) الذي يفصل فيه بين أهل النار وأهل الجنة ، والسعداء والأشقياء.

[١٥] (وَما أَدْراكَ) أيها الإنسان ، أو يا رسول الله (ما يَوْمُ الْفَصْلِ) أي لا تدري أنت حقيقة هذا اليوم الهائل ، وهذا تعبير للتهويل والاستعظام.

[١٦] (وَيْلٌ) وهي كلمة تقال عند الهول والشدة المتوجهة على أحد (يَوْمَئِذٍ) أي في يوم القيامة (لِلْمُكَذِّبِينَ) الذين يكذبون بالله ورسوله والمعاد.

٥٨٣

أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧) كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (١٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٩) أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٢٠) فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ (٢١) إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢٢)

____________________________________

[١٧] ثم يأتي السياق لإنذار المكذبين بأنهم في معرض العذاب في الدنيا قبل الآخرة (أَلَمْ نُهْلِكِ) الأمم (الْأَوَّلِينَ) الذي كذبوا أنبياءهم؟

[١٨] (ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ) أي أتبعنا الأولين ب (الْآخِرِينَ) فأهلكنا الأمم الآخرين أيضا لما كذبوا الرسل؟ والأولون كقوم نوح وعاد وثمود ، والآخرون كقوم لوط وفرعون وقومه.

[١٩] و (كَذلِكَ) أي إهلاكا كإهلاك أولئك (نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) الذين أجرموا بالكفر والعصيان ، فإن العذاب ينزل بهم ، وهذا تهديد لكفار مكة.

[٢٠] (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ) أي في يوم القيامة (لِلْمُكَذِّبِينَ) الذين يكذبون بالله وآياته وسائر الأصول.

[٢١] ثم يأتي السياق لبيان جملة من نعم الله على البشر ليشكروه ، بعد ما هددهم ليخافوا منه (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ) أيها البشر (مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) أي النطفة التي هي «مهين» أي حقير ذليل ، من هان بمعنى ذلّ؟

[٢٢] (فَجَعَلْناهُ) أي جعلنا ذلك الماء بعد خروجه من الصلب والترائب (فِي قَرارٍ) أي مستقر (مَكِينٍ) أي مستحكم ، والمراد به الرحم.

[٢٣] (إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ) أي مقدار من الزمان معين ، وهو مدة الحمل.

٥٨٤

فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ (٢٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٤) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً (٢٥) أَحْياءً وَأَمْواتاً (٢٦) وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً (٢٧) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٨) انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩)

____________________________________

[٢٤] (فَقَدَرْنا) على ذلك (فَنِعْمَ الْقادِرُونَ) نحن إذ نقدر على كل شيء ، وبعد هذا هل ينكر الكافر قدرتنا على البعث وإعادة الأجسام بعد مماتها؟

[٢٥] (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ) أي في يوم القيامة (لِلْمُكَذِّبِينَ) وتكرار هذه الجملة للتركيز والإيحاء كما سبق في سورة «الرحمن» وغيرها.

[٢٦] (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً) يقال كفت الشيء : إذا ضمّه ، أي ضامة للعباد تكفتهم وتشمل عليهم.

[٢٧] (أَحْياءً وَأَمْواتاً) فتشمل أحياءهم بالبناء والزرع وسائر لوازم الحياة ، وتشمل أمواتهم في بطنها.

[٢٨] (وَجَعَلْنا فِيها) أي في الأرض (رَواسِيَ) جمع راسية ، وهي الجبل الشامخ (شامِخاتٍ) أي عاليات مرتفعات تحفظ الأرض عن التصدع والانهيار والتفرق في الهواء (وَأَسْقَيْناكُمْ) أيها البشر (ماءً فُراتاً) أي عذبا سائغا؟ أليست كل هذه النعم شاهدة على إله واحد عالم قدير؟ وأ ليست هذه النعم موجبة لإيمانكم بالله وتصديقكم لرسوله؟

[٢٩] (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ) أي في يوم القيامة (لِلْمُكَذِّبِينَ) بما جاء به الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنهم يلقون عذابا ونكالا.

[٣٠] وإذا قامت القيامة يقال للمكذبين : (انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ)

٥٨٥

انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (٣٠) لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ (٣١) إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢) كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ (٣٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٤)

____________________________________

أي إلى النار التي كنتم تكذبون بها ، وتقولون أنها غير كائنة.

[٣١] (انْطَلِقُوا) أي اذهبوا أيها الكفار (إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) لعل المراد بالظل النار التي فوقها الدخان ، وكونه على ثلاث شعب لأنهم كانوا في الدنيا يطوفون بين الكفر والإيمان والنفاق ، وقيل : شعبة من فوقهم ، وشعبة من يمينهم ، وشعبة من يسارهم.

[٣٢] (لا ظَلِيلٍ) أي لا يظل صاحبه من الحر (وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ) أي من لهب النار ، وهو ما يعلوها باختلاط الهواء أحمر أو أصفر أو أزرق ، فإن هذا الظل ليس كظلال السقوف يمنع الهواء الحار ولهب النار ، كما أنهم كانوا يعيشون في الدنيا في ظل الكفر والعصيان.

[٣٣] (إِنَّها) أي النار ـ التي فهمت من قوله سبحانه (ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (١) ـ (تَرْمِي) أي تطرح وتطير (بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) الشرر هو ما يتطاير من النار لشدة الحرارة ، وخفة ذلك الشرر ، والقصر هو البيت الجميل من الحجارة ، أو أصل الشجر ، والأول أظهر ، والثاني أنسب.

[٣٤] (كَأَنَّهُ) أي الشرر المرمي (جِمالَتٌ صُفْرٌ) أي أن الشرارة كالجمل الأصفر في لونه ، بعد ما كان بقدر القصر في حجمه ، والتشبيه بالجمالة لتتابعها وتطايرها كالجمالات التي ترتع هنا وهناك ، ونارهن شررها كيف يكون أصلها ومحلها؟

[٣٥] (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ) أي يوم القيامة (لِلْمُكَذِّبِينَ) الذين يكذبون بهذه الأمور

__________________

(١) المرسلات : ٣٠.

٥٨٦

هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٧) هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨) فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (٣٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ

____________________________________

كيف يلقون في النار ، ويقاسون العذاب والنكال؟

[٣٦] (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ) أي المجرمون من شدة الهول والفزع.

[٣٧] (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ) في الكلام (فَيَعْتَذِرُونَ) عن سالف أعمالهم وهذا إنما يكون في موقف من مواقف القيامة ، وفي موقف آخر يتكلمون ويعتذرون ، فللقيامة خمسون موقفا كل موقف يطول ألف سنة ـ كما ورد (١).

[٣٨] (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ) أي في هذا اليوم (لِلْمُكَذِّبِينَ) الذين كذبوا بالله وبما أرسل.

[٣٩] ثم يقال لهم : (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ) الذي يفصل فيه بين المحسنين والمجرمين ، ويدخل كل إلى محله الذي هيأه لنفسه (جَمَعْناكُمْ) أيها الكفار (وَالْأَوَّلِينَ) أي مع المكذبين الأولين السابقين عليكم من سائر الأمم.

[٤٠] (فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ) في خلاصكم من العقاب (فَكِيدُونِ) أي احتالوا وكيدوا لإنجاء أنفسكم ، وهذا استهزاء بهم وتقريع لهم ، فقد كانوا يكيدون للمؤمنين في الدنيا ، فليكيدوا هنا إن كان لهم كيد وحيلة.

[٤١] (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ) أي في يوم القيامة ، وأصله يوم إذ كان كذا ، حذفت

__________________

(١) مستدرك وسائل الشيعة : ج ١٢ ص ١٥٥.

٥٨٧

لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٠) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ (٤١) وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٤٢) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٤٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٥) كُلُوا

____________________________________

الجملة وقام التنوين مقامها (لِلْمُكَذِّبِينَ) بهذا اليوم وبسائر ما جاء به الرسل.

[٤٢] وإذا رأينا مقام الكفار ، فلننظر إلى مقام الأخيار (إِنَّ الْمُتَّقِينَ) الذين اتقوا الكفر والمعاصي (فِي ظِلالٍ) من أشجار الجنة ، وظلال قصورها (وَعُيُونٍ) أي أنهم في أرض بين العيون ، أو المراد أنهم يسبحون ويستحمون في نفس العيون.

[٤٣] (وَ) في (فَواكِهَ) جمع فاكهة ، وهي الثمرة أي أن الثمار تحيط من كل جوانبهم (مِمَّا يَشْتَهُونَ) أي من الأجناس التي يميلون إليها.

[٤٤] ويقال لهم : (كُلُوا) من الثمار (وَاشْرَبُوا) من العيون ، والمراد بالأمر الإباحة ، من قبيل (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) (١) (هَنِيئاً) أي أكلا وشربا خاليا من الأذى ، فإن الهنيء هو النفع الخالص من شائب الأذى (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي بمقابل أعمالكم الصالحة في الدنيا.

[٤٥] (إِنَّا كَذلِكَ) أي كالذي ذكرنا من الإنعام والإفضال (نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) الذين أحسنوا بالإيمان والعمل الصالح.

[٤٦] (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) كيف يرون أن هذه النعم أفلتت من أيديهم بسبب أعمالهم الفاسدة في الدنيا ، وكم يتحسرون لذلك.

[٤٧] ثم يأتي السياق ليخاطب المجرمين ـ في الدنيا ـ (كُلُوا) أيها الكفار

__________________

(١) المائدة : ٣.

٥٨٨

وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٧) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ (٤٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٩) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (٥٠)

____________________________________

(وَتَمَتَّعُوا) بمتاع الحياة الدنيا (قَلِيلاً) فإن أمد الدنيا قصير (إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ) وهل من فائدة للأكل والتمتع القليل لمن وراؤه عذاب شديد؟

[٤٨] (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ) أي في يوم القيامة (لِلْمُكَذِّبِينَ) الذين كذبوا بالله وبما جاء من عنده.

[٤٩] (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ) أي للمكذبين (ارْكَعُوا) واخضعوا لله سبحانه ، فإن المراد بالركوع إما مطلق الخضوع ، أو الركوع كناية عن الصّلاة (لا يَرْكَعُونَ) عنادا واستكبارا.

روى أنها نزلت في وفد ثقيف حين أمرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالصلاة فقالوا : لا ننحني فإن ذلك مسبة علينا ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا خير في دين ليس فيه ركوع وسجود (١). أقول : المراد ب «لا نحني» أي لا نعطف ظهورنا ، فقد استقبحوا رفع عجيزتهم.

[٥٠] (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) الذين كذبوا بالأحكام ، ولم يصدقوا بالركوع وسائر العبادات ، فإنهم يلاقون جزاء ذلك.

[٥١] (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ) أي بعد القرآن (يُؤْمِنُونَ) فإنهم إذا لا يؤمنون بالقرآن الذي هو أحسن الحديث من جميع النواحي ، فهل هناك رجاء لإيمانهم بشيء آخر؟ كلّا إنه الشقاء الأبدي الذي يشملهم إن لم يؤمنوا بهذا الكتاب العظيم.

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ١٧ ص ٥٢.

٥٨٩
٥٩٠

تقريب القرآن الى الأذهان

الجزء الثلاثون

من آية (١) سورة النبأ

إلى آية (٧) سورة الناس

٥٩١

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد المصطفى وعترته الطاهرين

٥٩٢

(٧٨)

سورة النبأ

مكيّة / آياتها (٤١)

سميت هذه السورة بسورة النبأ وعم لاشتمالها على لفظة «النبأ» و «عم» وحيث ختمت سورة المرسلات بذكر القيامة ووعيد الكفار بذلك ، افتتحت هذه السورة بذلك.

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (١)

[١] (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ابتداء باسم الإله ، الذي هو الأول قبل كل شيء ، الرحمن الرحيم الذي يرحم العباد بإعطائهم ما يكملهم وبغفران ذنوبهم.

٥٩٣

عَمَّ يَتَساءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (٢) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (٣)

____________________________________

[٢] (عَمَّ يَتَساءَلُونَ) أصله «عن ما» مركبة من «عن» الجارة و «ما» الاستفهامية ، ثم أدغمت النون في الميم لقرب مخرجهما ، وحذفت الألف من «ما» على ما هي القاعدة من حذفها مطلقا إذا دخل على «ما» حرف الجر ، فيقال «بم ، ولم ، وعم» وهكذا. والمعنى عما ذا يتساءل الكفار بعضهم عن بعض ، فقد قال في المجمع قالوا : لما بعث رسول الله وأخبرهم بتوحيد الله تعالى وبالبعث بعد الموت وتلا عليهم القرآن جعلوا يتساءلون بينهم ـ أي يسأل بعضهم بعضا على طريق الإنكار والتعجب ـ فيقولون : ماذا جاء به محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما الذي أتى به؟ فأنزل الله تعالى «عم يتساءلون» (١).

أقول : والمراد بالاستفهام التفخيم ، كما تقول : أية قصة هذه؟ إذا أردت تفخيمها ، وورد في جملة من الأحاديث : أن المراد بالنبإ العظيم الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام (٢) ، وهذا من باب المصداق ـ إن أريد بالآية الأعم ، ومن باب البطون إن أريد بها القيامة فقط.

[٣] ثم جاء الجواب (عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) أي الخبر المهم ، وهو ما يتعلق بالمبدأ والمعاد.

[٤] (الَّذِي) أي النبأ الذي (هُمْ) أي هؤلاء الكفار (فِيهِ) أي في ذلك النبأ (مُخْتَلِفُونَ) فمن مصدق له باعتبار كونه من أهل الكتاب أو من أشبههم ، ومن مكذب له.

__________________

(١) مجمع البيان : ج ١٠ ص ٢٣٩.

(٢) الكافي : ج ١ ص ٢٠٧.

٥٩٤

كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (٤) ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (٥) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (٦) وَالْجِبالَ أَوْتاداً (٧) وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً (٨) وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً (٩)

____________________________________

[٥] (كَلَّا) ليس الأمر كما قالوا وزعموا ، حيث أنكروا التوحيد والرسالة والمعاد (سَيَعْلَمُونَ) عاقبة تكذيبهم وصدق الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

[٦] (ثُمَ) لترتيب الكلام (كَلَّا) ليس الأمر كما زعموا (سَيَعْلَمُونَ) عند موتهم أو في يوم القيامة : إن الأمر كان كما أخبر الرسول ، وإنهم كانوا في ضلال وانحراف ، وهذا تهديد بعقب تهديد.

[٧] ثم جاء السياق ليذكر طرفا من نعمه سبحانه الدالة على وجوده وسائر صفاته ، حجة على المنكرين : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً)؟ أي وطاء وقرارا مهيّأ للتصرف ، كالمهد الذي يستقر فيه الطفل من غير أذية.

[٨] (وَ) ألم نجعل (الْجِبالَ أَوْتاداً) جمع «وتد» وهو «المسمار» أي مسامير للأرض حتى لا تتشقق ولا تتبعثر في الهواء من جراء الحركة والجاذبيات ، كالوتد الذي يربط بعض ألواح الخشب ببعض حتى لا تنفصم.

[٩] (وَخَلَقْناكُمْ) أيها البشر (أَزْواجاً) جمع «زوج» ، وهو الصنف ، أي أصنافا وأشكالا ، باختلاف ألوانكم ، وألسنتكم ، ومدارككم إلى غير ذلك من الاختلافات.

[١٠] (وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ) أيها البشر (سُباتاً) أي قاطعا للعمل لأجل الاستراحة ، ومنه سبت أنفه : إذا قطعه ، فمن يا ترى جعل هذه الأمور غير الله سبحانه؟!

٥٩٥

وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً (١٠) وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً (١١) وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً (١٢) وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً (١٣) وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً (١٤)

____________________________________

[١١] (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً) أي غطاء وسترة يستر كل شيء كما يستر اللباس البدن ، وذلك لحكمة الاستراحة والانصراف عن العمل ، فإن الليل لو كان مثل النهار لم يهدأ الإنسان ولم يهنأ بالراحة ، بالإضافة إلى أن ظلمة الليل تساعد على الراحة والنوم ـ كما قالت الأطباء ـ.

[١٢] (وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً) المعاش هو العيش ، أي وقت العيش تتقلبون فيه لتحصيل أسباب العيش والبقاء ، وهذا من الإسناد المجازي ، فإن النهار زمان العيش لا نفسه.

[١٣] (وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ) أي خلقنا وصنعنا فوقكم أيها البشر (سَبْعاً) أي سبع سماوات ، والمراد بها مدارات الكواكب السيارة ، أو ما أشبه (شِداداً) جمع «شديد» أي محكمة الصنع متقنة الأسلوب والنظام.

[١٤] (وَجَعَلْنا) في السماوات (سِراجاً) أي مصباحا ، والمراد به الشمس (وَهَّاجاً) أي وقادا متلألأ بالنور ، من «وهج» بمعنى أنار وأضاء.

[١٥] (وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ) بصيغة اسم الفاعل ، والمراد بها السحائب ، فإنها تعصر نفسها ، بما أودع فيها من الطاقات العاصرة حتى تمطر ، كالغسالة التي تعصر الثوب حتى تخرج قطرات الماء منه. أو المراد بالمعصرات الرياح التي تعصر السحائب ، ومعنى «من» نشوية (ماءً ثَجَّاجاً) أي صبابا دفاعا في الصبابة ، من «ثج» بمعنى انصب بكثرة ، والمراد المطر الكثير الانصباب.

٥٩٦

لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً (١٥) وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً (١٦) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً (١٧) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً (١٨) وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً (١٩)

____________________________________

[١٦] وإنّا أنزلنا المطر (لِنُخْرِجَ بِهِ) أي بواسطة ماء المطر (حَبًّا) كالحنطة ونحوها (وَنَباتاً) كل ما ينبت من أنواع المزروعات.

[١٧] (وَ) نخرج به (جَنَّاتٍ) أي بساتين (أَلْفافاً) أي ملتفة الشجر ، وهو جمع «لف» يراد به الشجر الملتف بعضه ببعض ، ويسمى البستان «جنة» لتسترها بالأشجار.

[١٨] ثم يأتي السياق لبيان المعاد ، بعد ما ذكر جملة من أدلة الألوهية (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ) الذي يفصل فيه بين الخلائق ، ليجزي كل إنسان بما عمل من خير وشر ، وهو يوم القيامة (كانَ مِيقاتاً) أي وقتا وزمانا لما وعد الله سبحانه من الحساب والجزاء ، فإن «الميقات» يستعمل بمعنى الزمان وبمعنى المكان ـ كمواقيت الحج ـ.

[١٩] ثم بين ذلك بقوله : (يَوْمَ) بدل من «يوم الفصل» (يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) أي البوق ، ينفخ فيه إسرافيل لحشر الخلائق وحياتهم بعد الموت ، كما ينفخ النافخ في البوق لحركة القافلة أو الجيش أو من أشبه ، وهذه هي النفخة الثانية (فَتَأْتُونَ) أيها البشر من قبوركم أحياء (أَفْواجاً) جمع «فوج» ، أي جماعات جماعات ، كأن كل جماعة تشتمل على المشاكلين في العمل.

[٢٠] (وَفُتِحَتِ السَّماءُ) أي انشقت وظهرت فيها أبواب (فَكانَتْ) السماء (أَبْواباً) فإن كلما تتبدل بشكل أبواب تنزل الملائكة منها للحساب

٥٩٧

وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً (٢٠) إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً (٢١) لِلطَّاغِينَ مَآباً (٢٢) لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً (٢٣)

____________________________________

والجزاء وإطاعة الأوامر.

[٢١] (وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ) أي سارت عن أماكنها بعد أن انقلعت وإنما يسيرها الله سبحانه (فَكانَتْ) الجبال (سَراباً) أي كالسراب ـ الذي هو خيال الماء في الصحراء وقت الظهيرة ـ فإن الجبال إذا رآها الإنسان حسبها جامدة كسابقها ، بينما هي صارت كالهباء ، ترى شيئا جامدا وليس بجامد ، كالضباب الذي يحسبه البعيد شيئا وليس بشيء.

[٢٢] (إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً) كالمحل الذي يرصد فيه لحفظ الدار أو البستان أو ما أشبه ، فإنها محل لرصد الملائكة للناس ، حيث يرون منها أيّ إنسان يجرم حتى يستحق النار ، وأيّا يحسن حتى لا يستحقها فإن «المرصاد» هو المكان الذي يراقب فيه العدو.

[٢٣] (لِلطَّاغِينَ) أي الذين طغوا وجاوزوا حدود الله سبحانه (مَآباً) من «آب» بمعنى رجع ، والمراد به المنزل ، ويسمى المنزل «مآبا» لأن الإنسان كلما خرج منه رجع إليه.

[٢٤] (لابِثِينَ) من «لبث» بمعنى بقي ، أي يبقى الطاغون (فِيها) أي في جهنم (أَحْقاباً) جمع «حقب» على وزن عرف ، وهو جمع «حقبة» ، والمراد بها الزمان الطويل ، أي يمكثون في جهنم دهورا طويلة. وقد روي عن الإمام الصادق عليه‌السلام أنه قال : الأحقاب ثمانية حقب ، والحقب ثمانون سنة ، والسنة ثلاثمائة وستون يوما ، واليوم (كَأَلْفِ سَنَةٍ

٥٩٨

لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً (٢٤) إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً (٢٥) جَزاءً وِفاقاً (٢٦) إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً (٢٧) وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً (٢٨)

____________________________________

مِمَّا تَعُدُّونَ) (١) (٢) أقول : أما المعاند من أهل الباطل فلا مخرج له منها.

وأما العصاة فإنهم يخرجون بعد أزمنة طويلة ـ حسب اختلاف عصيانهم ـ.

[٢٥] (لا يَذُوقُونَ فِيها) أي في جهنم (بَرْداً وَلا شَراباً) فلا هواء بارد ، ولا طعام بارد ، ولا شيء بارد لهم هناك ، ولا شراب يشربون ليروى عطشهم المتزايد.

[٢٦] (إِلَّا حَمِيماً) وهو الماء الحار المغلي (وَغَسَّاقاً) وهو صديد أهل النار ، والاستثناء منقطع ، أي لا يذوقون إلا الحميم والغساق أما البرد والشراب فليس لهم ، أو متصل بقوله «شرابا».

[٢٧] وإنما يجزون بذلك (جَزاءً) على كفرهم وعصيانهم (وِفاقاً) أي وفق أعمالهم وبقدرها.

[٢٨] ثم يأتي البيان ليبين أعمالهم التي استحقوا بها هذا العذاب :

(إِنَّهُمْ كانُوا) في الدنيا (لا يَرْجُونَ حِساباً) أي لم يكونوا يتوقعون القيامة ، بل كانوا يكذّبون بها ، وكأن لفظة «لا يرجون» باعتبار أن كل متوقع لشيء إنما يحتمل النجاح فيه.

[٢٩] (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) التي أقمناها على المبدأ والرسالة والمعاد (كِذَّاباً) أي تكذيبا ، فلم يكونوا يقبلون الآيات الدالة على الألوهية والرسالة والمعاد.

__________________

(١) معاني الأخبار : ص ٢٢٠.

(٢) الحج : ٤٨.

٥٩٩

وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً (٢٩) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذاباً (٣٠) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً (٣١) حَدائِقَ وَأَعْناباً (٣٢) وَكَواعِبَ أَتْراباً (٣٣)

____________________________________

[٣٠] وهل زعم هؤلاء أن أعمالهم الباطلة لا تأخذهم؟ (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ) أي جميع ما عملوه جمعناه وعددناه وبيناه ، (كِتاباً) أي إحصاء في الكتاب لا بالقول فقط.

[٣١] وهناك يقال لهم : (فَذُوقُوا) هذا العذاب والنكال جزاء على أعمالكم الباطلة (فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً) فليس الأمر محتمل النقص والانقطاع ، بل تزدادون عذابا ونكالا كل يوم وساعة ، وذلك باعتبار أن كل يوم يضاف عذاب ذلك اليوم على الأيام السابقة ـ وإن كان بقدرة في الكيفية ـ.

[٣٢] وإذا عرفنا أحوال المجرمين في الآخرة فلنتعرف بالمؤمنين (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً) مصدر ميمي ، أي أن لهم فوزا وفلاحا «والمتقي» هو المؤمن الذي يتقي الله فلا يذنب.

[٣٣] (حَدائِقَ) بدل من «مفاز» جمع حديقة وهي البستان الصغير المنظم ، أو هي الجنة المحوطة بالسور وإن كانت كبيرة ، من «حدق» بمعنى أحاط (وَأَعْناباً) جمع «عنب» خصّ بالذكر مثالا ، ولكثرة الالتذاذ به.

[٣٤] (وَكَواعِبَ) جمع «كاعبة» ، وهي المرأة التي استدار ثديها لكونها في أول زمان رشدها (أَتْراباً) جمع «ترب» ، عمر الواحدة بعمر الأخرى كأنهم أتراب بعضهن لبعض ، أو بعضهن مع أزواجهن ، فليس عمر إحداهن أقل من عمر الزوج أو أكثر ، ليرى العنت والصعوبة في معاشرتها.

٦٠٠